Geri

   

 

 

İleri

 

 ٧-٥ الفصل الثالث فى ذكر محبة أصحابه ص وقرابته وأهل بيته وذريته
[فى ذكر محبة آله ص وقرابته وأهل بيته وذريته]

قال الطبرى: اعلم أن اللّه تعالى لما اصطفى نبيه- صلى اللّه عليه وسلم- على جميع من سواه، وخصه بما عمه به من فضله الباهر وحباه، أعلى ببركته من انتمى إليه نسبا أو نسبة، ورفع من انطوى عليه نصرة وصحبة، وألزم مودة قرباه كافة بريته، وفرض محبة جملة أهل بيته المعظم وذريته،

فقال تعالى: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى (١) . ويروى أنها لما نزلت قالوا: يا رسول اللّه، من قرابتك هؤلاء؟

قال: (على وفاطمة وابناهما) .

وقال تعالى: إِنَّما يُرِيدُ اللّه لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (٢) . وقد اختلف فى المراد بأهل البيت فى هذه الآية.

فروى ابن أبى حاتم عن عكرمة عن ابن عباس

قال: نزلت فى نساء النبى- صلى اللّه عليه وسلم- وروى ابن جرير عن عكرمة، أنه كان ينادى فى السوق إِنَّما يُرِيدُ اللّه لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (٣)

قال: نزلت فى نساء النبى- صلى اللّه عليه وسلم-.

قال الحافظ ابن كثير: وهذا يعنى: ما فى الآية نص فى دخول أزواجه- صلى اللّه عليه وسلم- لأنهن سبب نزول هذه الآية، وسبب النزول داخل فيه قولا واحدا، إما وحده على قول، أو مع غيره على الصحيح.

وقيل: المراد النبى- صلى اللّه عليه وسلم-.

__________

(١) سورة الشورى: ٢٣.

(٢) سورة الأحزاب: ٣٣.

(٣) سورة الأحزاب: ٣٣.

قال عكرمة: من شاء باهلته (١) أنها نزلت فى نساء النبى- صلى اللّه عليه وسلم-. فإن كان المراد أنهن كن سبب النزول دون غيرهن ففى هذا نظر فإنه قد ورد فى ذلك أحاديث تدل على أن المراد أعم من ذلك. فروى الإمام أحمد عن واثلة ابن الأسقع أن رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم- جاء ومعه على وحسن وحسين آخذ كل واحد منهما بيده، حتى دخل فأدنى عليّا وفاطمة وأجلسهما بين يديه، وأجلس حسنا وحسينا كل واحد منهما على فخذه ثم لف عليهم ثوبه- أو

قال: كساءه- ثم تلا هذه الآية إِنَّما يُرِيدُ اللّه لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (٢)

وقال: (اللّهم هؤلاء أهل بيتى، وأهل بيتى أحق) (٣) .

زاد فى رواية ابن جرير، فقلت: وأنا يا رسول اللّه من أهلك،

قال: وأنت من أهلى. قال واثلة: وإنها أرجى ما أرتجى.

وعن أم سلمة أن رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم- كان فى بيتها، إذ جاءت فاطمة ببرمة فيها خزيرة، فدخلت عليه بها، ف

قال: (ادعى زوجك وابنيك)

قالت: فجاء على وحسن وحسين فدخلوا عليه، فجلسوا يأكلون من تلك الخزيرة، وتحته كساء،

قالت: وأنا فى الحجرة أصلى، فينزل اللّه عز وجل هذه الآية إِنَّما يُرِيدُ اللّه لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (٤)

قالت: فأخذ فضل الكساء فغشاهم به ثم أخرج يده فألوى بها إلى السماء، ثم

قال: (اللّهم هؤلاء أهل بيتى وحامتى فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا) ،

قالت: فأدخلت رأسى من البيت فقلت وأنا معكم يا رسول اللّه

__________

(١) المباهلة: الملاعنة، وهو أن يجتمع القوم إذا اختلفوا فى شىء فيقولوا: لعنة اللّه على الظالم منا.

(٢) سورة الأحزاب: ٣٣.

(٣) صحيح: والحديث أخرجه الترمذى (٣٢٠٥) فى التفسير، باب: ومن سورة الأحزاب، و (٣٧٨٧) فى المناقب، باب: مناقب أهل بيت النبى- صلى اللّه عليه وسلم-، وأحمد فى (المسند) (٤/ ١٠٧) وهو عند الترمذى من حديث عمر بن أبى سلمة- رضى اللّه عنه-.

(٤) سورة الأحزاب: ٣٣.

فقال: (إنك إلى خير، إنك إلى خير) (١) . رواه أحمد فى إسناده من لم يسم وبقية إسناده ثقات. وقوله: (حامتى) بالتشديد، أى خاصتى.

وعن أبى سعيد

قال: قال رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم-: (نزلت هذه الآية فى خمسة: فىّ وفى على وحسن وحسين وفاطمة إِنَّما يُرِيدُ اللّه لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (٢) ) رواه ابن جرير، ورواه أحمد فى المناقب، والطبرانى.

وعن زيد بن أرقم

قال: قام فينا رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم- خطيبا، فحمد اللّه وأثنى عليه ثم

قال: (أما بعد أيها الناس، إنما أنا بشر مثلكم، يوشك أن يأتينى رسول ربى عز وجل فأجيبه، وإنى تارك فيكم ثقلين: أولهما كتاب اللّه عز وجل، فيه الهدى والنور، فتمسكوا بكتاب اللّه عز وجل، وخذوا به) ، وحث فيه ورغب فيه ثم

قال: (وأهل بيتى، أذكركم اللّه عز وجل فى أهل بيتى) ، ثلاث مرات. فقيل لزيد: من أهل بيته؟ أليس نساؤه من أهل بيته؟

قال: بلى، إن نساءه من أهل بيته، ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده،

قال: ومن هم؟

قال: هم آل على وال جعفر وآل عقيل وآل العباس.

قال: كل هؤلاء حرم الصدقة؟

قال: نعم (٣) ، خرجه مسلم، و (الثقل) محركة كما فى القاموس كل شىء نفيس مصون،

قال: ومنه حديث (إنى تارك فيكم الثقلين كتاب اللّه وعترتى) (٤) ، وهى بكسر المهملة وسكون المثناة الفوقية. والأخذ بهذا الحديث أحرى، وليس المراد بالأهل الأزواج فقط، بل هن مع أهله، ولا يشك من تدبر القرآن أن نساء النبى- صلى اللّه عليه وسلم- داخلات فى الآية الكريمة،

__________

(١) صحيح: وقد تقدم فيما قبله.

(٢) سورة الأحزاب: ٣٣.

(٣) صحيح: أخرجه مسلم (٢٤٠٨) فى فضائل الصحابة، باب: من فضائل على بن أبى طالب- رضى اللّه عنه-.

(٤) صحيح: أخرجه الترمذى (٢٧٨٦) فى المناقب، باب: مناقب أهل بيت النبى- صلى اللّه عليه وسلم-، والطبرانى فى (الكبير) (٣/ ٦٦) من حديث جابر- رضى اللّه عنه- .

فإن سياق الكلام معهن، ولهذا قال بعد هذا كله وَاذْكُرْنَ ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اللّه وَالْحِكْمَةِ)

. وهذا اختيار ابن عطية بعد أن نقل أن الجمهور على أنّهم: على وفاطمة والحسن والحسين.

قال: وحجة الجمهور

قوله تعالى:

عَنْكُمُ، وَيُطَهِّرَكُمْ (٢) ب (الميم) ولو كان للنساء خاصة لقال: عنكن.

وأجيب أن الخطاب بلفظ التذكير وقع على سبيل التغليب. فيكون المراد به كالمراد ب (آل) فى حديث كيفية الصلاة عليه السابق ذكره، على قول من فسره به، كما قدمته مع غيره قريبا فى الفصل السابق، واللّه أعلم. وللّه در القائل:

يا آل بيت رسول اللّه حبكم ... فرض من اللّه فى القرآن أنزله

يكفيكم من عظيم الفضل أنكم ... من لم يصل عليكم لا صلاة له

وأخرج أحمد عن أبى سعيد معنى حديث زيد بن أرقم السابق مرفوعا بلفظ: (إنى أوشك أن أدعى فأجيب، وإنى تارك فيكم الثقلين: كتاب اللّه وعترتى، كتاب اللّه حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتى أهل بيتى، وإن اللطيف الخبير أخبرنى أنهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض، فانظروا بماذا تخلفونى فيهما) (٣) وعترة الرجل- كما قاله الجوهرى-: أهله ونسله، ورهطه الأدنون، أىالأقارب. وعن أبى بكر الصديق- رضى اللّه عنه- أنه

قال: (يا أيها الناس ارقبوا محمدا فى أهل بيته) (٤) رواه البخارى. والمراقبة للشىء:

المحافظة عليه، يقول: احفظوهم فلا تؤذوهم.

وقال أبو بكر الصديق- رضى اللّه عنه- كما فى البخارى أيضا- __________

(١) سورة الأحزاب: ٣٤.

(٢) سورة الأحزاب: ٣٣.

(٣) أخرجه أحمد فى (المسند) (٣/ ١٤ و ١٧ و ٢٦ و ٥٩) ، من حديث أبى سعيد الخدرى- رضى اللّه عنه-.

(٤) صحيح: أخرجه البخارى (٣٧١٣) فى فضائل الصحابة، باب: مناقب قرابة رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم-.

(لقرابة رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم- أحب إلىّ أن أصل من قرابتى) (١) وهذا قاله على سبيل الاعتذار لفاطمة من منعه إياها ما طلبته منه من تركة النبى- صلى اللّه عليه وسلم-، وقد جرى منه على موجب الإيمان، لأنه- صلى اللّه عليه وسلم- شرط الأحبية فيه على النفس والمال والولد، كما ذكرته فى الفصل الأول من هذا المقصد. ثم إنه- صلى اللّه عليه وسلم- أثبت لأقاربه ما أثبت لنفسه من ذلك

فقال: (من أحبهم فبحبى أحبهم) (٢) وحثنا على ذلك شفقة منه علينا- صلوات اللّه وسلامه عليه وعليهم-، ولقد أحسن القائل:

رأيت ولائى آل طه فريضة ... على رغم أهل البعد يورثنى القربى

فما طلب المبعوث أجرا على الهدى ... بتبليغه إلا المودة فى القربى

وفى الترمذى- و قال: حديث حسن غريب-:

(أحبوا اللّه لما يغذوكم به، وأحبونى بحب اللّه، وأحبوا أهل بيتى بحبى) (٣) . وفى المناقب لأحمد: من أبغض أهل البيت فهو منافق. وروى ابن سعد: من صنع إلى أحد من أهل بيتى معروفا، فعجز عن مكافأته فى الدنيا، فأنا المكافىء له فى يوم القيامة.

والمراد بالقرابة من ينتسب إلى جده الأقرب، وهو عبد المطلب، ممن صحب النبى- صلى اللّه عليه وسلم أو رآه من ذكر وأنثى، وهم:

* على وأولاده: الحسن والحسين ومحسن وأم كلثوم من فاطمة- رضى اللّه عنها-.

* وجعفر بن أبى طالب وأولاده: عبد اللّه، وعون، ومحمد، ويقال إنه كان لجعفر بن أبى طالب ابن اسمه أحمد.

__________

(١) صحيح: أخرجه البخارى (٣٧١٢) فيما سبق.

(٢) أخرجه الترمذى (٣٨٦٢) فى المناقب، باب: رقم (٥٩) ، وأحمد فى (المسند) (٤/ ٨٧) و (٥/ ٥٤ و ٥٧) ، وابن حبان فى (صحيحه) (٧٢٥٦).

(٣) أخرجه الترمذى (٣٧٨٩) فى المناقب، باب: مناقب أهل بيت النبى- صلى اللّه عليه وسلم- والحاكم فى (المستدرك) (٣/ ١٦٢) ، والطبرانى فى (الكبير) (٣/ ٤٦) ، من حديث ابن عباس- رضى اللّه عنهما-.

* وعقيل بن أبى طالب، وولده مسلم بن عقيل.

* وحمزة بن عبد المطلب، وأولاده: يعلى، وعمارة، وأمامة.

* والعباس بن عبد المطلب، وأولاده الذكور العشرة، وهم: الفضل، وعبد اللّه، وقثم، وعبيد اللّه، والحارث، ومعبد، وعبد الرحمن، وكثير، وعون، وتمام، وفيه يقول العباس- رضى اللّه عنه-:

تموا بتمام فصاروا عشرة ... يا رب فاجعلهم كراما بررة

ويقال: إن لكل منهم رؤية، وكان له من الإناث: أم حبيبة، وآمنة، وصفية، وأكثرهم من لبابة أم الفضل.

* ومعتب بن أبى لهب، والعباس بن أبى لهب (١) ، وكان زوج آمنة بنت العباس.

* وعبد اللّه بن الزبير بن عبد المطلب، وأخته ضباعة، وكانت زوج المقداد بن الأسود.

* وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، وابنه جعفر.

* ونوفل بن الحارث بن عبد المطلب، وابناه: المغيرة والحارث، ولعبد اللّه بن الحارث هذا رؤية. وكان يلقب (ببة) بموحدتين، الثانية ثقيلة.

* وأميمة وأروى وعاتكة وصفية بنات عبد المطلب، أسلمت صفية وصحبت، وفى الباقيات خلاف، واللّه أعلم.

وفى البخارى من حديث سعد بن أبى وقاص أن النبى- صلى اللّه عليه وسلم- قال لعلى: (أنت منى بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبى بعدى) (٢) وفى لفظ آخر (أما ترضى أن تكون منى بمنزلة هارون من موسى) أى نازلا منى منزلة هارون من موسى. والباء زائدة.

__________

(١) هو: العباس بن عتبة بن أبى لهب، وقد نسبه المصنف لجده بدلا من أبيه.

(٢) صحيح: أخرجه البخارى (٣٧٠٦) فى فضائل الصحابة، باب: مناقب على بن أبى طالب القرشى الهاشمى- رضى اللّه عنه-، ومسلم (٢٤٠٤) فى فضائل الصحابة، باب: من فضائل على- رضى اللّه عنه-.

وقال الطيبى: معنى الحديث: أنت متصل بى نازل منى منزلة هارون من موسى. وفيه تشبيه مبهم بينه بقوله: (إلا أنه لا نبى بعدى) (١) فعرف أن الاتصال بينهما ليس من جهة النبوة، بل من جهة ما دونها وهو الخلافة، ولما كان هارون المشبه به، إنما كان خليفة فى حياة موسى، دل ذلك على تخصيص خلافة على النبى- صلى اللّه عليه وسلم- بحياته واللّه أعلم. وأما ما استدل به من هذا الحديث على استحقاق على للخلافة دون غيره من الصحابة، فإن هارون كان خليفة موسى،

فأجيب: بأن هارون لم يكن خليفة موسى إلا فى حياته لا بعد موته، لأنه مات قبل موسى باتفاق. أشار إلى ذلك الخطابى.

وأما حديث الترمذى والنسائى (من كنت مولاه فعلى مولاه) (٢) فقال الشافعى: يعنى بذلك ولاء الإسلام، كقوله تعالى: ذلِكَ بِأَنَّ اللّه مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ (٣) وقول عمر: أصبحت مولى كل مؤمن، أى ولى كل مؤمن. وطرق هذا الحديث كثيرة جدّا، استوعبها ابن عقدة فى كتاب مفرد، وكثير من أسانيدها صحاح وحسان.

وروى أنه- صلى اللّه عليه وسلم-

قال: (من آذى عليّا فقد آذانى) (٤) خرجه أحمد.

وأخرج المخلص الذهبى: (من أحب عليّا فقد أحبنى) .

وقد ذكر النقاش: أن

قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا (٥) نزلت فى على: وقال محمد ابن الحنفية: لا تجد مؤمنا إلا وهو يحب عليّا وأهل بيته.

وقال أبو حيان فى (البحر) : ومن الغريب ما أنشدنا الإمام اللغوى رضى الدين أبو عبد اللّه بن يوسف الأنصارى الشاطبى لزبينا بن إسحاق النصرانى الرسعنى:

__________

(١) صحيح: وقد تقدم، وهى رواية مسلم السابقة.

(٢) صحيح: أخرجه الترمذى (٣٧١٣) فى المناقب، باب: مناقب على بن أبى طالب- رضى اللّه عنه-، من حديث أبى سريحة، أو زيد بن أرقم- رضى اللّه عنهما-.

(٣) سورة محمد: ١١.

(٤) أخرجه أحمد فى (المسند) (٣/ ٤٨٣) ، والحاكم فى (المستدرك) (٣/ ١٣٣) .

(٥) سورة مريم: ٩٦.

عدى وتيم لا أحاول ذكرهم ... بسوء ولكنى محب لهاشم

وما يعترينى فى على ورهطه ... إذا ذكروا فى اللّه لومة لائم

يقولون ما بال النصارى تحبهم ... وأهل النهى من أعرب وأعاجم

فقلت لهم أنى لأحسب حبهم ... سرى فى قلوب الخلق حتى البهائم

وقالت عائشة- رضى اللّه عنها-: كانت فاطمة أحب الناس إلى رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم-، وزوجها أحب الرجال إليه (١) . رواه الترمذى. وفى البخارى: (إن فاطمة بضعة منى، فمن أغضبها أغضبنى) (٢) و (البضعة) بفتح الباء الموحدة، وحكى ضمها وكسرها أيضا، وبسكون المعجمة، أى قطعة لحم. واستدل به السهيلى على أن من سبها فإنه يكفر.

وفى الترمذى من حديث أسامة بن زيد- وقال حسن غريب- إنه- صلى اللّه عليه وسلم- قال فى حسن وحسين:

(اللّهم إنى أحبهما فأحبهما، وأحب من يحبهما) (٣) . وخرجه مسلم من حديث أبى هريرة فى الحسن خاصة (٤) ، زاد أبو حاتم فما كان أحد أحب إلى من الحسن بعد ما قال- صلى اللّه عليه وسلم- ما قال.

وفى حديث أبى هريرة أيضا عند الحافظ السلفى

قال: ما رأيت الحسن ابن على قط إلا فاضت عيناى دموعا، وذلك أن رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم- خرج يوما وأنا فى المسجد فأخذ بيدى واتكأ على حتى جئنا سوق قينقاع، فنظر فيه ثم رجع حتى جلس فى المسجد ثم قال: (ادع ابنى) ،

__________

(١) ..: أخرجه الترمذى (٣٨٦٨) فى المناقب، باب: ما جاء فى فضل فاطمة بنت محمد- صلى اللّه عليه وسلم-، والحاكم فى (المستدرك) (٣/ ١٦٨) من حديث بريدة.

(٢) صحيح: وقد تقدم.

(٣) حسن: أخرجه الترمذى (٣٧٦٩) فى المناقب، باب: مناقب الحسن والحسين- رضى اللّه عنهما-، وابن حبان فى (صحيحه) (٦٩٦٧).

(٤) صحيح: والحديث أخرجه البخارى (٥٨٨٤) فى اللباس، باب: السخاب للصبيان، ومسلم (٢٤٢١) فى فضائل الصحابة، باب: فضائل الحسن والحسين- رضى اللّه عنهما-.

قال: فأتى الحسن بن على يشتد حتى وقع فى حجره، فجعل رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم- يفتح فمه، ثم يدخل فمه فى فمه ويقول:

(اللّهم إنى أحبه فأحبه وأحب من يحبه) (١) ، ثلاث مرات.

وفى الترمذى من حديث أنس، أنه- صلى اللّه عليه وسلم- كان يشمهما ويضمهما إليه،

وقال: (من أحبنى وأحب هذين وأباهما وأمهما كان معى فى درجتى يوم القيامة) (٢) ، رواه أحمد، وقال الترمذى: (كان معى فى الجنة) ، و

قال: حديث غريب. وليس المراد بالمعية هنا المعية من حيث المقام، بل من حيث رفع الحجاب، وتقدم نحوه فى

قوله تعالى: فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّه عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ (٣) فى المقصد السادس.

وفى حديث أبى زهير بن الأرقم عن رجل من الأزد أنه- صلى اللّه عليه وسلم- قال فى الحسن (من أحبنى فليحبه، فيبلغ الشاهد الغائب) . وفى البخارى: (هما ريحانتاى من الدنيا) (٤) . وكان-صلى اللّه عليه وسلم- يمص لسان الحسن أو شفته (٥) ، رواه أحمد.

وعن عقبة بن الحارث

قال: رأيت أبا بكر، وحمل الحسن وهو يقول:

بأبى شبيه بالنبى، ليس شبيها بعلى. وعلى يضحك (٦) . __________

(١) صحيح: وهو رواية مسلم (٢٤٢١) (٥٧) السابقة دون ذكر ثلاث مرات.

(٢) أخرجه الترمذى (٣٧٣٣) فى المناقب، باب: مناقب على بن أبى طالب- رضى اللّه عنه-، وأحمد فى (المسند) (١/ ٧٧) من حديث على- رضى اللّه عنه-، وليس أنس كما ذكر المصنف.

(٣) سورة النساء: ٦٩.

(٤) صحيح: أخرجه البخارى (٣٧٥٣) فى فضائل الصحابة، باب: مناقب الحسن والحسين- رضى اللّه عنهما-، من حديث ابن عمر- رضى اللّه عنهما-.

(٥) أخرجه أحمد فى (المسند) (٤/ ٩٣) ، من حديث معاوية- رضى اللّه عنه-.

(٦) صحيح: أخرجه البخارى (٣٥٤٢) فى المناقب، باب: صفة النبى- صلى اللّه عليه وسلم-، وهو فى (صحيح البخارى) ، بلفظ (شبيه) بدل (شبيها) على أن (ليس) حرف عطف، وهو مذهب كوفى.

وعن محمد بن سيرين عن أنس: كان- يعنى الحسين- أشبههم برسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم- (١) . رواهما البخارى.

وعنده عن رواية الزهرى عن أنس (لم يكن أحد أشبه بالنبى- صلى اللّه عليه وسلم- من الحسن بن على) (٢) وهذا قد يعارضه قول على فى صفة النبى- صلى اللّه عليه وسلم-:

(لم أر قبله ولا بعده مثله) ، أخرجه الترمذى فى الشمائل كما تقدم فى المقصد الثالث، و

أجيب: بأن يحمل النفى على عموم الشبه، والإثبات على معظمه.

وقول أنس: (لم يكن أحد أشبه بالنبى- صلى اللّه عليه وسلم- من الحسن بن على) قد يعارض رواية ابن سيرين عنه السابقة (كان الحسين- يعنى بالياء- أشبههم بالنبى- صلى اللّه عليه وسلم-) ويمكن الجمع بأن يكون أنس قال ما وقع فى رواية الزهرى فى حياة الحسن، لأنه كان يومئذ أشد شبها بالنبى- صلى اللّه عليه وسلم- من أخيه الحسين. وأما ما وقع فى رواية ابن سيرين فكان بعد ذلك، أو المراد بمن فضل عليه الحسين فى الشبه، كان من عدا الحسن، ويحتمل أن يكون كل منهما كان أشد شبها به فى بعض أعضائه، فقد روى الترمذى وابن حبان من طريق هانئ بن هانئ عن على

قال: الحسن أشبه رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم- ما بين الرأس إلى الصدر، والحسين أشبه النبى- صلى اللّه عليه وسلم- ما كان أسفل من ذلك (٣) .

وقد عدوا من كان له شبه بالنبى- صلى اللّه عليه وسلم- سوى الحسن والحسين جعفر بن أبى طالب، وقد قال- صلى اللّه عليه وسلم- لجعفر: (أشبهت خلقى وخلقى) (٤) قال الترمذى: حسن صحيح. وابنه عبد اللّه بن جعفر. وقثم بن العباس بن عبد المطلب. وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب. ومسلم بن عقيل بن

__________

(١) صحيح: أخرجه البخارى (٣٧٤٨) فى فضائل الصحابة، باب: مناقب الحسن والحسين- رضى اللّه عنهما-.

(٢) صحيح: أخرجه البخارى (٣٧٥٢) فيما سبق.

(٣) أخرجه الترمذى (٣٧٧٩) فى المناقب، باب: رقم (١٠٩) ، وأحمد فى (المسند) (١/ ٩٩) .

(٤) صحيح: أخرجه الترمذى (٣٧٦٥) فى المناقب، باب: مناقب جعفر بن أبى طالب- رضى اللّه عنه- .

أبى طالب. ومن غير بنى هاشم: السائب بن يزيد المطلبى، الجد الأعلى للإمام الشافعى. وعبد اللّه بن عامر بن كريز- بضم الكاف وفتح الراء- وكابس بن ربيعة رجل من أهل البصرة، وجه إليه معاوية، وقبله بين عينيه وأقطعه قطيعة، وكان أنس إذا رآه بكى. فهؤلاء عشرة، ونظمهم شيخ الإسلام الحافظ أبو الفضل ابن حجر

فقال: شبه النبى لعشر سائب وأبى ... سفيان والحسنين الطاهرين هما

وجعفر وابنه ثم ابن عامرهم ... ومسلم كابس يتلوه مع قثما

وعدهم بعضهم: سبعة وعشرين. وممن كان يشبهه أيضا: فاطمة ابنته، وإبراهيم ولده. وولدا جعفر، عبد اللّه- السابق ذكره- وأخوه عون. وكان يشبهه أيضا من أهل البيت غير هؤلاء: إبراهيم بن الحسين بن الحسن بن على ابن أبى طالب. ويحيى بن القاسم بن محمد بن جعفر بن على بن الحسين ابن على، وكان يقال له: الشبيه. قال الشريف محمد بن أسعد النسابة فى الزورة الأنيسة لمشهد السيدة نفيسة أنه كان ليحيى هذا موضع خاتم النبوة شامة قدر بيضه الحمامة، تشبه خاتم النبوة، وكان إذا دخل الحمام ورآه الناس صلوا على النبى- صلى اللّه عليه وسلم- وازدحموا عليه يقبلون ظهره تبركا، ولذا وصف بالشبيه.

والقاسم بن عبد اللّه بن محمد بن عقيل بن أبى طالب. وعلى بن على بن نجاد بن رفاعة الرفاعى، شيخ بصرى من أتباع التابعين. والمراد بالشبه هنا، الشبه فى البعض، وإلا فتمام حسنه- صلى اللّه عليه وسلم- منزه عن الشريك، كما قال الأبوصيرى- رحمه اللّه- وأجاد:

منزه عن شريك فى محاسنه ... فجوهر الحسن فيه غير منقسم

كما أشرت إليه فى أول المقصد الثالث.

وقد أطلت المقال، وإنما جرنى إلى ذلك ذكر حمل الصديق للحسن على عاتقه، المشعر بالإكرام من أفضل البشر بعد النبيين، لأهل البيت المحمدى، وحملهم على الأعناق، ولا سيما مع قوله- رضى اللّه عنه- لقرابة رسول

اللّه- صلى اللّه عليه وسلم- أحب إلى أن أصل من قرابتى (١) ، فلما تضمن هذا الحديث ذلك الشبه الكريم جرنى الكلام إليه، وهذا وقع لى كثير فى هذا المجموع لكنه لا يخلو عن فرائد الفوائد.

وقد روى أنه- صلى اللّه عليه وسلم-

قال: (العباس بن عبد المطلب منى وأنا منه، لا تؤذوا العباس فتؤذنى، من سب العباس فقد سبنى) (٢) أخرجه البغوى فى معجمه. وقال- صلى اللّه عليه وسلم- للعباس أيضا: (والذى نفسى بيده لا يدخل قلب رجل الإيمان حتى يحبكم للّه ولرسوله) ، ثم

قال: (أيها الناس، من آذى عمى فقد آذانى، فإنما عم الرجل صنو أبيه) (٣) رواه الترمذى و قال: حسن صحيح.

وفى قوله: (لا يدخل قلب رجل الإيمان حتى يحبكم) الإشارة إلى الإيمان الحقيقى المنجى، وهو التصديق القلبى، وبين المحبة والإيمان ارتباط من جهة أن المحبة ميل القلب إلى المحبوب، والإيمان التصديق القلبى، فيجتمعان فى القلب، وجعلهما متلازمين، فيلزم من نفى أحدهما نفى الآخر، ثم علل هذه المحبة بكونها للّه ولرسوله، فلا عبرة بمحبة تكون لغير ذلك، ثم جعل أذاه كأذى نفسه، لأنه عضوه وعصبه، ثم عظم مقامه بتنزيله منزلة الأب، فكما أنه يجب على الولد تعظيم والده والقيام بحقوقه فكذلك عمه،

فقال: (وإنما عم الرجل صنو أبيه) وهو بكسر الصاد المهملة وسكون النون، أى:

مثل أبيه، قال ابن الأثير: وأصله أن تطلع نخلتان من عرق واحد، يريد أن أصل العباس وأصل أبى واحد، انتهى.

وجللّه- صلى اللّه عليه وسلم- وبنيه بكساء ثم

قال: (اللّهم اغفر للعباس وولده مغفرة ظاهرة وباطنة لا تغادر ذنبا،

اللّهم احفظه فى ولده) (٤) رواه الترمذى و قال:

__________

(١) صحيح: وقد تقدم قريبا.

(٢) أخرجه ابن عساكر عن ابن عباس، كما فى (كنز العمال) (٣٣٤٠٧) .

(٣) أخرجه الترمذى (٣٧٥٨) فى المناقب، باب: مناقب العباس بن عبد المطلب- رضى اللّه عنه-، وأحمد فى (المسند) (١/ ٢٠٧) و (٤/ ١٦٥).

(٤) حسن: أخرجه الترمذى (٣٧٦٢) فيما سبق.

حسن غريب. وبين ابن السرى فى روايته: أن بنيه الذين جللوا بالكساء كانوا ستة: الفضل وعبد اللّه وعبيد اللّه وقثم ومعبد وعبد الرحمن.

قال: وغطاهم بشملة له سوداء مخططة بحمرة و

قال: (اللّهم إن هؤلاء أهل بيتى وعترتى فاسترهم من النار كسترهم بهذه الشملة)

قال: فلم يبق فى البيت مدرة ولا باب إلا أمن.

وروى أنه- صلى اللّه عليه وسلم- قال لعقيل بن أبى طالب: (إنى أحبك حبين، حبّا لقرابتك منى، وحبّا لما كنت أعلم من حب عمى لك) )

قال الطبرى: أخرجه أبو عمر، والبغوى. وروى الدارقطنى أنه- صلى اللّه عليه وسلم- قال يوم حنين: (أبو سفيان ابن الحارث خير أهلى، أو من خير أهلى) (٢) .

وأخرج الحاكم وصححه عن أبى سعيد: أن رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم-

قال: (لا يبغضنا أهل البيت أحد إلا أدخله اللّه النار) (٣) .

اعلم أنه قد اشتهر استعمال أربعة ألفاظ يوصفون بها:

الأولى: آله- عليه الصلاة والسلام-.

والثانية: أهل بيته.

والثالثة: ذوو القربى.

والرابعة: عترته.

فأما الأولى: فذهب قوم إلى أنهم هم أهل بيته، وقال آخرون: هم الذين حرمت عليهم الصدقة وعوضوا عنها خمس الخمس، وقال قوم: من دان بدينه وتبعه فيه.

وأما اللفظة الثانية، وهى أهل بيته، فقيل من ناسبه إلى جده الأدنى، وقيل من اجتمع معه فى رحم، وقيل من اتصل به بنسب أو سبب.

__________

(١) أخرجه الحاكم (٣/ ٦٦٧) عن أبى إسحاق مرسلا، وعن حذيفة موصولا.

(٢) أخرجه الطبرانى فى (الكبير) (٢٢/ ٣٢٧) ، ولم أجده عند الدارقطنى.

(٣) أخرجه الحاكم فى (المستدرك) (٣/ ١٦٢) و (٤/ ٣٩٢) .

وأما اللفظة الثالثة: وهى ذوو القربى، فروى الواحدى فى تفسيره بسنده عن ابن عباس

قال: لما نزل

قوله تعالى: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى (١) قالوا: يا رسول اللّه، من هؤلاء الذين أمرنا اللّه تعالى بمودتهم؟

قال: (على وفاطمة وابناهما) .

وأما اللفظة الرابعة: وهى عترته، فقيل العشيرة، وقيل الذرية، فأما العشيرة فهى الأهل الأولون،

وأما الذرية: فنسل الرجل، وأولاد بنت الرجل ذريته، ويدل عليه

قوله تعالى: وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ إلى قوله: وَعِيسى (٢) ، ولم يتصل عيسى بإبراهيم إلا من جهة أمه مريم.

فهذه الذرية الطاهرة، قد خصوا بمزايا التشريف، وعموا بواسطة السيدة فاطمة بفضل منيف، وألبسوا رداء الشرف، ومنحوا بمزيد الإكرام والتحف.

وقد وقع الاصطلاح على اختصاصهم من بين ذوى الشرف كالعباسيين والجعافرة بالشطفة الخضراء، لمزيد شرفهم.

والسبب فى ذلك- كما قيل- أن المأمون أراد أن يجعل الخلافة فى بنى فاطمة فاتخذ لهم شعارا وألبسهم ثيابا خضرا- لكون السواد شعار العباسيين، والبياض شعار سائر المسلمين فى جمعهم ونحوها، والأحمر مختلف فى كراهته، والأصفر شعار اليهود باخرة. ثم انثنى عزمه عن ذلك، ورد الخلافة لبنى العباس، فبقى ذلك شعار الأشراف العلويين من الزهراء، لكنهم اختصروا الثياب إلى قطعة من ثوب أخضر توضع على عمائمهم شعارا لهم ثم انقطع ذلك إلى أواخر القرن الثامن.

قال فى حوادث سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة من (أنباء الغمر بأبناء العمر) : وفيها أمر السلطان الأشرف أن يمتازوا عن الناس بعصائب خضر على العمائم، ففعل ذلك بمصر والشام وغيرهما، وفى ذلك يقول الأديب أبو عبد اللّه بن جابر الأندلسى:

__________

(١) سورة الشورى: ٢٣.

(٢) سورة الأنعام: ٨٤، ٨٥.

جعلوا لأبناء الرسول علامة ... إن العلامة شأن من لم يشهر

نور النبوة فى كريم وجوههم ... يغنى الشريف عن الطراز الأخضر

وللأديب شمس الدين الدمشقى- رحمه اللّه-:

أطراف تيجان أتت من سندس ... خضر بأعلام على الأشراف

والأشرف السلطان خصهم بها ... شرفا ليفرقهم من الأطراف

والأشرف السلطان هو شعبان بن حسن بن الناصر محمد بن قلاوون.

فى محبة الصحابة:

وأما الصحابة- رضوان اللّه عليهم-، فقال اللّه سبحانه وتعالى:

مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللّه وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ (١) إلى آخر السورة. لما أخبر سبحانه وتعالى أن سيدنا محمدا- صلى اللّه عليه وسلم- رسوله حقّا من غير شك ولا ريب،

قال: محمد رسول اللّه. وهذا مبتدأ وخبر. وقال البيضاوى وغيره: جملة مبينة للمشهود به، يعنى

قوله تعالى: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ إلى قوله: وَكَفى بِاللّه شَهِيداً (٢) ،

قال: ويجوز أن يكون (رسول اللّه) صفة، و (محمد) خبر مبتدأ محذوف انتهى.

وهذه الآية مشتملة على كل وصف جميل.

ثم ثنّى بالثناء على أصحابه ف

قال: وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ (٣) ، كما

قال تعالى: فَسَوْفَ يَأْتِي اللّه بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ (٤) فوصفهم بالشدة والغلظة على الكفار، والرحمة والبر بالأخيار. ثم أثنى عليهم بكثرة الأعمال مع الإخلاص التام، تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللّه وَرِضْواناً (٥) ، فمن نظر إليهم أعجبه سمتهم وهداهم، لخلوص نياتهم، وحسن أعمالهم.

__________

(١) سورة الفتح: ٢٩.

(٢) سورة الفتح: ٢٨.

(٣) سورة الفتح: ٢٩.

(٤) سورة المائدة: ٥٤.

(٥) سورة الفتح: ٢٩.

قال مالك: بلغنى أن النصارى كانوا إذا رأوا الصحابة الذين فتحوا الشام يقولون: (واللّه لهؤلاء خير من الحواريين فيما بلغنا) وصدقوا، فإن هذا الأمة المحمدية، خصوصا الصحابة، لم يزل ذكرهم معظما فى الكتب، كما قال سبحانه وتعالى: ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ (١) أى أفراخه فَآزَرَهُ (٢) أى شده وقواه فَاسْتَغْلَظَ (٣) شب فطال فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ (٤) قوته وغلظه وحسن منظره. فكذلك أصحاب محمد- صلى اللّه عليه وسلم- آزروه وأيدوه ونصروه فهم معه كالشطأ مع الزرع لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ (٥) .

ومن هذه الآية انتزع الإمام مالك- رحمه اللّه- فى رواية عنه- تكفير الروافض الذين يبغضون الصحابة،

قال: لأنهم يغيظونهم، ومن غاظه الصحابة فهو كافر، وقد وافقه على ذلك جماعة من العلماء. والأحاديث فى فضائل الصحابة كثيرة، ويكفى ثناء اللّه عليهم ورضاه عنهم، وقد وعدهم اللّه مغفرة، وأجرا عظيما، ووعد اللّه حق وصدق لا يخلف، لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم. و (من) فى قوله (منهم) لبيان الجنس وَعَدَ اللّه الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً (٦).

واختلف فى تعريف الصحابى:

 

فقيل: من صحب النبى- صلى اللّه عليه وسلم- أو رآه من المسلمين. وإليه ذهب البخارى، وسبقه إليه شيخه ابن المدينى، وعبارته- كما قال شيخنا- من صحب النبى- صلى اللّه عليه وسلم-أو رآه ولو ساعة من نهار فهو من أصحابه. انتهى.

وهذا هو الراجح. والتقييد ب (الإسلام) يخرج من صحبه أو رآه من الكفار، ولو اتفق إسلامه بعد موته.

__________

(١) سورة الفتح: ٢٩.

(٢) سورة الفتح: ٢٩.

(٣) سورة الفتح: ٢٩.

(٤) سورة الفتح: ٢٩.

(٥) سورة الفتح: ٢٩.

(٦) سورة الفتح: ٢٩.

لكن يرد على التعريف: من صحبه أو رآه مؤمنا به ثم ارتد بعد ذلك، ولم يعد إلى الإسلام، كعبيد اللّه بن جحش، فإنه ليس بصحابى اتفاقا، وكذلك ابن خطل، وربيعة بن أمية بن خلف الجمحى وهو ممن أسلم فى الفتح وشهد حجة الوداع وحدث عن النبى- صلى اللّه عليه وسلم- بعد موته، ثم لحقه الخذلان- والعياذ باللّه- فى خلافة عمر فلحق بالروم وتنصر بسبب شىء أغضبه وقد أخرج لهالإمام أحمد فى مسنده (١) ، وإخراجه له مشكل ولعله لم يقف على قصة ارتداده، فينبغى أن يزاد فى التعريف: ومات على ذلك.

فلو ارتد ثم عاد إلى الإسلام، لكنه لم يرد النبى- صلى اللّه عليه وسلم- ثانيا بعد عوده، فالصحيح أنه معدود فى الصحابة، لإطباق المحدثين على عد الأشعث ابن قيس ونحوه ممن وقع له ذلك، وإخراجهم أحاديثهم فى المسانيد.

لكن قال الحافظ زين الدين العراقى: إن فى ذلك نظرا كبيرا، فإن الردة محبطة للعمل عند أبى حنيفة، ونص عليه الشافعى فى الأم، وإن كان الرافعى قد حكى عنه أنها إنما تحيط بشرط اتصالها بالموت، وحينئذ فالظاهر أنها محبطة للصحبة المتقدمة، أما من رجع إلى الإسلام فى حياته- صلى اللّه عليه وسلم- كعبد اللّه بن أبى سرح فلا مانع من دخوله فى الصحبة بدخوله الثانى فى الإسلام.

وهل يشترط فى الرائى أن يكون بحيث يميز ما رآه، أو يكتفى بمجرد حصول الرؤية؟ قال الحافظ ابن حجر: محل نظر، وعمل من صنف فى الصحابة يدل على الثانى، فإنهم ذكروا مثل محمد بن أبى بكر الصديق، وإنما ولد قبل وفاة النبى- صلى اللّه عليه وسلم- بثلاثة أشهر وأيام، كما ثبت أن أمه أسماء بنت عميس ولدته فى حجة الوداع قبل أن تدخل مكة، وذلك فى أواخر ذى القعدة سنة عشرة من الهجرة.

ومنهم من بالغ فكان لا يعد فى الصحابة إلا من صحب الصحبة العرفية. وروى عن سعيد بن المسيب أنه كان لا يعد فى الصحابة إلا من أقام

__________

(١) قلت: لم أقف له على رواية فى المسند.

مع النبى- صلى اللّه عليه وسلم- سنة فصاعدا، أو غزا معه غزوة فصاعدا. والعمل على خلاف هذا القول. ومنهم من اشترط فى ذلك أن يكون حين اجتماعه به بالغا، وهو مردود أيضا، لأنه يخرج مثل الحسن بن على ونحوه من أحداث الصحابة.

وأما التقييد بالرؤية فالمراد به عند عدم المانع منها، فإن كان كابن أم مكتوم الأعمى فهو صحابى جزما، فالأحسن أن يعبر ب (اللقاء) بدل الرؤية ليدخل فيه ابن أم مكتوم ونحوه.

قال الحافظ زين الدين العراقى: قولهم فمن رأى النبى- صلى اللّه عليه وسلم- هل المراد رآه فى حال نبوته، أو أعم من ذلك، حتى يدخل من رآه قبل النبوة ومات قبل النبوة على دين الحنيفية كزيد بن عمرو بن نفيل، فقد قال النبى- صلى اللّه عليه وسلم-:

(أنه يبعث أمة وحده) (١) ، وقد ذكره فى الصحابة أبو عبد اللّه بن منده، وكذلك لو رآه قبل النبوة ثم غاب عنه وعاش إلى بعد زمن البعثة، وأسلم ثم مات ولم يره، ولم أر من تعرض لذلك، ويدل على أن المراد: رآه بعد نبوته، أنهم ترجموا فى الصحابة لمن ولد للنبى- صلى اللّه عليه وسلم- كإبراهيم وعبد اللّه، ولم يترجموا لمن ولد قبل النبوة ومات قبلها كالقاسم، انتهى.

وهل يختص جميع ذلك ببنى آدم، أم يعم غيرهم من العقلاء؟ محل نظر. أما الجن، فالراجح دخولهم لأن النبى- صلى اللّه عليه وسلم- بعث إليهم قطعا، وهم مكلفون، فيهم العصاة والطائعون، فمن عرف اسمه منهم لا ينبغى التردد فى ذكره فى الصحابة، وإن كان ابن الأثير عاب على أبى موسى فلم يستند فى ذلك إلى حجة، وأما الملائكة فيتوقف عدهم فى ذلك على ثبوت البعثة إليهم، فإن فيه خلافا بين الأصوليين، حتى نقل بعضهم الإجماع على ثبوته، وعكس بعضهم.

وهذا كله فيمن رآه فى قيد الحياة الدنيوية، أما من رآه بعد موته وقبل

__________

(١) ذكره الهيثمى فى (المجمع) (٧/ ٢) عن جابر وقال: رواه أبو يعلى وفيه مجالد، وهذا مما مدح من حديث مجالد، وبقية رجاله رجال الصحيح.

دفنه (١) فالراجح أنه ليس صحابيّا، وإلا لعد من اتفق أنه رأى جسده المكرم وهو فى قبره المعظم، ولو فى هذه الأعصار، وكذلك من كشف له من الأولياء عنه- صلى اللّه عليه وسلم- فرآه كذلك على طريق الكرامة كما قدمت مباحث فى خصوصياته- صلى اللّه عليه وسلم- من المقصد الرابع، إذ حجة من أثبت الصحبة لمن رآه قبل دفنه أنه مستمر الحياة، وهذا الحياة ليست دنيوية، وإنما هى أخروية لا تتعلق بها أحكام الدنيا، وأما من رآه فى المنام، وإن كان قد رآه حقّا. فذلك فيما يرجع إلى الأمور المعنوية، لا الأحكام الدنيوية، فلذلك لا يعد صحابيّا، ولا يجب عليه أن يعمل بما أمره به فى تلك الحالة.

وقد أجمع جمهور العلماء من السلف والخلف على أنهم خير خلق اللّه، وأفضلهم بعد النبيين وخواص الملائكة المقربين، لما روى البخارى من حديث عبد اللّه أن النبى- صلى اللّه عليه وسلم-

قال: (خير الناس قرنى ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم) (٢) وله من حديث عمران بن حصين (خير أمتى قرنى ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم) قال عمران: فلا أدرى أذكر بعد قرنه مرتين أو ثلاثا(٣) .

قال فى فتح البارى: والقرن أهل زمان واحد متقارب، اشتركوا فى أمر من الأمور المقصودة، ويطلق على مدة من الزمان، واختلفوا فى تحديدها، من عشرة أعوام إلى مائة وعشرين، لكن لم أر من صرح بالتسعين ولا بمائة وعشرة، وما عدا ذلك فقد قال به قائل، وقال صاحب المحكم: هو القدر المتوسط من أعمار أهل كل زمن، وهذا أعدل الأقوال. والمراد بقرن النبى- صلى اللّه عليه وسلم- فى هذا الحديث الصحابة، وتقدم فى أول المقصد الأول حديث (بعثت من خير قرون بنى آدم) (٤) وفى رواية بريدة عند أحمد (خير هذه الأمة القرن الذى بعثت فيهم) (٥) .

__________

(١) كما وقع لأبى ذؤيب الهذلى مثلا.

(٢) صحيح: وقد تقدم.

(٣) صحيح: وقد تقدم.

(٤) صحيح: أخرجه البخارى (٣٥٥٧) فى المناقب، باب: صفة النبى- صلى اللّه عليه وسلم-، من حديث أبى هريرة- رضى اللّه عنه-.

(٥) أخرجه أحمد فى (المسند) (٥/ ٣٥٧) .

وقد ضبط الأئمة من الحفاظ آخر من مات من الصحابة على الإطلاق بلا خلاف أبو الطفيل عامر بن واثلة الليثى، كما جزم به مسلم، وكان موته سنة مائة على الصحيح، وقيل سنة سبع ومائة، وقيل سنة عشر ومائة، وهو الذى صححه الذهبى، وهو مطابق لقوله- صلى اللّه عليه وسلم- قبل وفاته بشهر-: (على رأسه مائة سنة لا يبقى على وجه الأرض ممن هو عليها اليوم أحد) . وفىرواية مسلم (أرأيتكم ليلتكم هذه، فإنه ليس من نفس منفوسة تأتى عليها مائة سنة) (١) .

وأما ما ذكر أن عكراش بن ذؤيب عاش بعد يوم الجمل مائة سنة فذلك غير صحيح، وإن صح فمعناه أنه استكمل المائة بعد الجمل، لا أنه بقى بعدها مائة سنة، كما نص عليه الأئمة. وأما ما ذكر أيضا من أمر (بابارتن) (٢) ونحوه فإن ذلك لا يروج على من له أدنى مسكة من العقل، كما قاله الأئمة.

وأما آخر الصحابة موتا بالإضافة إلى النواحى فقد أفردهم ابن منده.

وأما قوله: (ثم الذين يلونهم) فهم أهل القرن الذين بعدهم، وهم التابعون، ثم الذين يلونهم وهم أتباع التابعين. واقتضى هذا الحديث أن تكون الصحابة أفضل من التابعين، والتابعون أفضل من أتباع التابعين. لكن هل هذه الفضيلة بالنسبة إلى المجموع أو الأفراد؟

والذى ذهب إليه ابن عبد البر هو الأول، كما قدمت ذلك فى خصائص هذه الأمة من المقصد الرابع، واحتج لذلك- سوى ما تقدم- بحديث (مثل أمتى مثل المطر، لا يدرى آخره خير أم أوله)(٣) قال الحافظ ابن حجر: وهو حديث حسن، له طرق وقد يرتقى بها إلى درجة الصحة.

__________

(١) صحيح: أخرجه مسلم (٢٥٣٧) فى فضائل الصحابة، باب: قوله- صلى اللّه عليه وسلم-: (لا تأتى مائة سنة وعلى الأرض نفس منفوسة اليوم) من حديث ابن عمر- رضى اللّه عنهما-.

(٢) قاله الذهبى فى تجريده: رتن الهندى شيخ ظهر بعد الستمائة بالمشرق وادعى الصحبة، فسمع منه الجهلة، أو لا وجود له، بل اختلق اسمه بعض الكذابين، وإنما ذكرته تعجبا.

(٣) صحيح: أخرجه أحمد والترمذى عن أنس وأحمد عن عمار، وأبو يعلى عن على، والطبرانى عن ابن عمر وابن عمرو، كما فى (صحيح الجامع) (٥٨٥٤) .

وقد روى ابن أبى شيبة من حديث عبد الرحمن بن جبير بن نفير- أحد التابعين- بإسناد حسن

قال: قال رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم-: (ليدركن المسيح أقواما إنهم لمثلكم أو خير، ثلاثا، ولن يخزى اللّه أمة أنا أولها والمسيح آخرها) (١) .

وروى أبو داود والترمذى من حديث أبى ثعلبة- رفعه-: (تأتى أيام للعامل فيها أجر خمسين) ، قيل: منهم أو منا يا رسول اللّه؟

قال: (بل منكم) (٢) وهو شاهد لحديث (مثل أمتى مثل المطر لا يدرى أوله خير أم آخره) لكن حديث (للعامل منهم أجر خمسين منكم) لا يدل على أفضلية غير الصحابة، لأن مجرد زيادة الأجر لا يستلزم ثبوت الأفضلية المطلقة، وأيضا:

الأجر إنما يقع تفاضله بالنسبة إلى ما يماثله فى ذلك العمل.

فأما ما فاز به من شاهد النبى- صلى اللّه عليه وسلم- من فضيلة المشاهدة، فلا يعدله فيها أحد، ولا ريب أن من قاتل معه أو فى زمانه بأمره، أو أنفق شيئا من ماله بسببه، لا يعدله أحد فى الفضل بعده كائنا من كان،

قال اللّه تعالى:

لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقاتَلَ أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقاتَلُوا (٣) ، وكذلك من ضبط الشرع المتلقى عنه وبلغه لمن بعده.

فمحصل النزاع يتمحض فيمن لم يحصل له إلا مجرد المشاهدة، وقد ظهر أنه فاز بما لم يفز به من لم يحصل له ذلك. وبهذا يمكن تأويل الأحاديث المتقدمة.

ثم إن الصحابة على ثلاثة أصناف:

الأول: المهاجرون،

الثانى: الأنصار

__________

(١) مرسل: أخرجه ابن أبى شيبة فى مصنفه (٤/ ٢٠٦) و (٧/ ٤١٤) .

(٢) أخرجه أبو داود (٤٣٤١) فى الملاحم، باب: الأمر والنهى، والترمذى (٣٠٥٨) فى التفسير، باب: ومن سورة المائدة، وابن ماجه (٤٠٤١) فى الفتن، باب:

قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ من حديث أبى ثعلبة الخشنى- رضى اللّه عنه-.

(٣) سورة الحديد: ١٠.

وهم الأوس والخزرج وحلفاؤهم ومواليهم،

الثالث: من أسلم يوم الفتح.

قال ابن الأثير فى (الجامع) : والمهاجرون أفضل من الأنصار، وهذا على سبيل الإجمال، وأما على سبيل التفصيل، فإن جماعة من سباق الأنصار أفضل من جماعة من متأخرى المهاجرين وإنما سباق المهاجرين أفضل من سباق الأنصار، ثم هم بعد ذلك متفاوتون، فرب متأخر فى الإسلام أفضل من متقدم عليه، مثل عمر بن الخطاب وبلال بن رباح.