٧-٦ [طبقات الصحابة]وقد ذكر العلماء للصحابة ترتيبا على طبقات، وممن قسمهم كذلك الحاكم فى (علوم الحديث) . الطبقة الأولى: قوم أسلموا بمكة أول البعث، وهم سباق المسلمين، مثل: خديجة بنت خويلد، وعلى بن أبى طالب، وأبى بكر الصديق، وزيد ابن حارثة، وبقية العشرة، وقد تقدم الخلاف فى أول من أسلم فى المقصد الأول. الطبقة الثانية: أصحاب دار الندوة، بعد إسلام عمر بن الخطاب حمل النبى- صلى اللّه عليه وسلم- ومن معه من المسلمين إلى دار الندوة، فأسلم لذلك جماعة من أهل مكة. الطبقة الثالثة: الذين هاجروا إلى الحبشة فرارا بدينهم من أذى المشركين أهل مكة، منهم: جعفر بن أبى طالب، وأبو سلمة بن عبد الأسد. الطبقة الرابعة: أصحاب العقبة الأولى، وهم سباق الأنصار إلى الإسلام، وكانوا ستة، وأصحاب العقبة الثانية من العام المقبل، وكانوا اثنى عشر، وقد قدمت أسماء أهل العقبتين فى المقصد الأول. الطبقة الخامسة: أصحاب العقبة الثالثة، وكانوا سبعين من الأنصار، منهم: البراء بن معرور، وعبد اللّه بن حرام، وسعد بن عبادة، وسعد بن الربيع، وعبد اللّه بن رواحة. الطبقة السادسة: المهاجرون الذين وصلوا إلى النبى- صلى اللّه عليه وسلم- بعد هجرته وهو بقباء قبل أن يا بنى المسجد وينتقل إلى المدينة. الطبقة السابعة: أهل بدر الكبرى. قال- صلى اللّه عليه وسلم- لعمر فى قصة حاطب ابن أبى بلتعة: (وما يدريك، لعل اللّه اطلع على هذه العصابة من أهل بدر) فقال: (اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم) (١) رواه مسلم. الطبقة الثامنة: الذين هاجروا بين بدر والحديبية. الطبقة التاسعة: أهل بيعة الرضوان الذين بايعوا بالحديبية تحت الشجرة، قال- صلى اللّه عليه وسلم-: (لا يدخل النار إن شاء اللّه تعالى من أصحاب الشجرة أحد) (٢) رواه مسلم. الطبقة العاشرة: الذين هاجروا بعد الحديبية وقبل الفتح، كخالد بن الوليد، وعمرو بن العاص، ومثل بعضهم بأبى هريرة لكن قال الحافظ العراقى، لا يصح التمثيل به، فإنه هاجر قبل الحديبية، عقيب خيبر بل فى أواخرها. الطبقة الحادية عشر: الذين أسلموا يوم الفتح، وهم خلق كثير، فمنهم من أسلم طائعا، ومنهم من أسلم كارها ثم حسن إسلام بعضهم، واللّه أعلم بهم. ٧-٧ الطبقة الثانية عشر: صبيان أدركوا النبى- صلى اللّه عليه وسلم- ورأوه عام الفتح وبعده فى حجة الوداع وغيرهما، كالسائب بن يزيد. ثم انقطعت الهجرة بعد الفتح على الصحيح من الأقوال. وأما عدة أصحابه- صلى اللّه عليه وسلم-، فمن رام حصر ذلك رام أمرا بعيدا، ولا __________ (١) صحيح: والحديث أخرجه البخارى (٣٠٠٧) فى الجهاد والسير، باب: الجاسوس، ومسلم (٢٤٩٤) فى فضائل الصحابة، باب: من فضائل أهل بدر- رضى اللّه عنهم-، من حديث على- رضى اللّه عنه-. (٢) صحيح: أخرجه مسلم (٢٤٩٦) فى فضائل الصحابة، باب: من فضائل أصحاب الشجرة أهل بيعة الرضوان- رضى اللّه عنهم-، من حديث أم مبشر- رضى اللّه عنها-. يعلم حقيقة ذلك إلا اللّه تعالى، لكثرة من أسلم من أول البعثة إلى أن مات النبى- صلى اللّه عليه وسلم-، وتفرقهم فى البلدان والبوادى. وقد روى البخارى أن كعب بن مالك قال فى قصة تخلفه عن غزوة تبوك: وأصحاب رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم- كثير لا يجمعهم كتاب حافظ (١) ، يعنى الديوان، لكن قد جاء ضبطهم فى بعض مشاهده كتبوك. وقد روى أنه سار عام الفتح فى عشرة آلاف من المقاتلة، وإلى حنين فى اثنى عشر ألفا، وإلى حجة الوداع فى تسعين ألفا، وإلى تبوك فى سبعين ألفا، وقد روى أنه قبض عن مائة ألف وأربعة وعشرين ألفا، واللّه أعلم بحقيقة ذلك. ثم إن أفضلهم على الإطلاق عند أهل السنة إجماعا أبو بكر ثم عمر- رضى اللّه عنهما-. عن ابن عمر قال: كنا نخير بين الناس فى زمان رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم- فنخير أبا بكر ثم عمر ثم عثمان بن عفان) . رواه البخارى. وفى رواية عبيد اللّه بن عمر عن نافع: كنا فى زمان النبى- صلى اللّه عليه وسلم- لا نعدل بأبى بكر أحدا ثم عمر ثم عثمان، ثم نترك أصحاب النبى- صلى اللّه عليه وسلم- فلا نفاضل بينهم (٣) . رواه البخارى أيضا. وقوله: (لا نعدل بأبى بكر أحدا) أى لا نجعل له مثيلا. ولأبى داود من طريق سالم عن ابن عمر: كنا نقول- ورسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم- حى-: أفضل أمة النبى- صلى اللّه عليه وسلم- بعده أبو بكر ثم عمر ثم عثمان (٤) . زاد الطبرانى فى رواية: فيسمع رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم- ذلك فلا ينكره. وروى خيثمة بن سليمان فى (فضائل الصحابة) من طريق سهيل بن أبى صالح عن أبيه عن ابن عمر: كنا نقول: إذا ذهب أبو بكر وعمر وعثمان __________ (١) صحيح: وقصة كعب أخرجها البخارى (٤٤١٨) فى المغازى، باب: حديث كعب بن مالك، ومسلم (٢٧٦٩) فى التوبة، باب: حديث توبة كعب بن مالك وصاحبيه. (٢) صحيح: أخرجه البخارى (٣٦٥٥) فى فضائل الصحابة، باب: فضل أبى بكر بعد النبى- صلى اللّه عليه وسلم-. (٣) صحيح: أخرجه البخارى (٣٦٩٧) فى المناقب، باب: مناقب عثمان بن عفان- رضى اللّه عنه-. (٤) صحيح: أخرجه أبو داود (٤٦٢٧ و ٤٦٢٨) فى السنة، باب: فى التفضيل. استوى الناس، فيسمع النبى- صلى اللّه عليه وسلم- ذلك فلا ينكره. وفى ذلك تقديم عثمان بعد أبى بكر وعمر. وأهل السنة على أن عليّا بعد عثمان. وذهب بعض السلف إلى تقديم على على عثمان. وممن قال به سفيان الثورى. وقيل: لا يفضل أحدهما على الآخر، ونقل ذلك عن مالك فى المدونة، وتبعه جماعة منهم يحيى بن القطان. وقال ابن معين: من قال أبو بكر وعمر وعثمان وعلى، وعرف على سابقته وفضله فهو صاحب سنة، ولا شك أن من اقتصر على عثمان ولم يعرف لعلى فضله فهو مذموم. وقد ادعى ابن عبد البر أن حديث الاقتصار على الثلاثة: أبى بكر وعمر وعثمان خلاف قول أهل السنة أن عليّا أفضل الناس بعد الثلاثة. وتعقب: بأنه لا يلزم من سكوتهم إذ ذاك عن تفضيله عدم تفضيله، فالمقطوع به عند أهل السنة: القول بأفضلية أبى بكر ثم عمر ثم اختلفوا فيمن بعدهما، فالجمهور على تقديم عثمان، وعن مالك الوقف، والمسألة اجتهادية، ومستندها أن هؤلاء الأربعة اختارهم اللّه لخلافة نبيه، وإقامة دينه، فمنزلتهم عنده بحسب ترتيبهم فى الخلافة. وقال الإمام أبو منصور البغدادى: أصحابنا مجمعون على أن أفضلهم الخلفاء الأربعة، ثم الستة تمام العشرة، يعنى: طلحة والزبير وسعدا وسعيدا وعبد الرحمن بن عوف وأبى عبيدة عامر بن الجراح. وقد روى الترمذى عن سعيد بن زيد أنه قال: قال رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم-: (عشرة فى الجنة، أبو بكر فى الجنة، وعمر فى الجنة، وعثمان فى الجنة، وعلى والزبير وطلحة وعبد الرحمن بن عوف وأبو عبيدة بن الجراح وسعد بن أبى وقاص) فعد هؤلاء التسعة وسكت عن العاشر، فقال له القوم ننشدك اللّه، من العاشر؟ ف قال: نشدتمونى باللّه، سعيد بن زيد فى الجنة، يعنى نفسه (١) . __________ (١) صحيح: أخرجه أبو داود (٤٦٤٩) فى السنة، باب: فى الخلفاء، والترمذى (٣٧٤٨) فى المناقب، باب: مناقب عبد الرحمن بن عوف الزهرى- رضى اللّه عنه-. وعن أبى موسى الأشعرى- رضى اللّه عنه-، أنه خرج إلى المسجد، فسأل عن النبى- صلى اللّه عليه وسلم- فقالوا: وجه هاهنا، فخرجت فى أثره حتى دخل بئر أريس (١) ، فجلست عند الباب، وبابها من جريد، حتى قضى رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم- حاجته، فتوضأ فقمت إليه، فإذا هو جالس على بئر أريس وتوسط قفها، فجلست عند الباب فقلت: لأكونن بوابا للنبى- صلى اللّه عليه وسلم- اليوم، فجاء أبو بكر، فدفع الباب فقلت من هذا؟ ف قال: أبو بكر، فقلت على رسلك ثم ذهبت إلى رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم- فقلت: هذا أبو بكر يستأذن، فقال: (ائذن له وبشره بالجنة) ، فأقبلت حتى قلت لأبى بكر: ادخل، ورسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم- يبشرك بالجنة، فدخل أبو بكر فجلس عن يمين رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم- معه فى القف ودلى رجليه فى البئر كما صنع رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم- وكشف عن ساقيه، ثم رجعت فجلست، وقد تركت أخى يتوضأ ويلحقنى، فقلت: إن يرد اللّه بفلان خيرا- يريد أخاه- يأت به، فإذا بإنسان يحرك الباب، فقلت: من هذا؟ قال: عمر بن الخطاب، فقلت على رسلك، ثم جئت إلى النبى- صلى اللّه عليه وسلم- فقلت: هذا عمر بن الخطاب يستأذن، ف قال: (ائذن له وبشره بالجنة) ، فقلت: ادخل وبشرك رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم- بالجنة، فجلس مع رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم- فى القف عن يساره ودلى رجليه فى البئر، فرجعت وقلت: إن يرد اللّه بفلان خيرا يأت به، فجاء إنسان فحرك الباب، فقلت من هذا؟ فقال: عثمان بن عفان، فقلت على رسلك، وجئت إلى النبى- صلى اللّه عليه وسلم- فأخبرته فقال: (ائذن له وبشره بالجنة على بلوى تصيبه) ، فجئت فقلت: ادخل ورسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم- يبشرك بالجنة على بلوى تصيبك، فدخل فوجد القف قد ملئ، فجلس وجاهه من الصف الآخر (٢) . قال شريك: قال سعيد بن المسيب: فأولتها قبورهم. رواه أحمد ومسلم وأبو حاتم وأخرجه البخارى. __________ (١) بئر معروفة بالمدينة. (٢) صحيح: أخرجه البخارى (٣٦٧٤) فى المناقب، باب: قول النبى- صلى اللّه عليه وسلم-: (لو كنت متخذا خليلا) ، ومسلم (٢٤٠٣) فى فضائل الصحابة، باب: من فضائل عثمان بن عفان- رضى اللّه عنه-. وأخرج أبو داود نحوه عن أبى سلمة عن نافع بن عبد الحارث الخزاعى قال: دخل رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم- حائطا من حوائط المدينة، فقال لبلال: (أمسك على الباب) ، فجاء أبو بكر فاستأذن. فذكر نحوه (١) . قال الطبرانى: وفى حديث أن نافع بن الحارث هو الذى كان يستأذن. وهذا يدل على تكرر القصة، لكن صوب الحافظ شيخ الإسلام ابن حجر عدم التعدد، وأنها، عن أبى موسى، ووهّم القول بغيره. وأنشد لنفسه: لقد بشر الهادى من الصحب زمرة ... بجنات عدن كلهم فضله اشتهر سعيد زبير سعد طلحة عامر ... أبو بكر عثمان ابن عوف على عمر ولأبى الوليد بن [الشحنة] : أسماء عشر رسول اللّه بشرهم ... بجنة الخلد عمن زانها وعمر سعد سعيد على عثمان طلحة بو ... بكر ابن عوف ابن جراح الزبير عمر فإن قلت: من اعتقد فى الخلفاء الأربعة الأفضلية على الترتيب المعلوم، ولكن محبته لبعضهم تكون أكثر، هل يكون آثما أم لا؟ فأجاب شيخ الإسلام الولى بن العراقى: أن المحبة قد تكون لأمر دينى، وقد تكن لأمر دنيوى، فالمحبة الدينية لازمة للأفضلية، فمن كان أفضل كانت محبتنا الدينية له أكثر، فمتى اعتقدنا فى واحد منهم أنه أفضل ثم أحببنا غيره من جهة الدين أكثر كان تناقضا، نعم إن أحببنا غير الأفضل أكثر من محبة الأفضل لأمر دنيوى كقرابة وإحسان فلا تناقض فى ذلك ولا امتناع، فمن اعترف بأن أفضل الأمة بعد نبيها- صلى اللّه عليه وسلم- أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم على، لكنه أحب عليّا أكثر من أبى بكر مثلا، فإن كانت المحبة المذكورة محبة دينية فلا معنى لذلك، إذ المحبة الدينية لازمة للأفضلية كما قررناه، وهذا لم يعترف بأفضلية أبى بكر إلا بلسانه، وأما بقلبه فهو مفضل لعلى لكونه أحبه __________ (١) حسن: أخرجه أبو داود (٥١٨٨) فى الأدب، باب: الرجل يدق الباب ولا يسلم. محبة دينية زائدة على محبة أبى بكر، وهذا لا يجوز، وإن كانت المحبة المذكورة محبة دنيوية لكونه من ذرية على أو لغير ذلك من المعانى فلا امتناع واللّه أعلم. انتهى. وقد روى الطبرى فى (الرياض) وعزاه للملاء فى (سيرته) عن أنس مرفوعا، (إن اللّه افترض عليكم حب أبى بكر وعمر وعثمان وعلى كما افترض الصلاة والزكاة والصوم والحج، فمن أنكر فضلهم فلا تقبل منه الصلاة ولا الزكاة ولا الصوم ولا الحج) . وأخرج الحافظ السلفى فى (مشيخته) من حديث أنس مرفوعا: (حب أبى بكر واجب على أمتى) . وأخرج الأنصارى عنه أن رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم- قال: (يا أبا بكر، ليت أنى لقيت إخوانى) فقال أبو بكر: يا رسول اللّه، نحن إخوانك، قال: (لا، أنتم أصحابى، إخوانى الذين لم يرونى، وصدقوا بى وأحبونى، حتى إنى لأحب إلى أحدهم من ولده ووالده) ، قالوا: يا رسول اللّه، أما نحن إخوانك؟ قال: (لا، بل أنتم أصحابى، ألا تحب يا أبا بكر قوما أحبوك بحبى إياك؟) قال: فأحبهم ما أحبوك بحبى إياك. فمحبة من أحبه الرسول- صلى اللّه عليه وسلم- كال بيته وأصحابه- رضى اللّه عنهم- علامة على محبة رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم-، كما أن محبته- صلى اللّه عليه وسلم- علامة على محبة اللّه تعالى، وكذلك عداوة من عاداهم وبغض من أبغضهم وسبهم. فمن أحب شيئا أحب من يحب، وأبغض من يبغض، قال اللّه تعالى: لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللّه وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللّه وَرَسُولَهُ (١) فحب آل بيته- صلى اللّه عليه وسلم- وأصحابه وأولاده وأزواجه من الواجبات المتعينات، وبغضهم من الموبقات المهلكات. ومن محبتهم وجوب توقيرهم، وبرهم والقيام بحقوقهم، والاقتداء بهم بأن يمشى على سنتهم وآدابهم وأخلاقهم، والعمل بأقوالهم مما ليس للعقل فيه __________ (١) سورة المجادلة: ٢٢. مجال، وحسن الثناء عليهم بأن يذكروا بأوصافهم الجميلة على قصد التعظيم. فقد أثنى اللّه تعالى عليهم فى كتابه المجيد، ومن أثنى اللّه عليه فهو واجب الثناء، والاستغفار لهم، قالت عائشة: (أمروا أن يستغفروا لأصحاب رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم- فسبوهم) (١)رواه مسلم. وفائدة المستغفر لهم عائدة عليه. قال سهل بن عبد اللّه التسترى: لم يؤمن بالرسول- صلى اللّه عليه وسلم- من لم يوقر أصحابه ولم يعزّ أوامره. ومما يجب أيضا: الإمساك عما شجر بينهم، أى وقع بينهم من الاختلاف، والإضراب عن أخبار المؤرخين وجهلة الرواة، وضلال الشيعة والمبتدعين، القادحة فى أحد منهم، قال- صلى اللّه عليه وسلم-: (إذا ذكر أصحابى فأمسكوا) (٢) ، وأن يلتمس لهم مما نقل من ذلك فيما كان بينهم من الفتن أحسن التأويلات، ويخرج لهم أصوب المخارج، إذ هم أهل ذلك كما هو فى مناقبهم، ومعدود من ماثرهم، مما يطول إيراد بعضه. وما وقع بينهم من المنازعات والمحاربات فله محامل وتأويلات، فسبهم والطعن فيهم إذا كان مما يخالف الأدلة القطعية كفر، كقذف عائشة- رضى اللّه عنها-، وإلا فبدعة وفسق. قال- صلى اللّه عليه وسلم-: (أيها الناس احفظونى فى أختانى وأصهارى وأصحابى، لا يطالبنكم اللّه بمظلمة أحد منهم، فإنها ليست مما يوهب) (٣) . رواه الخلعى. وقال- صلى اللّه عليه وسلم-: (اللّه اللّه فى أصحابى، لا تتخذوهم غرضا من بعدى، من أحبهم فقد أحبنى، ومن أبغضهم فقد أبغضنى، ومن آذاهم فقد آذانى، ومن آذانى فقد آذى اللّه، ومن آذى اللّه فيوشك أن يأخذه اللّه) (٤) رواه المخلص الذهبى. __________ (١) صحيح: أخرجه مسلم (٣٠٢٢) فى التفسير. (٢) أخرجه الطبرانى فى (الكبير) (٢/ ٩٦) عن ثوبان، و (١٠/ ١٩٨) عن ابن مسعود- رضى اللّه عنه-. (٣) انظره فى (كنز العمال) (٣٢٥٣٦) . (٤) أخرجه الترمذى (٣٨٦٢) فى المناقب، باب: فيمن سب أصحاب النبى- صلى اللّه عليه وسلم-، وأحمد فى (المسند) (٤/ ٨٧) و (٥/ ٥٤ و ٥٧) ، من حديث عبد اللّه بن مغافل- رضى اللّه عنه-. [أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن الذهبى] . وهذا الحديث- كما قال بعضهم- خرج مخرج الوصية بأصحابه على طريق التأكيد والترغيب فى حبهم، والترهيب عن بغضهم. وفيه إشارة إلى أن حبهم من الإيمان، وبغضهم كفر، لأنه إذا كان بغضهم بغضا له كان كفرا بلا نزاع، للحديث السابق (لن يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه) (١) . وهذا يدل على كمال قربهم منه بتنزيلهم منزلة نفسه، حتى كأن أذاهم واقع عليه وواصل إليه- صلى اللّه عليه وسلم-. و (الغرض) : الهدف الذى يرمى فيه. فهو نهى عن رميهم مؤكدا ذلك بتحذيرهم اللّه منه، وما ذاك إلا لشدة الحرمة. وروى مرفوعا: (من سب أحدا من أصحابى فاجلدوه) (٢) . خرجه تمام فى فوائده. وقال مالك بن أنس وغيره- فيما ذكره القاضى عياض-: من أبغض الصحابة فليس له فى فىء المسلمين حق. قال: ونزع باية الحشر وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ (٣) الآية. و قال: من غاظه أصحاب محمد فهو كافر، قال اللّه تعالى: لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ (٤) واللّه أعلم. __________ (١) صحيح: وقد تقدم. (٢) ذكره الهيثمى فى (المجمع) (٦/ ٢٦٠) عن على و قال: رواه الطبرانى فى الصغير والأوسط عن شيخه عبيد اللّه بن محمد العمرى. (٣) سورة الحشر: ١٠. (٤) سورة الفتح: ٢٩. فهرس المحتوياتال....... الصفحة المقصد الثالث الفصل الأول فى كمال خلقته وجمال صورته- صلى اللّه عليه وسلم- وشرفه وكرمه ٥ الفصل الثانى فيما أكرمه اللّه تعالى به من الأخلاق الزكية وشرفه به من الأوصاف المرضية ١٠ الفصل الثالث فيما تدعو ضرورته إليه- صلى اللّه عليه وسلم- من غذائه وملبسه ومنكحه وما يلحق ذلك وفيه أربعة أنواع ١٤٢ النوع الأول فى عيشه- صلى اللّه عليه وسلم- فى المأكل والمشرب ١٤٢ النوع الثانى فى لباسه- صلى اللّه عليه وسلم- وفراشه ١٨٣ النوع الثالث فى سيرته- صلى اللّه عليه وسلم- فى نكاحه ٢٢٠ النوع الرابع فى نومه- صلى اللّه عليه وسلم- ٢٢٧ المقصد الرابع الفصل الأول فى معجزاته- صلى اللّه عليه وسلم- ٢٣٥ تعريف المعجزة بالدليل ٢٣٥ حديث القصعة ٢٩٥ الفصل الثانى فيما خصّه اللّه تعالى به من المعجزات وشرفه به على سائر الأنبياء من الكرامات والآيات البينات ٣٠١ المقصد الخامس الإسراء والمعراج ٤٢٦ المقصد السادس فيما ورد فى آى التنزيل من تعظيم قدره- صلى اللّه عليه وسلم- ٥٠٧ النوع الأول فى آيات تتضمن تعظيم قدره ورفعة ذكره وجليل رتبته وعلو درجته على الأنبياء وتشريف منزلته ٥٠٨ النوع الثانى فى أخذ اللّه الميثاق له على النبيين فضلا ومنة ليؤمنن به إن أدركوه ولينصرنه ٥٢٨ النوع الثالث فى وصفه له- صلى اللّه عليه وسلم- بالشهادة وشهادته له بالرسالة ٥٣١ النوع الرابع فى التنويه به- صلى اللّه عليه وسلم- فى الكتب السالفة كالتوراة والإنجيل بأنه صاحب الرسالة والتبجيل ٥٤٧ النوع الخامس فى آيات تتضمن إقسامه تعالى على تحقيق رسالته وثبوت ما أوحى إليه من آياته وعلو رتبته الشريفة ومكانته ٥٥٦ الفصل الأول فى قسمه تعالى على ما خصه به من الخلق العظيم وحباه من الفضل العميم ٥٥٧ الفصل الثانى فى قسمه تعالى على ما أنعم به عليه وأظهره من قدره العلى لديه ٥٥٩ الفصل الثالث فى قسمه تعالى على تصديقه فيما أوتى به من وحيه وكتابه وتنزيهه عن الهوى فى خطابه ٥٦١ الفصل الرابع فى قسمه تعالى على تحقيق رسالته ٥٧٠ الفصل الخامس فى قسمه تعالى بمدة حياته- صلى اللّه عليه وسلم- وعصره وبلده ٥٧٢ النوع السادس فى وصفه تعالى له- صلى اللّه عليه وسلم- بالنور والسراج المنير ٥٧٦ النوع السابع فى آيات تتضمن وجوب طاعته واتباع سنته ٥٨٠ النوع الثامن فيما يتضمن الأدب معه- صلى اللّه عليه وسلم- ٥٨٦ النوع التاسع فى آيات تتضمن رده تعالى بنفسه المقدسة على عدوه- صلى اللّه عليه وسلم- ترفيعا لشأنه ٥٨٩ النوع العاشر فى إزالة الشبهات عن آيات وردت فى حقه- صلى اللّه عليه وسلم- متشابهات ٥٩٣ المقصد السابع الفصل الأول فى وجوب محبته واتباع سنته والاقتداء بهديه وسيرته- صلى اللّه عليه وسلم- ٦١٢ الفصل الثانى فى حكم الصلاة عليه والتسليم فريضة وسنة وفضيلة وصفة ومحلّا ٦٤٨ الفصل الثالث فى ذكر محبة أصحابه- صلى اللّه عليه وسلم- وآله وقرابته وأهل بيته وذريته ٦٧٨ |