Geri

   

 

 

İleri

 

 مسألة ١٥

الضلال في قولهم بأن السماء متحرك وخبالهم فيه أن قالوا: السماء متحرك وهذه مقدمة حسية. وكل جسم متحرك فله محرك وهذه مقدمة عقلية إذ لو كان الجسم يتحرك لكونه جسماً لكان كل جسم متحركاً. كل متحرك إما أن يكون قسرياً أو طبيعياً أو إرادياً وكل محرك

فإما أن يكون منبعثاً عن ذات المتحرك كالطبيعة في حركة الحجر إلى أسفل والإرادة في حركة الحيوان مع القدرة

وإما أن يكون المحرك خارجاً ولكن يحرك على طريق القسر كدفع الحجر إلى فوق. وكل ما يتحرك بمعنى في ذاته

فإما أن لا يشعر ذلك الشيء بالحركة ونحن نسميه طبيعة كحركة الحجر إلى أسفل

وإما أن يشعر به ونحن نسميه إرادياً ونفسانياً فصارت الحركة بهذه التقسيمات الحاصرة الدائرة بين النفي والإثبات إما قسرية طبيعية

وإما طبيعية

وإما إرادية وإذا بطل قسمان تعين الثالث.

 ولا يمكن أن يكون قسرياً ولا يمكن أن يكون قسرياً لأن المحرك القاسر إما جسم آخر يتحرك بالإرادة أو بالقسر وينتهي لا محالة إلى إرادة ومهما أثبت في أجسام السموات متحرك بالإرادة فقد حصل الغرض فأي فائدة في وضع حركات قسرية وبالآخرة لا بد من الرجوع إلى الإرادة

وإما أن يقال: إنه يتحرك بالقسر واللّه هو المحرك بغير واسطة وهو محال لأنه لو تحرك به من حيث أنه جسم وأنه خالقه للزم أن يتحرك كل جسم فلا بد وأن تختص الحركة بصفة به يتميز عن غيره من الأجسام وتلك الصفة هي المحرك القريب إما بالإرادة أو الطبع. ولا يمكن أن يقال إن اللّه يحركه بالإرادة لأن إرادته تناسب الأجسام نسبة واحدة فلم استعد هذا الجسم على الخصوص لأن يراد تحريكه دون غيره ولا يمكن أن يكون ذلك جزافاً فإن ذلك محال كما سبق في مسألة حدث العالم وإذا ثبت أن هذا الجسم ينبغي أن يكون فيه صفة هو مبدأ الحركة بطل القسم الأول وهو تقدير الحركة القسرية. ولا أن يكون طبيعياً لأنه يعود إلى المكان المهروب عنه. فهو إذا إرادياً فيبقى أن يقال: هي طبيعية وهو غير ممكن لأن الطبيعة بمجردها قط لا تكون سبباً للحركة لأن معنى الحركة هرب من مكان وطلب لمكان آخر فالمكان الذي فيه الجسم إن كان ملائماً له فلا يتحرك عنه ولهذا لا يتحرك زق مملوء من الهواء على وجه الماء وإذا غمس في الماء تحرك إلى وجه الماء فإنه وجد المكان الملائم فسكن والطبيعة قائمة ولكن إن نقل إلى مكان لا يلائمه هرب منه إلى الملائم كما هرب من وسط الماء إلى حيز الهواء. والحركة الدورية لا يتصور أن تكون طبيعية لأن كل وضع وأين يفرض الهرب منه فهو عائد إليه والمهروب عنه بالطبع لا يكون مطلوباً بالطبع ولذلك لا ينصرف زق الهواء إلى باطن الماء ولا الحجر ينصرف بعد الاستقرار على الأرض فيعود إلى الهوى. فلم يبق إلا القسم الثالث وهي الحركة الإرادية.

 الاعتراض هناك ثلاث احتمالات أخرى الاعتراض هو أنا نقول: نحن نقرر ثلث احتمالات سوى مذهبكم لا برهان على بطلانها. الأول أن يقدر حركة السماء قهراً لجسم آخر مريد لحركتها يديرها على الدوام وذلك الجسم المحرك لا يكون كرة ولا يكون محيطاً فلا يكون سماء فيبطل قولهم إن حركة السماء إرادية وإن السماء حيوان. وهذا الذي ذكرناه ممكن وليس في دفعه إلا مجرد استبعاد. أو تكون بإرادة اللّه الثاني هو أن يقال الحركة قسرية ومبدؤها إرادة اللّه فإنا نقول: حركة الحجر إلى أسفل أيضاً قسري يحدث بخلق اللّه الحركة فيه وكذى القول في سائر حركات الأجسام التي ليست حيوانية. والاعتراض على الإرادة قد أبطلناه فيبقى استبعادهم أن الإرادة لم اختصت به وسائر الأجسام تشاركها في الجسمية فقد بينا أن الإرادة القديمة من شأنها تخصيص الشيء عن مثله وأنهم مضطرون إلى إثبات صفة هذا شأنها في تعيين جهة الحركة الدورية وفي تعيين موضع القطب والنقطة فلا نعيده والقول الوجيز إن ما استبعدوه في اختصاص الجسم بتعلق الإرادة به من غير تميز بصفة ينقلب عليهم في تميزه بتلك الصفة فإنا نقول: ولم تميز جسم السماء بتلك الصفة التي بها فارق غيره من الأجسام وسائر الأجسام أيضاً أجسام فلم حصل فيه ما لم يحصل في غيره فإن علل ذلك بصفة أخرى توجه السؤال في الصفة الأخرى وهكذى يتسلسل إلى غير نهاية فيضطرون بالآخرة إلى التحكم في الإرادة وأن في المبادئ ما يميز الشيء عن مثله ويخصصه بصفة عن أمثاله.

 أو تكون بالطبع وبدون أن تشعر لا لطلب المكان ولا للّهرب منه الثالث هو أن يسلم أن السماء اختص بصفة تلك الصفة مبدأ الحركة كما اعتقدوه في هوى الحجر إلى أسفل إلا أنه لا يشعر به كالحجر. و

قولهم: إن المطلوب بالطبع لا يكون مهروباً عنه بالطبع فتلبيس لأنه ليس ثم أماكن متفاصلة بالعدد عندهم بل الجسم واحد والحركة الدورية واحدة فلا للجسم جزء بالفعل ولا للحركة جزء بالفعل وإنما يتجزى بالوهم فليست تلك الحركة لطلب المكان ولا للّهرب من المكان. فيمكن أن يخلق جسم وفي ذاته معنى يقتضي حركة دورية وتكون الحركة نفسها مقتضى ذلك المعنى لا أن مقتضى المعنى طلب المكان ثم تكون حركة للوصول إليه. الحركة نفس المقتضى لا لطلب مكان وقولكم: إن كل حركة فهو لطلب مكان أو هرب منه إذا كان ضرورياً فكأنكم جعلتم طلب المكان مقتضى الطبع وجعلتم الحركة غير مقصودة في نفسها بل وسيلة إليه ونحن نقول: لا يبعد أن تكون الحركة نفس المقتضى لا لطلب مكان فما الذي يحيل ذلك الخلاصة فاستبان أن ما ذكروه إن ظن أنه أغلب من احتمال آخر فلا يتيقن قطعاً انتفاء غيره. فالحكم على السماء بأنه حيوان تحكم محض لا مستند له.

 مسألة في إبطال ما ذكروه من الغرض المحرك للسماء قولهم إن السماء متقرب إلى اللّه

وقد قالوا: إن السماء مطيع للّه بحركته ومتقرب إليه لأن كل حركة بالإرادة فهو لغرض إذ لا يتصور أن يصدر الفعل والحركة من حيوان إلا إذا كان الفعل أولى به من الترك وإلا فلو استوى الفعل والترك لما تصور الفعل. في الكمال ثم التقرب إلى اللّه ليس معناه طلب الرضا والحذر من السخط فإن اللّه يتقدس عن السخط والرضا وإن أطلق هذه الألفاظ فعلى سبيل المجاز يكني بها عن إرادة العقاب وإرادة الثواب ولا يجوز أن يكون التقرب بطلب القرب منه في المكان فإنه محال فلا يبقى إلا طلب القرب في الصفات فإن الوجود الأكمل وجوده وكل وجود فبالإضافة إلى وجوده ناقص وللنقصان درجات وتفاوت فالملك أقرب إليه صفة لا مكاناً وهو المراد بالملائكة المقربين أي الجواهر العقلية التي لا تتغير ولا تفنى ولا تستحيل وتعلم الأشياء على ما هي عليه والإنسان كلما ازداد قرباً من الملك في الصفات ازداد قرباً من اللّه ومنتهى طبقة الآدميين التشبه بالملائكة.

 الملائكة المقربون كمالهم لا يزداد وإذا ثبت أن هذا معنى التقرب إلى اللّه وأنه يرجع إلى طلب القرب منه في الصفات وذلك للآدمي بأن يعلم حقائق الأشياء وبأن يبقى بقاءً مؤبداً على أكمل أحواله الممكن له فإن البقاء على الكمال الأقصى هو اللّه. والملائكة المقربون كل ما يمكن لهم من الكمال فهو حاضر معهم في الوجود إذ ليس فيهم شيء بالقوة حتى يخرج إلى الفعل فإذن كمالهم في الغاية القصوى بالإضافة إلى ما سوى اللّه. والملائكة السماوية يزداد كمالهم بتحريك السماء ويتشبهون باللّه والملائكة السماوية هي عبارة عن النفوس المحركة للسموات وفيها ما بالقوة وكمالاتها منقسمة إلى ما هو بالفعل كالشكل الكري والهيئة وذلك حاضر وإلى ما هو بالقوة وهو الهيئة في الوضع والأين. وما من وضع معين إلا وهو ممكن له ولكن ليست له سائر الأوضاع بالفعل فإن الجمع بين جميعها غير ممكن فلما لم يمكنها استيفاء آحاد الأوضاع على الدوام قصد استيفاءها بالنوع فلا يزال يطلب وضعاً بعد وضع وأيناً بعد أين ولا ينقطع قط هذا الإمكان فلا تنقطع هذه الحركات وإنما قصده التشبه بالمبدأ الأول في نيل الكمال الأقصى على حسب الإمكان في حقه وهو معنى طاعة الملائكة السماوية للّه.

فإنهم يستوفون كل وضع ممكن فيفيض منه الخير وقد حصل لها التشبه من وجهين:

أحدهما استيفاء كل وضع ممكن له بالنوع وهو المقصود بالقصد الأول.

والثاني ما يترتب على حركته من اختلاف النسب في التثليث والتربيع والمقارنة والمقابلة واختلاف الطوالع بالنسبة إلى الأرض فيفيض منه الخير على ما تحت فلك القمر ويحصل منه هذه الحوادث كلها فهذا وجه استكمال النفس السماوية. وكل نفس عاقلة فمتشوقة إلى الاستكمال بذاتها. والاعتراض على هذا هو أن في مقدمات هذا الكلام ما يمكن النزاع فيه ولكنا لا نطول به ونعود إلى الغرض الذي عنيتموه آخراً ونبطله من وجهين.

أحدهما أن طلب الاستكمال بالكون في كل أين يمكن أن يكون له حماقة لا طاعة وما هذا إلا كإنسان لم يكن له شغل وقد كفي المؤونة في شهواته وحاجاته فقام وهو يدور في بلد أو بيت ويزعم أنه يتقرب إلى اللّه فإنه يستكمل بأن يحصل لنفسه الكون في كل مكان أمكن وزعم أن الكون في الأماكن ممكن لي ولست أقدر على الجمع بينها بالعدد فأستوفيه بالنوع فإن فيه استكمالاً وتقرباً فيسفه عقله فيه ويحمل على الحماقة ويقال: الانتقال من حيز إلى حيز ومن مكان إلى مكان ليس كمالاً يعتد به أو يتشوف إليه ولا فرق بين ما ذكروه وبين هذا.

 لماذا لا تختلف الحركة

والثاني هو أنا نقول: ما ذكرتموه من الغرض حاصل بالحركة المغربية فلم كانت الحركة الأولى مشرقية وهلا كانت حركات الكل إلى جهة واحدة فإن كان في اختلافها غرض فهلا اختلفت بالعكس فكانت التي هي مشرقية مغربية والتي هي مغربية مشرقية فإن كل ما ذكروه من حصول الحوادث باختلاف الحركات من التثليثات والتسديسات وغيرها يحصل بعكسه. وكذى ما ذكروه من استيفاء الأوضاع والأيون كيف ومن الممكن لها الحركة إلى الجهة الأخرى فما بالها لا تتحرك مرة من جانب ومرة من جانب استيفاء لما يمكن لها إن كان في استيفاء كل ممكن كمال هذه الأمور يطلع عليها على سبيل الإلهام لا على سبيل الاستدلال فدل أن هذه خيالات لا حاصل لها وأن أسرار ملكوت السموات لا يطلع عليه بأمثال هذه الخيالات وإنما يطلع اللّه عليه أنبياءه وأولياءه على سبيل الإلهام لا على سبيل الاستدلال ولذلك عجز الفلاسفة من عند آخرهم عن بيان السبب في جهة الحركة واختيارها. الاستكمال بالحركة - وبهذه الحركة إفاضة الخير وقال بعضهم: لما كان استكمالها يحصل بالحركة من أي جهة كانت وكان انتظام الحوادث الأرضية يستدعي اختلاف حركات وتعين جهات كان الداعي لها إلى أصل الحركة التقرب إلى اللّه والداعي إلى جهة الحركة إفاضة الخير على العالم السفلي.

قولنا: قد يكون بالسكون وهذا باطل من وجهين.

أحدهما أن ذلك إن أمكن أن يتخيل فليقض بأن مقتضى طبعه السكون احترازاً عن الحركة والتغير وهو التشبه باللّه على التحقيق فإنه مقدس عن التغير والحركة تغير ولكنه اختار الحركة لإفاضة الخير فإنه كان ينتفع به غيره وليس يثقل عليه الحركة وليس تتعبه فما المانع من هذا الخيال أو باختلاف الحركات

والثاني أن الحوادث تنبنى على اختلاف النسب المتولدة من اختلاف جهات الحركات فلتكن الحركة الأولى مغربية وما عداها مشرقية وقد حصل به الاختلاف ويحصل به تفاوت النسب. فلم تعينت جهة واحدة وهذه الاختلافات لا تستدعي إلا أصل الاختلاف

فأما جهة بعينها فليس بأولى من نقيضها في هذا الغرض.