Geri

   

 

 

İleri

 

٥

المكتوب الخامس

إلى السيد المير محمد نعمان فى بيان بعض الأحوال والأذواق الخاصة بحضرة شيخنا مد ظله العالى.

الحمد للّه وسلام على عباده الذين اصطفى لا يخفى أنه ما لم تتجل عناية اللّه سبحانه بعنايته تعالى بصورة جلاله وغضبه تعالى ولم أكن محبوساً فى قفص السجن لم أتخلص من مضيق الإيمان الشهودى بالكلية ولم أخرج من سكك ظلال الخيال والمثال بالتمام ولم أتبختر فى طريق الإيمان الغيبى مطلق العنان ولم أتحول من الحضور إلى الغيب ومن العين إلى العلم ومن الشهود إلى الاستدلال على وجه الكمال ولم أجد محاسن الآخرين عيوباً وعيوبهم محاسن بالذوق الكامل والوجدان الصادق ولم أذق زلال الذل والانكسار ولذائذ مربى الحقارة والفضيحة والافتقار ولم أحتظ من جمال طعن الخلق وملامتهم ولم ألتذ بحسن بلاء الناس وجفائهم ولم أترك الإرادة والاختيار بالكلية كائناً كالميت بين يدى الغسال ولم أقطع حبال التعلقات الآفاقية والأنفسية على وجه التمام والكمال ولم أحز حقيقة التضرع والالتجاء والإنابة والاستغفار والذل الانكسار ولم أشاهد قسطاس استغناء الحق سبحانه الرفيع المنزلة المحفوف بسرادقات العظمة والكبرياء ولم أعتقد نفسى عبدا حقيراً ذليلا عديم الاعتبار العارى عن الخاصية مفقود الاقتدار كامل الاحتياج والافتقار وما أبرئ نفسى إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربى فلو لم يكن تواتر الفيوض والواردات الإلهية جل سلطانه وتوالى عطياته وإنعاماته اللامتناهية فى دار المحنة هذه شاملا لحال هذا العبد المكسور البال كادت المعاملة تنجر إلى اليأس وأوشك حبل الرجاء أن ينقطع الحمد للّه الذى عافانى فى عين البلاء وكرمنى فى نفس الجفاء وأحسن لى فى حالة العناء ووفقنى على الشكر فى السراء والضراء وجعلنى من متابعى الأنبياء ومن مقتفى آثار الأولياء ومن محبى العلماء والصلحاء صلوات اللّه سبحانه وتسليماته على الأنبياء أولا وعلى مصدقهم ثانياً .