٩٦ المكتوب السادس والتسعون إلى الفقير هاشم الكشمى فى الأسرار المتعلقة باسميه صلى اللّه عليه وسلم. اعلم أن نبينا عليه وعلى آله الصلاة والسلام مسمى باسمين وكل من هذين الاسمين المباركين مذكور فى القرآن المجيد قال تعالى محمد رسول اللّه وقال سبحانه أيضاً حكاية عن بشارة روح اللّه* اسمه أحمد ولكل من هذين الاسمين المباركين ولاية على حدة فالولاية المحمدية وإن كانت ناشئة من مقام محبوبيته عليه الصلاة والسلام ولكن ليست هناك محبوبية صرفة بل مزجت فيها كيفية المحبية أيضاً وإن لم يكن ذلك المزج ثابتاً له صلى اللّه عليه وسلم بالأصالة ولكنه مانع لمحبوبيته الصرفة والولاية الأحمدية ناشئة من المحبوبية الصرفة ليست فيها شائبة المحبية وهذه الولاية أسبق قدماً من الولاية السابقة وأقرب منها إلى المطلوب بمرحلة واحدة ورغبة المحب ورغبة المحب فيها أكثر فإن المحبوب كلما كان أتم فى المحبوبية يكون استغناؤه ودلاله أتم ويكون فى نظر المحب أحسن وأملح ويكون جذبة للمحب إلى نفسه وجعله مشغوفاً ووالها به أكثر وأزيد ( شعر ) . ليس افتتانى من جماله وحده * بل كل ذا من غنجه ودلاله والمراد بالافتتان إفراط العشق الذى هو مطلوب العاشق شبحان اللّه أن أحمد اسم عجيب سام مركب من الكلمة المقدسة الأحد ومن حلقة حرف الميم الذى هو من غوامض الأسرار الإلهية فى العالم اللاكيفى ولا يمكن التعبير عن ذلك السر المكنون فى العالم الكيفى بغير حلقة الميم فلو أمكن لعبر به الحق سبحانه والأحد هو الأحد الذى لا شريك له وحلقة الميم هو طوق العبودية الذى ميز العبد من المولى فالعبد هو حلقة الميم ولفظ الأحد إنما ورد لتعظيمه وإظهار اختصاصه عليه وعلى آله الصلاة والسلام ( شعر ) . ومن كان هذا اسمه صاح فاعلمن * يكون مسماه أعز وأكرما وبعد مضى ألف سنة أنجرت معاملة تلك الولاية إلى هذه الولاية وانتهت الولاية المحمدية إلى الولاية الأحمدية وبقيت معاملة طوقى العبودية إلى طوق واحد وتمكن فى مكان الطوق الأول حرف الألف الذى هو رمز إلى ربه صلى اللّه عليه وسلم وصار محمد أحمد عليه وعلى آله الصلاة والسلام فإن لمضى الألف تأثيرا فى تغير الأمور العظام ( بيانه ) إن طوقى العبودية عبارة عن حلقتى الميمين المندرجين فى الاسم المبارك محمد ويمكن أن يكون هذان الطوقان إشارة إلى تعينيه عليه الصلاة والسلام أحدهما تعينه الجسدى البشرى وثانيهما تعينه الروحى الملكى وتعينه الجسدى وإن وقع فيه الفتور بواسطة عروض الموت وقوى تعينه الروحى ولكن كان بقى أثر ذلك التعين فلزم مضى ألف سنة حتى يزول ذلك الأثر أيضاً ولا يبقى رسم من ذلك التعين فلما مضى ألف سنة ولم يبق أثر من ذاك التعين وانقطع طوق واحد من طوقى العبودية وطرأ عليه الزوال والفناء وقعد ألف الألوهية الذى يمكن أن يقال له أنه كالبقاء باللّه صار محمد أحمد بالضرورة وانتقلت الولاية المحمدية إلى الولاية الأحمدية فمحمد عبارة عن التعينين وأحمد كناية عن تعين واحد فحسب ويكون هذا الاسم أقرب إلى حضرة الإطلاق وأبعد من العالم ( فإن قيل ) ما معنى الفناء والبقاء الذين قررهما المشائخ وجعلوا الولاية مربوطة بهما وما معنى هذا الفناء والبقاء اللذين ذكرتهما فى التعين المحمدى ( أجيب ) إن الفناء والبقاء اللذين الولاية مربوطة بهما الفناء والبقاء الشهوديان فإن كان هناك فناء وزوال فباعتبار النظر وإن بقاء وثبات فهما أيضاً باعتبار النظر وهناك استتار الصفات البشرية لا زوالها وفناء هذا التعين ليس كذلك بل هنا تحقق الزوال الوجودى للصفات البشرية والانخلاع من الجسمانية إلى الروحانية وفى جانب البقاء أيضاً وإن لم يكن العبد حقا ولم تنفك عنه العبودية ولكنه يقع إلى الحق سبحانه أقرب وتحصل له زيادة المعية ويكون عن نفسه أبعد ويكون ارتفاع الأحكام البشرية عنه أزيد ( ينبغى ) أن يعلم أن هذا العروج المحمدى الذى هو مربوط بانتفاء الصفات البشرية وإن رقت معاملته عليه وعلى آله الصلاة والسلام إلى الذروة العليا وخلصته من جذبات الغير والغيرية ولكن صارت المعاملة إلى أمته صلى اللّه عليه وسلم أضيق وقل نور هدايته الذى كان بواسطة المناسبة البشرية وقل أيضاً توجهه إلى أحوال هؤلاء المتأخرين العاجزين وتوجه بكليته إلى القبلة الحقيقية ويل لرعايا لا يلتفت السلطان إلى حالهم ويكون بكليته متوجهاً إلى محبوبه ومن ههنا استولت ظلمات الكفر والبدعة بعد ألف سنة ونقص نور الإسلام والسنة ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شئ قدير . |