Geri

   

 

 

İleri

 

٣٢

المكتوب الثانى والثلاثون

إلى المقصود على فى بيان أن ما قيل أن كثرة الخطرات من أسباب الوصل إنما هو على مقدار التجلى وفى تحقيق حقيقة الكثرة الوهمية وما يناسب ذلك.

الحمد للّه وسلام على عباده الذين اصطفى قد كتبتم أن سارى طريق اشتكى إلى عالم طريق من هجوم الخطرات فقال حيث أن إحاطة المطلوب وشموله بحكم وهو بكل شئ محيط معلوم ينبغى أن تعد الخطرة من أسباب الوصل لا من موجبات الفصل وأن يجعل أبواب المشاهدة مفتوحة وروزنة الغفلة مسدودة ( هذا ) الكلام صادق بحسب التجلى الصورى الذى هو مقدمة من مقدمات هذا الطريق فإن كان فى هذا الموطن وصل فمع كونه فى الحقيقة فصلا فهو باعتبار الصورة وإن كانت مشاهدة ولو هى فى الواقع مباعدة فهى أيضاً بملاحظة الصورة وهذا التجلى ساقط عن حيز الاعتبار عند أكابر هذا الطريق لأنه ليس بمفن لوجود السالك والمحق والمبطل شريكان فيه فإن لجوكية الهند وفلاسفة اليونان خبرا عنه وهم محظوظون وملتذون بعلومه ومعارفه غاية ما فى الباب أن حصول هذه الدولة للمحق من طريق صفاء القلب وللمبطل من طريق صفا النفس فلا جرم أن ذاك يفضى إلى الهداية وهذا يجر إلى الضلالة ولكن كلاهما فى أسر الصورة لا خبر لهما عن المعنى ( شعر ) .

ما يعرف الغفلان عابد صورة  * حسن المقنع عن جميع مؤانس

ولكن فى المحق احتمال النجاة من أسر الصورة والمبطل منهمك فى الصورة فإن الخلاص من أسر الصورة من غير التزام ملة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام محال

( وأيضاً ) إن التجلى الصورى داخل فى دائرة العلم ولكن لما طرح الحال والذوق فيه الشعاع يرى مثل الحال

( وأيضاً ) إن المشهود فى التجلى الصورى الكثرة لكن بعنوان المظهرية للوحدة وشهود الكثرة بأى عنوان كان وبال فى وبال ينبغى أن لا يبقى فى نظر الباطن اسم من الكثرة وشهودها ولا رسم ولا يكون المشهود غير الواحد الحقيقى أصلا حتى يتيسر الفناء الذى هو قدم أول فى هذا الطريق فإن الفناء عبارة عن نسيان ما سوى الحق سبحانه وزواله من الباطن فكيف يكون للكثرة مجال فى ذلك الموطن وما يكون شهود الكثرة فيه ( وما ) قال القائل من أن الخطرة من أسباب الوصل وأبواب المشاهدة فالمراد بذاك الوصل والشاهدة الوصل والمشاهدة الصوريين وهما عين المفارقة والمباعدة فإن الوصل المعتبر عند أكابر هذه الطائفة العلية إنما هو فى مقام البقاء باللّه الذى يحصل بعد الفناء ونسيان جميع ما سواه تعالى ووجود الخطرة مناف لتلك الدولة وحصول الوسوسة مانع لتلك المنزلة وفى مقام الفناء الذى هو دهليز ذلك الوصل يكون انتفاء الخواطر على نوع لو كلف بتذكر الأشياء لا يتذكر بواسطة نسيان السوى الذى حصل له وقد كتبتم وهو على كل شئ محيط بيان الإحاطة ما جاء بهذه العبارة يشبه أن تكون هذه من كلام المولدين فإن تعدية الإحاطة بكلمة على كثيرة الوقوع فى كلام العجم والمتعارف فى العبارة العربية الفضيحة تعدية الإحاطة بالباء قال اللّه تبارك وتعالى وكان اللّه بكل شئ محيطا وقال تعالى إنه بكل شئ محيط والظاهر أن هذه العبارة إنما أوردت بطريق الاستشهاد بتخيل أنها من القرآن وليس كذلك فإن بيان هذا المعنى فى الكلام المجيد بعبارة أخرى كما مر ( وكتبتم ) أيضاً أن الكثرة الوهمية والتعدد الاعتبارى قد تراكمت على وجه وقع أكثر العلماء فى الغلط بتوهم تعدد الوجود وقنعوا من اللب بالقشر

( اعلم ) أن الكثرة والتعدد وإن كانت وهمية واعتبارية ولكن لما صدرت وظهرت بصنع اللّه جل سلطانه صارت متقنة ومستحكمة وكانت المعاملة الدنيوية والأخروية مربوطة بها والآثار الخارجية مترتبة عليها وارتفاعها ممنوع وإن ارتفع الوهم والاعتبار فإن العذاب والثواب الدائمين الأخرويين الذين أخبر عنهما المخبر الصادق منوطان بالكثرة مربوطان بالتعدد والحكم بارتفاع الكثرة والتعدد دخول فى الإلحاد والزندقة أعاذنا اللّه سبحانه من ذلك فالصوفية العلية والعلماء الكرام كلهم قائلون بثبوت هذه الكثرة واستمرار هذا التعدد ويرون المعاملة الأخروية الدائمية مربوطة بها ولكن لما كان من شأن هذه الكثرة الارتفاع من شهود الصوفية وقت العروج يجدونها وهمية واعتبارية وحيث أنها لا ترتفع فى نفس الأمر وإن كانت مرتفعة من الشهود يقول العلماء أنها موجودة فنزاع الفريقين صار راجعاً إلى اللفظ بعد الاتفاق فى المعنى كل من الفريقين حكم بمقياس وجد أنه فالصوفية اعتبروا الشهود وحكموا بالوهمية والاعتبارية بملاحظة الارتفاع الشهودى وقال العلماء بوجودها بملاحظة ثبوتها واستقرارها فى نفس الأمر ولكل وجهة وقد بين هذا الفقير هذا المعنى فى مكتوباته ورسائله بالتفصيل وارجع نزاع الفريقين إلى اللفظ فإن بقى خفاء ينبغى أن يراجع فيها نظر العلماء قريب من الصواب لأنه مطابق لنفس الأمر ونظر الصوفية باعتبار السكر وغلبة الحال ألا ترى أن النجوم مختفية فى النهار وثابتة فى نفس الأمر وأن كانت مستورة عن الشهود فالحكم بثبوت النجوم أقرب إلى الصواب من الحكم بعدمها بملاحظة عدم شهودها ومقصود العلماء من القول بوجود الكثرة إبقاء الشريعة التى مبناها على التعدد وإجراء وعد صاحب الشريعة ووعيده فإنه لا يتصور بدون الكثرة والصوفية أيضاً معترفون بهذا المعنى وإن أطبقوه على الشريعة بالتكلف وما قاله العلماء صادق بلا تكلف ومطابق بلا تمحل لا غبار فيه أصلا ولا كدورة وإنهم لا يثبتون وجودا مستقلا مستبدا حتى يكون فيه مجال للكلام ويكون شركة بالواجب تعالى وإنما يثبتون وجودا ضعيفاً مفاضاً ومستعارا من الغير كيف يجوز تخطئة العلماء فإنهم أكابر الدين ونسبة الغلط إليهم غلط محض ومحض الغلط ونحن العاجزون المتعوقون أخذنا الدين والشريعة من العلماء واستفدنا المذهب والملة من بركاتهم فلو كان فيهم مجال للطعن لارتفع الاعتماد عن الشريعة والملة ولهذا قالوا الطاعن فى السلف ضال ومبتدع وعدوا طعنه من أسباب التضليل والتشكيك فى الدين وحكموا ببطلانه ( وكتبتم أيضاً ) أنهم قنعوا من اللب بالقشر يشبه أنكم تخيلتم الصور لبا والتنزيه قشرا فإن دعوة العلماء ودلالتهم إلى التنزيه ومشهود صاحب التجلى الصورى ومطلوبه الصور والأشكال ينبغى الإنصاف أيهما متشبث باللب وإليهما منخدع بالقشر وإنا أو إياكم لعلى هدى أو فى ضلال مبين ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا والسلام أولا وآخراً .