٩٥ المكتوب الخامس والتسعون إلى مولانا صالح الكولابى فى بيان الأسرار المخصوصة بولاية حضرة شيخنا مد ظله العالى. ولاية هذا الفقير وإن كانت مرباة الولاية المحمدية والولاية الموسوية على صاحبيهما الصلاة والتحية ومركبة من نسبة المحبوبية ونسبة المحبية بتطفلهما فإن رئيس المحبوبين محمد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ورئيس المحبين كليم اللّه عليه السلام ولكن فيها أمر آخر وربطت بها معاملة على حدة وأصل هذه الولاية وإن كانت ولاية نبيه التى هى الولاية المحمدية على صاحبها الصلاة والسلام التى هى بالأصالة ناشئة من المحبوبية الصرفة ولكن لما انضمت إلى هذه الولاية كيفية من الولاية الموسوية التى هى بالأصالة ناشئة من المحبية الصرفة وصارت منصبغة بصبغها أيضاً عرضت لها هيئة أخرى بل يمكن أن يقال أنها صارت حقيقة أخرى وأثمرت ثمرة أخرى وأنتجت نتيجة أخرى ونعم ما قال ( شعر ) . ازاين افيون كه ساقى درمى افنكند * حريفا نرانه سرماند ونه دستار ربنا آتنا من لدنك رحمة وهئ لنا من أمرنا رشدا والسلام على من اتبع الهدى . ( فصل بالخير ) فلو أظهرت شمة من تلك المعاملة التى هى مربوطة بتلك الولاية قطع البلعوم وذبح الحلقوم فإذا قال أبو هريرة رضى اللّه عنه فى إظهار بعض العلوم الذى أخذه من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قطع البلعوم ماذا يقال فى حق غيره وقد جعل اللّه سبحانه غوامض الأسرار الإلهية بينه وبين أخص الخواص من عباده ولم يترك الأجانب أن يحوموا حواليها وحضرة خاتم الرسل عليه وعليهم الصلاة والسلام الذى هو رحمة للعالمين أظهر هذه الأسرار المصونة من كمال معرفته ووفور رأفته لأبى هريرة وغيره وآثرهم بهذه الدرر المكنونة لما عرف قابليتهم لتميز الشر من خيره وأنا المفلس القليل البضاعة خائف وجل من تذكر تلك الأسرار وخطورها ولا أجد فى نفسى مع سوء حالى هذا وعدم استعدادى مناسبة بتلك المطالب العليا ولكنى أعرف واعترف بأنه (ع) لا عسر فى أمر مع الكرام * نعم ينبغى للّه أن يكون هكذا وهذا الكرام يليق به سبحانه وكرمه تعالى لنا ليس فى هذا اليوم فقط بل لما أخذ قبضة التراب الذى خلقنا منه من الأرض جعله خليفة نفسه وصيره قيوم الأشياء نيابة عن نفسه وعلمه أسماء جميع الأشياء بلا واسطة وجعل الملائكة الذين هم عبادة المكرمون تلامذته وأمرهم من جلالة شأنهم بسجوده وطرد إبليس الذى كان ملقبا بمعلم الملكوت وكان له شأن عظيم فى العبادة والطاعة وأبعده عن عز حضرة لامتناعه عن سجوده وعدم تعظيمه وتوقيره وجعله ملعونا وملوما ومطعونا وأعطى لذاك التراب قدرة وهمة تحمل بها ثقل الأمانة التى أبت السموات والأرض والجبال أن يحملتها وأشفقن منها وأعطاه أيضاً قوة قابلية لرؤية خالق السموات والأرض الذى هو منزه عن الكيف ومتعال عن المثال مع كونه مكتنفاً مع كونه مكتنفاً بالكيف والمثال مع أن الجبل صار قطعاً قطعا مع صلابته بتجل واحد منه سبحانه وصار رمادا فذلك اللّه الذى هو قديم الإحسان وأرحم الراحمين قادر على أن يبلغ أمثالنا العاجزين درجات السابقين ويجعلنا شركاء دولتهم بتطفلهم ( شعر ) . فإذا أتى باب العجوز خليفة * إياك يا صاح ونتف سبالكا ( تنبيه ) اعلم أن حضرة الحق سبحانه على تنزيهه وتقديسه دائماً منزه عن صفات الحدوث ومبرأ من سمات النقصان ولا سبيل للتبدل والتغير إلى حضرته جل سلطانه ولا مجال هناك للاتصال والانفصال وتجويز الحالية والمحلية ثمة كفر والحكم بالاتحاد والعينية عين الإلحاد والزندقة وإن حصل لخواص عبادة سبحانه وتعالى قرب ووصل إلى تلك الحضرة ولكن ليس ذلك من قبيل قرب الجسم بالجسم ولا من جنس اتصال الجوهر بالعرض فلو كان هناك قرب فهو منزه عن الكيف وإن كان وصل قمبرأ أيضاً عن الكم والأين وجميع معاملات هؤلاء الأكابر فى تلك الحضرة من العالم اللاكيفى ونسبة العالم الكيفى إلى العالم اللاكيفى كنسبة القطرة إلى البحر المحيط كيف لا فان ذلك ممكن وهذا واجب تعالى وذاك كائن فى ضيق المكان والزمان وهذا منزه عن ضيق الزمان والمكان نعم ميدان العبارة متسع فى ذاك العال وضيق فى هذا العالم لعلوه من العبارة وبعده عن الإشارة وقد أعطى أرحم الراحمين خواص عبادة نصيبا من والعالم اللاكيفى وسيرا فيه وشرفهم بمعاملات لا كيفية فلو عبر عن ذاك اللاكيفى بالكيفى فرضا لكان أبعد من تعبير البالغين عن لذة الجماع للأطفال بلذة العسل والسكر فإن كلتا هاتين اللذتين من عالم واحد وذاك المعبر به والمعبر عنه من العالمين المتباينين فمن عبر عن اللاكيفى بالكيفى وأجرى أحكام الكيفى على اللاكيفى حق له أن يكون موردا للطعن والطرد وأن يتم بالإلحاد والزندقة بالضرورة فكون تلك الأسرار دقيقة وغموضة إنما جاء من جهة العبارة والتعبير لا من جهة التحقق والحصول فإن تحقيق الإنسان بتلك الأسرار كمال الإيمان والتعبير عنها بعبارة كيفية عين الكفر والإلحاد ينبغى أن يستعمل من عرف اللّه كل لسانه فى هذا المقام ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شئ قدير الحمد للّه أولا وآخرا والصلاة والسلام على رسوله دائماً وسرمداً . |