٣١- باب النّهي عن سبِّ الأمْوَات ٤٣٦- روينا في صحيح البخاري عن عائشة رضي اللّه عنها قالت: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "لا تَسُبُّوا الأمْوَاتَ فإنَّهُمْ قَدْ أفْضَوْا إلى ما قَدَّمُوا". (البخاري (١٣٩٣)، وأبو داود (٤٨٩٩)، والنسائي ٤/٥٢ـ٦٣. (٢٣) ) ٤٣٧- وروينا في سنن أبي داود والترمذي، بإسناد ضعيف ضعَّفه الترمذي، عن ابن عمر رضي اللّه عنهما قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: ”اذْكُرُوا مَحاسنَ مَوْتاكُمْ، وكُفُّوا عَنْ مَساوِيهمْ". (أبوداود (٤٩٠٠)، والترمذي (١٠١٩) (٢٤) ) قلت: قال العلماء: يَحرم سبُّ الميت المسلم الذي ليس معلناً بفسقه. وأما الكافرُ والمُعلِنُ بفسقه من المسلمين ففيه خلاف للسلف وجاءت فيه نصوص متقابلة، وحاصلُه أنه ثبت في النهي عن سبّ الأموات ما ذكرناه في هذا الباب. وجاء في الترخيص في سبّ الأشرار أشياء كثيرة، منها ما قصَّه اللّه علينا في كتابه العزيز وأمرنا بتلاوته وإشاعة قراءته؛ ومنها أحاديثُ كثيرة في الصحيح، كالحديث الذي ذكر فيه صلى اللّه عليه وسلم عمروَ بن لحيّ، وقصة أبي رِغال (٢٥)، والذي كان يسرقُ الحاجَّ بمحجنه (٢٦)، وقصة ابن جُدْعان (٢٧) وغيرهم، ومنها الحديث الصحيح الذي قدّمناه لما مرّت جنازة فأثنوا عليها شرّاً فلم ينكر عليهم النبيّ صلى اللّه عليه وسلم بل قال قال: ”وجبتْ". واختلف العلماءُ في الجمع بين هذه النصوص على أقوال أصحُّها وأظهرُها أن أمواتَ الكفار يجوز ذكر مساويهم. وأما أمواتُ المسلمين المعلنين بفسق أو بدعة أو نحوهما، فيجوز ذكرُهم بذلك إذا كان فيه مصلحة لحاجة إليه للتحذير من حالهم، والتنفير من قبول ما قالوه والاقتداء بهم فيما فعلوه، وإن لم تكن حاجة لم يجزْ؛ وعلى هذا التفصيل تُنَزَّلُ هذه النصوص، وقد أجمعَ العلماءُ على جرح المجروح من الرواة، واللّه أعلم. |