١١٤ المكتوب الرابع عشر والمائة إلى محمد هاشم الكشمى فى تحقيق صفات الواجب تعالى وبيان كيفية تعلق علمه تعالى بكمالاته وبيان أنه لابد للمعنى من القيام بالعين ولكن لا يحتاج فيه إلى إثبات المحل وبيان التعين الوجودى ومبادى تعينات الأنبياء المتبوعين والأنبياء التابعين والملائكة الكرام على الأنبياء وعليهم الصلاة والسلام ومبادى تعينات الأولياء وعوام المؤمنين والكفار وموجودات النشأة الأخروية. إن الصفات الحقيقية التى نثبتها فى مرتبة حضرة الذات لا يحدث من ذلك الإثبات تعين ولا تنزل فى تلك الحضرة تعالت وتقدست ولا تثبت مرتبة أخرى وراء المرتبة الأولى ولا يتصور انفكاكها منها بوجه من الوجوه وما لم تتحقق مرتبة ثانية ولم يحصل انفكاك بوجه من الوجوه لا يتصور تعين ولا تنزل وكأن حضرة الذات والصفات فى مرتبة واحدة وكأن الصفات مع وجود الزيادة عين الذات تعالت وتقدست وهذه الصفات وإن كانت تفصيل الكمالات المندرجة فى حضرة الذات ولكن حكمها ممتاز عن حكم سائر الإجمال والتفصيل فإن الإجمال إنما يكون فى مرتبة ليس فيها تفصيل بل مرتبة التفصيل دون مرتبة الإجمال وهذا المعنى مفقود فى تلك الحضرة فإن التفصيل فيها فى عين مرتبة الإجمال وهذه المعرفة وراء طور العقل وإنما اهتدى إليه النظر الكشفى وعلم الواجب الذى تعلق بهذه الصفات فى تلك المرتبة كعلمه بذاته وكمالاته المندرجة فى ذاته علم حضورى وهذه الصفات مع وجود زيادتها عين العالم وحضورهما كحضور نفس العالم ومن كمال اتحادهما بحضرة الذات قال جم غفير من الصوفية بعينية الصفات بالذات وأنكروا على زيادة الصفات ومنعوا قولهم لا هو وأثبتوا قولهم لا غيره والكمال هو أن يثبت لا غيره مع وجود التصديق بلا هو وأن يسلب الغيرية مع وجود الزيادة وهذا الكمال موافق لعلوم الأنبياء عليهم الصلوات والتسليمات ومطابق لآراء الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة شكر اللّه سعيهم ( ينبغى ) أن يعلم أن الانكشاف الذاتى فى المرتبة التى يتعلق بحضرة الذات والصفات المقدسة من قبيل العلم الحضورى فإن العلم الحضورى عبارة عن حضور نفس العالم وحيث أن الصفات ليست عين العالم ينبغى أن لا يكون علمها علماً حضوريا ولكن لما لم تنتزع منها صورة وحضور أنفسها كائن كان علمها من قبيل العلم الحضورى والانكشاف الذى يتعلق بصفة العلم من قبيل العلم الحصولى وإنما قلت من قبيل العلم الحصولى فإن العلم الحصولى عبارة عن صورة حاصلة من المعلوم فى العقل وقد صار محققا عند هذا الفقير ومكشوفاً إنه لا انتقاش لصورة شئ من الأشياء فى علم الواجب جل سلطانه وإن علمه تعالى ليس محلا لصورة من صور المعلومات فكيف يتصور حصول الصورة فى ذات العالم تعالى بل لعله سبحانه تعلق بمعلوم وانكشافه له تعالى من غير أن تثبت صورة من معلوم فى العلم وموطن العلم خال من النقوش ومصفى من الصور العلمية ومع ذلك لا يعزب من علمه مثقال ذرة فى الأرض ولا فى السماء ولكن يكون مكشوفاً أن علمه تعالى إذا تعلق بمعلوم تنتزع منه بسبب هذا التعلق صورة تقوم بعلمه تعالى من غير أن يحدث فى العلم شئ من الحلول والحصول فلما انتزع من المعلوم بسبب التعلق صورة وقامت بالعلم بل بالعالم صح كونه من قبيل العلم الحصولى فإذا تعلقت صفة العلم بكمالاته المندرجة فى ذاته تعالى تنتزع بهذا التعلق من تلك الكمالات صور علمية وتقوم بالعلم وإن لم يثبت حلولها وحصولها فى العلم ( فإن قيل ) قد أثبت لهذه الصور العلمية قياماً بصفة العلم ولكن لم يعلم ما محل ثبوت هذه الصور فإن المعنى كما أنه لابد له من القيام بالعين لابد له من محلية العين أيضاً ( قلت ) نعم لابد للمعنى من القيام بالعين ولكن لا حاجة إلى إثبات المحل له أصلا فإن المقصود من إثبات المحل للمعنى إنما هو إثبات قيامه لا إنه أمر زائد على القيام فإذا قيل فى الجواهر المجردة الممكنة التى هى كالظلال لتلك الصور العلمية وتلك الصور مبادى تعينات تلك الجواهر إنها لم يثبت لها محل ولا مكان بل لا حاجة إليه أصلا فلا مجال للتعجب إن لم يكن لأصول تلك الجواهر المجردة محل إياك وتصور هذه الصور العلمية كالأعراض التى تقوم بالغير فيذهب بك الوهم فى إثبات المحال لها على قياس الأعراض فإن هذه الصور العلمية أصول تلك الجواهر التى بها تقوم الأعراض بل مبادى تعيناتها فكيف تقاس هى على الأعراض بل نقول فى الأعراض أيضاً أن المقصود من إثبات المحل لها إنما هو لإثبات قيامها بالمحل لأن المحل مقصود بالاستقلال ( وتحقيق ) ذلك أن هذه الصور العلمية كائنة فى مرتبة الوجوب ولا مجال للمحل والمكان هناك ولا يتصور فيها غير القيام ألا ترى أن صفاته تعالى الحقيقية قائمة بحضرة ذاته الأقدس ولا حالية هناك ولا محلية وما قالوا من الثبوت الذهنى والخارجى فإنما هو منقسم عليهما فى مرتبة الإمكان فإنه لا مجال فى تلك الحضرة للخارج ولا للعلم فإذا لم يكن للوجود فيها مجال كيف يكون للذهنى والخارجى اللذين هما من أقسامه فيها مجال وكيف يتصور فيها ظرفية العلم والخارج للوجود فهذه الصور العلمية تكون ثابتة وقائمة بصفة العلم ولا يكون شئ من الثبوت العلمى والخارجى متحققا فيها بل يكون الوجود العلمى والخارجى عارا عليها لكونه من صفات الإمكان وسمات الحدوث فإن كل ممكن حادث عندهم والوجود وإن كان ثابتاً فى مرتبة الوجوب ولكن لم يثبت ظرفية العلم والخارج لذلك الوجود لأنه لا مجال فيها للظرفية والمظروفية ( استمع ) استماعاً كاملا أن صورة المعلوم عبارة عن نفس العلم فما يكون معنى حصولها وحلولها فى العلم وقال المتأخرون من الصوفية العلية أن الصور العلمية التى هى عبارة عن الأعيان الثابتة وحقائق الممكنات ثبوتها فى العلم فقط وفى خارج العلم لم تصل إليها رائحة من الوجود ولكن لما وقعت عكوس تلك الصور العلمية فى مرآة ظاهر الوجود الذى لا موجود فى الخارج غيره صارت تتوهم أنها موجودة فى الخارج كما أن الصورة إذا انعكست فى المرآة تتوهم أنها فى المرآة فيا ليت شعرى ما مراد هؤلاء الكبراء وما معنى حصول الصور فى العلم وما الصور فى الشاهد الأنفس العلم وفى الغائب علمه تعالى أزلى قديم بسيط وحدانى تعلق بمعلومات متكثرة حصلت من تعلقه صورة متعددة متميزة لتلك المعلومات من غير أن يثبت حصولها وحلولها فى ذلك العلم الأزلى كيف تحصل الصورة المتعددة فيه وهو يستلزم التبعض والانقسام للمحل وفرض شئ فيه غير شئ وهو يوجب التركيب المنافى للقدم والأزلية ( والعجب ) أن أرباب المعقول أثبتوا الصورة الحاصلة من المعلوم فى الذهن واعتقدوا حلولها فى الذهن لا فى العلم فإن تلك الصورة عندهم عين العلم لا إنها حالة فى العلم والمتبادر من عبارة متأخرى الصوفية حصول تلك الصورة فى العلم الذى يقولون له باطن الوجود وهو سبحانه أعلم ( ينبغى ) أن يعلم أن تلك الصورة العلمية التى ثبتت من تعلق صفة العلم بكمالاته تعالى الذاتية تلوح فى النظر الكشفى أن لها حياة وعلما والانكشاف المناسب للعلم الحضورى بالنسبة إلى الكمالات المندرجة فيها ثابت لها كما بينا تحقيق هذا المبحث فى مكتوب بالتفصيل فإذا بقى خفاء من غرابة هذه المعرفة واحتيج إلى الاستكشاف والاستفسار فليراجع هناك فإذا اتضح من البيان السابق أن ذاته تعالى الأقدس وصفاته المقدسة فى مرتبة واحدة وأنه لم تحدث فى تلك الحضرة من كون وجود الصفات زائدا على وجود الذات تنزل وتعين أصلا فاعلم أن لهذه المرتبة المقدسة التى هى مرتبة حضرة الذات مع الصفات ظهورا أولاً فى مرتبة ثانية بلا تبديل ولا تغيير وهو عند هذا الحقير على وجه الكشف والشهود حضرة الوجود الذى هو خير محض وكمال صرف وفيه قابلية ظهور جميع الكمالات بطريق الظلية وهذه الدولة لم تتيسر لغير الوجود ولهذا لو تعلق بهذه المرتبة المقدسة علم وانتزعت كمالاتها كما مر يكون أول شئ ينتزع من تلك الحضرة حضرة الوجود ألبتة والكمالات الأخر تكون توابعه ومن ههنا اعتقد الجم الغفير من الصوفية وغيرهم أن الوجود عين الذات وظنوا تعين الوجود لا تعيناً وثبوت هذا التعين الأسبق ما وراء العلم والخارج كما بين تحقيق هذا المعنى فى مواضع متعددة وحضرة الوجود هذا جامع لجميع الكمالات الذاتية والصفاتية بطرق الظلية إجمالا ولهذه المرتبة الجامعة الإجمالية تفصيل يمكن أن يقال له تعينا ثانوياً وأول شئ ظهر فى مرتبة التفصيل صفة الحياة التى هى أم جميع الصفات وصفة الحياة هذه كأنها ظل صفة الحياة التى فى مرتبة حضرة الذات تعالت ولا هو ولا غيره صادق فى حقها بخلاف هذا الظل فإنه لما ظهر فى مرتبة وراء مرتبة حضرة الذات لا يكون لا غيره ثابتاً فى حقه ألبتة بل يكون متسماً بسمة الغيرية وبعد صفات الحياة صفة العلم بطريق الظلية كما مر فى صفة الحياة وهذه الصفة جامعة لجميع الصفات وصفة القدرة والإرادة وغيرهما مع وجود استقلالها كالأجزاء لها فإن لهذه الصفة نوع اتحاد بحضرة الذات وليس ذلك الاتحاد لغيرهما لأن فى صورة العلم الحضروى اتحاد العالم والمعلوم والقدرة لم تتحد بالمقدور والقادر قط وهذا الاتحاد ليس هو أيضاً فى الإرادة التى هى تخصيص أحد المقدورين وعلى هذا القياس وعند هذا الحقير مبدأ تعين الخليل على نبينا وعليه الصلاة والسلام التعين الأول الذى هو التعين الوجودى ومركز هذا التعين الذى هو أشرف أجزائه مبدأ لتعين خاتم الرسل عليه وعلى آله الصلاة والسلام بالأصالة كما ذكر تحقيق هذا المبحث فى مكتوب بالتفصيل وحيث أن ولاية الخليل عليه السلام ولاية أسرافيلية يكون مبدأ تعين إسرافيل عليه السلام هو هذا التعين الوجودى ألبتة ومبدأ تعين كل نبى ورسول بالأصالة حصة من حصص هذا التعين الأول الوجودى فلو كان لشخص من الأمم نصيب من هذا التعين الوجودى ببركة متابعته للأنبياء عليهم الصلاة والسلام وكانت حصة من حصص ذلك التعين أو نقطة من نقطه مبدأ تعينه فهو مجوز بل واقع وما لم يكن فى هذا التعين مبدأ تعين لا يكون للوصول إلى حضرة الذات بالأصالة مجال ومبادى تعينات الملائكة العلية الذين هم مقربوا حضرة الذات أيضاً فى هذا التعين الوجودى فإن الوصول إلى حضرة الذات مربوط به ( ينبغى ) أن يعلم أن صفة العلم التى ظهرت فى مرتبة تفصيل التعين الوجودى وإن كانت حصة من حصص ذلك التعين الوجودى ولكن لما كانت لها جامعية صارت كأنها نفس الوجود جامعة لجميع حصص ذلك التعين ولها أيضاً إجمال وتفصيل والإجمال له حكم مركز الدائرة والتفصيل له حكم المحيط فمركز هذا التعين العلمى الذى هو إجمال كأنه ظل مركز ذلك التعين الأول الوجودى وبهذه العلاقة تيقن جماعة أن مبدأ تعين خاتم الرسل على نبينا وعليه الصلاة والسلام إجمال حضرة العلم وليس كذلك بل هذا الإجمال ظل مبدأ تعينه عليه وعلى آله الصلاة والسلام الذى هو مركز التعين الأول الوجودى كما مر وأيضاً اعتقدوا إجمال العلم هذا تعيناً أولا واعتقدوا المرتبة الفوقانية لا تعيناً وظنوها عين حضرة الوجود نعم إنها عين الوجود ولكنها منسوبة إلى التعين كما مر ( لا يخفى ) أن التعين الأول وإن كانت حصصه المندرجة فيه مبادى تعينات الأنبياء الكرام والملائكة العليين العظام عليهم الصلاة والسلام ولكن لما كان الإجمال كائناً فى تلك المرتبة لا يعلم مبادى كل منهم بالتفصيل على حدة ولا تكون مسماة باسم ولما عرض التفصيل عليها صارت مبادى كل متميزة وصار كل مبدأ مسمى باسم على حدة مثلا حصة من ذلك التعين الأول الوجودى سميت باسم الحياة وحصة أخرى باسم العلم على هذا القياس وصار مشهوداً أن اسم الحياة باعتبار جامعيتها مبدأ لتعين الملائكة العليين العظام عليهم السلام ولما كان لروح اللّه على نبينا وعليه الصلاة والسلام مناسبة بالملأ الأعلى كان له نصيب من هذا المقام وحيث أن للمهدى عليه الرضوان مناسبة خاصة بروح اللّه فهو أيضاً راج من هذا المقيام ( ينبغى ) أن يعلم أن كل واحد من الصفات الثمانية التى عرض لها التفصيل فى مرتبة التعين الثانى مبدأ لكل نبى ذى شأن مقتدا به فالعلم مثلا مبدأ تيعن خاتم الرسل عليه وعليهم الصلاة والسلام والقدرة مبدأ تعين عيسى عليه السلام والتكوين مبدأ تعين آدم عليه السلام وجزئيات هذه الأسماء الكلية المقدسة مبادى تعينات سائر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فكل طائفة من هؤلاء الكبراء لها مناسبة باسم خاصة وبنبى مقتدا به كان جزئيات ذلك الاسم مبادى تعيناتهم ومبادى تعينات الأولياء الذين هم على قدم نبى من الأنبياء المفتدى بهم عليهم الصلاة والسلام جزئيات لجزئيات الاسم الذى هو مبدأ لتعين ذلك النبى عليه السلام وكذلك تعين سائر المؤمنين جزئيات لجزئيات الاسم الذى هو مبدأ لتعين نبى كان هؤلاء على قدمه ومبادى تعينات الكفار متعلقة باسم المضل وممتازة من التعينات المذكورة ( فإذا علمت ) مبادى تعينات الممكنات فاعلم أن تمامية دائرة الوجوب بانتهاء هذه التعينات إلى منتهاها والشروع بعد ذلك فى دائرة الممكنات ولما أراد الحق سبحانه من كمال كرمه وإحسانه أن يفيض فيوضاته وإنعاماته على الغير وإن ينشر خرائنه خلق الخلق ووهب لهم من كمالات وجوده وتوابعه من غير أن ينفك من هناك شئ ويلحق هنا فإن ذلك من سمات النقص تعالى اللّه عن ذلك علوا كبيراً والمقصود من الخلق إفاضة الإنعام والإحسان عليهم لا تكميل الكمالات الأسائية والصفاتية وتتميمها بالتوسل بهم حاشاه سبحانه من ذلك وكلا فإن صفاته تعالى كاملة فى حد ذاتها لا احتياج لها إلى ظهور ومظهر أصلا وكل كمال حاصل فى تلك الحضرة جل شأنها بالفعل لا بالقوة حتى يكون حصوله مربوطاً بأمر فإن كان فى حضرته سبحانه شهود ومشاهدة فهما من نفسه لنفسه تعالى وإن كان علم ومعلوم فهو سبحانه بنفسه عالم وبنفسه معلوم وكذلك هو سبحانه متكلم فى نفسه وسامع بنفسه وجميع الكمالات مفصلة هناك ومتميزة لكن بعنوان اللاكيفية فإنه لا سبيل للكيفى إلى اللاكيفى وما هو الخلق حتى يكون مرآة لكمالاته سبحانه (ع) فى أى مرآة يكون مصورا * وما يكون العالم حتى يفصل ذلك الإجمال وحضرته سبحانه تفصيل فى عين الإجمال ووسعة فى عين الضيق ولما كان التفصيل والوسعة هناك لا كيفيين بتوهم أن الإجمال لابد له من التفصيل وهو مربوط بخلق العالم وإن تكميل ذلك الإجمال بهذا التفصيل والحق أن هناك إجمالا وتفصيلا كما مر واللّه واسع عليم ( ينبغى ) أن يعلم أن خلق هذا العالم واقع فى مرتبة لا مزاحمة بينها وبين تلك المرتبة المقدسة أصلا ولا مدافعة ووجود أحد الموجودين وأن كان مقتضيا لتحديد وجود الآخر لكن هذه القاعدة مفقودة هنا فإن وجود العالم لم يحدث تحديداً ولا نهاية لذلك الوجود الأقدس ولم يثبت فيه نسبة ولا جهة أصلا ألا ترى أن صورة زيد المتوهمة فى المرآة ثبوتها كائن فى مرتبة لا مزاحمة بين هذا الثبوت وثبوت زيد الذى هو أصل تلك الصورة أصلا ولا مدافعة وثبوت هذه الصورة لم يحدث فى ثبوت أصلها تحديداً ولا نهاية ولم يورث له نسبة أصلا ولا جهة ووجود العالم كوجود تلك الصورة كائن فى مرتبة الوهم لا مزاحمة بينه وبين أصله الموجود فى الخارج ولم يحدث من هذا الثبوت الوهمى تحديد ولا نهاية ولا جهة فى الأصل وللّه المثل الأعلى ( وقد فهم ) من هذا التحقيق حقيقة ما قالوا أن العالم ثابت فى مرتبة الوهم يعنى أن العالم خلق فى مرتبة شبيهة بمرتبة الوهم الثابتة للصورة المنعكسة فى المرآة بالنسبة إلى أصلها الذى هو موجود فى الخارج بل يمكن أن يقال أن إطلاق الوجود الخارجى فى تلك المرتبة المقدسة أيضاً من قبيل التشبيه والتنظير فإنه لا مجال هناك للخارج فإذا تقاصر الوجود عن تلك المرتبة الأقدس ماذا يكون الخارج فإنه فرعه وقسمه ( خاتمة حسنة ) إن جميع مبادى التعينات المذكورة هذه سواء كان تعينا وجودياً إجمالياً أو تفصيلياً بالنسبة إلى ممكنات هذه النشأة الدنيوية ووجود موجودات هذه النشأة وتشخصاتها مربوط بتلك المبادى العالية وأما الموجودات الأخروية فقد تشاهد أنها ليست منوطة بتلك المبادى المذكورة بل مبادى تعيناتها أمور أخر وتلك الأمور عند هذا الفقير كمالات ذاتية لم يصب ذيلها المطهر غبار من الظلية ومندرجة فى تلك المرتبة الأقدس مفصلة ومتميزة فى تلك المرتبة المقدسة بتفصيل وتميز لا كيفيين وكل واحد من تلك الكمالات المفصلة الذاتية المقدسة مبدأ تعين موجود من موجودات تلك النشأة الأخروية ووجود أهل الجنة كأنه لا مساس له بتلك التعينات الوجودية الإجمالية والتفصيلية التى تتعلق بالنشأة الدنيوية وموجودات تلك النشأة كأنها مواجهة لتلك المرتبة المقدسة على عكس موجودات هذه النشأة فإنها قليلة النصيب من المواجهة وماذا أبين من موجودات تلك النشأة الدائمة فإن لها نصيباً وحظا من تلم المرتبة المقدسة لا يمكن وصفة (ع) هنيئاً لأرباب النعيم نعيمها * ( شعر ) ومن بعد هذا ما يدق صفاته * وما كتمه أحظى لدىّ وأجمل ربنا لا تؤاخذنا أن نسينا أو أخطأنا والسلام على من اتبع الهدى . |