Geri

   

 

 

İleri

 

٩٤

المكتوب الرابع والتسعون

إلى حضرة المخدوم زاده الخواجه محمد معصوم سلمه اللّه فى بيان دقائق الكمال والجمال الذاتيين ومرتبة مقدسة قوف مرتبتهما ونصيب تعينات الحبيب والخليل والكليم عليهم الصلاة والسلام من تينك المرتبتين وحظ حضرة شيخنا منها.

إن الحق سبحانه جميل فى حد ذاته والحسن والجمال الذاتيين ثابتان له لا ذلك الحسن والجمال اللذان ندركهما ونتعقلهما ونتخيلهما ومع ذلك فى تلك الحضرة مرتبة أقدس لا يمكن الوصول إلى تلك المرتبة من غاية عظمتها وكبريائها ولا يمكن توصيفها بالحسن والجمال والتعين الأول الذى هو التعين الوجودى تعين ذلك الكمال والجمال الذاتيين وظلهما الأول وتلك المرتبة الأقدس التى لا مجال فيها للحسن والجمال أيضاً ليس فيها تعين أصلا فإنها من غاية عظمتها وكبريائها لا تكون متعينة بتعين أصلا (ع)

فى أى مرآة يكون مصورا *

ومع ذلك أودع فى مركز دائرة التعين الأول سر وكيفية من تلك المرتبة الأقدس وعبيت فيه علامة من تلك المرتبة المقدسة المنزهة عن العلامة فكما أن التعين الأول منشأ الولاية الخليلية كذلك ذلك السر والكيفية المودعين فى مركز دائرة التعين منشأ للولاية المحمدية على صاحبهما الصلاة والسلام والتحية ولذينك الحسن والجمال الذاتيين الذين التعين الأول ظلهما شباهة بالصباحة التى هى فى عالم المجاز من قبيل حسن الخد وجمال الخال ولذلك السر والكيفية المودعين فى المركز مناسبة بالملاحة التى هى وراء رشاقة لقد وصباحة الخد ووراء حسن العين وجمال الخال وإنما هو أمر ذوقى من لم يعط ذوقاً لا يدركه قال الشاعر ( شعر ) .

بى ظبية فيها الملاحة كلها  * من لى بوصف جمالها ودلالها

فاعرف التفاوت بين هاتين الولايتين من هذا البيان وأن كان كلتاهما ناشئتين من قرب الذات تعالت وتقدست ولكن مرجع أحديهما كمالات الذات ومعاد الأخرى صرف الذات تعالت فإذا كانت الملاحة فوق الصباحة فالوصول إلى الملاحة إنما يتصور بعد طى جميع مراتب الصباحة وما لم يتيسر الوصول إلى جميع مراتب الولاية الإبراهيمية لا يتيسر الوصول إلى حقيقة هذه الولاية التى هى ذروة الولاية المحمدية العليا على صاحبيهما الصلاة والسلام ويمكن أن يكون كون نبينا صلى اللّه عليه وسلم مأمورا بمتابعة ملة إبراهيم عليه والسلام لأن يصل بواسطة تلك المتابعة إلى حقيقة ولايته ثم يترقى منها إلى حقيقة ولاية نفسه التى وقع التعبير عنها بالملاحة ويتحقق بها وحيث كان لنبينا صلى اللّه عليه وسلم مناسبة ذاتية بمركز ولاية الحلة التى هى أقرب إلى حضرة إجمال الذات ومناسبته بمحيط الدائرة أقل لكون وجهها إلى تفصيل كمالات الذات فما لم يتحقق بكمالات محيط تلك الدائرة أيضاً لا تتم ولاية الخلة ومن ههنا ورد فى الصلاة المأثورة كما صليت على إبراهيم ليتيسر له كمالات ولاية الخلة بالتمام كما كانت ميسرة لصاحب تلك الولاية على نبينا وعليه الصلاة والسلام ولما كان المكان الطبيعى للولاية المحمدية نقطة مركز دائرة الولاية الخليلية عليهما الصلاة والتحية وسيرة صلى اللّه عليه وسلم أيضاً مقصورا على مركز تلك الدائرة تعسر خروجه منه ودخوله فى محيط الدائرة واكتساب كمالاته بالضرورة لكون ذلك خلاف مقتضى طبيعته فاقتضى الحال أن يكون متوسط من أفراد أمته عليه وعلى آله الصلاة والسلام يكون بتبعيته صلى اللّه عليه وسلم فى عين ذلك المركز وتكون له مناسبة بمحيط تلك الدائرة من وجه آخر حتى يكتسب كمالات تلك المرتبة ويتحقق بحقيقتها وبحكم من سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها يتحقق نبيه المتبرع بتلك الكمالات أيضاً ويتم مراتب الولاية الخليلية وبيان سر هذا المعمى على ما ظهر لهذا الفقير أن نقطة مركز دائرة ولاية الخلة التى امتازت عن سائر نقطها بالمحبة وإن كانت بسيطة ولكن لما كانت متضمنة لاعتبار المحبية والمحبوبية ظهرت منها صورة دائرة محيطها اعتبار اعتبار المحبية ومركزها اعتبار المحبوبية ومنشأ الولاية الموسوية اعتبار المحبية التى هى محيط الدائرة ومنشأ الولاية المحمدية اعتبار المحبوبية التى هى مركز الدائرة ينبغى أن يتصور حصول الولاية المحمدية ههنا وبعد مضى ألف سنة عرضت لمركز هذه الدائرة الثانية التى الحقيقة المحمدية مربوطة بها وسعة أيضاً وظهر فيه اعتبار أن فظهر فى صورة دائرة مركزها المحبوبية الصرفة ومحيطها المحبوبية الممتزجة بالمحبية ومنشأ الولاية الأحمدية مركز هذه الدائرة وأحمد اسم ثان للنبى صلى اللّه عليه وسلم وهو عليه الصلاة والسلام معروف فيما بين أهل السموات بهذا الاسم كما قالوا ويمكن أن تكون بشارة عيسى عليه السلام الذى صار من أهل السموات بقدوم النبى صلى اللّه عليه وسلم باسم أحمد لذلك ولهذا الاسم المبارك قرب كثير من الذات الأحد وأقرب إليها من ذاك الاسم الثانى يعنى الاسم المبارك محمد بمرحلة واحدة كما بين وهذا الاسم امتاز من الاسم المبارك أحد بحلقة ميم واحدة وهى مبدأ المحبة التى صارت باعثة على الظهور والإظهار وأيضاً الميم الذى اندرج فى أحمد من مقطعات الحروف القرآنية المنزلة فى أوائل السور ومن الأسرار الغامضة ولحرف الميم هذا خصوصية خاصة به صلى اللّه عليه وسلم وتلك الخصوصية صارت باعثة على محبوبيته صلى اللّه عليه وسلم وجعلته فائقا على الكل

( ولنرجع ) إلى أصل الكلام فنقول أن محيط تلك الدائرة التى هى عبارة عن المحبوبية الممتزجة بالمحبية منشأ ولاية فرد من أفراد أمته عليه وعلى آله الصلاة والسلام كان له مناسبة بمحيط الدائرة مع حصول الولاية المحمدية والمركزية وأنه اكتسب كمالاته وعلم أن هذه الدولة الثانية يعنى مناسبته بمحيط الدائرة واكتساب كمالاته حصلت له من طريق الولاية الموسوية وكان هو بتطفل هاتين الولايتين جامعاً لكمالات المركز والمحيط ومن المقرر إن كل كمال حاصل للأمة حاصل لنبى تلك الأمة أيضاً بحكم من سن سنة حسنة الحديث فتيسر له صلى اللّه عليه وسلم بتوسط هذا الفرد كمالات محيط تلك الدائرة أيضاً وتمت ولاية الخلة فى حقه عليه الصلاة والسلام واقترن دعاء اللّهم صلى على محمد كما صليت على إبراهيم بعد ألف سنة بالإجابة وكان المسئول مستجابا ومعاملته صلى اللّه عليه وسلم بعد تمام ولاية الخلة مع ذاك السر الذى أودع فى المركز الذى عبر عنه بالملاحة وأرجع ذلك الفرد من ذلك المقام إلى العالم لحراسة أمته وأختلى بنفسه الكريمة مع المحبوب فى حجرة الغيب ( شعر ) .

هنيئاً لأرباب النعيم نعيمها  * وللعاشق المسكين ما يتجرع

( ينبغى ) أن يعلم أن محيط المركز الثالث وإن كان يرى أصغر بالنسبة إلى محيط مركز التعين الأول ولكنه أجمع فإن كلما هو أقرب إلى حضرة الذات يكون أجمع ينبغى أن يعلم صغره كصغر الإنسان فإنه مع وجود الصغر فيه أجمع جميع أصناف العالم وأيضاً أن الشخص الذى تحقق بكمالات هذا المحيط وخرج من إجمال المركز إلى تفصيل المحيط زال عنه عدم مناسبة بالمحيط والتفصيل الذى كان فيه أولا وذهب من تفصيل إلى تفصيل من غير تكلف وتحقق بكمالات ذاك التفصيل أيضاً

( اسمع ) إنه من وجود كمال الاقتدار لما كان نظام العالم منوطا بالحكمة لابد فى تربية المحبوبين أيضاً من وجود الأسباب وإن لم يكن وجود السبب غير العلل وسوى نقاب القدرة سنة اللّه التى قد خلت من قبل ولن تجد لسنة اللّه تبديلا

( تنبيه ) اعلم أن النبى وإن حصل بعض الكمالات بتوسط فرد من أفراد أمته ووصل إلى بعض المقامات بتوسله ولكن لا يلزم من ذلك نقص ذاك النبى ومزية ذلك الفرد عليه فإن ذلك الفرد إنما نال ذك الكمال بمتابعة ذاك النبى ووصل إلى هذه الدولة بتطفله فذاك الكمال فى الحقيقة من ذلك النبى ونتيجة المتابعة له وما مثل ذلك الفرد إلا كمثل خادم يصرف الخرج من خزائن مخدومه ويهيئ له البسة مزينة لتكون باعثة على مزيد حسنة وجماله وزيادة حشمته وجلاله فأى نقص ثمة فى المخدوم وأى مزية للخادم عليه والإمداد إنما يكون نقصا إذا كان من الأقران

وإما إذا وقع من الخدام والغلمان فهو عين الكمال وموجب لازدياد الجاه والجلال والناقص من يخلط أحدهما بالآخر ويقع فى توهم المنقصة ألا يرون أن الملوك يأخذون البلاد والأملاك بإمداد الخدم والحشم ويفتتحون القلاع ولا يعلم من هذا الإمداد غير حصول العظمة والأبهة للملوك ولا يظهر أيضاً شئ من شرف الخدم والحشم وعزتهم والأمم خدام الأنبياء عليهم السلام وغلمانهم فيحصل الإمداد منهم إلى هؤلاء الأكابر فكيف يتوهم منه منقصتهم وما يقولون أن هؤلاء الأكابر ليسوا محتاجين إلى إمداد أصلا وجميع مراتب الكمال حاصل لهم بالفعل مكابرة صريحة فإن هؤلاء الأكابر أيضاً عباد اللّه سبحانه يرجون دائماً من فيوض فضل وبركات رحمته ويريدون الترقى على الدوام وقد ورد فى الحديث من استوى يوماه فهو مغبون وقال صلى اللّه عليه وسلم سلوا لى الوسيلة وورد أيضاً فى الأحاديث الصحاح كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يستفتح بصعاليك المهاجرين وهذه كلها طلب إمداد وإعانة والذين لا يجوزون إمداد الأمم وإعانتهم فى حق هؤلاء الكبراء نظرهم واقع فى عظمة الأنبياء وعلو درجاتهم فلو وقع نظرهم إلى عبوديتهم أيضاً وصار احتياجهم إلى مولاهم معلوما لديهم لما أنكروا إمداد الأمم ولا يستبعدون إعانة الخدام والغلمان ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شئ قدير والصلاة والسلام على نبينا وعلى جميع الأنبياء العظام والملائكة الكرام .