Geri

   

 

 

İleri

 

٢٩

المكتوب التاسع والعشرون

إلى المير محب اللّه فى بيان حصول فهم بعض الكلمات القدسية من الآيات القرآنية.

ولما ظهر سابقا تردد فى فهم بعض كلمات القرآن وعجزت عن تطبيقه لم أجد بعناية اللّه تعالى فى دفع الوساوس علاجا أفضل من أن أقول لنفسى أنك تعترف بأن هذا النظم القرآنى كلام اللّه عز وجل وتؤمن به أولاً فلو لم تؤمن فأنت كافر وخارج عن المبحث فإن تؤمن فالقصور فى فهمك لا فى نظم القرآن الذى هو كلام خالق الأرض والسموات ومبدع العقول والإدراكات ولما حصل الإيمان بفضل اللّه جل سلطانه بحقيقة كلام اللّه تعالى صارت تلك الوسوسة مضمحلة ومتلاشية ونجوت من التردد وفى هذه الأوان بلغ الأمر بفضل اللّه تعالى مبلغا إذا كان لى فى محل من نظم القرآن مجال تردد من قصور الإدراك صار ذلك المحل باعثاً على ازدياد الإيمان بالقرآن وكان ذاك التردد واسطة لظهور الإعجاز فى القرآن وصرت أتصور إغلاق ما فيه من شعب الإعجاز وأحمل الأشكال على كمال البلاغة والفصاحة التى البشر عاجز عن فهمها لكونها وراء الاختصار والإيجاز والإيمان الحاصل فى عدم فهم القرآن ليس هو فى فهمه فإن فى عدم الفهم انكشاف طريق الإعجاز وهو مفقود فى صورة الفهم سبحان اللّه إن عدم فهم القرآن يكون سببا لضلالة قوم وإنكارهم كلام اللّه تعالى ويصير لبعض آخر سببا لكمال الإيمان بالقرآن ويؤديهم إلى الهداية يضل به كثيرا ويهدى به كثيرا ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا والسلام .