Geri

   

 

 

İleri

 

٥٢

المكتوب الثانى والخمسون

إلى الفقير محمد هاشم الكشيمى فى بيان فناء القلب والنفس وزوال العلم الحصولى والحضورى.

الفناء عبارة عن نسيان ما سوى الحق سبحانه وما سواه تعالى على قسمين أفاقى وأنفسى فنسيان الآفاقى عبارة عن زوال العلم الحصولى بالنسبة إلى الآفاق ونسيان الأنفسى عبارة عن زوال العلم الحضورى بالنسبة إلى الأنفس فإن العلم الحصولى يتعلق بالآفاق والعلم الحضورى بالأنفس وزوال العلم الحصولى بالأشياء مطلقا وإن كان متعسرا لكونه نصيب الأولياء ولكن زوال العلم الحضورى مطلقاً عسير جداً ونصيب الكمل من الأولياء يكاد يكون تجويزه بل تصوره محالا عند أكثر العقلاء لزعمهم عدم حضور المدرك عند المدرك سفسطة فإن حضور الشئ عند نفسه ضرورى عندهم فزوال العلم الحضورى وإن كان لمحة لا يكون مجوزا عندهم فكيف إذا كان زوال العلم مطلقا بحيث لا يعود أبدا والنسيان الأول الذى هو بالنسبة إلى العلم الحصولى يتعلق بفناء القلب والنسيان الثانى الذى هو بالنسبة إلى العلم الحضورى مستلزم لفناء النفس الذى هو أتم وأكمل وحقيقة الفناء إنما هى فى هذا الموطن والفناء الأول كالصورة لهذا الفناء وكالظل له فإن العلم الحصولى ظل العلم الحضورى فى الحقيقة فيكون فناؤه ظل فناء هذا بالضرورة وبحصول هذا الفناء تستقر النفس فى مقام الاطمئنان وتصير راضية عن الحق سبحانه ومرضية له تعالى وبعد البقاء والرجوع تتعلق معاملة التكميل والإرشاد بها ولها يتيسر الجهاد والغزا مع طبائع العناصر الأربعة المختلفة التى هى أركان البدن وكل واحد منها يقتضى أمر من الأمور غير ما يقتضيه الآخر ويريد شيئا من الأشياء خلاف ما يريده الآخر وهذه الدولة غير متيسرة لواحدة من اللطائف وهى التى تصلح الإنانية الإبليسية الناشئة من عنصر النار بسياستها وتورث الاعتدال للقوة الشهوية والغضبية وسائر الأوصاف الذميمة التى فيها شركة للبهائم والحيوانات بحسن تربيتها سبحان اللّه قد صار شر اللطائف خيرها قال عليه الصلاة والسلام خياركم فى الجاهلية خياركم فى الإسلام إذا فقهوا ( تنبيه ) علامة نسيان السوى عدم حضوره فى القلب وعلامة زوال العلم الحضورى بنفس العالم انتفاء العالم بالكل عينا وأثرا حتى يتصور زوال العلم والمعلوم عنه فإن العلم والمعلوم فى ذلك الموطن نفس العالم فما لم يزل نفس العالم لا ينتفى العلم والمعلوم والفناء الأول هو فناء الآفاق والفناء الثانى فناء الأنفس الذى هو حقيقة الفناء .