٩٢ المكتوب الثانى والتسعون إلى الفقير هاشم الكشمى فى جواب سؤاله عن سماع الصوفية كلام الحق سبحانه ومكالمتهم معه تعالى. قد سألتم أنه ما معنى ما قاله بعض العرفاء من أنا نسمع كلام الحق سبحانه أو تقع بيننا وبينه مكالمة كما نقل عن الإمام الهمام جعفر الصادق رضى اللّه عنه أنه قال مازالت أردد الآية حتى سمعتها من المتكلم بها ويفهم ذلك أيضاً من الرسالة الغوثية التى هى منسوبة إلى حضرة الشيخ عبد القادر الجيلانى قدس سره وما تحقيق ذلك عنك ( اعلم ) أرشدك اللّه تعالى أن كلام الحق سبحانه وتعالى كذاته وسائر صفاته لا كيفى ولا مثلى وسماع الكلام اللاكيفى أيضاً لا كيفى فإنه لا سبيل للكيفى إلى اللاكيفى فلا يكون ذلك السماع مربوطا بحاسة السمع فإنها متكيفة بالكيف بالكلية فإن كان هناك للعبد سماع فهو بتلق روحانى فإن لها يعنى الروح نصيباً من اللاكيفى وبلا توسط الحروف والكلمات وأيضاً لو كان الكلام من العبد فهو أيضاً بإلقاء روحانى بلا حروف وكلمات ويكون لهذا الكلام نصيب من اللاكيفى حيث يكون مسموعا للاكيفى مع أنا نقول أن الكلام اللفظى الذى يصدر عن العبد يسمعه الحق سبحانه وتعالى بسماع لا كيفى بلا توسط الحروف والكمالات وبلا تقديم وتأخير إذ لا يجرى عليه تعالى زمان يسع فيه التقديم والتأخير فلو كان فى ذلك الموطن من العبد سماع فهو سامع بكليته وإن كلام فمتكلم بكليته فالعبد بتمامه سمع ويتمامه لسان وقد سمعت الذرات المخرجة يعنى من ظهر آدم قول الست بربكم يوم الميثاق بكليتهم ن غير واسطة وأجابوه وكانوا بتمامهم أسماعا وبتمامهم ألسنا فإنه لو كان السمع متميزا من اللسان لما يحصل السماع والكلام اللاكيفيين ولا يكون لائقاً بارتباط المرتبة اللاكيفة لا يحمل عطايا الملك إلا مطاياه غاية ما فى الباب أن ذلك المعنى المتلقى الذى أخذه من طريق الروحانية يتمثل ثانياً فى عالم الخيال الذى هو فى الإنسان تمثال عالم المثال بصورة الحروف والكمات المرتبة ويرتسم ذلك التلقى والإلقاء بصور السماع والكلام اللفظى فإن لكل معنى صورة فى ذلك العالم وإن كان ذلك المعنى منزها عن الكيف ولكن يكون ارتسام المنزه عن الكيف أيضاً هناك بصورة مكيفة بكيف فإن الفهم والإفهام المقصودين من الارتسام مربوطان بها فإذا وجد السالك المتوسط فى نفسه حروفا وكلمات مترتبة وأحس سماع الكلام اللفظى يتخيل أنه قد سمع هذه الكلمات من الأصل وأخذه من هناك بلا تفاوت ولا يدرى أن هذه الحروف والكلمات صور خيالية لذلك المعنى المتلقى وذلك السماع والكلام اللفظى تمثال ذلك السماع والكلام واللاكيفى والعارف التام المعرفة ينبغى أن يميز حكم كل مرتبة عن الأخرى ولا يلبس حكم أحديهما بحكم الأخرى فسماع هؤلاء الأكابر وكلامهم المربوطين بمرتبة لا كيفية من قبيل التلقى والالتقاء الروحانيين وهذه الكلمات والحروف التى يعبر بها عن ذلك المعنى المتلقى من عالم الصور المثالية والذين يظنون أنهم يسمعون الحروف والكلمات من اللّه سبحانه فريقان فريق يقولون أن هذه الحروف والكلمات الحادثة المسموعة دوال على الكلام النفسى القديم وهؤلاء أحسن حالا من الفريق الثانى والفريق الثانى يطلقون القول بسماع كلام الحق جل شأنه ويعتقدون الحروف والكلمات المرتبة المسموعة كلام الحق جل وعلا ولا يفرقون بين ما هو لائق بجناب قدسه تعالى وبين ما هو ليس بلائق به وهم الجهال البطال لم يعرفوا ما يجوز عليه وما لا يجوز عليه تعالى سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم والصلاة والسلام على خير البشر وآله وأصحابه الأطهر . |