١- الفن الاول علم المعانيوهو علم تعرف به احوال اللفظ العربي التى بها يطابق مقتضى الحال وينحصر في ثمانية ابواب احوال الاسناد الخبرى احوال المسند إليه احوال المسند احوال متعلقات الفعل القصر الانشاء الفصل الوصل الايجاز الاطناب المساواة . لان الكلام اما اخبار أو انشاء لانه ان كان لنسبته خارج أو تطابقه أو لا تطابقه فخبر والا فانشاء والخبر لابد له من مسند إليه ومسند واسناد، والمسند قد يكون له متعلقات إذا كان فعلا أو ما في معناه وكل من الاسناد والتعليق اما بقصر أو بغير قصر وكل جملة قرنت باخرى، اما معطوفة عليها أو غير معطوفة، والكلام البليغ اما زائد على اصل المراد لفائدة أو غير زائد تنبيه صدق الخبر مطابقته للواقع وكذبه عدمها وقيل مطابقته لاعتقاد المخبر ولو كان خطاء و عدمها وقولهأو بدليل قوله تعالى [إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد انك لرسول اللّه واللّه يشهد ان المنافقين لكاذبون ] ورد بان المعنى لكاذبون في الشهادة أو في تسميتها أو في المشهود به في زعمهم والجاحظ مطابقته مع الاعتقاد و عدمها معه وغيرهما ليس بصدق ولا كذب بدليل افترى على اللّه كذبا ام به جنة قوله تعالى إذا مزقتم كل ممزق انكم لفى خلق جديد ان المراد بالثاني ام به جنة غير الكذب لانه قسيمه وغير الصدق لانهم لم يعتقدوه ورد بان المعنى ام به جنة ام لم يفتر فعبر عنه بالجنة لان المجنون لا افتراء له ١- ١احوال الاسناد الخبرىلا شك ان قصد المخبر قوله تعالى [ رب اني وضعتها انثى ] بخبره افادة المخاطب اما الحكم أو كونه عالما به ويسمى الاول فائدة الخبر والثاني لازمها وقد ينزل العالم بهما منزلة الجاهل لعم جريه على موجب العلم قوله تعالى [ ولقد علموا لمن اشتراه ماله في الاخرة من خلاق ولبئس ما شروابه انفسهم لو كانوا يعلمون ] قوله تعالى [ وما رميت إذ رميت ولكن اللّه رمى ] فينبغي ان يقتصر من التركيب على قدر الحاجة فان كان خالي الذهن من الحكم والتردد فيه استغنى عن مؤكدات الحكم وان كان مترددا فيه طالبا له حسن تقوية بمؤكد وان كان منكرا وجب توكيده بحسب الانكار كما قال اللّه تعالى حكاية عن رسل عيسى عليه السلام إذ كذبوا في المرة الاولى [انا اليكم مرسلون] وفي الثانية [انا اليكم لمرسلون] ويسمى الضرب الاول ابتدائيا والثاني طلبيا والثالث انكاريا و اخراج الكلام عليها اخراجا على مقتضى الظاهر وكثيرا ما يخرج على خلافه فيجعل غير السائل كالسائل إذا قدم إليه ما يلوح له بالخبر فيستشرف له استشراف الطالب المتردد نحو ولا تخاطبني في الذين ظلموا انهم مغرقون و غير المنكر كالمنكر إذا لاح عليه شئ من امارات الانكار نحو جاء شقيق عارضا رمحه ان بنى عمك فيهم رماح و المنكر كغير المنكر إذا كان معه ما ان تأمله ارتدع نحو لا ريب فيه وهكذا اعتبارات النفى ثم الاسناد منه حقيقة عقلية وهى اسناد الفعل أو معناه إلى ما هو أو له عند المتكلم في الظاهر كقول المؤمن انبت اللّه البقل و قول الجاهل انبت الربيع البقل و نحو قولك جاء زيد وانت تعلم انه لم يجئ ومنه مجاز عقلي وهو اسناده إلى ملابس له غير ما هوله بتاول وله ملا بسات شتى يلابس الفاعل والمفعول به والمصدر والزمان والمكان والسبب فاسناده إلى الفاعل أو المفعول به إذا كان مبنيا له حقيقة كما مر و إلى غيرهما أو للملابسة مجاز كقولهم عيشة راضية وسيل مفعم وشعر شاعر ونهاره صائم ونهر جار وبنى الامير المدينة نحوقال اللّه تعالى [ فان خفتم شقاق بينهما ومكر الليل والنهار ] قال اللّه تعالى [ ولا تطيعوا امر المسرفين ] وقولنا بتأول يخرج نحو ما مر من قول الجاهل ولهذا لم يحمل نحو قوله: اشاب الصغير وافنى الكبير * كر الغداة ومر العشى على المجاز أي على ان اسناد اشاب وافنى إلى كر الغداة ومر العشى مجاز ما لم يعلم أو يظن ان قائله لم يعتقد ظاهره كما استدل على ان اسناد ميز في قول ابي النجم ميز عن قنزعا عن قنزع جذب الليالى ابطئ أو اسرعى مجاز بقوله عقيبه افناه قيل اللّه للشمس اطلعي واقسامه اربعة: لان طرفيه اما حقيقتان نحو انبت الربيع البقل أو مجازان نحو احى الارض شباب الزمان أو مختلفان نحو انبت البقل شباب الزمان واحى الارض الربيع وهو في القرآن كثير كقوله تعالى وإذا تليت عليهم آياته زادتهم ايمانا يذبح ابناءهم ينزع عنهما لباسهما يوما يجعل الولدان شيبا واخرجت الارض اثقالها وهو غير مختص بالخبر بل يجرى في الانشاء نحو ياهامان ابن لى صرحا قوله تعالى [ اصلوتك تأمرك ] ولا بد له للمجاز العقلي من قرينة لفظية كما مر أو معنوية كاستحالة قيام المسند بالمذكور عقلا كقولك محبتك جاءت بى اليك أو عادة نحو هزم الامير الجند وصدوره عن الموحد في مثل اشاب الصغير ومعرفة حقيقته اما ظاهرة كما في قوله تعالى فما ربحت تجارتهم أي فما ربحوا في تجارتهم واما خفية كما في قولك سرتني رؤيتك أي سرنى اللّه عند رؤيتك وقوله " يزيدك وجهه حسنا، إذا ما زدته نظرا " وانكره السكاكى ذاهبا إلى ان ما مر ونحوه استعارة بالكناية على ان المراد بالربيع الفاعل الحقيقي بقرينة نسبة الانبات إليه وعلى هذا القياس غيره وفيه نظر لانه يستلزم ان يكون المراد عيشة في قوله تعالى فهو في عيشة راضية صاحبها لما سيأتي و ان لا تصح الاضافة في نحو نهاره صائم لبطلان اضافة الشئ إلى نفسه كقوله تعالى [ فما ربحت تجارتهم ] و ان لا يكون الامر بالبناء في قوله تعالى [ يا هامان ابن لي صرحا ] لهامان و ان يتوقف نحو انيت الربيع البقل على السمع واللوازم كلها منتفية ولانه ينتقض بنحو نهاره صائم لاشتماله على ذكر طرفي التشبيه ١- ٢ احوال المسند إليهاما حذفه فللا حتراز عن العبث بناء على الظاهر أو تخييل العدول إلى اقوى الدليلين واللفظ كقوله قال لي كيف انت قلت عليل أو اختبار تنبه السامع و مقدار تنبهه أو ايهام صونه عن لسانك أو عكسه أو تأتى الانكار لدى الحاجة أو تعينه احدهما أو ادعاء التعين له أو نحو ذلك واما ذكره فلكونه الاصل أو للاحتياط لضعف التعويل على القرينة أو للتنبيه على غباوة السامع أو زيادة الايضاح والتقرير قوله تعالى [ اولئك على هدى من ربهم واولئك هم المفلحون ] أو اظهار تعظيمه أو اهانته أو التبرك بذكره أو استلذاذه أو بسط الكلام حيث الاصغاء مطلوب نحو قوله تعالى هي عصاي واما تعريفه فبالاضمار لان المقام للتكلم أو الخطاب أو الغيبة واصل الخطاب ان يكون لمعين وقد يترك إلى غيره ليعم كل مخاطب نحو ولو ترى إذا المجرمون ناكسوا رؤسهم عند ربهم أي تناهت حالهم في الظهور فلا يختص به مخاطب وبالعلمية لاحضاره بعينه نحو في ذهن السامع ابتداء باسم مختص به نحو قل هو اللّه احد أو تعظيم أو اهانة أو كناية قوله تعالى [ تبت يدا ابي لهب ] أو ايهام استلذاذه أو التبرك به وبالموصولية لعدم علم المخاطب بالاحوال المختصة به سوى الصلة كقولك الذى كان معنا امس رجل عالم أو استهجان التصريح بالاسم أو زيادة التقرير نحو ورودته التى هو في بيتها عن نفسه أو التفخيم نحو فغشيهم من اليم ما غشيهم أو تنبيه المخاطب على خطاء نحو " ان الذين ترونهم اخوانكم، يشفى غليل صدورهم ان تصرعوا " أو الايماء إلى وجه بناء الخبر نحو ان الذين يستكبرون عن عبادتي قوله تعالى سيدخلون جهنم داخرين ثم انه ربما جعل ذريعة إلى التعريض بالتعظيم لشأنه نحو ان الذى سمك السماء بنى لنا بيتا دعائمه اعز واطول أو شان غيره نحو الذين كذبوا شعيبا كانوا هم الخاسرين وبالاشارة لتمييزه اكمل تمييز نحو هذا أبو الصقر فردا في محاسنه أو التعريض بغباوة السامع كقوله اولئك آبائى فجئني بمثلهم * إذا جمعتنا ياجرير المجامع أو بيان حاله في القرب أو البعد أو التوسط كقولك هذا أو ذاك أو ذلك زيد أو تحقيره بالقرب نحو هذا الذى يذكر آلهتكم أو تعظيمه بالبعد نحو آلم ذلك الكتاب أو تحقيره بالبعد كما يقال ذلك اللعين فعل كذا أو للتنبيه عند تعقيق المشار إليه باوصاف على انه جدير بما يرد به بعده من اجلها نحو الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلوة [ اولئك على هدى من ربهم واولئك هم المفلحون] وباللام للاشارة إلى معهود نحو وليس الذكر كالانثى أي ليس الذى طلبت كالتي وهبت تلك الانثى لها قوله تعالى [ قالت رب اني وضعتها انثى ] في قوله تعالى [ رب اني نذرت لك ما في بطني محررا ] أو إلى نفس الحقيقة كقولك الرجل خير من المرأة. وقد يأتي لواحد باعتبار عهديته للذهن كقولك ادخل السوق حيث لا عهد قوله تعالى [ واخاف ان يأكله الذئب ] وهذا في المعنى كالنكرة وقد يفيد الاستغراق نحو ان الانسان لفي خسر وهو ضربان حقيقي نحو عالم الغيب والشهادة أي كل غيب وشهادة وعرفي نحو جمع الامير الصاغة أي صاغة بلده أو مملكته واستغراق المفرد اشمل بدليل صحة لا رجال في الدار إذا كان فيها رجل أو رجلان دون لا رجل ولا تنافى بين الاستغراق وافراد الاسم لان الحرف انما يدخل عليه مجردا عن معنى الواحدة ولانه بمعنى كل فرد لا مجموع الافراد ولهذا امتنع وصفه بنعت الجمع وبالاضافة لانها اخصر طريق نحو هواى مع الركب اليمانين مصعد أو لتضمنها تعظيما لشان المضاف إليه أو المضاف أو غيرهما كقولك عبدى حضر أو عبد الخليفة ركب أو عبد السلطان عندي أو تحقيرا نحو ولد الحجام حاضر واما تنكيره فللافراد نحو وجاء رجل من اقصى المدينة يسعى أو النوعية نحو وعلى ابصارهم غشاوة أو التعظيم أو التحقير كقوله له حاجب في كل امر يشينه وليس له عن طالب العرف حاجب أو التكثير كقولهم ان له لابلا وان له لغنما أو التقليل نحو ورضوان من اللّه اكبر وقد جاء للتعظيم والتكثير نحو ان يكذبوك فقد كذبت رسل أي رسل ذووا عدد كثير و آيات عظام ومن تنكير غيره للافراد أو النوعية نحو واللّه خلق كل دابة من ماء و للتعظيم نحو فأذنوا بحرب من اللّه ورسوله وللتحقير نحو ان نظن الا ظنا في قوله تعالى [ ورفع بعضهم درجات ] واما وصفه فلكونه مبينا له كاشفا عن معناه كقولك الجسم الطويل العريض العميق يحتاج إلى فراغ يشغله ومثله في الكشف قوله الالمعى الذى يظن بك الظن كان قد رأى وقد سمعا أو مخصصا نحو زيد التاجر عندنا أو مدحا أو ذما نحو جاءني زيد العالم أو الجاهل حيث يتعين الموصوف قبل ذكره أو تأكيدا نحو امس الدابر كان يوما عظيما كقوله تعالى [وما من دابة في الارض ولا طائر يطير بجناحيه] واما توكيده فللتقرير أو لدفع توهم التجوز أو السهو أو عدم الشمول واما بيانه فلا يضاحه باسم مختص به نحو قدم صديقك خالد قوله تعالى [ جعل اللّه الكعبة البيت الحرام قياما للناس ] واما الابدال منه فلزيادة التقرير نحو جاءني اخوك زيد وجاءني القوم اكثرهم وسلب زيد ثوبه واما العطف فلتفصيل المسند إليه مع اختصار نحو جاءني زيد وعمرو أو المسند كذلك نحو جاءني زيد فعمرو أو ثم عمرو أو جاءني القوم حتى خالد اورد السامع إلى الصواب نحو جاءني زيد لا عمرو أو صرف الحكم إلى آخر نحو جاءني زيد بل عمرو أو ما جاءني زيد بل عمرو أو للشك أو التشكيك للسامع نحو جاءني زيد أو عمرو قوله تعالى واما فصله فلتخصيصه بالمسند واما تقديمه فلكون ذكره اهم اما لانه الاصل ولا مقتضى للعدول عنه واما ليتمكن الخبر في ذهن السامع، لان في المبتدأ تشويقا إليه كقوله والذى حارت البرية فيه حيوان مستحدث من جماد واما التعجيل المسرة أو المساءة للتفاؤل أو التطير نحو سعد في دارك والسفاح في دار صديقك واما لايهام انه لا يزول عن الخاطر أو انه يستلذ به واما لنحو ذلك عبد القاهر وقد يقدم ليفيد تخصيصه بالخبر الفعلي ان ولى حرف النفى نحو ما انا قلت هذا أي لم اقله مع انه مقول ولهذا لم يصح ما انا قلت ولا غيرى ولا ما انا رأيت احدا ولا ما انا ضربت إلا زيدا والا فقد يأتي للتخصيص على من زعم انفراد غيره به أو مشاركته فيه نحو انا سعيت في حاجتك ويؤكد على الاول بنحو لا غيرى و على الثاني بنحو وحدي وقد يأتي لتقوى الحكم نحو هو يعطى الجزيل وكذا إذا كان الفعل منفيا نحو انت لا تكذب فانه اشد لنفى الكذب من لا تكذب وكذا من لا تكذب انت لانه لتأكيد المحكوم عليه لا الحكم وان بنى الفعل على منكر افاد تخصيص الجنس أو الواحد به نحو رجل جاءني أي لا امرأة أو رجلان ووافقه السكاكى على ذلك الا انه قال التقديم يفيد الاختصاص ان جاز تقدير كونه في الاصل مؤخرا على انه فاعل معنى فقط تحو انا قمت وقدر احدهما والا فلا يفيد الا تقوى الحكم جاز كما مر ولم يقدر أو لم يجز نحو زيد قام واستثنى المنكر بجعله من باب واسروا النجوى الذين ظلموا، أي على القول بالابدال من الضمير في قوله تعالى [ واسروا النجوى الذين ظلموا ] لئلا ينتفى التخصيص إذ لا سبب له وسواه بخلاف المعرف ثم قال وشرطه إذا لم يمنع من التخصيص مانع كقولك رجل جاءني على ما مر دون قولهم شر اهر ذا ناب اما على تقدير الاول فلا متناع ان يراد ان المهر شر لا خير واما الثاني فلنبوه عن مظان استعماله وإذا قد صرح الائمة بتخصيصه حيث تأولوه بما اهر ذا ناب الا شرا فالوجه تفظيع شان الشربه بتنكيره وفيه نظر إذ الفاعل اللفظى والمعنوي سواء في امتناع التقديم ما بقيا على حالهما فتجويز تقديم المعنوي دون اللفظ تحكم ثم لا نسلم انتفاء التخصيص لو لا تقدير التقديم لحصوله بغيره كما ذكره ثم لا نسلم امتناع ان يراد المهر شر لا خير ثم قال ويقرب من هو قام زيد قائم في التقوى لتضمنه الضمير وشبهه بالخالى عنه عدم تغيره في التكلم والخطاب والغيبة ولهذا لم يحكم بانه جملة ولا عومل معاملتها في البناء ومما يرى تقديمه كاللازم لفظ مثل وغير في نحو مثلك لا يبخل وغيرك لا يجود بمعنى انت لا تبخل وانت تجود من غير ارادة تعريض بغير المخاطب لكونه اعون على المراد بهما قيل وقد يقدم لانه دال على العموم نحو كل انسان لم يقم بخلاف ما لو اخر نحو لم يقم كل انسان فانه يفيد نفى الحكم عن جملة الافراد لا عن كل فرد لئلا يلزم ترجيح التأكيد على التأسيس لان الموجبة المهملة المعدولة المحمولة في قوة السالبة الجزئية نحوأو المستلزمة نفى الحكم عن الجملة دون كل فرد الاول والسالبة المهملة في قولة السالبة الكلية المقتضية للنفي عن كل فرد لورود موضوعها في سياق النفى وفيه نظر لان النفى عن الجملة في الصورة الاولى وعن كل فرد في الثانية انما افاده الاسناد إلى ما اضيف إليه كل وقد زال ذلك بالاسناد إليها فيكون تأسيسا لا تأكيدا ولان الثانية إذا افادت النفى عن كل فرد فقد افادت النفى عن الجملة فإذا حملت على الثاني لا يكون تأسيسا ولان النكرة المنفية إذا عمت كان قولنا لم يقم انسان سالبة كلية لا مهملة وقال عبد القاهر ان كانت كل داخلة في حيز النفى بان اخرت عن اداته نحو ما كل " ما يتمنى المرء يدركه أو معمولة للفعل المنفى أو اعم نحو ما جاءني القوم كلهم أو ما جاءني كل القوم أو لم آخذ كل الدراهم أو كل الدراهم لم آخذ توجه النفى إلى الشمول خاصة وافاد ثبوت الفعل أو الوصف لبعض أو تعلقه به قوله تعالى [ واللّه لا يحب كل مختال فخور ] [ واللّه لا يحب كل كفار اثيم ] [ ولا تطع كل حلاف مهين ] والا عم كقول النبي صلى اللّه عليه واله وسلم لما قال له ذو اليدين اقصرت الصلاة ام نسيت كل ذلك لم يكن قول النبي صلى اللّه عليه السلام وعليه قوله قد اصبحت ام الخيار تدعى * على ذنبا كله لم اصنع واما تأخيره فلاقتضاء المقام تقديم المسند هذا كله مقتضى الظاهر وقد يخرج الكلام على خلافه فيوضع المضمر موضع المظهر كقولهم نعم رجلا مكان نعم الرجل زيد في احد القولين وقولهم هو أو هي زيد عالم مكان الشان أو القصة ليتمكن ما يعقبه في ذهن السامع لانه إذا لم يفهم منه معنى انتظره وقد يعكس فان كان اسم اشارة فلكمال العناية بتمييزه لا ختصاصه بحكم بديع كم عاقل عاقل اعيت أو مذاهبه * وجاهل تلقاه مرزوقا هذا الذى ترك الاوهام حائرة * وصير العالم النحرير زنديقا أو التهكم بالسامع كما إذا كان فاقد البصر أو النداء على كمال بلادته أو فطانته أو ادعاء كمال ظهوره وعليه من غير هذا الباب تعاللت كى اشجى وما بك علة، *تريدين قتلى قد ظفرت بذلك وان كان غيره فلزيادة التمكن نحو قل هو اللّه احد، اللّه الصمد ونظيره من غيره وبالحق انزلناه وبالحق نزل أو ادخال الروع في ضمير السامع وتربية المهابة أو تقوية داعى المأمور، ومثالهما قول الخلفاء امير المؤمنين يأمرك بكذا وعليه من غيره فإذا عزمت فتوكل على اللّه أو الاستعطاف كقوله: الهى عبدك العاصى اتاكا * قال السكاكى هذا غير مختص بالمسند إليه ولا بهذا القدر بل كل من التكلم والخطاب والغيبة مطلقا أوأو ينقل إلى الاخر ويسمى هذا النقل عند علماء المعاني التفاتا كقوله تطاول ليلك بالاثمد والمشهور ان الالتفات هو التعبير عن معنى بطريق من الثلاثة بعد التعبير عنه باخر منها قوله تعالى [ واياك نستعين، واهدنا، وانعمت ] اياك نعبد * يا ايها الذين آمنوا وهذا اخص منه مثال التفات من التكلم إلى الخطاب ومالى لا اعبد الذى فطرني واليه ترجعون و إلى الغيبة انا اعطيناك الكوثر، فصل لربك وانحر، و من الخطاب إلى التكلم طحا بك قلب في الحسان طروب * بعيد الشباب عصر حان مشيب، يكلفني ليلى وقد شط وليها * وعادت عواد بيننا وخطوب و إلى الغيبة قوله تعالى حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم و من الغيبة إلى التكلم قوله تعالى واللّه الذى ارسل الرياح فتثير سحابا فسقناه و إلى الخطاب قوله تعالى مالك يوم الدين اياك نعبد ووجهه ان الكلام إذا نقل من اسلوب إلى اسلوب آخر كان احسن تطرية لنشاط السامع وكان اكثر ايقاظا للاصغاء إليه وقد يختص مواقعه بلطائف كما في الفاتحة فان العبد إذا ذكر الحقيق بالحمد عن قلب حاضر يجد من نفسه محركا للاقبال عليه وكلما اجرى عليه صفة من تلك الصفات العظام قوى ذلك المحرك إلى ان يؤل الامر إلى خاتمتها المفيد انه مالك الامر كله في يوم الجزاء فحينئذ يوجب الاقبال عليه والخطاب بتخصيصه بغاية الخضوع والاستعانة في المهمات ومن خلاف المقتضى تلقى المخاطب بغير ما يترقب بحمل كلامه على خلاف مراده تنبيها على انه الاولى بالقصد كقوله القبعثرى للحجاج وقد قال له متوعدا " لاحملنك على الادهم" " مثل الامير يحمل على الادهم والاشهب " أي من كان مثل الامير في السلطان وبسطة اليد فجدير بان يصفد لا ان يصفد أو السائل بغير ما يطلب بتنزيل سؤاله منزلة غيره تنبيها على انه هو الاولى بحاله أو المهم له كقوله تعالى يسئلونك عن الاهلة * قل هي مواقيت للناس والحج وكقوله تعالى يسئلونك ماذا ينفقون قل ما انفقتم من خير فللوالدين والاقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل ومنه التعبير عن المستقبل بلفظ الماضي تنبيها على تحقق وقوعه نحو قوله تعالى ونفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الارض ومثله كقوله تعالى وان الدين لواقع ونحوه كقوله تعالى ذلك يوم مجموع له الناس ومنه القلب عرضت الناقة على الحوض وقلبه ورده غيره مطلقا والحق انه ان تضمن اعتبار لطيفا قبل كقوله " ومهمه مغبرة أي مملوكة بالغبرة ارجاؤه، * كان لو ارضه سماؤه " أي لونها والا رد كقوله كما طينت بالفدن السياعا ١- ٣ احوال المسنداما تركه اما تركه فلما مر كقوله فانى وقيار بها لغريب " وكقوله " نحن بما عندنا واتت بهما * عندك راض والرأى مختلف " وقولك: زيد منطلق وعمرو وقولك خرجت فإذا زيد وقوله " ان محلا وان مرتحلا أي ان لنا في الدنيا و لنا عنها ارتحالا وقوله تعالى قل لو انتم تملكون خزائن رحمة ربى وقوله تعالى: فصبر جميل يحتمل الامرين أي اجمل أو فأمري ولابد من قرينة كوقوع الكلام جوابا لسؤال محقق نحو ولئن سألتهم من خلق السموات والارض ليقولن اللّه كقوله تعالى ولئن سألتهم من خلق السموات والارض ليقولن قوله تعالى قال من يحي العظام وهي رميم، قل يحييها الذي انشأها اول مرة أو مقدر نحو وليبك يزيد ضارع لخصومة وفضله على خلافه بتكرر الاسناد اجمالا ثم تفصيلا وبوقوع نحو يزيد غير فضلة وبكون معرفة الفاعل كحصول نعمة غير مترقبة لان اول الكلام غير مطمع في ذكره واما ذكره فلما مر أو ان يتعين كونه اسما أو فعلا واما افراده فلكونه غير سببي مع عدم افادة تقوى الحكم والمراد بالسببى نحو زيد ابوه منطلق واما كونه فعلا فللتقييد باحد الازمنة الثلاثة على اخصر وجه مع افادة التجدد كقوله أو كلما وردت عكاظ قبيلة بعثوا إلى عريفهم يتوسم واما كونه اسما فلافادة عدمهما كقوله " لا يألف الدرهم المضروب صرتنا " لكن يمر عليها وهو منطلق " واما تقييد الفعل بمفعول ونحوه فلتربية الفائدة والمقيد في نحو كان زيد منطلقا هو منطلقا لا كان واما تركه فلمانع منها واما تقييده بالشرط فلا عتبارات لا تعرف الا بمعرفة ما بين ادواته من التفصيل وقد بين ذلك في علم النحو ولكن لابد من النظر ههنا في ان وإذا ولو فان وإذا للشرط في الاستقبال لكن اصل ان عدم الجزم بوقوع الشرط واصل إذا الجزم ولذلك كان النادر موقعا لان و غلب لفظ الماضي مع إذا نحو فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه وان تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه لان المراد بالحسنة الحسنة المطلقة ولهذا عرفت تعريف الجنس والسيئة نادرة بالنسبة إليها ولهذا نكرت وقد تستعمل ان في الجزم تجاهلا أو لعدم جزم المخاطب كقولك لمن يكذبك ان صدقت فماذا تفعل أو تنزيله منزلة الجاهل لمخالفته مقتضى العلم أو التوبيخ وتصوير ان المقام لاشتماله على ما يقلع الشرط عن اصله لا يصلح الا لفرضه كما يفرض المحال نحو افنضرب عنكم الذكر صفحا ان كنتم قوما مسرفين فيمن قرأ ان بالكسر في قوله تعالى قل ان كان للرحمن ولد فانا اول العابدين أو تغليب غير المتصف به على المتصف به وقوله تعالى للمخاطبين المرتابين وان كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا، يحتملهما كقوله تعالى فان آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا * وقل ان كان للرحمن ولد فانا اول العابدين والتغليب يجرى في فنون كثيرة كقوله تعالى وكانت من القانتين و قوله تعالى بل انتم قوم تجهلون ومنه ابوان ونحوه قوله تعالى [ وكانت من القانتين ] ولكونهما لتعليق امر بغيره في الاستقبال كان كل من جملتي كل فعلية استقبالية ولا يخالف ذلك لفظا الا لنكتة وان كنتم في ريب كابر از غير الحاصل في معرض الحاصل لقوة الاسباب أو كون ما هو مقطوع الوقوع كالواقع أو التفاؤل أو اظهار الرغبة في وقوعه نحو ان ظفرت بحسن العاقبة فان الطالب إذا عظمت رغبته في حصول امر يكثر تصوره اياه فربما يخيل إليه حاصلا وعليه قوله تعالى ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء ان اردن تحصنا قال السكاكى أو للتعريض نحو قوله تعالى لئن اشركت ليحبطن عملك ونظيره في التعريض قوله تعالى " ومالى لا اعبد الذى فطرني، أي وما لكم لا تعبدون الذى فطركم بدليل واليه ترجعون " ووجه حسنه اسماع المخاطبين الحق على وجه لا يزيد غضبهم وهو ترك التصريح بنسبتهم إلى الباطل ويعين على قبوله لكونه ادخل في امحاض النصح لهم حيث لا يريد لهم الا ما يريد لنفسه ولو للشرط في الماضي مع القطع بانتفاء الشرط قوله تعالى لو كان فيهما آلهة الا اللّه لفسدتا قوله تعالى لو كان فيهما آلهة الا اللّه لفسدتا فيلزم عدم الثبوت والمضى في جملتيها نحو قولها طلبوا العلم ولو بالصين فدخولها على المضارع في نحو لو يطيعكم في كثير من الامر لعنتم لقصد استمرار الفعل فيما مضى وقتا فوقتا كقوله تعالى وما هم بمؤمنين في قوله تعالى اللّه يستهزئ بهم و في نحو قوله تعالى ولو ترى أو إذ وقفوا على النار لتنزيله منزلة الماضي لصدوره عمن لا خلاف في اخباره كما في ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين أو لا ستحضار الصورة كما قال اللّه تعالى فتثير سحابا قوله تعالى اللّه الذى ارسل الرياح استحضارا لتلك الصورة البديعة الدالة على القدرة الباهرة واما تنكيره فلا رادة عدم الحصر والعهد كقولك زيد كاتب وعمرو شاعر أو للتفخيم نحو هدى للمتقين أو للتحقير واما تحصيصه بالاضافة أو الوصف فلكون الفائدة اتم واما تركه فظاهر مما سبق واما تعريفه فلا فادة السامع حكما على امر معلوم له باحدى طرق التعريف بآخر مثله أو لازم حكم كذلك نحو زيد اخوك وعمرو المنطلق باعتبار تعريف العهد أو الجنس وعكسها والثانى قد يفيد قصر الجنس على شئ تحقيقا نحو زيد الامير أو مبالغة لكماله فيه نحو عمرو الشجاع وقيل الاسم متعين للابتداء لدلالته على الذات والصفة للخبرية لدلالتها على امر نسبي ورد بان المعنى الشخص الذى له الصفة صاحب الاسم واما كونه جملة فللتقوى أو لكونه سببيا لما مر واسميتها وفعليتها وشرطيتها لما مر وظرفيتها لاختصار الفعلية إذ هي مقدرة بالفعل على الاصح واما تأخيره فلان ذكر المسند إليه اهم كما مر واما تقديمه فلتخصيصه بالمسند إليه نحو لا فيها غول أي بخلاف خمور الدنيا في قوله تعالى لكم دينكم ولي دين في قوله تعالى ان حسابهم الا على ربى ولهذا لم يقدم الظرف في لا ريب فيه لئلا يفيد أو التنبيه من اول الامر على انه خبر لا نعت كقوله له همم لا منتهى لكبارها * وهمته الصغرى اجل من الدهر أو التفاؤل أو التشويق إلى ذكر المسند إليه كقوله ثلاثة تشرق الدنيا ببهجتها شمس الضحى وابو اسحق والقمر تنبيه، كثير مما ذكر في هذا الباب والذي قبله غير مختص بهما كالذكر والحذف وغيرهما والفطن إذا اتقن اعتبار ذلك فيهما لا يخفى عليه اعتباره في غيره هما ١- ٤ احوال متعلقات الفعلالفعل مع المفعول كالفعل مع الفاعل في ان الغرض من ذكره معه افادة تلبسه به لا افادة وقوعه مطلق فإذا لم يذكر معه فالغرض ان كان اثباته لفاعله أو نفيه عنه مطلقا نزل منزلة اللازم ولم يقدر له مفعول لان المقدر كالمذكور وهو ضربان لانه اما ان يجعل الفعل مطلقا أو كناية عنه متعلقا بمفعول مخصوص دلت عليه قرينة اولا الثاني كقوله تعالى قل هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون السكاكى: ثم إذا كان المقام خطابيا لا استدلاليا افاد ذلك مع التعميم دفعا للتحكم والاول كقول البخترى في المعتز باللّه بالبصر شجو حساده وغيظ عداه، * ان يرى مبصر ويسمع واع اي ان يكون ذو رؤية وذو سمع فيدرك محاسنه اخباره الظاهرة الدالة على استحقاقه الامامة دون غيره فلا يجدوا إلى منازعته سبيلا والا أو وجب التقدير بحسب القرائن ثم الحذف اما للبيان بعد الابهام كما في فعل المشيئة ما لم يكن تعلقه به غريبا نحو فلو شاء لهديكم اجمعين بخلاف نحو ولو شئت ان ابكى دما لبكيته واما قوله: فلم يبق منى الشوق غير تفكري * فلو شئت ان ابكى بكيت تفكر فليس منه لان المراد بالاول البكاء الحقيقي واما لدفع توهم ارادة غير المراد ابتداء كقوله وكم ذدت عنى من تحامل حادث وسورة ايام حززن إلى العظم إذ لو ذكر اللحم لربما توهم قبل ذكر ما بعده ان الحز لم ينته إلى العظم واما لانه اريد ذكره ثانيا على وجه يتضمن ايقاع الفعل على صريح لفظه اظهارا لكمال العناية بوقوعه عليه كقوله: قد طلبنا فلم نجد لك في السؤدد * والمجد والمكارم مثلا ويجوز ان يكون السبب ترك مواجهة الممدوح بطلب مثل له واما للتعميم مع الاختصار كقولك قد كان منك ما يؤلم أي كل احد وعليه قوله تعالى واللّه يدعوا إلى دار السلام واما لمجرد الاختصار عند قيام قرينة نحو اصغيت إليه أي اذنى وعليه قوله تعالى رب ارنى انظر اليك أي ذاتك واما للرعاية على الفاصلة نحو قوله تعالى والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى واما لاستهجان كقول عائشة ما رأيت منه ولا رأى منى واما لنكتة اخرى وتقديم مفعوله ونحوه عليه لرد الخطاء في التعيين كقولك زيدا عرفت لمن اعتقد انك عرفت انسانا و انه غير زيد وتقول لتأكيده كقولكنحو ولذلك لا يقال ما زيدا ضربت ولا غيره ولا ما زيدا ضربت ولكن اكرمته واما نحو زيدا عرفته فتأكيد ان قدر المفسر قبل المنصوب والا فتخصيص واما نحو واما ثمود فهديناهم فلا يفيد الا التخصيص وكذلك قولك بزيد مررت والتخصيص لازم للتقديم غالبا قال اللّه تعالى ولهذا يقال في اياك نعبد واياك نستعين معناه نخصك بالعبادة والاستعانة وفى لا لى اللّه تحشرون معناه إليه تحشرون لا إلى غيره ويفيد في الجميع وراء التخصيص اهتماما بالمقدم ولهذا يقدر في بسم اللّه مؤخرا واورد اقرأ باسم ربك باسم ربك واجيب بان الاهم فيه القرائة وبانه متعلق باقرأ الثاني ومعنى الاول اوجد القرائة وتقديم بعض معمولاته على بعض لان اصله التقديم ولا مقتضى للعدول عنه كالفاعل في نحو ضرب زيد عمروا والمفعول الاول في نحو اعطيت زيدا درهما أو لان ذكره اهم أو كقوله قتل الخارجي فلان أو لان في التأخير اخلالا ببيان المعنى نحو قوله تعالى وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم ايمانه فانه لو اخر من آل فرعونيكتم ايمانه لتوهم انه من صلة يكتم فلم يفهم انه منهم أو بالتناسب كرعاية الفاصلة نحو قوله تعالى فاوجس في نفسه خيفة موسى ١- ٥القصرالقصر حقيقي وغير حقيقي وكل واحد منهما نوعان قصر الموصوف على الصفة وقصر الصفة على الموصوف والمراد المعنوية لا النعت والاول من الحقيقي نحو ما زيد الا كاتب إذا اريد انه لا يتصف بغيرها وهو لا يكاد يوجد لتعذر الاحاطة بصفات الشئ والثانى كثير نحو ما في الدار الا زيد وقد يقصد به المبالغة لعدم الاعتداد بغير المذكور والاول من غير الحقيقي تخصيص امر بصفة دون اخرى أو مكانها والثانى تخصيص صفة بامر دون آخر أو مكانه فكل منهما ضربان والمخاطب بالاول من ضربي كل من يعتقد الشركة ويسمى قصر افراد لقطع الشركة و بالثاني يعتقد العكس ويسمى قصر قلب لقلب حكم المخاطب أو تساويا عنده أو ويسمى قصر تعيين وشرط قصر الموصوف على الصفة افرادا عدم تنافى الوصفين و قلبا تحقق تنافيهما وقصر التعيين اعم وللقصر طرق منها العطف كقولك في قصره افرادا زيد شاعر لا كاتب أو ما زيد كاتبا بل شاعر وقلبا زيد قائم لا قاعد أو ما زيد قائما بل قاعد وفى قصرها زيد شاعر لا عمرو اوما عمرو شاعرا بل زيد ومنها النفى والاستثناء كقولك في قصره ما زيد الاشاعر وما زيد الا قائم وفى قصرها ما شاعر الا زيد ومنها انما كقولك في قصره انما زيد كاتب وانما زيد قائم وفى قصرها انما قائم زيد لتضمنه معنى ما والا لقول المفسرين انما حرم عليكم الميتة بالنصب معناه ما حرم اللّه عليك الا الميتة و هو المطابق لقرائة الرفع لما مر ولقول النحاة انما لا ثبات ما يذكر بعده ونفى ما سواه ولصحة انفصال الضمير معه قال الفرزدق انا الذائد الحامى الذمار وانما يدافع عن احسابهم انا أو مثلى، ومنها التقديم كقولك في قصره تميمي انا وفى قصرها انا كفيت مهمتك وهذه الطرق الاربعة تختلف من وجوه فدلالة الرابع بالفحوى و الباقية بالوضع والاصل في الاول النص على المثبت والمنفى كما مر فلا يترك الا لكراهة الاطناب كما إذا قيل زيد يعلم النحو الصرف والعروض أو زيد يعلم النحو وعمرو وبكر فتقول فيهما زيد يعلم النحو لا غير الاول أو نحوه و في الباقية النص على المثبت فقط والنفى لا يجامع الثاني لان شرط المنفى بلاء العاطفة ان لا يكون منفيا قبلها بغيرها ويجامع الاخيرين فيقال انما انا تميمي لا قيسى* وهو يأتيني لاعمرو ولان النفى فيهما غير مصرح به بلاء العاطفة منفيا بغيرها من ادوات النفى وهذا كما يقال امتنع زيد عن المجى ء لا عمرو السكاكى شرط مجامعته الثالث ان لا يكون الوصف في نفسه مختصا بالموصوف نحو انما يستجيب الذين يسمعون عبد القاهر لا تحسن في المختص كما تحسن في غيره وهذا اقرب واصل الثاني ان يكون ما استعمل له مما يجهله المخاطب وينكره بخلاف الثالث كقولك لصاحبك وقد رأيت شبحا من بعيد ما هو الازيد إذا اعتقده غيره مصرا وقد ينزل المعلوم منزلة المجهول لاعتبار مناسب فيستعمل له الثاني افرادا نحو وما محمد الا رسول صلى اللّه عليه وآله أي مقصور على الرسالة لا يتعداها إلى التبرى من الهلاك نزل استعظامهم هلاكه منزلة انكارهم اياه أو قلبا نحو ان انتم الا بشر مثلنا لاعتقاد القائلين ان الرسول لا يكون بشرا مع اصرار المخاطبين على دعوى الرسالة ان نحن الا بشر مثلكم وقولهم ان نحن الا بشر مثلكم من مجاراة الخصم ليعثر حيث يراد تبكيته لا لتسليم انتفاء الرسالة وكقولك انما هو اخوك لمن يعلم ذلك ويقر به وانت تريد ان ترققه عليه وقد ينزل المجهول منزلة المعلوم لادعاء ظهوره فيستعمل له الثالث قوله تعالى حكاية عن اليهود انما نحن مصلحون ولذلك جاء الا انهم هم المفسدون للرد عليهم مؤكدا بما ترى ولكن لا يشعرون ومزية انما على العطف انه يعقل منها الحكمان معا واحسن مواقعها التعريض نحو انما يتذكر اولو الالباب فانه تعريض بان الكفار من فرط جهلهم كالبهائم فطمع النظر منهم كطمعه منها ثم القصر كما يقع بين المبتدأ والخبر على ما مر يقع بين الفعل والفاعل نحو وغيرهما ففى الاستثناء يؤخر المقصور عليه مع اداة الاستثناء وقل تقديمهما حال كونهما بحالهما نحو ما ضرب الا عمروا زيد وما ضرب الا زيد عمروا لاستلزامه قصر الصفة قبل تمامها ووجه الجميع ان النفى في الاستثناء المفرغ يتوجه إلى مقدر وهو مستثنى منه عام مناسب للمستثنى في جنسه و صفته فإذا اوجبت منه شئ بالاجاء القصر وفي انما يؤخر المقصور عليه تقول انما ضرب زيد عمروا ولا يجوز تقديمه على غيره للالتباس وغير كالا في افادة القصرين و امتناع مجامعته لاء ١- ٦الانشاءان كان طلبا استدعى مطلوبا غير حاصل وقت الطلب ٥٥ وانواعه كثيرة منها التمنى واللفظ الموضوع له ليت ولا يشترط امكان المتمنى كقولك ليت الشباب يعود يوما وقد يتمنى بهل نحو هي لى من شفيع حيث يعلم ان لا شفيع له و بلو نحو لو تأتيني فتحدثني بالنصب السكاكى كان حروف التنديم والتحضيض وهى هلا والا بقلب الهاء همزة ولولا ولوما مأخوذة منهما مركبتين مع لا وماء المزيدتين لتضمينهما معنى التمنى ليتولد منه في الماضي التنديم نو هلا اكرمت زيدا وفي المضارع التحضيض نحو هلا تقوم وقد يتمنى بلعل فيعطى له حكم ليت نحو لعلى احج فازورك بالنصب لبعد المرجو عن الحصول.
ومنها الاستفهام والالفاظ الموضوعة له الهمزة وهل وما ومن واى وكم وكيف واين وانى ومتى وايان. فالهمزة لطلب التصديق كقولك اقام زيد وازيد قائم أو التصور كقولك ادبس في الاناء ام عسل و في الخابية دبسك ام في الزق ولهذا لم يقبح ازيد قام و لم يقبح في طلب تصور المفعول " اعمروا عرفت " والمسؤول عنه بها هو ما يليها كالفعل في اضربت زيدا والفاعل فئ انت ضربت والمفعول في ازيدا ضربت وهل لطلب التصديق فحسب نحو هل قام زيد وهل عمرو قاعد ولهذا امتنع هل زيد قام ام عمرو و قبح هل زيدا ضربت لان التقديم يستدعى حصول التصديق بنفس الفعل دون ضربته لجواز تقدير المفسر قبل زيدا وجعل السكاكى قبح هل رجل عرف لذلك ويلزمه ان لا يقبح هل زيد عرف وعلل غيره قبحهما بان هل بمعنى قد في الاصل وترك الهمزة قبلها لكثرة وقوعها في الاستفهام وهى تخصص المضارع بالاستقبال فلا يصح هل تضرب زيدا وهو اخوك كما يصح اتضرب زيدا وهو اخوك ولاختصاص التصديق بها وتخصيصها المضارع بالاستقبال كان لها مزيد اختصاص بما كونه زمانيا اظهر كالفعل أو ولهذا كان فهل انتم شاكرون ادل على طلب الشكر من فهل تشكرون وفهل انتم تشكرون لان ابراز ما سيتجدد في معرض الثابت ادل على كمال العناية بحصوله و من افانتم شاكرون وان كان للثبوت باعتبار لان هل ادعى للفعل من الهمزة فتركه معها ادل على ذلك ولهذا لا يحسن هل زيد منطلق الا من البليغ وهى قسمان بسيطة وهى التى يطلب بها وجود الشئ أو لا كقولنا هل الحركة موجودة ومركبة وهى التى يطلب بها وجود شئ لشئ كقولنا هل الحركة دائمة والباقية لطلب التصور فقط قيل فيطلب بما، شرح الاسم كقولنا ما العنقاء أو ما هية المسمى كقولنا ما الحركة وتقع هل البسيطة في الترتيب بينهما و بمن العارض المشخص لذى العلم كقولنا من في الدار وقال السكاكى يسأل بما عن الجنس تقول ما عندك أي أي اجناس الاشياء عندك وجوابه كتاب ونحوه أو عن الوصف تقول ما زيد وجوابه الكريم ونحوه و بمن عن الجنس من ذى العلم تقول من جبريل أي ابشر هو ام ملك ام جنى وفيه نظر ويسأل باى عما يميز احد المتشاركين في امر يعمهما نحو أي الفريقين خير مقاما، أي انحن ام اصحاب محمد عليه السلام و بكم عن العدد نحو سل بنى اسرائيل كم آتيناهم من آية بينة، و بكيف عن الحال وباين عن المكان وبمتى عن الزمان أو وبايان عن المستقبل. قيل ويستعمل في مواضع التفخيم مثل يسأل ايان يوم القيمة، وانى تستعمل تارة بمعنى كيف نحو فأتوا حرثكم انى شئتم واخرى بمعنى من اين نحو انى لك هذا في قوله تعالى ثم ان هذه الكلمات الاستفهامية كثيرا ما تستعمل في غير الاستفهام كالا ستبطاء نحو كم دعوتك والتعجب نحو مالى لا ارى الهدهد والتنبيه على الضلال نحو فاين تذهبون والوعيد كقولك لمن يسئ الادب الم اؤدب فلانا إذا علم ذلك والتقرير بايلاء المقرر به الهمزة كما مر والانكار كذلك نحو " اغير اللّه تدعون " ومنه نحو اليس اللّه بكاف عبده، أي اللّه كاف نفى النفى اثبات وهذا مراد من قال الهمزة فيه للتقرير بما دخله النفى لا بالنفى ولانكار الفعل صورة اخرى وهى نحو " ازيدا ضربت ام عمروا " لمن يردد الضرب بينهما والانكار اما للتوبيخ أي ما كان ينبغى ان يكون نحو " اعصيت ربك " أو لا ينبغى ان يكون في نحو " اتعصى ربك " أو للتكذيب أي لم يكن نحو " افاصفيكم ربكم بالبنين " أو لا يكون نحو " انلز مكموها " والتحقير نحو " من هذا " والتهويل كقرائة ابن عباس " ولقد نجينا بنى اسرائيل من العذاب المهين من فرعون " بلفظ الاستفهام ورفع فرعون ولهذا قال " انه كان عاليا من المسرفين " والاستبعاد نحو " انى لهم الذكرى " " وقد جاءهم رسول مبين ثم تولوا عنه " ومنها الامر والاظهر ان صيغته من المقترنة باللام نحو ليحضر زيد وغيرها نحو اكرم عمرا ورويد بكرا موضوعة لطلب الفعل استعلاء لتبادر الفهم عند سماعها إلى ذلك وقد تستعمل لغيره كالاباحة نحو " جالس الحسن أو ابن سيرين " والتهديد نحو " اعملوا ما شئتم " والتعجيز نحو " فأتوا بسورة من مثله " والتسخير نحو " كونوا قردة خاسئين" والاهانة نحو " كونوا حجارة أو حديدا " والتسوية نحو " اصبروا أو لا تصبروا " والتمنى نحو الا ايها الليل الطويل الا انجلى والدعاء رب اغفر لى والالتماس كقولك لمن يساويك رتبة افعل بدون الاستعلاء ثم الامر قال السكاكى حقه الفور لانه الظاهر من الطلب ولتبادر الفهم عند الامر بشئ بعد الامر بخلافه إلى تغيير الاول دون الجمع وارادة التراخي وفيه نظر ومنها النهى وله حرف واحد وهو لاء الجازمة في نحو قولك لا تفعل وهو كالامر في الاستعلاء وقد يستعمل في غير طلب الكف أو الترك كالتهديد كقولك لعبد لا يمتثل امرك لا تمثل امرى وهذه الاربعة يجوز تقدير الشرط بعدها كقولك ليت لى مالا انفقه و اين بيتك ازرك و اكرمني اكرمك و لا تشتمني يكن خيرا لك واما العرض كقولك الا تنزل عندنا تصب خيرا فمولد من الاستفهام ويجوز في غيرها لقرينة نحو " ام اتخذوا من دونه اولياء فاللّه هو الولى أي ان ارادوا اولياء بحق و منها النداء وقد تستعمل صيغته في غير معناه كالاغراء في قولك لمن اقبل يتظلم يا مظلوم والاختصاص في قولهم انا افعل كذا ايها الرجل متخصصا من بين الرجال ثم الخبر قد يقع موقع الانشاء اما للتفاؤل أو لاظهار الحرص في وقوعه والدعاء بصيغة الماضي من البليغ يحتملهما أو للاحتراز عن صورة الامر أو لحمل المخاطب على المطلوب بان يكون ممن لا يحب ان يكذب الطالب تنبيه الانشاء كالخبر في كثير مما ذكر في الابواب الخمسة السابقة فليعتبره الناظر ١- ٦الفصل والوصلالوصل عطف بعض الجمل على بعض والفصل تركه فإذا أتت جملة بعد جملة فالاولى اما ان يكون لها محل من الاعراب أو لا وعلى الاول ان قصد تشريك الثانية لها في حكمه عطفت عليها كالمفرد فشرط كونه مقبولا بالواو ونحوه ان يكون بينهما جهة جامعة نحو زيد يكتب ويشعر أو يعطى ويمنع ولهذا عيب على ابى تمام، قوله لا والذى هو عالم ان النوى، صبر وان ابا الحسين كريم والا فصلت عنها نحو وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا انا معكم انما نحن مستهزؤن، اللّه يستهزئ بهم لم يعطف اللّه يستهزئ بهم على انا معكم لانه ليس من مقولهم انا معكم انما نحن مستهزؤن انما نحن مستهزؤنانا معكم وعلى الثاني ان قصد ربطها بها على معنى عاطف سوى الواو عطفت به نحو دخل زيد فخرج عمرو أو ثم خرج عمرو وإذا قصد التعقيب أو المهملة والا فان كان للاولى حكم لم يقصد اعطاؤه للثانية فالفصل نحو " وإذا خلوا " الاية لم يعطف " اللّه يستهزئ بهم " على قالوا لئلا يشاركه في الاختصاص بالظرف لما مر والا فان كان بينهما كمال الانقطاع بلا ايهام أو كمال الاتصال أو شبه احدهما فكذلك والا فالوصل اما كمال الانقطاع فلا ختلافهما خبر أو انشاء لفظا ومعنى نحو وقال رائدهم ارسوا نزاولها أو معنى نحو مات فلان رحمه اللّه أو لانه لا جامع بينهما كما سيأتي واما كمال الاتصال فلكون الثانية مؤكدة للاولى لدفع توهم تجوز أو غلط نحو لا ريب فيه ذلك الكتاب آلم أو ذلك الكتاب لا ريب فيه فانه لما بولغ في وصفه أي وصف الكتاب ببلوغه الدرجة القصوى في الكمال في قوله بجعل المبتدأ ذلك وتعريف الخبر باللام جاز ان يتوهم السامع قبل التأمل انه مما يرمى به جزافا فاتبعه ذلك الكتاب لا ريب فيه * ذلك الكتاب نفيا لذلك فوزانه لا ريب فيه * ذلك الكتاب وزان نفسه في جاءني زيد نفسه ونحو هدى للمتقين فان معناه انه في الهداية بالغ درجة لا يدركها كنهها حتى كأنه هداية محضة وهذا معنى ذلك الكتاب لان معناه كما مر الكتاب الكامل والمراد بكماله كماله في الهداية لان الكتب السماوية بحسبها تتفاوت في درجات الكمال فوزانه هدى للمتقين وزان زيد الثاني في جاءني زيد زيد أو بدلا منها لانها غير وافية بتمام المراد أو كغير الوافية بخلاف الثانية والمقام يقتضى اعتناء بشانه لنكتة ككونه مطلوبا في نفسه أو فظيعا أو عجيبا أو لطيفا نحو امدكم بما تعلمون، امدكم بانعام وبنين، وجنات وعيون، فان المراد التنبيه على نعم اللّه تعالى والثانى امدكم بانعام أو في بتأديته لدلالته عليها بالتفصيل من غير احالة على علم المخاطبين المعاندين فوزانه وزان وجهه في اعجبني زيد وجهه لدخول الثاني في الاول والثانى نحو اقول له ارحل لا تقيمن عندنا، والا فكن في السر والجهر مسلما فان المراد به كمال اظهار الكراهة لاقامته وقوله لا تقيمن عندنا أو في بتأديته لدلالته لا تقيمن عندنا عليه بالمطابقة مع التأكيد فوزانه لا تقيمن عندنا وزان حسنها في اعجبني الدار حسنها لان عدم الاقامة مغاير للارتحال وغيره داخل فيه الثاني مع ما بينهما من الملابسة أو بيانا لها لخفائها نحو " فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم هل ادلك على شجرة الخلد وملك لايبلى " فان وزانه وزان عمر في قوله اقسم باللّه أبو حفص عمر واما كونها فلكون عطفها عليها موهما لعطفها على غيرها ويسمى الفصل لذلك قطعا مثاله وتظن سلمى اننى ابغى بها بدلا، اراها في الضلال تهيم ويحتمل الاستيناف واما كونها كالمتصلة بها فلكونها جوابا لسؤال اقتضته الاولى فتنزل منزلته فتفصل عنها كما يفصل الجواب عن السؤال وقال السكاكى فينزل ذلك منزلة السؤال الواقع الثاني الاول لنكتة كاغناء السامع عن ان يسأل أو ان لا يسمع منه شئ ويسمى الفصل لذلك استينافا وكذا الثانية وهو ثلاثة اضرب لان السؤال اما عن سبب الحكم مطلقا نحو قال لى كيف انت قلت عليل * سهر دائم وحزن طويل أي ما بالك عليلا أو ما سبب علتك واما عن سبب خاص نحو وما ابرئ نفسي ان النفس لامارة بالسوء كأنه قيل هل النفس امارة بالسوء وهذا الضرب يقتضى تأكيد الحكم كما مر واما عن غيرهما نحو قالوا سلاما قال سلام وقوله زعم العواذل اننى في غمرة صدقوا ولكن غمرتي لا تنجلي وايضا منه ما يأتي باعادة اسم ما استؤنف عنه نحو احسنت إلى زيد زيد حقيق بالاحسان ومنه ما يبنى على صفته نحو احسنت إلى زيد صديقك القديم اهل لذلك وهذا ابلغ في قوله تعالى قالوا سلاما وقد يحذف صدر الاستيناف نحو يسبح له فيها بالغدو والاصال، رجال وعليه نعم الرجل زيد على قول وقد يحذف كله اما مع قيام شئ مقامه نحو " زعمتم ان اخوتكم قريش، لهم الف وليس لكم آلاف " أو بدون ذلك نحو فنعم الماهدون على قول واما الوصل لدفع الايهام فكقولهم لا وايدك اللّه واما للتوسط فإذا اتفقتا خبرا أو انشاء لفظا ومعنى أو معنى فقط بجامع كقوله تعالى " يخادعون اللّه وهو خادعهم " وقوله " ان الابرار لفى نعيم وان الفجار لفى جحيم " وقوله تعالى " كلوا واشربوا ولا تسرفوا " وكقوله تعالى واذ اخذنا ميثاق بنى اسرائيل لا تعبدون الا اللّه وبالوالدين احسانا وذى القربى واليتامى والمساكين وقولوا للناس حسنا، لا تعبدون أي لا تعبدوا وقوله وبالوالدين احسانا وتحسنون بمعنى احسنوا لا تعبدون أو واحسنوا والجامع بينهما يجب ان يكون باعتبار المسند اليهما والمسندين جميعا نحو " يشعر زيد ويكتب " ويعطى ويمنع زيد شاعر وعمرو كاتب وزيد طويل وعمرو قصير لمناسبة بينهما بخلاف زيد كاتب وعمرو شاعر بدونها وبخلاف زيد شاعر وعمرو طويل مطلقا السكاكى الجامع بين الشيئين اما عقلي بان يكون بينهما اتحاد في التصور أو تماثل فان العقل بتجريده المثلين عنن التشخص في الخارج يرفع التعدد أو تضايف كما بين العلة والمعلول أو الاقل والاكثر أو وهمى بان يكون بين تصوريهما شبه تماثل كلوني بياض وصفرة فان الوهم يبرزهما في معرض المثلين ولذلك حسن الجمع بين الثلاثة التى في قوله: ثلاثة تشرق الدنيا ببهجتها * شمس الضحى وابو اسحق والقمر " أو تضاد كالسواد والبياض الايمان والكفر وما يتصف بها أو شبه تضاد كالسماء والارض والاول والثانى فانه ينزلهما منزلة التضائف ولذلك تجد الضد اقرب خطورا بالبال مع الضد أو خيالي بان يكون بين تصوريهما تقارن في الخيال سابق واسبابه مختلفة ولذلك اختلفت الصور الثابتة في الخيالات ترتيبا وضوحا ولصاحب علم المعاني فضل احتياج إلى معرفة الجامع لاسيما الخيالي فان جمعه على مجرى الالف والعادة ومن محسنات الوصل تناسب الجملتين في الاسمية والفعلية و الفعليتين في المضى والمضارعة الا لمانع كقوله تعالى وقالوا لولا انزل عليه ملك ولو انزلنا ملكا لقضى الامر قوله تعالى فإذا جاء اجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون تذنيباصل الحال المنتقلة ان تكون بغير واو لانها في المعنى حكم على صاحبها كالخبر ووصف له كالنعت لكن خولف إذا كانت جملة فانها من حيث هي جملة مستقلة بالافادة فتحتاج إلى ما يربطها بصاحبها وكل من الضمير والواو صالح للربط والاصل هو الضمير بدليل المفردة والخبر والنعت فالجملة ان خلت عن ضمير صاحبها وجب فيها الواو وكل جملة خالية عن ضمير ما يجوز ان ينتصب عنه حال يصح ان تقع حالا عنه بالواو الا المصدرة بالمضارع المثبت نحو جاء زيد ويتكلم عمرو لما سيأتي والا فان كانت فعلية والفعل مضارع مثبت امتنع دخولها نحو ولا تمنن تستكثر لان الاصل المفردة وهى تدل على حصول صفة غير ثابتة مقارن لما جعلت قيدا له وهو كذلك اما الحصول فلكونه فعلا مثبتا واما المقارنة فلكونه مضارعا واما ما جاء من نحو قمت واصك وجهه وقوله فلما خشيت اظافيرهم نجوت وارهنهم مالكا فقيل على حذف المبتدأ أي وانا اصك وانا ارهنهم في قوله تعالى لم تؤذونني وقد تعلمون انى رسول اللّه اليكم وقيل الاول شاذ والثانى ضرورة وقال عبد القاهر هي فيهما للعطف والاصل وصككت عدل إلى المضارع حكاية للحال وان كان الفعل منفيا فالامر ان جايزان كقرائة ابن ذكوان فاستقيما ولا تتبعان، بالتخفيف ونحو قوله تعالى ومالنا لا نؤمن باللّه لدلالته على المقارنة لكونه مضارعا دون الحصول لكونه منفيا وكذا ان كان ماضيا لفظا أو معنى كقوله تعالى انى يكون لى غلام وقد بلغني الكبر وقوله أو جاؤكم حصرت صدورهم وقوله انى يكون لى غلام ولم يمسسني بشر، وقوله فانقلبوا بنعمة من اللّه وفضل لم يمسسهم سوء، وقوله ام حسبتم ان تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذى خلوا من قبلكم، اما المثبت فلدلالته على الحصول لكونه فعلا مثبتا دون المقارنة لكونه ماضيا ولهذا شرط ان يكون مع قد ظاهرة في قوله تعالى وقد بلغني الكبر أو مقدرة في قوله تعالى حصرت صدورهم واما المنفى فلدلالته على المقارنة دون الحصول اما الاول فلان لما للاستغراق وغيرها لانتفاء متقدم ان الاصل استمراره فيحصل به الدلالة عليها عند الاطلاق بخلاف المثبت فان وضع الفعل على افادة التجدد وتحقيقه ان استمرار العدم لا يفتقر إلى سبب بخلاف استمرار الوجود واما الثاني فلكونه منفيا وان كانت اسمية فالمشهور جواز تركها لعكس ما مر في الماضي المثبت نحو كلمته فوه إلى في و ان دخولها اولى لعدم دلالتها على عدم الثبوت مع ظهور الاستيناف فيها فحسن زيادة رابطة نحو فلا تجعلوا للّه اندادا وانتم تعلمون، وقال عبد القاهر ان كان المبتدأ ضمير ذى الحال وجبت نحو جاء زيد وهو يسرع أو وهو مسرع وان جعل نحو على كتفه سيف حالا كثر فيها تركها نحو خرجت مع البازى على سواد ويحسن الترك تارة لدخول حرف على المبتدأ كقوله: فقلت عسى ان تبصريني كأنما * بنى حوالى الاسود الحوارد " و لوقوع لجملة الاسمية بعقب مفرد كقوله: " اللّه يبقيك لنا سالما * بر داك تبجيل وتعظيم " ١- ٧الايجاز والاطناب والمساواةقال السكاكى اما الايجاز والاطناب فلكونهما نسبيين لا يتسير الكلام فيها الا بترك التحقيق والتعيين والبناء على امر عرفى وهو متعارف الاوساط أي كلامهم في مجرى عرفهم في تأديه المعاني وهو لا يحمد في باب البلاغة ولا يذم فالايجاز اداء المقصود باقل من عبارة المتعارف والاطناب اداؤه باكثر منها ثم قال الاختصار لكونه نسبيا يرجع فيه تارة إلى ما سبق و اخرى إلى كون المقام خليقا بابسط مما ذكر قوله تعالى رب انى وهن العظم منى واشتعل الرأس شيبا وفيه نظر لان كون الشئ امرا نسبيا لا يقتضى تعسر تحقيق معناه ثم البناء على المتعارف والبسط الموصوف أو رد إلى الجهالة والا قرب ان يقال المقبول من طرق التعبير عن المراد تأدية اصله بلفظ مساوله أو ناقص عنه واف أو بلفظ زائد عليه لفائدة واحترز بواف عن الاخلال كقوله والعيش خير في ظلال النوك ممن عاش كدا أي الناعم في ظلال العقل و بفائدة عن التطويل نحو والفى قولها كذبا ومينا و عن الحشو المفسد كالندى في قوله ولا فضل فيها للشجاعة والندى * وصبر الفتى لو لا لقاء شعوب و غير المفسد كقوله واعلم علم اليوم والامس قبله المساواة نحو ولا يحيق المكر السيئى الا باهله، وقوله: فانك كالليل الذى هو مدركى * وان خلت ان المنتأى عنك واسع " والايجاز ضربان ايجاز القصر وهو ما ليس بحذف نحو قوله تعالى ولكم في القصاص حيوة، فان معناه كثير ولفظه يسير ولا حذف فيه وفضله على ما كان عندهم أو جز كلام في هذا المعنى وهو القتل انفي للقتل بقلة حروف ما يناظره القتل انفي للقتل منه قوله تعالى ولكم في القصاص حيوة في القصاص حيوة ولكم في القصاص حياة والنص على المطلوب وما يفيده تنكير حيوة من التعظيم لمنعه عما كانوا عليه من قتل جماعة بواحد أو الحاصلة للمقتول والقاتل بالارتداع واطراده وخلوه عن التكرار واستغنائه عن تقدير محذوف والمطابقة وايجاز الحذف والمحذوف اما جزء جملة مضاف نحو واسأل القرية أو موصوف نحو انا ابن جلا وقوله أي رجل جلا أو صفة نحو وكان وراء هم ملك يأخذ كل سفينة غصبا صحيحة أو نحوها بدليل ما قبله أو شرط كما مر أو جواب شرط اما لمجرد الاختصار نحو قوله تعالى وإذا قيل لهم اتقوا ما بين ايديكم وما خلفكم لعلكم ترحمون أي اعرضوا بدليل ما بعده قوله تعالى وما تأتيهم من آية من آيات ربهم الا كانوا عنها معرضين أو للدلالة على انه شئ لا يحيط به الوصف أو لتذهب نفس السامع كل مذهب ممكن مثالهما ولو ترى إذ وقفوا على النار أو غير ذلك نحو لا يستوى منكم من انفق من قبل الفتح وقاتل أي ومن انفق من بعده وقاتل بدليل ما بعده قوله تعالى اولئك اعظم درجة من الذين انفقوا من بعد وقاتلوا واما جملة مسببة عن مذكور نحو ليحق الحق ويبطل الباطل أي فعل ما فعل أو سبب لمذكور نحو قوله تعالى فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت ان قدر فضربه بها ويجوز ان يقدر فان ضربت بها فقد انفجرت أو غيرهما نحو فنعم الماهدون على ما مر واما اكثر من جملة نحو انا انبئكم بتأويله فارسلون يوسف، أي إلى يوسف لاستعبره الرؤيا ففعلوا فأتاه فقال له يا يوسف والحذف على وجهين ان لا يقام شى ء مقام المحذوف كما مر وان يقام نحو وان يكذبوك قوله فقد كذبت رسل من قبلك أي فلا تحزن واصبر وادلته كثيرة منها ان يدل العقل عليه والمقصود الاظهر على تعيين المحذوف نحو حرمت عليكم الميتة والدم ومنها ان يدل العقل عليهما نحو وجاء ربك اي امره أو عذابه ومنها ان يدل العقل عليه والعادة على التعيين نحو فذلكن الذى لمتننى فيه فانه يحتمل وفى حبه لقوله تعالى قد شغفها حبا وفى مراودته لقوله تعالى تراود فتاها عن نفسه وفى شانه حتى يشملهما والعادة دلت على الثاني لان الحب المفرط لايلام صاحبه عليه في العادة لقهره اياه ومنها الشروع في الفعل نحو بسم اللّه فيقدر ما جعلت التسمية مبتدأ له ومنها الاقتران كقولهم للمعرس بالرفاء والبنين أي اعرست والاطناب اما بالايضاح بعد الابهام ليرى المعنى في صورتين مختلفتين أو ليتمكن في النفس فضل تمكن أو لتكمل لذة العلم به نحو رب اشرح لى صدري فان اشرح لى يفيد طلب شرح لشئ ماله وصدري يفيد تفسيره ومنه باب نعم على احد القولين إذ لو اريد الاختصار كفى نعم زيد ووجه حسنه سوى ما ذكر ابراز الكلام في معرض الاعتدال وايهام الجمع بين المتنافيين ومنه التوشيع وهو ان يؤتى في عجز الكلام بمثنى مفسر باسمين ثانيهما معطوف على الاول نحو يشيب ابن آدم ويشب فيه خصلتان الحرص وطول الامل واما بذكر الخاص بعد العام للتنبيه على فضله حتى كأنه ليس من جنسه تنزيلا للتغاير في الوصف منزلة التغاير في الذات نحو حافظوا على الصلوات والصلوة الوسطى واما بالتكرير لنكتة كتأكيد الانذار في كلا سوف تعلمون، ثم كلا سوف تعلمون وفى ثم على ان الانذار الثاني ابلغ الاول واما بالايغال فقيل هو ختم البيت بما يفيد نكتة يتم المعنى بدونها كزيادة المبالغة في قولها وان صخر التأتم الهداة به، كأنه علم في رأسه نار وتحقيق التشبيه في قوله كان عيون الوحش حول خبائنا وارحلنا الجزع الذى لم يثقب وقيل لا يختص بالشعر ومثل لذلك بقوله تعالى " قال يا قوم اتبعوا المرسلين اتبعوا من لا يسألكم اجرا وهم مهتدون واما بالتذييل وهو تعقيب الجملة بجملة اخرى يشتمل على معناها للتأكيد وهو ضربان ضرب لم يخرج مخرج المثل بان لم يستقل بافادة المراد نحو ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازى الا الكفور على وجه وضرب اخرج مخرج المثل نحو وقل جاء الحق وزهق الباطل ان الباطل كان زهوقا وهو ايضا اما لتأكيد منطوق كهذه الآية واما لتأكيد مفهوم كقوله ولست بمستبق اخا لا تلمه على شعث أي الرجال المهذب واما بالتكميل ويسمى الاختراس ايضا وهو ان يؤتى في كلام يوهم خلاف المقصود بما يدفعه كقوله فسقى ديارك غير مفسدها صوب الربيع وديمة تهمى و الثاني نحو اذلة على المؤمنين اعزة على الكافرين واما بالتتميم وهو ان يؤتى في كلام لا يوهم خلاف المقصود بفضلة لنكتة كالمبالغة نحو ويطعمون الطعام على حبه، في وجه أي مع حبه واما بالاعتراض وهو ان يؤتى في اثناء الكلام أو بين كلامين متصلين معنى بجملة أو اكثر لامحل لها من الاعراب لنكتة سوى دفع الايهام كالتنزيه في قوله تعالى ويجعلون للّه البنات سبحانه ولهم ما يشتهون والدعاء في قوله ان الشمانين وبلغتها، قد احوجت سمعي إلى ترجمان والتنبيه في قوله واعلم فعلم المرء ينفعه ان سوف يأتي كل ما قدرا ومما جاء بين كلامين وهو اكثر من جملة ايضا نحو قوله تعالى فأتوهن من حيث امركم اللّه ان اللّه يحب التوابين ويحب المتطهرين نساؤكم حرث لكم فان قوله نساؤكم حرث لكم بيان لقوله فأتوهن من حيث امركم اللّه وقال قوم قد تكون النكتة فيه غير ما ذكر ثم جوز بعضهم وقوعه في آخر جملة لا تليها جملة متصلة بها فيشمل التذييل وبعض صور التكميل وبعضهم كونه غير جملة فيشمل بعض صور التتميم و التكميل وهو واما بغير ذلك كقوله تعالى الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به، فانه لو اختصر لم يذكر ويؤمنون به لان ايمانهم لا ينكره من يثبتهم وحسن ذكره اظهارا لشرف الايمان وترغيبا فيه واعلم انه قد يوصف الكلام بالايجاز والاطناب باعتبار كثرة حروفه وقلتها بالنسبة إلى كلام آخر مساوله في اصل المعنى كقوله يصد عن الدنيا إذا عن سؤدد وقوله ولست بنظار إلى جانب الغنى، إذا كانت العلياء في جانب الفقر ويقرب منه قوله تعالى لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون وقول الحماسي وننكر ان شئنا على الناس قولهم، ولا ينكرون القول حين نقول |