٢ -الفن الثاني علم البيانوهو علم أو يعرف به ايراد المعنى الواحد بطرق مختلفة في وضوح الدلالة عليه ودلالة اللفظ اما على تمام ما وضع له أو على جزئه أو على خارج منه وتسمى الاولى وضعية و كل من الاخيرتين عقلية وتقيد الاولى بالمطابقة والثانية بالتضمن والثالثة بالالتزام وشرطه هي اللزوم الذهنى ولو لاعتقاد المخاطب بعرف أو غيره والا يراد المذكور لا يتأتى بالوضعية لان السامع إذا كان عالما بوضع الالفاظ لم يكن بعضها اوضح دلالة عليه من بعض والا لم يكن كل واحد دالا عليه ويتأتى بالعقلية لجواز ان تختلف مرات اللزوم في الوضوح ثم اللفظ المراد به لازم ما وضع له ان قامت قرينة على عدم ارادته فمجاز والا فكناية وقدم عليها لان معناه كجزء معناها ثم منه ما يبتنى على التشبيه فتعين التعرض له فانحصر في الثلثة ٢- ١التشبيهالتشبيه الدلالة على مشاركة امر لامر اخر في معنى الاولوالثانى والمراد ههنا ما لم يكن على وجه الاستعارة التحقيقية نحو ولا على الاستعارة بالكناية و التجريد فدخل فيه نحو قولنا زيدا اسدا و قوله تعالى صم بكم عمى، والنظر ههنا في اركانه وهى طرفاه ووجهه واداته وفى الغرض منه وفى اقسامه طرفاه اما حسيان كالخد والورد والصوت الضعيف والهمس والنكهة والعنبر والريق والخمر والجلد الناعم والحرير أو عقليان كالعلم والحياة أو مختلفان كالمنية والسبع و العطر وخلق كريم والمراد بالحسى المدرك هو ان مادته باحدى الحواس الخمس الظاهرة فدخل فيه أو الخيالي كما في قوله وكأن محمر الشقيق إذا تصوب أو تصعد اعلام ياقوت نشرن على رماح من زبرجد و بالعقلى ما عدا ذلك فدخل فيه الوهمي أي ما هو غير مدرك بها و لو ادرك لكان مدركا بها كما في قوله ومسنونة زرق كانياب اغوال وما يدرك بالوجدان كاللذة والالم ووجهه وجه الشبهما يشتركان فيه تحقيقيا أو تخييليا. والمراد بالتخييلى نحو ما في قوله وكأن النجوم بين دجاه روى سنن لاح بينهن ابتداع. فان وجه الشبه فيه هو الهيئة الحاصلة من حصول اشياء مشرقة بيض في جانب شئ مظلم اسود فهى غير موجودة في المشبه به الا على طريق التخييل انه لما كانت البدعة وكل ما هو جهل يجعل صاحبها كمن يمشى في الظلمة فلا يهتدى إلى الطريق ولا يأمن من ان ينال مكروها شبهت بها ولزم بطريق العكس ان تشبه السنة وكل ما هو علم بالنور وشاع ذلك حتى تخيل ان الثاني مما له بياض واشراق نحو اتيتكم بالحنفية البيضاء والاول على خلاف ذلك كقولك شاهد سواد الكفر من جبين فلان فصار تشبيه النجوم بين الدجى بالسنن بين الابتداع كتشبيها يبياض الشيب في سواد الشباب أو بالانوار مؤتلقة بين النبات الشديدة الخضرة فعلم فساد جعله في قول القائل " النحو في الكلام كالملح في الطعام " كون القليل مصلحا والكثير مفسدا لان النحو لا يحتمل القلة والكثرة بخلاف الملح وهو اما غير خارج عن حقيقتهما كما في تشبيه ثوب بآخر في نوعهما أو جنسهما أو فصلهما أو خارج صفة اما حقيقية و اما حسية كالكيفيات الجسمية مما يدرك بالبصر من الالوان والاشكال والمقادير والحركات وما يتصل بها أو بالسمع من الاصوات الضعيفة والقوية والتى بين بين أو بالذوق من الطعوم أو بالشم من الروايح أو باللمس من الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة والخشونة والملاسة واللين والصلابة والخفة والثقل وما يتصل بها أو عقلية كالكيفيات النفسانية من الذكاء والعلم والغضب والحلم وسائر الغرائز واما اضافية كازالة الحجاب في تشبيه الحجة بالشمس أوأو وايضا اما واحد واما بمنزلة الواحد لكونه مركبا من متعدد وكل منهما حسى أو عقلي واما متعدد كذلك أو مختلف والحسى طرفاه حسيان لاغير لامتناع ان يدرك بالحس من غير الحسى شئ والعقلي اعم لجواز ان يدرك بالعقل من الحسى شئ ولذلك يقال التشبيه بالوجه العقلي اعم فان قيل هو مشترك فيه فهو كلى والحسى ليس بكلى قلنا المراد ان افراده مدركة بالحس الواحد الحسى كالحمرة والخفاء وطيب الرائحة ولذة الطعم ولين اللمس فيما مر و العقلي كالعراء عن الفائدة والجرأة والهداية واستطابة النفس في تشبيه وجود الشئ العديم النفع بعدمه و الرجل الشجاع بالاسد و العلم بالنور و العطر بخلق كريم والمركب الحسى فيما طرفاه مفردان كما في قوله وقد لاح في الصبح الثريا كما ترى، كعنقود ملاحية حين نورا من الهيئة الحاصلة من تقارن الصور البيض المستديرة الصغار المقادير في المرأى على كيفية المخصوصة إلى المقدار المخصوص وفيما طرفاه مركبان كما في قول بشار كأن مثار النقع فوق رؤسنا، واسيافنا ليل تهاوى كواكبه من الهيئة الحاصلة من هوى اجرام مشرقة مستطيلة متناسبة المقدار متفرقة في جوانب شئ مظلم و فيما طرفاه مختلفان كما مر في تشبيه الشقيق ومن بديع المركب الحسى ما يجئ الهيئات التى تقع عليها الحركة ويكون على وجهين احدهما ان يقترن بالحركة غيرها من اوصاف الجسم كالشكل واللون كما في قوله والشمس كالمرآة في كف الاشل من الهيئة الحاصلة من الاستدارة مع الاشراق والحركة السريعة المتصلة مع تموج الاشراق حتى يرى الشعاع كأنه يهم بان ينبسط حتى يفيض من جوانب الدائرة ثم يبدو له الاول فيرجع إلى الانقباض و الثاني ان تجرد عن غيرها فهناك ايضا لابد من اختلاط حركات إلى جهات مختلفة فحركة الرحى والدولاب والسهم لا تركيب فيها بخلاف حركة المصحف في قوله وكأن البرق مصحف قار فانطباق مرة وانفتاحا وقد يقع التركيب في هيئة السكون كما في قوله في صفة كلب يقعى جلوس البدوى المصطلى من الهيئة الحاصلة من موقع كل عضو منه في اقعائه و العقلي كحرمان الانتفاء بابلغ نافع مع تحمل التعب في استصحابه في قوله تعالى مثل الذين حملوا التورية ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل اسفارا واعلم انه قد ينتزع من متعدد فيقع الخطأ لوجوب انتزاعه من اكثر كما إذا انتزع من الشطر الاول من قوله كما ابرقت قوما عطاشا غمامة، فلما رأوها اقشعت وتجلت لوجوب انتزاعه من الجميع فان المراد التشبيه باتصال ابتداء مطمع بانتهاء مؤيس والمتعدد الحسى كاللون والطعم والرائحة في تشبيه فاكهة باخرى و العقلي كحدة النظر وكمال الحذر واخفاء السفاد في تشبيه طائر بالغراب و المختلف كحسن الطلعة ونباهة الشان في تشبيه انسان بالشمس واعلم انه قد ينتزع الشبه من نفس التضاد لاشتراك الضدين فيه ثم ينزل منزلة التناسب بواسطة تمليح أو تهكم فيقال للجبان ما اشبهه بالاسد وللبخيل انه هو حاتم واداته الكاف وكأن ومثل وما في معناه والاصل في نحو الكاف نحو ان يليه المشبه به وقد يليه غيره نحو واضرب لهم مثل الحيوة الدنيا كماء انزلناه وقد يذكر فعلى ينبئ عنه كما في علمت زيدا اسدا ان قرب وحسبت ان بعد والغرض منه في الاغلب يعود إلى المشبه وهو بيان امكانه كما في قوله " فان تفق الانام وانت منهم، فان المسك بعض دم الغزال " او حاله كما في تشبيه ثوب بآخر في السواد أو مقدارها كما في تشبيهه بالغراب في شدته أو تقريرها كما في تشبيه من لا يحصل من سعيه على طائل بمن يرقم على الماء وهذه الاربعة تقتضي ان يكون وجه الشبه في المشبه به اتم وهو به اشهر أو تزيينه كما في تشبيه وجه اسود بمقلة الظبى أو تشويهه كما في تشبيه وجه مجدور بسلحة جامدة قد نقرتها الديكة أو استطرافه كما في تشبيه فحم فيه جمر موقد ببحر من المسك موجه الذهب لابرازه في صورة الممتنع عادة وللاستطراف وجه آخر وهو ان يكون المشبه نادر الحضور في الذهن اما مطلقا كما مر واما عند حضور المشبه كما في قوله ولا زوردية تزهو بزرقتها، بين الرياض على حمر اليواقيت، كأنها فوق قامات ضعفن بها * اوائل النار في اطراف كبريت وقد يعود أي المشبه به وهو ضربان احدهما ايهام انه اتم من المشبه وذلك في التشبيه المقلوب كقوله وبدا الصباح كأن غرته، وجه الخليفة حين يمتدح و الثاني بيان الاهتمام به كتشبيه الجائع وجها كالبدر في الاشراق والاستدارة بالرغيف ويسمى هذا اظهار المطلوب، هذا إذا اريد الحاق الناقص حقيقة أو ادعاء بالزايد فان اريد الجمع بين شيئين في امر احدهما فالاحسن ترك التشبيه إلى الحكم بالتشابه احترازا عن ترجيح احد المتساويين كقوله تشابه دمعى إذ جرى ومدامتى فمن مثل ما في الكأس عينى تسكب فواللّه ما ادرى ابالخمر اسبلت، جفوني ام من عبرتي كنت اشرب ويجوز التشبيه ايضا كتشبيه غرة الفرس بالصبح وعكسه متى اريد ظهور منير في مظلم اكثر منه وهو باعتبار الطرفين اما تشبيه مفرد بمفرد وهما غير مقيدين كتشبيه الخد بالورد أو مقيدان كقولهم هو كالراقم على الماء أو مختلفان كقوله والشمس كالمرآة في كف الاشل فالمشبه به اعني المرآة مقيدة بكونه في كف الاشل بخلاف المشبه اعني الشمس وعكسه واما تشبيه مركب بمركب كما في بيت بشار كأن مثار النقع فوق رؤسنا واسيافنا على ما سبق تقريره واما تشبيه مفرد بمركب كما مر من تشبيه الشقيق واما تشبيه مركب بمفرد كقوله يا صاحبي تفصيا نظريكما تريا وجود الارض كيف تصور، تريا نهارا مشمسا قد شابه زهر الربا فكأنما هو مقمر وايضا ان تعدد طرفاه فاما ملفوف أو كقوله كان قلوب الطير رطبا ويابسا لدى وكرها العناب والحشف البالى أو مفروق كقوله النشر مسك والوجوه دنانير واطراف الاكف روى عنم وان تعدد طرفه الاول فتشبيه التسوية كقوله صدغ الحبيب وحالى، كلاهما كالليالى وان تعدد طرفه الثاني فتشبيه الجمع كقوله كأنما يبسم عن لؤلؤ منضد أو برد أو اقاح وباعتبار وجهه اما تمثيل وهو ما وجهه منتزع من متعدد أو كما مر وقيده السكاكى بكونه غير حقيقي كما في تشبيه مثل اليهود بمثل الحمار واما غير تمثيل وهو بخلافه وايضا اما مجمل وهو ما لم يذكر وجهه فمنه ما هو ظاهر أو يفهمه كل احد نحو زيد كالاسد ومنه خفى لا يدركه الا الخاصة كقول بعضهم هم كالحلقة المفرغة لا يدرى اين طرفاها، أي هم متناسبون في الشرف كما انها وايضا منه ما لم يذكر فيه ؟ ؟ احد الطرفين ومنه ما ذكر فيه وصف المشبه به وحده ومنه ما ذكر فيه وصفهما كقوله صدفت عنه ولم تصدف مواهبه، عنى وعاوده ظنى فلم يخب، كالغيث ان جئته وافاك ريقه وان ترحلت عنه لج في الطلب واما مفصل وهو ما ذكر وجهه كقوله وثغره في صفاء، وادمعى كاللاءلى وقد يتسامح بذكر ما يستتبعه مكانه كقولهم للكلام الفصيح هو كالعسل في الحلاوة فان الجامع فيه لازمها وهو ميل الطبع وايضا اما قريب مبتذل وهو ما ينتقل فيه من المشبه إلى المشبه به من غير تدقيق نظر لظهور وجهه في بادى الرأى لكونه امرا جمليا فان الجملة اسبق إلى النفس أو قليل التفصيل مع غلبة حضور المشبه به في الذهن اما عند حضور المشبه لقرب المناسبة كتشبيه الجرة الصغيرة بالكوز في المقدار والشكل أو مطلقا لتكرره على الحس كالشمس بالمرآة المجلوة في الاستدارة والاستنارة لمعارضة كل من القرب والتكرر التفصيل واما بعيد غريب وهو بخلافه لعدم الظهور اما لكثرة التفصيل كقوله والشمس كالمرآة في كف الاشل أو ندور حضور المشبه به اما عند حضور المشبه لبعد المناسبة كما مر واما مطلقا اما لكونه وهميا أو مركبا خياليا أو عقليا كما مر أو لقلة تكرره على الحس كقوله والشمس كالمرآة في كف الاشل فالغرابة فيه من وجهين والمراد بالتفصيل ان ينظر في اكثر من وصف ويقع على وجوه اعرفها ان تأخذ بعضها وتدع بعضا كما في قوله حملت ردينيا كأن سنانه، سنا لهب لم يتصل بدخان وان تعتبر الجميع كما مر من تشبيه الثريا وكلما كان التركيب من امور اكثر كان التشبيه ابعد و البليغ ما كان من هذا الضرب لغرابته ولان نيل الشئ بعد طلبه الذ أو وقد يتصرف في القريب بما يجعله غريبا كقوله: لم تلق هذا الوجه شمس نهارنا * الا بوجه ليس فيه حياء وقوله عزماته مثل النجوم ثواقبا لو لم تكن للثاقبات افول ويسمى هذا التشبيه المشروط وباعتبار اداته اما مؤكد وهو ما حذفت اداته مثل قوله تعالى وهى تمر مر السحاب، ومنه نحو والريح تعبث بالغصون وقد جرى ذهب الاصيل على لجين الماء أو مرسل وهو بخلافه كما مر و باعتبار الغرض اما مقبول وهو الوافى بافادته كأن يكون المشبه به في بيان الحال أو اتم شئ فيه في الحاق الناقص بالكامل أو مسلم الحكم فيه معروفة عند المخاطب في بيان الامكان أو مردود وهو بخلافه خاتمة اعلى مراتب التشبيه في قوة المبالغة باعتبار ذكر اركانه كلها أو بعضها حذف وجهه واداته فقط نحو أو مع حذف المشبه نحو ثم حذف احدهما كذلك ولا قوة لغيره ٢- ٢الحقيقة والمجازوقد يقيدان باللغويين الحقيقة الكلمة المستعملة فيما وضعت له في اصطلاح به التخاطب والوضع تعيين اللفظ للدلالة على معنى بنفسه فخرج المجاز لان دلالته بقرينة دون المشترك والقول بدلالة اللفظ لذاته ظاهره فاسد وقد تأوله السكاكى والمجاز مفرد ومركب اما المفرد فهو الكلمة المستعملة في غير ما وضعت له في اصطلاح به التخاطب على وجه يصح مع قرينة عدم ارادته فلابد من العلاقة ليخرج الغلط و الكناية وكل منهما لغوى وشرعي وعرفي خاص أو عام أو كاسد للسبع والرجل الشجاع والصلاة للعبادة والدعاء وفعل للفظ والحدث ودابة لذوى الاربع والانسان والمجاز مرسل ان كانت العلاقة غير المشابهة والا فاستعارة وكثيرا ما تطلق الاستعارة على استعمال اسم المشبه به في المشبه فهما مستعار منه ومستعار له واللفظ مستعار والمرسل كاليد في النعمة و القدرة والرواية في المزادة ومنه تسمية الشئ باسم جزئه كالعين في الربيئة وعكسه كالاصابع في الانامل وتسميته باسم سببه نحو رعينا الغيث أو مسببه نحو امطرت السماء نباتا أو ما كان عليه نحو قوله تعالى وآتوا اليتامى اموالهم، أو ما يؤل إليه نحو انى ارانى اعصر خمرا أو محله نحو فليدع ناديه أو حاله نحو واما الذين ابيضت وجوههم ففى رحمة اللّه أي في الجنة أو آلته نحو واجعل لى لسان صدق في الآخرين، أي ذكرا حسنا والاستعارة قد تقيد بالتحقيقية لتحقق معناها حسا أو عقلا كقوله لدى اسد شاكى السلاح مقذف أي رجال شجاع وقوله كقوله تعالى " اهدنا الصراط المستقيم " أي الدين الحق ودليل انها مجاز لغوى كونها موضوعة للمشبه به لا للمشبه ولا للاعم منهما وقيل انها مجاز عقلي بمعنى ان التصرف في امر عقلي لا لغوى لانها لما لم تطلق على المشبه الا بعد ادعاء دخوله في جنس المشبه به كان استعمالها فيما وضعت له ولهذا صح التعجب في قوله قامت تظللنى من الشمس نفس اعز على من نفسي، قامت تظلنى ومن عجب، شمس تظللنى من الشمس والنهى عنه في قوله لا تعجبوا من بلى غلالته قد زر از راره على القمر ورد بان الادعاء لا يقتضى كونها مستعملة فيما وضعت له واما التعجب والنهى عنه فللبناء على تناسى التشبيه قضاء لحق المبالغة والاستعارة تفارق الكذب بوجهين بالبناء على التأويل ونصب القرينة على ارادة خلاف الظاهر ولا تكون علما لمنافاته الجنسية الا إذا تضمن نوع وصفية كحاتم وقرينتها ما امر واحد كما في قولك رأيت اسدا يرمى أو اكثر كقوله وان تعافوا العدل والايمانا، فان في ايماننا نيرانا أو معان ملتئمة كقوله وصاعقة من نصله تنكفى بها على ارؤس الاقران خمس سحائب وهى باعتبار الطرفين قسمان لان اجتماعهما في شئ اما ممكن نحو احييناه في قوله تعالى أو من كان ميتا فاحييناه، أي ضالا فهديناه نحو ولتسم وفاقية واما ممتنع كاستعارة اسم المعدوم للموجود لعدم غنائه ولتسم عنادية ومنها التهكمية والتمليحية وهما ما استعمل في ضده أو نقيضه لما مر نحو فبشرهم بعذاب اليم، و باعتبار الجامع قسمان لانه اما داخل في مفهوم الطرفين نحو كلما سمع هيعة طار إليها فان الجامع بين العدو والطيران هو قطع المسافة بسرعة وهو داخل فيهما واما غير داخل كما مرّ وايضا اما عامية وهى المبتذلة لظهور الجامع فيها نحو رأيت اسدا يرمى أو خاصية وهى الغريبة والغرابة قد تكون في نفس الشبه كما في قوله وإذا احتبى قربوسه بعنانه، علك الشكيم إلى انصراف الزائر وقد تحصل بتصرف في العامية كما في قوله وسالت باعناق المطى الاباطح إذ اسند الفعل إلى الاباطح دون المطى أو ادخل الاعناق في السير و باعتبار الثلاثة ستة اقسام لان الطرفين ان كانا حسيين فالجامع اما حسى نحو قوله تعالى فاخرج لهم عجلا جسدا له خوار. فان المستعار منه ولد البقرة والمستعار له الحيوان الذى خلقه اللّه تعالى من حلى القبط والجامع الشكل والجميع حسى واما عقلي نحو وآية لهم الليل نسلخ منه النهار فان المستعار منه كشط الجلد عن نحو الشاة والمستعار له كشف الضوء عن مكان الليل وهما حسيان والجامع ما يعقل من ترتب امر على آخر واما مختلف كقولك " رأيت شمسا " وانت تريد انسانا كالشمس في حسن الطلعة ونباهة الشان والا فهما اما عقليان نحو قوله تعالى من بعثنا من مرقدنا. فان المستعار منه الرقاد أو والمستعار له الموت والجامع عدم ظهور الفعل والجميع عقلي واما مختلفان والحسى هو المستعار منه نحو قوله تعالى فاصدع بما تؤمر، فان المستعار منه كسر الزجاج وهو حسى والمستعار له التبليغ والجامع التأثير وهما عقليان واما عكس ذلك نحو قوله تعالى انا لما طغى الماء حملناكم في الجارية. فان المستعار له كثرة الماء وهو حسى والمستعار منه التكثير والجامع الاستعلاء المفرط وهما عقليان و باعتبار اللفظ قسمان لانه ان كان اسم جنس فاصلية كاسد وقتل والافتبعية كالفعل وما يشتق منه والحرف فالتشبيه في الاولين المعنى المصدر وفى الثالث لمتعلق معناه كالمجرور في قولنا زيد في نعمة فيقدر في نطقت الحال والحال ناطقة بكذا للدلالة بالنطق و في لام التعليل نحو قوله تعالى فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا للعداوة والحزن بعد الالتقاط بعلته الغائية أو ومدار قرينتها في الاولين على الفاعل نحو نطقت الحال أو المفعول نحو قتل البخل واحى السماحا ونحو نقريهم لهذميات نقد بها أو المجرور نحو فبشرهم بعذاب اليم، و باعتبار آخر ثلثة اقسام مطلقة وهى ما لم تقترن بصفة ولا تفريع نحو والمراد المعنوية لا النعت و مجردة وهى ما قرن بما يلائم المستعار له كقوله غمر الرداء إذا تبسم ضاحكا و مرشحة وهى ما قرن بما يلائم المستعار منه نحو اولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وقد يجتمعان كقوله لدى اسد شاكى السلاح مقذف له لبد اظفاره لم تقلم والترشيح ابلغ لا شتماله على تحقيق المبالغة ومبناه على تناسى التشبيه حتى انه يبنى على علو القدر ما يبنى على علو المكان كقوله ويصعد حتى يظن الجهول بان له حاجة في السماء ونحو ما مر من التعجب والنهى عنه وإذا جاز البناء على الفرع من الاعتراف بالاصل كما في قوله هي الشمس مسكنها في السماء فعز الفؤاد عزاء جميلا فلن تسطتيع إليها الصعود ولن تستطيع اليك النزولا فمع جحده اولى اليك النزولا واما المركب فهو اللفظ المستعمل فيما شبه بمعناه الاصلى تشبيه التمثيل للمبالغة كما يقال للمتردد في امر انى اراك تقدم رجلا وتؤخر اخرى وهذا يسمى التمثيل على سبيل الاستعارة وقد يسمى التمثيل مطلقا ومتى فشا استعماله كذلك يسمى مثلا ولهذا لا تغير الامثال فصل قد يضمر التشبيه في النفس فلا يصرح بشئ من اركانه سوى المشبه ويدل عليه بان يثبت للمشبه امر مختص بالمشبه به أو فيسمى التشبيه استعارة بالكناية أو مكنيا عنها و اثبات ذلك الامر للمشبه استعارة تخييلية أو كما في قول الهذلى وإذا المنية انشب اظفارها الفيت كل تميمة لا تنفع شبه المنية بالسبع في اغتيال النفوس بالقهر والغلبة من غير تفرقة بين نفاع وضرار فاثبت لها الاظفار التى لا يكمل ذلك فيه بدونها وكما في قول الاخر ولئن نطقت بشكر برك مفصحا، فلسان حالى بالشكاية انطق شبه الحال بانسان متكلم في الدلالة على المقصود فاثبت لها اللسان الذى به قوامها فيه وكذا قول زهير صحا القلب عن سلمى واقصر باطله، وعرى افراس الصبا ورواحله اراد ان يبين انه ترك ما كان يرتكبه زمن المحبة من الجهل والغى واعرض عن معاودته فبطلت آلاته فشبه الصبا بجهة من جهات المسير كالحج والتجارة قضى منها الوطر فاهملت آلاتها فاثبت له الافراس والرواحل فالصبا من الصبوة بمعنى الميل إلى الجهل والفتوة ويحتمل انه اراد دواعى النفوس وشهواتها والقوى الحاصلة لها في استيفاء اللذات أو اراد بها الاسباب التى قلما تتاخذ في اتباع الغى الا اوان الصبا فتكون الاستعارة تحقيقية فصل عرف السكاكى الحقيقة اللغوية بالكلمة المستعملة فيما وضعت هي له من غير تأويل في الوضع واحترز بالقيد الاخير عن الاستعارة على اصح القولين فانها مستعملة فيما وضعت له بتأويل وعرف المجاز اللغوى بالكلمة في غير ما وضعت له بالتحقيق في اصطلاح به التخاطب مع قرينة مانعة عن ارادته واتى بقيد التحقيق لتدخل الاستعارة على ما مر ورد بان الوضع إذا اطلق لا يتناول الوضع بتأويل و بان التقييد باصطلاح به التخاطب كما لابد منه في تعريف المجاز لابد منه في تعريف الحقيقة وقسم المجاز اللغوى إلى الاستعارة وغيرها وعرف الاستعارة بان تذكر احد طرفي التشبيه وتريد به الآخر مدعيا دخول المشبه في جنس المشبه به وقسمها إلى المصرح بها والمكنى عنها وعنى بالمصرح بها ان يكون المذكور هو المشبه به وجعل منها تحقيقية وتخييلية وفسر التحقيقية بما مر وعد التمثيل منها ورد بانه مستلزم للتركيب المنافى للافراد وفسر التخييلية بما لا تحقق لمعناه حسا ولا عقلا بل هو صورة وهمية محضة كلفظ الاظفار في قول الهذلى فانه لما شبه المنية بالسبع في الاغتيال اخذ الوهم في تصويرها بصورته واختراع لوازمه لها فاخترع لها مثل صورة الاظفار ثم اطلق عليه لفظ الاظفار وفيه تعسف ويخالف تفسير غيره لها بجعل الشئ للشئ ويقتضى ان يكون الترشيح تخييلية للزوم مثل ما ذكره فيه وعنى بالمكنى عنها ان يكون المذكور هو المشبه على ان المراد بالمنية السبع بادعاء السبعية لها بقرينة اضافة الاظفار إليها ورد بان لفظ المشبه فيها مستعمل فيما وضع له تحقيقا والاستعارة ليست كذلك واضافة نحو الاظفار قرينة التشبيه واختار رد التبعية إلى المكنى عنها بجعل قرينتها و التبعية قرينتها على نحو قوله في المنية واظفارها ورد بانه ان قدر التبعية حقيقة لم تكن تخييلية لانها مجاز عنده فلم تكن المكنى عنها مستلزمة للتخييلية وذلك باطل بالاتفاق والا فتكون استعارة مغنيا عما ذكره غيره قوله تعالى [ الذين ينقضون عهد اللّه ] فصل وحسن كل من التحقيقية والتمثيل برعاية جهات حسن التشبيه وان لا يشم رائحته لفظا ولذلك يوصى ان يكون الشبه بين الطرفين جليا لئلا تصير الغازا كما لو قيل رأيت اسدا واريد انسان ابخر و رأيت ابلا مائة لا تجد فيها راحلة واريد الناس وبهذا ظهر ان التشبيه اعم محلا ويتصل به انه إذا قوى الشبه بين الطرفين حتى اتحدا كالعلم والنور والشبهة والظلمة لم يحسن التشبيه وتعينت الاستعارة و المكنى عنها كالتحقيقية و التخييلية حسنها بحسب حسن المكنى عنها فصل وقد يطلق المجاز على كلمة تغير حكم اعرابها بحذف لفظ أو زيادة لفظ كقوله تعالى وجاء ربك، وقوله تعالى واسئل القرية و قوله تعالى ليس كمثله شئ أي امر ربك و اهل القرية وليس مثله شئ ٢- ٣الكنايةالكناية لفظ اريد به لازم معناه مع جوا ارادته معه فظهر انه تخالف المجاز من جهة ارادة المعنى مع ارادة لازمه وفرق بان الانتقال فيها من اللازم وفيه من الملزوم ورد بان اللازم ما لم يكن ملزوما لم ينتقل منه وحينئذ يكون الانتقال من الملزوم إلى اللازم وهى ثلاثة اقسام الاولى المطلوب بها غير صفة ولا نسبة فمنها ما هي معنى واحد كقوله والطاعنين مجامع الاضغان ومنها ما هو مجموع معان كقولنا كناية عن الانسان حى مستوى القامة عريض الاظفار وشرطهما الاختصاص بالمكنى عنه و الثانية المطلوب بها صفة فان لم يكن الانتقال بواسطة قريبة واضحة كقولهم كناية عن طول القامة طويل نجاده وطويل النجاد والاولى ساذجة وفى الثانية تصريح ما لتضمن الصفة الضمير أو خفية كقولهم كناية عن الابله عريض القفاء وان كان الانتقال بواسطة فبعيدة كقولهم كثير الرماد كناية عن المضياف فانه ينتقل من كثرة الرماد إلى كثرة احراق الحطب تحت القدر ومنها إلى كثرة الطبائح ومنها إلى كثرة الاكلة ومنها إلى كثرة الضيفان ومنها إلى المقصود الثالثة المطلوب بها نسبة كقوله ان السماحة والمرؤة والندى في قبة ضربت على ابن الحشرج فانه اراد ان يثبت اختصاص ابن الحشرج بهذه الصفات فترك التصريح بان يقول انه مختص بها أو نحوه إلى الكناية بان جعلها في قبة مضروبة عليه ونحوه قولهم المجد بين ثوبيه والكرم بين برديه والموصوف في هذين القسمين قد يكون و غير مذكور كما يقال في عرض من يؤذى المسلمين المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده السكاكى الكناية تتفاوت إلى تعريض وتلويح ورمز واشارة وايماء والمناسب للعريضة التعريض و لغيرها ان كثرت الوسائط التلويح و ان قلت مع خفاء الرمز و بلا خفاء الايماء والاشارة. ثم قال والتعريض قد يكون مجازا كقولك آذيتنى فستعرف وانت تريد انسانا مع المخاطب دونه وان اردتهما كان كناية ولابد فيهما من قرينة فصلاطبق البلغاء على ان المجاز والكناية ابلغ من الحقيقة والتصريح لان الانتقال فيهما من الملزوم إلى اللازم فهو كدعوى الشئ ببينة و ان الاستعارة ابلغ من التشبيه لانها نوع من المجاز |