Geri

   

 

 

İleri

 

٨٨

المكتوب الثامن والثمانون

إلى حضرة المخدوم زاده العالى المرتبة الخواجه محمد سعيد سلمه اللّه تعالى فى أسرار خلة الخليل وإثبات التعين الوجودى.

إن الحق سبحانه إذا شرف عبدا بدولة خلته التى هى بالأصالة مخصوصة بحضرة إبراهيم على نبينا وعليه الصلاة والسلام وجعله ممتازا بالولاية الابراهمية بجعله انيسه ونديمه ويورد فى البين نسبة الأنس والألفة التى هى من لوازم الخلة ولما حصلت فى البين نسبة الخلة التى من لوازمها الأنس والألفة ارتفع من النظر قبح أخلاق الخليل وكراهة أوصافه فإنه لو كان قبح فى النظر لكان باعثا على النفرة وعدم الألفة وهى منافية لمقام الخلة التى هى ألفة بالكلية

( فإن قيل ) إن ارتفاع قبح أوصاف الخليل عن النظر فى مرتبة المجاز ظاهر فإنه يجوز أن يغلب نسبة الخلة فى ذلك الموطن فتستر قبح أوصاف الخليل

وأما فى مرتبة الحقيقة التى فيها العلم بالأشياء كما هى فلا يجوز فيها ظهور القبيح غير قبيح وكونه مغلوب نسبة الخلة

( قلت ) إن فى كل قبيح وجها من وجوه الحسن فيمكن أن يرى ذلك القبيح حسنا بالنظر إلى ذلك الوجه الحسن ويحكم بحسنه

( ينبغى ) أن يعلم أن ذاك القبيح وإن لم يعرض له حسن مطلق ولكن لما كان وجهه الحسن ملحوظاً ومنظوراً للمولى جل شأنه كان بحكم إلا أن حزب اللّه هم الغالبون غالباً على سائر وجوهه القبيحة وجعل كلها فى لونه وصيرها مستحسنة أولئك يبدل اللّه سيئاتهم حسنات

( اعلم ) أرشدك اللّه تعالى سواء الصراط إن النسبة بين الخلة والمحبة عموم وخصوص مطلقا فإن الخلة عامة والمحبة فردها الكامل فإن إفراط الأنس والألفة هو المحبة التى هى باعثة على الهيمان ومورثة لعدم القرار وعدم الراحة والخلة بتمامها أنس وألفة واستراحة والمحبة هى التى عرضت لها كيفية أخرى وصارت ممتازة من سائر أفراد الخلة وكأنها صارت جنسا آخر والخاصية التى امتازت المخبة بها عن سائر أفراد الخلة هى الحزن والألم ونفس الخلة كلها عيش فى عيش وفرح فى فرح وأنس فى أنس ولعله من هذه الحيثية أعطى اللّه سبحانه وتعالى خليلة على نبينا وعليه الصلاة والسلام أجر عمله فى الدنيا التى هى دار المحن وفى الآخرة أيضاً قال اللّه تعالى وآتيناه أجره فى الدنيا وإنه فى الآخرة لمن الصالحين فإذا كانت المحبة منشأ الألم والحزن فكل فرد تكون المحبة فيها غالباً يكون الألم والحزن فيه أزيد ومن ههنا قيل كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم متواصل الحزن وقال عليه الصلاة والسلام ما أوذى نبى مثل ما أوذيت فإن الفرد الكامل من أفراد الإنسان فى حصول المحبة كان هو النبى صلى اللّه عليه وسلم وإن كان هو عليه الصلاة والسلام محبوبا ولكن لما حصلت فى البين نسبة المحبة كان المحبوب كالمحب وإلها ومشغوفا وقد ورد فى الحديث القدسى ألا طال شوق الأبرار إلى لقائى وأنا إليهم لأشد شوقاً

( وههنا ) سؤال مشهور وهو إن الشوق إنما يكون إلى المفقود ولا شئ مفقود عن حضرته تعالى فكيف يكون فيه الشوق وما يكون أشد الشوق

( والجواب ) إن مقتضى كمال الحبة هو رفع الأثنينية واتحاد المحب مع المحبوب وحيث أن هذا المعنى مفقود فالشوق موجود ولما كان تمنى الاتحاد فى جانب المحبوب لأن المحبوب لعله يقنع بمجرد وصال المحبوب كان أشد الشوق فى جانب المحبوب بالضرورة ويكون تواصل الحزن من صفة الحبيب

( فإن قيل ) إن الحق سبحانه قادر على جميع الأمور وكلما يريده ميسر له فلا يكون شئ مفقودا فى حقه حتى يتحقق الشوق

( أجيب ) إن تمنى أمر غير إرادته ومراده تعالى لا يتخلف عن إرادته ولكن يجوز أن يوجد تمنى أمر ولا توجد الإرادة بحصوله ولا يراد وجوده (ع)

وكم فى العشق من عجب عجيب *

وأحيانا يكون المطلوب فى العشق مجرد الألم ولا يكون الوصل ملحوظاً أصلا بل يراد الوصل ويهرب من اتصال المحبوب وهذا قسم من أقسام جنون العشق بل من محاسن العشق من لم يذق لم يدر

(ولنرجع ) إلى أصل الكلام فنقول إن الخلة مقام عال جدا وكثير البركة وكل من فيه أنس وألفة وسكونة واطمئنان مع الآخر فى عالم المجاز كل ذلك من ظلال مقام الخلة وكذلك كل حظ ولذة واطمئنان بالصور الحسنة والمظاهر الجميلة ناشئة من مقام الخلة والمحبة شئ آخر فإن فيها كيفية أخرى فلو لم يكن فى البين خلة وأنس وألفة لما وجد مركب أصلا ولا ينضم جزء بجزء آخر خصوصا إذا كانت بينهما نسبة التضاد بل لما ينضم وجود إلى ماهية ما أصلا بل لا يدخل شئ من العالم تحت إيجاد الواجب تعالى فإن المحرك لسلسلة الإيجاد والباعث على وجود الأشياء هو الحب فأحببت أن أعرف فخلقت الخلق حديث قدسى والحب فرد كامل من الخلة كما مر فلو لم تكن الخلة لما وجد شئ من الأشياء ولا يجتمع شئ بشئ ولا يحصل بين الشيئين ألفة ووجود العالم ونظامه كلاهما مربوطان بالخلة فلو لم تكن خلة لكان النظام كالوجود مفقودا فكانت الخلة أصل الإيجاد من جانب الموجد ومن الموجود فإن الذى جعل الممكن مأنوسا لقبول الوجود وأورده فى قيد الإيجاد هو الخلة بل العدم أيضاً مطمئن ومستريح فى بيت خلوته بدولة الخلة مؤانس بلا شيئيته بل مؤتلف وموانس بنقيضه أيضاً ولهذا صار مرآة لكمالاته وواسطة لوجود الممكنات فكانت الخلة أكثر بركة من جميع الأشياء وكانت بركتها شاملة للموجود والمعدوم فإذا علمت معارف مقام الخلة ودقائقها وعموم بركاتها وعلمت أيضاً أن مقام الخلة بالأصالة مخصوص بحضرة إبراهيم على نبينا وعليه الصلاة والسلام وإن ولايته ولاية إبراهيمية فاعلم أنه قد ظهر لهذا الفقير الآن بتوسط بركات هذه المعارف إن التعين الأول هو تعين حضرة الذات تعالت وتقدست بحضرة الوجود وذلك التعين الأول هو رب حضرة الخليل على نبينا وعليه الصلاة والسلام ولهذا كان هو إمام الكل إن جاعلك للناس إماما وصار سيد البشر مأمورا بمتابعته اتبع ملة إبراهيم حنيفا وكل نبى جاء بعده كان مأمورا بمتابعته وسائر التعينات مندرجة فى ضمن هذا التعين الوجودى سواء كان تعينا علمياً جمليا أو تفصيليا ويمكن أن يكون من ههنا ذكر نبينا عليه الصلاة والسلام إبراهيم عليه السلام بالأبوة وذكر سائر الأنبياء على جميعهم الصلاة والسلام بالأخوة فلو ذكر سائر الأنبياء بالبنوة لجاز فإن تعيناتهم مندرجة فى تعينه الذى هو التعين العلمى الجملى على ما قالوا وما ود فى الصلاة المأثورة من قوله صلى اللّه عليه وسلم كما صليت على إبراهيم يمكن أن يكون من جهة أن الوصول إلى حضرة الذات تعالت وتقدست بدون توسط التعين الأول الذى هو التعين الوجودى وبلا إتمام الكمالات الولاية الإبراهيمية غير ميسر فإنه هو العقوبة الأولى لتلك المرتبة المقدسة وهو الذى صار مرآة لغيب الغيب فأوردا بطن البطون إلى عرصة الظهور فلابد حينئذ لكل أحد من توسطه وأمر اللّه سبحانه خاتم الأنبياء عليه وعليهم الصلاة والسلام بمتابعته ليصل بتبعيته إلى ولايته ثم يتبختر منها إلى حضرة الذات جل شأنه

( فإن قيل ) لزم من هذا البيان أن يكون إبراهيم أفضل من خاتم الرسل على جميعهم الصلاة والسلام والحال أن الإجماع على أفضلية خاتم الرسل على جميعهم ولزم أيضاً أن يكون التجلى الذاتى نصب حضرة الخليل بالأصالة ويكون لغيره بتبعيته ومن المقرر عند أكابر الصوفية أن التجلى الذاتى بالأصالة مخصوص بخاتم الرسل ولغيره بتبعيته

( أجيب ) إن الوصول إلى الذات كتجلى الذات تعالت وتقدست على قسمين باعتبار النظر وباعتبار القدم يعنى أن الواصل إما النظر أو الناظر بنفسه والوصول النظرى نصيب الخليل عليه السلام بالأصالة فإن أقرب التعينات إلى حضرة الذات هو التعين الأول الذى هو ربه كما مر وما لم يوصل إلى ذلك التعين لا ينفذ النظر إلى ما ورائه والوصول القدمى نصيب الحبيب بالأصالة فإنه محبوب رب العالمين ويوصل بالمحبوبين إلى محل يعجز عنه الإخلاء إلا أن يذهبوا فيه بتبعيته واللائق بالخليل أن يصل نظره إلى مقام يصل إليه رئيس المحبوبين عليه وعلى آله الصلاة والسلام وأن لا يقصر فى الطريق وبالجملة إن تجلى الذات من وجه مخصوص بالخليل وغيره تابع له ومن وجه مخصوص بخاتم الرسل وغيره تابع له عليه وعلى آله الصلاة والسلام ولما كان الوجه الثانى أقوى وأدخل فى مراتب القرب كانت مناسبة التجلى الذاتى بخاتم الرسل أكثر وأزيد وكان هو صلى اللّه عليه وسلم أفضل من الخليل ومن سائر الأنبياء بالضرورة فكان الفضل الكلى نصيب الحبيب والخليل من بين الأنبياء وإن كان أحدهما أفضل من الآخر ولما كان موسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام رئيس المحبين كما كان نبينا صلى اللّه عليه وسلم رئيس المحبوبين كان له بحكم المرء مع من أحب معية بحضرة الذات بالضرورة ليست هى لغيره وله أيضاً فى تلك الحضرة منزلة لا مدخل فيها لغيره وإنما نال ذلك بواسطة محبته فقط ولكن هذا الفضل راجع إلى جزئى يمكن أن يقال أنه عديل للكلى فإن الجم الغفير من الأنبياء تابعون له فى ذلك المقام ومع ذلك الفضل الكلى هو ما كانت نصيب الخليل والحبيب عليهما الصلاة والسلام وإن كان كل منهما تابعاً للآخر من وجه حيث أن الخليل أصل فى الوصول النظرى والحبيب تابع له فيه وعكسه فى الوصول القدمى وفى الخاطر أن أكتب ما ظهر لى من الكمالات والفضائل المخصوصة بحضرة الكليم على نبينا وعليه الصلاة والسلام فى ورقة على حدة إن شاء اللّه تالى

( ينبغى ) أن يعلم أن الأنبياء إذا وصلوا إلى حضرة الذات تعالت وتقدست بتوسط نبى من الأنبياء عليه الصلاة والسلام لا يكون ذلك النبى حائلا بين حضرة الذات وبين هؤلاء الأنبياء بل لهم من حضرة الذات نصيب بالأصالة غاية ما فى الباب أن وصولهم إلى تلك الدرجة مربوط بتبعية ذلك النبى عليه وعليهم الصلاة والسلام بخلاف أمة نبى وصلت بتوسطه فإن ذلك النبى حائل فى البين إلا أن يكون لفرد من أفراد الأمة نصيب من حضرة الذات بالأصالة فالحيلولة ثمة أيضاً مفقودة وتبعيته له موجودة وقليل ما هم بل أقل

( فإن قيل ) فعلى هذا التقدير ما يكون الفرق بين ذلك الفرد من الأمة وبين سائر الأنبياء فإن الحيلولة مفقودة فى كليهما والتبعية موجودة

( أجيب ) إن تبعية ذلك الفرد من الأمة باعتبار التشريع فإنه ما لم يتبع شريعة نبى لا يصل والتبعية فى الأنبياء باعتبار أن وصول النبى المتبوع إلى تلك الدرجة أولا وبالذات ووصول غيره ثانياً وبالعرض فإن المطلوب من الدعوة هو المحبوب وغيره إنما يدعى بتطفله ويطلب بتبعيته ولكن الكل جلساء على سفرة واحدة ومستوفون للتلذذات والتنعمات فى مجلس واحد على تفاوت درجاتهم والأمم هم الذين ينالون من زلاتهم ويأكلون من فضلاتهم إلا أن يكون فرد من أفرادهم مخصوصاً بكرم اللّه جل شأنه فيصير جليس مجلس الأكابر كما مر (ع)

لا عسر فى أمر مع الكرام *

ومع ذلك الأمة أمة والنبى نبى والأمة وإن حصل لها غاية الرفعة ونهاية العلو ولكن لا يبلغ رأسها قدم نبى من الأنبياء قال اللّه تعالى ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إنهم لهم المنصورون * وإن جندنا لهم الغالبون

( فإن قيل ) وما المراد من متابعة ملة إبراهيم التى أمر نبينا صلى اللّه عليه وسلم بها وما يكون الأمر بالتبعية مع وجود استقلال شريعته صلى اللّه عليه وسلم

( أجيب ) لا منافاة بين استقلال الشريعة وبين التبعية فإنه يجوز أن يكون نبينا عليه وعلى آله الصلاة والسلام أخذ الشريعة بالأصالة ولكنه يصير مأمورا بمتابعة الخليل عليه السلام فى حصول أمر من الأمور لكون ذلك الأمر من خصايص ذلك المتبوع الذى أمر بمتابعته ولكون حصوله مربوطا بحصول المتابعة كما إذا أدى شخص مثلا فرضا من الفرائض ومع ذلك ينوى المتابعة ويقول إن هذا الفرض قد أداه نبينا صلى اللّه عليه وسلم فأوديه أنا أيضاً فعلى هذا التقدير ينال ثوابا للمتابعة سوى ثواب أداء الفرائض ويحصل له مناسبة بالنبى فيستفيد من بركات وتفتيش أن المراد من متابعة الملة هل هو متابعة تمام الملة أو بعضها فإن كان متابعة تمام الملة فكيف تيصور متابعة الكل مع وجود نسخ بعض الأحكام وإن كان متابعة البعض فلا يخلو عن خدشة أيضاً فقد حله علماء التفسير فينبغى المراجعة ثمة فإنه من علوم علماء الظاهر ومناسبته بعلوم الصوفية قليلة سبحان اللّه أن المعارف التى تظهر منى حتى يكاد أبناء الجنس يتنفرون عنى بسبب غرابتها ويصير المحاريم فى مقام البغض فيحرمونها وأى اختيار لى فى حصول تلك المعارف وأى غرض لى فى إظهارها وقد أعلمت أن التعين الأول هو التعين الوجودى وأنه رب الخليل ومبدأ تعينه على نبينا وعليه الصلاة والسلام ولم يسمع أحد فى مدة ألف سنة أن التعين الأول هو التعين الوجودى وأنه رب خليل الرحمن على نبينا وعليه الصلاة والسلام فإن هذه العبارات والاصطلاحات لم تكن متعارفة بين المتقدمين ولم يكن للتعين والتنزل مجال عندهم والمقرر عند المتأخرين الذين صارت هذه الكلمات متعارفة فيما بينهم أن التعين الأول هو التعين العلمى وأنه رب خاتم الرسل عليه وعليهم الصلاة والسلام واليوم يظهر خلاف ما هو المقرر من شخص فينبغى التخيل أنه ماذا يرد على رأسه وما يطلق عليه من الطعن والملامة يظنون أنه يفضل الخليل على الحبيب ويجعل الحبيب جزأ من الخليل حيث يعتقد أن سائر التعينات مندرجة فى التعين الأول وإن دفع توهمهم ذلك فيما مر وأجاب جوابا شافيا ولكن لا يعلم أنهم يكتفون بذلك الدفع ويتشفون بذلك الجواب الشافى أولا ماذا نفعل فإنه لا علاج للجهل والعناد والتعصب إلا أن يقلب مقلب القلوب بقدرته الكاملة قلوبهم وصيرهم قابلين لاستماع الحق ينبغى أن يدلك علو شأن حضرة الخليل من أمر اتبع الذى صدر منه سبحانه إلى حبيبه فإنه ما مناسبة المتبوع بالتابع ولكن المحبوبية التى صارت نصيب خاتم الرسل عليه وعلى آله الصلاة والسلام رجحت على جميع الفضائل ومراتب القرب وجعلته صلى اللّه عليه وسلم أسبق قدما من الكل لا يساوى ألف مرتبة من مراتب القرب لنسبة واحدة من نسب المحبوبية والمحب يرى محبوبه أعز من نفسه فأين للغير مجال دعوى المشاركة معه

( فإن قيل ) إنك كتبت فى رسائلك أن رب الخليل أيضاً شأن العلم كما أنه رب الحبيب عليهما الصلاة والسلام والفرق أنه هناك بالتفصيل وهنا بالإجمال

( أجيب ) إن تلك المعرفة إنما كانت قبل الوصول إلى حقيقة ولاية الخلة هذه ولما تحققت بحقيقة هذه الولاية ظهرت المعاملة كما هى وكأن تلك المعرفة كانت متعلقة بظل هذه الحقيقة واللّه سبحانه الملهم للصواب فاتضح من هذا البيان أن الوجود ليس بعين الذات بل تعين أسبق من سائر تعينات الذات تعالت وتقدست من قال بعينيه الوجود للذات فقد ظن التعين لا تعينا وزعم غير الذات ذاتا والمناقشة فى قول الغير لا حاصل فيها فإنه جئ به لضيق ميدان العبارة

( فإن قيل ) ما نسبة هذا التعين الأول الوجودى الذى وجدته بذاك التعين الأول العلمى الجملى الذى وجده الآخرون وهلى بين هذين التعينين تعين آخر أولاً

( أجيب ) إن التعين الوجودى فوق التعين العلمى وما قالوا أن فوق التعين العلمى مرتبة حضرة الذات واللاتعين هو هذا التعين الوجودى وجدوه عين الذات وحكموا بعينية الوجود للذات وبين هذين التعينين شأن الحياة التى هى أقدم جميع الشئونات وبعدها شأن العلم إجمالا وتفصيلا وهو تابع لها ولكن لا يظهر مظهرية هذا التعين المتوسط فى النظر ومناسبته بحضرة الذات تعالت أزيد من الكل والاستغناء الذاتى واضح فيه جداً ولكن يفهم أن فيوضه وبركاته مستفاضة خصوصا على الروحانيين واللّه سبحانه أعلم بحقيقة الحال سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم

( تنبيه ) إن ما مر فيما سبق من أن الوصول النظرى نصيب الخليل بالأصالة والوصول القدمى نصيب الحبيب عليهما الصلاة والسلام بالأصالة لا بمعنى أن هناك شهود ومشاهدة أو للقدم مجال ثمة فإنه لا مجال هناك لشعرة فضلا عن القدم بل هو وصول مجهول الكيفية فإن ارتسم فى الصورة المثالية بالنظر فوصول نظرى وإن بالقدم فوصول قدمى وإلا فالقدم والنظر كلاهما والهان ومتحيران فى تلك الحضرة جل شأنها والسلام على من اتبع الهدى .