Geri

   

 

 

İleri

 

٧٤

المكتوب الرابع والسبعون

إلى حضرة المخدوم زاده الخواجه محمد معصوم فى شرح كلام صاحب الفصوص فى بيان تجلى الذات وتحقيق الرأى الخاص بحضرة شيخنا ولم يتم هذا المكتوب اتفاقاً.

الحمد للّه وسلام على عباده الذين اصطفى قال الشيخ بن العربى قدس سره والتجلى من الذات لا يكون إلا بصورة المتجلى له فالمتجلى له ما رأى سوى صورته فى مرآة الحق وما رأى الحق ولا يمكن أن يراه والمراد من مرآة الذات هو الشأن الذاتى الذى ظله الاسم الزائد الذى هو مبدأ لتعين المتجلى له فإن لكل اسم زايد هو مبدأ لتعين من تعينات المخلوقات أصلا فى مرتبة الذات وهو الشأن الذى هو مجرد اعتبار فى الذات كما حققت فى غير موضع وليس المراد منه الذات مطلقاً فإن المطلق لا يكون مرآة للمقيد ولما كانت المرآة مقيدة مثل الصورة الكائنة فيها وأصلا لأصل تلك الصورة لا جرم يتجلى المرآة فى نظر المتجلى له بصورته الكائنة فيها من غير زيادة ولا نقصان لأن تجلى ذلك الشأن وظهوره فى هذه المرتبة التى وقع التجلى فيها لا يكون إلا بهذه الصورة التى كان المتجلى له عليها إلا أن ظهوره بهذه الصورة لفنائه وعدم تعلقه بالعالم مشروط بتوسط الاسم الظلى الذى هو مبدأ لتعين صورة المتجلى له وهذه المرآة المقدسة مباينة لسائر المرايا فإن ظهور الصورة فى تلك المرايا كائن فى زاوية من زواياها ولا تظهر المرايا بأعيان الصورة الحالة فيها لمباينة بينهما بخلاف هذه المرآة المقدسة فإن الصورة غير حالة فيها ولا حاصلة فى زاوية من زواياها لعدم الحالية والمحلية فى تلك الحضرة ولو حسا وعدم التبعض والتجزى فى تلك المرتبة المقدسة ولو وهما بل تظهر هذه المرآة المقدسة بكليتها بصورة المتجلى له فح تكون هى مرآة وصورة فالمتجلى له ما رأى سوى صورته فى مرآة الحق الذى هو شأن الذات الذى ظهر بصورة المتجلى له وما رأى الحق المطلق ولا الشأن الخاص على النهج التنزيهى والنمط التقديسى ولا يمكن أن يراه هذا مبنى على رأى الشيخ فى نفى إمكان الرؤية التنزيهية وإثبات الرؤية فى الظهورات التشبيهية الجامعة اللطيفة بطريق التمثل والمثال وهو كما ترى مخالف لما اتفق عليه علماء أهل السنة شكر اللّه تعالى سعيهم من أن رؤيته تعالى فى الدنيا جائزة غير واقعة وفى الآخرة بلا كيف واقعة لا يكون بتمثل ومثال ( شعر ) .

يراه المؤمنون بغير كيف  * وإدراك وضرب من مثال

لا رؤية التمثل رؤية كيف وأيضاً ليست رؤية له تعالى بل رؤيتة مخلوق أوجده وأظهره بطريق التمثل وهو تعالى ورآء التمثل والمثال وورآء التوهم والخيال وكل ذلك مخلوق له تعالى والعجب من كبراء العرفاء أنهم تسلوا بالتشبيه عن التنزيه وبالحادث عن القديم إذ اكتفوا بالمثال وعكفوا على التمثال وظنى أن ذلك المرض حدث لهم من قولهم بالتوحيد والاتحاد وإصرارهم على قصور حكمهم بأن العالم هو الحق سبحانه فلا جرم تكون رؤية أى فرد من أفراد العالم رؤية له تعالى عندهم للاتحاد بينهما ومن ههنا قال بعضهم بالشعر الفارسى ( شعر ) .

امروز جمال توبى پرده ظاهر است * در حيرتم كه وعدهء فردا براى چيست

إلا أن الشيخ خص من بين ذلك الأفراد فردا خاصا جامعاً حصل بطريق التمثل وهو لا يجدى نفعاً وكأنه قدس سره بوفور علمه بالكتاب والسنة وأقوال العلماء تنبه على شناعة القول بإطلاق الرؤية والحكم بأن رؤيتهم مطلقاً رؤية له سبحانه ومع ذلك لغلبة السكر وقوه حال التوحيد ما تخلص عن مضيق التشبيه مطلقاً وما تفرغ لتحصيل كمالات التنزيه مفردا بل زعم أن المنزه الصرف قاصر وناقص ومحدد له تعالى كالمشبه ففر عن التنزيه الصرف وجزم بأن الكمال فى الجمع بين التشبيه والتنزيه والحكم بأن أحدهما عين الآخر ليرتفع التحديد والتقييد مطلقاً ولا يخفى عليك أن التشبيه معدوم فى الخارج عنده وإنما الموجود فى الخارج هو التنزيه الصرف فلا يكون أحدهما محددا ومقيدا للآخر على قياس الوجود والعدم الخارجيين فإن العدم غير محدد للوجود ولا العكس فإن الوجود على إطلاقه مع العدم إطلاقه مع الوجود غير مقيد أحدهما بالآخر ولو كان العدم محددا للوجود لكان ينبغى أن يحكم بأن الكمال فى الجمع بين الوجود والعدم ويكون أحدهما عين الآخر وهو سفسطة ظاهرة فلا يكون القول بالتنزيه الصرف تحديدا له تعالى ولا يكون الجمع كمالا بل نقصا وإلحاقا للناقص بالكامل ومعلوم أن المركب من الناقص والكامل ناقص بقى الصور المسماة بالأعيان الثابتة عنده ثابتة فى العلم وهى أيضاً لا تستلزم تحديد الموجود الخارجى حتى يحكم بالاتحاد والعينية بينهما ويبنه وإنما يحدد الموجود الخارجى الموجود الخارجى مثله

وأما الموجود العلمى فلا يحدد الموجود الخارجى ولا يزاحمه لتباين المرتبتين ألا ترى أن تصور شريك البارى وثبوته فى العالم ليحكم عليه بالاستحالة لا يزاحم البارى تعالى الموجود فى الخارج ولا يحدده ولا يقيده أصلا حتى يتمحل فى دفعه تمحلا غير واقع بأن أحدهما عين الآخر هذا ولنرجع إلى كلام الشيخ فى التجلى الذاتى وما يناسبه فنقول ذكر الشيخ بعد ذكر هذا التجلى ما حاصله أن هذا التجلى نهاية التجليات وغاية العروجات وما بعد هذا إلا العدم المحض فلا تطمع ولا تتعب نفسك بتحصيل العروج فوقه والوصول وراءه فلا مقام أعلى من هذه الدرجة فى التجلى الذاتى .