٣ -الفن الثالث في البديعوهو علم يعرف به وجوه تحسين الكلام بعد رعاية المطابقة و وضوح الدلالة وهى ضربان معنوى ولفظي اما المعنوي فمنه المطابقة وتسمى الطباق والتضاد ايضا وهى الجمع بين المتضادين أي معنيين متقابلين في الجملة ويكون بلفظين من نوع اسمين نحو وتحسبهم ايقاظا وهم رقود أو فعلين نحو يحيى ويميت أو حرفين نحو لها ما كسبت وعليها ما اكتسب أو من نوعين نحو أو من كان ميتا فاحييناه وهو ضربان ٣- ١طباق الايجاب كما مر وطباق السلب نحو قوله تعالى ولكن اكثر الناس لا يعلمون يعلمون و نحو قوله تعالى ولا تخشوا الناس واخشوني، ومن الطباق نحو قوله تردى ثياب الموت حمرا فما اتى لها الليل الا وهى من سندس خضر ويلحق به نحو قوله تعالى اشداء على الكفار رحماء بينهم. فان الرحمة وان لم تكن مقابلة للشدة لكنها مسببية عن اللين و نحو قوله لا تعجبي يا سلم من رجل ضحك المشيب برأسه فبكى ويسمى الثاني ايهام التضاد ودخل فيه ما يختص باسم المقابلة وهى ان يؤتى بمعنيين متوافقين أو اكثر ثم بما يقابل ذلك على الترتيب والمراد بالتوافق خلاف التقابل نحو فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا و نحو قوله ما احسن الدين والدنيا إذا اجتمعا، واقبح الكفر والافلاس بالرجل و نحو فاما من اعطى واتقى، وصدق بالحسنى، فسنيسره لليسرى، واما من بخل واستغنى، وكذب بالحسنى، فسنيسره للعسرى، والمراد باستغنى انه زهد فيما عند اللّه تعالى كانه استغنى عنه فلم يتق أو استغنى بشهوات الدنيا عن نعيم الجنة فلم يتق وزاد السكاكى وإذا شرط ههنا امر شرط ثمة ضده كهاتين الايتين فانه لما جعل التيسير مشتركا بين الاعطاء والاتقاء والتصديق جعل ضده مشتركا بين اضدادها ٣-٢مراعاة النظير ويسمى التناسب والتوفيق ومنه مراعاة النظير ويسمى التناسب والتوفيق ايضا وهى جمع امر وما يناسبه لا بالتضاد نحو الشمس والقمر بحسبان و نحو قوله كالقسى المعطفات بل الاسهم مبرية بل الاوتار ومنها مراعاة النظير ما يسميه بعضهم تشابه الاطراف وهو ان يختم الكلام بما يناسب ابتدائه في المعنى نحو لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار وهو اللطيف الخبير ويلحق بها نحو الشمس والقمر بحسبان والنجم والشجر يسجدان ويسمى ايهام التناسب ٣-٣ومنه الارصاد ويسميه بعضهم التسهيم وهو ان يجعل قبل العجز من الفقرة أو البيت ما يدل عليه إذا عرف الروى نحو وما كان اللّه ليظلمهم ولكن كانوا انفسهم يظلمون نحو قوله إذا لم تستطع شيئا فدعه، وجاوزه إلى ما تستطيع ٣-٤المشاركة ومنه المشاركة، وهى ذكر الشئ بلفظ غيره لوقوعه في صحبته تحقيقا أو تقديرا فالاول نحو قوله قالوا اقترح شيئا تجد لك لطبخه، قلت اطبخوا لى جبه وقميصا ونحوه تعلم ما نفسي ولا اعلم ما في نفسك والثانى نحو قوله تعالى صبغة اللّه وهو مصدر مؤكد لآمنا باللّه أي تطهير اللّه لان الايمان يطهر النفوس والاصل فيه ان النصارى كانوا يغمسون اولادهم في ماء اصفر يسمونه المعمودية ويقولون انه تطهير لهم فعبر عن الايمان باللّه بصبغة اللّه للمشاركة بهذه القرينة ٣-٥المزاوجة ومنه المزاوجة، وهى ان تزاوج بين معنيين في الشرط والجزاء كقوله إذا ما نهى الناهي فلج بى الهوى اصخت إلى الواشى فلج بها الهجر ٣-٦العكس ومنه العكس وهو ان يقدم جزء من الكلام على جزء ثم يؤخر نحو ويقع على وجوه منها ان يقع بين احد طرفي جملة وبين ما اضيف إليه ذلك الطرف نحو عادات السادات سادات العادات ومنها ان يقع بين متعلقي فعلين في جملتين نحو يخرج الحى من الميت ويخرج الميت من الحى ومنها ان يقع بين لفظين في طرفي جملتين نحو لاهن حل لهم ولا هم يحلون لهن ٣-٧الرجوع الرجوع، وهو العود إلى الكلام السابق بالنقض لنكتة كقوله قف بالديار التى لم يعفها القدم بلى وغيرها الارياح والديم ٣-٨التورية ومنه التورية وتسمى الايهام ايضا، وهو ان يطلق لفظ له معنيان قريب وبعيد ويراد به البعيد وهى ضربان مجردة وهى التى لا تجامع شيئا مما يلائم القريب نحو الرحمن على العرش استوى و مرشحة نحو والسماء بنيناها بايد ٣-٩الاستخدام ومنه الاستخدام وهو ان يراد بلفظ له معنيان احدهما ثم يراد بضميره معناه الاخر أو يراد باحد ضميريه احدهما ثم يراد بالاخر الاخر فالاول كقوله إذا نزل السماء بارض قوم، رعيناه وان كانوا غضابا والثانى كقوله فسقى الغضا والساكنيه وان هم، شبوه بين جوانحي وضلوعي ٣-١٠اللف والنشر ومنه اللف والنشر، وهو ذكر متعدد على التفصيل أو الاجمال ثم ما لكل واحد من آحاد هذا المتعدد من غير تعيين ثقة بان السامع يرده إليه فالاول ضربان لان النشر اما على ترتيب اللف نحو ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله واما على غير ترتيبه كقوله كيف اسلو وانت حقف وغصن، وغزال لحظا وقد اوردفا أوكقولك والثانى نحو قوله تعالى وقالوا لن يدخل الجنة الا من كان هودا أو نصارى أي قالت اليهود لن يدخل الجنة الا من كان هودا وقالت النصارى لن يدخل الجنة الا من كان نصارى فلف أو لعدم الالتبا للعلم بتضليل كل فريق صاحبه ٣-١١الجمع ومنه الجمع وهو ان يجمع بين متعدد في حكم واحد كقوله تعالى المال والبنون زينة الحيوة الدنيا ونحو قاله ان الشباب والفراغ والجدة مفسدة للمراء أي مفسدة. ٣-١٢التفريق ومنه التفريق وهو ايقاع تباين بين امرين من نوع في المدح أو غيره كقوله ما نوال الغمام وقت ربيع كنوال الامير يوم سخاء فنوال الامير بدرة عين ونوال الغمام قطرة ماء ٣-١٣التقسيم ومنه التقسيم وهو ذكر متعدد ثم اضافه ما لكل إليه على التعيين كقوله ولا يقيم على ضيم يراد به الا الاذلان عير الحى والوتد هذا على الخسف مربوط برمته وذا يشج فلا يرثى له احد ٣-١٤الجمع مع التفريق ومنه الجمع مع التفريق وهو ان يدخل شيئان في معنى ويفرق بين جهتى الادخال كقوله فوجهك كالنار في ضوئها، وقلبي كالنار في حرها ٣-١٥الجمع مع التقسيم ومنه الجمع مع التقسيم، وهو جمع متعدد تحت حكم ثم تقسيمه أو العكس فالاول كقوله حتى اقام على ارباض حرشنة تشقى به الروم والصلبان والبيع للسبى ما نكحوا والقتل ما ولدوا والنهب ما جمعوا والنار ما زرعوا والثانى كقوله قوم إذا حاربوا ضر واعدوهم، أو حاولوا النفع في اشياعهم نفعوا سجية أو وتلك منهم غير محدثة ان الخلائق فاعلم شرها البدع ٣-١٦الجمع مع التفريق والتقسيم ومنه الجمع مع التفريق والتقسيم كقوله تعالى يوم يأتي لا تكلم نفس الا باذنه. فمنهم شقى وسعيد فاما الذين شقوا ففى النار لهم فيها زفير وشهيق خالدين فيها ما دامت السموات والارض الا ما شاء ربك ان ربك فعال لما يريد واما الذين سعدوا ففى الجنة خالدين فيها ما دامت السموات والارض الا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ وقد يطلق التقسيم على امرين آخرين احدهما ان يذكر احوال الشيئ مضافا إلى كل ما يليق به كقوله سأطلب حقى بالقناء والمشايخ، كأنهم من طول ما التثموا مرد ثقال إذا لاقوا خفاف إذا دعوا كثير إذا شدوا قليل إذا عدوا، والثانى استيفاء اقسام الشيئ كقوله تعالى يهب لمن يشاء اناثا ويهب لمن يشاء الذكور أو يزوجهم ذكرانا واناثا ويجعل من يشاء عقيما ٣-١٦Tecrîd ومنه "التجريد" وهو ان ينتزع من امر ذى صفة آخر مثله فيها مبالغة لكماها فيه وهو اقسام منها نحو قولهم لى من فلان صديق حميم أي بلغ فلان من الصداقة حدا صح معه ان يستخلص معه آخر مثله فيها ومنها نحو قولهم لئن سألت فلانا لتسألن به البحر ومنها نحو قوله وشوهاء أو تعدوا بى إلى صارخ الوغى، بمستلئم مثل الفتيق المرحل ومنها نحو قوله تعالى لهم فيها دار الخلد أي في جهنم وهى دار الخلد ومنها نحو قوله فلئن بقيت لارحلن بغزوة، تحوى الغنائم أو يموت كريم وقيل تقديره أو يموت منى كريم وفيه نظر ومنها نحو قوله يا خير من يركب المطى ولا يشرب كاسا بكف من بخلا ومنها مخاطبة الانسان نفسه كقوله لا خيل عندك تهديها ولا مال فليسعد النطق ان لم يسعد الحال ٣-١٨المبالغة المقبولة ومنه المبالغة المقبولة والمبالغة ان يدعى لوصف بلوغه في الشدة أو الضعف حدا مستحيلا أو مستبعدا لئلا يظن انه غير متناه فيه وتنحصر المبالغة في التبليغ والاغراق والغلو لان المدعى ان كان ممكنا عقلا وعادة فتبليغ كقوله فعادى عداءا بين ثور ونعجة دراكا فلم ينضح بماء فيغسل وان كان ممكنا عقلا لا عادة فاغراق كقوله ونكرم جارنا ما دام فينا، ونتعبه الكرامة حيث مالا وهما مقبولان والا فغلو كقوله واخفت اهل الشرك حتى انه لتخافك النطف التى لم تخلق والمقبول منه اصناف منها ما ادخل عليه ما يقربه إلى الصحة نحو يكاد في قوله تعالى يكاد زيتها يضيئ ولو لم تمسسه نار، ومنها ما تضمن نوعا حسنا من التخييل كقوله عقدت سنابكها عليها عثيرا لو تبتغى عنقا عليه لامكنا وقد اجتمعا في قوله يخيل إلى ان سمر الشهب في الدجى، وشدت باهدابى اليهن اجفاني ومنها ما اخرج مخرج الهزل والخلاعة كقوله اسكر بالامس ان عزمت على الشرب غدا ان ذا من العجب ومنه المذهب الكلامي وهو ايراد حجة للمطلوب على طريقة اهل الكلام نحو لو كان فيهما آلهة الا إليه لفسدتا وقوله حلفت فلم اترك لنفسك ريبة وليس وراء اللّه للمرء مطلب لئن كنت قد بلغت عنى جناية، لمبلغك الواشى اغش واكذب ولكننى كنت امرءا لى جانب من الارض فيه مستراد ومذهب ملوك واخوان إذا ما مدحتهم احكم في اموالهم واقرب كفعلك في قوم ازاك اصطنعتهم فلم ترهم في مدحهم لك اذنبوا ٣-١٩حسن التعليل و منه حسن التعليل وهو ان يدعى لوصف علة مناسبة له باعتبار لطيف غير حقيقي وهو اربعة اضرب لان الصفة اما ثابتة قصد بيان علتها أو غير ثابتة اريد اثباتها والاولى اما ان لا يظهر لها في العادة علة كقوله لم يحك نائلك السحاب وانما حمت به فصبيبها الرحضاء أو يظهر لها علة غير المذكورة كقوله ما به قتل اعاديه ولكن يتقى اخلاف ما ترجو الذئاب فان قتل الاعداء في العادة لدفع مضرتهم لا لما ذكره والثانية اما ممكنة كقوله يا واشيا حسنت فينا اسائته، نجى حذارك انسانى من الغرق فان استحسان اسائة الواشى ممكن لكن لما خالف للناس فيه عقبه بان حذاره منه نجى انسانه من الغرق في الدموع أو غير ممكنة كقوله لو لم تكن نية الجوزاء خدمته، لما رأيت عليها عقد منتطق والحق به ما بنى على الشك كقوله كأن السحاب الغر غيبن تحتها حبيبا فما ترقا لهن مدامع ٣-٢٠التفريع ومنه التفريع وهو ان يثبت لمتعلق امر حكم بعد اثباته لمتعلق له آخر كقوله احلامكم لسقام الجهل شافية، كما دماؤكم تشفى من الكلب ٣-٢١تأكيد المدح بما يشبه الذم ومنه تأكيد المدح بما يشبه الذم وهو ضربان افضلهما ان يستثنى من صفة ذم منفية عن الشئ صفة مدح بتقدير دخولها فيها كقوله ولا عيب فيهم غير ان سيوفهم، بهن فلول من قراع الكتائب أي ان كان فلول السيف من القرع عيبا فاثبت شيئا منه على تقدير كونه منه وهو محال فهو في المعنى تعليق بالمحال فالتأكيد فيه من جهة انه كدعوى الشئ ببينة و ان الاصل في الاستثناء الاتصال فذكر اداته قبل ذكر ما بعدها يوهم اخراج شئ مما قبلها فإذا وليها صفة مدح جاء التأكيد و الثاني ان يثبت لشئ اداة الاستثناء تليها صفة مدح اخرى له نحو انا افصح العرب بيدانى من قريش واصل الاستثناء فيه ايضا ان يكون منقطعا لكنه لم يقدر متصلا فلا يفيد التأكيد الا من الوجه الثاني ولهذا كان الاول افضل ومنه ضرب اخر نحو قوله تعالى وما تنقم منا الا ان آمنا بايات ربنا والاستدراك في هذا الباب كالاستثناء كما في قوله هو البدر الا انه البحر زاخرا * سوى انه الضرغام لكنه الوبل ٣-٢٢تأكيد الذم بما يشبه المدحومنه تأكيد الذم بما يشبه المدح وهو ضربان احدهما ان يستثنى من صفة مدح منفية عن الشئ صفة ذم له بتقدير دخولها فيها كقولك فلان لا خير فيه الا انه يسئ إلى من احسن إليه وثانيهما ان يثبت للشئ صفة ذم وتعقب باداة استثناء يليها صفة ذم اخرى له كقولك فلان فاسق الا انه جاهل، وتحقيقها على قياس ما مر ٣-٢٣الاستتباع ومنه الاستتباع وهو المدح بشئ على وجه يستتبع المدح بشئ آخر كقوله نهبت من الاعمار ما لو حويته * لهنئت الدنيا بانك خالد مدحه بالنهاية في الشجاعة على وجه استتبع مدح بكونه سببا لصلاح الدنيا ونظامها وفيه انه نهب الاعمار دون الاموال و انه لم يكن ظالما في قتلهم ٣-٢٤الادماج ومنه الادماج وهو ان يضمن كلام سيق لمعنى معنى اخر الاول فهو اعم من الاستتباع كقوله اقلب فيه اجفاني كانى، اعد بها على الدهر الذنوبا، فانه ضمن وصف الليل بالطول لشكاية الدهر ٣-٢٥التوجيه ومنه التوجيه وهو ايراد الكلام محتملا لوجهين مختلفين كقول من قال لا عور ليت عينيه سواء السكاكى ومنه متشابهات القرآن باعتبار ٣-٢٦الهزل ومنه الهزل الذى يراد به الجد كقوله إذا ما تميمي اتاك مفاخرا، فقل عد عن ذا كيف اكلك للضب ٣-٢٧تجاهل العارف ومنه تجاهل العارف وهو كما سماه السكاكى سوق المعلوم مساق غيره لنكتة كالتوبيخ في قول الخارجية اياشجر الخابور مالك مورقا كانك لم تجزع على ابن طريف. والمبالغة في المدح كقوله المع برق سرى ام ضوء مصباح، ام ابتسامتها بالمنظر الضاحى أو في الذم كقوله وما ادرى وسوف اخال ادرى قوم آل حصن ام نساء والتدله في الحب في قوله باللّه يا ظبيات القاع قلن لنا، ليلا منكن ام ليلى من البشر ٣-٢٨القول بالموجب ومنه القول بالموجب وهو ضربان احدهما ان تقع صفة في كلام الغير كناية عن شئ اثبت له حكم فتثبتها لغيره من غير تعرض لثبوته له أو نفيه عنه نحو قوله تعالى يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الاعز منها الاذل وللّه العزة ولرسوله وللمؤمنين والثانى حمل لفظ وقع في كلام الغير على خلاف مراده مما يحتمله بذكر متعلقه كقوله قلت ثقلت إذا اتيت مرارا * قال ثقلت كاهلى بالايادي ٣-٢٩-٣٠الاطراد ومنه الاطراد وهو ان تأتى باسماء الممدوح أو غيره آبائه على ترتيب الولادة من غير تكلف كقوله ان يقتلوك فقد ثللت عروشهم، بعتيبة بن الحارث بن شهاب واما اللفظى ٣-٣١الجناس بين اللفظين فمنه الجناس بين اللفظين وهو تشابههما في اللفظ والتام منه ان يتفقا في انواع الحروف و اعدادها و و ترتيبها فان كانا من نوع كاسمين يسمى متماثلا نحو ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة وان كانا من النوعين يسمى مستوفى كقوله ما مات من كرم الزمان فانه * يحيى لدى يحيى بن عبد اللّه وايضا ان كان احد لفظيه مركبا سمى جناس التركيب فان اتفقا في الخط خص باسم المتشابه كقوله إذا ملك لم يكن ذاهبة فدعه فدولته ذاهبة والا خص باسم المفروق كقوله: كلكم قد اخذ الجام ولا جام لنا * ما الذى ضر مدير الجام لو جاملنا وان اختلفا في هيئات الحروف فقط يسمى محرفا كقولهم جبة البرد جنة البرد ونحوه الجاهل اما مفرط ومفرط والحرف المشدد في حكم المخفف و كقولهم البدعة شرك الشرك وان اختلفا في اعدادها سمى الجناس ناقصا وذلك اما بحرف في الاول مثل والتفت الساق بالساق إلى ربك يومئذ المساق أو في الوسط نحو جدى جهدي أو في الاخر كقوله يمدون من ايد عواص عواصم وربما سمى مطرفا واما باكثر كقولها ان البكاء هو الشفاء من الجوى بين الجوانح وربما سمى هذا مذيلا وان اختلفا في انواعها فيشترط ان لا يقع باكثر من حرف ثم الحرفان ان كانا متقاربين في المخرج سمى مضارعا وهو اما في الاول نحو بينى وبين كنى ليل دامس وطريق طامس أو في الوسط نحو قوله تعالى وهم ينهون عنه وينأون عنه أو في الاخر نحو الخيل معقود بنواصيها الخير والا سمى لاحقا وهو ايضا اما في الاول نحو ويل لكل همزة لمزة أو في الوسط نحو ذلك بما كنتم تفرجون في الارض بغير الحق وبما كنتم تمرحون أو في الاخر نحو قوله تعالى فإذا جاءهم امر من الامن وان اختلفا في ترتيبها سمى تجنيس القلب نحو حسامه فتح لاوليائه حتف لاعدائه ويسمى قلب كل ونحو اللّهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا ويسمى قلب بعض فإذا وقع احدهما في اول البيت و الاخر في آخره سمى مقلوبا مجنحا وإذا ولى احد المتجانسين الاخر سمى مزدوجا ومكررا ومرددا نحو وجئتك من سبأ بنبأ يقين ويلحق بالجناس شيئان احدهما ان يجمع اللفظين الاشتقاق وهو توافق الكلمتين في الحروف الاصول مع الاتفاق في اصل المعنى نحو قوله تعالى فاقم وجهك للدين القيم والثانى ان يجمعهما المشابهة وهى ما يشبه الاشتقاق نحو قوله تعالى انى لعملكم من القالين ٣-٣٢رد العجز على الصدر ومنه رد العجز على الصدر وهو في النثر ان يجعل احد اللفظين المكررين أو المتجانسين والملحقين بهما في اول الفقرة و الاخر في آخرها نحو قوله تعالى وتخشى الناس واللّه احق ان تخشاه ونحو سائل اللئيم يرجع ودمعه سائل ونحو قوله تعالى استغفروا ربكم انه كان غفارا ونحو قال انى لعملكم من القالين و في النظم ان يكون احدهما في آخر البيت و الاخر في صدر المصراع الاول أو حشوه أو آخره أو صدر الثاني كقوله سريع إلى ابن العم يلطم وجهه، وليس إلى داعي الندى بسريع وقوله: تمتع من شميم عرار نجد * فما بعد العشية من عرار وقوله ومن كان بالبيض الكواعب مغرما فما زلت بالبيض القواضب مغرما وقوله وان لم يكن الا معرج ساعة قليلا فانى نافع لى قليلها وقوله دعاني من ملامكما سفاها فداعى الشوق قبلكما دعاني وقوله وإذا البلابل افصحت بلغاتها، فانف البلابل باحتساء بلابل وقوله فمشعوف بآيات المثانى، ومفتون برنات المثانى وقوله املتهم ثم أملتهم فلاح لى ان ليس فيهم فلاح وقوله ضرائب ابدعتها في السماح، فلسنا نرى لك فيها ضريبا وقوله لو اختصرتم من الاحسان زرتكم، والعذاب يهجر للافراط في الخصر وقوله: فدع الوعيد فما وعيدك ضائري * اطنين اجنحة الذباب يضير وقوله وقد كانت البيض القواضب في الوغى بواتر فهى الان من بعده بتر ٣-٣٣السجع ومنه السجع قيل وهو تواطؤ الفاصلتين من النثر على حرف واحد وهو معنى قول السكاكى هو في النثر كالقافية في الشعر أوأو وهو مطرف ان اختلفا في الوزن نحو مالكم لا ترجون للّه وقارا وقد خلفكم اطوارا والا فان كان ما في احدى القرينتين أو اكثره مثل ما يقابله في الوزن والتقفية فترصيع نحو فهو يطبع الاسجاع بجواهر لفظه ويقرع الاسماع بزواجر وعظه والا فهو متواز نحو فيها سرر مرفوعة واكواب موضوعة قيل واحسن السجع ما تساوت قرائته نحو في سدر مخضود وطلح مضود وظل ممدود ثم ما طالت قرينته الثانية نحو والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى أو الثالثة نحو خذوه فغلوه ثم الجحيم صلوه ولا يحسن ان يؤتى قرينة اقصر منها كثيرا والا سجاع مبنية على سكون الاعجاز كقولهم ما ابعد ما فات واقرب ما هو آت قيل ولا يقال في القرآن اسجاع بل يقال فواصل، وقيل السجع غير مختص بالنثر ومثاله من النظم قوله تجلى به رشدي واثرت به يدى وفاض به ثمدى واورى به زندي ٣-٣٤التشطير ومن السجع على هذا القول ما يسمى التشطير، وهو جعل كل من شطرى البيت سجعة مخالفة لاختها كقوله تدبير معتصم باللّه منتقم، للّه مرتغب في اللّه مرتقب ٣-٣٥الموازنة ومنه الموازنة وهى تساوى الفاصلتين في الوزن دون التقفية نحو ونمارق مصفوفة وزرابى مبثوثة فان كان في احدى القرينتين أو اكثره مثل ما يقابله من الاخرى في الوزن أو خص باسم المماثلة قوله تعالى وآتيناهما الكتاب المستبين وهدينا هما الصراط المستقيم وقوله مهما الوحش الا ان هاتا أو انس، قنا الخط الا ان تلك ذوابل ٣-٣٦القلب ومنه القلب كقوله مودته تدوم لكل هول * وهل كل مودته تدوم وفى التنزيل كل في فلك يسبحون وربك فكبر ٣-٣٧التشريع ومنه التشريع وهو بناء البيت على قافيتين يصح المعنى عند الوقوف على كل منهما كقوله يا خاطب الدنيا الدنية انها، شرك الردى وقرارة الاكدار ٣-٣٨لزوم ما لا يلزم ومنه لزوم ما لا يلزم وهو ان يجئ قبل حرف الروى أو ما في معناه من الفاصلة ما ليس بلازم في السجع نحو فاما اليتيم فلا تقهر واما السائل فلا تنهر وقوله ساشكر عمرا ان تراخت منيتى، ايادي ايادي لم تمن وان هي جلت، فتى غير محجوب الغنى عن صديقه * ولا مظهر الشكوى إذا النعل زلت راى خلتى من حيث يخفى مكانها فكانت قذى عينيه حتى تجلت واصل الحسن في ذلك كله ان تكون الالفاظ تابعة للمعانى دون العكس |