١١٣ المكتوب الثالث عشر والمائة إلى الملا سلطان السرهندى فى بيان أن صفاته تعالى متصفة بالحياة والعلم وسائر الكمالات وفى تحقيق معنى قيام الصفات بذاته جل سلطانه. اعلم أن صفات واجب الوجود التى هى قائمة بذاته سبحانه مثل الحياة والقدرة والعلم وغيرها لا مناسبة لها من كمال التقديس والتزه بصفات الممكن أصلا فإن صفات الممكن أعراض قائمة بالجواهر وصفات الواجب جل سلطانه مقومات الجواهر فإن قيام الجواهر إنما هو بها وأيضاً إن صفات الممكن جماد محض حكمها حكم الميت ليس لها نصيب من الحياة والعلم وغيرهما ولكن الممكن يصير بتوسطها حبا وعالماً وقادرا وأما هى أنفسها فليست بحية ولا عالمة ولا قادرة بخلاف صفات واجب الوجود تعالى وتقدس فإنها فى نظر هذا الحقير الكشفى حية عالمة كموصوفها ومدركه لكمالاتها المندرجة فيها ومشغوفة بها ولكن علمها يفهم من قبيل العلم الحضورى لا العلم الحصولى وكذلك كل صفة وشأن تثبت فى مرتبة الوجوب تنكشف كلها بثبوت الحياة والعلم لها وتظهر فى النظر نورا صرفاً وكأن ذلك النور بتمامه حياة وبتمامه علم وانكشاف وهاتان الصفاتان الكاملتان بينتان وواضحتان هناك بخلاف صفات آخر من القدرة والإرادة وغيرهما فإنها لا تنكشف هناك بهذا الوضوح نعم إن ما هو اللازم فى لك الموطن هو انكشاف الكمالات وهو متعلق بصفة العلم ولما كان العلم تابعاً للحياة لابد من صفة الحياة أيضاً والقدرة والإرادة مربوطتان بالمقدور والمراد ويمكن الاكتفاء من السمع والبصر بالعلم والمقصود من الكلام هو الإفادة والتكوين إنما هو للمكونات ومع ذلك لما كانت كل صفة جامعة كانت هذه الصفات الكاملة فيها ثابتة ظهرت أو لم تظهر ( لا يقال ) يلزم من هذا البيان قيام المعنى بالمعنى فإن الصفات إذا كانت حية وعالمة لابد من قيام الحياة والعلم بها ( لأنا نقول ) كلتاهما قائمتان بذات الواجب تعالى إحداهما بالأصالة والأخرى بالتبعية كما قال العلماء فى بقاء الأعراض أن العرض وبقاء العرض كليهما قائمان بمحل العرض ( وتحقيق ) هذا المبحث أن قيام صفات الواجب بذاته الأقدس ليس هو كقيام العرض بالجوهر كلا بل هو شبيه بقيام المصنوع بالصانع فإن الصانع قيوم المصنوع وإن كان هناك اتصاف وفقد ذلك الاتصاف هنا لا بل هو كقيام الشئ بذاته وإنما الفرق أن هناك زيادة والزيادة غير متصورة هنا ولكن تلك الزيادة غير موصلة إلى حد الغيرية فإنهم قالوا ولا غيره فكان التغاير الاعتبارى ثابتاً فى الموضعين والقيام متحققا وحصول الاتصاف هنا من قبيل اتصاف الإنسان بالإنسانية وأتصاف الجوهرية بالجوهر بل أقول إن مرتبة الذات الأقدس والصفات الحقيقية المقدسة القائمة بها ليست فيها ملاحظة الصفات والاتصاف أصلا لا فى حضرة الذات ملاحظة الموصوفية ولا فى الصفات ملاحظة الصفاتية فإذا لم يكن للوجود ووجوب الوجود مجال فى تلك الحضرة كيف يكون للصفة والاتصاف فيها مجال فإنها فرع الوجود لا مجال فى ذلك الموطن المقدس لشئ غير النور وهو أيضاً لا كيفى فإن كان فيه حياة فهو نور وإن كان علم فهو أيضاً نور وعلى هذا القياس فلو أثبت لهذا النور الأقدس اللاكيفى ظهور فى مرتبة ثانية بلا تغير وانتقال لا يكون القابل لمظهريته شئ غير الوجود ولهذا كان التعين الأول عند هذا الحقير هو التعين الوجودى وسائر التعينات تابعة لهذا التعين الأول وإن لم يكن لا طلاق لفظ التعين ههنا مجال بمقتضى علوم هذا الفقير ولكن لما صار هذا اللفظ متعارفاً فيما بين القوم نحن أيضاً جرينا على اصطلاحاتهم واخترنا المساهلة فى إطلاقه ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شئ قدير . |