Geri

   

 

 

İleri

 

٤

بَاب خصوصيته صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بتعظيم قومه لَهُ فِي شبابه وتحكيمهم اياه والتماسهم دعاءه وتسميته بالأمين

أخرج يَعْقُوب بن سُفْيَان وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن شهَاب أَن قُريْشًا لما بنوا الْكَعْبَة فبلغوا مَوضِع الرُّكْن اختصمت فِي الرُّكْن أَي الْقَبَائِل يَلِي رَفعه فَقَالُوا تَعَالَوْا نحكم أول من يطلع علينا فطلع عَلَيْهِم رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ غُلَام فحكموه فَأمر بالركن فَوضع فِي ثوب ثمَّ اخْرُج سيد كل قَبيلَة فَأعْطَاهُ نَاحيَة من الثَّوْب ثمَّ ارْتقى هُوَ فَرفعُوا إِلَيْهِ الرُّكْن فَوَضعه هُوَ ثمَّ طفق لَا يزْدَاد على السن إِلَّا رَضِي حَتَّى دَعوه الْأمين قبل ان ينزل عَلَيْهِ الْوَحْي فطفقوا لَا ينحرون جزور إِلَّا التمسوه فيدعو لَهُم فِيهَا

وَأخرج ابو نعيم وَابْن سعد عَن ابْن عَبَّاس وَمُحَمّد بن جُبَير بن مطعم قَالَا لما وضع رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم الرُّكْن ذهب رجل من أهل نجد ليناول النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم حجرا يشد بِهِ الرُّكْن فَقَالَ الْعَبَّاس لَا وناول الْعَبَّاس النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم حجرا فَشد بِهِ الرُّكْن فَغَضب النجدي وَقَالَ وَاعجَبا لقوم أهل شرف وعقول وَسن وأموال عَمدُوا إِلَى أَصْغَرهم سنا وَأَقلهمْ مَالا فرأسوه عَلَيْهِم فِي تكرمتهم وحرزهم كَأَنَّهُمْ خدم لَهُ أما وَاللّه ليفوتنهم سبقا وليقسمن بَينهم حظوظا وجدودا فَيُقَال إِنَّه إِبْلِيس لَعنه اللّه

وَأخرج ابْن سعد وَابْن عَسَاكِر عَن دَاوُد بن الْحصين قَالَ قَالُوا شب رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم أفضل قومه مروة وَأَحْسَنهمْ خلقا وَأكْرمهمْ مُخَالطَة وَأَحْسَنهمْ جوارا وأعظمهم حلما وَأَمَانَة وأصدقهم حَدِيثا وأبعدهم من الْفُحْش والأذى مَا رُؤِيَ مماريا وَلَا ملاحيا احدا حَتَّى سَمَّاهُ قومه الْأمين

وَأخرج ابو نعيم عَن مُجَاهِد قَالَ حَدثنِي مولَايَ عبد اللّه بن السَّائِب قَالَ كنت شريك النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي الْجَاهِلِيَّة فَلَمَّا قدمت الْمَدِينَة قَالَ تعرفنِي قلت نعم كنت شَرِيكي فَنعم الشَّرِيك لَا تُدَارِي وَلَا تُمَارِي

وَأخرج ابو دَاوُد وَأَبُو يعلى وَابْن منذة فِي الْمعرفَة والخرائطي فِي مَكَارِم الْأَخْلَاق عَن عبد اللّه بن أبي الحمساء قَالَ بَايَعت النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قبل ان يبْعَث بِبيع فَبَقيَ لَهُ عَليّ شَيْء فوعدته أَن آتيه فِي مَكَانَهُ فَذَهَبت فنسيت ذَلِك الْيَوْم والغد فَأَتَيْته فِي الْيَوْم الثَّالِث فَوَجَدته فِي مَكَانَهُ ذَلِك فَقَالَ لي لقد شققت عَليّ انا هَا هُنَا مُنْذُ ثَلَاث انتظرك

وَأخرج ابْن سعد عَن الرّبيع بن خثيم قَالَ كَانَ يتحاكم إِلَى رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي الْجَاهِلِيَّة قبل الاسلام

بَاب مَا ظهر من الْآيَات فِي سَفَره صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لِخَدِيجَة مَعَ ميسرَة

قَالَ إِبْنِ اسحاق عرضت عَلَيْهِ خَدِيجَة ان يخرج فِي مَالهَا تَاجِرًا إِلَى الشَّام فَخرج وَمَعَهُ غلامها ميسرَة حَتَّى قدم الشَّام فَنزل فِي ظلّ شَجَرَة قريبَة من صومعة رَاهِب فَاطلع الراهب الى ميسرَة فَقَالَ من هَذَا الرجل الَّذِي نزل تَحت هَذِه الشَّجَرَة قَالَ هَذَا رجل من قُرَيْش من اهل الْحرم فَقَالَ لَهُ الراهب مَا نزل تَحت هَذِه الشَّجَرَة قطّ إِلَّا نَبِي وَكَانَ ميسرَة فِيمَا يَزْعمُونَ إِذا كَانَت الهاجرة وَاشْتَدَّ الْحر يرى ملكَيْنِ يظلانه من الشَّمْس وَهُوَ يسير على بعيره فَلَمَّا قدم مَكَّة على خَدِيجَة بمالها باعت مَا جَاءَ بِهِ فأضعف وحدثها ميسرَة من قَول الراهب وَمَا رأى من إظلال الْملكَيْنِ فرغبت فِي زواجه أخرجه الْبَيْهَقِيّ عَنهُ

واخرج ابْن سعد وَأَبُو نعيم وَابْن عَسَاكِر عَن نفيسة بنت منية اخت يعلى بن منية قَالَت لما بلغ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم خمْسا وَعشْرين سنة وَلَيْسَ لَهُ إسم بِمَكَّة إِلَّا الْأمين خرج فِي تِجَارَة لِخَدِيجَة إِلَى الشَّام وَمَعَهُ غلامها ميسرَة فَقدما بصرى فَنزلَا فِي ظلّ شَجَرَة فَقَالَ نسطور الراهب مَا نزل تَحت هَذِه الشَّجَرَة قطّ إِلَّا نَبِي ثمَّ قَالَ لِميسرَة أَفِي عَيْنَيْهِ حمرَة قَالَ نعم لَا تُفَارِقهُ قَالَ هُوَ نَبِي وَهُوَ آخر الْأَنْبِيَاء ثمَّ بَاعَ سلْعَته فَوَقع بَينه وَبَين رجل تلاح فَقَالَ لَهُ احْلِف بِاللات والعزى فَقَالَ لَهُ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم مَا حَلَفت بهما قطّ وَإِنِّي لأمر فَأَعْرض عَنْهُمَا فَقَالَ الرجل القَوْل قَوْلك ثمَّ قَالَ لِميسرَة

فرأت رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ على بعيره وملكان يظلان عَلَيْهِ فارته نساءها فعجبن لذَلِك وأخبرت بِهِ ميسرَة فَقَالَ قد رَأَيْت هَذَا مُنْذُ خروجنا وأخبرها بِمَا قَالَ الراهب وَبِمَا قَالَ الآخر الَّذِي حالفه فِي البيع

بَاب الْآيَة فِي نِكَاحه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم خَدِيجَة رَضِي اللّه عَنْهَا

اخْرُج ابْن سعد من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس ان نسَاء أهل مَكَّة اختلفن فِي عيد كَانَ لَهُنَّ فِي رَجَب فبيناهن عكوف عِنْد وثن مثل لَهُنَّ كَرجل حَتَّى صَار مِنْهُنَّ قَرِيبا ثمَّ نَادَى بِأَعْلَى صَوته يَا نسَاء تيماء إِنَّه سَيكون فِي بلدكن نَبِي يُقَال لَهُ أَحْمد يبْعَث برسالة اللّه فأيما امْرَأَة استطاعت ان تكون زوجا لَهُ فلتفعل فحصبته النِّسَاء وقبحنه واغلظن لَهُ وأغضت خَدِيجَة على قَوْله وَلم تعرض لَهُ فِيمَا عرض لَهُ النِّسَاء

بَاب مَا وَقع عِنْد المبعث من المعجزات والخصوصيات

اخْرُج الشَّيْخَانِ عَن عَائِشَة قَالَت اول مَا بدىء بِهِ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم من الْوَحْي الرُّؤْيَا الصَّالِحَة فِي النّوم فَكَانَ لَا يرى رُؤْيا إِلَّا جَاءَت مثل فلق الصُّبْح ثمَّ حبب إِلَيْهِ الْخَلَاء فَكَانَ ياتي حراء فَيَتَحَنَّث فِيهِ وَهُوَ التَّعَبُّد اللَّيَالِي ذَوَات الْعدَد ويتزود لذَلِك ثمَّ يرجع إِلَى خَدِيجَة فتزوده لمثلهَا حَتَّى فاجأه الْحق وَهُوَ فِي غَار حراء فَأَتَاهُ الْملك فَقَالَ اقْرَأ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَقلت مَا أَنا بقارئ فأخذني فغطني حَتَّى بلغ مني الْجهد ثمَّ ارسلني فَقَالَ اقْرَأ فَقلت مَا انا بقارئ فاخذني فغطني الثَّانِي حَتَّى بلغ مني الْجهد ثمَّ ارسلني فَقَالَ اقْرَأ فَقلت مَا انا بقارئ فأخذني فغطني الثَّالِثَة حَتَّى بلغ مني

 

الْجهد ثمَّ ارسلني فَقَالَ {اقْرَأ باسم رَبك الَّذِي خلق} حَتَّى بلغ {مَا لم يعلم} فَرجع بهَا رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يرجف فُؤَاده حَتَّى دخل على خَدِيجَة فَقَالَ زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي فزملوه حَتَّى ذهب عَنهُ الروع فَقَالَ لِخَدِيجَة واخبرها الْخَبَر لقد خشيت على نَفسِي فَقَالَت كلا وَاللّه لَا يخزيك اللّه أبدا إِنَّك لتصل الرَّحِم وَتصدق الحَدِيث وَتحمل الْكل وتكسب الْمَعْدُوم وتقري الضَّيْف وَتعين على نَوَائِب الْحق ثمَّ انْطَلَقت بِهِ خَدِيجَة حَتَّى أَتَت بِهِ ورقة بن نَوْفَل بن أَسد بن عبد الْعُزَّى وَكَانَ أمرءا تنصر فِي الْجَاهِلِيَّة وَكَانَ يكْتب الْكتاب الْعَرَبِيّ وَيكْتب من الانجيل بِالْعَرَبِيَّةِ مَا شَاءَ اللّه ان يكْتب فَقَالَت لَهُ خَدِيجَة يَا ابْن عَم اسْمَع من ابْن اخيك فَقَالَ ورقة مَا ترى فَأخْبرهُ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم مَا رَآهُ فَقَالَ لَهُ ورقة هَذَا الناموس الَّذِي انْزِلْ على مُوسَى يَا لَيْتَني فِيهَا جذعا لَيْتَني اكون حَيا إِذْ يخْرجك قَوْمك فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم اَوْ مخرجي هم قَالَ نعم لم يَأْتِ رجل قطّ بِمثل مَا جِئْت بِهِ إِلَّا عودي وَإِن يدركني يَوْمك انصرك نصرا مؤزرا ثمَّ لم ينشب ورقة ان توفّي

وَأخرج احْمَد وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة نَحوه وَزَاد فِي آخِره وفتر الْوَحْي فَتْرَة فَحزن رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِيمَا بلغنَا حزنا غَدا مِنْهُ مرَارًا لكَي يتردى من رُؤُوس شَوَاهِق الْجبَال كلما اوفى بِذرْوَةِ جبل لكَي يلقِي نَفسه تبدى لَهُ جبرئيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فَقَالَ يَا مُحَمَّد انك رَسُول اللّه حَقًا فيسكن لذَلِك جأشه وتقر نَفسه وَيرجع فاذا طَالَتْ عَلَيْهِ فَتْرَة الْوَحْي غَدا مثل ذَلِك فتبدى لَهُ جبرئيل فَقَالَ مثل ذَلِك

قَالَ الْحَافِظ ابْن حجر فِي شرح البُخَارِيّ ذكر بَعضهم ان هَذَا الغط الَّذِي وَقع للنَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي ابْتِدَاء الْوَحْي من خَصَائِصه إِذْ لم ينْقل عَن أحد من الْأَنْبِيَاء أَنه جرى لَهُ عِنْد ابْتِدَاء الْوَحْي مثل ذَلِك وَالْحكمَة فِيهِ شغله عَن الِالْتِفَات لشَيْء آخر واظهار الشدَّة وَالْجد فِي الامر تَنْبِيها على ثقل القَوْل الَّذِي سيلقى اليه وَقيل ابعاد ظن التخيل والوسوسة لِأَنَّهُمَا ليسَا من صِفَات الْجِسْم فَلَمَّا وَقع ذَلِك بجسمه علم انه من أَمر اللّه

وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن جَابر بن عبد اللّه قَالَ سَمِعت رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يحدث عَن فَتْرَة الْوَحْي فَقَالَ فِي حَدِيثه فَبينا انا امشي سَمِعت صَوتا من السَّمَاء فَرفعت رَأْسِي فاذا الْملك الَّذِي جَاءَنِي بحراء جَالس على كرْسِي بَين السَّمَاء والارض فَرُعِبْت مِنْهُ فَرَجَعت فَقلت زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي فزملوني فَانْزِل اللّه {يَا أَيهَا المدثر قُم فَأَنْذر} إِلَى قَوْله {وَالرجز فاهجر} فحمي الْوَحْي وتتابع

وَأخرج احْمَد بن حَنْبَل وَيَعْقُوب بن سُفْيَان فِي تاريخيهما وَابْن سعد وَالْبَيْهَقِيّ عَن الشّعبِيّ قَالَ نزلت عَلَيْهِ النُّبُوَّة وَهُوَ ابْن اربعين سنة فقرن بنبوته إسْرَافيل ثَلَاث سِنِين فَكَانَ يُعلمهُ الْكَلِمَة وَالشَّيْء لَا ينزل الْقُرْآن فَلَمَّا مَضَت ثَلَاث سِنِين قرن بنبوته جبرئيل فَنزل الْقُرْآن على لِسَانه عشْرين سنة عشرا بِمَكَّة وَعشرا بِالْمَدِينَةِ

وَأخرج ابو نعيم عَن عَليّ بن الْحُسَيْن قَالَ إِن اول مَا أَتَى رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم الرُّؤْيَا الصَّالِحَة فَكَانَ لَا يرى شَيْئا فِي الْمَنَام إِلَّا كَانَ كَمَا رأى

وَأخرج ابو نعيم عَن عَلْقَمَة بن قيس قَالَ إِن أول مَا يُؤْتى بِهِ الْأَنْبِيَاء فِي الْمَنَام حَتَّى تهدأ قُلُوبهم ثمَّ ينزل الْوَحْي بعد

واخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم من طَرِيق مُوسَى بن عقبَة عَن ابْن شهَاب قَالَ بلغنَا ان اول مَا رأى النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم ان اللّه أرَاهُ رُؤْيا فِي الْمَنَام فشق ذَلِك عَلَيْهِ فَذكرهَا لِخَدِيجَة فَقَالَت اُبْشُرْ فان اللّه لن يصنع بك إِلَّا خيرا ثمَّ انه خرج من عِنْدهَا ثمَّ رَجَعَ اليها فَأَخْبرهَا انه رأى بَطْنه شقّ ثمَّ طهر وَغسل ثمَّ أُعِيد كَمَا كَانَ قَالَت هَذَا وَاللّه خير فابشر ثمَّ استعلن لَهُ جبرئيل وَهُوَ بِأَعْلَى مَكَّة فأجلسه على مجْلِس كريم معجب كَانَ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَقُول أجلسني على بِسَاط كَهَيئَةِ الدرنوك فِيهِ الْيَاقُوت واللؤلؤ فبشره

برسالة اللّه حَتَّى اطْمَأَن النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ قَالَ لَهُ اقْرَأ فَقَالَ كَيفَ اقْرَأ فَقَالَ {اقْرَأ باسم رَبك الَّذِي خلق} إِلَى قَوْله {مَا لم يعلم} فَقبل الرَّسُول رِسَالَة ربه وَانْصَرف فَجعل لَا يمر على شجر وَلَا حجر إِلَّا سلم عَلَيْهِ فَرجع مَسْرُورا إِلَى أَهله موقنا قد رأى أمرا عَظِيما فَلَمَّا دخل على خَدِيجَة قَالَ أرأيتك الَّذِي كنت اخبرتك اني رَأَيْته فِي الْمَنَام فانه جبرئيل استعلن لي أرْسلهُ إِلَيّ رَبِّي فَأَخْبرهَا بِالَّذِي جَاءَهُ من اللّه وَمَا سمع مِنْهُ فَقَالَت اُبْشُرْ فوَاللّه لَا يفعل اللّه بك إِلَّا خيرا فَأقبل الَّذِي جَاءَك من اللّه فانه حق وأبشر فَإنَّك رَسُول اللّه حَقًا ثمَّ انْطَلَقت حَتَّى أَتَت غُلَاما لعتبة بن ربيعَة بن عبد شمس نَصْرَانِيّا من أهل نِينَوَى يُقَال لَهُ عداس فَقَالَت لَهُ يَا عداس اذكرك بِاللّه الا مَا اخبرتني هَل عنْدكُمْ علم من جبرئيل فَقَالَ عداس قدوس قدوس مَا شَأْن جبرئيل يذكر بِهَذِهِ الأَرْض الَّتِي أَهلهَا أهل الْأَوْثَان فَقَالَت اخبرني بعلمك فِيهِ قَالَ فانه امين اللّه بَينه وَبَين النَّبِيين وَهُوَ صَاحب مُوسَى وَعِيسَى فَرَجَعت خَدِيجَة من عِنْده فَجَاءَت ورقة بن نَوْفَل فَأَخْبَرته فَقَالَ لَعَلَّ صَاحبك النَّبِي الَّذِي ينْتَظر أهل الْكتاب الَّذِي يجدونه مَكْتُوبًا عِنْدهم فِي التَّوْرَاة والانجيل ثمَّ اقْسمْ بِاللّه لَئِن ظهر دعاؤه وانا حَيّ لأبلين اللّه فِي طَاعَة رَسُوله وَحسن مؤازرته فَمَاتَ ورقة

ثمَّ أخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم من وَجه آخر عَن عُرْوَة بن الزبير نَحْو هَذِه الْقِصَّة وَفِي اولها بعد فشق عَلَيْهِ وَرَأى انه بَيْنَمَا هُوَ فِي مَكَّة أَتَى إِلَى سقف بَيته فَنزع شبحة شبحة حَتَّى إِذا نزع أَدخل فِيهِ سلم من فضَّة نزل اليه رجلَانِ قَالَ رَسُول اللّه فَأَرَدْت ان استغيث فمنعت الْكَلَام فَقعدَ احدهما إِلَى رَأْسِي وَالْآخر الى جَنْبي فَأدْخل احدهما يَده فِي جَنْبي فَنزع ضلعين مِنْهُ فَأدْخل يَده فِي جوفي وَأَنا أجد بردهَا فَأخْرج قلبِي فَوَضعه على كَفه فَقَالَ لصَاحبه نعم الْقلب قلب رجل صَالح ثمَّ أَدخل الْقلب مَكَانَهُ ورد الضلعين ثمَّ ارتفعا ورفعا سلمهما فَاسْتَيْقَظت فَإِذا السّقف مَكَانَهُ كَمَا هُوَ فَذكرهَا لِخَدِيجَة فَقَالَت ان اللّه لن يفعل بك إِلَّا خيرا ثمَّ انه خرج من عِنْدهَا وَرجع

فَأَخْبرهَا ان بَطْنه شقّ ثمَّ طهر وَغسل ثمَّ أُعِيد إِلَى آخر مَا تقدم وَزَاد فِيهِ فَفتح جبرئيل عينا من مَاء فَتَوَضَّأ وَمُحَمّد صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم ينظر إِلَيْهِ فَغسل وَجهه وَيَديه إِلَى الْمرْفقين وَمسح بِرَأْسِهِ وَرجلَيْهِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ثمَّ نضح فرجه وَسجد سَجْدَتَيْنِ مُوَاجهَة الْبَيْت فَفعل مُحَمَّد كَمَا رأى جبرئيل يفعل

وَأخرجه ابو نعيم من وَجه ثَالِث عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة مَوْصُولا بِالزِّيَادَةِ الْأَخِيرَة قَالَ الْبَيْهَقِيّ وَمَا ذكر فِيهِ من شقّ بَطْنه يحْتَمل ان يكون حِكَايَة مِنْهُ لما صنع بِهِ فِي صباه وَيحْتَمل ان يكون شقّ مرّة اخرى ثمَّ مرّة ثَالِثَة حِين عرج بِهِ إِلَى السَّمَاء

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق إِبْنِ اسحاق قَالَ حَدثنِي عبد الْملك بن عبد اللّه بن أبي سُفْيَان بن الْعَلَاء بن جَارِيَة الثَّقَفِيّ عَن بعض أهل الْعلم ان رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم حِين أَرَادَ اللّه كرامته وابتدأه بِالنُّبُوَّةِ كَانَ لَا يمر بِحجر وَلَا شجر إِلَّا سلم عَلَيْهِ وَسمع مِنْهُ فيلتفت رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم خَلفه وَعَن يَمِينه وَعَن شِمَاله وَلَا يرى إِلَّا الشّجر وَمَا حوله من الْحِجَارَة وَهِي تحييه بِتَحِيَّة النُّبُوَّة السَّلَام عَلَيْك يَا رَسُول اللّه وَكَانَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يخرج إِلَى حراء فِي كل عَام شهرا من السّنة يتنسك فِيهِ حَتَّى إِذا كَانَ الشَّهْر الَّذِي اراد اللّه بِهِ مَا اراد من السّنة الَّتِي بعث فِيهَا وَذَلِكَ الشَّهْر رَمَضَان خرج رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم كَمَا كَانَ يخرج حَتَّى إِذا كَانَت اللَّيْلَة الَّتِي اكرمه اللّه تَعَالَى فِيهَا برسالته ورحم الْعباد بِهِ جَاءَهُ جبرئيل بِأَمْر اللّه تَعَالَى قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَجَاءَنِي وَأَنا نَائِم فَقَالَ إقرأ قلت مَا اقْرَأ فغطني حَتَّى ظَنَنْت انه الْمَوْت ثمَّ كشفه عني فَقَالَ اقْرَأ قلت وَمَا أَقرَأ فَعَاد لي بِمثل ذَلِك ثمَّ قَالَ اقْرَأ قلت وَمَا اقْرَأ فَقَالَ {اقْرَأ باسم رَبك الَّذِي خلق} الى قَوْله {مَا لم يعلم} ثمَّ انْتهى فَانْصَرف عني وهببت من نومي فَكَأَنَّمَا صور فِي قلبِي كتاب وَلم يكن فِي خلق اللّه أبْغض إِلَيّ من شَاعِر اَوْ مَجْنُون فَكنت لَا اطيق أنظر اليهما فَقلت إِن الْأَبْعَد يَعْنِي نَفسه لشاعر أَو مَجْنُون ثمَّ قلت لَا يتحدث عني قُرَيْش بِهَذَا أبدا لأعمدن إِلَى حالق من الْجَبَل فلأطرحن نَفسِي مِنْهُ فلأقتلنها فلأستريحن فَخرجت مَا

أُرِيد غير ذَلِك فَبَيْنَمَا انا عَامِد لذَلِك إِذْ سَمِعت مناديا من السَّمَاء يَقُول يَا مُحَمَّد انت رَسُول اللّه وَأَنا جبرئيل فَرفعت رَأْسِي إِلَى السَّمَاء انْظُر فَإِذا جبرئيل فِي صُورَة رجل صَاف قَدَمَيْهِ فِي أفق السَّمَاء يَقُول يَا مُحَمَّد انت رَسُول اللّه وانا جبرئيل وشغلني ذَلِك عَمَّا أُرِيد فوقفت وَمَا اقدر على ان اتقدم وَلَا اتأخر وَمَا أصرف وَجْهي فِي نَاحيَة من السَّمَاء إِلَّا رَأَيْته فِيهَا فَمَا زلت وَاقِفًا حَتَّى كَاد النَّهَار يتَحَوَّل ثمَّ انْصَرف عني وانصرفت رَاجعا إِلَى أَهلِي فَجَلَست اليها فَقَالَت أَيْن كنت قلت إِن الابعد لشاعر اَوْ مَجْنُون قَالَت اعيذك بِاللّه من ذَلِك مَا كَانَ اللّه ليفعل بك ذَلِك مَعَ مَا أعلم من صدق حَدِيثك وَعظم أمانتك وَحسن خلقك وصلَة رَحِمك فَأَخْبَرتهَا الْخَبَر فَقَالَت أبشر يَا ابْن عَم واثبت لَهُ فَإِنِّي لأرجو ان تكون نَبِي هَذِه الْأمة ثمَّ انْطَلَقت إِلَى ورقة فَأَخْبَرته فَقَالَ إِن كنت صدقتني انه لنَبِيّ هَذِه الامة وَإنَّهُ ليَأْتِيه الناموس الْأَكْبَر الَّذِي كَانَ يَأْتِي مُوسَى

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق ابْن اسحاق حَدثنِي إِسْمَاعِيل بن أبي حَكِيم مولى الزبير انه حدث عَن خَدِيجَة انها قَالَت لرَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِيمَا تثبته يَا ابْن عَم تَسْتَطِيع ان تُخبرنِي بصاحبك هَذَا الَّذِي يَأْتِيك اذا جَاءَك قَالَ نعم قَالَت إِذا جَاءَك فَأَخْبرنِي فَبينا رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم عِنْدهَا إِذْ جَاءَهُ جبرئيل فَقَالَ يَا خَدِيجَة هَذَا جبرئيل قَالَت أتراه الْآن قَالَ نعم قَالَت فاجلس إِلَى شقي الْأَيْمن فتحول فَجَلَسَ قَالَت هَل ترَاهُ الْآن قَالَ نعم قَالَت فاجلس فِي حجري فتحول فَجَلَسَ قَالَت هَل ترَاهُ الْآن قَالَ نعم فحسرت عَن رَأسهَا فَأَلْقَت خمارها وَرَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم جَالس فِي حجرها قَالَت هَل ترَاهُ الان قَالَ لَا قَالَت مَا هَذَا شَيْطَان إِن هَذَا لملك يَا ابْن عَم فَاثْبتْ وَابْشَرْ ثمَّ آمَنت بِهِ وَشهِدت ان الَّذِي جَاءَ بِهِ لحق

قَالَ ابْن اسحاق فَحدثت عبد اللّه بن الْحسن بِهَذَا الحَدِيث فَقَالَ قد سَمِعت فَاطِمَة بنت الْحُسَيْن تحدث بِهِ عَن خَدِيجَة إِلَّا أَنِّي سَمعتهَا تَقول أدخلت رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بَينهَا وَبَين درعها فَذهب عِنْد ذَلِك جبرئيل وَأخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الاوسط وابو نعيم من

وَجه آخر عَن إِسْمَاعِيل بن ابي حَكِيم عَن عمر بن عبد الْعَزِيز عَن ابي بكر بن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث بن هِشَام عَن أم سَلمَة عَن خَدِيجَة بِهِ

واخرج الْبَيْهَقِيّ وابو نعيم عَن أبي ميسرَة عَمْرو بن شُرَحْبِيل ان رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لِخَدِيجَة إِنِّي إِذا خلوت وحدي سَمِعت نِدَاء وَقد وَاللّه خشيت ان يكون هَذَا أمرا فَقَالَت معَاذ اللّه مَا كَانَ اللّه ليفعل بك فوَاللّه انك لتؤدي الْأَمَانَة وَتصل الرَّحِم وَتصدق الحَدِيث فَلَمَّا دخل ابو بكر ذكرت خَدِيجَة حَدِيثه لَهُ وَقَالَت لَهُ اذْهَبْ مَعَ مُحَمَّد إِلَى ورقة فَانْطَلقَا إِلَيْهِ فقصا عَلَيْهِ فَقَالَ إِذا خلوت وحدي سَمِعت نِدَاء خَلْفي يَا مُحَمَّد يَا مُحَمَّد فَانْطَلق هَارِبا فِي الأَرْض فَقَالَ لَا تفعل إِذا أَتَاك فَاثْبتْ حَتَّى تسمع مَا يَقُول ثمَّ ائْتِنِي فاخبرني فَلَمَّا خلا ناداه قَالَ يَا مُحَمَّد اشْهَدْ ان لَا إِلَه إِلَّا اللّه وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله ثمَّ قَالَ قل بِسم اللّه الرَّحْمَن الرَّحِيم {الْحَمد للّه رب الْعَالمين} حَتَّى بلغ {وَلَا الضَّالّين} ثمَّ قَالَ قل لَا إِلَه إِلَّا اللّه فَأتى ورقة فَذكر ذَلِك لَهُ فَقَالَ لَهُ ورقة اُبْشُرْ ثمَّ أبشر فَأَنا أشهد انك الَّذِي بشر بِهِ ابْن مَرْيَم وانك على مثل ناموس مُوسَى وانك نَبِي وانك سَوف تُؤمر بِالْجِهَادِ بعد يَوْمك هَذَا وَإِن يدركني ذَلِك لاجاهدن مَعَك فَلَمَّا توفّي ورقة قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لقد رَأَيْت القس عَلَيْهِ ثِيَاب الْحَرِير لِأَنَّهُ آمن بِي وصدقني يَعْنِي ورقة

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وابو نعيم من وَجه آخر عَن ابي ميسرَة ان النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا برز سمع من يُنَادِيه يَا مُحَمَّد فاذا سمع الصَّوْت انْطلق هَارِبا فاسر ذَلِك إِلَى ابي بكر وَكَانَ نديما لَهُ فِي الْجَاهِلِيَّة وَأخرج ابو نعيم بِسَنَد مَوْصُول عَن بُرَيْدَة مثله

وَأخرج أَبُو نعيم عَن عبد اللّه بن شَدَّاد قَالَ قَالَ ورقة لِخَدِيجَة هَل رأى زَوجك صَاحبه فِي حضر قَالَت نعم قَالَ فَإِن زَوجك نَبِي وسيصيبه من أمته بلَاء

وَأخرج ابو نعيم من طَرِيق عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت قَالَ ورقة لما ذكرت لَهُ خديحة انه ذكر لَهَا جبرئيل سبوح سبوح وَمَا لجبرئيل يذكر فِي هَذِه الأَرْض الَّتِي تعبد فِيهَا

الْأَوْثَان جبرئيل امين اللّه تَعَالَى بَينه وَبَين رسله اذهبي بِهِ إِلَى الْمَكَان الَّذِي رأى فِيهِ مَا رأى فاذا رَآهُ فتحسري فَإِن يكن من عِنْد اللّه لَا يرَاهُ فَفعلت قَالَت فَلَمَّا تحسرت تغيب جبرئيل فَلم يره فَرَجَعت فَأخْبرت ورقة فَقَالَ إِنَّه ليَأْتِيه الناموس الْأَكْبَر ثمَّ اقام ورقة ينْتَظر إِظْهَار الدعْوَة فَقَالَ فِي ذَلِك شعر

(لججت وَكنت فِي الذكرى لجوجا ... لَهُم طَال مَا بلغ النشيجا)

(وَوصف من خَدِيجَة بعد وصف ... فقد طَال انتظاري يَا خديجا)

(بِبَطن المكتين على رجائي ... حَدِيثك ان أرى مِنْهُ خُرُوجًا)

(بِمَا أخبرتنا من قَول قس ... من الرهبان اكره أَن يعوجا)

(بِأَن مُحَمَّدًا سيسود قوما ... ويخصم من يكون لَهُ حجيجا)

(وَيظْهر فِي الْبِلَاد ضِيَاء نور ... تُقَام بِهِ الْبَريَّة أَن تعوجا)

(فَيلقى من يحاربه خسارا ... ويلقى من يسالمه فلوجا)

(فيا ليتي إِذا مَا كَانَ ذاكم ... شهِدت وَكنت اولهم ولوجا)

(ولوجا فِي الَّذِي كرهت قُرَيْش ... وَلَو عجت بمكثها عجيجا)

(أَرْجَى بِالَّذِي كَرهُوا جَمِيعًا ... إِلَى ذِي الْعَرْش إِن سلفوا عروجا)

(وَهل أَمر السفاهة غير كفر ... بِمن يخْتَار من سمك البروجا)

(فَإِن يبقوا وابق تكن أُمُور ... يضج الْكَافِرُونَ لَهَا ضَجِيجًا)

(وَإِن أهلك فَكل فَتى سيلقى ... من الأقدار متلفة خُرُوجًا)

وَقَوله (بِبَطن المكتين قَالَ الْعَيْنِيّ فِي شواهده الْكُبْرَى سمي كلا من جَانِبي مَكَّة أَو كلا من اعلاها وأسفلها مَكَّة فَلذَلِك ثناها

وَأخرج الطَّيَالِسِيّ والْحَارث بن أبي اسامة وَأَبُو نعيم من طَرِيق يزِيد بن بابنوس عَن عَائِشَة ان النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم نذر ان يعْتَكف شهرا هُوَ وَخَدِيجَة بحراء فَوَافَقَ ذَلِك شهر رَمَضَان فَخرج ذَات لَيْلَة فَسمع السَّلَام عَلَيْك فَقَالَ فظننتها فَجْأَة الْجِنّ فَجئْت مسرعا حَتَّى دخلت على خَدِيجَة فَقَالَت مَا شَأْنك فَأَخْبَرتهَا فَقَالَت أبشر فَإِن السَّلَام خير ثمَّ خرجت مرّة أُخْرَى فاذا انا بجبرئيل على الشَّمْس جناج لَهُ بالمشرق وجناج لَهُ

بالمغرب فهلت مِنْهُ فَجئْت مسرعا فَإِذا هُوَ بيني وَبَين الْبَاب فكلمني حَتَّى آنست بِهِ ثمَّ وَعَدَني موعدا فَجئْت لَهُ فابطأ عَليّ فَأَرَدْت ان ارْجع فَإِذا أَنا بِهِ وبميكائيل قد سد الْأُفق فهبط جبرئيل وبقى مِيكَائِيل بَين السَّمَاء والارض فأخذني جبرئيل فالقاني لحلاوة الْقَفَا ثمَّ شقّ عَن قلبِي فاستخرجه ثمَّ استخرج مِنْهُ مَا شَاءَ اللّه ان يسْتَخْرج ثمَّ غسله فِي طست من ذهب بِمَاء زَمْزَم ثمَّ اعاده مَكَانَهُ ثمَّ لأمه ثمَّ اكفأني كَمَا يكفأ الْإِنَاء ثمَّ ختم فِي ظَهْري حَتَّى وجدت مس الْخَاتم فِي قلبِي ثمَّ اخذ بحلقي حَتَّى أجهشت بالبكاء ثمَّ قَالَ اقْرَأ وَلم أك قَرَأت كتابا قطّ فَلم أقدر ثمَّ قَالَ اقْرَأ قلت مَا اقْرَأ قَالَ {اقْرَأ باسم رَبك} حَتَّى انْتهى الى خمس آيَات ثمَّ وزنني بِرَجُل فوزنته ثمَّ وزنني بآخر فوزنته حَتَّى وزنت بِمِائَة رجل فَقَالَ مِيكَائِيل تَبعته أمته وَرب الْكَعْبَة فَجعل لَا يلقاني حجر وَلَا شجر إِلَّا قَالَ السَّلَام عَلَيْك يَا رَسُول اللّه

وَأخرج أَحْمد وَابْن سعد وَأَبُو نعيم عَن ابْن عَبَّاس ان النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لِخَدِيجَة اني اسْمَع صَوتا وَأرى ضوءا فَذكرت ذَلِك لورقة قَالَ هَذَا ناموس مُوسَى فان بيعث وانا حَيّ فسأعزره وانصره وأعينه

وَأخرج ابو نعيم من طَرِيق الْمُعْتَمِر بن سُلَيْمَان عَن ابيه ان جبرئيل اخذ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فأجلسه على بِسَاط كَهَيئَةِ الدرنوك فِيهِ اللُّؤْلُؤ والياقوت فَقَالَ لَهُ جبرئيل {اقْرَأ باسم رَبك الَّذِي خلق} الى قَوْله {مَا لم يعلم} ثمَّ قَالَ لَا تخف يَا مُحَمَّد فانك رَسُول اللّه فاقبل رَاجعا فَجعل لَا يمر بشجر وَلَا حجر إِلَّا وَهُوَ ساجد يَقُول السَّلَام عَلَيْك يَا رَسُول اللّه فاطمأنت نَفسه وَعرف كَرَامَة اللّه إِيَّاه

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ ورقة لرَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم كَيفَ يَأْتِيك جبرئيل فَقَالَ يأتيني من السَّمَاء جناحاه لُؤْلُؤ وباطن قَدَمَيْهِ أَخْضَر

وَأخرج ابْن رستة فِي كتاب الْمَصَاحِف عَن الزُّهْرِيّ ان النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم كَانَ بحراء إِذا اتاه ملك بنمط من ديباج فِيهِ مَكْتُوب {اقْرَأ باسم رَبك الَّذِي خلق} الى قَوْله {مَا لم يعلم}

واخرج عَن عبيد بن عُمَيْر قَالَ جَاءَ جبرئيل إِلَى النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بنمط فَقَالَ اقْرَأ قَالَ مَا أَنا بقارئ قَالَ اقْرَأ باسم رَبك

واخرج ابْن سعد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ فَبينا رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم على ذَلِك وَهُوَ بأجياد إِذْ رأى ملكا وَاضِعا إِحْدَى رجلَيْهِ على الْأُخْرَى فِي أفق السَّمَاء يَصِيح يَا مُحَمَّد أَنا جبرئيل فذعر رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم من ذَلِك وَجعل يرَاهُ كلما رفع رَأسه إِلَى السَّمَاء فَرجع سَرِيعا إِلَى خَدِيجَة فَأَخْبرهَا خَبره وَقَالَ وَاللّه يَا خَدِيجَة مَا أبغضت بغض هَذِه الْأَصْنَام شَيْئا قطّ وَلَا الْكُهَّان وَإِنِّي لأخشى ان اكون كَاهِنًا قَالَت كلا لَا تقل ذَلِك فَإِن اللّه لَا يفعل ذَلِك بك أبدا انك لتصل الرَّحِم وَتصدق الحَدِيث وَتُؤَدِّي الْأَمَانَة وَإِن خلقك لكريم ثمَّ انْطَلَقت إِلَى ورقة بن نَوْفَل وَهُوَ اول مرّة أَتَتْهُ فَأَخْبَرته مَا أخْبرهَا بِهِ فَقَالَ وَاللّه إِنَّه لصَادِق وان هَذَا لبدؤ نبوة وَإنَّهُ ليَأْتِيه الناموس الاكبر فَمر بِهِ ان لَا يَجْعَل فِي نَفسه إِلَّا خيرا

واخرج ابْن سعد عَن ابْن عَبَّاس ان رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لما نزل عَلَيْهِ الْوَحْي بحراء مكث اياما لَا يرى جبرئيل فَحزن حزنا شَدِيدا حَتَّى كَانَ يَغْدُو إِلَى ثبير مرّة وَإِلَى حراء مرّة اخرى يُرِيد ان يلقِي نَفسه مِنْهُ فَبينا رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم كَذَلِك عَامِدًا لبَعض تِلْكَ الْجبَال إِذْ سمع صَوتا من السَّمَاء فَرفع رَأسه فَإِذا جبرئيل على كرْسِي بَين السَّمَاء وَالْأَرْض متربعا عَلَيْهِ يَقُول يَا مُحَمَّد أَنْت رَسُول اللّه حَقًا وَأَنا جبرئيل فَانْصَرف وَقد أقرّ اللّه عينه وربط جأشه ثمَّ تتَابع الْوَحْي بعد وَهِي

وَأخرج الْحَاكِم من طَرِيق ابْن اسحاق حَدثنِي عبد الْملك بن عبد اللّه بن ابي سُفْيَان الثَّقَفِيّ وَكَانَ وَاعِيَة قَالَ قَالَ ورقة بن نَوْفَل فِيمَا كَانَت خَدِيجَة ذكرت لَهُ من أَمر رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم

(يَا للرِّجَال وَصرف الدَّهْر وَالْقدر ... وَمَا لشَيْء قَضَاهُ اللّه من غير)

(حَتَّى خَدِيجَة تَدعُونِي لأخبرها ... وَمَا لَهَا بخفي الْغَيْب من خبر)

(جَاءَت لتسألني عَنهُ لأخبرها ... أمرا أرَاهُ سَيَأْتِي النَّاس من أخر)

(وخبرتني بِأَمْر قد سَمِعت بِهِ ... فِيمَا مضى من قديم الدَّهْر وَالْعصر)

(بِأَن أَحْمد يَأْتِيهِ ويخبره ... جبرئيل انك مَبْعُوث إِلَى الْبشر)

(فَقلت عل الَّذِي ترجين يُنجزهُ ... لَك الْإِلَه فَرجي الْخَيْر وانتظري)

(وأرسلته إِلَيْنَا كي نسائله ... عَن أمره مَا يرى فِي النّوم والسهر)

(فَقَالَ حِين أَتَانَا منطقا عجبا ... يقف مِنْهُ أعالي الْجلد وَالشعر)

(إِنِّي رَأَيْت أَمِين اللّه واجهني ... فِي صُورَة اكملت من أهيب الصُّور)

(ثمَّ اسْتمرّ فَكَانَ الْخَوْف يذعرني ... مِمَّا يسلم مَا حَولي من الشّجر)

(فَقلت ظَنِّي وَمَا ادري ايصدقني ... إِن سَوف تبْعَث تتلو منزل السُّور)

(وسوف آتِيك إِن أعلنت دعوتهم ... من الْجِهَاد بِلَا من وَلَا كدر)

وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن جَابر بن سَمُرَة ان رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن بِمَكَّة لحجرا كَانَ يسلم عَليّ ليَالِي بعثت أَنِّي لأعرفه إِذا مَرَرْت عَلَيْهِ وَأخرجه مُسلم بِلَفْظ إِنِّي لأعرف بِمَكَّة حجرا كَانَ يسلم عَليّ قبل ان أبْعث أَنِّي لأعرفه الْآن

وَأخرج الدَّارمِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَليّ رَضِي اللّه عَنهُ قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِمَكَّة فَخرج فِي بعض نَوَاحِيهَا فَمَا استقبله شجر وَلَا مدر وَلَا جبل إِلَّا قَالَ لَهُ السَّلَام عَلَيْك يَا رَسُول اللّه وَأَنا أسمعهُ وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ من وَجه آخر بِلَفْظ لقد رَأَيْتنِي أَدخل مَعَه الْوَادي فَلَا يمر بِحجر وَلَا شجر إِلَّا قَالَ السَّلَام عَلَيْك يَا رَسُول اللّه وَأَنا اسْمَعْهُ

وَأخرج الْبَزَّار وَأَبُو نعيم عَن عَائِشَة قَالَت قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لما أوحى اللّه تَعَالَى إِلَيّ جعلت لَا أَمر بِحجر وَلَا شجر إِلَّا قَالَ السَّلَام عَلَيْك يَا رَسُول اللّه

وَأخرج ابْن سعد وَأَبُو نعيم عَن برة بنت أبي تجراة قَالَت إِن رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم حِين اراد اللّه كرامته وابتداءه بِالنُّبُوَّةِ كَانَ اذا خرج لِحَاجَتِهِ ابعد حَتَّى لَا يرى بَيْتا ويفضي إِلَى الشعاب وبطون الآودية فَلَا يمر بِحجر وَلَا شجر إِلَّا قَالَ السَّلَام عَلَيْك يَا رَسُول اللّه فَكَانَ يلْتَفت عَن يَمِينه وشماله وَخَلفه فَلَا يرى أحدا وَأخرجه أَبُو نعيم من وَجه آخر بِمثلِهِ وَزَاد فِي آخِره وَكَانَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يرد عَلَيْهِم وَعَلَيْك السَّلَام وَكَانَ جبرئيل علمه التَّحِيَّة

وَأخرج ابْن سعد وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق ابراهيم بن مُحَمَّد بن طَلْحَة قَالَ قَالَ طَلْحَة بن عبيد اللّه حضرت سوق بصرى فَإِذا رَاهِب فِي صومعته يَقُول سلوا أهل هَذَا الْمَوْسِم هَل فيهم اُحْدُ من اهل الْحرم قَالَ طَلْحَة قلت نعم انا قَالَ هَل ظهر احْمَد بعد قلت وَمن أَحْمد قَالَ ابْن عبد اللّه بن عبد الْمطلب هَذَا شهره الَّذِي يخرج فِيهِ وَهُوَ آخر الْأَنْبِيَاء مخرجه من الْحرم وَمُهَاجره إِلَى نخل وحرة وسباخ فإياك ان تسبق اليه قَالَ طَلْحَة فَوَقع فِي قلبِي مَا قَالَ فَخرجت سَرِيعا حَتَّى قدمت مَكَّة فَقلت هَل كَانَ من حدث قَالُوا نعم مُحَمَّد بن عبد اللّه الْأمين قد تنبأ وَقد تبعه ابْن أبي قُحَافَة فَخرجت حَتَّى دخلت على أبي بكر فَأَخْبَرته بِمَا قَالَ الراهب فَخرج ابو بكر حَتَّى دخل على رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ فسر بذلك وَأسلم طَلْحَة فَأخذ نَوْفَل بن العدوية أَبَا بكر وَطَلْحَة فشدهما فِي حَبل وَاحِد فَلذَلِك سميا القرينين

وَأخرج ابو نعيم من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ الْعَبَّاس خرجت فِي تِجَارَة إِلَى الْيمن فِي ركب فيهم ابو سُفْيَان بن حَرْب فورد كتاب من حنظله بن أبي سُفْيَان فِيهِ أَن مُحَمَّد اقام بِالْأَبْطح فَقَالَ انا رَسُول اللّه ادعوكم إِلَى اللّه فَفَشَا ذَلِك فِي مجَالِس الْيمن فجاءنا حبر من الْيَهُود فَقَالَ بَلغنِي ان فِيكُم عَم هَذَا الرجل الَّذِي قَالَ مَا قَالَ الْعَبَّاس فَقلت نعم قَالَ أنْشدك هَل كَانَت لِأَبْنِ اخيك صبوة وسفهة قلت لَا واله عبد الْمطلب وَلَا كذب وَلَا خَان وَإِن كَانَ اسْمه عِنْد قُرَيْش الْأمين قَالَ

فَهَل كتب بِيَدِهِ قَالَ الْعَبَّاس فَظَنَنْت انه خير لَهُ ان يكْتب بِيَدِهِ فَأَرَدْت ان اقول نعم فَخَشِيت من أبي سُفْيَان ان يكذبنِي وَيرد عَليّ قلت لَا يكْتب فَوَثَبَ الحبر وَترك رِدَاءَهُ وَقَالَ ذبحت يهود وَقتلت يهود قَالَ الْعَبَّاس فَلَمَّا رَجعْنَا إِلَى منزلنا قَالَ أَبُو سُفْيَان يَا أَبَا الْفضل إِن الْيَهُود تفزع من ابْن اخيك قلت قد رَأَيْت مَا رَأَيْت فَهَل لَك يَا ابا سُفْيَان فِيهِ ان تؤمن بِهِ فَإِن كَانَ حَقًا كنت قد سبقت وَإِن كَانَ بَاطِلا فمعك غَيْرك من أكفائك قَالَ لَا أُؤْمِن بِهِ حَتَّى أرى الْخَيل قد طلعت فِي كداء

قلت مَا تَقول قَالَ كلمة جَاءَت على فمي إِلَّا اني أعلم ان اللّه لَا يتْرك خيلا تطلع على كداء قَالَ الْعَبَّاس فَلَمَّا فتح رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم مَكَّة ونظرنا إِلَى الْخَيل قد طلعت من كداء قلت يَا ابا سُفْيَان تذكر الْكَلِمَة قَالَ أَي وَاللّه إِنِّي لذاكرها

واخرج ابو نعيم من طَرِيق مُحَمَّد بن هِشَام بن مُسلم المَخْزُومِي عَن مُعَاوِيَة بن ابي سُفْيَان عَن أَبِيه قَالَ خرجت انا وَأُميَّة بن أبي الصَّلْت تجارًا إِلَى الشَّام فَقَالَ لي هَل لَك فِي عَالم من عُلَمَاء النَّصَارَى إِلَيْهِ يتناهى علم الْكتاب نَسْأَلهُ قلت لَا إرب لي فِيهِ فَذهب ثمَّ رَجَعَ فَقَالَ لي إِنِّي جِئْت هَذَا الْعَالم فَسَأَلته عَن أَشْيَاء ثمَّ قلت أَخْبرنِي عَن هَذَا النَّبِي الَّذِي ينْتَظر قَالَ هُوَ رجل من الْعَرَب قلت من أَي الْعَرَب قَالَ من اهل بَيت تحجه الْعَرَب من إخْوَانكُمْ من قُرَيْش قلت فصفه لي قَالَ رجل شَاب حِين دخل فِي الكهولية بَدَأَ امْرَهْ يجْتَنب الْمَظَالِم والمحارم ويصل الرَّحِم وَيَأْمُر بصلتها وَهُوَ سجوح كريم الطَّرفَيْنِ متوسط فِي الْعَشِيرَة اكثر جنده الْمَلَائِكَة فَقلت وَمَا آيَة ذَلِك قَالَ قد رجفت الشَّام مُنْذُ هلك عِيسَى ثَلَاثِينَ رَجْفَة كلهَا مُصِيبَة وَبقيت رَجْفَة عَامَّة فِيهَا مصائب قَالَ ابو سُفْيَان فَقلت هَذَا وَاللّه الْبَاطِل قَالَ امية وَالَّذِي حَلَفت بِهِ ان هَذَا لهكذا ثمَّ خرجنَا فَإِذا رَاكب من خلفنا يَقُول أصَاب اهل الشَّام بعدكم رَجْفَة دمرت أَهلهَا وأصابتهم فِيهَا مصائب عَامَّة قَالَ ابو سُفْيَان فَأقبل عَليّ أُميَّة فَقَالَ كَيفَ ترى قَول النَّصْرَانِي قلت أرى وَاللّه انه حق وقدمت مَكَّة فَقضيت مَا كَانَ معي ثمَّ انْطَلَقت حَتَّى جِئْت الْيمن تَاجِرًا فَمَكثت بهَا خَمْسَة أشهر ثمَّ قدمت مَكَّة فجَاء النَّاس يسلمُونَ عَليّ ويسألون عَن بضائعهم ثمَّ جَاءَنِي مُحَمَّد صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَسلم عَليّ ورحب بِي وسألني عَن سَفَرِي ومقامي وَلم يسألني عَن بضاعته ثمَّ قَالَ فَقلت لهِنْد وَاللّه إِن هَذَا

ليعجبني مَا من اُحْدُ من قُرَيْش لَهُ معي بضَاعَة إِلَّا وَقد سَأَلَني عَنْهَا وَمَا سَأَلَني هَذَا عَن بضاعته قَالَت وَمَا علمت شَأْنه انه يزْعم انه رَسُول اللّه فوقظتني وَذكرت قَول النَّصْرَانِي قلت لَهو أَعقل من ان يَقُول هَذَا قَالَت بلَى وَاللّه إِنَّه ليقول ذَلِك

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم من طَرِيق عُرْوَة بن الزبير عَن مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان عَن ابيه قَالَ كُنَّا بغزة اَوْ بإيلياء فَقَالَ لي امية بن ابي الصَّلْت يَا ابا سُفْيَان إيه عَن عتبَة بن ربيعَة قلت ايه عَن عتبَة بن ربيعَة قَالَ كريم الطَّرفَيْنِ ويجتنب الْمَظَالِم والمحارم قلت نعم وشريف مسن قَالَ السن إزرى بِهِ قلت كذبت بل مَا ازْدَادَ سنا إِلَّا ازْدَادَ شرفا قَالَ لَا تعجل عَليّ حَتَّى اخبرك اني أجد فِي كتبي نَبيا يبْعَث من حرتنا هَذِه فَكنت أَظن أَنِّي هُوَ فلماذا ارست اهل الْعلم اذا هُوَ من بني عبد منَاف فَنَظَرت فِي بني عبد منَاف فَلم أجد احدا يصلح لهَذَا الامر غير عتبَة بن ربيعَة فَلَمَّا اخبرتني بسنه عرفت انه لَيْسَ بِهِ حِين جَاوز الْأَرْبَعين وَلم يُوح إِلَيْهِ قَالَ ابو سُفْيَان فَرَجَعت وَقد اوحي الى رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَخرجت فِي ركب فِي تِجَارَة فمررت بأمية فَقلت لَهُ كَالْمُسْتَهْزِئِ بِهِ قد خرج النَّبِي الَّذِي كنت تنعته قَالَ اما انه حق فَاتبعهُ وَكَأَنِّي بك يَا أَبَا سُفْيَان إِن خالفته ربطت كَمَا يرْبط الجدي حَتَّى يُؤْتى بك اليه فَيحكم فِيك بِمَا يُرِيد

وَأخرج الْحَارِث بن أبي اسامة فِي مُسْنده عَن عِكْرِمَة بن خَالِد ان نَاسا من قُرَيْش ركبُوا الْبَحْر عِنْد مبعث النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فألقتهم الرّيح الى جَزِيرَة من جزائر الْبَحْر فَإِذا فِيهَا رجل فَقَالَ من انتم قَالُوا نَحن نَاس من قُرَيْش قَالَ وَمَا قُرَيْش قَالُوا اهل الْحرم واهل كَذَا فَلَمَّا عرف قَالَ نَحن أَهلهَا لَا انتم فَإِذا هُوَ رجل من جرهم قَالَ أَتَدْرُونَ لأي شَيْء سمي أجياد كَانَت خيولنا جيادا عطفت عَلَيْهِ فَقَالُوا لَهُ إِنَّه قد خرج فِينَا رجل يزْعم انه نَبِي وَذكروا لَهُ أمره فَقَالَ اتَّبعُوهُ فلولا حَالي الَّتِي انا عَلَيْهَا لحقت مَعكُمْ بِهِ

وَأخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق عبد الرَّحْمَن بن حميد بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف عَن أَبِيه عَن جده قَالَ سَافَرت إِلَى الْيمن قبل مبعث رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِسنة فَنزلت على عسكلان بن عواكن الْحِمْيَرِي وَكَانَ شَيخا كَبِيرا وَكنت لَا ازال إِذا قدمت إِلَى الْيمن نزلت عَلَيْهِ فيسألني عَن مَكَّة والكعبة وزمزم وَيَقُول هَل ظهر فِيكُم رجل لَهُ نبأ لَهُ ذكر هَل خَالف أحد مِنْكُم عَلَيْكُم فِي دينكُمْ فَأَقُول لَا حَتَّى قدمت القدمة الَّتِي بعث فِيهَا رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فوافيته وَقد ضعف وَثقل سَمعه فَنزلت عَلَيْهِ فَاجْتمع عَلَيْهِ وَلَده وَولد وَلَده فأخبروه بمكاني فشدت عِصَابَة على عَيْنَيْهِ وَأسْندَ فَقعدَ وَقَالَ لي انتسب يَا اخا قُرَيْش فَقلت أَنا عبد الرَّحْمَن بن عَوْف بن عبد عَوْف ابْن عبد الْحَارِث ابْن زهرَة قَالَ حَسبك يَا أَخا زهرَة أَلا أُبَشِّرك بِبِشَارَة وَهِي خير لَك من التِّجَارَة قلت بلَى قَالَ انبئك بالمعجبة وأبشرك بالمرغبة إِن اللّه قد بعث فِي الشَّهْر الأول من قَوْمك نَبيا ارْتَضَاهُ صفيا وَأنزل عَلَيْهِ كتابا وَجعل لَهُ ثَوابًا ينْهَى عَن الْأَصْنَام وَيَدْعُو إِلَى الاسلام يَأْمر بِالْحَقِّ ويفعله وَيُنْهِي عَن الْبَاطِل ويبطله فَقلت مِمَّن هُوَ قَالَ لَا من الأزد وَلَا ثماله وَلَا من السرو وَلَا تباله هُوَ من بني هَاشم وَأَنْتُم اخواله يَا عبد الرَّحْمَن أخف الْوَقْعَة وَعجل الرّجْعَة ثمَّ أمض ووازره وَصدقه واحمل إِلَيْهِ هَذِه الابيات شعر

(أشهد بِاللّه ذِي الْمَعَالِي ... وفالق اللَّيْل والصباح)

(انك فِي السِّرّ وَمن قُرَيْش ... يَا ابْن المفدى من الذباح)

(أرْسلت تَدْعُو إِلَى يَقِين ... ترشد للحق والفلاح)

(أشهد بِاللّه رب مُوسَى ... إِنَّك أرْسلت بالبطاح)

(فَكُن شفيعي إِلَى مليك ... يَدْعُو البرايا إِلَى الْفَلاح)

قَالَ عبد الرَّحْمَن فَحفِظت الأبيات وأسرعت فِي تقضي حوائجي وانصرفت فَقدمت مَكَّة فَلَقِيت ابا بكر فَأَخْبَرته الْخَبَر فَقَالَ هَذَا مُحَمَّد بن عبد اللّه قد بَعثه اللّه رَسُولا إِلَى خلقه فآته فَأَتَيْته وَهُوَ فِي بَيت خَدِيجَة فَلَمَّا رَآنِي ضحك وَقَالَ أرى وَجها خلقا أَرْجُو لَهُ خيرا مَا وَرَاءَك قلت وَمَا ذَاك يَا مُحَمَّد قَالَ حملت إِلَيّ

وَدِيعَة أم ارسلك مُرْسل الي برسالة هَاتِهَا فَأَخْبَرته وَأسْلمت فَقَالَ أما أَن أَخا حمير من خَواص الْمُؤمنِينَ ثمَّ قَالَ رب مُؤمن بِي وَلم يرني ومصدق بِي وَمَا شهدني أُولَئِكَ إخْوَانِي حَقًا