Geri

   

 

 

İleri

 

 ٨-٣ النوع الثالث فى طبه ص بالأدوية المركبة من الإلهية والطبيعية

ذكر طبه ص من القرحة والجرح وكل شكوى:

عن عائشة أن رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم- كان يقول للمريض: (بسم اللّه تربة أرضنا، وريقة بعضنا، يشفى سقيمنا) . وفى رواية: كان يقول فى الرقية:

(بسم اللّه تربة أرضنا، وريقة بعضنا يشفى سقيمنا بإذن ربنا) (١) رواه البخارى.

وفى رواية لمسلم: كان إذا اشتكى الإنسان، أو كانت به قرحة أو جرح قال بإصبعه هكذا، ووضع سفيان سبابته بالأرض، الحديث. وقوله: (تربة أرضنا؟) خبر مبتدأ محذوف، أى هذه تربة أرضنا. وقوله (يشفى سقيمنا) ضبط بوجهين، بضم أوله على البناء للمجهول، وسقيمنا بالرفع، وبفتح أوله على أن الفاعل مقدر، وسقيمنا بالنصب على المفعولية.

__________

(١) صحيح: أخرجه البخارى (٥٧٤٥ و ٥٧٤٦) فى الطب، باب: رقية النبى- صلى اللّه عليه وسلم-، ومسلم (٢١٩٤) في السلام، باب: استحباب الرقية من العين والنملة والحمة والنظرة.

قال النووى: معنى الحديث، أنه أخذ من ريق نفسه: على أصبعه السبابة، ثم وضعها على التراب فعلق بها شئ منه، ثم مسح به على الموضع العليل أو الجرح قائلا الكلام المذكور فى حالة المسح.

وقال القرطبى: زعم بعض الناس أن السر فيه أن تراب الأرض لبرودته ويبسه يبرئ الموضع الذى به الألم، ويمنع انصباب المواد إليه ليبسه، مع منفعته فى تجفيف الجراح واندمالها. وقال فى الريق: إنه يختص بالتحليل والإنضاج وإبراء الجرح والورم، ولا سيما من الصائم والجائع.

وتعقبة القرطبى: بأن ذلك إنما يتم إذا وقعت المعالجة على قوانينها من مراعاة مقدار التراب والريق، وملازمة ذلك فى أوقاته، وإلا فالنفث ووضع السبابة على الأرض إنما يعلق بها ما ليس له بال ولا أثر، وإنما هذا من باب التبرك بأسماء اللّه تعالى وآثار رسوله- صلى اللّه عليه وسلم-: وأما وضع الأصبع بالأرض فلعله لخاصية فى ذلك، أو لحكمة إخفاء آثار القدرة بمباشرة الأسباب المعتادة.

وقال البيضاوى: قد شهدت المباحث الطبية على أن للريق مدخلا فى النضج وتعديل المزاج، وتراب الوطن له تأثير فى حفظ المزاج ودفع الضرر، فقد ذكروا أنه ينبغى للمسافر أن يستصحب تراب أرضه إن عجز عن استصحاب مائها، حتى إذا ورد المياه المختلفة جعل شيئا منه فى سقائه ليأمن مضرة ذلك، ثم إن الرقى والعزائم لها آثار عجيبة تتقاعد العقول عن الوصول إلى كنهها.

وقال التوربشتى كأن المراد بالتربة الإشارة إلى النطفة، كأن تضرع بلسان الحال: إنك اخترعت الأصل الأول من التراب ثم أبدعته من ماء مهين، فهين عليك أن تشفى من كانت هذه نشأته.

وقال النووى: وقيل المراد (بأرضنا؟) أرض المدينة لبركتها، و (بعضنا) رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم- لشرف ريقه فيكون ذلك مخصوصا. وفيه نظر. وفى حديث عائشة عند أبى داود والنسائى: أن النبى- صلى اللّه عليه وسلم- دخل على ثابت بن قيس بن شماس وهو مريض، ف

قال: (اكشف الباس رب الناس) ، ثم أخذ

ترابا من بطحان فجعله فى قدح ثم نفث عليه، ثم صبه عليه قال الحافظ ابن حجر: هذا الحديث تفرد به الشخص المرقى.

ذكر طبه- ص من لدغة العقرب:

عن عبد اللّه بن مسعود

قال: بينا رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم- يصلى إذ سجد فلدغته عقرب فى إصبعه، فانصرف رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم- و

قال: (لعن اللّه العقرب، ما تدع نبيّا ولا غيره) ، ثم دعا بإناء فيه ماء وملح فجعل يضع موضع اللدغة فى الماء والملح، ويقرأ قُلْ هُوَ اللّه أَحَدٌ (١) والمعوذتين حتى سكنت (٢) رواه ابن أبى شيبة فى مسنده. وقال ابن عبد البر: رقى رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم- من العقرب بالمعوذتين، وكان يمسح الموضع بماء فيه ملح.

وهذا طب مركب من الطبيعى والإلهى، فإن سورة الإخلاص قد جمعت الأصول الثلاثة، التى هى مجامع التوحيد، وفى المعوذتين استعاذة من كل مكروه جملة وتفصيلا. ولهذا أوصى- صلى اللّه عليه وسلم- عقبة بن عامر أن يقرأهما عقب كل صلاة (٣) . رواه الترمذى. وفى هذا سر عظيم فى استدفاع الشرور من الصلاة إلى الصلاة.

وقال: (ما تعوذ المتعوذون بمثلهما) (٤) .

وأما الماء والملح فهو الطب الطبيعى، فإن فى الملح نفعا لكثير من السموم ولا سيما لدغة العقرب، وفيه من القوة الجاذبة ما يجذب السموم ويحللّها، ولما كان فى لسعها قوة نارية تحتاج إلى تبريد وجذب استعمل- صلى اللّه عليه وسلم- الماء والملح لذلك.

__________

(١) سورة الإخلاص: ١.

(٢) أخرجه ابن أبى شيبة فى (مصنفه) (٥/ ٤٤) من حديث على- رضى اللّه عنه-، ولم أجده من حديث ابن مسعود، وكذا هو فى (مجمع الزوائد) (٥/ ١١١) و

قال: رواه الطبرانى فى الصغير، وإسناده حسن.

(٣) صحيح: أخرجه أبو داود (١٥٢٣) فى الصلاة، باب: فى الاستغفار، والترمذى (٢٩٠٣) فى فضائل القرآن، باب: ما جاء فى المعوذتين، والنسائى (٣/ ٦٨) فى السهو، باب: الأمر بقراءة المعوذات بعد التسليم فى الصلاة، وأحمد فى (المسند) (٤/ ١٥٥ و ٢٠١) .

(٤) صحيح: أخرجه أبو داود (١٤٦٣) فى الصلاة، باب: فى المعوذتين، من حديث عقبة بن عامر- رضى اللّه عنه-.

ذكر الطب من النملة:

وهى بفتح النون وإسكان الميم، قروح تخرج فى الجنب، وسمى نملة لأن صاحبه يحس فى مكانه كأن نملة تدب عليه وتعضه. وفى حديث مسلم عن أنس أنه- صلى اللّه عليه وسلم- رخص فى الرقية من الحمة والعين والنملة (١) . وروى الخلال أن الشفاء بنت عبد اللّه كانت ترقى فى الجاهلية من النملة، فلما هاجرت إلى النبى- صلى اللّه عليه وسلم- وكانت بايعته بمكة

قالت: يا رسول اللّه إنى كنت أرقى فى الجاهلية من النملة، وأريد أن أعرضها عليك، فعرضتها

فقالت: بسم اللّه ضلت حتى تعود من أفواهها ولا تضر أحدا،

اللّهم اكشف الباس رب الناس.

قال: (ترقى بها على عود سبع مرات، وتقصد به مكانا نظيفا وتدلكه على حجر بخل خمر حاذق وتطليه على النملة) .

ذكر طبه ص من البثرة:

روى النسائى عن بعض أزواج النبى- صلى اللّه عليه وسلم-

قال: (عندك ذريرة؟) قلت: نعم، فدعا بها فوضعها على بثرة بين أصبعين من أصابع رجله، ثم

قال: (اللّهم مطفئ الكبير، ومكبر الصغير، أطفئها عنى، فطفئت) (٢) .

ذكر طبه ص من حرق النار:

روى النسائى عن محمد بن حاطب

قال: تناولت قدرا، فأصاب كفى من مائها، فاحترق ظهر كفى، فانطلقت بى أمى إلى النبى- صلى اللّه عليه وسلم-، ف

قال: (أذهب الباس رب الناس)

قال: وأحسبه

قال: (واشف أنت الشافى وتفل) (٣) .

__________

(١) صحيح: والحديث أخرجه مسلم (٢١٩٦) فى السلام، باب: استحباب الرقية من العين والنملة والحمة.

(٢) أخرجه النسائى فى (الكبرى) (١٠٨٧٠) ، وأحمد فى (المسند) (٥/ ٣٧٠) ، والحاكم فى (المستدرك) (٤/ ٢٣٠) .

(٣) حسن: أخرجه النسائى فى (الكبرى) (١٠٠١٥) ، وأحمد فى (المسند) (٣/ ٤١٨) و (٤/ ٢٥٩) ، و (٦/ ٤٣٧) ، وابن حبان فى (صحيحه) (٢٩٧٧) ، والحاكم فى (المستدرك) (٤/٧٠) والحديث حسنه الشيخ شعيب الأرناؤوط.

ذكر طبه ص بالحمية:

وهى قسمان: حمية عما يجلب المرض، وحمية عما يزيده فيقف على حاله.

فالأولى: حمية الأصحاء.

والثانية: حمية المرضى، فإن المريض إذا احتمى وقف مرضه عن التزايد، وأخذت القوى فى دفعه.

والأصل فى الحمية

قوله تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ إلى قوله: فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً (١) فحمى المريض من استعمال الماء لأنه يضره، كما وقعت الإشارة لذلك فى أوائل هذا المقصد.

وقد قال بعض أفاضل الأطباء: رأس الطب الحمية. والحمية للصحيح عندهم فى المضرة بمنزلة التخليط للمريض والناقه، وأنفع ما تكون الحمية للناقه من المرض، لأن التخليط يوجب الانتكاس والانتكاس أصعب من ابتداء المرض. والفاكهة تضر الناقه من المرض، لسرعة استحالتها وضعف الطبيعة عن دفعها لعدم القوة، وفى سنن ابن ماجه عن صهيب

قال: قدمت على النبى- صلى اللّه عليه وسلم- وبين يديه خبز وتمر،

فقال: (ادن وكل) فأخذت تمرا فأكلت، ف

قال: (أتأكل تمرا وبك رمد؟) فقلت يا رسول اللّه أمضغ من الناحية الآخرى، فتبسم رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم- (٢) . ففيه الإشارة إلى الحمية وعدم التخليط، وأن الرمد يضر به التمر.

وعن أم المنذر بنت قيس الأنصارية

قالت: دخل على رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم- ومعه على، وهو ناقه من مرض، ولنا دوال معلقة، فقام رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم- يأكل منها، وقام على يأكل منها، فطفق النبى-صلى اللّه عليه وسلم- يقول لعلى: (إنك ناقه) حتى كف.

قالت: وصنعت شعيرا وسلقا فجئت به فقال- صلى اللّه عليه وسلم- لعلى: (من هذا أصب فإنه أنفع لك) (٣) رواه ابن ماجه.

__________

(١) سورة النساء: ٤٣.

(٢) حسن: وقد تقدم.

(٣) حسن: أخرجه أبو داود (٣٨٥٦) فى الطب، باب: فى الحمية، والترمذى (٢٠٣٧) فى الطب، باب: ما جاء فى الحمية، وابن ماجه (٣٤٤٢) فى الطب، باب: الحمية، وأحمد فى (المسند) (٦/ ٣٦٣ و ٣٦٤) .

وإنما منعه- صلى اللّه عليه وسلم- من أكله من الدوالى لأن فى الفاكهة نوع ثقل على المعدة، ولم يمنعه من السلق والشعير لأنه من أنفع الأغذية للناقه، ففى ماء الشعير التغذية والتلطيف والتليين وتقوية الطبيعة. فالحمية من أكبر الأدوية للناقه قبل زوال الداء، لكى يمتنع تزايده وانتشاره.

قال ابن القيم: ومما ينبغى أن يعلم أن كثيرا مما يحمى عنه العليل والناقه والصحيح إذا اشتدت الشهوة إليه، ومالت إليه الطبيعة، فتناول منه الشئ اليسير الذى لا تعجز الطبيعة عن هضمه لم يضره تناوله، بل ربما انتفع به، فإن الطبيعة والمعدة يتلقيانه بالقبول والمحبة، فيصلحان ما يخشى من ضرره، وقد يكون أنفع من تناوله ما تكرهه الطبيعة وتدفعه من الدواء. ولهذا أقر النبى- صلى اللّه عليه وسلم- صهيبا وهو أرمد على تناول التمرات اليسيرة وعلم أنها لا تضره. ففى هذا الحديث- يعنى حديث صهيب- سر طبى لطيف، فإن المريض إذا تناول ما يشتهيه عن جوع صادق وكان فيه ضرر ما، كان أنفع وأقل ضررا مما لا يشتهيه عن جوع صادق وإن كان نافعا فى نفسه. فإن صدق شهوته ومحبة الطبيعة له تدفع ضرره، وكذلك بالعكس.

ذكر حمية المريض من الماء:

عن قتادة بن النعمان أن رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم-

قال: (إذا أحب اللّه العبد حماه الدنيا كما يظل أحدكم يحمى سقيمه الماء) (١) . قال الترمذى حديث حسن غريب.

وروى الحميدى مرفوعا: (لو أن الناس أقلوا من شرب الماء لاستقامت أبدانهم) .

وللطبرانى فى الأوسط عن أبى سعيد مرفوعا: (من شرب الماء على الريق انتقصت قوته) وفيه محمد بن مخلد الرعينى، وهو ......

__________

(١) صحيح: أخرجه الترمذى (٢٠٣٦) فى الطب، باب: ما جاء فى الحمية، والحاكم فى (المستدرك) (٤/ ٣٤٤) وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وهو كما قال.

ذكر أمره ص بالحمية من الماء المشمس خوف البرص:

روى الدار قطنى عن عمر بن الخطاب- رضى اللّه عنه-

قال: (لا تغتسلوا بالماء المشمس فإنه يورث البرص) (١) . وروى الدار قطنى هذا المعنى مرفوعا من حديث عامر عن النبى- صلى اللّه عليه وسلم-، وهو ...... وكذا خرج العقيلى نحوه عن أنس بن مالك، ورواه الشافعى عن عمر.

فعلى هذا يكره استعمال الماء المشمس شرعا خوف البرص، لكنهم اشترطوا شروطا: أن يكون فى البلاد الحارة، والأوقات الحارة دون الباردة، وفى الأوانى المنطبعة على الأصح دون الحجر والخشب ونحوهما. واستثنى النقدان لصفائهما. وقال الجوينى بالتسوية، حكاه ابن الصلاح. ولا يكره المشمس فى الحياض والبرك قطعا، وأن يكون الاستعمال فى البدن لا فى الثوب، وأن يكون مستعملا حال حرارته، فلو برد زالت الكراهة فى الأصح فى الروضة وصحح فى الشرح الصغير عدم الزوال. واشترط صاحب التهذيب- كما قاله الجيلى- أن يكون رأس الإناء منسدا لتنحبس الحرارة، وفى شرح المهذب أنها شرعية يثاب تاركها وقال فى شرح التنبيه: إن اعتبرنا القصد فشرعية وإلا فإرشادية، وإذا قلنا بالكراهة فكراهة تنزيه لا تمنع صحة الطهارة.

وقال الطبرى: إن خاف الأذى حرم، وقال ابن عبد السلام: لو لم يجد غيره وجب استعماله، واختار النووى فى الروضة عدم الكراهة مطلقا، وحكاه الرويانى فى البحر عن النص.

ذكر الحمية من طعام البخلاء:

عن عبد اللّه بن عمر، أن رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم-

قال: (طعام البخيل داء وطعام الأسخياء شفاء) . رواه التنيسى عن مالك فى غير الموطأ، كما ذكره عبد الحق فى الأحكام.

__________

(١) أخرجه الدار قطنى فى (سننه) (١/ ٣٩).

ذكر الحمية من داء الكسل:

روى أبو داود فى المراسيل عن يونس عن ربيعة بن أبى عبد الرحمن:

أنه رآه مضطجعا فى الشمس، قال يونس فنهانى و

قال: بلغنى أن رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم-

قال: (إنها تورث الكسل وتثير الداء الدفين) (١) .

ذكر الحمية من داء البواسير:

عن الحسن

قال: قال رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم-: (لا يجامعن أحدكم وبه حقن خلاء، فإنه يكون منه البواسير) (٢) رواه أبو أحمد الحاكم.

ذكر حماية الشراب من سم أحد جناحى الذباب بانغماس الثانى:

عن أبى هريرة- رضى اللّه عنه-، أن رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم-

قال: (إذا وقع الذباب فى إناء أحدكم فليغمسه كله ثم ليطرحه فإن فى أحد جناحيه شفاء وفى الآخر داء) (٣) . وفى رواية أبى داود: (فإنه يتقى بجناحه الذى فيه الداء، فليغمسه كله) . وفى روايةالطحاوى: فإن يقدم السم ويؤخر الشفاء. وفى قوله (كله) دفع توهم المجاز فى الاكتفاء بالبعض.

قال شيخ شيوخنا (٤) : لم يقع لى فى شئ من الطرق تعيين الجناح الذى فيه الشفاء من غيره. لكن ذكر بعض العلماء أنه تأمله فوجده يتقى بجناحه الأيسر. فعرف أن الأيمن هو الذى فيه الشفاء.

وأخرج أبو يعلى عن ابن عمر مرفوعا: (عمر الذباب أربعون ليلة. والذباب كله فى النار إلا النحل) (٥) . وسنده لا بأس به.

__________

(١) أخرجه أبو داود فى (المراسيل) (٤٧٣ و ٤٧٤) بلاغا.

(٢) أخرجه ابن النجار عن أنس كما فى (كنز العمال) (٤٤٩٠٢) ، وأعاده برقم (٤٥٨٩٢) . ولم أجده فى (المستدرك) للحاكم.

(٣) صحيح: أخرجه البخارى (٣٣٢٠) فى بدء الخلق، باب: إذا وقع الذباب فى شراب أحدكم فليغمسه.

(٤) هو شيخ الإسلام ابن حجر العسقلانى.

(٥) صحيح: أخرج طرفه الأخير البزار وأبو يعلى فى مسنده والطبرانى فى الكبير، عن ابن عمر، والطبرانى فى الكبير عن ابن عباس وابن مسعود- رضى اللّه عنهما-، كما فى (صحيح الجامع) (٣٤٤٢) . وقد أوله بعض العلماء أن المقصود بذلك أنه ليعذب به أهل النار، لا ليعذب هو.

قال الجاحظ: كونه فى النار ليس تعذيبا له بل ليعذب أهل النار له، ويتولد من العفونة. ومن عجيب أمره أن رجيعه يقع على الثوب الأسود أبيض وبالعكس، وأكثر ما يظهر فى أماكن العفونة، ومبدأ خلقه منها ثم من التوالد، وهو أكثر الطيور سفادا، وربما بقى عامة اليوم على الأنثى. ويحكى أن بعض الخلفاء سأل الشافعى: لأى علة خلق الذباب؟ ف

قال: مذلة للملوك، وكان ألحت عليه ذبابة. وقال الشافعى: سألنى ولم يكن عندى جواب فاستنبطت ذلك من الهيئة الحاصلة، فرحمة اللّه عليه ورضوانه.

ذكره أمره ص بالحمية من الوباء النازل فى الإناء بالليل بتغطيته:

عن جابر

قال: قال رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم-: (غطوا الإناء وأوكوا السقاء، فإن فى السنة ليلة ينزل فيها وباء لا يمر بإناء ليس عليه غطاء أو سقاء ليس عليه وكاء إلا ينزل فيه من ذلك الوباء) (١). رواه مسلم فى صحيحه. قيل:

وذلك فى آخر شهور السنة الرومية.

ذكر حمية الوليد من إرضاع الحمقى:

روى أبو داود فى المراسيل بإسناد صحيح عن زياد السهمى

قال: نهى رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم- أن نسترضع الحمقاء، فإن اللبن يشبه. وعند ابن حبيب:

يعدى، وعند القضاعى بسند حسن من حديث ابن عباس مرفوعا: (الرضاع يغير الطباع) (٢) . وعند ابن حبيب أيضا مرفوعا: (أنه نهى عن استرضاع الفاجرة) . وعن عمر بن الخطاب: (أن اللبن ينزع لمن تسترضع) .

وأما الحمية من البرد فاشتهر على الألسنة: (اتقوا البرد فإنه قتل أبا الدرداء) ) .

__________

(١) صحيح: أخرجه مسلم (٢٠١٤) فى الأشربة، باب: الأمر بتغطية الإناء وإيكاء السقاء وإغلاق الأبواب وذكر اسم اللّه عليها.

(٢) أخرجه القضاعى فى (مسند الشهاب) (١/ ٥٦).

لكن قال شيخ الحفاظ ابن حجر: لا أعرفه: فإن كان واردا فيحتاج إلى تأويل، فإن أبا الدرداء عاش بعد النبى دهرا. انتهى. وأما ما اشتهر أيضا: (أصل كل داء البردة) (٢) ، فقال شيخنا: رواهأبو نعيم والمستغفرى معا فى الطب النبوى والدار قطنى فى العلل، كلهم من طريق تمام ابن نجيح عن الحسن البصرى عن أنس رفعه. وتمام: ضعفه الدار قطنى وغيره، ووثقه ابن معين.

ولأبى نعيم أيضا من حديث ابن المبارك عن السائب بن عبد اللّه بن على بن زحر عن ابن عباس مرفوعا مثله. ومن حديث عمرو بن الحارث عن دراج عن أبى الهيثم عن أبى سعيد رفعه: (أصل كل داء من البردة) (٣) . وقد قال الدار قطنى عقب حديث أنس من عللّه: عباد بن منصور عن الحسن من قوله، وهو أشبه بالصواب. وجعله الزمخشرى فى (الفائق) من كلام ابن مسعود.

قال الدار قطنى فى كتاب التصحيف: قال أهل اللغة (البردة) يعنى بإسكان الراء، والصواب (البردة) يعنى بالفتح، وهى التخمة، لأنها تبرد حرارة الشهوة، أو لأنها ثقيلة على المعدة بطيئة الذهاب. من (برد) إذا ثبت وسكن. وقد أورد أبو نعيم مضموما لهذه الأحاديث، حديث الحارث بن فضيل عن زياد بن ميناء عن أبى هريرة رفعه: (استدفئوا من الحر والبرد) .

وكذا أورد المستغفرى مع ما عنده منها حديث إسحاق بن نجيح عن أبان عن أنس رفعه: (إن الملائكة لترح بفراغ البرد عن أمتى، أصل كل داء البرد) وهما .....ان وذلك شاهد لما حكى عن اللغويين فى كون المحدثين رووه بالسكون. انتهى.

__________

(١) وانظر كشف الخفاء (٧٣) للعجلونى، وقد ذكر فيه كلام الحافظ ابن حجر المذكور.

(٢) جدّا: ذكره العجلونى فى كشف الخفاء (٣٨٠) ، وكذا السيوطى فى (الجامع الصغير) (١٠٨٧).

(٣) جدّا: وانظر المصادر السابقة. وكذا (كنز العمال) (٢٨٢٤٩) .