٥٠ المكتوب الخمسون إلى القاضى نصر اللّه فى بيان الفرق بين استدلال العلماء الراسخين واستدلال أرباب الظاهر بالأثر على المؤثر. إن الاستدلال بالأثر على المؤثر وبالمخلوق على الخالق جل سلطانه شغل علماء الظاهر وشغل العلماء الراسخين أيضاً الذين هم كمل ورثة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام علماء الظاهر يحصلون من العلم بوجود المخلوق العلم بوجود الخالق ويجعلون وجود الأثر دليلا على وجود المؤثر ويحصلون الإيمان واليقين بوجود المؤثر والعلماء الراسخون الذين قطعوا درجات كمالات الولاية وبلغوا مقام الدعوة التى هى خاصة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بالأصالة أيضاً يستدلون بالأثر على المؤثر بعد حصول التجليات والمشاهدات ويكتسبون بهذا الطريق أيضاً إيمانا بالمؤثر الحقيقى فإنهم يعرفون فى آخر الأمر أن كلما كان مشهودا ومتجليا لهم كان ظلا من ظلال المطلوب مستحقاً للنفى وعدم الإيمان ويتيقنون أن الإيمان باللاكيفى لا يتيسر فى هذا الموطن من غير استدلال فلا جرم يقبلون على الاستدلال ويطلبون المطلوب بلا حيلولة الظلال ولما كانت لهؤلاء الكبراء محبة قوية لجناب قدسه تعالى بحيث جعلوا ما سواه فداء له سبحانه فلا جرم يصلون إلى المطلوب الحقيقى من طريق الاستدلال لقوله صلى اللّه عليه وسلم المرء مع من أحب ويتخلصون من مضيق التجليات والظهورات المشوبة بالظلال ويعدون نحو أصل الأصل والمقام الذى يبلغ فيه علم علماء الظاهر يصل فيه هؤلاء الأكابر بأنفسهم منجذبين بجذبات المحبة ويحصل لهم الاتصال اللاكيفى وهذا الفرق إنما نشأ من طريق المحبة فكل من هو محب منقطع عن غير المحبوب متصل به ومن ليست فيه هذه يكتفى بالعلم ويغتنم ذلك بل ربما يبلغ هؤلاء الكبراء مبلغا لا يبلغ فيه علم العلماء ونهاية العلم على تقدير الصحة إلى دهليز المطلوب والذى هو واصل إلى المطلوب فهو مع المطلوب والمعية لا تترك دقيقة لا تكون نصيباً لهم قال واحد من الكبراء (ع) بنده بأحق همجوشير وشكر ست * وللّه المثل الأعلى ينبغى أن يكون عبدا وأن يتخلص عن عبدية ما سواه تعالى واللّه سبحانه الموفق . |