Geri

   

 

 

İleri

 

الكتاب الرابع

في أحكام يكثر دورها ويقبح بالفقيه جهلها = القول في الناسي والجاهل والمكره قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إن اللّه وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه هذا حديث حسن أخرجه ابن ماجه وابن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه بهذا اللفظ من حديث ابن عباس وأخرجه الطبراني والدارقطني من حديثه بلفظ تجاوز بدل وضع وأخرجه أبو القاسم الفضل بن جعفر التميمي في فوائده من حديثه بلفظ رفع وأخرجه ابن ماجه أيضا من طريق أبي بكر الهذلي عن شهر عن أبي ذر قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إن اللّه تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه وأخرجه بهذا اللفظ الطبراني في الكبير من حديث ثوبان

(١/١٨٧)

وأخرجه في الأوسط من حديث ابن عمر وعقبة بن عامر بلفظ وضع عن أمتي إلى آخره وإسناد حديث ابن عمر صحيح وأخرجه ابن عدي في الكامل وأبو نعيم في التاريخ من حديث أبي بكرة بلفظ رفع اللّه عن هذه الأمة الخطأ والنسيان والأمر يكرهون عليه وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره من طريق أبي بكر الهذلي عن شهر بن حوشب عن أم الدرداء عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال إن اللّه تجاوز لأمتي عن ثلاث الخطأ والنسيان والاستكراه قال أبو بكر فذكرت ذلك للحسن فقال أجل أما تقرأ بذلك قرآنا ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا وأبو بكر ضعيف وكذا شهر وأم الدرداء إن كانت الصغرى فالحديث مرسل وإن كانت الكبرى فهو منقطع وقال سعيد بن منصور في سننه حدثنا خالد بن عبداللّه عن هشام عن الحسن عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال إن اللّه عفا لكم عن ثلاث عن الخطأ والنسيان وما استكرهتم عليه وقال أيضا حدثنا إسماعيل بن عياش حدثني جعفر بن حبان العطاردي عن الحسن قال سمعته يقول قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم تجاوز اللّه لابن آدم عما أخطأ وعما نسي وعما أكره وعما غلب عليه وأخرج ابن ماجه من حديث أبي هريرة إن اللّه تجاوز لأمتي عما توسوس به صدورها ما لم تعمل أو تتكلم به وما استكرهوا عليه فهذه شواهد قوية تقضي للحديث بالصحة اعلم ان قاعدة الفقه أن النسيان والجهل مسقط للإثم مطلقا وأما الحكم فإن وقعا في ترك مأمول لم يسقط بل يجب تداركه ولا يحصل الثواب لمترتب عليه لعدم الائتمار أو فعل منهي ليس من باب الإتلاف فلا شيء فيه أو فيه إتلاف لم يسقط للضمان فإن كان يوجب عقوبة كان شبهة في إسقاطها وخرج عن ذلك صور نادرة فهذه أقسام فمن فروع القسم الأول من نسي صلاة أو صوما أو حجا أو زكاة أو كفارة أو نذرا وجب تداركه بالقضاء بلا خلاف وكذا لو وقف بغير عرفة يجب القضاء اتفاقا

ومنها من نسي الترتيب في الوضوء

(١/١٨٨)

أو نسي الماء في رحله فتيمم وصلى ثم ذكره أو صلى بنجاسة لا يعفى عنها ناسيا أو جاهلا بها أو نسي قراءة الفاتحة في الصلاة أو تيقن الخطأ في الاجتهاد في الماء والقبلة والثوب وقت الصلاة والصوم والوقوف بأن بان وقوعها قبله أو صلوا لسواد ظنوه عدوا فبان خلافه أو دفع الزكاة إلى من ظنه فقيرا فبان غنيا أو استناب في الحج لكونه معصوبا فبرأ وفي هذه الصور كلها خلاف قال في شرح المهذب بعضه كبعض وبعضه مرتب على بعض أو أقوى من بعض والصحيح في الجميع عدم الإجزاء ووجوب الإعادة ومأخذ الخلاف أن هذه الأشياء هل هي من قبيل المأمورات التي هي شروط كالطهارة عن الحدث فلا يكون النسيان والجهل عذرا في تركها لفوات المصلحة منها أو أنها من قبيل المناهي كالأكل والكلام فيكون ذلك عذرا والأول أظهر ولذلك تجب الإعادة بلا خلاف فيما لو نسي نية الصوم لأنها من قبيل المأمورات وفيما لو صادف صوم الأسير ونحوه الليل دون النهار لأنه ليس وقتا للصوم كيوم العيد ذكره في شرح المهذب ولو صادف الصلاة أو الصوم بعد الوقت أجزأ بلا خلاف لكن هل يكون أداء للضرورة أو قضاء لأنه خارج عن وقته قولان أو وجهان أصحهما الثاني ويتفرع عليه ما لو كان الشهر ناقصا ورمضان تاما وأما الوقوف إذا صادف ما بعد الوقت فإن صادف الحادي عشر لم يجز بلا خلاف كما لو صادف السابع وإن صادف العاشر أجزأ ولا قضاء لأنهم لو كلفوا به لم يأمنوا الغلط في العام الآتي أيضا ويستثنى ما إذا قل الحجيج على خلاف العادة فإنه يلزمهم القضاء في الأصح لأن ذلك نادر وفرق بين الغلط في الثامن والعاشر بوجهين

(١/١٨٩)

أحدهما أن تأخير العبادة عن الوقت أقرب إلى الاحتساب من تقديمها عليه والثاني ان الغلط بالتقديم يمكن الاحتراز عنه فإنما يقع لغلط في الحساب أو لخلل في الشهود الذين شهدوا بتقديم الهلال والغلط بالتأخير قد يكون بالغيم المانع من الرؤية ومثل ذلك لا يمكن الاحتراز عنه ثم صورة المسئلة كما قال الرافعي أن يكون الهلال غم فأكملوا ذا القعدة ثلاثين ثم قامت بينة برؤيته ليلة الثلاثين أما لو وقع الغلط بسبب الحساب فإنه لا يجزئ بلا شك لتفريطهم وسواء تبين لهم ذلك بعد العاشر أو فيه في أثناء الوقوف أو قبل الزوال فوقفوا عالمين كما نقله الرافعي عن عامة الأصحاب وصححه في شرح المهذب ولو أخطأ الاجتهاد في أشهر الحج فأحرم النفير العام في غير أشهره ففي انعقاده حجا وجهان أحدهما نعم كالخطأ في الوقوف العاشر والثاني لا والفرق أنا لو أبطلنا الوقوف في العاشر أبطلناه من أصله وفيه إضرار وأما هنا فينعقد عمرة كذا في شرح المهذب بلا ترجيح ومن فروع هذا القسم في غير العبادات ما لو فاضل في الربويات جاهلا فإن العقد يبطل اتفاقا فهو من باب ترك المأمورات لأن المماثلة شرط بل العلم بها أيضا وكذا لو عقد البيع أو غيره على عين يظنها ملكه فبانت بخلافه أو النكاح على محرم أو غيرها من المحرمات جاهلا لا يصح ومن فروع القسم الثاني من شرب خمرا جاهلا فلا حد ولا تعزير

ومنها لو قال أنت أزنى من فلان ولم يصرح في لفظه بزنى فلان لكنه كان ثبت زناه بإقرار أو بينة والقائل جاهل فليس بقاذف بخلاف ما لو علم به فيكون قاذفا لهما

ومنها الإتيان بمفسدات العبادة ناسيا أو جاهلا كالأكل في الصلاة والصوم وفعل ما ينافي الصلاة من كلام وغيره والجماع في الصوم والاعتكاف والإحرام والخروج من المعتكف والعود من قيام الثالثة إلى التشهد ومن السجود إلى القنوت والاقتداء بمحدث وذي نجاسة وسبق الإمام بركنين ومراعاة المزحوم ترتيب نفسه إذا ركع الإمام في الثانية وارتكاب محظورات الإحرام التي ليست بإتلاف

(١/١٩٠)

كاللبس والاستمتاع والدهن والطيب سواء جهل التحريم أو كونه طيبا والحكم في الجميع عدم الإفساد وعدم الكفارة والفدية وفي أكثرها خلاف واستثني من ذلك الفعل الكثير في الصلاة كالأكل فإنه يبطلها في الأصح لندوره وألحق بعضهم الصوم بالصلاة في ذلك والأصح أنه لا يبطل بالكثير لأنه لا يندر فيه بخلاف الصلاة لأن فيه هيئة مذكرة

ومنها لو سلم عن ركعتين ناسيا وتكلم عامدا لظنه إكمال الصلاة لا تبطل صلاته لظنه أنه ليس في صلاة ونظيره ما لو تحلل من الإحرام وجامع ثم بان أنه لم يتحلل لكون رميه وقع قبل نصف الليل والمذهب أنه لا يفسد حجه ومن نظائره أيضا لو أكل ناسيا فظن بطلان صومه فجامع ففي وجه لا يفطر قياسا عليه والأصح الفطر كما لو جامع على ظن أن الصبح لم يطلع فبان خلافه ولكن لا تجب الكفارة لأنه وطئ وهو يعتقد أنه غير صائم ونظيره أيضا لو ظن طلاق زوجته بما وقع منه فأشهد عليه بطلاقها ومن فروع هذا القسم أيضا ما لو اشترى الوكيل معيبا جاهلا به فإنه يقع عن الموكل إن ساوى ما اشتراه به وكذا إن لم يساو في الأصح فإنه بخلاف ما إذا علم تنبيه من المشكل تصوير الجهل بتحريم الأكل في الصوم فإن ذلك جهل بحقيقة الصوم فإن من جهل الفطر جهل الإمساك عنه الذي هو حقيقة الصوم فلا تصح نيته قال السبكي فلا مخلص إلا بأحد أمرين إما أن يفرض في مفطر خاص من الأشياء النادرة كالتراب فإنه قد يخفى ويكون الصوم الإمساك عن المعتاد وما عداه شرط في صحته وإما أن يفرض كما صوره بعض المتأخرين فيمن احتجم أو أكل ناسيا فظن أنه أفطر فأكل بعد ذلك جاهلا بوجوب الإمساك فإنه لا يفطر على وجه لكن الأصح فيه الفطر انتهى وقال القاضي حسين كل مسئلة تدق ويغمض معرفتها هل يعذر فيها العامي وجهان أصحهما نعم

(١/١٩١)

ومن فروع القسم الثالث إتلاف مال الغير فلو قدم له غاصب طعاما ضيافة فأكله جاهلا فقرار الضمان عليه في أظهر القولين ويجرين في إتلاف مال نفسه جاهلا وفيه صور منها لو قدم له الغاصب المغصوب منه فأكله ضيافة جاهلا برئ الغاصب في الأظهر

ومنها لو أتلف المشتري المبيع قبل القبض جاهلا فهو قابض في الأظهر

ومنها لو خاطب زوجته بالطلاق جاهلا بأنها زوجته بأن كان في ظلمة أو نكحها له وليه أو وكيله ولم يعلم وقع وفيه احتمال للإمام

ومنها لو خاطب أمته بالعتق كذلك قال الرافعي ومن نظائرها ما إذا نسي أن له زوجة فقال زوجتي طالق

ومنها كما قال ابن عبدالسلام ما إذا وكل وكيلا في إعتاق عبد فأعتقه ظنا منه أنه عبد الموكل فإذا هو عبد الوكيل نفذ عتقه قال العلائي ولا يجيء فيه احتمال الإمام لأن هذا قصد قطع الملك فنفذ

ومنها إذا قال الغاصب لمالك العبد المغصوب أعتق عبدي هذا فأعتقه جاهلا عتق على الصحيح وفي وجه لا لأنه لم يقصد قطع ملك نفسه قلت خرج عن هذه النظائر مسئلة وهي ما إذا استحق القصاص على رجل فقتله خطأ فالأصح أنه لا يقع الموقع ومن فروع هذا القسم أيضا محظورات الإحرام التي هي إتلاف كإزالة الشعر والظفر وقتل الصيد لا تسقط فديتها بالجهل والنسيان

ومنها يمين الناسي والجاهل فإذا حلف على شيء باللّه أو الطلاق أو العتق أن يفعله فتركه ناسيا أو لا يفعله ففعله ناسيا للحلف أو جاهلا أنه المحلوف عليه أو على غيره ممن يبالي بيمينه ووقع ذلك منه جاهلا أو ناسيا فقولان في الحنث رجح كلا المرجحون ورجح الرافعي في المحرر عدم الحنث مطلقا واختاره في زوائد الروضة والفتاوي قال لحديث رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وهو عام فيعمل بعمومه إلا ما دل دليل على تخصيصه كغرامة المتلفات ثم استثني من ذلك ما لو حلف لا يفعل عامدا ولا ناسيا فإنه يحنث بالفعل ناسيا بلا خلاف لالتزام حكمه هذا في الحلف على المستقبل أما على الماضي كأن حلف أنه لم يفعل ثم تبين أنه فعله فالذي تلقفناه من مشايخنا أنه يحنث

(١/١٩٢)

ويدل له قول النووي في فتاويه صورة المسئلة أن يعلق الطلاق على فعل شيء فيفعله ناسيا لليمين أو جاهلا بأنه المحلوف عليه ولابن رزين فيه كلام مبسوط سأذكره والذي في الشرح والروضة أن فيه القولين في الناسي ومقتضاه عدم الحنث وعبارة الروضة لو جلس مع جماعة فقام ولبس خف غيره فقالت له امرأته استبدلت بخفك ولبست خف غيرك فحلف بالطلاق أنه لم يفعل إن قصد أني لم آخذ بدله كان كاذبا فإن كان عالما طلقت وإن كان ساهيا فعلى قولي طلاق الناسي انتهى ولك أن تقول لا يلزم من إجراء القولين الاستواء في التصحيح وابن رزين أبسط من تكلم على المسألة وها أنا أورد عبارته بنصها لما فيها من الفوائد قال للجهل والنسيان والإكراه حالتان إحداهما أن يكون ذلك واقعا في نفس اليمين أو الطلاق فمذهب الشافعي أن المكره على الطلاق لا يقع طلاقه إذا كان غير مختار لذلك من جهة غير الإكراه بل طاوع المكره فيما أكرهه عليه بعينه وصفته ويستوي في ذلك الإكراه على اليمين وعلى التعليق ويلتحق بالإكراه في ذلك الجهل الذي يفقد معه القصد إلى اللفظ مع عدم فهم معناه والنسيان وذلك بأن يتلفظ بالطلاق من لا يعرف معناه أصلا أو عرفه ثم نسيه فهذان نظير المكره فلا يقع بذلك طلاق ولا ينعقد بمثله يمين وذلك إذا حلف باسم من أسماء اللّه تعالى وهو لا يعرف أنه اسمه أما إذا جهل المحلوف عليه أو نسيه كما إذا دخل زيد الدار وجهل ذلك الحالف أو علمه ثم نسيه فحلف باللّه أو بالطلاق أنه ليس في الدار فهذه يمين ظاهرها تصديق نفسه في النفي وقد يعرض فيها أن يقصد أن الأمر كذلك ( في اعتقاده أو فيما انتهى إليه علمه أي لم يعلم خلافه ولا يكون قصده الجزم بأن الأمر كذلك ) في الحقيقة بل ترجع يمينه إلى أنه حلف أنه يعتقد كذا أو يظنه وهو صادق في أنه يعتقد ذلك أو ظان له فإن قصد الحالف ذلك حالة اليمين أو تلفظ به متصلا بها لم يحنث وإن قصد المعنى الأول أو أطلق ففي وقوع الطلاق ووجوب الكفارة قولان مشهوران مأخذهما أن النسيان والجهل هل يكونان عذرا له في ذلك كما كانا عذرا في باب الأوامر والنواهي أم لا يكونان عذرا كما لم يكونا عذرا في غرامات المتلفات ويقوي إلحاقهما بالإتلافات بأن الحالف باللّه أن زيدا في الدار إذا لم يكن فيها

(١/١٩٣)

قد انتهك حرمة الاسم الأعظم جاهلا أو ناسيا فهو كالجاني خطأ والحالف بالطلاق إن كانت يمينه بصيغة التعليق كقوله إن لم يكن زيد في الدار فزوجتي طالق إذا تبين أنه لم يكن فيها فقد تحقق الشرط الذي علق الطلاق عليه فإنه لم يتعرض إلا لتعليق الطلاق على عدم كونه في الدار ولا أثر لكونه جاهلا أو ناسيا في عدم كونه في الدار وأما إذا كان بغير صيغة التعليق كقوله لزوجته أنت طالق لقد خرج زيد من الدار وكقوله الطلاق يلزمني ليس زيد في الدار فهذا إذا قصد به اليمين جرى مجرى التعليق وإلا لوقع الطلاق في الحال وإذا جرى مجرى التعليق كان حكمه حكمه والحالة الثانية الجهل والنسيان والإكراه أن يعلق الطلاق على دخول الدار أو دخول زيد الدار أو يحلف باللّه لا يفعل ذلك فإذا دخلها المحلوف عليه ناسيا أو جاهلا أو مكرها فإن جرد قصده عن التعليق المحض كما إذا حلف لا يدخل السلطان البلد اليوم أو لا يحج الناس في هذا العام فظاهر المذهب وقوع الطلاق والحنث في مثل هذه الصورة وقع ذلك عمدا أو نسيانا اختيارا أو مع إكراه أو جهل وإن قصد باليمين تكليف المحلوف عليه ذلك لكونه يعلم أنه لا يرى مخالفته مع حلفه أو قصد باليمين على فعل نفسه أن تكون يمينه رادعة عن الفعل فالمذهب في هاتين الصورتين أنه لا يحنث إذا فعل المحلوف عليه ناسيا أو جاهلا إذ رجعت حقيقة هذه اليمين إلى تكليف نفسه ذلك أو تكليف المحلوف عليه ذلك والناسي لا يجوز تكليفه وكذلك الجاهل وأما إن فعله مكرها فالإكراه لا ينافي التكليف فإنا نحرم على المكره القتل ونبيح له الفطر في الصوم وإذا كان مكلفا وقد فعل المحلوف عليه فيظهر وقوع الطلاق والحنث كما تقدم في المسألة الأولى إلحاقا بالإتلاف لتحقق وجود الشرط المعلق عليه إذ لفظ التعليق عام يشمل فعل المعلق عليه مختارا ومكرها وناسيا وجاهلا وذاكرا ليمين وعالما وبهذا تمسك من مال إلى الحنث ووقوع الطلاق في صورة النسيان والجهل لكنا إنما اخترنا عدم وقوع الطلاق فيهما لأن قصد التكليف يخصهما ويخرجهما عن الدخول تحت عموم اللفظ فلا ينهض لأن مخرج الإكراه لكونه لا ينافي التكليف كما ذكرنا هذا ما ترجح عندي في الصورة التي فصلتها وبقي صورة واحدة وهي ما إذا أطلق التعليق ولم يقصد تكليفا ولا قصد التعليق المحض بل أخرجه مخرج اليمين

(١/١٩٤)

فهذه الصورة هي التي أطلق معظم الأصحاب فيها القولين واختار صاحب المهذب والانتصار والرافعي عدم الحنث وعدم وقوع الطلاق وكان شيخنا ابن الصلاح يختار وقوعه ويعللّه بكونه مذهب أكثر العلماء وبعموم لفظ التعليق ظاهرا لكن قرينة الحث والمنع تصلح للتخصيص وفيها بعض الضعف ومن ثم توقف صاحب الحاوي ومن حكى عنه التوقف من أشياخه في ذلك فالذي يقوي التخصيص أن ينضم إلى قرينة الحث والمنع القصد للحث والمنع فيقوى حينئذ التخصيص كما اخترناه والغالب أن الحالف على فعل مستقبل من أفعال من يعلم أنه يرتدع منه يقصد الحث أو المنع فيختار أيضا أن لا يقع طلاقه بالفعل مع الجهل والنسيان إلا أن يصرفه عن الحث أو المنع بقصد التعليق على الفعل مطلقا فيقع في الصور كلها بوجود الفعل وأما من حلف على فعل نفسه فلا يمتنع وقوع طلاقه بالنسيان أو الجهل إلا عند قصد الحث أو المنع انتهى كلامه بحروفه وما جزم به من الحنث في الحالة الأولى وهي الحلف على الماضي ناسيا أو جاهلا ذكره بحروفه القمولي في شرح الوسيط جازما به ونقله عنه الأذرعي في القوت وقال إنه أخذه من كلام ابن رزين ونقل غير واحد أن ابن الصلاح صرح بتصحيحه وبتصحيح الحنث في المستقبل أيضا فإذا جمعت بين المسألتين حصلت ثلاثة أقوال ثالثها الحنث في الماضي دون المستقبل وهو الذي قرره ابن رزين ومتابعوه وهو المختار تنبيه من المشكل قول المنهاج ولو علق بفعله ففعل ناسيا للتعليق أو مكرها لم تطلق في الأظهر أو بفعل غيره ممن يبالي بتعليقه وعلم به فكذلك وإلا فيقع قطعا ووجه الإشكال أن قوله وأن لا يدخل فيه ما إذا لم يبال بتعليقه ولم يعلم به وما إذا علم به ولم يبال وما إذا بالى ولم يعلم والقطع بالوقوع في الثالثة مردود وقد استشكله السبكي وقال كيف يقع بفعل الجاهل قطعا ولا يقع بفعل الناسي على الأظهر مع أن الجاهل أولى بالمعذرة من الناسي وقد بحث الشيخ علاء الدين الباجي في ذلك هو والشيخ زين الدين بن الكتاني في درس بن بنت الأعز وكان ابن الكتاني مصمما على ما اقتضته عبارة المنهاج والباجي في مقابله قال السبكي والصواب أن كلام المنهاج محمول على ما إذا قصد الزوج مجرد التعليق ولم يقصد إعلامه ليمتنع وقد أرشد الرافعي إلى ذلك فإن عبارته وعبارة النووي في الروضة ولو علق بفعل

(١/١٩٥)

الزوجة أو أجنبي فإن لم يكن للمعلق بفعله شعور بالتعليق ولم يقصد الزوج إعلامه ففي قوله ولم يقصد إعلامه ما يرشد إلى ذلك وقال في المهمات أشار بقوله ولم يقصد إعلامه إلى قصد الحث والمنع وعبر عنه به لأن قاصده يقصد إعلام الحالف بذلك ليمتنع منه ولهذا لما تكلم على القيود ذكر الحث والمنع عوضا عن الإعلام قال والظاهر أنه معطوف بأو لا بالواو حتى لا يكون المجموع شرطا فإن الرافعي شرط بعد ذلك لعدم الوقوع شروطا ثلاثة شعوره وأن يبالي وأن يقصد الزوج الحث والمنع قال وما اقتضاه كلام الرافعي من الحنث إذا لم يعلم المحلوف عليه رجحه الصيدلاني فيما جمعه من طريقة شيخه القفال فقال فإن قصد منعه فإن لم يعلم القادم حتى قدم حنث الحالف وإن علم به ثم نسي فعلى قولين ومنهم من قال على قولين بكل حال وكذلك الغزالي في البسيط فقال إذا علق بفعلها في غيبتها فلا أثر لنسيانها وإن كانت مكرهة فالظاهر الوقوع لأن هذا في حكم التعليق لا قصد المنع ومنهم من طرد فيه الخلاف انتهى وخالف الجمهور فخرجوه على القولين الشيخ أبو حامد والمحاملي وصاحبا المهذب والتهذيب والجرجاني والخوارزمي انتهى وقال ابن النقيب القسم الثالث وهو ما إذا بالى ولم يعلم ليس في الشرح والروضة هنا ويقتضي المنهاج الوقوع فيه قطعا فليحرر فرع في المسائل المبنية على الخلاف في حنث الناسي والمكره قال لأقتلن فلانا وهو يظنه حيا فكان ميتا ففي الكفارة خلاف الناسي قال لا أسكن هذه الدار فمرض وعجز عن الخروج ففي الحنث خلاف المكره قال لأشربن ماء هذا الكوز فانصب أو شربه غيره أو مات الحالف قبل الإمكان ففيه خلاف المكره قال لا أبيع لزيد مالا فوكل زيد وكيلا وأذن له في التوكيل فوكل الحالف فباع وهو لا يعلم ففيه خلاف الناسي قال لأقضين حقك غدا فمات الحالف قبله أو أبرأه أو عجز ففيه خلاف المكره قال لأقضين عند رأس الهلال فأخره عن الليلة الأولى للشك فيه فبان كونها من الشهر ففيه خلاف الناسي

(١/١٩٦)

قال لا رأيت منكرا إلا رفعته إلى القاضي فلم يتمكن من الرفع لمرض أو حبس أو جاء إلى باب القاضي فحجب أو مات القاضي قبل وصوله إليه ففيه خلاف المكره قال لا أفارقك حتى أستوفي حقي ففر منه الغريم ففيه خلاف المكره فإن قال لا تفارقني ففر الغريم حنث مطلقا لأنها يمين على فعل غيره بخلاف الأولى ولا يحنث مطلقا إن فر الحالف فإن أفلس في الصورة الأولى فمنعه الحاكم من ملازمته ففيه خلاف المكره وإن استوفى فبان ناقصا ففيه خلاف الجاهل فرع خرج عن هذا القسم صور عذر فيها بالجهل في الضمان منها إذا أخرج الوديعة من الحرز على ظن أنها ملكه فتلفت فلا ضمان عليه ولو كان عالما ضمن ذكره الرافعي قال الأسنوي ومثله الاستعمال والخلط ونحوهما

ومنها إذا استعمل المستعير العارية بعد رجوع المعير جاهلا فلا أجرة عليه نقله الرافعي عن القفال وارتضاه

ومنها إذا أباح له ثمرة بستان ثم رجع فإن الآكل لا يغرم ما أكله بعد الرجوع وقبل العلم كما ذكره في الحاوي الصغير وحكى الرافعي فيه وجهين من غير تصريح بترجيح

ومنها إذا وهبت المرأة نوبتها من القسم لضرتها ثم رجعت فإنها لا تعود إلى الدور من الرجوع على الصحيح بل من حين العلم به ومن فروع القسم الرابع الواطئ بشبهة فيه مهر المثل لإتلاف منفعة البضع دون الحد منها من قتل جاهلا بتحريم القتل لا قصاص عليه

ومنها قتل الخطأ فيه الدية والكفارة دون القصاص ومن ذلك مسألة الوكيل إذا اقتص بعد عفو موكله جاهلا فلا قصاص عليه على المنصوص وعليه الدية في ماله والكفارة ولا رجوع له على العافي لأنه محسن بالعفو وقيل لا دية وقيل هي على العاقلة وقيل يرجع على العافي لأنه غره بالعفو ونظير هذه المسألة ما لو أذن الإمام للولي في قتل الجانية ثم علم حملها فرجع ولم يعلم الولي رجوعه فقتل فالضمان على الولي ومن ذلك بعد أقسام مسئلة الدهشة ولنلخصها فنقول إذا قال مستحق اليمين للجاني أخرجها فأخرج يساره فقطعت فله أحوال

(١/١٩٧)

أحدها أن يقصد إباحتها فهي مهدرة لا قصاص ولا دية سواء علم القاطع أنها اليسار وأنها لا تجزئ أو لا لأن صاحبها بذلها مجانا ولأن فعل الإخراج اقترن بقصد الإباحة فقام مقام النطق كتقديم الطعام إلى الضيف ولأن الفعل بعد السؤال والطلب كالإذن كما لو قال ناولني يدك لأقطعها فأخرجها أو ناولني متاعك لألقيه في البحر فناوله فلا ضمان نعم يعزر القاطع إذا علم ويبقى قصاص اليمين كما كان فإن قال ظننت أنها تجزئ أو علمت أنها لا تجزئ ولكن جعلتها عوضا عنها سقط وعدل إلى دية اليمين لرضاه بسقوط قصاصها اكتفاء باليسار الحال الثاني أن يقصد المخرج إجزاءها عن اليمين فيسأل المقتص فإن قال ظننت أنه أباحها بالإخراج أو أنها اليمين أو علمت أنها اليسار وأنها لا تجزئ ولا تجعل بدلا فلا قصاص فيها في الصور الثلاث في الأصح لتسليط المخرج له عليها ولكن تجب ديتها ويبقى قصاص اليمين وإن قال علمت أنها اليسار وظننت أنها تجزئ سقط قصاص اليمين وتجب لكل الدية على الآخر الحال الثالث أن يقول دهشت فأخرجت اليسار وظني أني أخرج اليمين فيسأل المقتص فإن قال ظننت أنه أباحها قال الرافعي فقياس المذكور في الحال الثاني أن لا يجب القصاص في اليسار قال الأذرعي وصرح به الكافي لوجود صورة البدل قال البلقيني هو السديد قال البغوي تجب كمن قتل رجلا وقال ظننته أذن لي في القتل لأن الظنون البعيدة لا تدرأ القصاص وإن قال ظننتها اليمين أو علمت أنها اليسار وظننتها تجزئ فلا قصاص في الأصح أما في الأولى فلأن الاشتباه فيهما قريب وأما في الثانية فلعذره بالظن وإن قال علمت أنها اليسار وأنها لا تجزئ وجب القصاص في الأصح لأنه لم يوجد من المخرج بذل وتسليط وفي الصور كلها يبقى قصاص اليمين إلا في قوله ظننت أن اليسار تجزئ وإن قال دهشت أيضا لم يقبل منه ويجب القصاص لأن الدهشة لا تليق بحاله وإن قال قطعتها عدوانا وجب أيضا وإن قال المخرج لم أسمع أخرج يمينك وإنما وقع في سمعي يسارك أو قال قصدت فعل شيء يختص بي أو كان مجنونا فهو كالمدهوش هذا تحرير أحكام هذه المسألة

(١/١٩٨)

وفي نظيرها من الحد يجزئ ويسقط قطع اليمين بكل حال والفرق أن المقصود في الحد التنكيل وقد حصل والقصاص مبني على التماثل وأن الحدود مبنية على التخفيف وأن اليسار تقطع في السرقة في بعض الأحوال ولا تقطع في القصاص عن اليمين بحال فرع خرج عن هذا القسم صور لم يعذر فيها بالجهل منها ما إذا بادر أحد الأولياء فقتل الجاني بعد عفو بعض الأولياء جاهلا به فإن الأظهر وجوب القصاص عليه لأنه متعد بالانفراد

ومنها إذا قتل من علمه مرتدا أو ظن أنه لم يسلم فالمذهب وجوب القصاص لأن ظن الردة لا يفيد إباحة القتل فإن قتل المرتد إلى الإمام لا إلى الآحاد

ومنها ما إذا قتل من عهده ذميا أو عبدا وجهل إسلامه وحريته فالمذهب وجوب القصاص لأن جهل الإسلام والحرية لا يبيح القتل

ومنها ما إذا قتل من ظنه قاتل أبيه فبان خلافه فالأظهر وجوب القصاص لأنه كان من حقه التثبت

ومنها ما إذا ضرب مريضا جهل مرضه ضربا يقتل المريض دون الصحيح فمات فالأصح وجوب القصاص لأن جهل المرض لا يبيح الضرب وعلم من ذلك أن الكلام فيمن لا يجوز له الضرب أما من يجوز له للتأديب فلا يجب عليه القصاص قطعا وصرح به في الوسيط وخرج عنه صور عذر فيها بالجهل حتى في الضمان منها ما إذا قتل مسلما بدار الحرب ظانا كفره فلا قصاص قطعا ولا دية في الأظهر

ومنها إذا رمى إلى مسلم تترس به المشركون فإن علم إسلامه وجبت الدية وإلا فلا

ومنها إذا أمر السلطان رجلا بقتل رجل ظلما والمأمور لا يعلم فلا قصاص عليه ولا دية ولا كفارة

ومنها إذا قتل الحامل في القصاص فانفصل الجنين ميتا ففيه غرة وكفارة أو حيا فمات فدية ثم إذا استقل الولي بالاستيفاء فالضمان عليه وإن أذن له الإمام فإن علما أو جهلا أو علم الإمام دون الولي اختص الضمان بالإمام على الصحيح لأن البحث عليه وهو الآمر به

(١/١٩٩)

وفي وجه على الولي لأنه المباشر وفي آخر عليهما وإن علم الولي دون الإمام اختص بالولي على الصحيح لاجتماع العلم والمباشر وفي وجه بالإمام لتقصيره ولو باشر القتل جلاد الإمام فإن جهل فلا ضمان عليه بحال لأنه آلة الإمام وليس عليه البحث عما يأمره به وإن كان عالما فكالولي إن علم الإمام فلا شيء عليه وإلا اختص به ولو علم الولي مع الجلاد ففي أصل الروضة الأصح أنه يؤثر حتى إذا كانوا عالمين ضمنوا أثلاثا قال في المهمات وهذا غير مستقيم لأن الأصح فيما إذا علما أو جهلا أن الضمان على الإمام خاصة فكيف يستقيم ذلك هنا قال فالصواب تفريع المسئلة على القول بالوجوب عليهما إذا علما ثم من المشكل أنهما صححا هنا اختصاص الضمان بالإمام إذا علم هو والولي وصححا فيما إذا رجع الشهود واقتص الولي بعد حكم الحاكم بأن القصاص واجب على الكل بل لم يقل أحد بأن الضمان في هذه الصورة يختص بالحاكم وصححا فيما إذا أمر السلطان بقتل رجل ظلما وكان هو والمأمور عالمين اختصاصه بالمأمور إذا لم يكن إكراه فهذه ثلاث نظائر مختلفة قال في ميدان الفرسان وكأن الفرق أن الإحاطة بسبب المنع من الإقدام على القتل في غير مسئلة الحامل لا يتوقف على إخبار الحاكم به بخلاف فيها فإن مناط المنع فيها الظن الناشئ من شهادة النسوة بالحمل ومنصب سماع الشهادة يختص بالحاكم فإذا أمكن من القتل بعد أدائها آذن ذلك بضعف السبب عنده فأثر في ظن الولي فذلك أحيل الضمان على تفريط الحاكم ولم يقل به عند رجوع الولي والقاضي لعدم ذلك فيه انتهى من يقبل عنه دعوى الجهل ومن لا يقبل كل من جهل تحريم شيء مما يشترك فيه غالب الناس لم يقبل إلا أن يكون قريب عهد بالإسلام أو نشأ ببادية بعيدة يخفى فيها مثل ذلك كتحريم الزنا والقتل والسرقة والخمر والكلام في الصلاة والأكل في الصوم والقتل بالشهادة إذا رجعا وقالا تعمدنا ولم نعلم أنه يقتل بشهادتنا ووطء المغصوبة والمرهونة بدون إذن الراهن فإن كان بإذنه قبل مطلقا لأن ذلك يخفى على العوام

(١/٢٠٠)

ومن هذا القبيل أعني الذي يقبل فيه دعوى الجهل مطلقا لخفائه كون التنحنح مبطلا للصلاة أو كون القدر الذي أتى به من الكلام محرما أو النوع الذي تناوله مفطرا فالأصح في الصور الثلاث عدم البطلان ولو علم تحريم الطيب واعتقد في بعض أنواع الطيب أنه ليس بحرام فالصحيح وجوب الفدية لتقصيره كذا في كتب الشيخين فقد يقال إنه مخالف لمسئلتي الصلاة والصوم ولا يقبل دعوى الجهل بثبوت الرد بالعيب والأخذ بالشفعة من قديم الإسلام لاشتهاره وتقبل في ثبوت خيار العتق وفي نفي الولد في الأظهر لأنه لا يعرفه إلا الخواص قاعدة كل من علم تحريم شيء وجهل ما يترتب عليه لم يفده ذلك كمن علم تحريم الزنا والخمر وجهل وجوب الحد يحد بالاتفاق لأنه كان حقه الامتناع وكذا لو علم تحريم القتل وجهل وجوب القصاص يجب القصاص أو علم تحريم الكلام وجهل كونه مبطلا يبطل وتحريم الطيب وجهل وجوب الفدية تجب فرع علم بثبوت الخيار وقال لم أعلم أنه على الفور قالوا في الرد بالعيب والأخذ بالشفعة يقبل لأن ذلك مما يخفى كذا أطلقه الرافعي واستدركه النووي فقال شرطه أن يكون مثله ممن يخفى عليه وفي عتق الأمة نقل الرافعي عن الغزالي أنها لا تقبل وجزم به في الحاوي الصغير لأن من علم ثبوت أصل الخيار علم كونه على الفور ثم قال الرافعي ولم أر لهذه الصورة تعرضا في سائر كتب الأصحاب نعم صورها العبادي في الرقم بأن تكون قديمة عهد بالإسلام وخالطت أهله فإن كانت حديثة عهد ولم تخالط أهله فقولان وفي نفي الولد سوى في التنبيه بينه وبين دعوى الجهل بأصل الخيار فيفصل فيه بين قديم الإسلام وقريبه وأقره النووي في التصحيح ولا ذكر للمسئلة في الروضة وأصلها

(١/٢٠١)

تذنيب في نظائر متعلقة بالجهل منها عزل الوكيل قبل علمه فيه وجهان والأصح انعزاله وعدم نفوذ تصرفه

ومنها عزل القاضي قبل علمه والأصح فيه عدم الانعزال حتى يبلغه والفرق عسر تتبع أحكامه بالإبطال بخلاف الوكيل

ومنها الواهبة نوبتها في القسم إذا رجعت ولم يعلم الزوج لا يلزمه القضاء وقيل فيه خلاف الوكيل

ومنها لو قسم للحرة ليلتين والأمة ليلة فعتقت ولم يعلم قال الماوردي لا قضاء وقال ابن الرفعة القياس أن يقضي لها

ومنها لو أباح ثمار بستانه ثم رجع ولم يعلم المباح له ففي ضمان ما أكل خلاف الوكيل

ومنها النسخ قبل بلوغ المكلف فيه خلاف الوكيل قاله الروياني

ومنها لو عفا الولي ولم يعلم الجلاد فاقتص ففي وجوب الدية قولان مخرجان من عزل الوكيل أصحهما الوجوب

ومنها لو أذن لعبده في الإحرام ثم رجع ولم يعلم العبد فله تحليله في الأصح

ومنها لو أذن المرتهن في بيع المرهونة ثم رجع ولم يعلم الراهن ففي نفوذ تصرفه وجهان أصحهما لا ينفذ

ومنها إذا خرج الأقرب عن الولاية فهي للأبعد فلو زال المانع من الأقرب وزوج الأبعد وهو لا يعلم ففي الصحة الوجهان

ومنها لو عتقت الأمة ولم تعلم فصلت مكشوفة الرأس فقولان أصحهما تجب الإعادة

ومنها لو وكله وهو غائب فهل يكون وكيلا من حين التوكيل أو من حين بلوغ الخبر وجهان مقتضى ما في الروضة تصحيح الأول

ومنها لو أذن لعبده في النكاح ثم رجع ولم يعلم العبد ففي صحة نكاحه وجهان

ومنها لو استأذنها غير المجبر فأذنت ثم رجعت ولم يعلم حتى زوج ففي صحته خلاف الوكيل

(١/٢٠٢)

فصل وأما المكره فقد اختلف أهل الأصول في تكليفه على قولين وفصل الإمام فخر الدين وأتباعه فقالوا إن انتهى الإكراه إلى حد الإلجاء لم يتعلق به حكم وإن لم ينته إلى ذلك فهو مختار وتكليفه جائز شرعا وعقلا وقال الغزالي في البسيط الإكراه يسقط أثر التصرف عندنا إلا في خمس مواضع وذكر إسلام الحربي والقتل والإرضاع والزنا والطلاق إذا أكره على فعل المعلق عليه وزاد عليه غيره مواضع وذكر النووي في تهذيبه أنه يستثني مائة مسئلة لا أثر للإكراه فيها ولم يعددها وطالما أمعنت النظر في تتبعها حتى جمعت منها جملة كثيرة وقد رأيت الإكراه يساوي النسيان فإن المواضع المذكورة إما من باب ترك المأمور فلا يسقط تداركه ولا يحصل الثواب المرتب عليه وإما من باب الإتلاف فلا يسقط الحكم المترتب عليه وتسقط العقوبة المتعلقة به إلا القتل على الأظهر وها أنا أسرد ما يحضرني من ذلك الأول الإكراه عن الحدث وهو من باب الإتلاف فإنه إتلاف للطهارة ولهذا لو أحدث ناسيا انتقض وفي مس الفرج وجه ضعيف أنه لا ينقض ناسيا وإذا نوعت هذه الصورة إلى أسباب الحدث الأربعة والجماع كثرت الصور الثاني الإكراه على إفساد الماء بالاستعمال أو النجاسة أو مغير طاهر فإنه يفسد وهو أيضا من باب الإتلاف إذ لا فرق فيه بين العمد وغيره الثالث قال في الروضة لو ألقى إنسان في نهر مكرها فنوى فيه رفع الحدث صح وضوؤه وقال في شرح المهذب قال الشيخ أبو علي أطلق الأصحاب صحة وضوئه ولا بد فيه من تفصيل فإن نوى رفع الحدث وهو يريد المقام فيه ولو لحظة صح لأنه فعل يتصور قصده وإن كره المقام وتحقق الاضطرار من كل وجه لم يصح وضوؤه إذ لا تتحقق النية به الرابع والخامس الإكراه على غسل النجاسة ودبغ الجلد السادس الإكراه على التحول عن القبلة في الصلاة فتبطل السابع الإكراه على الكلام فيها فتبطل في الأظهر لندوره

(١/٢٠٣)

الثامن الإكراه على فعل ينافي الصلاة فتبطل قطعا لندوره التاسع الإكراه على ترك القيام في الفرض العاشر الإكراه على تأخير الصلاة عن الوقت فتصير قضاء الحادي عشر الإكراه على تفرق المتصارفين قبل القبض فيبطل كما ذكره في الاستقصاء وغيره وكذلك يبطل مع النسيان كما نص عليه والجهل كما صرح به الماوردي قال الزركشي وقياسه في رأس مال السلم كذلك الثاني عشر لو ضربا في خيار المجلس حتى تفرقا ففي انقطاع الخيار قولا حنث المكره الثالث عشر الإكراه على إتلاف مال الغير فإنه يطالب بالضمان وإن كان القرار على المكره في الأصح

الرابع عشر الإكراه على إتلاف الصيد كذلك بخلاف ما لو حلق شعر محرم مكرها لا يكون للمحرم طريقا في الضمان على الأظهر لأنه لم يباشر الخامس عشر الإكراه على الأكل في الصوم فإنه يفطر في أحد القولين وصححه الرافعي في المحرر السادس عشر الإكراه على الجماع في الصوم فيه الطريقان الآتيان السابع عشر الإكراه على الجماع في الإحرام فيه طريقان في أصل الروضة بلا ترجيح أحدهما يفسد قطعا بناء على أن إكراه الرجل على الوطء لا يتصور والثاني فيه وجهان بناء على الناسي الثامن عشر الإكراه على الخروج من المعتكف فإنه يبطل في أحد القولين كالأكل في الصوم التاسع عشر الإكراه على إعطاء الوديعة لظالم فإنه يضمن في الأصح ثم يرجع على من أخذ منه العشرون الإكراه على الذبح أو الرمي من محرم أو مجوسي لحلال ومسلم الحادي والعشرون إكراه الحربي على الإسلام الثاني والعشرون إكراه المرتد عليه الثالث والعشرون إكراه الذمي على وجه الأصح خلافه الرابع والعشرون الإكراه على تخليل الخمر بلا عين قال الأسنوي يحتمل إلحاقه بالمختار ويحتمل القطع بالطهارة

(١/٢٠٤)

الخامس والعشرون إلى الثلاثين الإكراه على الوطء فيحصل الإحصان ويستقر المهر وتحل للمطلق ثلاثا ويلحقه الولد وتصير أمته به مستولدة ويلزمه المهر في غير الزوجة قتله تخريجا ثم رأيت الأسنوي ذكر بحثا أنه كإتلاف المال الحادي والثلاثون الإكراه على القتل فيجب القصاص على المكره في الأظهر الثاني والثلاثون الإكراه على الزنا لا يبيحه الثالث والثلاثون وعلى اللواط الرابع والثلاثون ويوجب الحد في قول الخامس والثلاثون الإكراه على شهادة الزور والحكم بالباطل في قتل أو قطع أو جلد السادس والثلاثون الإكراه على فعل المحلوف عليه في أحد القولين السابع والثلاثون والثامن والتاسع والثلاثون الإكراه على طلاق زوجة المكره أو بيع ماله أو عتق عبده لأنه أبلغ في الإذن أما لو أكره أجنبي الوكيل على بيع ما وكل فيه ففي نظيره من الطلاق احتمالان للروياني حكاهما عنه في الروضة وأصلها أصحهما عنده عدم الصحة لأنه المباشر الأربعون الإكراه على ولاية القضاء الحادي والأربعون لو أكره المحرم أو الصائم على الزنا قال الأسنوي لا يحضرني فيها نقل والمتجه أنه يفسد عبادته لأنه لا يباح بالإكراه قال إلا أن عدم وجوب الحد قد يرجح عدم الإفساد الثاني والأربعون لو أكره على ترك الوضوء فتيمم قال الروياني لا قضاء قال النووي وفيه نظر قال لكن الراجح ما ذكره لأنه في معنى من غصب ماؤه قال الأسنوي والمتجه خلافه لأن الغصب كثير معهود بخلاف الإكراه على ترك الوضوء فعلى هذا يستثنى الثالث والأربعون الإكراه على السرقة لا يسقط الحد في قول الرابع والأربعون لا يرث القاتل مكرها على الصحيح الخامس والسادس والأربعون الإكراه على الإرضاع يحرم اتفاقا ويوجب المهر إذا انفسخ به النكاح على المرضعة على الأصح

(١/٢٠٥)

قال الأسنوي وفيه نظر السابع والأربعون الإكراه على القذف يوجب الحد في وجه الثامن والأربعون الإكراه بحق له وتحت ذلك صور الإكراه على الأذان وعلى فعل الصلاة والوضوء وأركان الطهارة والصلاة والحج وأداء الزكاة والكفارة والدين وبيع ماله فيه والصوم والاستئجار للحج والإنفاق على رقيقه وبهيمته وقريبه وإقامة الحدود وإعتاق المنذور عتقه كما صرح به في البحر والمشتري بشرط العتق وطلاق المولى إذا لم يطأ واختيار من أسلم على أكثر من أربع وغسل الميت والجهاد فكل ذلك يصح مع الإكراه فهذه أكثر من عشرين صورة في ضابط الإكراه بحق ومنه فيما ذكر الأسنوي أن يأذن أجنبي للعبد في بيع ماله فيمتنع فيكرهه السيد فلا شك في الصحة لأن للسيد غرضا صحيحا في ذلك إما لتقليد إمامه أو أخذ أجرة فهذه أكثر من سبعين صورة لا أثر للإكراه فيها وفي بعض صورها ما يقتضي التعدد باعتبار أنواعه فيبلغ بذلك المائة وفيها نحو عشر صور على رأي ضعيف تنبيه من المشكل قول المنهاج في الخلع وإن قال أقبضتني فقيل كالإعطاء والأصح كسائر التعليق فلا يملكه ولا يشترط للإقباض مجلس ويشترط لتحقق الصفة أخذه بيده منها ولو مكرهة ووجه الإشكال أن المعلق عليه إقباضها والإقباض مع الإكراه ملغى شرعا فلا اعتبار به قال السبكي فذكره في المنهاج لا مخرج له إلا الحمل على السهو ولم يذكر ذلك في الروضة والشرح إلا فيما إذا قال إن قبضت منك لا في قوله إن أقبضتني قال البلقيني فما وقع في المنهاج وهم انتقل من مسئلة إن قبضت إلى مسئلة إن أقبضتني ما يباح بالإكراه وما لا يباح فيه فروع الأول التلفظ بكلمة الكفر فيباح به للآية ولا يجب بل الأفضل الامتناع

(١/٢٠٦)

مصابرة على الدين واقتداء بالسلف وقيل الأفضل التلفظ صيانة لنفسه وقيل إن كان ممن يتوقع منه النكاية في العدو والقيام بأحكام الشرع فالأفضل التلفظ لمصلحة نقائه وإلا فالأفضل الامتناع الثاني القتال المحرم لحق اللّه ولا يباح به بلا خلاف بخلاف المحرم للمالية كنساء الحرب وصبيانهم فيباح به الثالث الزنا ولا يباح به بالاتفاق أيضا لأن مفسدته أفحش من الصبر على القتل وسواء كان المكره رجلا أو امرأة الرابع اللواط ولا يباح به أيضا صرح به في الروضة الخامس القذف قال العلائي ولم أر من تعرض له وفي كتب الحنفية أنه يباح بالإكراه ولا يجب به حد وهو الذي تقتضيه قواعد المذهب انتهى قلت قد تعرض له ابن الرفعة في المطلب فقال يشبه أن يلتحق بالتلفظ بكلمة الكفر ولا نظر إلى تعلقه بالمقذوف لأنه لم يتضرر به السادس السرقة قال في المطلب يظهر أن تلتحق بإتلاف المال لأنها دون الإتلاف قال في الخادم وقد صرح جماعة بإباحتها منهم القاضي حسين في تعليقه قلت وجزم به الأسنوي في التمهيد السابع شرب الخمر ويباح به قطعا استبقاء للمهجة كما يباح لمن غص بلقمة أن يسيغها به ولكن لا يجب على الصحيح كما في أصل الروضة الثامن شرب البول وأكل الميتة ويباحان وفي الوجوب احتمالان للقاضي حسين قلت ينبغي أن يكون أصحهما الوجوب التاسع إتلاف مال الغير ويباح به بل يجب قطعا كما يجب على المضطر أكل طعام غيره العاشر شهادة الزور فإن كانت تقتضي قتلا أو قطعا ألحقت به أو إتلاف مال ألحقت به أو جلدا فهو محل نظر إذ يفضي إلى القتل كذا في المطلب وقال الشيخ عز الدين لو أكره على شهادة زور أو حكم باطل في قتل أو قطع أو إحلال بضع استسلم للقتل وإن كان يتضمن إتلاف مال لزمه ذلك حفظا للمهجة الحادي عشر الفطر في رمضان ويباح به بل يجب على الصحيح الثاني عشر الخروج من صلاة الفرض وهو كالفطر

(١/٢٠٧)

فائدة ضبط الأودني هذه الصور بأن ما يسقط بالتوبة يسقط حكمه بالإكراه وما لا فلا نقله في الروضة وأصلها قال في الخادم وقد أورد عليه شرب الخمر فإنه يباح بالإكراه ولا يسقط حده بالتوبة وكذلك القذف ما يتصور فيه الإكراه وما لا قال العلماء لا يتصور الإكراه على شيء من أفعال القلوب وفي الزنا وجهان

أصحهما أنه يتصور لأنه منوط بالإيلاج والثاني لا لأن الإيلاج إنما يكون مع الانتشار وذلك راجع إلى الاختيار والشهوة وفي التنبيه ولا يعذر أحد من أهل فرض الصلاة في تأخيرها عن الوقت إلا نائم أو ناس أو من أكره على تأخيرها واستشكل تصوير الإكراه على تأخير الصلاة فإن كل حالة تنتقل لما دونها إلى إمرار الأفعال على القلب وهو شيء لا يمكن الإكراه على تأخيره وهو يفعله غير مؤخر وصوره في شرح المهذب بالإكراه على التلبس بمناف وقال القاضي زين الدين البلغيائي المراد أكره على أن يأتي بها على غير الوجه المجزئ من الطهارة ونحوها ولا يكون الإكراه عذرا في الإجزاء لندوره أو يكره المحدث على تأخيرها عن الوقت ويمنع من الوضوء في الوقت وقال الشيخ تاج الدين السبكي في التوشيح قد يقال المكره قد يدهش حتى عن الإيماء بالطرف ويكون مؤخرا معذورا كالمكره على الطلاق لا يلزمه التورية إذا اندهش قطعا ما يحصل به الا كراه قال الرافعي الذي مال إليه المعتبرون أن الإكراه على القتل لا يحصل إلا بالتخويف بالقتل أو ما يخاف منه القتل وأما غيره ففيه سبعة أوجه

أحدها لا يحصل إلا بالقتل الثاني القتل أو القطع أو ضرب يخاف منه الهلاك

(١/٢٠٨)

الثالث ما يسلب الاختيار ويجعله كالهارب من الأسد الذي يتخطى الشوك والنار ولا يبالي فيخرج عنه الحبس الرابع اشتراط عقوبة بدنية يتعلق بها قود الخامس اشتراط عقوبة شديدة تتعلق ببدنه كالحبس الطويل السادس أنه يحصل بما ذكر وبأخذ المال أو إتلافه والاستخفاف بالأماثل وإهانتهم كالصفع بالملأ وتسويد الوجه وهذا اختيار جمهور العراقيين وصححه الرافعي السابع وهو اختيار النووي في الروضة أنه يحصل بكل ما يؤثر العاقل الإقدام عليه حذرا ما هدد به وذلك يختلف باختلاف الأشخاص والأفعال المطلوبة والأمور المخوف بها فقد يكون الشيء إكراها في شيء دون غيره وفي حق شخص دون آخر فالإكراه على الطلاق يكون بالتخويف بالقتل والقطع والحبس الطويل والضرب الكثير والمتوسط لمن لا يحتمله بدنه ولم يعتده وبتخويف ذي المروءة بالصفع في الملأ وتسويد الوجه ونحوه وكذا بقتل الوالد وإن علا والولد وإن سفل على الصحيح لا سائر المحارم وإتلاف المال على الأصح وإن كان الإكراه على القتل فالتخويف بالحبس وقتل الولد ليس إكراها وإن كان على إتلاف مال فالتخويف بجميع ذلك إكراه قال النووي وهذا الوجه أصح لكن في بعض تفصيله المذكور نظر والتهديد بالنفي عن البلد إكراه على الأصح لأن مفارقة الوطن شديدة ولهذا جعلت عقوبة للزاني وكذا تهديد المرأة بالزنا والرجل باللواط ولا بد في كل ذلك من أمور أحدها قدرة المكره على تحقيق ما هدد به بولاية أو تغلب أو فرط هجوم ثانيها عجز المكره عن دفعه بهرب أو استغاثة أو مقاومة ثالثها ظنه أنه إن امتنع مما أكره عليه أوقع به المتوعد رابعها كون المتوعد مما يحرم تعاطيه على المكره فلو قال ولي القصاص للجاني طلق امرأتك وإلا اقتصصت منك لم يكن إكراها خامسها أن يكون عاجلا فلو قال طلقها وإلا قتلتك غدا فليس بإكراه

(١/٢٠٩)

سادسها أن يكون معينا فلو قال أقتل زيدا أو عمرا فليس بإكراه سابعها أن يحصل بفعل المكره عليه التخلص من المتوعد به فلو قال أقتل نفسك وإلا قتلتك فليس بإكراه ولا يحصل الإكراه بقوله وإلا قتلت نفسي أو كفرت أو أبطلت صومي أو صلاتي ويشترط في الإكراه على كلمة الكفر طمأنينة القلب بالإيمان فلو نطق معتقدا بها كفر ولو نطق غافلا عن الكفر والإيمان ففي ردته وجهان في الحاوي قال في المطلب والآية تدل على أنه مرتد قال الماوردي والأحوال الثلاثة يأتي مثلها في الطلاق ولا يشترط في الطلاق التورية بأن ينوي غيرها على الأصح وفي شرح المهذب نص الشافعي على أن من أكره على شرب خمر أو أكل محرم يجب أن يتقيأ إذا قدر أمر السلطان هل يكون إكراها اختلف في أمر السلطان هل ينزل منزلة الإكراه على وجهين أو قولين

أحدهما لا وإنما الإكراه بالتهديد صريحا كغير السلطان والثاني نعم لعلتين إحداهما أن الغالب من حاله السطوة عند المخالفة والثاني أن طاعته واجبة في الجملة فينتهض ذلك شبهة قال الرافعي ومقتضى ما ذكره الجمهور صريحا ودلالة أنه لا ينزل منزلة الإكراه قال ومثل السلطان في إجراء الخلاف الزعيم والمتغلب لأن المدار على خوف المحذور من مخالفته وأما حكم الحاكم وحكم الشرع فهل ينزلان منزلته فيه فروع منها لو حلف لا يفارقه حتى يستوفي حقه فأفلس ومنعه الحاكم من ملازمته ففيه قولا المكره

ومنها لو حلف ليطأن زوجته الليلة فوجدها حائضا لم يحنث كما لو أكره على ترك الوطء

(١/٢١٠)

ومنها قال إن لم تصومي غدا فأنت طالق فحاضت فوقوع الطلاق على الخلاف في المكره ذكره الرافعي

ومنها من ابتلع طرف خيط ليلا وبقي طرفه خارجا ثم أصبح صائما فإن نزعه أفطر وإن تكره لم تصح صلاته لأنه متصل بنجاسة وقال في الخادم فطريقه أن يجبره الحاكم على نزعه ولا يفطر لأنه كالمكره قال بل لو قيل لا يفطر بالنزع باختياره لم يبعد تنزيلا لإيجاب الشرع منزلة الإكراه كما إذا حلف أن يطأها في هذه الليلة فوجدها حائضا لا يحنث

ومنها لو حلف لا يحلف يمينا مغلظة فوجب عليه يمين وقلنا بوجوب التغليظ حلف وحنث

ومنها لو كان له عبد مقيد فحلف بعتقه أن في قيده عشرة أرطال وحلف بعتقه لا يحله هو ولا غيره فشهد عند القاضي عدلان أن في قيده خمسة أرطال فحكم بعتقه ثم حل القيد فوجده عشرة أرطال قال ابن الصباغ لا شيء على الشاهدين لأن العتق حصل بحل القيد دون الشهادة لتحقق كذبهما حكاه الرافعي في أواخر العتق تنبيه يقع في الفتاوي كثيرا أن رجلا حلف بالطلاق لا يؤدي الحق الذي عليه فيفنى في خلاصه بأن يرفع إلى الحاكم فيحكم عليه بالأداء وأنه لا يحنث تنزيلا للحكم منزلة الإكراه وعندي في هذه وقفة أما أولا فلأن الشيخين لم ينزلا الحكم منزلة الإكراه في كل صورة ولا قررا ذلك قاعدة عامة بل ذكراها في بعض الصور وذكرا خلافه في بعضها كما تراه فليس إلحاق هذه الصورة بالصورة التي حكما فيها بعدم الحنث أولى من إلحاقها بالتي حكما فيها بالحنث أما ثانيا فلأن الإكراه بحق لا أثر له في عدم النفوذ بدليل صحة بيع من أكرهه الحاكم على بيع ماله لوفاء دينه وطلاق المولى إذا أكرهه الحاكم لأن الإكراه فيهما بحق فالذي ينشرح له الصدر فيما نحن فيه القول بالحنث ولا أثر للحكم في منعه هذا إذا كان معترفا بالحق فإن كان منكرا له وثبت بالبينة قوي في هذه الحالة عدم الحنث لأنه يزعم أنه مظلوم في هذا الحكم فلم يكن الإكراه بحق في دعواه والطلاق لا يقع بالشك وقولي في هذه الحالة بعدم الحنث أي ظاهرا فلو كانت البينة صادقة في الواقع وهو عالم بأن عليه ما شهدت به وقع باطنا واللّه أعلم

(١/٢١١)

ثم رأيت الزركشي قال في قواعده ذكر الرافعي في كتاب الطلاق أنه لو قال إن أخذت مني حقك فأنت طالق فأكرهه السلطان حتى أعطى بنفسه فعلى القولين في فعل المكره وقضيته ترجيح عدم الحنث والمتجه خلافه لأنه إكراه بحق هذه عبارته القول في النائم والمجنون والمغمى عليه قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم رفع القلم عن ثلاث عن النائم حتى يستيقظ وعن المبتلى حتى يبرأ وعن الصبي حتى يكبر هذا حديث صحيح أخرجه أبو داود بهذا اللفظ من حديث عائشة رضي اللّه عنها وأخرجه من حديث علي وعمر بلفظ عن المجنون حتى يبرأ وعن النائم حتى يعقل وأخرجه أيضا عنهما بلفظ عن المجنون حتى يفيق وبلفظ عن الصبي حتى يحتلم وبلفظ حتى يبلغ وذكر أبو داود أن ابن جريج رواه عن القاسم بن يزيد عن علي عن النبي صلى اللّه عليه وسلم فزاد فيه والخرف وأخرجه الطبراني من حديث ابن عباس وشداد بن أوس وثوبان والبزار من حديث أبي هريرة قلت قد ألف السبكي في شرح هذا الحديث كتابا سماه إبراز الحكم من حديث رفع القلم ذكر فيه ثمانية وثلاثين فائدة تتعلق به وأنا أنقل منه هنا في مبحث الصبي ما تراه إن شاء اللّه تعالى وأول ما نبه عليه أن الذي وقع في جميع روايات الحديث في سنن أبي داود وابن ماجه والنسائي والدارقطني عن ثلاثة بإثبات الهاء ويقع في بعض كتب الفقهاء ثلاث بغير هاء قال ولم أجد لها أصلا قال الشيخ أبو إسحاق العقل صفة يميز بها الحسن والقبيح قال بعضهم ويزيله الجنون والإغماء والنوم وقال الغزالي الجنون يزيله والإغماء يغمره والنوم يستره قال السبكي وإنما لم يذكر المغمى عليه في الحديث لأنه في معنى النائم وذكر الخرف في بعض الروايات وإن كان في معنى المجنون لأنه عبارة عن اختلاط العقل بالكبر ولا يسمى جنونا لأن الجنون يعرض من أمراض سوداوية ويقبل العلاج والخرف خلاف ذلك

(١/٢١٢)

ولهذا لم يقل في الحديث حتى يعقل لأن الغالب أنه لا يبرأ منه إلى الموت قال ويظهر أن الخرف رتبة بين الإغماء والجنون وهي إلى الإغماء أقرب انتهى واعلم أن الثلاثة قد يشتركون في أحكام وقد ينفرد النائم عن المجنون والمغمى عليه تارة ويلحق بالنائم وتارة يلحق بالمجنون وبيان ذلك بفروع الأول الحدث يشترك فيه الثلاثة الثاني استحباب الغسل عند الإفاقة للمجنون ومثله المغمى عليه الثالث قضاء الصلاة إذا استغرق ذلك الوقت يجب على النائم دون المجنون والمغمى عليه كالمجنون الرابع قضاء الصوم إذا استغرق النهار يجب على المغمى عليه بخلاف المجنون والفرق بينه وبين الصلاة كثرة تكررها ونظيره وجوب قضاء الصوم على الحائض والنفساء دون الصلاة وأما النائم إذا استغرق النهار وكان نوى من الليل فإنه يصح صومه على المذهب والفرق بينه وبين المغمى عليه أنه ثابت العقل لأنه إذا نبه انتبه بخلافه وفي النوم وجه أنه يضر كالإغماء وفي الإغماء وجه أنه لا يضر كالنوم ولا خلاف في الجنون وأما غير المستغرق من الثلاثة فالنوم لا يضر بالإجماع وفي الجنون قولان الجديد البطلان لأنه مناف للصوم كالحيض وقطع به بعضهم وفي الإغماء طرق أحدها لا يضر إن أفاق جزءا من النهار سواء كان في أوله أو آخره والثاني القطع بأنه إن أفاق في أوله صح وإلا فلا والثالث وهو الأصح فيه أربعة أقوال أظهرها لا يضر إن أفاق لحظة ما والثاني في أوله خاصة والثالث في طرفيه والرابع يضر مطلقا فيه فتشترط الإفاقة جميع النهار والفرع الخامس الأذان لو نام أو أغمي عليه أثناءه ثم أفاق إن لم يطل الفصل بنى وإن طال وجب والاستئناف على المذهب قال في شرح المهذب قال أصحابنا والجنون هنا كالإغماء السادس لو لبس الخف ثم نام حتى مضى يوم وليلة انقضت المدة

(١/٢١٣)

قال البلقيني ولو جن أو أغمي عليه فالقياس أنه لا تحسب عليه المدة لأنه لا تجب عليه الصلاة بخلاف النوم لوجوب القضاء قال ولم أر من تعرض لذلك السابع إذا نام المعتكف حسب زمن النوم من الاعتكاف قطعا لأنه كالمستيقظ وفي زمان الإغماء وجهان أصحهما يحسب ولا يحسب زمن الجنون قطعا لأن العبادات البدنية لا يصح أداؤها في حال الجنون الثامن يجوز للولي أن يحرم عن المجنون بخلاف المغمى عليه كما جزم به الرافعي التاسع الوقوف بعرفة لا يصح من المجنون والمغمى عليه مثله في الأصح بخلاف النائم المستغرق في الأصح وحكى الرافعي عن المتولي وأقره أنه إذا لم يجزه في المجنون يقع نفلا كحج الصبي وكذا المغمى عليه كما في شرح المهذب العاشر يصح الرمي عن المغمى عليه ممن أذن له قبل الإغماء في حال تجوز فيه الاستنابة قال في شرح المهذب والمجنون مثله صرح به المتولي وغيره الحادي عشر يبطل بالجنون كل عقد جائز كالوكالة إلا في رمي الجمار والإيداع والعارية والكتابة الفاسدة ولا يبطل بالنوم وفي الإغماء وجهان أصحهما كالجنون الثاني عشر ينعزل القاضي بجنونه وبإغمائه بخلاف النوم الثالث عشر ينعزل الإمام الأعظم بالجنون ولا ينعزل بالإغماء لأنه متوقع الزوال الرابع عشر إذا جن ولي النكاح انتقلت الولاية للأبعد والإغماء إن دام أياما ففي وجه كالجنون والأصح لا بل ينتظر كما لو كان سريع الزوال الخامس عشر يزوج المجنون وليه بشرطه المعروف ولا يزوج المغمى عليه كما يفهم من كلامهم وهو نظير الإحرام بالحج السادس عشر قال الأصحاب لا يجوز الجنون على الأنبياء لأنه نقص ويجوز عليهم الإغماء لأنه مرض ونبه السبكي على أن الإغماء الذي يحصل لهم ليس كالإغماء الذي يحصل لآحاد الناس وإنما هو لغلبة الأوجاع للحواس الظاهرة فقط دون القلب قال لأنه قد ورد أنه إنما تنام أعينهم دون قلوبهم فإذا حفظت قلوبهم وعصمت من النوم الذي هو أخف من الإغماء فمن الإغماء بطريق الأولى انتهى وهو نفيس جدا

(١/٢١٤)

السابع عشر الجنون يقتضي الحجر وأما الإغماء فالظاهر أنه مثله كما يفهم من كلامهم الثامن عشر يشترك الثلاثة في عدم صحة مباشرة العبادة والبيع والشراء وجميع التصرفات من العقود والفسوخ كالطلاق والعتق وفي غرامة المتلفات وأروش الجنايات التاسع عشر لا ينقطع خيار المجلس بالجنون والإغماء على الصحيح ولم أر من تعرض للنوم العشرون لو قال إن كلمت فلانا فأنت طالق فكلمته وهو نائم أو مغمى عليه أو هذت بكلامه في نومها وإغمائها أو كلمته وهو مجنون طلقت أو وهي مجنونة قال ابن الصباغ لا تطلق وقال القاضي حسين تطلق قال الرافعي والظاهر تخريجه على حنث الناسي الحادي والعشرون لو وطئ المجنون زوجة ابنه حرمت عليه قاله القاضي حسين الثاني والعشرون ذهب القاضي والفوراني إلى أن المجنون لا يتزوج الأمة لأنه لا يخاف من وطء يوجب الحد والإثم ولكن الأصح خلافه كذا في الأشباه والنظائر لابن الوكيل ثم ذكر أن الشافعي نص على أن المجنون لا يزوج منه أمة فرع قال النووي في شرح المهذب يسن إيقاظ النائم للصلاة لا سيما إن ضاق وقتها وقال السبكي في كتابه المتقدم ذكره إذا دخل على المكلف وقت الصلاة وتمكن من فعلها وأراد أن ينام قبل فعلها فإن وثق من نفسه أنه يستيقظ قبل خروج الوقت بما يمكنه أن يصلي فيه جاز وإلا لم يجز وكذا لو لم يتمكن ولكن بمجرد دخول الوقت قصد أن ينام فإن نام حيث لم يثق من نفسه بالاستيقاظ أثم إثمين أحدهما إثم ترك الصلاة والثاني إثم التسبب إليه وهو معنى قولنا يأثم بالنوم وإن استيقظ على خلاف ظنه وصلى في الوقت لم يحصل له إثم ترك الصلاة وأما ذلك الإثم الذي حصل فلا يرتفع إلا بالاستغفار ولو أراد أن ينام قبل الوقت وغلب على ظنه أن نومه يستغرق الوقت لم يمتنع عليه ذلك لأن التكليف لم يتعلق به بعد ويشهد له ما ورد في الحديث أن امرأة عابت زوجها بأنه ينام حتى تطلع الشمس فلا يصلي الصبح إلا ذلك الوقت فقال إنا أهل بيت معروف لنا ذلك أي ينامون من الليل حتى تطلع الشمس فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم إذا استيقظت فصل

(١/٢١٥)

وأما إيقاظ النائم الذي لم يصل فالأول وهو الذي نام بعد الوجوب يجب إيقاظه من باب النهي عن المنكر وأما الذي نام قبل الوقت فلا لأن التكليف لم يتعلق به لكن إذا لم يخش عليه ضرر فالأولى أيقاظه لينال الصلاة في الوقت انتهى ملخصا القول في السكران اختلف في تكليفه على قولين والأصح المنصوص في الأم أنه مكلف قال الرافعي وفي محل القولين أربع طرق أصحهما أنهما جاريان في أقواله وأفعاله كلها ما له وما عليه والثاني أنهما في أقواله كلها كالطلاق والعتاق والإسلام والردة والبيع والشراء وغيرها وأما أفعاله كالقتل والقطع وغيرها فكأفعال الصاحي بلا خلاف لقوة الأفعال الثالث أنهما في الطلاق والعتاق والجنايات وأما بيعه وشراؤه وغيرهما من المعاوضات فلا يصح بلا خلاف لأنه لا يعلم ما يعقد عليه والعلم شرط في المعاملات الرابع أنهما فيما له كالنكاح والإسلام أما ما عليه كالإقرار والطلاق والضمان فينفذ قطعا تغليظا وعلى هذا لو كان له من وجه وعليه من وجه كالبيع والإجارة نفذ تغليبا بطريق التغليظ هذا ما أورده الرافعي وقد اغتر به بعضهم فقال تفريعا على الأصل السكران في كل أحكامه كالصاحي إلا في نقض الوضوء قلت وفيه نظر فالصواب تقييد ذلك بغير العبادات ويستثنى منه الإسلام أما العبادات فليس فيها كالصاحي كما تبين ذلك فمنها الأذان فلا يصح أذانه على الصحيح كالمجنون والمغمى عليه لأن كلامه لغو وليس من أهل العبادة وفيه وجه أنه يصح بناء على صحة تصرفاته قال في شرح المهذب وليس بشيء قال أما من هو في أول النشوة فيصح أذانه بلا خلاف

(١/٢١٦)

ومنها لو شرب المسكر ليلا وبقي سكره جميع النهار لم يصح صومه وعليه القضاء وإن صحا في بعضه فهو كالإغماء في بعض النهار

ومنها لو سكر المعتكف بطل اعتكافه وتتابعه أيضا واعلم أن في بطلان الاعتكاف بالسكر والردة ستة طرق نظير مسألة العفو عما لا يدركه الطرف في الماء والثوب الأول وهو الأصح يبطل بهما قطعا لأنهما أفحش من الخروج من المسجد والثاني لا قطعا والثالث فيهما قولان والرابع يبطل في السكر دون الردة لأن السكران ليس من أهل المقام في المسجد لأنه لا يجوز إقراره فيه فصار كما لو خرج من المسجد والمرتد من أهل المقام فيه لأنه يجوز إقراره فيه والخامس يبطل في الردة دون السكر لأنه كالنوم بخلافها لأنها تنافي العبادات والسادس يبطل في السكر لامتداد زمانه وكذا الردة إن طال زمانها وإلا فلا قال الرافعي ولا خلاف أنه لا يحسب زمانهما

ومنها لا يصح وقوف السكران بعرفة سواء كان متعديا أم لا كالمغمى عليه ذكره في شرح المهذب

ومنها في وجوب الرد عليه إذا سلم وكذا المجنون وجهان في الروضة بلا ترجيح قال في شرح المهذب والأصح أنه لا يجب الرد عليهما ولا يسن ابتداؤهما فهذه فروع ليس السكران فيها كالصاحي وبقي فرع لم أر من ذكره وهو لو بان إمامه سكران فهل تجب الإعادة كما لو بان مجنونا لأنه لا يخفى حاله أو لا كما لو بان محدثا الظاهر الأول حد السكر فيه عبارات قال الشافعي السكران هو الذي اختلط كلامه المنظوم وانكشف سره المكتوم وقال المزني هو الذي لا يفرق بين السماء والأرض ولا بين أمه وامرأته وقيل هو الذي يفصح بما كان يحتشم منه وقيل الذي يتمايل في مشيه ويهذي في كلامه وقيل الذي لا يعلم ما يقول وقال ابن سريج الرجوع فيه إلى العادة فإذا انتهى تغيره إلى حالة يقع عليه اسم

(١/٢١٧)

السكران فهو المراد بالسكران قال الرافعي وهو الأقرب ولم يرتض الإمام شيئا من هذه العبارات وقال الشارب له ثلاثة أحوال أولها هزة ونشاط يأخذه إذا دبت الخمر فيه ولم تستول عليه بعد ولا يزول العقل في هذه الحالة بلا خلاف فهذا ينفذ طلاقه وتصرفاته لبقاء عقله الثانية نهاية السكر وهو أن يصير طافحا ويسقط كالمغشي عليه لا يتكلم ولا يكاد يتحرك فلا ينفذ طلاقه ولا غيره لأنه لا عقل له الثالثة حالة متوسطة بينهما وهو أن تختلط أحواله ولا تنتظم أقواله وأفعاله ويبقى تمييز وفهم وكلام فهذه الثلاثة سكر وفيها القولان وما ذكره في الحالة الثانية تابعه عليه الغزالي وجعلا لفظه كلفظ النائم قال الرافعي في الطلاق ومن الأصحاب من جعله على الخلاف لتعديه بالتسبب إلى هذه الحالة قال وهو أوفق لإطلاق الأكثرين قال الأسنوي وقد خالف في مواضع فجزم بأن الطافح الذي سقط تمييزه بالكلية كلامه لغو

ومنها في ولاية النكاح فقال السكر إن حصل بسبب يفسق به فإن قلنا الفاسق لا يلي فذاك وإن قلنا يلى أو حصل بسبب لا يفسق فإن لم ينفذ تصرف السكران فالسكر كالإغماء وإن جعلنا تصرفه كتصرف الصاحي فمنهم من صحح تزويجه ومنهم من منع لاختلال نظره ثم الخلاف فيما إذا بقي له تمييز ونظر فأما الطافح الذي سقط تمييزه بالكلية فكلامه لغو

ومنها في أواخر الطلاق قال إن كلمت فلانا فأنت طالق فكلمته وهو سكران أو مجنون طلقت قال ابن الصباغ يشترط أن السكران بحيث يسمع ويتكلم وأما كلامها في سكرها فتطلق به على الأصح إلا إذا انتهت إلى السكر الطافح وذكر مثله في الأيمان

(١/٢١٨)

تنبيه من المشكل قول المنهاج في عدة مواضع منها في الطلاق يشترط لنفوذه التكليف إلا السكران وقال في الدقائق وغيرها إن قوله إلا السكران زيادة على المحرر لا بد منها فإنه غير مكلف مع أنه يقع طلاقه قال الأسنوي وهذا كلام غير مستقيم فإن الصواب أنه مكلف وحكمه كحكم الصاحي فيما له وعليه غير أن الأصوليين قالوا إنه غير مكلف وأبطلوا تصرفاته مطلقا فخلط النووي طريقة الفقهاء بطريقة الأصوليين فإنه نفى عنه التكليف ومع ذلك حكم بصحة تصرفاته وهما طريقتان لا يمكن الجمع بينهما وقال في الخادم ما ذكره الأسنوي مردود بل الأصوليون قالوا إنه غير مكلف مع قولهم بنفوذ تصرفاته صرح بذلك الإمام والغزالي وغيرهما وأجابوا عن نفوذ تصرفاته بأنها من قبيل ربط الأحكام بالأسباب الذي هو خطاب الوضع وليس من باب التكليف وعن ابن سريج أنه أجاب بجواب آخر وهو أنه لما كان سكره لا يعلم إلا من جهته وهو متهم في دعوى السكر لفسقه ألزمناه حكم أقواله وأفعاله وطردنا ما لزمه في حال الصحة القول في أحكام الصبي قال في كفاية المتحفظ الولد ما دام في بطن أمه فهو جنين فإذا ولدته سمي صبيا فإذا فطم سمي غلاما إلى سبع سنين ثم يصير يافعا إلى عشر ثم يصير حزورا إلى خمسة عشر انتهى والفقهاء يطلقون الصبي على من لم يبلغ وهو في الأحكام على أربعة أقسام

الأول ما لا يلحق فيه بالبالغ بلا خلاف وذلك في التكاليف الشرعية من الواجبات والمحرمات والحدود والتصرفات من العقود والفسوخ والولايات

ومنها تحمل العقل الثاني ما يلحق فيه بالبالغ بلا خلاف عندنا وفي ذلك فروع منها وجوب الزكاة في ماله والإنفاق على قريبه منه وبطلان عبادته بتعمد المبطل لا خلاف في ذلك في الطهارة والصلاة والصوم وصحة العبادات منه وترتب الثواب عليها وإمامته في غير الجمعة ووجوب تبييت النية في صوم رمضان

(١/٢١٩)

قال في الروضة في باب الغصب الرجل والمرأة والعبد والفاسق والصبي المميز يشتركون في جواز الإقدام على إزالة المنكرات ويثاب الصبي عيه كما يثاب البالغ وليس لأحد منعه من كسر الملاهي وإراقة الخمر وغيرهما من المنكرات كما ليس له منع البالغ فإن الصبي وإن لم يكن مكلفا فهو من أهل القرب وليس هذا من الولايات وقال السبكي خطاب الندب ثابت في حق الصبي فإنه مأمور بالصلاة من جهة الشارع أمر ندب مثاب عليها وكذلك يوجد في حقه خطاب الإباحة والكراهة حيث يوجد خطاب الندب وهو ما إذا كان مميزا انتهى الثالث ما فيه خلاف والأصح أنه كالبالغ وفيه فروع الأول إذا أحدث الصبي أو أجنب وتطهر فطهارته كاملة فلو بلغ صلى بها ولم يجب إعادتها وفي وجه حكاه المتولي عن المزني أنها ناقصة فتلزمه الإعادة إذا بلغ ولو تيمم ثم بلغ لم يبطل تيممه في الأصح ويصلى به الفرض في الأصح وفي وجه يبطل وفي آخر يصلى به النفل دون الفرض الثاني في صحة أذانه وجهان الصحيح وبه قطع الجمهور صحته لكن يكره الثالث القيام في صلاة الفرض هل يجب في صلاة الصبي أو يجوز له القعود وجهان في الكفاية بلا ترجيح قال الأذرعي والأصح عند صاحب البحر المنع قال الأسنوي ويجريان في الصلاة المعادة قال وكلام الأكثرين مشعر بالمنع قلت ولا ينبغي أن يجريا فيما إذا خطب الصبي للجمعة بل يقطع بمنع القعود الرابع في صحة إمامته في الجمعة قولان أصحهما الصحة بشرط أن يتم العدد بغيره الخامس في سقوط فرض صلاة الجنازة به وجهان أصحهما السقوط لأنه تصح إمامته فأشبه البالغ وفي نظيره من رد السلام وجهان أصحهما عدم السقوط والفرق أن المقصود هناك الدعاء وهو حاصل وهنا الأمان وفي سقوط فرض صلاة الجماعة بالصبيان احتمالان للمحب الطبري السادس في جواز توكيله في دفع الزكاة وجهان الأصح الجواز

(١/٢٢٠)

السابع يجوز اعتماد قوله في الإذن ودخول دار وإيصال هدية في الأصح ومحل الوجهين ما إذا لم تكن قرينة وإلا فيعتمد قطعا الثامن يحصل بوطئه التحليل على المشهور إذا كان ممن يتأتى منه الجماع أما الصغيرة المطلقة ثلاثا إذا وطئت ففيها طريقان أصحهما الحل قطعا والثاني في التي لا تشتهى الوجهان في الصبي التاسع التقاطه صحيح على المذهب كاحتطابه واصطياده العاشر في وجوب الرد عليه إذا سلم وجهان أصحهما الوجوب الحادي عشر في حل ما دبحه قولان أصحهما الحل فإن كان مميزا حل قطعا الثاني عشر في صحة إسلام الصبي المميز استقلالا وجهان المرجح منهما البطلان والمختار عند البلقيني الصحة وهو الذي أعتقده ثم رأيت السبكي مال إليه فقال في كتابه إبراز الحكم استدل من قال ببطلانه بالحديث بمثل ما احتج به لبطلان بيعه ووجه الدلالة في البيع أنه لو صح لاستلزام المؤاخذة بالتسليم والمطالبة بالعهدة والحديث دل على عدم المؤاخذة ولو صح أيضا لكلف أحكام البيع وهو لا يكلف شيئا وكذا في الإسلام لو صح لكلف أحكامه واللازم منتف بالحديث قال وهذا استدلال ضعيف لأنه يكفي في ترتيب أحكامه ظهور أثرها بعد البلوغ والقائل بصحة إسلامه يقول أنه إذا بلغ ووصف الكفر صار مرتدا وهذا لا ينفيه الحديث إنما ينفي المؤاخذة حين الصبى والإسلام كالعبادات فكما يصح منه الصوم والصلاة والحج وغيرها يصح منه الإسلام انتهى قلت ومما يدل لصحته من الحديث ما رواه أبو داود في سننه عن مسلم التميمي قال بعثنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في سرية فلما هجمنا على القوم تقدمت أصحابي على فرس فاستقبلنا النساء والصبيان يضجون فقلت لهم تريدون أن تحرزوا أنفسكم قالوا نعم قلت قولوا نشهد أن لا إله إلا اللّه وأن محمدا عبده ورسوله فقالوها فجاء أصحابي فلاموني وقالوا أشرفنا على الغنيمة فمنعتنا ثم انصرفنا إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال أتدرون ما صنع لقد كتب اللّه له بكل إنسان كذا وكذا ثم أدناني منه الثالث عشر في كونه كالبالغ في تحريم النظر حتى يجب على المرأة الاحتجاب منه وجهان أصحهما نعم الرابع عشر في استحقاق سلب القتيل الذي يقتله وجهان أصحهما نعم الخامس عشر في جواز القصر والجمع له رأيان

(١/٢٢١)

قال صاحب البيان لا يجوز لأنهما إنما يكونان في الفرائض والأصح الجواز قال العبادي فلو جمع تقديما ثم بلغ لم تلزمه الإعادة السادس عشر في كون عمده في الجنايات عمدا قولان الأظهر نعم وينبني على ذلك فروع منها وجوب القصاص على شريكه بجرح أو إكراه

ومنها تغليظ الدية عليه

ومنها فساد الحج بجماعه ووجوب الكفارة والقضاء

ومنها وجوب الفدية إذا ارتكب باقي المحظورات

ومنها إذا وطئ أجنبية فهو زنا إلا أنه لا حد فيه لعدم التكليف وعلى القول الآخر هو كالواطئ بشبهة فيترتب عليه تحريم المصاهرة الرابع ما فيه خلاف والأصح أنه ليس كالبالغ وفيه فروع

الأول سقوط السلام برده كما مر الثاني وجوب نية الفرضية في الصلاة الأصح لا يشترط في حقه كما صوبه في شرح المهذب الثالث قبول روايته فيه وجهان والأصح المنع الرابع والخامس في وصيته وتدبيره قولان والأظهر بطلانهما السادس في منعه من مس المصحف وهو محدث وجهان والأصح لا قال الأسنوي ولم أر تصريحا بتمكينه في حال الجنابة والقياس المنع لأنها نادرة وحكمها أغلظ قلت صرح النووي بالمسألة في فتاويه وسوى فيه بين الجنابة والحدث قال في الخادم وفيه نظر لأنها لا تتكرر فلا يشق قال وعلى قياسه يجوز المكث في المسجد وهو بعيد إذ لا ضرورة السابع في منعه من لبس الحرير وجهان أصحهما لا يمنع الثامن إذا بطل أمان رجال لا يبطل أمان الصبيان في الأصح التاسع هل يجوز أن يلتقط المميز وجهان الصحيح نعم كغيره العاشر إذا انفرد الصبيان بغزوة وغنموا خمست وفي الباقي أوجه أصحها تقسم بينهم كما يقسم الرضخ على ما يقتضيه الرأي من تسوية وتفضيل الثاني يقسم كالغنيمة للفارس ثلاثة أسهم وللراجل سهم والثالث يرضخ لهم منه ويجعل الباقي لبيت المال الحادي عشر في صحة الأمان منه وجهان أصحهما لا يصح

(١/٢٢٢)

ضابط حاصل المواضع التي يقبل فيها خبر المميز الإذن في دخول الدار وإيصال الهدية وإخباره بطلب صاحب الدعوة واختياره أحد أبويه في الحضانة ودعواه استعجال الإنبات بالدواء وشراؤه المحقرات نقل ابن الجوزي الإجماع عليه ما يحصل به البلوغ هو أشياء الأول الإنزال وسواء فيه الذكر والأنثى وفي وجه لا يكون بلوغا في النساء لأنه نادر فيهن ووقت إمكانه استكمال تسع سنين وفي وجه مضى نصف العاشرة وفي آخر استمكالها قال الأسنوي وهذان الوجهان في الصبي أما الصبية فقيل أول التاسعة وقيل نصفها صرح به في التتمة وتعليل الرافعي يرشد إليه ونظيره الحيض والأصح فيه الأول وفيه وجه مضى نصف التاسعة وفي آخر الشروع فيها واللبن وجزم فيه بالأول الثاني السن وهو استكمال خمسة عشر سنة وفي وجه بالطعن في الخامسة عشرة وفي آخر حكاه السبكي مضى ستة أشهر منها قال السبكي والحكمة في تعليق التكليف بخمس عشرة سنة أن عندها بلوغ النكاح وهيجان الشهوة والتوقان وتتسع معها الشهوات في الأكل والتبسط ودواعي ذلك ويدعوه إلى ارتكاب ما لا ينبغي ولا يحجره عن ذلك ويرد النفس عن جماحها إلا رابطة التقوى وتسديد المواثيق عليه والوعيد وكان مع ذلك قد كمل عقله واشتد أسره وقوته فاقتضت الحكمة الإلهية توجه التكليف إليه لقوة الدواعي الشهوانية والصوارف العقلية واحتمال القوة للعقوبات على المخالفة وقد جعل الحكماء للإنسان أطوارا كل طور سبع سنين وأنه إذا تكمل الأسبوع الثاني تقوى مادة الدماغ لاتساع المجاري وقوة الهضم فيعتدل الدماغ وتقوى الفكرة والذكر وتتفرق الأرنبة وتتسع الحنجرة فيغلظ الصوت لنقصان الرطوبة وقوة الحرارة وينبت الشعر لتوليد الأبخرة ويحصل الإنزال بسبب الحرارة وتمام الأسبوع الثاني هو في أواخر الخمسة عشرة لأن الحكماء يحسبون بالشمسية

(١/٢٢٣)

والمشرعون يعتبرون الهلالية وتمام الخامسة عشر ) متاخر عن ذلك شهرا فإما أن تكون الشريعة حكمت بتمامها لكونه أمرا مضبوطا أو لأن هناك دقائق اطلع الشرع عليها ولم يصل الحكماء إليها اقتضت تمام السنة قال وقد استملت الروايات الثلاث في حديث رفع القلم وهو قوله حتى يكبر و حتى يعقل و حتى يحتلم على المعاني الثلاثة التي ذكرنا أنها تحصل عند خمس عشرة سنة فالكبر إشارة إلى قوته وشدته واحتماله التكاليف الشاقة والعقوبات على تركها والعقل المراد به الفكرة فإنه وإن ميز قبل ذلك لم يكن فكره تاما وتمامه عند هذا السن وبذلك يتأهل للمخاطبة وفهم كلام الشارع والوقوف مع الأوامر والنواهي والاحتلام إشارة إلى انفتاح باب الشهوة العظيمة التي توقع في الموبقات وتجذبه إلى الهوى في الدركات وجاء التكليف كالحكمة في رأس البهيمة يمنعها من السقوط انتهى كلام السبكي ثم قال وأنا أقول إن البلوغ في الحقيقة المقتضي للتكليف هو بلوغ وقت النكاح للآية والمراد ببلوغ وقته بالاشتداد والقوة والتوقان وأشباه ذلك فهذا في الحقيقة هو البلوغ المشار إليه في الآية الكريمة وضبطه الشارع بأنواع أظهرها الإنزال وإذا أنزل تحققنا حصول تلك الحالة إما قبيل الإنزال وإما مقارنه الثالث إنبات العانة وهو يقتضي الحكم بالبلوغ في الكفار وفي وجه والمسلمين أيضا ومبنى الخلاف على أنه بلوغ حقيقة أو دليل عليه وفيه قولان أظهرهما الثاني فلو قامت بينة على أنه لم يكمل خمس عشرة سنة لم يحكم ببلوغه الرابع نبات الإبط واللحية والشارب فيه طريقان أحدهما أنه لا أثر لها قطعا والثاني أنها كالعانة وألحق صاحب التهذيب الإبط بها دون اللحية والشارب الخامس انفراق الأرنبة وغلظ الصوت ونهود الثدي ولا أثر لها على المذهب وتختص المرأة بالحيض والحبل

(١/٢٢٤)

فرع إذا بلغ في أثناء العبادة فإن كانت صلاة أو صوما وجب إتمامها وأجزأت على الصحيح والثاني يستحب الإتمام وتجب الإعادة لأنه شرع فيها ناقصا أو حجا أو عمرة فإن كان قبل الوقوف في الحج والطواف في العمرة أجزأته عن فرض الإسلام وإلا فلا وفي الحال الأول تجب إعادة السعي إن كان قدمه فلو بلغ بعد فعلها أجزأته الصلاة دون الحج والعمرة والفرق أنه مأمور بالصلاة مضروب عليها بخلاف الحج وأن الحج لما كان وجوبه مرة واحدة في العمر اشترط وقوعه في حال الكمال بخلاف الصلاة وعتق العبد وإفاقة المجنون كبلوغ الصبي فائدة ذكر السبكي في الحديث السابق سؤالين أحدهما أن قوله حتى يبلغ و حتى يستيقظ و حتى يفيق غايات مستقبلة والفعل المغيى بها هو رفع ماض والماضي لا يجوز أن تكون غايته مستقبلة لأن مقتضى كون الفعل ماضيا كون أجزاء المغيى جميعها ماضية والغاية طرف المغيى ويستحيل أن يكون المستقبل طرفا للماضي لأن الآن فاصل بينهما والغاية إما داخلة في المغيى فتكون ماضية أيضا وإما خارجة مجاورة فيصح أن يكون الآن غاية للماضي وإما أن تكون منفصلة حتى يكون المستقبل المنفصل عن الماضي غاية له فيستحيل الثاني أن الرفع قد يقال إنه يقتضي سبق وضع ولم يكن القلم موضوعا على الصبي وأجاب عن الأول بالتزام حذف أو مجاز حتى يصح الكلام فيقدر رفع القلم فلا يزال مرتفعا حتى يبلغ أو فهو مرتفع وعن الثاني بأن الرفع لا يستدعي تقديم وضع وبأن البيهقي قال إن الأحكام إما نيطت بخمس عشرة سنة من عام الخندق وقبل ذلك كانت تتعلق بالتمييز فإن ثبت هذا احتمل أن يكون المراد بهذا الحديث انقطاع ذلك الحكم وبيان أنه ارتفع التكليف عن الصبي وإن ميز حتى يبلغ فيصح فيه أنه رفع بعد الوضع وهو الصحيح في النائم بلا إشكال باعتبار وضعه عليه قبل نومه وفي المجنون قبل جنونه إذا سبق له حال تكليف

(١/٢٢٥)

القول في أحكام العبد قال أبو حامد في الرونق يفارق العبد الحر في خمسين مسئلة لا جهاد عليه ولا تجب عليه الجمعة ولا تنعقد به ولا حج عليه ولا عمرة إلا بالنذر وعورة الأمة كعورة الرجل ويجوز النظر إلى وجهها لغير محرم ولا يكون شاهدا ولا ترجمانا ولا قائفا ولا قاسما ولا خارصا ولا مقوما ولا كاتبا للحاكم ولا أمينا للحاكم ولا قاضيا ولا يقلد أمرا عاما ولا يملك ولا يطأ بالتسري ولا تجب عليه الزكاة إلا زكاة الفطر ولا يعطى في الحج في الكفارات مالا ولا يأخذ من الزكاة والكفارة شيئا إلا سهم المكاتبين ولا يصوم غير الفرض إلا بإذن سيده ولا يلزم سيده إقراره بالمال ولا يكون وليا في النكاح ولا في قصاص ولا حد ولا يرث ولا يورث وحده النصف من حد الحر ولا يرجم في الزنا وتجب في إتلافه قيمته وما نقص منه بقيمته ولا يتحمل الدية ولا يتحمل عنه ولا تتحمل العاقلة قيمته ولا يتزوج بامرأتين سواء كانتا حرتين أم أمتين وطلاقه اثنتان وعدة الأمة قرءان ولا لعان بينها وبين سيدها في أحد القولين ولا ينفى في الزنا في أحد القولين ولا يقتل به الحر ولا من فيه بعض الحرية ولا يؤدى به فروض الكفارة ولا يتزوج بنفسه ويكره على التزويج وقسم الأمة على النصف من قسم الحرة ولا يحد قاذفه ولا يسهم له من الغنيمة ويأخذ اللقطة على حكم سيده ولا يكون وصيا ولا تصح كفالته إلا بإذن سيده ويجعل صداقا ويجعل نذرا ويكون رهنا انتهى قلت لقد جمع أبو حامد فأحسن وبقي عليه أشياء أذكرها بعد أن أتكلم على ما ذكره فقوله ولا حج ولا عمرة إلا بالنذر فيه أمران أحدهما أنه يلزمه الحج والعمرة بغير طريق النذر وهو الإفساد إذ أحرم ثم جامع فإنه يلزمه القضاء على المذهب وبه قطع جماهير الأصحاب لأنه مكلف وهل يجزيه في حال رقه قولان أصحهما نعم والأمر الثاني إذا لزمه ذلك بالنذر فهل يصح منه في حال رقه قال الروياني فيه وجهان كما في قضاء الحجة التي أفسدها كذا في شرح المهذب عنه وصرح في زوائد الروضة بتصحيح الإجزاء وقوله وعورة الأمة كعورة الرجل هو الأصح وفي وجه أنها كالحرة إلا الرأس وفي آخر إلا الرأس والساق وفي ثالث إلا ما يبدو في حال الخدمة وهما المذكوران والرقبة والساعد

(١/٢٢٦)

وقوله ويجوز النظر إلى وجهها هو وجه صححه الرافعي وصحح النووي أنها في ذلك كالحرة وقوله ولا يكون شاهدا استثني منه صورتان على رأي ضعيف الأولى هلال رمضان إذا اكتفينا فيه بواحد في جواز كونه عبدا وجهان أصحهما المنع والثانية إسماع القاضي الأصم إذا لم يشترط فيه العدد في جواز كون المسمع عبدا وجهان كالهلال أصحهما المنع وقوله ولا قائفا هو الأصح وفيه وجه وقوله ولا كاتبا لحاكم هو الصحيح وقال القفال في شرح التلخيص يجوز كونه كاتبا لأن الكتابة لا يتعلق بها حكم لأن القاضي لا يمضي ما كتبه حتى يقف عليه والمعتمد إنما هو شهادة الشهود الذين يشهدون بما تضمنه المكتوب وقوله ولا يملك هو الأظهر وفي قول قديم أنه يملك بتمليك السيد ملكا ضعيفا للسيد الرجوع فيه متى شاء وفي احتياجه إلى القبول وجهان بناء على إجباره في النكاح قال الرافعي ولا يجري الخلاف في تمليك الأجنبي وفي المطلب أن جماعة أجروه فيه منهم القاضي حسين والماوردي وقوله ولا تجب عليه الزكاة إلا زكاة الفطر إن أراد الوجوب بسببه فيجب فيه زكاة التجارة أيضا وإن أراد أن الوجوب يلاقيه وهو مبني على الخلاف في زكاة الفطر هل الوجوب يلاقي المؤدى عنه ثم يتحملها المؤدي أو لا فيه قولان أصحهما الأول قال وتظهر فائدتهما فيما إذا لم يخرج السيد عنه ثم عتق هل يخرج ما مضى قوله ولا يورث قد يستثنى منه مسألة وهو ما لو وجب له تعزير بقذف ومات فإن الأصح أن حقه ينتقل إلى سيده لأنها عقوبة وجبت بالقذف فلم تسقط بالموت كالحد قال الأصحاب وليس ذلك على سبيل الإرث ولكنه أخص الناس به فما ثبت له في حياته يكون لسيده بعد موته بحق المال وفي وجه يستوفيه أقاربه لأن العار يعود عليهم وفي ثالث يستوفيه السلطان كحر لا وارث له وفي رابع يسقط فعلى هذا يفارق الحر قوله ولا تتحمل العاقلة قيمته هو قول والأظهر خلافه وعلى الأول لا يجري فيه القسامة وتجري على الثاني وعجبت لأبي حامد كيف جزم بذلك القول ولم يذكر مسئلة القسامة قوله وطلاقه اثنتان

(١/٢٢٧)

قوله وعدة الأمة قرءان بقي عليه ذات الأشهر ولها شهر ونصف في الأظهر والثاني شهران والثالث ثلاثة كالحرة والمتوفى عنها ولها شهران وخمسة أيام قوله ولا لعان بينها وبين سيدها في أحد القولين وهو الأظهر قوله ولا ينفى في الزنا في أحد القولين والأظهر أنه ينفى نصف سنة وفي قول سنة كالحر قوله ويكره على التزويج هو في الأمة كذلك وفي العبد قول والأظهر أنه لا يجبر سواء كان كبيرا أو صغيرا قال ابن الرفعة القياس أن إحرام السيد عن عبده كتزويجه قوله ولا يسهم له من الغنيمة هذا إن كان في المقاتلة حر فإن كانوا كلهم عبيدا فأوجه أصحها يقسم بينهم أربعة أخماس ما غنموه كما يقسم الرضخ على ما يقتضيه الرأي من تسوية وتفضيل والثاني يقسم كالغنيمة والثالث يرضخ لهم منه ويجعل الباقي لبيت المال قوله ويأخذ اللقطة الأظهر أنه لا يصح التقاطه ولا يعتد بتعريفه قوله ولا تصح كفالته إلا بإذن سيده كذلك ضمانه هذا ما يتعلق بما ذكره وبقي عليه أنه لا يؤذن لجماعة ولا يحضرها إلا بإذن سيده ذكر الأول في شرح المهذب والثاني القاضي حسين والحر أولى منه في الأذان كما في شرح المهذب والإمامة والجنازة ونذره للحج صحيح بلا إذن كما في الروضة وأصلها وللصلاة والصوم قال في الجواهر ينبغي صحتها وللقرب المالية في الذمة قال في الكفاية كضمانه فيتوقف على الإذن ولا يصح منه بيع ولا غيره من العقود إلا بإذن السيد ولا يكون وكيلا في إيجاب النكاح ولا عاملا في الزكاة إلا إذا عين له الإمام قوما يأخذ منهم قدرا معينا وهل يعطى حينئذ من سهم العاملين وفي استحقاقه سلب القتيل الذي يقتله وجهان أصحهما نعم وفي قبول الوصية والهبة وتملك المباحات بلا إذن وجهان ولا جزية عليه ولا فطرة عن امرأته بل تجب على سيدها إن كانت أمة ونفقته نفقة المعسرين ولا تنكح الأمة إلا بشروط ولا على الحرة ولا تخدم وإن كانت جميلة في الأصح لنقص الرق فإذا نكحها العبد على الحرة ففي استحقاقها السبع والثلاث وجهان أصحهما نعم

(١/٢٢٨)

كالحرة لأنه شرع لارتفاع الحشمة وحصول المباسطة وهو يتعلق بالطبع فلا يختلف بالرق والحرية وفي وجه تستحق الشطر كالقسم ففي وجه يكمل المنكسر كالأقراء والطلاق والأشبه لا لأن التنصيف فيه ممكن ولا تصير الأمة فراشا بمجرد الملك حتى توطأ وتصير الحرة فراشا بمجرد العقد وإذا زوجها السيد استخدمها نهارا وسلمها للزوج ليلا ولا نفقة على الزوج حينئذ في الأصح ويسافر بها السيد بدون إذنه ويضمن العبد باليد ويقطع سارقه ويضمن منافعه بالفوات بخلاف الحر في الثلاث ويصح وقفه ولا يصح وقف الحر نفسه ولا تصح وصيته وقيل إن عتق ثم مات صحت ولا يصح الوقف عليه لنفسه ولا الإيصاء له ولا توطأ الأمة بمجرد الملك حتى تستبرأ وتوطأ الحرة بمجرد العقد ويحصل استبراؤها بوضع حمل زنا ولا يتصور انقضاء عدة الحرة بحمل زنا وتجب نفقة العبد والأمة وفطرتهما وإن عصيا وأبقا بخلاف الزوجة لأنها في الرقيق للملك وهو باق مع الإباق والعصيان وفي الزوجة للاستمتاع وهو منتف مع النشوز ونفقة الزوجة مقدرة ولا تسقط بمضي الزمان ونفقة الرقيق للكفاية وتسقط بمضيه ويفضل بعض الإماء على بعض في النفقة والكسوة بخلاف الزوجات ولا حصر لعدد التسري ولا يجب لهن قسم ويجوز جمعهن في مسكن بغير رضاهن ولا يجري فيهن ظهار ولا إيلاء ولا تطالب سيدها العنين بوطء ولا تمنع منه إن كان به عيب ولا تجب نفقة الرقيق على قريبه ولا حضانة له ولا يحضنه أقاربه بل سيده ولا عقيقة له كما ذكره البلقيني تخريجا ولو كان أبوه غنيا لأنه لا نفقة له عليه وإنما يخاطب بالعقيقة من عليه النفقة ولا يسن للسيد أن يعق عن رقيقه وفي ذلك قلت ملغزا

أيها السالك في الفق

ه على خير طريقه

هل لنا نجل غني

ليس فيه من عقيقه

ولا يسقط ضمان قتله أو قطعه بإذنه في ذلك وفي سقوط القصاص بإذنه لمثله وجهان في الروضة بلا ترجيح قال البلقيني أصحهما السقوط وفي اللباب الجناية على العبد مثلها على الحر إلا في سبعة أشياء لا يقتل به الحر ولا من فيه حرية وتجب فيه القيمة بالغة ما بلغت ويعتبر نقصان أطرافه من ضمان نفسه ولا يختلف الذكر والأنثى وتجب في جنايته نقد البلد ولا تجري فيه القسامة قلت الأصح تجري فيه كما مر

(١/٢٢٩)

تنبيه الجناية على العبد تارة تكون من غير إثبات يد وتارة بإثبات اليد فقط وتارة بهما فالأول تجب فيه القيمة في نفسه وفي أطرافه من القيمة ما في أطراف الحر من الدية وفي غير المقدرة ما نقص منها والثاني فيه أرش النقص فقط والثالث فيه أكثر الأمرين منهما حكم إقراره يقبل فيما أوجب حدا أو قصاصا لانتفاء التهمة فلو أقر بالقصاص فعفا على مال فالأصح تعلقه برقبته وإن كذبه السيد لأنه إنما أقر بالعقوبة واحتمال المواطأة فيها بعيد وإن أقر بسرقة قطع ولا يقبل في المال إذا كان تالفا في الأظهر بل يتعلق بذمته كما لو أقر به ابتداء وإن كان باقيا وهو في يد السيد لم ينزع منه إلا ببينة أو في يد العبد فقيل يقبل قطعا وقيل لا قطعا وقيل قولان والأظهر لا يقبل مطلقا وإن أقر بدين جناية أو غصب أو سرقة لا يوجب القطع أو إتلاف وصدقه السيد تعلق برقبته وإلا فبذمته أو معاملة ولم يكن مأذونا له لم تتعلق برقبته بل بذمته أو مأذونا قبل وأدى من كسبه الأموال المتعلقة بالعبد هي أقسام الأول ما يتعلق برقبته فيباع فيه وذلك أرش الجناية وبدل المتلفات سواء كان بإذن السيد أم لا لوجوبه بغير رضى المستحق ويستثنى ما إذا كان العبد صغيرا لا يميز أو مجنونا أو أعجميا يرى وجوب طاعة الأمر في كل شيء فلا يتعلق برقبته ضمان على الأصح لأنه كالآلة فأشبه البهيمة والثاني نعم لأنه بدل متلف الثاني ما يتعلق بذمته فيتبع به إذا عتق وهو ما وجب برضى المستحق دون السيد كبدل المبيع والقرض إذا أتلفهما وكذا لو نكح وزاد على ما قدره له السيد فالزائد في ذمته أو امتثل وليس مكتسبا ولا مأذونا له وفي قول هو في هذه الحالة على السيد وفي آخر في رقبته ولو نكح بغير إذن سيده ووطئ فهل يتعلق مهر المثل بذمته لكونه وجب برضى مستحقه أو برقبته لأنه إتلاف قولان أظهرهما الأول

(١/٢٣٠)

فإن كان بغير رضاه كأن نكح أمة بغير إذن سيدها ووطئها فطريقان أحدهما طرد القولين والثاني القطع بتعلقه بالرقبة وبه قال ابن الحداد كما لو أكره أمة أو حرة على الزنا ولو أذن سيده في النكاح فنكح فاسدا ووطئ فهل يتعلق بذمته أو رقبته أو سنه أقوال أظهرها الأول ولو أفطرت في رمضان لحمل أو رضاع خوفا على الولد فالفدية في ذمتها قاله القفال الثالث ما يتعلق بكسبه وهو ما ثبت برضاهما وذلك المهر والنفقة إذا أذن له السيد في النكاح وهو كسوب أو مأذون له في التجارة وكذا إذا نكح صحيحا وفسد المهر أو أذن له في نكاح فاسد ووجب مهر المثل كما ذكره الرافعي قياسا أو ضمن بإذن السيد أو لزمه دين تجارة وحيث قلنا يتعلق بالكسب فسواء المعتاد والنادر على الصحيح ويختص بالحادث بعد الإذن دون ما قبله وحيث كان مأذونا تعلق بالربح الحاصل بعد الإذن وقبله وبرأس المال في الأصح وحيث لم يوف في الصور تعلق الفاضل بذمته ولا يتعلق بكسبه بعد الحجر في الأصح وفي وجه أن المال في الضمان متعلق بذمته وفي آخر برقبته الرابع ما يتعلق بالسيد وذلك جناية المستولدة والعبد الأعجمي وغير المميز كما مر والمهر والنفقة إذا أذن في النكاح على القديم تنبيه من المشكل قول المنهاج فإن باع مأذون له وقبض الثمن فتلف في يده فخرجت السلعة مستحقة رجع المشتري ببدلها على العبد وله مطالبة السيد أيضا وقيل لا وقيل إن كان في يد العبد وفاء فلا ولو اشترى سلعة ففي مطالبة السيد بثمنها هذا الخلاف ثم قال ولا يتعلق دين التجارة برقبته ولا ذمة سيده بل يؤدى من مال التجارة وكذا من كسبه فما ذكره من أن دين التجارة لا يتعلق بذمة السيد مخالف لقوله قبل إن السيد يطالب ببدل الثمن التالف في يد العبد وبثمن السلعة التي اشتراها أيضا وقد وقع الموضعان كذلك في المحرر والروضة وأصلها قال في المطلب ولا يجمع بينهما بحمل الأول على مجرد المطالبة والثاني على بيان محل الدفع فإن الوجه الثالث المفصل يأبى ذلك قال السبكي والأسنوي وسبب وقوع هذا التناقض أن المذكور أولا هو طريقة

(١/٢٣١)

الإمام وأشار في المطلب إلى تضعيفها وثانيا هو طريقة الأكثرين فجمع الرافعي بينهما فلزم منه ما لزم وحمل البقليني قولهم إن دين التجارة لا يتعلق بذمة السيد على أن المراد بسائر أمواله القول في أحكام المبعض هي أقسام الأول ما ألحق فيه بالأحرار بلا خلاف وفي ذلك فروع منها صحة البيع والشراء والسلم والإجارة والرهن والهبة والوقف وكل تبرع إلا العتق والإقرار بأن لا يضر المالك ويقبل فيما يضره في حقه دون سيده ويقضي مما في يده

ومنها ثبوت خيار المجلس والشرط والشفعة

ومنها صحة خلعها وفسخ النكاح بالإعسار وأن السيد لا يطؤها ولا يجبرها على النكاح ولا يقيم عليها الحد الثاني ما ألحق فيه بالأرقاء بلا خلاف وفيه فروع منها أنه لا تنعقد به الجمعة ولا تجب عليه في غير نوبته ولا يجب عليه الحج ولا يسقط حجه حجة الإسلام ولا ضمان إن لم يكن مهايأة أو ضمن في نوبة السيد ولا يقطع بسرقة مال سيده ويقطع سارقه ولا ينكح بلا إذن وينكح الأمة ولو كان موسرا نقل الإمام الاتفاق عليه كما ذكره في المهمات ولا ينكح الحر مبعضة ولا من يملك بعضها أو تملك بعضه ولا يثبت لها الخيار تحت عبد ويثبت بعتق كلها تحت مبعض ولا يقتل به الحر ولو كافرا ولا يكون واليا ولا وليا ولا شاهدا ولا خارصا ولا قاسما ولا مترجما ولا وصيا ولا قائفا ولا يحمل العقل ولا يكون محصنا في الزنا ولا في القذف ولا يجزئ في الكفارة ولا يرث ولا يحكم لمبعضه ولا يشهد له ولا يجب عليه الجهاد وطلاقه طلقتان وعدتها قرءان

(١/٢٣٢)

الثالث ما فيه خلاف والأصح أنه كالأحرار وفيه فروع منها وجوب الزكاة فيما ملكه ويورث ويكفر بالطعام والكسوة ويصح التقاطه ويدخل في ملكه إن كان في نوبته وكذا زكاة الفطر ولو اشترى زوجته بالمال المشترك بإذن سيده ملك جزءها وانفسخ النكاح وكذا بغير إذنه في الأظهر أو بخالص ماله فكذلك أو مال السيد فلا ولو أوصى لنصفه الحر خاصة أو الرقيق خاصة ففي الصحة وجهان أصحهما في زوائد الروضة يصح ويكون له خاصة في الأولى ولسيده خاصة في الثانية والثاني لا كما لا يرث ولو أوصى له وبعضه ملك وارث الموصي فإن كان مهايأة ومات في نوبته صحت أو نوبة السيد فوصية لوارث وكذا إن لم يكن مهايأة قال الإمام يحتمل أن تبعض الوصية الرابع ما فيه خلاف والأصح أنه كالأرقاء وفيه فروع منها أنه لا تجب عليه الجمعة في نوبته ولا يقتل به مبعض سواء كان أزيد حرية منه أم لا ونفقته نفقة المعسرين ويحد في الزنا والقذف حد العبد ويمنع من التسري ولا تجب عليه نفقة القريب ولا الجزية وعورتها في الصلاة كالأمة واشتراط النجوم إذا كوتب الخامس ما وزع فيه الحكم وفيه فروع منها زكاة الفطر حيث لا مهايأة على كل منه ومن سيده نصف صاع والكسب النادر كذلك وتجب على قريبه من نفقته بقدر حريته وتحمل عاقلته نصف الدية في قتله الخطأ وفي قتله والجناية عليه وغرته من الدية بقدر الحرية وبقدر الرق من القيمة ويزوج المبعضة السيد مع قريبها فإن لم يكن فمع معتقها فإن لم يكن فمع الحاكم وقيل لا يزوج ويعتكف في نوبته دون نوبة السيد

(١/٢٣٣)

من غرائب هذا القسم ما ذكره الروياني لو ملك المبعض مالا بحريته فاقترضه منه السيد ورهن عنده نصيبه الرقيق صح قال العلائي وهذه من مسائل المعاناة لأنه يقال فيها مبعض لا يملك مالك النصف عتق نصيبه إلا بإذن المبعض لأن هذا النصف إذا كان مرهوننا عنده لم يتمكن السيد من عتقه إذا كان معسرا إلا بإذنه انتهى وبقي فروع لا ترجيح فيها منها ما لا نقل فيه

ومنها لو قدر على مبعضه هل ينكح الأمة فيه تردد للإمام لأن إرقاق بعض الولد أهون من إرقاق كله كذا في أصل الروضة بلا ترجيح

ومنها إذا التقط لقيطا في نوبته هل يستحق كفالته وجهان نقلهما الرافعي عن صاحب المعتمد

ومنها لو سرق سيده ما ملك بحريته قال القفال لا يقطع وقال أبو علي يقطع

ومنها لو قبل الوصية بلا إذن فهل يصح في حصته وجهان

ومنها القسم للمبعضة هل تعطى حكم الحرائر أو الإماء أو يوزع قال العلائي لا نقل فيه قلت بل صرح الماوردي بأنها كالأمة وجزم به الأذرعي في القوت ثم ذكر التوزيع بحثا

ومنها هل له نكاح أربع كالحر أو لا كالعبد أو يوزع قال العلائي الظاهر الثاني لأن النصف الرقيق منه غير منفصل فيؤدي إلى أن ينكح به أكثر من اثنتين قلت ويؤيده مسئلتا الطلاق والعدة ثم رأيت الحكم المذكور مصرحا به منقولا عن الماوردي وصاحب الكافي والرونق واللباب وبحث الزركشي فيه التوزيع تخريجا من وجه في الحد ونظيره ما لو سقى الزرع بمطر أو ماء اشتراه سواء فإن فيه ثلاثة أرباع العشر

ومنها هل يصح الوقف عليه أو لا كالعبد قال العلائي لا نقل فيه قلت بل هو منقول صرح بصحته ابن خيران في اللطيف

(١/٢٣٤)

قال الزركشي فلو أراد سيده أن يقف عليه نصف الرقيق فالظاهر الصحة كالوصية

ومنها لو اجتمع رقيق ومبعض قال العلائي الظاهر أن المبعض أولى بالإمامة

ومنها يغسل الرجل أمته بخلاف المبعضة فيما يظهر لأنها أجنبية قاله العلائي قال وهي أولى من المكاتبة وقد جزموا بأنها لا تغسل السيد

ومنها يجوز توكيل مكاتب الراهن في قبض المرهون لأنه أجنبي لا عبده وفي المبعض نظر قال العلائي يحتمل أن يكون كالمكاتب

ومنها هل يسهم له من الغنيمة قال العلائي فيه نظر ويقوي ذلك إذا كان في نوبته وقاتل بإذن سيده ويكون ذلك كما لو اكتسب ولا يخرج على الأكساب النادرة لأن إذنه في القتال لا يجعل الغنيمة نادرة وليس له أن يقاتل بلا إذن قطعا ولم يتعرضوا له وإن لم يكن مهايأة بعد الإسهام

ومنها هل يرى سيدته إذا قلنا بجوازه للعبد قال العلائي فيه نظر وينبغي أن لا يراها قلت صرح الماوردي بمنعه وقال لا يختلف فيه أصحابنا

ومنها هل يرى من نصفها له والباقي حر قال العلائي يحتمل أن يكون فيه الخلاف في الصلاة وقد رجح الماوردي أنها كالحرة ورجح ابن الصباغ وطائفة أنها كالأمة

ومنها لو اعتدت عن الوفاة أو بالأشهر قال العلائي لم أر فيه نقلا وقد قالوا إن عدتها قرءان فالظاهر أنها في الأشهر على النصف كالأمة وكذا قال الأذرعي وغيره بحثا تنبيه يدخل في المهايأة الكسب والمؤن المعتادة قطعا وفي النادر من الأكساب كاللقطة والوصية والمؤن كأجرة الحجام والطبيب قولان أو وجهان أصحهما الدخول ولا يدخل أرش الجناية بالاتفاق لأنها متعلقة بالرقبة وهي مشتركة كذا

(١/٢٣٥)

في الروضة نقلا عن الإمام وهو صريح في أن فرض المسئلة في جنايته هو وبه صرح الإمام أما لو جنى عليه فالظاهر أيضا أنه كذلك قاله فائدة التبعيض يقع ابتداء في صور الأولى ولد المبعضة من زوج أو زنا سئل عنه القاضي حسين فقال يمكن تخريجه على الوجهين في الجارية المشتركة إذا وطئها الشريك وهو معسر ثم استقر جوابه على أنها كالأم حرية ورقا قال الإمام وهذا هو الوجه لأنه لا سبب لحريته إلا الأم فيقدر بقدرها الثانية الولد من الجارية المشتركة إذا وطئها الشريك المعسر اختلف فيه التصحيح ففي المكاتبة بين اثنين يطؤها أحدهما وهو معسر قال الرافعي وتبعه في الروضة في الولد وجهان أصحهما نصفه حر ونصفه رقيق والثاني كله حر للشبهة وقال في استيلاد أحد الغانمين المحصورين إذا أثبتنا الاستيلاد أنه إذا كان معسرا هل ينعقد الولد حرا أو بقدر حصته والباقي رقيق وجهان وقيل قولان أحدهما كله حر لأن الشبهة تعم الجارية وحرية الولد تثبت بالشبهة وإن لم تثبت الاستيلاء ووجه الثاني أنه تبع للاستيلاد وهو متبعض قالا وهذا الخلاف يجري فيما إذا أولد أحد الشريكين المشتركة وهو معسر فإن قلنا كله حر لزم المستولد قيمة حصة الشركاء في الولد وهذا هو الأصح كذا قاله القاضي أبو الطيب والروياني وغيرهما قال البلقيني والصحيح أنه يتبعض الثالثة إذا استولد الأب الحر جارية مشتركة بين ابنه وبين غيره وهو معسر فيكون نصف الولد حرا ونصفه رقيقا على الأظهر الرابعة العتيق الكافر بين المسلم والذمي إذا نقض العهد والتحق بدار الحرب فسبي فإنه يسترق نصيب الذمي على الأصح ولا يسترق نصيب المسلم على المشهور الخامسة ضرب الإمام الرق على بعض شخص ففي جوازه وجهان أصحهما في الروضة واصلها الجواز قال البغوي فإن منعناه فإن ضرب الرق على بعضه رق كله وهذه صورة يسري فيها الرق ولا نظير لها وإياها عنيت بقولي

(١/٢٣٦)

أيها الفقيه أيدك اللّه

ولا زلت في أمان ويسر

هل لنا معتق نصيبا فيلغي

ولنا صورة بها الرق يسري

السادسة إذا أوصى بنصف حمل الجارية ثم أعتق الوارث الجارية بعد الموت ثم حدث ولد فإن نصفه حر ونصفه رقيق للموصى له وأما التبعيض في عبده الخالص فلا يقع إلا في ثلاث صور الأولى رهن بعض عبده وأقبضه ثم أعتق غير المرهون وهو معسر فإنه يعتق ذلك البعض فقط الثانية جنى عبد بين اثنين ففداه أحدهما ثم اشترى الذي لم يفد ذلك النصف المفدي وأعتقه وهو معسر عتق فقط الثالثة وكل وكيلا في عتق عبده فأعتق الوكيل نصفه فأوجه أصحها في الروضة وأصلها يعتق ذلك النصف فقط والثاني يعتق كله ورجحه البلقيني تنزيلا لعبارة الوكيل منزلة عبارة الموكل والثالث لا يعتق شيء لمخالفة الوكيل القول في أحكام الأنثى تخالف الذكور في أحكام لا يجزئ في بولها النضح ولا الحجر إن كانت بنتا والسنة في عانتها النتف ولا يجب ختانها في وجه ويجب عليها غسل باطن لحيتها ويسن حلقها وتمنع من حلق رأسها ولبنها طاهر على الصحيح وفي لبن الرجل كلام سنذكره ومنيها نجس في وجه وتزيد في أسباب البلوغ بالحيض والحمل ولا تؤذن مطلقا ولا تقيم للرجال وعورتها تخالف عورة الرجل وصوتها عورة في وجه ويكره لها الحمام وقيل يحرم ولا تجهر بالصلاة في حضرة الأجانب وفي وجه مطلقا وتضم بعضها إلى بعض في الركوع والسجود وإذا نابها شيء في صلاتها صفقت والرجل يسبح ولا تجب عليها الجماعة ويكره حضورها للشابة ولا يجوز إلا بإذن الزوج وهي في بيتها أفضل من المسجد

(١/٢٣٧)

ولا يجوز اقتداء الرجل والخنثى بها وتقف إذا أمت النساء وسطهن ولها لبس الحرير وكذا افتراشه في الأصح وحلي الذهب والفضة ولا جمعة عليها ولا تنعقد بها ولا ترفع صوتها بتكبير العيد ولا تلبية الحج ولا تخطب بحال والأفضل تكفينها في خمسة أثواب وللرجال ثلاثة ويقف المصلي عليها عند عجزها وفي الرجل عند رأسه ويندب لها نحو القبلة في التابوت ولا يسقط بها فرض الجنازة مع وجود الرجال في الأصح ولا تحمل الجنازة وإن كان الميت أنثى ولا تأخذ من سهم العاملين ولا سبيل اللّه ولا المؤلفة في وجه ولا تقبل في الشهادت إلا في الأموال وما لا يطلع عليه الرجال ولا كفارة عليها بالجماع في رمضان ويصح اعتكافها في مسجد بيتها في القديم ويكره لها الاعتكاف حيث كرهت الجماعة ولا تسافر إلا مع زوج أو محرم فيشترط لها ذلك في وجوب الحج عليها ويشترط لها أيضا المحمل لأنه أستر ويندب لها عند الإحرام خضب يديها ووجهها ويباح لها الخضب بالحناء مطلقا ولا يجوز للرجل إلا لضرورة ولا يحرم عليها في الإحرام المخيط وستر الرأس بل الوجه والقفازان ولا تقبل الحجر ولا تستلمه ولا تقرب من البيت إلا عند خلو المطاف من الأجانب ولا ترمل في الطواف ولا تضطبع ولا ترقى على الصفا والمروة ولا تعدو بين الميلين ولا تطوف ولا تسعى إلا بالليل وتقف في حاشية الموقف والرجل عند الصخرات وقاعدة والرجل راكب ولا تؤمر بالحلق ولا ترفع يدها عند الرمي والتضحية بالذكر أفضل منها في المشهور ويعق عنها بشاة وعن الذكر بشاتين والذكر في الذبح أولى منها ويجوز بيع لبنها سواء كانت أمة أم حرة على الأصح بخلاف لبن الرجل ولا يجوز قرضها والتقاطها للتملك لغير المحرم في الأصح بخلاف العبد ولا تكون وليا في النكاح ولا وكيلا في إيجابه ولا قبوله ولا في الطلاق في وجه والغناء منها غير متقوم ومن العبد متقوم ولا تصح معها المسابقة لأنها ليست من أهل الحرب ولا يقبل قولها في استلحاق الولد إلا ببينة في الأصح بخلاف الرجل

(١/٢٣٨)

وهي على النصف من الرجل في الإرث والشهادة والغرم عند الرجوع والدية نفسا وجرحا وفي هبة الوالد في وجه وفي النفقة على القريب في أحد الوجهين ولا تلي القضاء ولا الوصاية في وجه وتجبر الأمة على النكاح بخلاف العبد في الأظهر ولا تجبر سيدها على تزويجها قطعا إذا كانت تحل له ويجبر على تزويج العبد في قول ويحرم عليها ولدها من زنا بخلاف الرجل ويحل لها نكاح الرقيق مطلقا وبضعها يقابل بالمهر دون الرجل ويحرم لبنها دون لبن الرجل على الصحيح وتقدم على الرجال في الحضانة والنفقة والدعوى والنفر من مزدلفة إلى منى والانصراف من الصلاة وتؤخر في الفطرة والموقف في الجماعة وفي اجتماع الجنائز عند الإمام وفي اللحد وتقطع حلمة الرجل بحلمتها لا عكسه وفي حلمتها الدية وفي حلمته الحكومة على الأصح وفي استرسال نهدها الحكومة بخلاف الرجل ولا تباشر استيفاء القصاص ولا تدخل في القرعة على الأصح في الشرح والروضة ولا تحمل الدية ولا ترمى لو نظرت في الدار في وجه ولا جهاد عليها ولا جزية ولا تقتل في الحرب ما لم تقاتل وفي جواز عقد الأمان لها استقلالا من غير إدخال رجل في العقد فيه وجهان في الشرح بلا ترجيح ولا يسهم لها ولا تستحق السلب في وجه ولا تقيم الحد على رقيقها في وجه ويحفر لها في الرجم إن ثبت زناها ببينة بخلاف الرجل وتجلد جالسة والرجل قائما ولا تكلف الحضور للدعوى إذا كانت مخدرة ولا إذا توجه عليها اليمين بل يحضر إليها القاضي فيحلفها أو يبعث إليها نائبه تنبيه في مواضع مهمة تقدمت الإشارة إليها منها تقدم أن لبنها طاهر وأما لبن الرجل فلم يتعرض له الشيخان وصرح الصيمري في شرح الكفاية بطهارته وصححه البلقيني وصرح ابن الصباغ بأنه نجس

(١/٢٣٩)

ومنها المرأة في العورة لها أحوال حالة مع الزوج ولا عورة بينهما وفي الفرج وجه وحالة مع الأجانب وعورتها كل البدن حتى الوجه والكفين في الأصح وحالة مع المحارم والنساء وعورتها ما بين السرة والركبة وحالة في الصلاة وعورتها كل البدن إلا الوجه والكفين وصرح الإمام في النهاية بأن الذي يجب ستره منها في الخلوة هي العورة الصغرى وهو المستور من عورة الرجل

ومنها المجزوم به وهو الوارد في الحديث إن المرأة إذا نابها شئ في صلاتها تصفق ولا تسبح قال الأسنوي وقد صححوا أنها تجهر في الصلاة بحضرة زوج أو محرم أو نسوة أو وحدها وقياس ذلك أن تسبح في هذه الأحوال كالرجل ويحمل الحديث على غير ذلك لأن التسبيح في الصلاة اليق من الفعل خصوصا التصفيق

ومنها هل يحرم على الأجانب تعزية الشابة لا تصريح بذلك في كتب الرافعي والنووي وابن الرفعة وذكر أبو الفتوح في أحكام الخناثي أن المحارم يعزونها وغير المحارم يعزون العجوز دون الشابة قال الأسنوي ومقتضاه التحريم

ومنها هل يجوز أن تكون المرأة نبية اختلف في ذلك وممن قيل بنبوتها مريم قال السبكي في الحلبيات ويشهد لنبوتها ذكرها في سورة مريم مع الأنبياء وهو قرينة قال وقد اختلف في نبوة نسوة غير مريم كأم موسى وآسية وحواء وسارة ولم يصح عندنا في ذلك شئ انتهى القول في أحكام الخنثى قال الأصحاب الأصل في الخنثى ما روى الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال في مولود له ما للرجال وما للنساء يورث من حيث يبول أخرجه البيهقي وهو ضعيف جدا ولكن روي ذلك عن علي رضي اللّه عنه وغيره وقال سعيد بن منصور في سننه حدثنا هشيم عن مغيرة عن الشعبي عن علي أنه

(١/٢٤٠)

قال الحمد للّه الذي جعل عدونا يسألنا عما نزل به من أمر دينه إن معاوية كتب إلي يسألني عن الخنثى فكتبت إليه أن يورثه من قبل مباله قال النووي الخنثى ضربان ضرب له فرج المرأة وذكر الرجال وضرب ليس له واحد منهما بل له ثقبة يخرج منها الخارج ولا تشبه فرج واحد منهما فالأول يتبين أمره بأمور أحدهما البول فان بال بذكر الرجال وحده فرجل أو بفرج النساء فامرأة أو بهما اعتبر بالسابق إن إنقطعا معا وبالمتأخر إن إبتدآ معا فان سبق واحد وتأخر آخر اعتبر بالسابق فان اتفقا فيهما فلا دلالة في الأصح ولا ينظر الى كثرة البول من أحدهما ولا إلى التزريق بهما أو الترشيش الثاني والثالث خروج المني والحيض في وقت الإمكان فان أمنى بالذكر فرجل أو الفرج أو حاض فامرأة بشرط أن يتكرر خروجه ليتأكد الظن به ولا يتوهم كونه اتفاقيا كذا جزم به الشيخان قال الأسنوي وسكوتهما عن ذلك في البول يقتضي عدم اشتراطه فيه والمتجه استواء الجميع في ذلك قال وأما العدد المعتبر في التكرار فالمتجه إلحاقه بما قيل في كلب الصيد بأن يصير عادة له فان أمنى بهما فالأصح أن يستدل به فان أمنى نصفه مني الرجال فرجل أو نصفه مني النساء فامرأة فان أمنى من فرج الرجال نصفه منهم ومن فرج النساء نصفه منهن أو من فرج النساء نصفه مني الرجال أو عكسه فلا دلالة وكذا إذا تعارض بول وحيض أو مني بأن بال بفرج الرجال وحاض أو أمنى بفرج النساء وكذا إذا تعارض المني والحيض في الأصح الرابع الولادة وهي تفيد القطع بأنوثته وتقدم على جميع العلامات المعارضة لها قال في شرح المهذب ولو ألقى مضغة وقال القوابل إنه مبدأ خلق آدمي حكم به وإن شككن دام الإشكال قال ولو انتفخ بطنه وظهرت أمارة حمل لم يحكم بأنه إمرأة حتى يتحقق الحمل قال الأسنوي والصواب الإكتفاء بظهور الأمارة فقد جزم به الرافعي في آخر الكلام على الخنثى وتبعه عليه في الروضة وكذا في شرح المهذب في موضع آخر وهو

(١/٢٤١)

الموافق الجاري على القواعد المذكورة في الرد بالعيب وتحريم الطلاق واستحقاق المطلقة النفقة وغير ذلك الخامس عدم الحيض في وقته علامة على الذكورة يستدل بها عند التساوي في البول نقله الأسنوي عن المارودي قال وهي مسألة حسنة قل من تعرض لها السادس إحباله لغيره نقله الأسنوي عن العدة لأبي عبداللّه الطبري وابن أبي الفتوح وابن المسلم قال ولو عارضه حبله قدم على إحباله حتى لو وطأ كل من المشكلين صاحبه فأحبله حكمنا بأنهما إنثيان ونفينا نسب كل منهما عن الآخر السابع الميل ويستدل به عند العجز عن الأمارات السابقة فانها مقدمة عليه فان مال الى الرجل فامرأة أو إلى النساء فرجل فان قال أميل إليهما ميلا واحدا ولا أميل الى واحد منهما فمشكل الثامن ظهور الشجاعة والفروسية ومصابرة العدو كما ذكره الأسنوي تبعا لابن المسلم التاسع إلى الثاني عشر نبات اللحية ونهود الثدي ونزول اللبن وتفاوت الأضلاع في وجه والأصح أنها لا دلالة لها وأما الضرب الثاني ففي شرح المهذب عن البغوي أنه لا يتبين إلا بالميل قال الأسنوي ويتبين أيضا بالمني المتصف بأحد النوعين فانه لا مانع منه قال وأما الحيض فيتجه اعتباره أيضا ويحتمل خلافه لأن الدم لا يستلزم أن يكون حيضا وإن كان بصفة الحيض لجواز أن يكون دم فساد بخلاف المني وأما أحكام الخنثى الذي لم يبن فأقسام والضابط أنه يؤخذ في حقه بالاحتياط وطرح الشك القسم الأول ما هو فيه كالأنثى وذلك في نتف العانة ودخول الحمام وحلق الرأس ونضح البول والأذان والإقامة والعورة والجهر في الصلاة والتصفيق فيما إذا نابه شئ والجماعة والإقتداء والجمعة ورفع الصوت بالتكبير والتلبية والتكفين ووقوف المصلي عند عجزها

(١/٢٤٢)

وعدم سقوط فرض الجنازة بها وكونها لا تأخذ من سهم العاملين ولا سبيل اللّه ولا المؤلفة وشرط وجوب الحج ولبس المخيط والقرب من البيت والرمل والاضطباع والرقي والعدو والوقوف والتقديم من مزدلفة والعقيقة والذبح والتوكيل في النكاح وغيره والقضاء والشهادة والدية وعدم تحمل العقل وفي الجهاد والسلب والرضخ والجزية والسفر بلا محرم ولا يحلل وطؤه القسم الثاني ما هو فيه كالذكر وذلك في لبس الحرير وحلي الذهب والوقوف أمام النساء إذا أمهن لا وسطهن لإحتمال كونه رجلا فيؤدي وقوفه وسطهن إلى مساواة الرجل للمرأة وفي الزكاة وليس وطؤه في زمن الخيار فسخا ولا إجازة ويقبل قوله في استلحاق الولد كما صححه أبو الفتوح ونقله الأسنوي احتياطا للنسب ولا يحرم رضاعه ولا دية في حلمتيه ولا حكومة في إرسال ثديه أو جفاف لبنه القسم الثالث ما وزع فيه الحكم وفي ذلك فروع الأول لحيته لا يستحب حلقها لاحتمال أن تتبين ذكورته فيتشوه ويجب في الوضوء غسل باطنها لاحتمال كونه إمرأة كما جزم به الشيخان وغيرهما وذكر صاحب التعجيز في شرحه أنه كالرجل لأن الأصل عدم الوجوب الثاني لا ينتقض وضوءه إلا بالخروج من فرجيه أو مسهما أو لمسه رجلا وامرأة ولا غسله إلا بالإنزال منهما أو بإيلاجه والايلاج فيه قال البغوي وكل موضع لا يجب فيه الغسل على الخنثى المولج لا يبطل صومه ولا حجه ولا يجب على المرأة التي أولج فيها عدة ولا مهر لها وأما الحد فلا يجب على المولج فيه ولا المولج ويجب على الخنثى الجلد والتغريب ولو أولج فيه رجل وأولج الخنثى في دبره فعلى الخنثى الجلد وكذا الرجل إن لم يكن محصنا فان كان محصنا فان حده بتقدير أنوثة الخنثى الرجم وبتقدير ذكورته الجلد والقاعدة أن التردد بين جنسين من العقوبة إذا لم يشتركا في الفعل يقتضي إسقاطهما بالكلية والانتقال الى التعزيز لأنه لا يمكن الجمع بينهما وليس أحدهما بأولى من الآخر كذا ذكره ابن المسلم في أحكام الخناثى

(١/٢٤٣)

وقال الأسنوي إنه حسن متجه وحينئذ فيجب على الرجل التعزير وهذه من غرائب المسائل شخص أتى ما يوجب الحد فان كان محصنا عزر وإن كان غير محصن جلد وعزر وإياها عنيت بقولي ملغزا

قل للفقيه إذا لقيت

محاجيا ومغربا

فرع بدا في حكمه

لأولى النهى مستغربا

شخص أتى ما حده

قطعا غدا مستوجبا

إن تلفه بكر اجلد

ت مئا تتم وغربا

وإذا تراه محصنا

عزرته مترقبا

قد أصبح النحرير

مما قلته متعجبا

فأبنه دمت موضحا

للمشكلات مهذبا

الثالث إذا حاض من الفرج حكم بأنوثته وبلوغه ولا يحرم عليه محرمات الحيض لجواز كونه رجلا والخارج دم فاسد الرابع يجب عليه ستر كل بدنه لاحتمال كونه امرأة فلو اقتصر على ستر عورة الرجل وصلى فوجهان أصحهما في التحقيق الصحة للشك في وجوبه قال الأسنوي والفتوى عليه فانه الذي يقتضيه كلام الأكثرين وصحح في شرح المهذب وزوائد الروضة البطلان لأن الستر شرط وقد شككنا في حصوله الخامس لا تجب عليه الفدية في الحج إلا لستر رأسه ووجهه معا والأحوط له أن يستر رأسه دون وجهه وبدنه بغير المخيط كما قال القفال ونقله الأسنوي السادس الإرث يعامل في حقه كالمرأة وفي حق سائر الورثة كالرجل ويوقف القدر الفاضل للبيان فان مات فلا بد من الاصطلاح على المذهب القسم الرابع ما خالف فيه النوعين فيه فروع منها ختانه والأصح تحريمه لأن الجرح لا يجوز بالشك

ومنها لا يجوز له الاستنجاء بالحجر لا في ذكره ولا في فرجه لالتباس الأصل بالزائد والحجر لا تجزئ إلا في الأصلي

ومنها إذا مات لا يغسله الرجال ولا النساء الأجانب كما اقتضاه كلام الرافعي وصحح في شرح المهذب أنه يغسله كل منهما

ومنها أنه في النظر والخلوة مع الرجال كامرأة ومع النساء كرجل

(١/٢٤٤)

ومنها أنه لا يباح له من الفضة كما يباح للنساء ولا يباح للرجال

ومنها لا يصح السلم فيه لندوره ولا يصح قبضه عن السلم في جارية أو عبد لاحتمال كونه عكس ما أسلم فيه

ومنها لا يصح نكاحه القسم الخامس ما وسط فيه الذكر والأنثى وفي ذلك فروع منها أوصى بثوب لأولى الناس به قدمت المرأة ثم الخنثى ثم الرجل

ومنها يقف خلف الإمام الذكور ثم الخناثى ثم النساء

ومنها ينصرف بعد الصلاة النساء ثم الخناثى ثم الرجال

ومنها يقدم في الجنائز الى الإمام وإلى اللحد الذكور ثم الخناثى ثم النساء

ومنها الأولى بحمل الجنازة الرجال ثم الخناثى ثم النساء

ومنها التضحية بالذكر أفضل ثم الخنثى ثم الأنثى

ومنها الأولى في الذبح الرجل ثم الخنثى ثم الأنثى فرع إذا فعل شيئا في حال إشكاله ثم بان ما يقتضي ترتب الحكم عليه هل يعتد به فيه نظائر الأول إذا إقتدى بخنثى فبان رجلا ففي الإجزاء قولان أظهرهما عدم الإجزاء الثاني إذا عقد النكاح بخنثيين فبانا ذكرين ففي صحته وجهان بناء على مسألة الإقتداء قال النووي لكن الأصح هنا الصحة لأن عدم جزم النية يؤثر في الصلاة الثالث لو تزوج رجل بخنثى ثم بان امرأة أو عكسه جزم الروياني في البحر بأنه لا يصح واقتضى كلام ابن الرفعة الاتفاق عليه وأنهم لم يجروا فيه خلاف الاقتداء ثم فرق بين النكاح والصلاة بأن احتياط الشرع في النكاح أكثر من احتياطه في الصلاة لأن أمر النكاح غير قاصر على الزوجين وأمر الصلاة قاصر على المصلي ولهذا لا يجوز الاقدام على النكاح بالاجتهاد عند اشتباه من تحل بمن لا تحل ويجوز ذلك فيما يتعلق بالصلاة من طهار وسترة واستقبال قال الأسنوي الصواب الحاقه بما إذا كان شاهدا لاستواء الجميع في الركنية وقد صرح به ابن المسلم

(١/٢٤٥)

قال ويؤيد الصحة ما في البحر أنه لو تزوج إمرأة وهما يعتقدان بينهما أخوة من الرضاع ثم تبين خلاف ذلك صح النكاح على الصحيح الرابع إذا توضأ أو اغتسل حيث لم يحكم باستعمال الماء فلو بان فهل يتبين الحكم باستعماله ينبني على طهارة الاحتياط هل ترفع الحدث الواقع في نفس الأمر أم لا والأصح لا فلا يحكم عليه بالاستعمال ذكره الأسنوي تخريجا الخامس لو صلى الظهر ثم بان رجلا وأمكنه إدراك الجمعة لزمه السعي إليها فان لم يفعل لزمه إعادة الظهر بناء على أن من صلى الظهر قبل فواتها لم يصح قاله في شرح المهذب السادس لو خطب في الجمعة أو كان أحد الأربعين ثم بان رجلا لم يجز في أصح الوجهين السابع لو صلى على الجنازة مع وجود الرجل ثم بان رجلا لم يسقط الفرض على أصح الوجهين وهما مبنيان على مسئلة الاقتداء قال الأسنوي ووجهه أن نية الفرضية واجبة وهو متردد فيها الثامن إذا قلنا بجواز بيع لبن المرأة دون الرجل فبيع لبن الخنثى ثم بان إمرأة ففيه القولان فيمن باع مال مورثه ظانا حياته فبان ميتا التاسع أسلم في عبد أو جارية فسلمه خنثى لم يصح فلو قبضه فبان بالصفة التي أسلم فيها فوجهان كالمسئلة التي قبلها ذكره ابن المسلم ويجريان أيضا فيما لو نظر أن يهدي ناقة أو جملا فأهدى خنثى وبان أو أن يعتق عبد أو أمة فأعتق خنثى وبان قاله ابن المسلم أيضا العاشر وكل خنثى في ايجاب النكاح أو قبوله فبان رجلا ففي صحة ذلك وجهان كالمسئلة قبلها قاله ابن المسلم الحادي عشر رضع منه طفل ثم بان أنثى ثبت التحريم جزما الثاني عشر وجبت الدية على العاقلة لم يحمل الخنثى فان بان ذكرا فهل يغرم حصته التي أداها غيره قال الرافعي فيه وجهان في التهذيب وصحح في الروضة من زوائده الغرم بحثا ونقله الأسنوي عن أبي الفتوح وصاحب البيان

(١/٢٤٦)

الثالث عشر لا جزية على الخنثى فلو بان ذكرا فهل يؤخذ منه جزية السنين الماضية وجهان في الشرح قال في الروضة ينبغي أن يكون الأصح الأخذ وقال الأسنوي بل ينبغي تصحيح العكس فان الرافعي ذكر أنه إذا دخل حربي دارنا وبقي مدة ثم اطلعنا عليه لا نأخذ منه شيئا لما مضى على الصحيح لأن عماد الجزية القبول وهذا حربي لم يلتزم شيئا وهذا موجود هنا بل أولى لأنا لم نتحقق الأهلية في الخنثى وقال ابن المسلم إن كان الخنثى حربيا ودخل بأمان ثم تبين أنه رجل فلا جزية لعدم العقد وإن كان ولد ذمى فان قلنا ان من بلغ من ذكورهم يحتاج الى عقد جديد فلا شئ عليه وإلا وجبت قال الأسنوي والذي قاله مدرك حسن الرابع عشر لو ولي القضاء ثم بان رجلا لم ينفذ حكمه الواقع في حال الإشكال على المذهب وقيل فيه وجهان وهل يحتاج الى تولية جديدة قال الأسنوي القياس نعم فقد جزم الرافعي بأن الإمام لو ولي القضاء من لا يعرف حاله لم تصح ولايته وإن بان أهلا الخامس عشر لو لم يحكم بانتقاض طهره بلمس أو إيلاج أو غيرهما فصلى ثم بان خلافه ففي وجوب القضاء طريقان أحدهما أنه على القولين فيمن تيقن الخطأ في القبلة والأصح القطع بالإعادة كما لو بان محدثا والفرق أن أمر القبلة مبني على التخفيف بدليل تركها في نافلة السفر بخلاف الطهارة فرع لا يجوز اقتداء الخنثى بمثله لإحتمال كون الإمام امرأة والمأموم رجلا ونظيره لو اجتمع أربعون من الخناثى في قرية لم تصح إقامتهم الجمعة ذكره أبو الفتوح ولو كان له أربعون من الغنم خناثى قال الأسنوي فالمتجه أنه لا يجزيه واحد منها لجواز أن يكون المخرج ذكرا والباقي إناث بل يشتري أنثى بقيمة واحد منهما قال ويحتمل أن يجزى لأنه على صفة المال فلا يكلف المالك سواه فرع الخنثى إما ذكر أو أنثى هذا هو الصحيح المعروف وقيل إنه نوع ثالث

(١/٢٤٧)

وتفرع على ذلك فروع منها إذا قال إن أعطيتني غلاما أو جارية فأنت طالق طلقت بالخنثى على الصحيح ولا تطلق على الآخر

ومنها لو حلف لا يكلم ذكرا ولا أنثى فكلم الخنثى حنث على الصحيح ولا يحنث على الآخر

ومنها وقف على الأولاد دخل الخنثى أو البنين أو البنات لم يدخل ولكن يوقف نصيبه كالإرث أو البنين والبنات دخل على الصحيح لأنه إما ذكر أو أنثى وقيل لا لأنه لا يعد واحد منهما فرع في أحكام الخنثى الواضح منها أن فرجه الزائد له حكم المنتفخ تحت المعدة مع انتفاخ الأصلي

ومنها أنه لا يجوز له قطع ذكره وأنثييه لأن الجرح لا يجوز بالشك ذكره أبو الفتوح قال ولا يتجه تخريجه على قطع السلعة نقله الأسنوي

ومنها لو اشترى رقيقا فوجده خنثى واضحا ثبت الخيار في الأصح كما لو بان مشكلا وكذا لو بان أحد الزوجين في قول ولو اشتراه عالما به فوجده يبول بفرجيه معا ثبت الخيار أيضا لأن ذلك لإسترخاء المثانة فائدة حيث أطلق الخنثى في الفقه فالمراد به المشكل القول في أحكام المتحيرة إنما يطلق هذا الإسم على ناسية عادتها في الحيض قدرا ووقتا وتسمى أيضا محيرة بكسر الياء لأنها حيرت الفقيه في أمرها وقد ألف الدارمي في أحكامها مجلدة واختصرها النووي فالأصح وبه قطع الجمهور أنها تؤمر بالاحتياط وبيان ذلك بفروع الأول يحرم على زوجها وسيدها وطؤها بكل حال لاحتمال الحيض في وجه لا يحرم لأنه يستحق الاستمتاع فلا نحرمه بالشك

(١/٢٤٨)

فعلى الأول لو وطئ عصي ولا يلزمه التصدق بدينار على القديم لأنا لم نتيقن الوطء في الحيض وما بين سرتها وركبتها كحائض وعلى الزوج نفقتها ويقسم لها ولا خيار له في فسخ النكاح لأن جماعها ليس مأيوسا عنه بخلاف الرتقاء قال الأذرعي ولو اعتقد الزوج إباحة الوطء فالظاهر أنه ليس له المنع الثاني يحرم عليها المسجد كالحائض قال في شرح المهذب إلا المسجد الحرام فإنه يجوز دخوله للطواف المفروض وكذا المسنون في الأصح ولا يجوز لغيرها الثالث يحرم عليها قراءة القرآن خارج الصلاة واختار الدارمي جوازها وأما في الصلاة فقراءة الفاتحة وكذا غيرها في الأصح الرابع يجوز تطوعها بالصلاة والصوم والطواف في الأصح لأن النوافل من مهمات الدين وفي منعها تضيق عليها ولأنها مبنية على التخفيف وقيل يحرم لأن حكمها كالحائض وإنما جوز لها الفرض للضرورة ولا ضرورة هنا وقيل يجوز الراتبة وطواف القدوم دون النفل المطلق الخامس يجب عليها الغسل لكل فرض إذا لم تعلم وقت انقطاعه فان علمته كعند الغروب وجب كل يوم عقب الغروب ويشترط وقوع الغسل في وقت الصلاة لأنها طهارة ضرورة ولا يشترط المبادرة بالصلاة بعده على الصحيح فيهما السادس يجب عليها أداء الصلاة والصوم لوقتهما مع قضاء الصوم أيضا اتفاقا ومع قضاء الصلاة على ما صححه الشيخان وصحح الأسنوي خلافه ونقله عن نص الشافعي وتقضي الطواف أيضا إذا فعلته السابع لا يجوز أن يقتدى بها طاهرة ولا متحيرة لاحتمال مصادفة الحيض فأشبه صلاة الرجل خلف الخنثى الثامن ليس لها الجمع بين الصلاتين تقديما لأن شرطه تقدم الأولى وهي صحيحة يقينا أو بناء على أصل ولم يوجد هنا التاسع لو أفطرت لحمل أو رضاع خوفا على الولد فلا فدية على الصحيح لاحتمال الحيض والأصل براءتها العاشر يجب عليها طواف الوداع ولو تركته فلا دم عليها لما ذكر قاله الروياني الحادي عشر عدتها بثلاثة أشهر في الحال ولا تؤمر بانتظار سن اليأس على الصحيح هذا إذا لم تحفظ دورها فان حفظته أعتدت بثلاثة أدوار سواء كانت أكثر من ثلاثة أشهر أم أقل

(١/٢٤٩)

الثاني عشر استبراؤها قال البلقيني لم يتعرضوا له في الاستبراء وتعرضوا له في العدة وهو من المشكلات فانها وان كان لها حيض وطهر إلا أن ذلك غير معلوم فنظر الى الزمان والاحتياط المعروف في عدتها فإذا مضت خمسة وأربعون يوما فقد حصل الإستبراء وبيان ذلك أن يقدر إبتداء حيضها في أول الشهر مثلا فلا يحسب ذلك الحيض فاذا مضت خمسة عشر يوما طهرا ثم بعد ذلك خمسة عشر يوما حيضة كاملة فقد حصل الإستبراء الثالث عشر هل يجوز نكاحها لخائف العنت إذا كانت أمة لم أر من تعرض له والظاهر المنع لأن وطأها ممتنع شرعا فلا تندفع الحاجة بها وهل يجوز نكاح الأمة لمن عنده متحيرة الظاهر المنع أيضا لأنها ليست مأيوسا من جماعها بخلاف الرتقاء ويحتمل الجواز القول في أحكام الأعمى قال أبو حامد في الرونق يفارق الأعمى البصير في سبع مسائل لاجهاد عليه ولا يجتهد في القبلة ولا تجوز إمامته على رأي ضعيف ولا يصح بيعه ولا شراؤه ولا دية في عينيه ولا تقبل شهادته إلا في أربع مسائل الترجمة والنسب وما تحمل وهو بصير وإذا أقر في أذنه رجل فتعلق به حتى شهد عليه عند الحاكم انتهى قلت وبقي أشياء أخر لا يلي الإمامة العظمى ولا القضاء ولا تجب عليه الجمعة ولا الحج إلا إن وجد قائدا قال القاضي الحسين في الجمعة إن أحسن المشي بالعصى من غير قائد لزمته قال في الخادم وينبغي جريانه في الحج بل أولى لعدم تكرره ولا تصح إجارته ولا رهنه ولا هبته ولا مساقاته ولا قبضه ما ورث أو وهب له أو اشتراه سلما أو قبل العمى أو دينه نعم يصح أن يشتري نفسه أو يؤجرها لأنه لا يجهلها أو أن يشتري ما رآه قبل العمى ولم يتغير ويحرم صيده برمي أو كلب في الأصح ولا يجزئ عتقه في الكفارة ويكره ذبحه وكونه مؤذنا راتبا وحده والبصير ولى منه بغسل الميت ولا يكون محرما في المسافرة بقريبته ذكره العبادي في الزيادات وهل له حضانة قال ابن الرفعة لم أر لأصحابنا فيه شيئا غير أن في كلام الإمام

(١/٢٥٠)

ما يؤخذ منه آن العمى مانع فإنه قال إن حفظ الأم للولد الذي لا يستقل ليس مما يقبل ( القرائن ) فإن المولود في حركاته وسكناته لو لم يكن ملحوظا من مراقب لا يسهو ولا يغفل لأوشك أن يهلك ومقتضى هذا أن العمى يمنع فان الملاحظة معه كما وصفت لا تتأتى قال الأذرعي في القوت ورأيت في فتاوي ابن البرزي أنه سئل عن حضانة العمياء فقال لم أر فيها مسطورا والذي أراه أنه يختلف باختلاف أحوالها فإن كانت ناهضة بحفظ الصغير وتدبيره والنهوض بمصلحته وأن تقيه من الأسواء والمضار فلها الحضانة وإلا فلا وأفتى قاضي قضاة حماة بأن العمى ليس بقادح في الحضانة بشرط أن يكون الحاضن قائما بمصالح المحضون إما بنفسه أو بمن يستعين به وفي فتاوي عبدالملك بن إبراهيم المقدسي الهمداني شارح المفتاح من أقران ابن الصباغ أنه لا حضانة لها قال الأذرعي ولعله أشبه وقد قلت قديما

يخالف الأعمى غيره في مسائل

فدونكها نظما وأفرغ لها فكرا

إمامته العظمى قضاء شهادة

وعقد وقبض منه أبطلهما طرا

سوى السلم التوكيل لا إنكاح عتقه

ولا يتحرى قط في القبلة الغرا

وكره أذان وحده وذكاته

وأولى اصطياد منه أو رميه حظرا

ولا جمعة أو حج إذ ليس قائد

ولا عتقه يجزي لفرض خلا النذرا

وليس له في نجله من حضانة

وفي غسل ميت غيره منه قل أحرى

ولا دية في عينه بل حكومة

ولا يكف في الأسفار مع مرأة خدرا

فهذا الذي استثنى وقد زاد بعضهم

أمورا على رأي ضعيف فطب ذكرا

وبقي مسائل فيها خلاف والراجح أنه كالبصير منها الإمامة في الصلاة فيها أوجه قيل البصير أولى لأنه أشد تحفظا من النجاسات وقيل الأعمى لأنه أخشع والأصح أنهما سواء

ومنها هل يجوز اعتماد صوت المؤذن العارف في الغيم والصحو فيه أوجه أصحها الجواز للبصير والأعمى وثالثها يجوز للأعمى دون البصير ورابعها يجوز للأعمى مطلقا وللبصير في الصحو دون الغيم لأن فرض البصير الإجتهاد والمؤذن في الغيم مجتهد فلا يقلده من فرضه الإجتهاد وصححه الرافعي

ومنها في صحة السلم منه وجهان الأصح نعم والثاني إن عمي قبل تمييزه لم يصح

(١/٢٥١)

ومنها في إجزاء عتقه في النذر القولان المشهوران أصحهما الإجزاء

ومنها هل يجوز أن يكون وصيا وجهان الأصح نعم لأنه من أهل التصرف في الجملة وما لا يصح منه يوكل فيه

ومنها في كونه وليا في النكاح وجهان الأصح يلي

ومنها في قتله إذا كان حربيا قولان الأظهر يقتل والثاني يرق بنفس الأسر كالنساء

ومنها في ضرب الجزية عليه طريقان المذهب الضرب

ومنها في كونه مترجما للقاضي وجهان أصحهما الجواز لأن الحاكم يرى المترجم عنه والأعمى يحكي كلاما يسمعه

ومنها في قبول رواتيه ما تحمله بعد العمى وجهان أصحهما القبول إذا كان ذلك بخط موثوق به واختار الإمام والغزالي المنع

ومنها في قبول شهادته بالاستفاضة وجهان الأصح نعم إذا كان المشهود به وله وعليه معروفين لا يحتاج واحد منهم إلى إشارة

ومنها هل يكافئ البصير وجهان الأصح نعم

ومنها هل يصح أن يكاتب عبده وجهان الأصح نعم تغليبا لجانب العتق أما قبول الكتابة من سيده فيصح جزما وأما مسائل اجتهاده فلا خلاف أنه يجتهد في أوقات الصلاة لأن مدركها الأوراد والأذكار وشبهها وهو يشارك البصير في ذلك ولا خلاف أنه لا يجتهد في القبلة لأن غالب أدلتها بصرية وفي الأواني قولان أظهرهما يجتهد لأنه يمكنه الوقوف على الأمارات باللمس والشم واعوجاج الإناء واضطراب الغطاء وغير ذلك والثاني لا لأن للنظر أثرا في حصول الظن بالمجتهد فيه لكنه في الوقت مخير بين الاجتهاد والتقليد وفي الأواني لا يجوز له التقليد والفرق أن الاجتهاد في الأوقات إنما يتأتى بأعمال مستغرقة للوقت وفي ذلك مشقة ظاهرة بخلافه في الأواني فإن تخير في الأواني قلد ولا يقلد البصير إن تخير بل يتيمم وأما اجتهاده في الثياب ففيه القولان في الأواني كما ذكره في الكفاية

(١/٢٥٢)

أما أوقات الصوم والفطر فقال العلائي لم أظفر بها منقولة فيحتمل أن يكون كأوقات الصلاة ويمكن الفرق بينهما بما في مراعاة طلوع الفجر وغروب الشمس دائما من المشقة فالظاهر جواز التقليد فإن لم يجد من يقلده خمن وأخذ بالأحوط قلت هذا كلام غير منتهض لأنه يشعر بأنه ليس له التقليد في أوقات الصلاة والمنقول خلافه فإذن أوقات الصلاة والصوم سواء في جواز الاجتهاد والتقليد وهو مقتضى عموم كلام الأصحاب واللّه أعلم ومن مسائل الأعمى أنه يجوز له وطء زوجته اعتمادا على صوتها وفي جفنه الدية ويقطع به جفن البصير القول في أحكام الكافر اختلف هل الكفار مكلفون بفروع الشريعة على مذاهب أصحها نعم قال في البرهان وهو ظاهر مذهب الشافعي فعلى هذا يكون مكلفا بفعل الواجب وترك الحرام وبالاعتقاد في المندوب والمكروه والمباح والثاني لا واختاره أبو إسحاق الإسفرائيني والثالث مكلفون بالنواهي دون الأوامر والرابع مكلفون بما عدا الجهاد أما الجهاد فلا لاتمناع قتالهم أنفسهم والخامس المرتد مكلف دون الكافر الأصلي وقال النووي في شرح المهذب اتفق أصحابنا على أن الكافر الأصلي لا يجب عليه الصلاة والزكاة والصوم والحج وغيرها من فروع الإسلام والصحيح في كتب الأصول أنه مخاطب بالفروع كما هو مخاطب بأصل الإيمان وليس مخالفا لما تقدم لأن المراد هنا غير المراد هناك فالمراد هناك أنهم لا يطالبون بها في الدنيا مع كفرهم وإذا أسلم أحدهم لم يلزمه قضاء الماضي ولم يتعرضوا لعقوبة الآخرة ومرادهم في كتب الأصول أنهم يعذبون عليها في الآخرة زيادة على عذاب الكفر فيعذبون عليها وعلى الكفر جميعا لا على الكفر وحده ولم يتعرضوا للمطالبة في الدنيا فذكروا في الأصول حكم طرف وفي الفروع حكم الطرف الآخر

(١/٢٥٣)

قال وإذا فعل الكافر الأصلي قربة يشترط النية لصحتها كالصدقة والضيافة والإعتاق والقرض وصلة الرحم وأشباه ذلك فإن مات على كفره فلا ثواب له عليها في الآخرة لكن يطعم بها في الدنيا ويوسع في رزقه وعيشه فإذا أسلم فالصواب المختار أنه يثاب عليها في الآخرة للحديث الصحيح أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال إذا أسلم العبد فحسن إسلامه كتب اللّه له كل حسنة كان أزلفها أي قدمها وفي الصحيحين عن حكيم بن حزام قال قلت يا رسول اللّه أرأيت أمورا كنت أتحنث بها في الجاهلية من صداقة أو عتاقة أو صلة رحم أفيها أجر فقال أسلمت على ما أسلفت من خير فهذان حديثان صحيحان لا يمنعهما عقل ولم يرد الشرع بخلافهما فوجب العمل بهما وقد نقل الإجماع على ما ذكرته من إثبات ثوابه إذا أسلم وأما قول أصحابنا وغيرهم لا تصح من كافر عبادة ولو أسلم لم يعتد بها فمرادهم لا يعتد بها في أحكام الدنيا وليس فيه تعرض لثواب الآخرة فإن أطلق مطلق أنه لا يثاب عليها في الآخرة وصرح بذلك فهو مجازف غالط مخالف للسنة الصحيحة التي لا معارض لها وقد قال الشافعي والأصحاب وغيرهم من العلماء إذا لزم الكافر كفارة ظهار أو قتل أو غيرهما فكفر في حال كفره أجزأه وإذا أسلم لا تلزمه إعادتها اه كلام شرح المهذب قاعدة تجري على الذمي أحكام المسلمين إلا ما يستثنى من ذلك لا يؤمر بالعبادات ولا تصح منه ولا يمنع من المكث في المسجد جنبا بخلافه حائضا وليس له دخوله بلا إذن ويعزر إن فعله ولا يؤذن له لنوم أو أكل بل لسماع قرآن أو علم ولا يصح نذره وللإمام استئجاره على الجهاد ولا يحد لشرب الخمر ولا تراق عليه بل ترد إذا غصبت منه إلا أن يظهر شربها أو بيعها ولا يمنع من لبس الحرير والذهب ولا من تعظيم المسلم بحني الظهر عند الرافعي وينكح الأمة بلا شرط

(١/٢٥٤)

ولا تلزمه أجابة من دعاه لوليمة ولو تناكحوا فاسدا أو تبايعوا فاسدا أو تقابضوا وأسلموا لم يتعرض لهم والأمة الكتابية لا تحل لمسلم ولو كان عبدا في المشهور ومما يجري عليه في أحكام المسلمين وجوب كفارة القتل والظهار واليمين والصيد في الحرم وحد الزنا والسرقة ضابط الإسلام يجب ما قبله في حقوق اللّه دون ما تعلق به حق آدمي كالقصاص وضمان المال ويستثنى من الأول صور منها أجنب ثم أسلم لا يسقط الغسل خلافا للإصطخري

ومنها لو جاوز الميقات مريدا للنسك ثم أسلم وأحرم دونه وجب الدم خلافا للمزني

ومنها أسلم وعليه كفارة يمين أو ظهار أو قتل لم يسقط في الأصح ولو زنا ثم أسلم فعن نص الشافعي أن حد الزنا يسقط عنه بالإسلام فرع اختص اليهود والنصارى بالإقرار بالجزية وحل المناكحة والذبائح ودياتهم ثلث دية المسلمين ويشاركهم المجوس في الأول فقط ودياتهم ثلثا عشر دية المسلمين ومن له أمان من وثني ونحوه له الأخير فقط فرع لا توارث بين المسلم والكافر وكذا العقل وولاية النكاح ويرث اليهودي النصراني وعكسه إلا الحربي والذمي وعكسه وينبني على ذلك العقل وولاية النكاح القول في أحكام الجان قل من تعرض لها من أصحابنا وقد ألف فيها من الحنفية القاضي بدر الدين الشبلي كتابه آكام المرجان في أحكام الجان

(١/٢٥٥)

قال السبكي في فتاويه وقال ابن عبد البر الجن عند الجماعة مكلفون مخاطبون وقال القاضي عبدالجبار لا نعلم خلافا بين أهل النظر في ذلك والقرآن ناطق بذلك في آيات كثيرة وهذه فروع الأول هل يجوز للإنسي نكاح الجنية قال العماد بن يونس في شرح الوجيز نعم وفي المسائل التي سأل الشيخ جمال الدين الأسنوي عنها قاضي القضاة شرف الدين البارزي إذا أراد أن يتزوج بامرأة من الجن عند فرض إمكانه فهل يجوز ذلك أو يمتنع فإن اللّه تعالى قال ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا فامتن الباري تعالى بأن جعل ذلك من جنس ما يؤلف فإن جوزنا ذلك وهو المذكور في شرح الوجيز لابن يونس فهل يجبرها على ملازمة المسكن أو لا وهل له منعها من التشكل في غير صور الآدميين عند القدرة عليه لأنه قد تحصل النفرة أو لا وهل يعتمد عليها فيما يتعلق بشروط صحة النكاح من أمر وليها وخلوها عن الموانع أو لا وهل يجوز قبول ذلك من قاضيهم أو لا وهل إذا رآها في صورة غير التي ألفها وادعت أنها هي فهل يعتمد عليها ويجوز له وطؤها أو لا وهل يكلف الإتيان بما يألفونه من قوتهم كالعظم وغيره إذا أمكن الاقتيات بغيره أو لا فأجاب لا يجوز له أن يتزوج بامرأة من الجن لمفهوم الآيتين الكريمتين قوله تعالى في سورة النحل واللّه جعل لكم من أنفسكم أزواجا وقوله في سورة الروم ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا قال المفسرون في معنى الآيتين جعل لكم من أنفسكم أي من جنسكم ونوعكم وعلى خلقكم كما قال تعالى لقد جاءكم رسول من أنفسكم أي من الآدميين ولأن اللاتي يحل نكاحهن بنات العمومة وبنات الخؤولة فدخل في ذلك من هي في نهاية العبد كما هو المفهوم من آية الأحزاب وبنات عمك وبنات عماتك ونبات خالك وبنات خالاتك والمحرمات غيرهن وهن الأصول والفروع وفروع أول الأصول وأول الفروع من باقي الأصول كما في آية التحريم في النساء فهذا كله في النسب وليس بين الآدميين والجن نسب هذا جواب البارزي فإن قلت ما عندك من ذلك قلت الذي أعتقده التحريم لوجوه منها ما تقدم من الآيتين

(١/٢٥٦)

ومنها ما روى حرب الكرماني في مسائله عن أحمد وإسحاق قال

حدثنا محمد بن يحيى القطيعي حدثنا بشر بن عمر حدثنا ابن لهيعة عن يونس بن يزيد عن الزهري قال نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن نكاح الجن والحديث وإن كان مرسلا فقد اعتضد بأقوال العلماء فروي المنع منه عن الحسن البصري وقتادة والحكم بن عيينة وإسحاق بن راهويه وعقبة الأصم وقال الجمال السجستاني من الحنفية في كتاب منية المفتي عن الفتاوى السراجية لا يجوز المناكحة بين الإنس والجن وإنسان الماء لاختلاف الجنس

ومنها أن النكاح شرع للألفة والسكون والاستئناس والمودة وذلك مفقود في الجن بل الموجود فيهم ضد ذلك وهو العداوة التي لا تزول

ومنها أنه لم يرد الإذن من الشرع في ذلك فإن اللّه تعالى قال فانكحوا ما طاب لكم من النساء والنساء اسم لإناث بني آدم خاصة فبقي ما عداهم على التحريم لأن الأصل في الأبضاع الحرمة حتى يرد دليل على الحل

ومنها أنه قد منع من نكاح الحر للأمة لما يحصل للولد من الضرر بالإرقاق ولا شك أن الضرر بكونه من جنية وفيه شائبة من الجن خلقا وخلقا وله بهم اتصال ومخالطة أشد من ضرر الإرقاق الذي هو مرجو الزوال بكثير فإذا منع من نكاح الأمة مع الاتحاد في الجنس للاختلاف في النوع فلأن يمنع من نكاح ما ليس من الجنس من باب أولى وهذا تخريج قوي لم أر من تنبه له ويقويه أيضا أنه نهى عن إنزاء الحمر على الخيل وعلة ذلك اختلاف الجنس وكون المتولد منها يخرج عن جنس الخيل فيلزم منه قلتها وفي حديث النهي إنما يفعل ذلك الذين لا يعلمون فالمنع من ذلك فيما نحن فيه أولى وإذا تقرر المنع فالمنع من نكاح الجني الإنسية أولى وأحرى لكن روى أبو عثمان سعيد بن العباس الرازي في كتاب الإلهام والوسوسة فقال حدثنا مقاتل حدثني سعيد بن داود الزبيدي قال كتب قوم من أهل اليمن إلى مالك يسألونه عن نكاح الجن وقالوا إن ههنا رجلا من الجن يخطب إلينا جارية يزعم أنه يريد الحلال فقال ما أرى بذلك بأسا في الدين ولكن أكره إذا وجد امرأة حامل قيل لها من زوجك قالت من الجن فيكثر الفساد في الإسلام بذلك انتهى

(١/٢٥٧)

الفرع الثاني لو وطئ الجني الإنسية فهل يجب عليها الغسل لم يذكر ذلك أصحابنا وعن بعض الحنفية والحنابلة أنه لا غسل عليها لعدم تحقق الإيلاج والإنزال فهو كالمنام بغير إنزال قلت وهو الجاري على قواعدنا الثالث هل تنعقد الجماعة بالجن قال صاحب آكام المرجان نعم ونقله عن ابن الصيرفي الحنبلي واستدل بحديث أحمد عن ابن مسعد في قصة الجن وفيه فلما قام رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يصلي أدركه شخصان منهم فقالا يا رسول اللّه إنا نحب أن تؤمنا في صلاتنا قال فصففنا خلفه ثم صلى بنا ثم انصرف وروى سفيان الثوري في تفسيره عن إسماعيل البجلي عن سعيد بن جبير قال قالت الجن للنبي صلى اللّه عليه وسلم كيف لنا بمسجدك أن نشهد الصلاة معك ونحن ناءون عنك فنزلت وأن المساجد للّه فلا تدعو مع اللّه أحدا قلت ونظير ذلك ما في الحلبيات للسبكي أن الجماعة تحصل بالملائكة كما تحصل بالآدميين قال وبعد أن قلت ذلك بحثا رأيته منقولا ففي فتاوى الحناطي من أصحابنا فيمن صلى في فضاء من الأرض بأذان وإقامة وكان منفردا ثم حلف أنه صلى بالجماعة هل يحنث أم لا قال يكون بارا في يمينه ولا كفارة عليه لما روي أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال من أذن وأقام في فضاء من الأرض وصلى وحده صلت الملائكة خلفه صفوفا فإذا حلف على هذا المعنى لا يحنث اه قال السبكي وينبني على ذلك أن من ترك الجماعة لعذر وقلنا بأنها فرض عين هل نقول يجب القضاء كمن صلى فاقد الطهورين فإن كان كذلك فصلاة الملائكة إن قلنا بأنها كصلاة الآدميين وأنها تصير بها جماعة فقد يقال إنها تكفي لسقوط القضاء قلت وعلى هذا يندب نية الجماعة للمصلي أو الإمامة الرابع قال في آكام المرجان نقل ابن الصيرفي عن شيخه أبي البقاء العكبري الحنبلي أنه سئل عن الجني هل تصح الصلاة خلفه فقال نعم لأنهم مكلفون والنبي صلى اللّه عليه وسلم مرسل إليهم

(١/٢٥٨)

الخامس إذا مر الجني بين يدي المصلي فهل يقطع صلاته فيه روايتان عن أحمد قلت أما مذهبنا فالصلاة لا يقطعها مرور شيء لكن يقاتل كما يقاتل الإنس السادس قال ابن تيمية لا يجوز قتل الجني بغير حق كما لا يجوز قتل الإنسي بغير حق والظلم محرم في كل حال فلا يحل لأحد أن يظلم أحدا ولو كان كافرا والجن يتصورون في صور شتى فإذا كانت حيات البيوت قد تكون جنيا فيؤذن ثلاثا كما في الحديث فإن ذهبت فبها وإلا قتلت فإنها إن كانت حية أصلية قتلت وإن كانت جنية فقد أصرت على العدوان بظهورها للإنس في صورة حية تفزعهم بذلك والعادي هو الصائل الذي يجوز دفعه بما يدفع ضرره ولو كان قتلا اه وقد روى ابن أبي الدنيا أن عائشة رأت في بيتها حية فأمرت بقتلها فقتلت فأتيت في تلك الليلة فقيل لها إنها من النفر الذين استمعوا الوحي من النبي صلى اللّه عليه وسلم فأرسلت إلى اليمن فابتيع لها أربعين رأسا فأعتقتهم وروى ابن أبي شيبة في مصنفه نحوه وفيه فلما أصبحت أمرت باثني عشر ألف درهم ففرقت على المساكين وكيفية الإيذان كما في الحديث نسألك بعهد نوح وسليمان بن داود أن لا تؤذينا السابع في رواية الجن للحديث أورد فيه صاحب آكام المرجان آثارا مما رووه فكأنه رأى بذلك قبول روايتهم والذي أقول إن الكلام في مقامين روايتهم عن الإنس ورواية الإنس عنهم فأما الأول فلا شك في جواز روايتهم عن الإنس ما سمعوه منهم أو قرئ عليهم وهم يسمعون سواء علم الإنسي بحضورهم أم لا وكذا إذا أجاز الشيخ من حضر أوسمع دخلوا في إجازته وإن لم يعلم به كما في نظير ذلك من الإنس وأما رواية الإنس عنهم فالظاهر منعها لعدم حصول الثقة بعدالتهم وقد ورد في الحديث يوشك أن تخرج شياطين كان أوثقها سليمان بن داود فيقولون حدثنا وأخبرنا وأما الآثار التي أوردها صاحب آكام المرجان وهي ما أخرجه الحافظ أبو نعيم

حدثنا الحسن بن إسحاق بن إبراهيم حدثنا أحمد بن عمرو بن جابر الرملي حدثنا أحمد بن محمد بن طريف حدثنا محمد بن كثير عن الأعمش حدثني وهب بن جابر عن

(١/٢٥٩)

أبي بن كعب قال خرج قوم يريدون مكة فأضلوا الطريق فلما عاينوا الموت أو كادوا أن يموتوا لبسوا أكفانهم وتضجعوا للموت فخرج عليهم جني يتخلل الشجر وقال أنا بقية النفر الذين استمعوا على محمد صلى اللّه عليه وسلم سمعته يقول المؤمن أخو المؤمن ودليله لا يخذله هذا الماء وهذا الطريق وقال ابن أبي الدنيا

حدثني أبي حدثنا عبدالعزيز القرشي أخبرنا إسرائيل عن السدي عن مولى عبدالرحمن بن بشر قال خرج قوم حجاجا في إمرة عثمان فأصابهم عطش فانتهوا إلى ماء ملح فقال بعضهم لو تقدمتم فإنا نخاف أن يهلكنا هذا الماء فساروا حتى أمسوا فلم يصيبوا ماء فأدلجوا إلى شجرة سمر فخرج عليهم رجل أسود شديد السواد جسيم فقال يا معشر الركب إني سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول من كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فليحب للمسلمين ما يحب لنفسه ويكره للمسلمين ما يكره لنفسه فسيروا حتى تنتهوا إلى أكمة فخذوا عن يسارها فإن الماء ثم وقال أيضا

حدثني محمد بن الحسين حدثنا يوسف بن الحكم الرقي حدثنا فياض بن محمد أن عمر بن عبدالعزيز بينا هو يسير على بغلة إذا هو بجان ميت على قارعة الطريق فنزل فأمر به فعدل عن الطريق ثم حفر له فدفنه وواراه ثم مضى فإذا هو بصوت عال يسمعونه ولا يرون أحدا ليهنك البشارة من اللّه يا أمير المؤمنين أنا وصاحبي هذا الذي دفنته من الجن الذين قال اللّه فيهم وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن فلما أسلمنا قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لصاحبي هذا ستموت في أرض غربة يدفنك فيه يومئذ خير أهل الأرض فالجواب عنها أن رواتها ممن سمع من النبي صلى اللّه عليه وسلم فالظاهر أن لهم حكم الصحابة في عدم البحث عن عدالتهم وقد ذكر حفاظ الحديث ممن صنف في الصحابة مؤمني الجن فيهم قال الحافظ أبو الفضل العراقي وقد استشكل ابن الأثير ذكر مؤمني الجن في الصحابة دون من رآه من الملائكة وهم أولى بالذكر قال وليس كما زعم لأن الجن من جملة المكلفين الذين شملتهم الرسالة والبعثة فكن ذكر من عرف اسمه ممن رآه حسنا بخلاف الملائكة انتهى الثامن لا يجوز الاستنجاء بزاد الجن وهو العظم كما ثبت في الحديث فوائد الأولى الجمهور على أنه لم يكن من الجن نبي وأما قوله تعالى يا معشر الجن

(١/٢٦٠)

والإنس ألم يأتكم رسل منكم فتأولوه على أنهم رسل عن الرسل سمعوا كلامهم فأنذروا قومهم لا عن اللّه وذهب الضحاك وابن حزم إلى أنه كان منهم أنبياء واستدل بحديث وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة قال وليس الجن من قومه ولا شك أنهم قد أنذروا فصح أنهم جاءهم أنبياء منهم الثانية لا خلاف في أن كفارة الجن في النار واختلف هل يدخل مؤمنهم الجنة ويثابون على الطاعة على أقوال أحسنها نعم وينسب للجمهور ومن أدلته قوله تعالى ولمن خاف مقام ربه جنتان فبأي آلاء ربكما تكذبان إلى آخر السورة والخطاب للجن والإنس فامتن عليهم بجزاء الجنة ووصفها لهم وشوقهم إليها فدل على أنهم ينالون ما امتن به عليهم إذا آمنوا وقيل لا يدخلونها وثوابهم النجاة من النار وقيل يكونون في الأعراف الثالثة ذهب الحرث المحاسبي إلى أن الجن الذين يدخلون الجنة يكونون يوم القيامة نراهم ولا يرونا عكس ما كانوا عليه في الدنيا الرابعة صرح ابن عبدالسلام بأن الملائكة في الجنة لا يرون اللّه تعالى قال لأن اللّه تعالى لا تدركه الأبصار وقد استثني منه مؤمنو البشر فبقي على عمومه في الملائكة قال في آكام المرجان ومقتضى هذا أن الجن لا يرونه لأن الآية باقية على العموم فيهم أيضا القول في أحكام المحارم قال الأصحاب المحرم من حرم نكاحها على التأبيد بنسب أو بسبب مباح لحرمتها فخرج بالأول ولد العمومة والخؤولة وبقولنا على التأبيد أخت الزوجة وعمتها وخالتها وبقولنا بسبب مباح أم الموطوءة بشبهة وبنتها فإنها محرمة النكاح وليست محرما إذ وطء الشبهة لا يوصف بالإباحة وبقولنا لحرمتها الملاعنة فإنها حرمت تغليظا عليه والأحكام التي للمحرم مطلقا سواء كان من نسب أو رضاع أو مصاهرة

(١/٢٦١)

تحريم النكاح وجواز النظر والخلوة والمسافرة وعدم نقض الوضوء أما تحريم النكاح فلا يشاركه فيه على التأبيد إلا الملائكة وسائر المحرمات فليست على التأبيد فأخت الزوجة وعمتها وخالتها تحل بمفارقتها والأمة تحل إذا عتقت أو أعسر والمجوسية تحل إذا أسلمت والمطلقة ثلاثا تحل إذا نكحت زوجا غيره وأما جواز النظر فهل يشاركه فيه العبد وجهان صحح الرافعي منهما الجواز ووافقه النووي في المنهاج وقال في الروضة من زوائده فيه نظر وصحح في مجموع له على المهذب التحريم وبالغ فيه وعبارته هذه المسئلة مما تعم بها البلوى ويكثر الاحتياج إليها والخلاف فيها مشهور والصحيح عند أكثر أصحابنا أنه محرم لها كما نص عليه الشافعي ونقل عن جماعة تصحيحه وقال الشيخ أبو حامد الصحيح عند أصحابنا أن لا يكون محرما لها لأن الحرمة إنما تثبت بين الشخصين لم تخلق بينهما شهوة كالأخ والأخت وغيرهما وأما العبد وسيدته فشخصان خلقت بينهما الشهوة قال وأما الآية وهي قوله تعالى أو ما ملكت أيمانهن فقال أهل التفسير فيها المراد بها الإماء دون العبيد وأما الحبر وهو ما رواه أبو داود والبيهقي عن أنس أن النبي صلى اللّه عليه وسلم أتى فاطمة بعبد وقد وهبه لها وعلى فاطمة ثوب إذا قنعت به رأسها لم يبلغ رجليها وإذا غطت به رجليها لم يبلغ رأسها فلما رأى النبي صلى اللّه عليه وسلم ما تلقى قال إنه ليس عليك بأس إنما هو أبوك وغلامك فيحتمل أن يكون الغلام صغيرا قال وهذا الذي صححه الشيخ أبو حامد هو الصواب بل لا ينبغي أن يجري فيه خلاف بل يقطع بتحريمه وكيف يفتح هذا الباب للنسوة الفاسقات مع حسان المماليك الذين الغالب من أحوالهم الفسق بل العدالة فيهم في غاية القلة وكيف يستجيز الإنسان الإفتاء بأن هذا المملوك يبيت ويقيل مع سيدته مكررا ذلك مع ما هما عليه من التقصير في الدين وكل منصف يقطع بأن أصول الشريعة تستقبح هذا تحرمه أشد تحريم

(١/٢٦٢)

ثم القول بأنه محرم ليس له دليل ظاهر فإن الصواب في الآية أنها في الإماء والخبر محمول على أنه كان صغيرا انتهى كلام النووي وقد اختار التحريم أيضا السبكي في تكملة شرح المهذب وفي الحلبيات وقال إن تأويل الحديث على أنه كان صغيرا جدا لا سيما والغلام في اللغة إنما يطلق على الصبي وهي واقعة حال ولم يعلم بلوغه فلا حجة فيها للجواز ولم يحصل مع ذلك خلوة ولا معرفة ما حصل النظر إليه وإنما فيه نفي البأس عن تلك الحالة التي علمت حقيقتها ولم تجد فاطمة ما يحصل به كمال الستر الذي قصدته وغايته التعليل باسم الغلام وهو اسم للصبي أو محتمل له والاحتمال في وقائع الأحوال يسقط الاستدلال انتهى واختاره أيضا الأذرعي وغيره من المتأخرين وأفتيت به مرات ولا أعتقد سواه وأما الخلوة والمسافرة فالعبد فيهما مبني على النظر إن شاركه المحرم فيه شاركه فيهما وإلا فلا ويشاركه الزوج فيهما لا محالة بل يزيد في النظر ويكتفي في سفر حج الفرض بنسوة ثقات على ما سيأتي تحريره في أحكام السفر وأما عدم نقض الوضوء فلا يشاركه فيه غيره ومن أحكام المحرم جواز إعارة الأمة وإجارتها ورهنها عنده وإقراضها ومن اطلع إلى دار غيره وبها محرم له لم يجز رميه ويجوز أن يساكن الرجل مطلقته مع محرم له أو لها ولو عاشرها في عدة الرجعية كزوج مع وجود محرم لم يمنع انقضاء العدة ويختص المحرم النسيب بأحكام منها تغليظ الدية في قتله خطأ فلا تغلظ في المحرم بالرضاع والمصاهرة قطعا ولا في القريب غير المحرم على الصحيح

ومنها يكره قتله في جهاد الكفار وقتال البغاة والجلاد قال ابن النقيب وأما غير القريب من المحارم فلم أر من ذكر المنع من قتله

ومنها غسل الميت فيقدم في المرأة نساء المحارم على نساء الأجانب ويجوز لرجال المحارم التغسيل ويختص الأصول والفروع من بين سائر المحارم بأحكام الأول عدم الاجتماع في الملك فمن ملك أباه أو أمه أو أحد أصوله من الأجداد والجدات من جهة الأب

(١/٢٦٣)

أو الأم أو أحد أولاده وأولادهم وإن سفلوا عتق عليه سواء مكله قهرا بالإرث أم اختيارا بالشراء أو غيره الثاني جواز بيع المسلم منهم للكافر لأنه يستعقب العتق فلا يبقى في الملك وفي وجه لا يصح لما فيه من ثبوت الملك الثالث وجوب النفقة عند العجز والفطرة الرابع لا يقطع أحدهما بسرقة مال الآخر لشبهة استحقاق النفقة الخامس لا يعقل أحدهما عن الآخر لأن الأصل والفرع بعض الجاني فكما لا يحتمل الجاني لا يحتمل أبعاضه السادس لا يحكم ولا يشهد أحدهما للآخر السابع يدخلون في الوصية للأقارب الثامن تحريم موطوءة كل منهما ومنكوحته على الآخر ويختص الأصول فقط بأحكام الأول لا يقتلون بالفرع ولا له سواء الأب والأم والأجداد والجدات وإن علوا من قبل الأب والأم وحكي في الأجداد والجدات قول شاذ ولو حكم بالقتل حاكم نقض حكمه بخلاف ما لو حكم بقتل الحر بالعبد الثاني لا يحدون بقذف الفرع ولا له كالقتل الثالث لا تقبل شهادة الفرع عليهم بما يوجب قتلا في وجه الرابع لا تجوز المسافرة إلا بإذنهم إلا ما يستثنى وسواء الكافر والمسلم والحر والرقي الخامس لا يجوز الجهاد إلا بإذنهم بشرط الإسلام وقيل لا يشترط إذن الجد مع وجود الأب ولا الجدة مع وجود الأم والأصح خلافه السادس لا يجوز التفريق بينهم بالبيع حتى يميز الفرع وفي قول حتى يبلغ فإن فعل لم يصح البيع ومثله الهبة والقسمة وكذا الإقالة والرد بالعيب كما صححه ابن الرفعة والسبكي والأسنوي وليس في الروضة ترجيح في السفر كما نقله ابن الرفعة والأسنوي عن فتاوى الغزالي وأقراه بخلاف العتق والوصية وإنما يعتبر الأب والجد للأم عند فقد الأم فلو فرق بينهما وهو مع الأم جاز وفي الأجداد والجدات للأب أوجه يجوز بين الأجداد لا الجدات

(١/٢٦٤)

والمجنون كالطفل في ذلك قاله في الكفاية السابع إذا دعاه أحد الأبوين وهو في الصلاة ففيه أوجه حكاها في البحر أحدها تجب الإجابة ولا تبطل الصلاة وثانيها تجب ولكن تبطل وصححه الروياني وثالثها لا تجب وتبطل قال السبكي في كتاب بر الوالدين المختار القطع بأنه لا يجب إن كانت الصلاة فرضا سواء ضاق الوقت أم لا لأنها تلزم بالشروع وإن كانت نفلا وجبت الإجابة إن علم تأذيهما بتركها ولكن تبطل قال القاضي جلال الدين البلقيني والظاهر أن الأصول كلهم في هذا المعنى كالأبوين الثامن للأبوين منع الولد من الإحرام بحج التطوع قال الجلال البلقيني والظاهر أنه يتعدى للأجداد والجدات أيضا التاسع لهم تأديب الفرع وتعزيره وهذا وإن فرضه الشيخان في الأب فقد قال الجلال البلقيني يشبه أن تكون الأم إذا كان الصبي في حضانتها كذلك فقد صرحوا في الأمر بالصلاة والضرب عليها بأن الأمهات كالآباء في ذلك قلت وكذا الأجداد والجدات العاشر لهم الرجوع فيما وهبوه للفروع بشرطه والمذهب أن الأب والأم والأجداد والجدات في ذلك سواء الحادي عشر تبعية الفرع لهم في الإسلام إذا كان صغيرا الثاني عشر لا يحتسبون بدين الولد في وجه جزم به في الحاوي الصغير الثالث عشر يسن أن يهنأ كل من الأصول بالمولود واختص الأصول الذكور بوجوب الإعفاف سواء الأب والجد له والجد للأم واختص الأب والجد للأب بأحكام منها ولاية المال وقيل تلي الأم أيضا وتولى طرفي العقد في البيع ونحوه وولاية الإجبار في النكاح للبنت والابن والصلاة في الجنازة والعفو عن الصداق على القديم والإحرام عن الطفل والمجنون وقيل يجوز للأم أيضا وقطع السلعة واليد المتأكلة إذا كان الخطر في الترك أكثر

(١/٢٦٥)

واعلم أن الجد في كل ذلك معتبر بفقد الأب وقيل له الإحرام مع وجوده واختص الأب بأن فقد شرط في اليتم ولا أثر لوجود الجد واختص الجد للأب بأنه يتولى طرفي العقد في تزويج بنت ابنه بابن ابنه الآخر واختصت الأم بامتناع التفريق كما تقدم قاعدة كل موضع كان للأم فيه مدخل فالشقيق مقدم فيه قطعا كالإرث ومهر المثل وكل موضع لا مدخل لها فيه ففي تقديمه خلاف والأصح أيضا تقديمه كصلاة الجنازة وولاية النكاح قاعدة أخرى لا يقدم أخ لأم وابنه على الجد إلا في الوصية أو الوقف لأقرب الأقارب ولا أخ شقيق أو لأب على الجد إلا في ذلك وفي الولاء فائدة قال البلقيني الجد أبو الأب ينقسم في تنزيله منزلة الأب وعدم تنزيله منزلة الأب إلى أربعة أقسام منها ما هو كالأب قطعا وذلك في صلاة الجنازة بولاية النسب وولاية المال وولاية النكاح بالنسب وأنه لا يجوز للأب أن يوصي على الأولاد مع وجود أبي أبيه كما لا يجوز أن يوصي عليهم مع وجود أبيه وفي الإجبار للبكر الصغيرة والحضانة والإعفاف والإنفاق وعدم التحمل في العقل والعتق بالملك وعدم قبول الشهادة له والعفو عن الصداق إن قلنا به وليس كالأب قطعا في أنه لا يرد الأم إلى ثلث ما يبقى في صورة زوج وأبوين أو زوجة وأبوين فلو كان بدل الأب جد أخذت الأم الثلث كاملا وأن الأب يسقط أم نفسه ولا يسقطها الجد وكالأب على الأصح في أنه يجمع بين الفرض والتعصيب وأنه يجبر البكر البالغة وأن له الرجوع في هبته له وأنه لا يقتل بقتله وليس كالأب على الأصح في أنه لا يسقط الأخوة والأخوات لأبوين أو لأب بل يشاركهم ويقدم أخ المعتق العاصب على جده في الإرث والتزويج وصلاة الجنازة والوصية

(١/٢٦٦)

لأقرب الأقارب ويدخل في الوصية للأقارب ولا يحتاج إلى فقده في الوصية لليتامى ولا في قسم الفيء والغنيمة فائدة قال في اللباب يترتب على النسب اثنا عشر حكما توريث المال والولاية وتحريم الوصية وتحمل الدية وولاية التزويج وولاية غسل الميت والصلاة عليه وولاية المال وولاية الحضانة وطلب الحد وسقوط القصاص وتغليظ الدية القول في أحكام الولد قال الأصحاب الولد يتبع أباه في النسب وأمه في الرق والحرية وأشرفهما دينا وأخسهما نجاسة وأخفهما زكاة وأغلظهما فدية ويقال أيضا أحكام الولد أقسام أحدها ما يعتبر بالأبوين معا وذلك فيه فروع منها حل الأكل فلا بد فيه من كون أبويه مأكولين

ومنها ما يجزئ في الأضحية كذلك

ومنها ما يجزئ في جزاء الصيد

ومنها الزكاة فلا تجب في المتولد بين النعم والظباء

ومنها استحقاق سهم الغنيمة فلا يسهم للبغل المتولد بين الفرس والحمار

ومنها المناكحة والذبيحة وفيهما قولان والأظهر الاعتبار بهما والثاني الاعتبار بالأب الثاني يعتبر بالأب خاصة وذلك النسب وتوابعه من استحقاق سهم ذوي القربى والكفارة ومهر المثل والولاء فإنه يكون لموالي الأب وقدر الجزية إذا كان لأبيه جزية وأمه من قوم لهم جزية أخرى فالمعتبر جزية أبيه الثالث ما يعتبر بالأم خاصة وذلك الحرية والرق ويستثنى من الرق صور

(١/٢٦٧)

منها إذا كانت مملوكة للواطئ أو لإبنه فإن الولد ينعقد حرا

ومنها أن يظنها حرة إما بأن يغتر بحريتها في تزويجها أو يطأها بشبهة ظانا أنها أمته أو زوجته الحرة ولو كان الواطئ رقيقا وحينئذ فهذا حر تولد بين رقيقين

ومنها إذا نكح مسلم حربية ثم غلب المسلمون على ديارهم واسترقت بالأسر بعد ما حملت منه فإن ولدها لا يتبعها في الرق لأنه مسلم في الحكم الرابع ما يعتبر بأحدهما غير معين وذلك في الدين وضرب الجزية والنجاسة وتحريم الأكل والأكثر في قدر الغرة تغليبا لجانب التغليظ في الضمان والتحريم وفي وجه أن الجنين يعتبر بالأقل وفي آخر بالأب وأما في الدية فقال المتولي إنه كالمناكحة والذبح ومقتضاه اعتبار الأخس وجزم في الانتصار باعتبار الأغلظ كما يجب الجزاء في المتولد من مأكول وغيره ونقله في الحاوي عن النص وقد قلت قديما

يتبع الابن في انتساب أباه

ولأم في الرق والحريه

والزكاة الأخف والدين الأعلى

والذي اشتد في جزاء وديه

وأخس الأصلين رجسا وذبحا

ونكاحا والأكل والأضحيه

ما يتعدى حكمه إلى الولد الحادث وما لا يتعدى فيه فروع الأول إذا أتت المستولدة بولد من نكاح أو زنا تعدى حكمها إليه قطعا فيعتق بموت السيد الثاني نذر أضحية فأتت بعد ذلك بولد فحكمه مثلها قطعا الثالث ولد المغصوبة مضمون مثلها قطعا الرابع عين شاة عما في ذمته بالنذر فأتت بولد تبعها في الأصح كولد المعينة ابتداء وفي وجه لا وفي وجه آخر إن ذبحت لزم ذبحه معها وإن ماتت فلا الخامس ولد المشتراة قبل القبض للمشتري على الصحيح وهو في يد البائع أمانة فلو مات دون الأم فلا خيار للمشتري لأن العقد لم يرد عليه السادس ولد الأمة المنذور عتقها إذا حدث بعد النذر فيه طريقان الأصح القطع بالتبعية والثاني فيه الخلاف في المدبرة السابع ولد المدبرة من نكاح أو زنا فيه قولان أظهرهما يسري حكمها إليه حتى

(١/٢٦٨)

لو ماتت قبل السيد أو فرق بينهما حيث يجوز أو رجع عنه إن جوزناه لم يبطل فيه أو لم يف الثلث إلا بأحدهما أقرع في الأصح والثاني يوزع العتق عليهما لئلا تخرج القرعة على الولد فيعتق ويرق الأصل الثامن ولد المكاتبة الحادث بعد الكتابة من أجنبي فيه القولان والأظهر التبعية فيعتق بعتقها ما دامت الكتابة باقية ثم حق الملك فيه للسيد كولد المستولدة وقيل للأم لأنه مكاتب عليها التاسع ولد المعلق عتقها بصفة هل يتبعها فيه القولان في المدبرة لكن المنع هنا أظهر وصححه النووي والفرق أن التدبير يشابه الاستيلاد في العتق بالموت العاشر إذا قال لأمته أنت حرة بعد موتي بسنة فأتت بولد قبل موت السيد ففيه القولان في المدبرة أو بعده فطريقان أحدهما القطع بالتبعية لأن سبب العتق تأكد والثاني أنه على القولين الحادي عشر ولد الموصى بها فيه طريقان أصحهما القطع بعدم التبعية الثاني عشر ولد العارية والمأخوذة بالسوم فيه وجهان أصحهما أنه غير مضمون الثالث عشر ولد الوديعة الحادث في يد المودع فيه وجهان أحدهما أنه وديعة كالأم والثاني أمانة كالثوب تلقيه الريح يجب رده في الحال حتى لو لم يرده كان ضامنا له الرابع عشر ولد الموقوفة يملكه الموقوف عليه كالدور والثمر ونحوها سواء البهيمة والجارية على الأصح وقيل إنه وقف تبعا لأمه كالأضحية الخامس عشر ولد المرهونة الحادث بعد الرهن ليس برهن في الأظهر فإن الفصل قبل البيع لم يتبعها اتفاقا فائدة قال ابن الوكيل قد يظن أن الولد لا يلحق إلا بستة أشهر وهو خطأ فإن الولد يلحق لدون ذلك فيما إذا جني على حامل فألقت جنينا لدون ستة أشهر فإنه يلحق أبويه وتكون العبرة بهما وكذا لو أجهضته بغير جناية كان مؤنة تجهيزه وتكفينه على أبيه وإنما يتقيد بالستة الأشهر الولد الكامل دون الناقص

(١/٢٦٩)

تنبيه اختلف كلام الأصحاب في مسائل الحمل هل يعتبر فيه الانفصال التام أو لا فاعتبروا الانفصال التام في انقضاء العدة ووقوع الطلاق المعلق بالولادة والإرث واستحقاق الوصية والدية فلو خرج نصفه فضربها ضارب ثم انفصل ميتا فالواجب الغرة دون الدية فلو كانت الصورة بحالها وصاح فحز رجل رقبته ففيه القصاص أو الدية على الأصح ولا يعتبر في وجوب الغرة أيضا الانفصال التام على الأصح القول في أحكام تغييب الحشفة يترتب عليها مائة وخمسون حكما وجوب الغسل ولاوضوء وتحريم الصلاة والسجود والخطبة والطواف وقراءة القرآن وحمل المصحف ومسه وكتابته على وجه والمكث في المسجد وكراهة الأكل والشرب والنوم والجماع حتى يغسل فرجه ويتوضأ ووجوب نزع الخف والكفارة وجوبا أو ندبا في أول الحيض بدينار وآخره بنصفه وفساد الصوم ووجوب قضائه والتعزير والكفارة وعدم انعقاده إذا طلع الفجر حينئذ وقطع التتابع المشروط فيه وفي الاعتكاف وفساد الاعتكاف والحج والعمرة ووجوب المضي في فاسدهما وقضائهما والبدنة فيهما والشاة بتكرره أووقوعه بعد التحلل الأول أو بعد فوته وحجه بامرأته التي وطئها في الحج والعمرة والنفقة عليها ذهابا وإيابا والتفريق بينهما على قول وعدم انعقادهما إذا أحرم حالة الإيلاج وقطع خيار البائع والمشتري في المجلس والشرط أو سقوط الرد إذا فعله بعد ظهور العيب أو قبله وكانت بكرا وكونه رجوعا عند الفلس أو في هبة الفرع أوالوصية في وجه في الثلاث ووجوب مهر المثل للمكرهة حرة أو مرهونة أو مغصوبة أو مشتراه من الغصب أو شراء فاسدا أو مكاتبة وللموطوءة بشبهة أو في نكاح فاسد أو عدة التخلف أو الرجعة ولحوق الولد بالسيد وسقوط الاختيار والولاية فلا يتزوج حتى يبلغ ويحرم التعريض بالخطبة لمن طلقت بعده لآبائنا وبيع العبد فيه إذا نكح بغير إذن سيده أو بإذنه نكاحا فاسدا على قول وتحريم الربيبة وتحريم الموطوءة إذا كانت بشبهة أو أمة على آبائه وأبنائه وأصولها وفروعها عليه وتحريم أمته عليه إذا كان الواطئ أصلا وحلها للزوج الأول ولسيدها الذي طلقها ثلاثا قبل الملك وتحريم وطء أختها أو عمتها أو خالتها إذا كانت أمة وكونه اختيارا ممن أسلم على أكثر من أربع في قول ومنع اختيار الأمة فيما إذا أسلم على حرة وطئها وأمة فتأخرت وأسلمت

(١/٢٧٠)

الأمة ومنع نكاح أختها إذا أسلم على مجوسية تخلفت حتى تنقضي العدة وكذا أربع سواها ومنع تنجيز الفرقة فيمن تخلفت عن الإسلام أو أسلمت أو ارتدت أو ارتدا معا أو متعاقبا وزوال العنة وإبطال خيار العتيقة أو زوجة المعيب أو زوج المعيبة حيث فعل مع العلم وزوال العنت وثبوت المسمى ووجوب مهر المثل للمفوضة ومنع الفسح إذا أعسر بالصداق بعده ومنع الحبس بعده حتى تقبض الصداق وعدم عفو الولي بعده إن قلنا له العفو وسقوط المتعة في قول ووقوع الطلاق المعلق به وثبوت السنة والبدعة فيه وكونه تعيينا للمبهم طلاقها على وجه وثبوت الرجعة والفيئة من الإيلاء ووجوب كفارة اليمين حينئذ ومصير كفارة المظاهر قضاء ووجوب كفارة الظهار المؤقت في المدة واللعان وسقوط حصانة الفاعل والمفعول به بشرطه ووجوب العدة بأقسامها وكون الأمة به فراشا ومنع تزويجها قبل الاستبراء وتحريم لبن ثاربه ووجوب النفقة والسكنى للمطلقة بعده والحد بأنواعه في الزنا واللواط وقتل البهيمة في قول ووجوب ثمنها عليه حينئذ ووجوب التعزير إن كان في ميتة أو مشتركة أو موصى بمنفعتها أو محرم مملوكة أو بهيمة أو دبر زوجة بعد أن نهاه الحاكم وثبوت الإحصان وعدم قطع نكاح الأسيرة بعده على وجه وانتقاض عهد الذمي إن فعله بمسلمة بشرطه وإبطال الإمامة العظمى على وجه والعزل عن القضاء والولاية والوصية والأمانة ورد الشهادة وحصول التسري به مع النية على وجه ووقوع العتق المعلق بالوطء قواعد عشرة الأولى قال البغوي في فتاويه حكم الذكر الأشل حكم الصحيح إلا أنه لا يثبت النسب ولا الإحصان ولا التحليل ولا يوجب مهرا ولا عدة ولا تحريم بالمصاهرة ولا يبطل الإحرام قال وهكذا القول في الذكر المبان الثانية لا فرق في الإيلاج بين أن يكون بخرقة أو لا إلا في نقض الوضوء الثالثة ما ثبت للحشفة من الأحكام ثابت لمقطوعها إن بقي منه قدرها ولا يشترط تغييب الباقي في الأصح وإن لم يبق قدرها لم يتعلق به شيء من الأحكام إلا فطر الصائمة في الأصح الرابعة قال في الروضة الواطئ في الدبر كهو في القبل إلا في سبعة مواضع التحصين والتحليل والخروج من الفيئة ومن العنة ولا يغير إذن البكر على الصحيح وإذا وطئت الكبيرة في فرجها وقضت وطرها واغتسلت ثم خرج منها المني وجب إعادة الغسل في الأصح وإن كان ذلك في دبرها لم يعد ولا يحل بحال والقبل يحل في الزوجة والأمة

(١/٢٧١)

واستدرك عليه صور منها لو وطئ بهيمة في دبرها لا يقتل إن قلنا تقتل في القبل

ومنها وطئ أمته في دبرها فأتت بولد لا يلحق السيد في الأصح كذا في الروضة وأصلها في باب الاستبراء وخالفاه في باب النكاح والطلاق فصححا اللحوق

ومنها وطئ زوجته في دبرها فأتت بولد فله نفيه باللعان

ومنها وطئ البائع في زمن الخيار فسخ على الصحيح لا في الدبر على الأصح

ومنها أن المفعول به يجلد مطلقا وإن كان محصنا

ومنها أن الفاعل يصير به جنبا لا محدثا بخلاف فرج المرأة

ومنها لا كفارة على المفعول به في الصوم بلا خلاف رجلا كان أو امرأة وفي القبل الخلاف المشهور

ومنها قال البلقيني تخريجا وطء الأمة في دبرها عيب يرد به ويمنعه من الرد القهري بالقديم

ومنها على رأي ضعيف أن الطلاق في طهر وطئها في الدبر لا يكون بدعيا وأن المفعول به لا تسقط حصانته ولا يوجب العدة ولا المصاهرة والأصح في الأربعة أنه كالقبل الخامسة قال ابن عبدان الأحكام الموجبة للوطء في النكاح الفاسد سبعة مهر المثل ولحوق الولد وسقوط الحد وتحريم الأصول والفروع وتحريمها عليهم وتصير فراشا ويملك به اللعان وفي ملك اليمين سبعة تحريمها على أصوله وفروعه وتحريم أصولها وفروعها ووجوب الاستبراء وتصير فراشا وتحريم ضم أختها إليها السادسة كل حكم تعلق بالوطء لا يعتبر فيه الإنزال إلا في مسئلة واحدة وهي ما لو حلف لا يتسرى لا يحنث إلا بتحصين الجارية والوطء والإنزال السابعة قال الأصحاب لا يخلو الوطء في غير ملك اليمين عن مهر أو عقوبة إلا في صور الأولى في الذمية إذا نكحت في الشرك على التفويض وكانوا يرون سقوط المهر عند المسيس الثانية إذا زوج أمته بعبده الثالثة إذا وطئ البائع الجارية المبيعة قبل الإقباض الرابعة السفيه إذا تزوج رشيدة بغير إذن الولي ووطئ

(١/٢٧٢)

الخامسة المريض إذا عتق أمته وتزوجها ووطئ ومات وهي ثلث ماله وخيرت فاختارت بقاء النكاح السادسة إذن الراهن للمرتهن في الوطء فوطئ ظانا للحل السابعة وطئت المرتدة والحربية بشبهة الثامنة العبد إذا وطئ سيدته بشبهة التاسعة بحثها الرافعي فيما لو أصدق الحربي امرأته مسلما استرقوه وأقبضها ثم أسلما وانتزع من يدها أنه لا يجب مهر كما لو أصدقها خمرا وأقبضها ثم أسلما العاشرة الموقوف عليه إذا وطئ الموقوفة القاعدة الثامنة قال العلائي الذي يحرم على الرجل وطء زوجته مع بقاء النكاح الحيض والنفاس والصوم الواجب والصلاة لضيق وقتها والاعتكاف والإحرام والإيلاء والظهار قبل التكفير وعدة وطء الشبهة وإذا أفضاها حتى تبرأ وعدم احتمالها الوطء لصغر أو مرض أو عبالته والطلاق الرجعي والحبس قبل توفية الصداق ونوبة غيرها في القسم قلت ومن غرائب ما يلحق بذلك ما ذكره الشيخ ولي الدين في نكته أن في كلام الإمام ما يقتضي منع الزوج من وطء زوجته التي وجب عليها القصاص وليس بها حمل ظاهر لئلا يحدث منه حمل يمنع من استيفاء ما وجب عليها ويقرب من ذلك من مات ولد زوجته من غيره يكره له الوطء حتى يعلم هل كانت عند موته حاملا ليرث منه أم لا فائدة قال الإمام الجماع مع دواعيه أقسام الأول ما يحرم فيه دون دواعيه وهو الحيض والنفاس والمستبرأة والمسبية الثاني ما يحرم فيه ولا يحرم دواعيه بشرط أن لا يحرك الشهوة وهو الصوم الثالث ما يحرم فيه وفي دواعيه قولان وهو الاعتكاف الرابع ما يحرمان فيه كالحج والعمرة والمستبرأة والرجعية القاعدة التاسعة إذا اختلف الزوجان في الوطء فالقول قول نافيه عملا بأصل العدم إلا في مسائل الأولى إذا ادعى العنين الإصابة فالقول قوله بيمينه سواء كان قبل المدة أو بعدها ولو كان خصيا ومقطوع بعض الذكر على الصحيح الثانية المولى إذا ادعى الوطء يصدق بيمينه لاستدامة النكاح

(١/٢٧٣)

الثالثة إذا قالت طلقتني بعد الدخول فلي المهر وأنكر فالقول قوله للأصل وعليها العدة مؤاخذة بقولها ولا نفقة لها ولا سكنى وله نكاح بنتها وأربع سواها في الحال فإذا أتت بولد لزمن محتمل ولم يلاعن ثبت النسب وقوي به جانبها فيرجع إلى تصديقها بيمينها ويطالب الزوج بالنصف الثاني فإن لاعن زال المرجح وعدنا إلى تصديقه كما كان الرابعة إذا تزوجها بشرط البكارة فقالت زالت بوطئك فالقول قولها بيمينها لدفع الفسخ وقوله بيمينه لدفع كمال المهر حكاه الرافعي عن البغوي وأقره الخامسة إذا ادعت المطلقة ثلاثا أن الزوج الثاني أصابها قبلت لتحل للمطلق لا لاستقرار المهر ذكره الرافعي في التحليل السادسة إذا قال لطاهرة أنت طالق للسنة ثم قال لم يقع لأني جامعتك فيه فأنكرت قال إسماعيل البوشنجي مقتضى المذهب قبول قوله لبقاء النكاح حكاه عنه الرافعي وأجاب بمثله القاضي حسين في فتاويه فيما إذا قال إن لم أنفق عليك اليوم فأنت طالق ثم ادعى الإنفاق فيقبل لعدم الطلاق لا لسقوط النفقة لكن في فتاوى ابن الصلاح أن الظاهر الوقوع في هذه المسئلة السابعة إذا جرت خلوة بثيب فإنها تصدق على قول ولكن الأظهر خلافه الثامنة وهي على رأي ضعيف أيضا إذا عتقت تحت عبد وقلنا يثبت الخيار إلى الوطء فادعاه وأنكرت ففي المصدق وجهان في الشرح بلا ترجيح لتعارض الأصلين بقاء النكاح وعدم الوطء وقد نظمت الصور الستة التي على المرجح في أبيات فقلت

يا طالبا ما فيه قولا مثبت وطء

نقبله ونافيه لا يئول مقالا

من أنكر وطئا حليلها وأتته

بابن ولعانا أبى وقال محالا

أو طلق في الطهر سنة ونفاه

إذ قال بوطء ومن يعن وآلى

أو زوج بكرا بشرطها فأزيلت

قالت هو منه وعند زوجي زالا

أو زوجت البت وادعته بوطء

صارت وإن الزوج قد نفاه حلالا

هذاك جوابي بحسب مبلغ علمي

واللّه له العلم ذو الجلال تعالى

القاعدة العاشرة لا يقوم الوطء مقام اللفظ إلا مسألة واحدة وهي الوطء في زمن الخيار فإنه فسخ من البائع وإجازة من المشتري وأما وطء الموصى بها فإن اتصل به إحبال فرجوع وإلا فلا في الأصح فإن عزل فلا قطعا

(١/٢٧٤)

القول في العقود قال الدارمي في جامع الجوامع ومن خطه نقلت إذا كان المبيع غير الذهب والفضة بواحد منهما فالنقد ثمن وغيره مثمن ويسمى هذا العقد بيعا وإذا كان غير نقد سمي هذا العقد معاوضة ومقايضة ومناقلة ومبادلة وإن كان نقدا سمي صرفا ومصارفة وإن كان الثمن مؤخرا سمي نسيئة وإن كان المثمن مؤخرا سمي سلما أو سلفا وإن كان المبيع منفعة سمي إجارة أو رقبة العبد له سمي كتابة أو بضعا سمي صداقا أو خلعا انتهى قلت ويزاد عليه إن كان كل منهما دينا سمي حوالة أو المبيع دينا والثمن عينا ممن هو عليه سمي استبدالا وإن كان بمثل الثمن الأول لغير البائع الأول سمي تولية أو بزيادة سمي مرابحة أو نقص سمي محاطة أو إدخالا في بعض المبيع سمي إشراكا أو بمثل الثمن الأول للبائع الأول سمي إقالة تقسيم ثان العقود الواقعة بين اثنين على أقسام الأول لازم من الطرفين قطعا كالبيع والصرف والسلم والتولية والتشريك وصلح المعاوضة والحوالة والإجارة والمساقاة والهبة للأجنبي بعد القبض والصداق وعوض الخلع الثاني جائز من الطرفين قطعا كالشركة والوكالة والقراض والوصية والعارية والوديعة والقرض والجعالة قبل الفراغ والقضاء والوصايا وسائر الولايات غير الإمامة الثالث ما فيه خلاف والأصح أنه لازم منهما وهو المسابقة والمناضلة بناء على أنها كالإجارة ومقابله يقول إنها كالجعالة والنكاح لازم من المرأة قطعا ومن الزوج على الأصح كالبيع وقيل جائز منه لقدرته على الطلاق الرابع ما هو جائز ويئول إلى اللزوم وهو الهبة والرهن قبل القبض والوصية قبل الموت

(١/٢٧٥)

الخامس ما هو لازم من الموجب جائز من القابل كالرهن والكتابة والضمان والكفالة وعقد الأمان والإمامة العظمى السادس عكسه كالهبة للأولاد تنبيه صرح العلائي في قواعده بأن من الجائز من الجانبين ولاية القضاء والتولية على الأوقاف وغير ذلك من جهة الحكام هذه عبارته فأما القضاء فواضح فلكل من المولي والمولى العزل وأما الولاية على الأيتام فظاهر ما ذكره أن الحاكم إذا نصب قيما على يتيم فله عزله وكذا لمن يلي بعده من الحكام وهو ظاهر فإنه نائب الحاكم في أمر خاص وللحاكم عزل نائبه وإن لم يفسق وقد كنت أجبت بذلك مرة في أيام شيخنا قاضي القضاة شيخ الإسلام شرف الدين المناوي فاستفتي فأفتى بخلافه وأنه ليس للحاكم عزله ولم يتضح لي ذلك إلى الآن وكأنه رأى واقعة الحال تقتضي ذلك فإن الحاكم الذي أراد عزل القيم إنما كان غرضه أخذ مال اليتيم منه يستعين به فيما غرمه على الولاية لجهة السلطنة ولا ينافي هذا ما في الروضة كأصلها من أن المذهب الذي قطع به الأصحاب أن القوام على الأيتام والأوقاف لا ينعزلون بموت القاضي وانعزاله لئلا تتعطل أبواب المصالح وهم كالمتولى من جهة الوقف لأن هذا في الانعزال بلا عزل وأما التولية على الأوقاف فقد ذكر الأصحاب أن للواقف ( على الصحيح ) عزل من ولاه النظر أو التدريس ونصب غيره قال الرافعي ويشبه أن تكون المسئلة مفروضة في التولية بعد تمام الوقف دون ما إذا أوقف بشرط التولية لفلان لأن في فتاوى البغوي أنه لو وقف مدرسة ثم قال لعالم فوضت إليك تدريسها أو اذهب ودرس فيها كان له تبديله بغيره ولو وقف بشرط أن يكون هو مدرسها أو قال حال الوقف فوضت تدريسها إلى فلان فهو لازم لا يجوز تبديله كما لو وقف على أولاده الفقراء لا يجوز التبديل بالأغنياء قال الرافعي وهذا حسن في صيغة الشرط وغير متضح في قوله وقفتها وفوضت التدريس إليه زاد النووي في الروضة هذا الذي استحسنه الرافعي هو الأصح أو الصحيح

(١/٢٧٦)

ويتعين أن يكون صورة المسئلة كما ذكروا ومن أطلقها فكلامه محمول على هذا التأويل وفي فتاوى ابن الصلاح ليس للواقف تبديل من شرط له النظر حال إنشاء الوقف إن رأى المصلحة في تبديله ولو عزل الناظر المعين حال إنشاء الوقف نفسه فليس للواقف نصب غيره فإنه لا نظر له بعد أن جعل النظر في حال الوقف لغيره بل ينصب الحاكم ناظرا انتهى واختار السبكي في هذه الصورة أعني إذا عزل الناظر المعين نفسه أنه لا ينعزل وضم إلى ذلك المدرس الذي شرط تدريسه في الوقف أنه لا ينعزل بعزل نفسه وألف في ذلك مؤلفا فعلى هذا يكون لازما من الجانبين فيضم إلى القسم الأول وقيل إن منشأ الخلاف فيه أنه تردد بين أصلين أحدهما الوكالة لأنه تفويض فينعزل والثاني ولاية النكاح لأنه شرط في الأصل فلا ينعزل وفي الروضة وأصلها عن فتاوى البغوي وأقره أن القيم الذي نصبه الواقف لا يبدل بعد موته تنزيلا له منزلة الوصي فيكون هذا من القسم الرابع وكأن هذا الفرع مستند ما أفتى به شيخنا فيما تقدم لكن الفرق واضح لأن الحاكم ليس له عزل الأوصياء بلا سبب بخلاف القوام لأنهم نوابه وفي الروضة قبيل الغنيمة عن الماوردي وأقره أنه إذا أراد ولي الأمر إسقاط بعض الأجناد المثبتين في الديوان بسبب جاز أو بغير سبب فلا يجوز قال المتأخرون فيقيد بهذا ما أطلقناه في الوقف من جواز عزل الناظر والمدرس فلا يجوز إلا بسبب نعم أفتى جمع من المتأخرين منهم العز الفاروني والصدر بن الوكيل والبرهان بن الفركاح والبلقيني بأنه حيث جعلنا للناظر العزل لم يلزمه بيان مستنده ووافقهم الشيخ شهاب الدين المقدسي لكن قيده بما إذا كان الناظر موثوقا بعلمه ودينه وقال في التوشيح لا حاصل لهذا القيد فإنه إن لم يكن كذلك لم يكن ناظرا وإن أراد علما ودينا زائدين على ما يحتاج إليه الناظر فلا يصح ثم قال في أصل الفتيا نظر من جهة أن الناظر ليس كالقاضي العام الولاية فلم لا يطالب بالمستند وقد صرح شريح في أدب القضاء بأن متولي الوقف إذا ادعى صرفه على المستحقين

(١/٢٧٧)

وهم معينون وأنكروا فالقول قولهم ولهم المطالب بالحساب وقال الشيخ ولي الدين العراقي في نكته الحق تقييد المقدسي وله حاصل فليس كل ناظر يقبل قوله في عزل المستحقين من وظائفهم من غير إبداء مستند في ذلك إذا نازعه المستحق فإن عدالته ليست قطعية فيجوز أن يقع له الخلل وعلمه قد يحتمل أيضا بظن ما ليس بقادح قادحا بخلاف من تمكن في العلم والدين وكان فيه قدر زائد على ما يكفي في مطلق النظار من تمييز بين ما يقدح وما لا يقدح ومن ورع وتقوى يحولان بينه وبين متابعة الهوى وقد قال البلقيني في حاشية الروضة مع فتوه بما تقدم إن عزل الناظر للمدرس وغيره تهورا من غير طريق تسوغ لا ينفذ ويكون قادحا في نظره فيحمل كل من جوابيه على حالة انتهى هذا حكم ولايات الوقف وأما أصل الوقف فإنه لازم من الواقف ومن الموقوف عليه أيضا إذا قبل حيث شرطنا القبول فلو رد بعد القبول لم يسقط حقه ولم يبطل الوقف وفي الأشباه والنظائر لابن السبكي كثيرا ما يقع أن شخصا يقر بأنه لا حق له في هذا الوقف أو أن زيدا هو المستحق دونه ويخرج شرط الواقف مكذبا للمقر مقتضيا لاستحقاقه فيظن بعض الأغبياء أن المقر يؤاخذ بإقراره فالصواب أنه لا يؤاخذ سواء علم شرط الواقف وكذب في إقراره أم لم يعلم فإن ثبوت هذا الحق له لا ينتقل بكذبه ضابط ليس لنا في العقود اللازمة ما يحتاج إلى استقرار للمعقود عليه إلا البيع والسلم والإجارة والمسابقة والصداق وعوض الخلع تقسيم ثالث من العقود مالا يفتقر إلى الإيجاب والقبول لفظا

ومنها ما يفتقر إلى الإيجاب والقبول مطلقا

ومنها ما يفتقر إلى الإيجاب لفظا ولا يفتقر إلى القبول لفظا بل يكفي الفعل

ومنها ما لا يفتقر إليه أصلا بل شرطه عدم الرد

ومنها مالا يرتد بالرد فهذه خمسة أقسام فالأول منه الهدية فالصحيح أنه لا يشترط فيها الإيجاب والقبول لفظا بل يكفي

(١/٢٧٨)

البعث من المهدي والقبض من المهدى إليه وفي وجه يشترطان وفي ثالث لا يشترط في المأكولات ويشترط في غيرها وفي رابع لا يشترط في الانتفاع ويشترطان في التصرف ومنه الصدقة قال الرافعي وهي كالهدية بلا فرق ومنه ما يخلعه السلطان على العادة ومنه ما قلنا بصحة المعاطاة فيه من البيع والهبة والإجارة والرهن ونحوها على ما اختاره في الروضة وشرح المهذب من الرجوع فيه إلى العرف وقيل يختص بالمحقرات كرطل خبز ونحوه وقيل بما دون نصاب السرقة والثاني البيع والصرف والسلم والتولية والتشريك وصلح المعاوضة والصلح عن الدم على غير جنس الدية والرهن والإقالة والحوالة والشركة والإجارة والمساقاة والهبة والنكاح والصداق وعوض الخلع إن بدأ الزوج أو الزوجة بصفة معاوضة والخطبة فلو لم يصرح بالإجابة لم تحرم الخطبة عليه والكتابة وعقد الإمامة والوصاية وعقد الجزية وكذا القرض في الأصح والوصية لمعين وكذا الوقف على معين في الأصح كما ذكره الشيخان في بابه واختار في الروضة في السرقة عدم اشتراطه وصححه ابن الصلاح والسبكي والأسنوي وقال في المهمات المختار في الروضة ليس في مقابلة الأكثرين بل بمعنى الصحيح والراجح وأما ولاية القضاء فنقل الرافعي عن الماوردي أنه يشترط فيها القبول وقال ينبغي أن تكون كالوكالة والثالث الوكالة والقراض والوديعة والعارية والجعالة ولو عين العامل والخلع إن بدأ بصيغة تعليق كمتى أعطيتني ألفا فأنت طالق والأمان فإنه يشترط قبوله في الأصح ويكفي فيه إشارة مفهمة والرابع الوقف على ما اختاره النووي والخامس الضمان وكذا الوقف في وجه والإبراء والصلح عن دم العمد على الدية وإجازة الحديث صرح البلقيني بأنه لا يشترط فيها القبول والظاهر أيضا أنها لا ترتد بالرد

(١/٢٧٩)

ضابط اتحاد الموجب والقابل ممنوع إلا في صور الأولى الأب والجد في بيع مال الطفل لنفسه وبيع ما له للطفل وكذا في الهبة والرهن الثانية في تزويج الجد بنت ابنه بابن ابنه الآخر على الأصح الثالثة إذا زوج عبده الصغير بأمته على قول الإجبار الرابعة الإمام الأعظم إذا تزوج من لا ولي لها على وجه يجري في القاضي وابن العم والمعتق الخامسة إذا وكله وأذن له في البيع من نفسه وقدر الثمن ونهاه عن الزيادة ففي المطلب ينبغي أن يجوز لانتفاء التهمة فائدة الإيجاب والقبول هل هما أصلان في العقد أو الإيجاب اصل والقبول فرع قال ابن السبكي رأيت في كلام ابن عدلان حكاية خلاف في ذلك وبنى عليه بعضهم ما إذا قال المشتري بعني فقال البائع بعتك هل ينعقد إن قلنا بالأول صح وإلا فلا لأن الفرع لا يتقدم على أصله ضابط ليس لنا عقد يختص بصيغة إلا النكاح والسلم ضابط كل إيجاب افتقر إلى القبول فقبوله بعد موت الموجب لا يفيد إلا في الوصية وكل من ثبت له قبول فات بموته إلا الموصى له فإنه إذا مات قام وارثه فيه مقامه تقسيم رابع من العقود مالا يشترط فيها القبض لا في صحته ولا في لزومه ولا استقراره

ومنها ما يشترط في صحته

ومنها ما يشترط في لزومه

ومنها ما يشترط في استقراره فالأول النكاح لا يشترط قبض المنكوحة والحوالة فلو أفلس المحال عليه أو جحد فلا رجوع للمحتال والوكالة والوصية

(١/٢٨٠)

والجعالة وكذا الوقف على المشهور وقيل يشترط في المعين والثاني الصرف وبيع الربوى ورأس مال السلم وأجرة إجارة الذمة والثالث الرهن والهبة والرابع البيع والسلم والإجارة والصداق والقرض يشترط القبض فيه للملك لكنه لا يفيد اللزوم لأن للمقرض الرجوع ما دام باقيا بحاله ضابط اتحاد القابض والمقبض ممنوع لأنه إذا كان قابضا لنفسه احتاط لها وإذا كان مقبضا وجب عليه وفاء الحق من غير زيادة فلما تخالف الغرضان والطباع لا تنضبط امتنع الجمع ولهذا لو وكل الراهن المرتهن في بيع الرهن لأجل وفاء دينه لم يجز لأجل التهمة واستعجال البيع ولو قال لمستحق الحنطة من دينه اقبض من زيد ما لي عليك لنفسك ففعل لم يصح ويستثنى صور الأولى الوالد يتولى طرفي القبض في البيع لأن القبض لا يزيد على العقد وهو يملك الانفراد به الثانية وفي النكاح إذا أصدق في ذمته أو في مال ولد ولده لبنت ابنه الثالثة إذا خالعها على طعام في ذمتها بصيغة السلم وأذن لها في صرفه لولده منها فصرفته له بلا قبض برئت الرابعة مسئلة الظفر إذا ظفر بغير جنس حقه أو بجنسه وتعذر استيفاؤه من المستحق عليه طوعا فأخذه يكون قبضا منه لحق نفسه فهو قابض مقبض الخامسة لو أجر دارا واذن له في صرف الأجرة في العمارة جاز السادسة لو وكل الموهوب له الغاصب أو المستعير أو المستأجر في قبض ما في يده من نفسه وقيل صح وبرئ الغاصب والمستعير إذا مضت مدة يتأتى فيها القبض كما نقله الرافعي في باب الهبة عن الشيخ أبي حامد وغيره ثم قال وهذا يخالف الأصل المشهور أن الواحد لا يكون قابضا ومقبضا السابعة نقل الجوري عن الشافعي أن الساعي يأخذ من نفسه لنفسه الثامنة أكل الوصي الفقير مال اليتيم قال الشيخ عز الدين إن جعلناه قرضا اتحد المقرض والمقترض وإن لم نجعله قرضا فقد قبض من نفسه لنفسه التاسعة لو امتنع المشتري من قبض المبيع ناب القاضي عنه فإن فقد ففي

(١/٢٨١)

وجه أن البائع يقبض من نفسه للمشتري فيكون قابضا مقبضا والمشهور خلافه وأنه من ضمان البائع كما كان قال الإمام ولو صح ذلك الوجه لكان من عليه دين حال وأحضره إلى مستحقه وامتنع من قبضه يقبض من نفسه ويصير في يده أمانة وتبرأ ذمته ولم يقل بذلك أحد العاشرة لو أعطاه ثوبا وقال بع هذا واستوف حقك من ثمنه فهو في يده أمانة لا يضمنه لو تلف وهل يصح أن يقبض من نفسه فيه وجهان قلت وسئلت عن رجل أذن لزوجته أن تقترض عليه كل يوم مائة درهم تنفقها على نفسها فهل يصح ذلك فأجبت نعم وبلغني أن بعض من لا علم عنده ولا تحقيق أنكره لأنه يلزم منه اتحاد القابض والمقبض تذنيب يقرب من قاعدة اتحاد القابض والمقبض ما لو قطع من عليه السرقة نفسه أو جلد الزاني نفسه بإذن الإمام أو قطع من عليه القصاص نفسه بإذن المستحق أو وكله في قتل نفسه أو جلده في القذف والأصح المنع في صورتي القصاص وجلد القذف والزنا والإجزاء في صورة السرقة لحصول الغرض وهو التنكيل بذلك بخلاف الجلد لأنه قد لا يؤلم نفسه ويوهم الإيلام فلا يتحقق حصول المقصود وبخلاف صورتي القصاص قياسا على مسئلة الجلد وعلى مسئلة قبض المشتري المبيع من نفسه بإذن البائع فإنه لا يعتد به تقسيم خامس قال البلقيني كل عقد كانت المدة ركنا فيه لا يكون إلا مؤقتا كالإجارة والمساقاة والهدنة وكل عقد لا يكون كذلك لا يكون إلا مطلقا وقد يعرض له التأقيت حيث لا ينافيه كالقراض يذكر فيه مدة ويمنع من الشراء بعدها فقط وكالإذن المقيد بالزمان في أبوابه وكالوصاية ومما لا يقبل التأقيت الجزية في الأصح ومما يقبله الإيلاء والظهار والنذر واليمين ونحوها انتهى والحاصل أن ما لا يقبل التأقيت بحال ومتى أقت بطل البيع بأنواعه والنكاح والوقف قطعا والجزية

(١/٢٨٢)

ويقبله وهو شرط في صحته الإجارة وكذا المساقاة والهدنة على الأصح ويقبله وليس شرطا في صحته الوكالة والوصاية تقسيم سادس قال الإمام الوثائق المتعلقة بالأعيان ثلاثة الرهن والكفيل والشهادة فمن العقود ما يدخله الثلاثة كالبيع والسلم والقرض

ومنها ما يدخله الشهادة دونهما وهو المساقاة جزم به الماوردي ونجوم الكتابة

ومنها ما تدخله الشهادة والكفالة دون الرهن وهو الجعالة

ومنها ما يدخله الكفالة دونهما وهو ضمان الدرك ضابط ليس لنا عقد يجب فيه الإشهاد من غير تقييد الموكل إلا النكاح قطعا والرجعة على قول وعقد الخلافة على وجه ومما قيل بوجوب الإشهاد فيه من غير العقود اللقطة على وجه واللقيط على الأصح لخوف إرقاقه قواعد الأولى قال الأصحاب كل عقد اقتضى صحيحه الضمان فكذلك فاسده وما لا يقتضي صحيحه الضمان فكذلك فاسده أما الأول فلأن الصحيح إذا أوجب الضمان فالفاسد أولى وأما الثاني فلأن إثبات اليد عليه بإذن المالك ولم يلتزم بالعقد ضمانا واستثني من الأول مسائل الأولى إذا قال قارضتك على أن الربح كله لي فالصحيح أنه قراض فاسد ومع ذلك لا يستحق العامل أجرة على الصحيح الثانية إذا ساقاه على أن الثمرة كلها له فهي كالقراض الثالثة ساقاه على وأدى ليغرسه ويكون الشجر بينهما أو ليغرسه ويتعهده مدة والثمرة بينهما فسد ولا أجر وكذا إذا ساقاه على وادى مغروس وقدر مدة لا يثمر فيها في العادة الرابعة إذا فسد عقد الذمة من غير الإمام لم يصح على الصحيح ولا جزية فيه على الذمي على الأصح

(١/٢٨٣)

الخامسة إذا استؤجر المسلم للجهاد لم يصح ولا شيء السادسة إذا استأجر أبو الطفل أمه لإرضاعه وقلنا لا يجوز فلا تستحق أجرة المثل في الأصح السابعة قال الإمام لمسلم إن دللتني على القلعة الفلانية فلك منها جارية ولم يعين الجارية فالصحيح الصحة كما لو جرى من كافر فإن قلنا لا يصح لم يستحق أجرة الثامنة المسابقة إذا صحت فالعمل فيها مضمون وإذا فسدت لا يضمن في وجه التاسعة النكاح الصحيح يوجب المهر بخلاف الفاسد ويستثنى من الثاني مسائل الأولى الشركة فإنها إذا صحت لا يكون عمل كل منهما في مال صاحبه مضمونا عليه وإذا فسدت يكون مضمونا بأجرة المثل الثانية إذا صدر الرهن والإجارة من الغاصب فتلفت العين في يد المرتهن أو المستأجر فللمالك تضمينه على الصحيح وإن كان القرار على الغاصب مع أنه لا ضمان في صحيح الرهن والإجارة الثالثة لا ضمان في صحيح الهبة وفي المقبوض بالهبة الفاسدة وجه أنه يضمن كالبيع الفاسد الرابعة ما صدر من السفيه والصبي مما لا يقتضي صحيحه الضمان فإنه يكون مضمونا على قابضه منه مع فساده تنبيه المراد من القاعدة الأولى استواء الصحيح والفاسد في اصل الضمان لا في الضامن ولا في المقدار فإنهما لا يستويان أما الضامن فلأن الولي إذا استأجر على عمل للصبي إجارة فاسدة تكون الأجرة على الولي لا في مال الصبي كما صرح به البغوي في فتاويه بخلاف الصحيحة وأما المقدار فلأن صحيح البيع مضمون بالثمن وفاسده بالقيمة أو المثل وصحيح القرض مضمون بالمثل مطلقا وفاسده بالمثل أو القيمة وصحيح المساقاة والقراض والإجارة والمسابقة والجعالة مضمون بالمسمى وفاسدها بأجرة المثل والوطء في النكاح الصحيح مضمون بالمسمى وفي الفاسد بمهر المثل

(١/٢٨٤)

ضابط كل عقد بمسمى فاسد يسقط المسمى إلا في مسألة وهي ما إذا عقد الإمام مع أهل الذمة السكنى بالحجاز على مال فهي إجارة فاسدة فلو سكنوا أو مضت المدة وجب المسمى لتعذر إيجاب عوض المثل فإن منفعة دار الإسلام سنة لا يمكن أن تقابل بأجرة مثلها تذنيب لا يلحق فاسد العبادات بصحيحها ولا يمضي فيه إلا الحج والعمرة القاعدة الثانية كل تصرف تقاعد عن تحصيل مقصوده فهو باطل فلذلك لم يصح بيع الحر وأم الولد ولا نكاح المحرم ولا المحرم ولا الإجارة على عمل محرم وأشباه ذلك واختلف في شرط نفي خيار المجلس في البيع فمن أبطل العقد أو الشرط نظر إلى أن مقصود العقد إثبات الخيار فيه للتروي فاشتراط نفيه يخل بمقصوده ومن صححه نظرا إلى أن لزوم العقد هو المقصود والخيار دخيل فيه الثالثة في وقف العقود قال الرافعي أصل وقف العقود ثلاث مسائل إحداها بيع الفضولي وفيه قولان أصحهما وهو المنصوص في الجديد أنه باطل والثاني أنه موقوف إن أجازه المالك أو المشتري له نفذ وإلا بطل ويجريان في سائر التصرفات كتزويج موليته وطلاق زوجته وعتق عبده وهبته وإجارة داره وغير ذلك الثانية إذا غصب أموالا ثم باعها وتصرف في أثمانها مرة بعد أخرى وفيه قولان أصحهما بطلان الكل والثاني أن للمالك أن يجيزها ويأخذ الحاصل منها الثالثة إذا باع مال أبيه على ظن أنه حي وأن البائع فضولي فكان ميتا حالة العقد وفيه قولان أصحهما صحة البيع لمصادفته ملكه والثاني المنع لأنه لم يقصد قطع الملك

(١/٢٨٥)

وقد تحرر من إضافتهم قول الوقف إلى هذه المسائل الثلاث أن الوقف نوعان وقف تبيين ووقف انعقاد ففي الثالثة العقد في نفسه صحيح أو باطل ونحن لا نعلم ذلك ثم تبين في ثاني الحال وفي الأوليين الصحة أو نفوذ الملك موقوف على الإجازة على القول بذلك فتكون الإجازة مع الإيجاب والقبول ثلاثتها أركان العقد وهو في مسألة الغصب أقوى منه في بيع الفضولي لما فيها من عسر تتبع العقود الكثيرة بالنقض ثم هنا مراتب أخر قيل بالوقف فيها أيضا منها تصرف الراهن في المرهون بما يزيل الملك كبيع وهبة أو بما يقلل الرغبة كالتزويج بغير إذن المرتهن والمشهور بطلان ذلك وعلى وقف العقود تكون موقوفة إن اجاز المرتهن أو فك الرهن تبين نفوذها وإلا فلا وهي به أولى من بيع الفضولي لوجود الملك المقتضي لصحة التصرف في الجملة

ومنها تصرف المفلس في شيء من أعيان ماله المحجور عليه فيه بغير إذن الغرماء والأصح البطلان والثاني أنه موقوف فإن فضل ذلك عن الدين بارتفاع سعر أو إبراء بان نفوذه من حين التصرف وإلا بان بطلانه هكذا عبر كثيرون وظاهره أن الوقف وقف تبيين ومال الرافعي إلى أنه وقف انعقاد

ومنها تصرف المريض بالمحاباة فيما زاد على الثلث وفيه قولان أحدهما بطلانه والأصح وقفه فإن أجازها الوارث صحت وإلا بطلت وهذه أولى بالصحة من تصرفات المفلس لأن ضيق الثلث أمر مستقبل والمانع من تصرف المفلس والراهن قائم حالة التصرف القاعدة الرابعة الباطل والفاسد عندنا مترادفان إلا في الكتابة والخلع والعارية والوكالة والشركة والقراض وفي العبادات في الحج فإنه يبطل بالردة ويفسد بالجماع ولا يبطل قال الإمام في الخلع كل ما أوجب البينونة وأثبت المسمى فهو الخلع الصحيح وكل ما أسقط الطلاق بالكلية أو أسقط البينونة فهو الخلع الباطل وكل ما أوجب البينونة من حيث كونه خلعا وأفسد المسمى فهو الخلع الفاسد وفي الكتابة الصحيحة ما أوقعت العتق وأوجبت المسمى بأن انتظمت بأركانها وشروطها

(١/٢٨٦)

والباطلة ما لا توجب عتقا بالكلية بأن اختل بعض أركانها والفاسدة ما أوقعت العتق وتوجب عوضا في الجملة بأن وجدت أركانها ممن تصح عبارته ووقع الخلل في العوض أو اقترن بها شرط مفسد تذنيب نظير هذه القاعدة الواجب والغرض عندنا مترادفان إلا في الحج فإن الواجب يجبر بدم ولا يتوقف التحلل عليه والغرض بخلافه ضابط قال الروياني في الفروق والتصرفات بالشراء الفاسد كلها كتصرفات الغاصب إلا في وجوب الحد عليه وانعقاد الولد حرا وكونها أم ولد على قول القاعدة الخامسة تعاطي العقود الفاسدة حرام كما يؤخذ من كلام الأصحاب في عدة مواضع قال الأسنوي وخرج عن ذلك صورة وهي المضطر إذا لم يجد الطعام إلا بزيادة على ثمن المثل فقد قال الأصحاب ينبغي أن يحتال في أخذ الطعام من صاحبه ببيع فاسد ليكون الواجب عليه القيمة كذا نقله الرافعي القول في الفسوخ قال ابن السبكي الفسخ حل ارتباط العقد فسوخ البيع قال في الروضة قال أصحابنا إذا انعقد البيع لم يتطرق إليه فسخ إلا بأحد سبعة أسباب خيار المجلس والشرط والعيب وحلف المشروط والإقالة والتخالف وهلاك المبيع قبل القبض وزيد عليه أمور خيار تلقي الركبان وتفريق الصفقة دواما وابتداء وفلس المشتري وما رآه قبل العقد إذا تغير عن وصفه وما لم يره على قول والتغرير الفعلي من التصرية ونحوها وجهل الدكة تحت الصبرة وجهل الغصب مع القدرة على الانتزاع وطريان العجز مع العلم به وجهل كون المبيع مستأجرا والامتناع من المشروط غير المعتق ومن العتق

(١/٢٨٧)

على رأي وتعذر قبض المبيع لغصب ونحوه وتعذر قبض الثمن لغيبة مال المشتري إلى مسافة القصر وظهور الزيادة في الثمن في المرابحة وظهور الأحجار المدفونة في الأرض المبيعة إذا ضر القلع والترك أو القلع فقط ولم يترك البائع الأحجار واختلاط الثمرة والمبيع قبل القبض بغيره إن لم يسمح البائع وتعييب الثمرة بترك البائع السقي والتنازع في السقي إذا ضر الثمرة وضر تركه الشجرة وتعذر الفداء بعد بيع الجاني والخيار في الأخير لأجنبي لا للبائع ولا للمشتري فهذه نحو ثلاثين سببا وكلها يباشرها العاقد دون الحاكم إلا فسخ التخالف ففي وجه إنما يباشره الحاكم والأصح لا يتعين بل هو أو أحدهما وكلها تحتاج إلى فسخ ولا ينفسخ شيء منها بنفسه إلا التخالف في وجه واختلاط المبيع قبل القبض على قول وكلها تحتاج إلى لفظ إلا الفسخ في خيار المجلس والشرط فيحصل بوطء البائع وإعتاقه وكذا ببيعه وإجارته وتزويجه ورهنه وهبته في الأصح وإلا الفسخ بالفلس فيحصل بهذه الأمور في رأي السلم يتطرق إليه الفسخ بالإقالة وانقطاع السلم فيه عند الحلول ووجود المسلم إليه في مكان غير محل التسليم ولنقله مؤنة القرض يتطرق إليه الفسخ بالرجوع قبل التصرف فيه الرهن يتطرق إليه الفسخ بالإقالة وهو معنى قولهم وينفك بفسخ المرتهن وبتلف المرهون وبتعليق حق الجناية برقبته وباختلاط الثمرة المرهونة الحوالة يتطرق إليها الفسخ فيما لو أحال بثمن مبيع ثبت بطلانه ببينة أو بإقرارهما والمحتال الضمان يتطرق إليه الفسخ بإبراء الأصيل الضامن

(١/٢٨٨)

الشركة والوكالة والعارية والوديعة والقراض كلها تنفسخ بالعزل من المتعاقدين أو أحدهما وبجنون كل منهما وإغمائه وتزيد الوكالة ببطلانها بالإنكار حيث لا غرض فيه الهبة يتطرق إليها الفسخ بالرجوع في هبة الأصل للفرع ولا يحصل بالإقالة الإجارة يتطرق إليها الفسخ بالإقالة وتلف المستأجر المعين كموت الدابة وانهدام الدار وغصبه في أثناء المدة واستمر حتى انقضت وقيل بل يثبت الخيار كما لو لم يستمر وموت مؤجر دار أوصى له بها مدة عمره أو هي وقف عليه فانتقلت إلى البطن الثاني ومضت المدة قبل التسليم وشفاء سن وجعة استؤجر لقلعها ويد متأكلة استؤجر لقطعها والعفو عن قصاص استؤجر لاستيفائه فيما أطلقه الجمهور ويثبت فيها خيار الفسخ بظهور عيب تتفاوت به الأجرة قديم أو حادث ومنه انقطاع ماء أرض استؤجرت للزرع والغصب والإباق حيث لم يستمر وموت المؤجر في الذمة حيث لا وفاء في التركة ولا في الوارث وهرب الجمال بجماله حيث يتعذر الاكتراء عليه تنبيه أجر الولي الطفل مدة لا يبلغ فيها بالسن فبلغ باحتلام لم تنفسخ الإجارة على الأصح وعلى هذا لا خيار له على الأصح كالصغيرة إذا زوجت فبلغت ويجري ذلك فيما لو أجر المجنون فأفاق أو العبد ثم أعتقه أو استأجر المسلم دارا من حربي في دار الحرب ثم غنمها المسلمون أو استأجر حربيا فاسترق النكاح فرقته أنواع فرقة طلاق وخلع وإيلاء وإعسار بمهر وإعسار بنفقة وفرقة الحكمين وفرقة عنة وفرقة غرور وفرقة عيب وفرقة عتق تحت رقيق وفرقة رضاع وفرقة طروء محرمية وفرقة سبي أحد الزوجين وفرقة إسلام وفرقة ردة وفرقة لعان وفرقة ملك أحد الزوجين الآخر وفرقة جهل سبق أحد العقدين وفرقة تبين فسق الشاهدين وفرقة موت وكلها فسح إلا الطلاق

(١/٢٨٩)

وفرقة الحكمين والخلع على الجديد وفرقة الإيلاء على الأصح وفي الإعسار وجه أنه طلاق وكلها لا تحتاج إلى حضور حاكم حال الفرقة إلا اللعان فإنه لا يكون إلا بحضوره ولا يقوم المحكم فيه مقام الحاكم على الصحيح وأما مالا يحتاج إليه أصلا فالطلاق والخلع والعتق وما لا يحتاج إلى إنشاء وهو الإسلام والردة وطروء المحرمية والسبي والرضاع وكلها يقوم الحاكم فيها مقامه إذا امتنع إلا لاختيار وكذا الإيلاء في قول ضابط ليس لنا موضع تملك فيه المرأة فسخ النكاح ولا تملك إجازته إلا فيما إذا عتقت تحت رقيق فطلقها رجعيا أو ارتد فلها الفسخ والتأخير إلى الرجعة والإسلام وليس لها الإجازة قبل ذلك تذنيب قال النووي في تهذيبه العيوب ستة عيب المبيع ورقبة الكفارة والغرة والأضحية والهدي والعقيقة والإجارة والنكاح وحدودها مختلفة ففي المبيع ما ينقص المالية أو الرغبة أو العين إذا كان الغالب في جنس المبيع عدمه وفي الكفارة ما يضر بالعمل إضرارا بينا وفي الأضحية والهدي والعقيقة ما ينقص اللحم وفي الإجارة ما يؤثر في المنفعة تأثيرا يظهر به تفاوت في قيمة الرقبة لأن العقد على المنفعة وفي النكاح ما ينفر عن الوطء ويكسر ثورة التوقان وفي الغرة كالمبيع انتهى وبقي عيب الدية وهي كالمبيع وعيب الزكاة كذلك على الأصح وقيل كالأضحية وعيب الصداق إذا تشطر وهو ما فات به غرض صحيح سواء كان في أمثاله عدمه أم لا وعيب المرهون وهو ما نقص القيمة فقط

(١/٢٩٠)

خاتمة الخيار في هذه الفسوخ وغيرها على أربعة أقسام أحدها ما هو على الفور بلا خلاف كخيار العيب إلا في صورتين إحداهما إذا استأجر أرضا لزراعة فانقطع ماؤها ثبت الخيار للعيب قال الماوردي على التراخي وجزم به الرافعي والأخرى كل مقبوض عما في الذمة من سلم أو كتابة إذا وجده معيبا فله الرد وهو على التراخي إن قلنا يملكه بالرضى وكذا إن قلنا بالقبض على الأوجه قاله الإمام الثاني ما هو على التراخي بلا خلاف كخيار الوالد في الرجوع ومن أبهم الطلاق أو العتق أو أسلم على أكثر من أربع أو امرأة المولى وامرأة المعسر بالنفقة وأحد الزوجين إذا تشطر الصداق وهو زائد أو ناقص والمشتري إذا أبق العبد قبل قبضه وولي الدم بين العفو والقصاص الثالث ما فيه خلاف والأصح أنه على الفور كخيار تلقي الركبان والبائع في الرجوع فيما باعه للمفلس والأخذ بالشفعة والفسخ بعيب النكاح والخلف فيه وخيار العتق والمغرور والإعسار بالمهر الرابع ما فيه خلاف والأصح أنه على التراخي كخيار المسلم إذا انقطع المسلم فيه عند محله وخيار الرؤية إذا جوزنا بيع الغائب الصداق يتطرق إليه الفسخ بتلفه قبل القبض وتعييبه وبالإقالة الكتابة يتطرق الفسخ إلى الصحيحة بعجز المكاتب عن الأداء أو غيبته عند الحلول ولو كان ماله حاضرا وامتناعه من الأداء مع القدرة وبجنون العبد حيث لا مال له فللسيد الفسخ في الصور الأربع وللعبد أيضا في غير الأخيرة وبموت المكاتب قبل تمام الأداء فتنفسخ من غير فسخ وإلى الفاسدة بجنون السيد وإغمائه والحجر عليه ضابط ليس لنا عقد يرتفع بالإنكار إلا الوكالة مع العلم حيث لا غرض ولا إنكار الوصية على ما رجحه في الشرح والروضة في بابها

(١/٢٩١)

الفسخ هل يرفع العقد من أصله أو من حينه فيه فروع الأول فسخ البيع بخيار المجلس أو الشرط فيه وجهان أصحهما في شرح المهذب من حينه الثاني الفسخ بخيار العيب والتصرية ونحوها والأصح أنه من حينه وقيل من أصله وقيل إن كان قبل القبض فمن أصله وإلا من حينه الثالث تلف المبيع قبل القبض والأصح الانفساخ من حين التلف الرابع الفسخ بالتخالف والأصح من حينه الخامس إذا كان رأس المال السلم في الذمة وعين في المجلس ثم انفسخ السلم بسبب يقتضيه ورأس المال باق فهل يرجع إلى عينه أو بدله وجهان الأصح الأول قال الغزالي والخلاف يلتفت إلى أن المسلم فيه إذا رد بالعيب هل يكون نقضا للملك في الحال أو هو مبين لعدم جريان الملك ومقتضى هذا التفريع أن الأصح هنا أنه رفع للعقد من أصله ويجري ذلك أيضا في نجوم الكتابة وبدل الخلع إذا وجد به عيبا فرده لكن في الكتابة يرتد العتق لعدم القبض المعلق عليه وفي الخلع لا يرتد الطلاق بل يرجع إلى بدل البضع السادس الفسخ بالفلس من حينه قطعا السابع الرجوع في الهبة من حينه قطعا الثامن فسخ النكاح بأحد العيوب والأصح أنه من حينه التاسع الإقالة على القول بأنها فسخ الأصح أنها من حينه العاشر إذا قلنا يصح قبول العبد الهبة بدون إذن السيد وللسيد الرد فهل يكون الرد قطعا للملك من حينه أو أصله وجهان ذكرهما ابن القاص ويظهر أثرهما في وجوب الفطرة واستبراء الجارية الموهوبة الحادي عشر إذا وهب المريض ما يحتاج إلى الإجازة فنقضه الوارث بعد الموت فهل هو رفع من أصله أو حينه وجهان الثاني عشر إذا كانت الشجرة تحمل حملين في السنة فرهن الثمرة الأولى بشرط القطع فلم تقطع حتى اختلطت بالحادث وعسر التمييز فإن كان قبل القبض انفسخ الرهن أو بعده فقولان كالبيع

(١/٢٩٢)

فإن قلنا يبطل فهل هو من حين الاختلاط كتلف المرهون أو من أصله ويكون حدوث الاختلاط دالا على الجهالة في العقد وجهان حكاهما الماوردي فلو كان مشروطا في بيع فللبائع الخيار في فسخه على الثاني دون الأول الثالث عشر فسخ الحوالة انقطاع من حينه قاعدة يغتفر في الفسوخ مالا يغتفر في العقود ومن ثم لم يحتج إلى قبول وقبلت الفسوخ التعليقات دون العقود ولم يصح تعليق اختيار من أسلم على أكثر من أربع لأنه في معنى العقد ولا فسخه لأنه يتضمن اختيار الباقي وجاز توكيل الكافر في طلاق المسلمة لا في نكاحها القول في الصريح والكناية والتعريض قال العلماء الصريح اللفظ لموضوع لمعنى لا يفهم منه غيره عند الإطلاق ويقابله الكناية تنبيه اشتهر أن مأخذ الصراحة هل هو ورود الشرع به أو شهرة الاستعمال خلاف وقال السبكي الذي أقوله إنها مراتب أحدها ما تكرر قرآنا وسنة مع الشياع عند العلماء والعامة فهو صريح قطعا كلفظ الطلاق الثانية المنكر غير الشائع كلفظ الفراق والسراح فيه خلاف الثالثة الوارد غير الشائع كالافتداء وفيه خلاف أيضا الرابعة وروده دون ورود الثالثة ولكنه شائع على لسان حملة الشرع كالخلع والمشهور أنه صريح الخامسة مالم يرد ولم يشع عند العلماء ولكنه عند العامة مثل حلال اللّه على حرام والأصح أنه كناية قاعدة الصريح لا يحتاج إلى نية والكناية لا تلزم إلا بنية أما الأول فيستثنى منه ما في الروضة وأصلها أنه لو قصد المكره إيقاع الطلاق فوجهان

(١/٢٩٣)

أحدهما لا يقع لأن اللفظ ساقط بالإكراه والنية لا تعمل وحدها والأصح يقع لقصده بلفظه وعلى هذا فصريح لفظ الطلاق عند الإكراه كناية إن نوى وقع وإلا فلا وأما الثاني فاستثنى منه ابن القاص صورة وهي ما إذا قيل له طلقت فقال نعم فقيل يلزمه وإن لم ينو طلاقا وقيل يحتاج إلى نية واعترض بأن مقتضاه الاتفاق على أن نعم كناية وأن القولين في احتياجه إلى النية والمعروف أن القولين في صراحته والأصح أنه صريح فلم تسلم كناية عن الافتقار إلى النية تنبيهات الأول قد يشكل على قولهم الصريح لا يحتاج إلى نية قولهم يشترط في وقوع الطلاق قصد حروف الطلاق بمعناه وليس بمشكل فإن المراد في الكناية قصد إيقاع الطلاق وفي الصريح قصد معنى اللفظ بحروفه لا الإيقاع ليخرج ما إذا سبق لسانه وما إذا نوى غير معنى الطلاق الذي هو قطع العصمة كالحل من وثاق ويدخل ما إذا قصد المعنى ولم يقصد الإيقاع كالهازل الثاني من المشكل قول المنهاج في الوقف وقوله تصدقت فقط ليس بصريح وإن نوى إلا أن يضيف إلى جهة عامة وينوي فإن ظاهره أن النية تصيره صريحا وهو عجيب فإنه ليس لنا صريح يحتاج إلى نية وعبارة المحرر ولو نوى لم يحصل الوقف إلا أن يضيف وهي حسنة فإنه من الكنايات كما عده في الحاوي الصغير وعبارة الروضة والشرح نحو عبارة المحرر الثالث قال الرافعي في الإقرار اللفظ وإن كان صريحا في التصديق فقد ينضم إليه قرائن تصرفه عن موضوعه إلى الاستهزاء والكذب كحركة الرأس الدالة على شدة التعجب والإنكار فيشبه أن لا تجعل إقرارا أو يجعل فيه خلاف لتعارض اللفظ والقرينة الرابع ذكر الرافعي في أواخر مسئلة أنت علي حرام فيما لو قال أنت علي كالميتة أو الدم وقال أردت أنها حرام أن الشيخ أبا حامد قال إن جعلناه صريحا وجبت الكفارة أو كناية فلا لأنه لا يكون للكناية كناية قال الرافعي وتبعه على هذا جماعة لكن لا يكاد يتحقق هذا التصوير لأنه ينوي

(١/٢٩٤)

باللفظ معنى لفظ آخر لا صورة اللفظ وإذا كان المنوي المعني فلا فرق بين أن يقال نوى التحريم أو نوى أنت علي حرام وقال ابن السبكي وقد يقال من نوى باللفظ معنى لفظ آخر فلا بد أن يكون تجوز به عن لفظه وإلا فلا تعلق للفظ بالنية وتصير النية مجردة مع لفظ غير صالح فلا تؤثر ومتى تجوز به عنه كان هو الكناية عن الكناية فهي كالمجاز عن المجاز والمجاز لا يكون له مجاز ومن فروع ذلك لو قال أنا منك بائن ونوى الطلاق قال بعضهم لا يقع لأنه كناية عن الكتابة ولو كتب الطلاق فهو كناية فلو كتب كناية من كناياته فكما لو كتب الصريح فهذا كناية عن الكناية قاعدة ما كان صريحا في بابه ووجد نفاذا في موضوعه لا يكون كناية في غيره ومن فروع ذلك الطلاق لا يكون كناية ظهار ولا عكسه وقوله أبحتك كذا بألف لا يكون كناية في البيع بلا خلاف كما في شرح المهذب قال لأنه صريح في الإباحة مجانا فلا يكون كناية في غيره وخرج عن ذلك صور ذكرها الزركشي في قواعده الولى قال لزوجته أنت علي حرام ونوى الطلاق وقع مع أن التحريم صريح في إيجاب الكفارة الثانية الخلع إذا قلنا فسخ يكون كناية في الطلاق الثالثة قال السيد لعبده أعتق نفسك فكناية تنجيز عتق مع أنه صريح في التفويض الرابعة أتى بلفظ الحوالة وقال أردت التوكيل قبل عند الأكثرين الخامسة راجع بلفظ التزويج أو النكاح فكناية السادسة قال لعبده وهبتك نفسك فكناية عتق السابعة قال من ثبت له الفسخ فسخت نكاحك ونوى الطلاق طلقت في الأصح

(١/٢٩٥)

الثامنة قال آجرتك حماري لتعيرني فرسك فإجارة فاسدة غير مضمونة فوقعت الإعارة كناية في عقد الإجارة التاسعة قال بعتك نفسك فقالت اشتريت فكناية خلع قلت لا تستثنى هذه فإن البيع لم يجد نفاذا في موضوعه العاشرة صرائح الطلاق كناية في العتق وعكسه قلت لا تستثنى الأخرى لما ذكرناه الحادية عشرة قال مالي طالق ونوى الصدقة لزمه قلت لا يستثنى أيضا لذلك فالثلاثة أمثلة لما كان صريحا في بابه ولم يجد نفاذا في موضوعه فإنه يكون كناية في غيره قاعدة كل ترجمة تنصب على باب من أبواب الشريعة فالمشتق منها صريح بلا خلاف إلا في أبواب أحدها التيمم لا يكفي نويت التيمم في الأصح الثاني الشركة لا يكفي مجرد اشتركنا الثالث الخلع لا يكون صريحا إلا بذكر المال كما سيأتي الرابع الكتابة لا يكفي كاتبتك حتى يقول وأنت حر إذا أديت الخامس الوضوء على وجه السادس التدبير على قول قاعدة قال الأصحاب كل تصرف يستقل به الشخص كالطلاق والعتاق والإبراء ينعقد بالكناية مع النية كانعقاده بالصريح وما لا يستقل به بل يفتقر إلى إيجاب وقبول ضربان ما يشترط فيه الإشهاد كالنكاح وبيع الوكيل المشروط فيه فهذا لا ينعقد بالكناية لأن الشاهد لا يعلم النية وما لا يشترط فيه وهو نوعان ما يقبل مقصوده التعليق بالغرر كالكتابة والخلع فينعقد بالكناية مع النية وما لا يقبل كالإجارة والبيع وغيرهما وفي انعقاد هذه التصرفات بالكناية مع النية وجهان أصحهما الانعقاد

(١/٢٩٦)

سرد صرائح الأبواب وكناياتها اعلم أن الصريح وقع في الأبواب كلها وكذا الكناية إلا في الخطبة فلم يذكروا فيها كناية بل ذكروا التعريض ولا في النكاح فلم يذركوها للاتفاق على عدم انعقاده بالكناية ووقع الصريح والكناية والتعريض جميعا في القذف صرائح البيع ففي الإيجاب بعتك ملكتك وفي ملكتك وجه ضعيف أنه كناية كأدخلته في ملكك وفرق الأول بأن أدخلته في ملكك يحتمل الإدخال الحسي في شيء مملوك له بخلاف ملكتك و شريت بوزن ضربت صرح به الرافعي والنووي في شرح المهدب وفي التولية والإشراك وليتك وأشركتك وفي بيع أحد النقدين بالآخر صارفتك وفي الصلح صالحتك قال الأسنوي

ومنها عوضتك كما اقتضاه كلامهم في مواضع

ومنها التقرير والترك بعد الانفساخ بأن يقول البائع بعد انفساخ البيع قررتك على موجب العقد الأول فيقبل صاحبه كما اقتضاه كلام الشيخين في القراض ويؤيده صحة الكفالة أيضا بذلك فإنه لو تكفل فأبرأه المستحق ثم وجده ملازما للخصم فقال اتركه وأنا على ما كنت عليه من الكفالة صار كفيلا وفي القبول قبلت ابتعت اشتريت تملكت وفيه الوجه السابق شريت صارفت توليت اشتركت تقررت قال الأسنوي

ومنها بعت على ما نقله في شرح المهذب عن أهل اللغة والفقهاء

ومنها نعم صرح بها الرافعي في مسئلة المتوسط غير أنه لا يلزم منه الجواز فيما إذا قال بعتك فقال نعم لأن مدلولها حينئذ وهي حالة عدم الاستفهام تصديق المتكلم في مدلول كلامه فكأنه قال إنك صادق في إيجاب البيع بخلاف ما إذا كانت في جواب الاستفهام وقد صرح بالبطلان في وقوعها في جواب بعتك العبادي في الزيادات والإمام ناقلا عن الأئمة

(١/٢٩٧)

لكن الرافعي جزم بالصحة في وقوعها بعد بعت ذكره في النكاح وفيه نظر انتهى كلام الأسنوي ومن صرائح القبول فعلت صرح بها الرافعي في جواب اشتر مني والعبادي في الزيادات في جواب بعتك

ومنها رضيت صرح بها الروياني والقاضي حسين تنبيه ظاهر كلامهم أن قبلت وحدها من الصرائح إعني إذا لم يقل معها البيع ونحوه قال في المهمات وقد ذكر الرافعي في النكاح ما يدل على أنها كناية فقال فيما إذا قال قبلت ولم يقل نكاحها ولا تزويجها ما نصه وأصح الطرق أن المسئلة على قولين أحدهما الصحة لأن القبول ينصرف إلى ما أوجبه فكان كالمعتاد لفظا وأظهرهما المنع لأنه لم يوجد التصريح بواحد من لفظي الإنكاح والتزويج والنكاح لا ينعقد بالكنايات هذه لفظه وهو صريح في أن التقدير الواقع بعد قبلت ألحقه هنا بالكنايات فيكون أيضا كناية في البيع قال فإن قيل بل هو صريح لأن التقدير قبلت البيع والمقدر كالملفوظ به قلنا فيكون أيضا صريحا في النكاح لأن التقدير قبلت النكاح فينعقد به قال فالقول بأنه كناية في أحد البابين دون الآخر تحكم لا دليل عليه قلت الذي يظهر أنه صريح في البابين وإنما لم يصح به النكاح لأنه لا ينعقد بكل صريح للتعبد فيه بلفظ التزويج والإنكاح وليس في كلام الرافعي ما يدل على أنه كناية وإنما مراده أن لفظ التزويج او الإنكاح مقدر فيه ومكنى ومضمر فصار ملحقا بالكنايات باعتبار تقديره فالكناية راجعة إلى لفظ النكاح أو التزويج والمعتبر وجوده في صحة العقد باعتبار تقديره لا إلى لفظ قبلت فتأمل

(١/٢٩٨)

الكنايات جعلته لك بكذا خذه بكذا تسلمه بكذا أدخلته في ملكك وكذا سلطتك عليه بكذا على الأصح في زوائد الروضة وفي وجه لا كقوله أبحتك بألف وكذا باعك اللّه وبارك اللّه لك فيه فيما نقله في زوائد الروضة عن فتاوى الغزالي وضم إليه أقالك اللّه ورده اللّه عليك في الإقالة وزوجك اللّه في النكاح ونقل الرافعي في الطلاق في طلقك اللّه وأعتقك اللّه وقول رب الدين للمدين أبرأك اللّه وجهين بلا ترجيح أحدهما أنه كناية وبه قال البوشنجي والثاني أنه صريح وهو قول العبادي قال في المهمات وهذه المسئلة أعني مسئلة البيع والإقالة مثلها الخيار جزم الرافعي بأن قول المتعاقدين تخايرنا صريح في قطع الخيار وكذا اخترنا إمضاء العقد أمضيناه أجزناه ألزمناه وكذا قول أحدهما لصاحبه اختر القرض ذكر في الروضة وأصلها أن صيغته أقرضتك أسلفتك خذ هذا بمثله خذه واصرفه في حوائجك ورد بدله ملكته على أن ترد بدله قال السبكي والأسنوي وظاهر كلامه أن هذه الألفاظ كلها صرائح لكن سبق في البيع أن خذه بمثله كناية فينبغي أن يكون هنا كذلك ولو اقتصر على قوله واصرفه في حوائجك ففي كونه قرضا وجهان في المطلب والظاهر المنع لاحتماله الهبة الوقف الصحيح الذي قطع به الجمهور أن وقفت وحبست وسبلت صرائح وقيل كنايات وقيل وقفت فقط صريح وقيل هو وحبست والمذهب أن حرمت هذه البقعة للمساكين وأبدتها كنايتان وأن تصدقت فقط لا صريح ولا كناية فإن أضافه إلى جهة عامة كقوله على المساكين فكناية وإن ضم إليه أن قال صدقة محرمة أو محبسة أو موقوفة أو لا تباع أو لا توهب أو لا تورث فصريح

(١/٢٩٩)

قال السبكي جاء في هذا الباب نوع غريب لم يأت مثله إلا قليلا وهو انقسام الصريح إلى ما هو صريح بنفسه وإلى ما هو صريح مع غيره ومن الصرائح جعلت هذا المكان مسجدا للّه تعالى وكذا جعلتها مسجدا فقط في الأصح وقوله وقفتها على صلاة المصلين كناية يحتاج إلى قصد جعلها مسجدا فرع وقع السؤال عن رجل قال هذا العبد أو الدابة خرج عن ذمتي للّه تعالى فقلت يؤاخذ بإقراره في الخروج عن ملكه ثم هو في العبد يحتمل العتق والوقف فإن فسره بأحدهما قبل وإن لم يفسره فالحمل على العتق أظهر لأنه لا يحتاج إلى تعيين ولا قبول والوقف يحتاج إلى تعيين الجهة الموقوف عليها وقبول الموقوف عليه إذا كان معينا وأما الدابة فإن كانت من النعم احتملت الوقف والأضحية والهدي ويرجع إليه فإن لم يفسره فالحمل على الأضحية أظهر من الوقف لما قلناه ومن الهدي لأنه يحتاج إلى نقل فإن كان قائل ذلك بمكة أو محرما استوى الهدي والأضحية ويحتمل أيضا أمرا رابعا وهو النذر وخامسا وهو مطلق ذبحها والصدقة بها على الفقراء وإن كانت من غيرها وهي مأكولة احتملت الوقف والنذر والصدقة أو غير مأكولة لم تحتمل إلا الوقف فإن فسره بوقف باطل كعدم تعيين الجهة وهو عامي قبل منه وإن قال قصدت أنها سائبة ففي قبول ذلك منه نظر قلت ذلك تخريجا الخطبة صريحها أريد نكاحك إذا انقضت عدتك نكحتك التعريض رب راغب فيك من يجد مثلك أنت جميلة إذا حللت فآذنيني لا تبقين أيما لست بمرغوب عنك إن اللّه سائق إليك خيرا النكاح صريحه في الإيجاب لفظ التزويج والإنكاح ولا يصح بغيرهما وفي القبول قبلت نكاحها أو تزويجها أو تزوجت أو نكحت

(١/٣٠٠)

ولا يكفي قبلت فقط ولا قد فعلت ولا نعم في الأصح بخلاف البيع وحكى ابن هبيرة إجماع الأئمة الأربعة على الصحة في رضيت نكاحها قال السبكي ويجب التوقف في هذا النقل والذي يظهر أنه لا يصح الخلع إن قلنا إنه طلاق وهو الأظهر فلفظ الفسخ كناية فيه قال في أصل الروضة وأما لفظ الخلع ففيه قولان قال في الأم كناية وفي الإملاء صريح قال الروياني ويغره الأول أظهر واختار الإمام والغزالي والبغوي الثاني ولفظ المفاداة كلفظ الخلع في الأصح وقيل كناية قطعا وإذا قلنا لفظ الخلع صريح فذاك إذا ذكر المال فإن لم يذكره فكناية على الأصح وقيل على القولين وهل يقتضي الخلع المطلق الجاري بغير ذكر المال ثبوت المال أصحهما عند الإمام والغزالي والروياني نعم للعرف والثاني لا لعدم الالتزام هذه عبارة الروضة وعبارة المنهاج ولفظ الخلع صريح وفي قول كناية فعلى الأول فلو جرى بغير ذكر مال وجب مهر المثل في الأصح وهي صريحة في أن لفظ الخلع صريح وإن لم يذكر معه المال وهو خلاف ما في الروضة قال الشيخ ولي الدين في نكته والحق أنه لا منافاة بينهما فإنه ليس في المنهاج أنه صريح مع عدم ذكر المال فلعل مراده أنه جرى بغير ذكر مال مع وجود مصحح له وهو اقتران النية به انتهى فالحاصل أن لفظ الخلع والمفاداة صريحان مع ذكر المال كنايتان إن لم يذكر ويصح بجميع كنايات الطلاق سواء قلنا إنه طلاق أو فسخ في الأصح ومن كناياته لفظ البيع والشراء نحو بعتك نفسك فتقول اشتريت أو قبلت والإقالة وبيع الطلاق بالمهر من جهته وبيع المهر بالطلاق من جهتها

(١/٣٠١)

الطلاق صرائحه الطلاق وكذا الفراق والسراح على المشهور كطلقتك وأنت طالق ويا طالق ونصف طالق وكل طلقة وأوقعت عليك طلاقي وأنت مطلقة ويا مطلقة وفيهما وجه وأما أنت مطلقة وأنت طلاق أو الطلاق أو طلقة أو أطلقتك فالأصح أنها كنايات وفي لك طلقة ووضعت عليك طلقة وجهان ويجري ذلك في الفراق والسراح أيضا والكنايات أنت خلية برية بتة بتلة بائن حرام حرة واحدة اعتدي استبرئي رحمك إلحقي بأهلك حبلك على غاربك لا أنده سربك أغربي أعزبي أخرجي إذهبي سافري تجردي تقنعي تستري إلزمي الطريق بيني إبعدي دعيني ودعيني برئت منك لا حاجة لي فيك أنت وشأنك لعل اللّه يسوق إليك خيرا بارك اللّه لك بخلاف بارك اللّه فيك تجرعي ذوقي تزودي وكذا كلي واشربي وانكحي ولم يبق بيني وبينك شيء ولست زوجة لي في الأصح لا أغناك اللّه وقومي واقعدي وأحسن اللّه جزاءك زوديني على الصحيح تنبيه تقدم أن نعم كناية في قبول النكاح فلا ينعقد به وفي قبول البيع فينعقد على الأصح وينعقد به البيع في جواب الاستفهام جزما وكأنه صريح وأما في الطلاق فلو قيل له أطلقت زوجتك أو فارقتها أو زوجتك طالق فقال نعم فإن كان على وجه الاستخبار فهو إقرار يؤاخذ به فإن كان كاذبا لم تطلق في الباطن وإن كان على وجه التماس الإنشاء فهل هو صريح أو كناية قولان أظهرهما الأول وقطع به بعضهم فرع الأصح أن ما اشتهر في الطلاق سوى الألفاظ الثلاثة الصريحة كحلال اللّه علي حرام أنت علي حرام أو الحل علي حرام كناية لا يلتحق بالصريح

(١/٣٠٢)

فلو قال لزوجته أنت علي حرام أو حرمتك فإن نوى الطلاق وقع رجعيا أو نوى عددا وقع ما نواه أو نوى الظهار فهو ظهار وإن نواهما معا فهل يكون طلاقا لقوته أو ظهارا لأن الأصل بقاء النكاح أو يتخير ويثبت ما اختاره أوجه أصحها الثالث وإن نوى أحدهما قبل الآخر قال ابن الحداد إن أراد الظهار ثم أراد الطلاق صحا وإن أراد الطلاق أولا فإن كان بائنا فلا معنى للظهار بعده وإن كان رجعيا فالظهار موقوف إن راجعها فهو صحيح والرجعة عود وإلا فهو لغو وقال الشيخ أبو علي هذا التفصيل فاسد عندي لأن اللفظ الواحد إذا لم يجز أن يراد به التصرفات لم يختلف الحكم بإرادتهما معا أو متعاقبين كذا في الروضة وأصلها من غير ترجيح والراجح مقالة أبي علي لإطلاقه في الشرح الصغير والمحرر والمنهاج التخيير وإن نوى تحريم عينها أو فرجها أو وطئها لم تحرم وعليه كفارة ككفارة اليمين في الحال وإن لم يطأ في الأصح وكذا إن أطلق ولم ينو شيئا في الأظهر فلفظ أنت علي حرام صريح في لزوم الكفارة ولو قال هذا اللفظ لأمته ونوى العتق عتقت أو الطلاق أو الظهار فلغو أو تحريم عينها لم تحرم وعليه الكفارة وكذا إن أطلق في الأظهر فإن كانت محرما فلا كفارة أو معتدة أو مرتدة أو مجوسية أو مزوجة أو الزوجة معتدة عن شبهة أو محرمة فوجهان لأنها محل الاستباحة في الجملة أو حائضا أو نفساء أو صائمة وجبت على المذهب لأنها عوارض أو رجعية فلا على المذهب ولو قال لعبد أو ثوب ونحوه فلغو لا كفارة فيه ولا غيرها الرجعة صرائحها رجعتك وارتجعتك وراجعتك وكذا أمسكتك ورددتك في الأصح وتزوجتك ونكحتك كنايتان وقيل صريحان وقيل لغو

(١/٣٠٣)

واخترت رجعتك كناية وقيل لغو وقيل إن كل لفظ أدى معنى الصريح في الرجعة صريح نحو رفعت تحريمك وأعدت حلك والأصح أن صرائحها منحصرة لأن الطلاق صرائحه محصورة فالرجعة التي تحصل إباحة أولى الإيلاء صريحه آليتك وتغييب ذكر أو حشفة بفرج والجماع بذكر والافتضاض بذكر للبكر وكذا مطلق الجماع والوطء والإصابة والافتضاض للبكر من غير ذكره على الصحيح والكنايات المباشرة والمباضعة والملامسة والمس والإفضاء والمباعلة والدخول بها والمضي إليها والغشيان والقربان والإتيان والقديم أنها كلها صرائح واتفق على أن لأبعدن عنك ولا تجمع رأسي ورأسك وسادة ولا تجتمع تحت سقف ولتطولن غيبتي عنك ولأسوأنك ولأغيظنك كنايات في الجماع والمدة معا وقوله ليطولن تركي لجماعك أو لأسوأنك في الجماع صريح فيه كناية في المدة الظهار صريحه أنت علي أو معي أو عندي أو مني أو لي كظهر أمي وكذا أنت كظهر أمي بلا صلة وقيل إنه كناية وكذا جملتك أو نفسك أو ذاتك أو جسمك كظهر أمي وكذا كبدن أمي أو جسمها أو جملتها أو ذاتها وكذا كيدها أو رجلها أو صدرها أو بطنها أو فرجها أو شعرها على الأظهر وكعينها كناية إن قصد ظهارا فظهار أو كرامة فلا وكذا إن أطلق في الأصح وقوله كروحها كناية وقيل لغو وكرأسها صريح قطع به العراقيون وقيل كناية

(١/٣٠٤)

قال في أصل الروضة وهو أقرب وقوله كأمي أو مثل أمي كناية كعينها القذف صريحه لفظ الزنا كقوله زنيت أو زنيت أو يا زان أو يا زانية والنيك وإيلاج الحشفة أو الذكر مع لاوصف بتحريم أو دبر وسائر الألفاظ المذكورة في الإيلاج أنها صريحة هناإذا انضم إليها الوصف بالتحريم ولطت ولاط بك وزنيت في الجبل وفيه وجه أنه كناية وزنا فرجك أو ذكرك أو قبلك أو دبرك ولامرأة زنيت في قبلك ولرجل بقبلك ولخنثى ذكرك وفرجك معا ولولد غيره الذي لم ينف بلعان لست ابن فلان والكنايات يا فاجر يا فاسق يا خبيث يا خبيثة يا سفيه أنت تحبين الخلوة لا تردين يد لامس ولقرشي يا نبطي أو لست من قريش ولولده لست ابني وللمنفي باللعان لست ابن فلان ولزوجته لم أجدك عزراء في الجديد ولأجنبية قطعا وأنت أزنى الناس أو أزنى من الناس أو يا أزنى الناس أو أزنى من فلان على الصحيح في الكل وزنأت في الجبل على الصحيح وكذا زنأت فقط أو يا زانئ بالهمزة في الأصح ويا زانية في الجبل بالياء على المنصوص ولرجل زنيت في قبلك وزنت يدك أو رجلك أو عينك أو أحد قبلي المشكل ويا لوطي على المعروف في المذهب واختار في زوائد الروضة أنه صريح لأن احتمال إرادة أنه على دين لوط لا يفهمه العوام أصلا ولا يسبق إلى ذهن غيرهم ومن الكنايات يا قواد يا مؤاجر وفيهما وجه أنهما صريحان ويا مأبون كما في فتاوى النووي يا قحبة ويا علق كما في فتاوى الشاشي وفروع ابن القطان وجزم ابن الصباغ والشيخ عز الدين بأن يا قحبة صريح وأفتى الشيخ عز الدين بأن يا مخنث صريح للعرف وفي فروع ابن القطان بأن يا بغي كناية

(١/٣٠٥)

والتعريض يا ابن الحلال أما أنا فلست بزان وأمي ليست بزانية ما أحسن اسمك في الجيران ما أنا ابن خباز ولا إسكاف فلا أثر لذلك وإن نوى به القذف لأن النية إنما تؤثر إذا احتمل اللفظ المنوي ولا دلالة في هذا اللفظ ولا احتمال وما يفهم منه مستنده قرائن الأحوال وفي وجه أنه كناية لحصول الفهم والإيداء ضابط قال الحليمي كل ما حرم التصريح به لعينه فالتعريض به حرام حرام كالكفر والقذف وما حل التصريح به أو حرم لا لعينه بل لعارض فالتعريض به جائز كخطبة المعتدة العتق صريحه التحرير والإعتاق نحو أنت حر أو محرر أو حررتك أو عتيق أو معتق أو أعتقتك وكذا فك الرقبة في الأصح والكنايات لا ملك لي عليك لا سبيل لا سلطان لا يد لا أمر لا خدمة أزلت ملكي عنك حرمتك أنت سائبة أنت بتة أنت للّه وهبتك نفسي وكل صرائح الطلاق وكناياته كنايات فيه وكذا أنت علي كظهر أمي في الأصح فرعان الأول لا أثر للخطأ في التذكير والتأنيث في الطلاق والعتق والقذف فلو قال لها أنت طالق أو أنت حر أو زان أو زنيت أو له أنت حرة أو زانية أو زنيت فهو صريح الثاني لو قال لعبده أنت ابني ومثله يجوز أن يكون ابنا له ثبت نسبه وعتق إن كان صغيرا أو بالغا وصدقه وإن كذبه عتق أيضا ولا نسب فإن لم يمكن كونه ابنه بأن كان أصغر منه على حد لا يتصور كونه ابنه لغا قوله ولم يعتق لأنه ذكر محالا فإن كان معروف النسب من غيره لم يلحقه

(١/٣٠٦)

لكن يعتق في الأصح لتضمنه الإقرار بحريته وفي نظيره في المرأة لو قال لها أنت بنتي قال الإمام الحكم في حصول الفراق وثبوت النسب كما في العتق قال في الروضة من زوائده والمختار أنه لا يقع به فرقة إذا لم تكن نية لأنه إنما يتعمل في العادة للملاطفة وحسن المعاشرة التدبير صريحه أنت حر بعد موتي أعتقتك حررتك بعد موتي إذا مت فأنت حر أو عتيق والكناية خليت سبيلك بعد موتي ولو قال دبرتك أو أنت مدبر فالنص أنه صريح فيعتق به إذا مات السيد ونص في الكتابة أن قوله كاتبتك على كذا لا يكفي حتى يقول فإذا أديت فأنت حر أو ينويه فقيل فيهما قولان أحدهما صريحان لاشتهارهما في معناهما كالبيع والهبة والثاني كنايتان لخلوهما عن لفظ الحرية والعتق والمذهب تقرير النصين والفرق أن التدبير مشهور بين الخواص والعوام والكناية لا يعرفها العوام عقد الأمان صريحه أجرتك أنت مجار أنت آمن أمنتك أنت في أماني لا بأس عليك لا خوف عليك لا تخف لا تفزع والكناية أنت على ما تحب كن كيف شئت ولاية القضاء صريحه وليتك القضاء قلدتك استنبتك استخلفتك اقض بين الناس احكم ببلد كذا والكناية اعتمدت عليك في القضاء رددته إليك فوضته إليك أسندته

(١/٣٠٧)

قال الرافعي ولا يكاد يتضح فرق بين وليتك القضاء وفوضته إليك وقال النووي الفرق واضح فإن وليتك متعين لجعله قاضيا وفوضت إليك محتمل لأن يراد توكيله في نصب قاض ومن الكنايات كما في أدب القضاء لابن أبي الدم عولت عليك عهدت إليك وكلت إليك القول في الكتابة فيها مسائل الأولى في الطلاق فإن كتبه الأخرس فأوجه أصحها أنه كناية فيقع الطلاق إن نوى ولم يشر والثاني لا بد من الإشارة والثالث صريح وأما الناطق فإن تلفظ بما كتبه حال الكتابة أو بعدها طلقت وإن لم يتلفظ فإن لم ينو إيقاع الطلاق لم يقع على الصحيح وقيل يقع فيكون صريحا وإن نوى فأقوال أظهرها تطلق والثاني لا والثالث إن كانت غائبة عن المجلس طلقت وإلا فلا قال في أصل الروضة وهذا الخلاف جار في سائر التصرفات التي لا تحتاج إلى قبول كالإعتاق والإبراء والعفو عن القصاص وغيرها وأما ما يحتاج إلى قبول فهو نكاح وغيره فغير النكاح كالبيع والهبة والإجارة ففي انعقادها بالكتابة خلاف مرتب على الطلاق وما في معناه إن لم يصح بها فهنا أولى وإلا فوجهان للخلاف في انعقاد هذه التصرفات بالكنايات ولأن القبول شرط فيها فيتأخر عن الإيجاب والمذهب الانعقاد ثم المكتوب إليه له أن يقبل بالقول وهو أقوى وله أن يكتب القبول وأما النكاح ففيه خلاف مرتب والمذهب منعه بسبب الشهادة فلا اطلاع للشهود على النية ولو قالا بعد الكتابة نوينا كان شهادة على إقرارهما لا على نفس العقد ومن جوز اعتمد الحاجة وحيث جوزنا انعقاد البيع ونحوه بالكتابة فذلك في حال الغيبة فأما عند الحضور فخلاف مرتب والأصح الانعقاد

(١/٣٠٨)

وحيث جوزنا انعقاد النكاح بها فيكتب زوجتك بنتي ويحضر الكتاب عدلان ولا يشترط أن يحضرهما ولا أن يقول اشهدا فإذا بلغه يقبل لفظا أو يكتب القبول ويحضره شاهدا الإيجاب ولا يكفي غيرهما في الأصح ولو كتب إليه بالوكالة فإن قلنا لا يحتاج إلى القبول فهو ككتابة الطلاق وإلا فكالبيع ونحوه وولاية القضاء كالوكالة فالمذهب صحتها بالكتابة وكذا يقع العزل بالكتابة وإن كتب إليه إذا أتاك كتابي فأنت معزول لم ينعزل قبل أن يصل إليه الكتاب قطع قاضيا كان أو وكيلا وكذا في الطلاق وإن كتب أنت معزول أو عزلتك فالأظهر العزل في الحال في الوكيل دون القاضي لعظم الضرر في نقض أقضيته ولا خلاف في وقوع الطلاق في نظير ذلك في الحال وإن كتب إذا قرأت كتابي فأنت معزول أو طالق لم يحصل العزل والطلاق بمجرد البلوغ بل بالقراءة فإن قرئ عليه أو عليها وهما أميان وقع الطلاق والعزل وإن كانا قارئين فالأصح انعزال القاضي لأن الغرض إعلامه وعدم وقوع الطلاق لعدم قراءتها مع الإمكان وقيل لا ينعزل القاضي أيضا وقيل يقع الطلاق كالعزل والفرق أن منصب القاضي يقتضي القراءة عليه دون المرأة تنبيه قال ابن الصلاح ينبغي للمجيز في الرواية كتابة أن يتلفظ بالإجازة أيضا فإن اقتصر على الكتابة ولم يتلفظ مع قصد الإجازة صحت وإن لم يقصد الإجازة قال ابن الصلاح فغير مستبعد تصحيح ذلك في هذا الباب كما أن القراءة على الشيخ إذا لم يتلفظ بما قرأ عليه جعلت إخبارا منه بذلك وقال الحافظ أبو الفضل العراقي الظاهر عدم الصحة المسئلة الثانية قال النووي في الأذكار من كتب سلاما في كتاب وجب على المكتوب إليه رد السلام إذا بلغه الكتاب قاله المتولي وغيره وزاد في شرح المهذب أنه يجب الرد على الفور الثالثة هل يجوز الاعتماد على الكتابة والخط

(١/٣٠٩)

فيه فروع الأول الرواية فإذا كتب الشيخ بالحديث إلى حاضر أو غائب أو أمر من كتب فإن قرن بذلك إجازة جاز الاعتماد عليه والرواية قطعا وإن تجردت عن الإجازة فكذلك على الصحيح المشهور ويكفي معرفة خط الكاتب وعدالته وقيل لا بد من إقامة البينة عليه الثاني أصح الوجهين في الروضة والشرح والمنهاج والمحرر جواز رواية الحديث اعتمادا على خط محفوظ عنده وإن لم يذكر سماعه الثالث يجوز اعتماد الراوي على سماع جزء وجد اسمه مكتوبا فيه أنه سمعه إذا ظن ذلك بالمعاصرة واللقي ونحوهما مما يغلب على الظن وإن لم يتذكر وتوقف فيه القاضي حسين الرابع عمل الناس اليوم على النقل من الكتب ونسبة ما فيها إلى مصنفيها قال ابن الصلاح فإن وثق بصحة النسخة فله أن يقول قال فلان وإلا فلا يأتي بصيغة الجزم وقال الزركشي في جزء له حكى الأستاذ أبو إسحاق الإسفرائيني الإجماع على جواز النقل من الكتب المعتمدة ولا يشترط اتصال السند إلى مصنفيها وقال الكيا الطبري في تعليقه من وجد حديثا في كتاب صحيح جاز له أن يرويه ويحتج به وقال قوم من أصحاب الحديث لا يجوز لأنه لم يسمعه وهذا غلط وقال ابن عبدالسلام أما الاعتماد على كتب الفقه الصحيحة الموثوق بها فقد اتفق العلماء في هذا العصر على جواز الاعتماد عليها والإستناد إليها لأن الثقة قد حصلت بها كما تحصل بالرواية ولذلك اعتمد الناس على الكتب المشهورة في النحو واللغة والطب وسائر العلوم لحصول الثقة بها وبعد التدليس ومن اعتقد أن الناس قد اتفقوا على الخطأ في ذلك فهو أولى بالخطأ منهم ولولا جواز الاعتماد على ذلك لتعطل كثير من المصالح المتعلقة بها وقد رجع الشارع إلى قول الأطباء في صور وليست كتبهم مأخوذة في الأصل إلا عن قوم كفار ولكن لما بعد التدليس فيها اعتمد عليها كما اعتمد في اللغة على أشعار العرب وهم كفار لبعد التدليس انتهى الخامس إذا ولى الإمام رجلا كتب له عهدا وأشهد عليه عدلين فإن لم يشهد فهل يلزم الناس طاعته ويجوز لهم الاعتماد على الكتاب خلاف

(١/٣١٠)

والمذهب أنه لا يجوز اعتماد مجرد الكتاب من غير إشهاد ولا استفاضة السادس إذا رأى القاضي ورقة فيها حكمه لرجل وطالب عنه إمضاءه والعمل به ولم يتذكره لم يعتمده قطع لإمكان التزوير وكذا الشاهد لا يشهد بمضمون خطه إذا لم يتذكر فلو كان الكتاب محفوظا عنده وبعد احتمال التزوير والتحريف كالمحضر والسجل الذي يحتاط فيه فوجهان الصحيح أيضا أنه لا يقضى به ولا يشهد ما لا يتذكر بخلاف ما تقدم في الرواية لأن بابها على التوسعة السابع إذا رأى بخط أبيه أن لي على فلان كذا أو أديت إلى فلان كذا قال الأصحاب فله أن يحلف على الاستحقاق والأداء اعتمادا على خط أبيه إذا وثق بخطه وأمانته قال القفال وضابط وثوقه أن يكون بحيث لو وجد في تلك التذكرة لفلان على كذا لا يجد من نفسه أن يحلف على نفي العلم به بل يؤديه من التركة وفرقوا بينه وبين القضاء والشهادة بأن خطرهما عظيم ولأنهما يتعلقان به ويمكن التذكر فيهما وخط المورث لا يتوقع فيه يقين فجاز اعتماد الظن فيه حتى لو وجد ذلك بخط نفسه لم يجز له الحلف حتى يتذكر قاله في الشامل وأقره في أصل الروضة في باب القضاء الثامن يجوز الاعتماد على خط المفتي التاسع قال الماوردي والروياني لو كتب له في ورقة بلفظ الحوالة ووردت على المكتوب إليه لزمه أداؤها إذا اعترف بدين الكاتب وأنه خطه وأراد به الحوالة وبدين المكتوب له فإن أنكر شيئا من ذلك لم يلزمه ومن أصحابنا من ألزمه إذا اعترف بالكتاب والدين اعتمادا على العرف ولتعذر الوصول إلى الإرادة العاشر شهادة الشهود على ما كتب في وصية لم يطلعا عليها قال الجمهور لا يكفي وفي وجه يكفي واختاره السبكي الحادي عشر إذا وجد مع اللقيط رقعة فيها أن تحته دفينا وأنه له ففي اعتمادها وجهان أصحهما عند الغزالي نعم والثاني لا وهو الموافق لكلام الأكثرين تنبيه حكم الكتابة على القرطاس والرق واللوح والأرض والنقش على الحجر والخشب واحد ولا أثر لرسم الأحرف على الماء والهواء

(١/٣١١)

القول في الإشارة الإشارة من الأخرس معتبرة وقائمة مقام عبارة الناطق في جميع العقود كالبيع والإجارة والهبة والرهن والنكاح والرجعة والظهار والحلول كالطلق والعتاق والإبراء وغيرهما كالأقارير والدعاوي واللعان والقذف والإسلام ويستثنى صور الأولى شهادة لا تقبل بالإشارة في الأصح الثانية يمينه لا ينعقد بها إلا اللعان الثالثة إذا خاطب بالإشارة في الصلاة لا تبطل على الصحيح الرابعة حلف لا يكلمه فأشار إليه لا يحنث الخامسة لا يصح إسلام الأخرس بالإشارة في قول حتى يصلي بعدها والصحيح صحته وحمل النص المذكور على ما إذا لم تكن الإشارة مفهمة وإذا قلنا باعتبارها فمنهم من أراد الحكم على إشارته المفهومة نوى أم لا وعليه البغوى وقال الإمام وآخرون إشارته منقسمة إلى صريحة مغنية عن النية وهي التي يفهم منها المقصود كل واقف عليها وإلى كناية مفتقرة إلى النية وهي التي تختص بفهم المقصود بها المخصوص بالفطنة والذكاء كذا حكاه في أصل الروضة والشرحين من غير تصريح بترجيح وجزم بمقالة الإمام في المحرر والمنهاج قال الإمام ولو بالغ في الإشارة ثم ادعى أنه لم يرد الطلاق وأفهم هذه الدعوى فهو كما لو فسر اللفظ الشائع في الطلاق بغيره وسواء في اعتبارها قدر على الكتابة أم لا كما أطلقه الجمهور وصرح به الإمام وشرط المتولي عجزه عن كتابة مفهمة فإن قدر عليها فهي المعتبرة لأنها أضبط وينبغي أن يكتب مع ذلك إني قصدت الطلاق ونحوه وأما القادر على النطق فإشارته لغو إلا في صور الأولى إشارة الشيخ في رواية الحديث كنطقه وكذا المفتي الثانية أمان الكفار ينعقد بالإشارة تغليبا لحقن الدم كأن يشير مسلم إلى كافر فينحاز إلى صف المسلمين وقالا أردنا بالإشارة الأمان

(١/٣١٢)

الثالثة إذا سلم عليه في الصلاة يرد بالإشارة الرابعة قال أنت طالق وأشار بأصبعين أو ثلاث وقصد وقع ما أشار به فإن قال مع ذلك هكذا وقع بلا نية ولو قال أنت هكذا ولم يقل طالق ففي تعليق القاضي حسين لا يقع شيء وفي فتاوي القفال إن نوى الطلاق طلقت كما أشار وإن لم ينو أصل الطلاق لم يقع شيء وحكي وجه أنه يقع ما أشار من غير نية وما قاله القفال أظهر ولو قال أنت ولم يزد وأشار لم يقع شيء أصلا لأنه ليس من ألفاظ الكنايات فلو اعتبر كان اعتبار النية وحدها بلا لفظ الخامسة الإشارة بالطلاق نية كناية في وجه لكن الأصح خلافه ولو قال لإحدى زوجتيه أنت طالق وهذه ففي افتقار طلاق الثانية إلى نية وجهان ولو قال امرأتي طالق وأشار إلى إحداهما ثم قال أردت الأخرى قبل في الأصح السادسة لو أشار المحرم إلى صيد فصيد حرم عليه الأكل منه لحديث هل منكم أحد أمره أن يحمل عليها أو أشار إليها فلو أكل فهل يلزمه الجزاء قولان أظهرهما لا فرع من المشكل ما نقله الرافعي عن التهذيب أن ذبيحة الأخرس تحل إن كانت له إشارة مفهمة وإلا فقولان كالمجنون والذي ينبغي القطع بحل ذبيحته سواء كانت له إشارة مفهمة أم لا إذ لا مدخل لذلك في قطع الحلقوم والمريء وقد قال الشافعي في المختصر ولا بأس بذبيحة الأخرس

(١/٣١٣)

فرع قال الأسنوي إشارة الأخرس بالقراءة وهو جنب كالنطق صرح به القاضي حسين في فتاويه وعموم كلام الرافعي في الصلاة يدل عليه وفي المطلب ذكروا في صفة الصلاة أو الأخرس يجب عليه تحريك لسانه قال فليحرم عليه إذا كان جنبا تحريك اللسان بالقرآن فرع المعتقل لسانه واسطة بين الناطق والأخرس فلو أوصى في هذه الحالة بإشارة مفهمة أو قرئ كتاب الوصية فأشار برأسه أن نعم صحت فرع اشترط النطق في الإمام الأعظم والقاضي والشاهد وفيهما وجه فرع علق الطلاق بمشيئة أخرس فأشار بالمشيئة وقع فإن كان حال التعليق ناطقا فخرس بعد ذلك ثم أشار بالمشيئة وقع أيضا في الأصح إقامة لإشارته مقام النطق المعهود في حقه ولو أشار وهو ناطق لم يقع على الأصح تنبيه حيث طلبت الإشارة من الناطق وغيره لم يقم مقامها شيء كالإشارة بالمسبحة في التشهد والإشارة إلى الحجر الأسود والركن اليماني عند العجز عن الاستلام قاعدة إذا اجتمعت الإشارة والعبارة واختلف موجبهما غلبت الإشارة وفي ذلك فروع منها ما لو قال أصلي خلف زيد أو على زيد هذا فبان عمرا فالأصح الصحة وكذا على هذا الرجل فبان امرأة ولو قال زوجتك فلانة هذه وسماها بغير اسمها صح قطعا وحكي فيه وجه ولو قال زوجتك هذا الغلام وأشار إلى بنته نقل الروياني عن الأصحاب صحة النكاح تعويلا على الإشارة

(١/٣١٤)

ولو قال زوجتك هذه العربية فكانت عجمية أو هذه العجوز فكانت شابة أو هذه البيضاء فكانت سوداء أو عكسه وكذا المخالفة في جميع وجوه النسب والصفات والعلو والنزول ففي صحة النكاح قولان والأصح الصحة ولو قال بعتك داري هذه وحددها وغلط في حدودها صح البيع بخلاف ما لو قال بعتك الدار التي في االمحلة الفلانية وحددها وغلط لأن التعويل هناك على الإشارة ولو قال بعتك هذا الفرس فكان بغلا أو عكسه فوجهان والأصح هنا البطلان قال في شرح المهذب إنما صحح البطلان هنا تغليبا لاختلاف غرض المالية وصحح الصحة في الباقي تغليبا للإشارة وحينئذ فيستثنى هذه الصورة من القاعدة ويضم إليها من حلف لا يكلم هذا الصبي فكلمه شيخا أو لا يأكل هذا الرطب فأكله تمرا أو لا يدخل هذه الدار فدخلها عرصة فالأصح أنه لا يحنث ولو خالعها على هذا الثوب الكتان فبان قطنا أو عكسه فالأصح فساد الخلع ويرجع بمهر المثل ولو قال خالعتك على هذا الثوب الهروي أو وهو هروي فبان خلافه صح ولا رد له بخلاف مالو قال على أنه هروي فبان مرويا فإنه يصح ويملكه وله الخيار فإن رده رجع إلى مهر المثل وفي قول قيمته ولو قال إن أعطيتني هذا الثوب وهو هروي فأنت طالق فأعطته فبان مرويا لم يقع الطلاق لأنه علقه بإعطائه بشرط أن يكون هرويا ولم يكن كذلك فكأنه قال إن كان هرويا ولو قال إن أعطيتني هذا الهروي فأعطته فبان مرويا فوجهان أحدهما لا تطلق تنزيلا له على الاشتراط كما سبق والثاني تقع البينونة تغليبا للإشارة قال الرافعي وهذا أشبه وصححه في أصل الروضة ثم فرق بين قوله وهو هروي في إن أعطيتني حيث أفاد الاشتراط فلم يقع الطلاق وفي خالعتك حيث لم يفده فلا رد له بأنه دخل في إن أعطيتني على كلام غير مستقل فيتقيد بما دخل عليه وتمامه بالفراغ من قوله فأنت طالق

(١/٣١٥)

وأما قوله خالعتك على هذا الثوب فكلام مستقل فجعل قوله بعده وهو هروي جملة مستقلة فلم تتقيد بها الأولى ولو قال لا آكل من هذه البقرة وأشار إلى شاة حنث بأكل لحمها ولا تخرج على الخلاف في البيع ونحوه لأن العقود يراعى فيها شروط وتقييدات لا تعتبر مثلها في الأيمان فاعتبر هنا الإشارة وجها واحدا ولو قال إن اشتريت هذه الشاة فللّه علي أن أجعلها أضحية فاشتراها فوجهان أحدهما لا يجب تغليبا للإشارة فإنه أوجب المعينة قبل الملك والثاني يجب تغليبا لحكم العبارة فإنه عبارة نذر وهو متعلق بالذمة كما لو قال إن اشتريت شاة فللّه علي جعلها أضحية فإنه نذر مضمون في الذمة فإذا اشترى شاة لزمه جعلها أضحية القول في الملك وفيه مسائل الأولى في تفسيره قال ابن السبكي هو حكم شرعي بقدر في عين أو منفعة يقتضي تمكن من ينسب إليه من انتفاعه والعوض عنه من حديث هو كذلك فقولنا حكم شرعي لأنه يتبع الأسباب الشرعية وقولنا يقدر لأنه يرجع إلى تعلق إذن الشرع والتعلق عدمي ليس وصفا حقيقيا بل يقدر في العين أو المنفعة عند تحقق الأسباب المفيدة للملك وقولنا في عين أو منفعة لأن المنافع تملك كالأعيان وقولنا يقتضي انتفاعه يخرج تصرف القضاة والأوصياء فإنه في أعيان أو منافع لا يقتضي انتفاعهم ولأنهم لا يتصرفون لانتفاع أنفسهم بل لانتفاع المالكين وقولنا والعوض عنه يخرج الإباحات في الضيافات فإن الضيافة مأذون فيها ولا تملك ويخرج أيضا الاختصاص بالمساجد والربط ومقاعد الأسواق إذ لا ملك فيها مع التمكن من التصرف وقولنا من حيث هو كذلك إشارة إلى أنه قد يتخلف لمانع لعرض كالمحجور عليهم لهم الملك وليس لهم التمكن من التصرف لأمر خارجي

(١/٣١٦)

الثانية قال في الكفاية أسباب التملك ثمانية المعاوضات والميراث والهبات والوصايا والوقف والغنيمة والإحياء والصدقات قال ابن السبكي وبقيت أسباب أخر منها تملك اللقطة بشرطه

ومنها دية القتيل يملكها أو لا ثم تنقل لورثته على الأصح

ومنها الجنين الأصح أنه يملك الغرة

ومنها خلط الغاصب المغصوب بماله أو بمال آخر لا يتميز فإنه يوجب ملكه إياه

ومنها الصحيح أن الضيف يملك ما يأكله وهل يملك بالوضع بين يديه أو في الفم أو بالأخذ أو بالازدراد يتبين حصول الملك قبيله أوجه

ومنها الوضع بين يدي الزوج المخالع على الإعطاء

ومنها ما ذكره الجرجاني في المعاياة أن السابي إذا وطئ المسبية كان متملكا لها وهو غريب عجيب قلت الأخير إن صح داخل في الغنيمة والذي قبله داخل في المعاوضات كسائر صور الخلع وكذا الصداق وأما مسئلة الضيف فينبغي أن يعبر عنها بالإباحة لتدخل هي وغيرها من الإباحات التي ليست بهبة ولا صدقة ويعبر عن الدية والغرة بالجناية ليشمل أيضا دية الأطراف والمنافع والجرح والحكومات وقد قلت قديما

وفي الكفاية أسباب التملك خذ

ثمانيا وعليها زاد من لحقه

الإرث والهبة الإحيا الغنيمة والم

عاوضات الوصايا الوقف والصدقه

والوضع بين يدي زوج يخالعها

والضيف والخلع للمغصوب والسرقه

كذا الجناية مع تمليك لقطته

والوطء للسبي فيما قال من سبقه

قلت الأخيرة إن صحت فداخلة

في الغنم والخلع في التعويض كالصدقة

الثالثة قال العلائي لا يدخل في ملك الإنسان شيء بغير اختياره إلا في الإرث اتفاقا والوصية إذا قيل إنها تملك بالموت لا بالقبول والعبد إذا ملك شيئا فإنه يصح قبوله بغير إذن السيد في أحد الوجهين فيدخل في ملك السيد بغير اختياره وكذلك غلة

(١/٣١٧)

الموقوف عليه ونصف الصداق إذا طلق قبل الدخول والمعيب إذا رد على البائع به وأرش الجناية وثمن النقص إذا تملكه الشفيع والمبيع إذا تلف قبل القبض دخل الثمن في ملك المشتري وكذلك بما ملكه من الثمار والماء النابع في ملكه وما يسقط فيه من الثلج أو ينبت فيه من الكلأ ونحوه قلت وما يقع فيه من صيد وصار مقدورا عليه بتوحيل وغيره على وجه والإبراء من الدين إذا قلنا إنه تمليك لا يحتاج إلى قبول في الأصح المنصوص ولا يرتد بالرد على الأصح في زوائد الروضة الرابعة المبيع ونحوه من المعاوضات يملك بتمام العقد فلو كان خيار مجلس أو شرط فهل الملك في زمن الخيار للبائع استصحابا لما كان أو المشرتي لتمام البيع بالإيجاب والقبول أو موقوف إن تم البيع بان أنه للمشتري من حين العقد وإلا فللبائع أقوال وصحح الأول فيما إذا كان الخيار للبائع وحده والثاني إذا كان للمشتري وحده والثالث إذا كان لهما وهذه المسئلة من غرائب الفقه فإن لها ثلاثة أحوال وفي كل حال ثلاثة أقوال وصحح في كل حال من الثلاثة ويقرب منها الأقوال في ملك المرتد فالأظهر أنه موقوف إن مات مرتدا بان زواله من الردة وإن أسلم بان أنه لم يزل لأن بطلان أعماله يتوقف على موته مرتدا فكذلك ملكه والثاني أنه يزول بنفس الردة لزوال عصمة الإسلام وقياسا على النكاح والثالث لا كالزاني المحصن قال الرافعي والخلاف في زوال ملكه يجري أيضا في ابتداء التملك إذا اصطاد واحتطب فعلى الزوال لا يدخل في ملكه ولا يثبت الملك فيه لأهل الفيء بل يبقى على الإباحة كما لا يملك المحرم الصيد إذا اصطاده ويبقى على الإباحة وعلى مقابله يملكه كالحربي وعلى الوقف موقوف ويقرب من ذلك أيضا ملك الموصى له الموصى به وفيه أقوال أحدها يملك بالموت والثاني بالقبول والملك قبله للورثة وفي وجه للميت

(١/٣١٨)

والثالث وهو الأظهر موقوف إن قبل بان أنه ملكه بالموت وإلا بان أنه كان للوارث ويقرب من ذلك أيضا الموهوب وفيه أقوال أظهرها يملك بالقبض وفي القديم بالعقد كالمبيع والثالث موقوف إن قبضه بان أنه ملكه بالعقد ويقرب من ذلك أيضا الأقوال في أن الطلاق الرجعي هل يقطع النكاح ففي قول نعم وفي قول لا وفي قول موقوف إن راجع بان بقاء النكاح وإلا بان زواله من حين الطلاق فوائد الخلاف ينبني عليه في المبيع والموصى به كسب العبد وما في معناه كاللبن والبيض والثمرة ومهر الجارية الموطوءة بشبهة وسائر الزوائد فهي مملوكة لمن له الملك وموقوفة عند الوقف وينبني عليه أيضا النفقة والفطرة وسائر المؤن كما صرح به الرافعي في الموصى به وابن الرفعة في المبيع خلافا لقول الجيلي إنها على قول الوقف عليهما أو ينبني على الخلاف في المرتد صحة تصرفاته فعلى الزوال لا يصح منه بيع ولا شراء ولا إعتاق ولا وصية ولا غيرها وعلى مقابله هو ممنوع من التصرف محجور عليه كحجر المفلس فيصح منه ما يصح من المفلس دون غيره وعلى الوقف يوقف كل تصرف يحتمل الوقف كالعتق والتدبير والوصية ومالا يقبله كالبيع والهبة والكتابة ونحوها باطلة ولا يصح نكاحه ولا إنكاحه لسقوط ولايته وفي وجه أنه يجوز أن يزوج أمته بناء على بقاء الملك وعلى الأقوال كلها يقضى منه دين لزمه قبلها وقال الإصطخري لا بناء على الزوال وينفق عليه منه وفي وجه لا بناء على الزوال وينفق على زوجات وقف نكاحهن وقريب ويقضي منه غرامة ما أتلفه في الردة وفي وجه لا بناء على الزوال

(١/٣١٩)

تنبيه دخل فيما ذكرناه أولا الإجارة فتملك الأجرة أيضا بنفس العقد سواء كانت معينة أو في الذمة كما صرح به القاضي حسين وغيره ويملك المستأجر المنفعة في الحال أيضا وتحدث على ملكه وفي البحر وجه غريب أنها تحدث على ملك المؤجر وبنى على ذلك إجارة العين من مؤجرها بعد القبض فإن قلنا تحدث على ملك المؤجر لم يجز لئلا يؤدي إلى أنه يملك منفعة ملكه كما لا يتزوج بأمته وإن قلنا يحدث على ملك المستأجر جاز فصل وفيما يملك به القرض قولان مستنبطان لا منصوصان أظهرهما بالقبض والثاني بالتصرف قال الرافعي ومعناه أنه إذا تصرف تبين ثبوت ملكه قبله كذا جزم به وفي البسيط وجه أنه يستند الملك إلى العقد قلت فعلى هذا فيه أيضا ثلاثة أقوال ثالثها الوقف فإن تصرف بان أنه ملكه بالعقد وإلا فلا ثم المراد كل تصرف يزيل الملك وقيل يتعلق بالرقبة وقيل يستدعي الملك وقيل يمنع رجوع البائع عند الإفلاس والواهب فعلى الأوجه يكفي البيع والهبة والإعتاق والإتلاف ولا يكفي الرهن والتزويج والإجارة والطحن والخبز والذبح على الأول ويكفي ما سوى الإجارة على الثاني وما سوى الرهن على الثالث فصل يملك العامل حصته في المساقاة بالظهور على المذهب وفي القراض قولان أحدهما كذلك والأظهر بالقسمة والفرق أن الربح في القراض وقاية لرأس المال بخلاف الثمرة وينبني على القولين الزكاة فعلى الثاني يلزم المالك زكاة الجميع فإن أخرجها من ماله حسبت من الربح وعلى الأول يلزم المالك زكاة رأس المال وحصته من الربح ويلزم العامل زكاة حصته للخلطة

(١/٣٢٠)

ولو كان في المال جارية فوطئها العامل وأحبلها فعلى الثاني لا يثبت الاستيلاد وعلى الأول يثبت في نصيبه ويقوم عليه الباقي إن كان موسرا فصل ما يملك بالإحياء باب واسع والكتاب الخامس به أجدر فصل في الملك في رقبة الموقوف أقوال أصحها أنه انتقل إلى اللّه والثاني أنه للموقوف عليه والثالث باق على ملك الواقف وقيل إن كان الوقف على معين فهو ملكه قطعا فصل دية القتل هل تثبت لورثته ابتداء عقب هلاك المقتول أو بقدر دخولها في ملكه في آخر جزء من حياته ثم تنتقل إلى الورثة قولان أظهرهما الثاني قال الرافعي لأنها تنفذ منها وصاياه وديونه ولو كانت للورثة لم يكن كذلك قال الشيخ برهان الدين بن الفركاح وكلامه يقتضي الاتفاق على أنه يقضى منها الديون والوصايا وفي البيان أن الشيخ أبا إسحاق صرح بذلك أي الاتفاق وأن الذي يقتضي المذهب أنه ينبني على القولين متى تجب الدية ومن الفروع المبنية عليهما مالو أذن له في قتله فقتله أو في قطعه فسرى فإن قلنا يجب للورثة ابتداء وجبت الدية وإلا فلا ولو جنى المرهون على نفس من يرثه السيد خطأ أو عفا على مال فإن قلنا يجب للورثة ابتداء لم يثبت مال فيبقى رهنا وإلا فوجهان يجريان فيما لو جنى على طرفه وانتقل إلى سيده بالإرث وقد نقل في الشرح والروضة أن أصحهما عند الصيدلاني والإمام أنه لا يثبت كما لا يثبت ابتداء وأن العراقيين قطعوا بالثبوت ويباع فيه وصحح الرافعي في النكاح الثاني وفي الشرح الصغير الأول

(١/٣٢١)

فصل ويملك الإرث بمجرد الموت ولو كان على التركة دين على الصحيح والقديم أن الدين يمنع انتقال التركة إلى ملك الوارث وهل يمنع انتقال قدره أو كلها قولان في الشرح بلا ترجيح وينبني على القولين مالو حدث في التركة زوائد فعلى الصحيح لا يتعلق بها حتى الغرماء وعلى الآخر يتعلق وينبني عليهما أيضا مسئلة وقعت في أيام ابن عدلان وابن اللبان وابن القماخ والسبكي والسنكلوي وابن الكتاني وابن الأنصاري وابن البلغيائي وهي مالو كان الدين للوارث فهل يسقط منه بقدر ما يلزمه أداؤه من ذلك الدين لو كان لأجنبي حتى لو كان جائزا والدين بقدر التركة سقط كله فأفتى جماعة بأن لا سقوط وبأنه أخذ التركة إرثا والدين باق في ذمة الميت لأن التركة دخلت في ملكه بمجرد الموت إذ الدين لا يمنع الإرث فلا يثبت له في مكله شيء وأفتى جماعة بالسقوط وقالوا إنه يؤثر في نقصان مجموع المأخوذ فيكون أخذ قدر الدين عن دينه لا إرثا والباقي إرث وهؤلاء استندوا إلى تقديم الدين على الإرث مع القول بأنه يمنع الإرث وأفتى السبكي بالسقوط وعدم التأثير بالنقصان وألف في ذلك كتابا سماه ( منية الباحث عن دين الوارث ) ولخصه في فتاويه فقال يسقط من دين الوارث ما يلزمه أداؤه من ذلك الدين لو كان لأجنبي وهو نسبة إرثه من الدين إن لم يزد الدين على التركة ومما يلزم الورثة أداؤه منه إن زاد ويرجع على بقية الورثة ببقية ما يجب أداؤه منه على قدر حصصهم وقد يقضى الأمر إلى التقاص إذا كان الدين لوارثين فإذا كان الوارث حائزا أو لا دين لغيره ودينه مساو للتركة أو أقل سقط وإن زاد سقط مقدارها ويبقى الزائد ويأخذ التركة في الأحوال إرثا ويقدر أنه أخذها دينا لأن جهة الملك أقوى ولا يتوقف على شيء وجهة الدين تتوقف على إقباض أو تعويض وهما متعذران لأن التركة ملكه لكنا نقدر أحدهما وإلا لما برئت ذمة الميت تقديرا محضا لا وجود له ولو كان مع الدين الحائز دين أجنبي قدرنا الدينين الأجنبيين فما خص دين الوارث سقط واستقر نظيره كدينارين له ودينار لأجنبي والتركة ديناران فله دينار وثلث

(١/٣٢٢)

إرثا وسقط نظيره وبقي له في ذمة الميت ثلثا دينار ويأخذ الأجنبي ثلثي دينار ويبقى له ثلث دينار ولو كان الوارث ثنين لأحدهما ديناران ولآخر دينار فلصاحب الدينارين من ديناره الموروث ثلثاه ومن دينار أخيه ثلثه والثلث الباقي من ديناره مقاصص به أخاه فيجتمع له دينار وثلث ولأخيه ثلثان ومجموعهما ديناران وهو اللازم لهما لأن الذي يلزم الورثة أداؤه أقل الأمرين من الدين ومقدار التركة ولو كان زوجة وأخ والتركة أربعون والصداق عشرة فلها عشرة إرثا وسبعة ونصف من نصيب الأخ دينا وسقط لها ديناران ونصف نظير ربع إرثها ازدحم عليه جهتا الإرث والدين ولو قلنا ان السبعة ونصفا من أصل التركة لسقط ربعها المختص بها وهلم جرا إلى أن لا يبقى شيء ولأنه لو عاد له ثلاثة أرباع الاثنين ونصف لكان بغير سبب ولزاد إرثه ونقص إرثها عما هو لها وقد بان بهذا أنه لا يختلف المأخوذ وسواء أعطيت الدين أو لا أم بعد القسمة والحاصل لها على التقديرين سبعة عشر ونصف والطريق الأول هو الذي عليه عمل الناس وهو أوضح وأسهل يتمشى على قول من يقول إن التركة لا تنتقل قبل وفاء الدين والطريق الثاني أدق وهو مبني على أن التركة تنتقل قبل وفاء الدين وهو الصحيح ويترتب عليه أنه لا يجوز لها أن تدعي ولا تحلف إلا على النصف والربع وكذا لا تتعوض ولا تقبض ولا تبرئ إلا من ذلك قال وأما ما زاد على قدر التركة فلا يسقط ومن تخيل ذلك فهو غالط فإن قلت ما ادعيته من السقوط لا بد فيه من الاستناد إلى شيء من كلام الأصحاب وإلا فقد ظن بعض الناس أن بالسقوط يتفاوت المأخوذ وظن آخرون أن لا سقوط أصلا قلت أما من ظن أن لا سقوط أصلا فكلامه متجه إذا قلنا التركة لا تنتقل فإن قلنا بالانتقال فلا وأما من ظن التفاوت فليس بشيء وأما كلام الأصحاب الدال على ما قلناه ففي موضعين أحدهما في الجراح إذا خلف زوجته حاملا وأخا لأب وعبدا فجنى عليها فأجهضت قالوا يسقط من حق كل واحد من الغرة ما يقابل ملكه لأنه لا يثبت للإنسان على ملكه حق

(١/٣٢٣)

وذكروا طريقين في كيفية السقوط أحدهما طريقة الإمام والرافعي أنه يسقط نصيب الأخ كله لأنه أقل من ملكه ومن نصيب الأم ما يقابل ملكها وهو الربع ويبقى لها نصف سدس الغرة يرجع به على الأصح وأصحهما طريقة الغزالي أنه يسقط من حقها من الغرة ربعه لأنه المقابل لملكها ومن حقه ثلاثة أرباعه ويبقى لها سدس الغرة ولها عليه نصف سدسها والواجب في الفداء أقل الأمرين وربما لا تفي حصتها بأرشها وتفي حصته بأرشه فإذا سلمت تعطل عليه ما زاد ولم يتعطل عليها مثاله الغرة ستون وقيمة العبد عشرون وسلما ضاع عليه خمسة وصار له خمسة ولها خمسة عشر الموضع الثاني في الإجارة آجر دارا من ابنه بأجرة قبضها واستنفقها ومات عقب ذلك عنه وعن ابن آخر وقلنا تنفسخ الإجارة في نصيب المستأجر فمقتضى الانفساخ فيه الرجوع بنصف الأجرة يسقط منه نسبة إرثه وهو الربع ويرجع على أخيه بالربع في هذين الموضعين يؤخذ ما ذكرناه من السقوط انتهى كلام السبكي في فتاويه فصل يملك الصداق بالعقد لا أعلم في ذلك خلاف عندنا فلو مات أو أفلس وعليه صداق لزوجة دخل بها وصداق لأخرى لم يدخل بها لم يقدم المدخول بها بل يستويان كما أفتيت به تخريجا من هذه القاعدة وأما النصف العائد بالطلاق ففيه أوجه أصحها أنه يملكه بنفس الطلاق والثاني أنه لا يملكه إلا باختيار التملك والثالث لا يملك إلا بقضاء القاضي وينبني على الأوجه الزوائد الحادثة بعد الطلاق فصل في ملك الغانمين الغنيمة أوجه أصحها لا يملكون إلا بالقسمة أو اختيار التملك لأنهم لو ملكوا لم يصح إعراضهم ولا إبطال حقهم عن نوع بغير رضاهم

(١/٣٢٤)

ولا شك أن للإمام أن يخص كل طائفة بنوع من المال والثاني يملكون بالحيازة والاستيلاء التام لأن الاستيلاء على ما ليس بمعصوم من المال سبب للملك ولأن ملك الكفار زال بالاستيلاء ولم لم يملكوا لزال الملك إلى غير مالك لكنه ملك ضعيف يسقط بالإعراض الثالث موقوف إن سلمت الغنيمة حتى قسموها بان أنهم ملكوا بالاستيلاء وإن تلفت أو أعرضوا تبينا عدم الملك وحينئذ فهذه المسئلة من نظائر المسائل المتقدمة المسئلة الخامسة في الاستقرار يستقر الملك في المبيع ونحوه من المسلم فيه والمصالح عليه والصداق المعين بالتسليم وتستقر الأجرة في الإجارة بالاستيفاء وبقبض العين المستأجرة وإمساكها حتى مضت مدة الإجارة أو مدة إمكان السير إلى الموضع الذي استأجر للركوب إليه وإن لم ينتفع وسواء إجارة العين والذمة وتستقر في الإجارة الفاسدة أجرة المثل بذلك قال الأصحاب ويستقر الصداق بواحد من شيئين الوطء والموت وأورد في المهمات عليهم أنه لا بد من القبض في المعين أيضا لأن المشهور أن الصداق قبل القبض مضمون ضمان عقد كالبيع فكما قالوا إن المبيع قبل القبض غير مستقر وإن كان الثمن قد قبض فكذلك الصداق وأجيب بأن المراد بالاستقرار هنا الأمن من سقوط المهر أو بعضه بالتشطر وفي المبيع الأمن من الانفساخ فالمبيع إذا تلف انفسخ البيع والصداق المعين إذا تلف قبل القبض لم يسقط المهر بل يجب بدل البضع فاقترن البابان ذكره الشيخ ولي الدين في نكته وقال القاضي جلال الدين البلقيني لم يبين الأصحاب معنى الاستقرار في باب الصداق حتى خفي معناه على بعض المتأخرين فما ورد عليهم أنه لا بد من قبض المعين

(١/٣٢٥)

وليس الأمر كذلك فإن معنى الاستقرار في الصداق عينا كان أو دينا الأمن من تشطره بالفراق قبل الدخول ومن سقوطه كله بالفرقة من جهتها قبله وهذا الاستقرار يكون في الصداق المعين والذي في الذمة وجميع الديون التي في الذمة بعد لزومها وقبض المقابل لها مستقرة إلا دينا واحدا هو دين السلم فإنه وإن كان لازما فهو غير مستقر وإنما كان غير مستقر لأنه بصدد أن يطرأ انقطاع المسلم فيه فينفسخ العقد فمعنى الاستقرار في الديون اللازمة من الجانبين الأمن من فسخ العقد بسبب تعذر حصول الدين المذكور لعدم وجود جنسه وامتناع الإعتياض عنه وذلك مخصوص بدين السلم دون بقية الديون وأما دين الثمن بعد قبض المبيع فإنه أمن فيه الفسخ المذكور وإن تعذر حصوله بانقطاع جنسه جاز الاعتياض عنه وكذا الفسخ بسبب رد بعيب أو إقالة أو تحالف اه المسئلة السادسة الملك إما للعين والمنفعة معا وهو الغالب أو للعين فقط كالعبد الموصى بمنفعته أبدا رقبته ملك للوارث وليس له شيء من منافعه وعليه نفقته ومؤنته ولا يصح بيعه لغير الموصى له ويصح له إعتاقه لا عن الكفارة ولا كتابته وله وطؤها إن كانت ممن لا تحبل وإلا فلا وفي كل من ذلك خلاف وإما للمنفعة فقط كمنافع العبد الموصى بمنفعته أبدا وكالمستأجر والموقوف على معين وقد يملك الانتفاع دون المنفعة كالمستعير والعبد الذي أوصى بمنفعته مدة حياة الموصى له وكالموصى بخدمته وسكناها فإن لك إباحة له لا تمليك وكذا الموقوف على غير معين كالربط والطعام المقدم للضيف وكل من ملك المنفعة فله الإجارة والإعارة ومن ملك الانتفاع فليس له الإجارة قطعا ولا الإعارة في الأصح ونظير ذلك الأمة المزوجة إذا وطئت بشبهة أو إكراه فإن مهرها للسيد لأنه مالك البضع لا للزوج لأنه لم يملكه بل ملك الانتفاع به وكذا الحرة إذا وطئت بشبهة مهرها لها لا لزوجها فإنه ملك الانتفاع ببعضها دونه

(١/٣٢٦)

قال العلائي ومن ذلك أيضا الإقطاع على الرأي المختار فإن المقطع لم يملك إلا أن ينتفع بدلل الاسترجاع منه متى شاء الإمام فليس له الإجارة إلا أن يأذن له الإمام أو يستقر العرف بذلك كما في الإقطاعات بديار مصر قال وهذا هو الذي كان يفتي به شيخنا برهان الدين وكمال الدين وهو اختيار شيهما تاج الدين الفزاري والذي أفتى به النووي صحة إجارة الإقطاع وشبهه بالصداق قبل الدخول قال العلائي وفي ذلك نظر لأن الزوجة ملكت الصداق بالعقد ملكا تاما وإذا قبضته كان لها التصرف فيه بالبيع وغيره والإقطاع ليس كذلك وقد قال الرافعي إن الوصية بالمنافع إذا كانت مطلقة أو مقيدة بالتأبيد أو بمدة معينة كالسنة مثلا يكون تمليكا لها بعد الموت فتصح إجارتها وإعارتها والوصية بها وتنتقل عن الموصى له بموته إلى ورثته ثم قال أما إذا قال أوصيت لك بمنافعه مدة حياتك فهو إباحة وليس بتمليك وليس له الإجارة وفي الإعارة وجهان وإذا مات الموصى له رجع الحق إلى ورثة الموصي وهذه المسألة أشبه شيء بالإقطاع لأنه مقيد عرفا بحياة المقطع وإذا مات بطل بل هو أضعف من الوصية لأنه قد يسترجع منه في حياته بخلاف الوصية اه خاتمة في ضبط المال والمتمول أما المال فقال الشافعي رضي اللّه عنه لا يقع اسم مال إلا على ماله قيمة يباع بها وتلزم متلفه وإن قلت ومالا يطرحه الناس مثل الفلس وما أشبه ذلك انتهى وأما المتمول فذكر الإمام له في باب اللقطة ضابطين أحدهما أن كل ما يقدر له أثر في النفع فهو متمول وكل مالا يظهر له أثر في الانتفاع فهو لقلته خارج عما يتمول الثاني أن المتمول هو الذي يعرض له قيمة عند غلاء الأسعار والخارج عن المتمول هو الذي لا يعرض فيه ذلك القول في الدين اختص بأحكام الأول جواز الرهن به فلا يصح بالأعيان المضمونة بحكم العقد كالمبيع والصداق أو بحكم اليد كالمغصوب والمستعار والمأخوذ على جهة السوم أو بالبيع الفاسد

(١/٣٢٧)

وفي وجه ضعيف يجوز كل ذلك لكن في فتاوى القفال لو وقف كتابا وشرط أن لا يعار إلا برهن اتبع شرطه وقال السبكي في تكملة شرح المهذب فرع حدث في الأعصار القريبة وقف كتب يشترط الواقف أن لا تعار إلا برهن أو لا تخرج من مكان تحبيسها إلا برهن أو لا تخرج أصلا والذي أقول في هذا إن الرهن لا يصح بها لأنها عين مأمونة في يد موقوف عليه ولا يقال لها عارية أيضا بل الأخذ لها إن كان من الوقف استحق الانتفاع ويده عليها يد أمانة فشرط أخذ الرهن عليها فاسد وإن أعطاه كان رهنا فاسدا ويكون في يد خازن الكتب أمانة لأن فاسد العقود في الضمان كصحيحها والرهن أمانة هذا إذا أريد الرهن الشرعي وإن أريد مدلوله لغة وأن يكون تذكرة فيصح الشرط لأنه غرض صحيح وإذا لم يعلم مراد الواقف فيحتمل أن يقال بالبطلان في الشرط المذكور حملا على المعنى الشرعي ويحتمل أن يقال بالصحة حملا على اللغوى وهو الأقرب تصحيحا للكلام ما أمكن وحينئذ لا يجوز إخراجها بدونه وإن قلنا ببطلانه لم يجز إخراجها به لتعذره ولا بدونه إما لأنه خلاف شرط الواقف وإما لفساد الاستثناء فكأنه قال لا تخرج مطلقا ولو قال ذلك صح لأنه شرط فيه غرض صحيح لأن إخراجها مظنة ضياعها بل يجب على ناظر الوقف أن يمكن كل من يقصد الانتفاع بتلك الكتب في مكانها وفي بعض الأوقاف يقول لا تخرج إلا بتذكرة وهذا لا بأس به ولا وجه لبطلانه وهو كما حملنا عليه قوله إلا برهن في المدلول اللغوي فيصح ويكون المقصود أن تجويز الواقف الانتفاع لمن يخرج به مشروط بأن يضع في خزانة الوقف ما يتذكر هو به إعادة الموقوف ويتذكر الخازن به مطالبته فينبغي أن يصح هذا ومتى أخذه على غير هذا الوجه الذي شرطه الواقف فيمتنع ولا نقول بأ تلك التذكرة تبقى رهنا بل له أن يأخذها فإذا أخذها طالبه الخازن برد الكتاب ويجب عليه أن يرده أيضا بغير طلب ولا يبعد أن يحمل قول الواقف الرهن على هذا المعنى حتى يصحح إذا ذكره بلفظ الرهن تنزيلا للفظ على الصحة ما أمكن وحينئذ يجوز إخراجه بالشرط المذكور ويمتنع بغيره ولكن لا يثبت له أحكام الرهن ولا يستحق منعه ولا بدل الكتاب الموقوف إذا تلف بغير تفريط ولو تلف بتفريط

(١/٣٢٨)

ضمنه ولكن لا يتعين ذلك المرهون لوفائه ولا يمتنع على صاحبه التصرف فيه انتهى الثاني صحة الضمان بها أداء فأما الأعيان فإن لم تكن مضمونة على من هي في يده كالوديعة والمال في يد الشريك والوصي والوكيل فلا يصح ضمانها قطعا وإن كانت مضمونة صح ضمان ردها على المذهب ولا يصح ضمان قيمتها لو تلفت على الصحيح لأنها قبل التلف غير واجبة الثالث قبول الأجل فلا يصح تأجيل الأعيان ولو قال اشتريت بهذه الدراهم على أن أسلمها في وقت كذا لم يصح لأن الأجل شرع رفقا للتحصيل والمعين حاصل فوائد الأولى ليس في الشرع دين لا يكون إلا حالا إلا رأس مال السلم وعقد الصرف والربا في الذمة والقرض وكل مال متلف قهري والأجرة في إجارة الذمة وفرض القاضي مهر المثل على الممتنع في المفوضة وعقد كل نائب أو ولي لم يؤذن له في التأجيل لفظا أو شرعا وليس فيه دين لا يكون إلا مؤجلا إلا الكتابة والدية وليس فيه دين يتأجل ابتداء بغير عقد إلا في الفرض للمفوضة إذا تراضيا الثانية ما في الذمة لا يتعين إلا بقبض مكلف بصير إلا في صورتين الأولى إذا خالعها على طعام في الذمة وأذن في صرفه لولده منها والأخرى النفقة التي في الذمة إذا أنفق على زوجة صغيرة أو مجنونة بإذن الولي برئ وإن لم يقبض المكلف الثالثة الأجل لا يحل قبل وقته إلا بموت المديون ومنه موت العبد المأذون وقتل المرتد وباسترقاقه إذا كان حربيا وبالجنون على ما وقع في الروضة والأصح خلافه ويستثنى من الموت المسلم الجاني ولا عاقلة له تؤخذ الدية من بيت المال مؤجلة ولا تحل بموته ولو اعترف وأنكرت العاقلة أخذت منه مؤجلة فلو مات لم تحل في وجه ولو ضمن الدين مؤجلا ومات لم يحل في وجه والأصح فيهما الحلول

(١/٣٢٩)

ولا تحل بموت الدائن بلا خلاف إلا في صورة على وجه وهي ما إذا خالعها على إرضاع ولده منها وعلى طعام وصفه في ذمتها وذكر تأجيله وأذن في صرفه للصبي ثم مات المختلع وكذا يحل بموت الصبي على وجه ولا يحل بموت ثالث غير الدائن والمدين على وجه إلا في هذه الصورة الرابعة الحال لا يتأجل إلا في مدة الخيار وأما بعد اللزوم فلا واستثنى الروياني والمتولي ما إذا نذر أن لا يطالبه إلا بعد شهر أو أوصى بذلك قال البلقيني والتحقيق لا استثناء فالحلول مستمر ولكن امتنع الطلب لعارض كالإعسار على أن صورة النذر استشكلت فإنه إن كان معسرا فالإنظار واجب والواجب لا يصح نذره أو موسرا قاصدا للأداء لم يصح لأن أخذه منه واجب ولا يصح إبطال الواجب بالنذر وقيد في المطلب مسئلة الوصية بأن تخرج من الثلث لقولهم في البيع بمؤجل يحسب كله من الثلث إذا لم يحل منه شيء قبل موته تذنيب قال في الرونق الأجل ضربان أجل مضروب بالشرع وأجل مضروب بالعقد فالأول العدة والاستبراء والهدنة واللقطة والزكاة والعنة والإيلاء والحمل والرضاع والخيار والحيض والطهر والنفاس واليأس والبلوغ ومسح الخف والقصر والثاني أقسام أحدها مالا يصح إلا بالأجل وهو الإجارة والكتابة والثاني ما يصح حالا ومؤجلا والثالث ما يصح بأجل مجهول ولا يصح بمعلوم وهو الرهن والقراض والرقبى والعمرى والرابع ما يصح بهما وهو العارية والوديعة الحكم الرابع لا يصح بيع الدين بالدين قطعا واستثنى منه الحوالة للحاجة وأما بيعه لمن هو عليه فهو الاستبدال وسيأتي

(١/٣٣٠)

وأما لغير من هو عليه بالعين كأن يشتري عبد زيد بمائة له على عمرو ففيه قولان أظهرهما في الشرحين والمحرر والمنهاج البطلان لأنه لا يقدر على تسليمه والثاني يجوز كالاستبدال وصححه في الروضة من زوائده وشرطه على ما قال البغوي ثم الرافعي أن يقبض كل منهما في مجلس العقد ما انتقل إليه فلو تفرقا قبل قبض أحدهما بطل العقد قال في المطلب ومقتضى كلام الأكثرين خلافه ثم ذكر فيه أن بيع الدين الحال على معسر أو منكر ولا بينة له عليه لا يصح جزما وكما لا يصح بيع الدين لا يصح رهنه ولا هبته على الصحيح ما يجوز فيه الاستبدال وما لا يجوز لا يجوز الاستبدال عن دين السلم لامتناع الاعتياض عنه ويجوز عن دين القرض وبدل المتلف مثلا وقيمته وثمن المبيع والأجرة والصداق وعوض الخلع وبدل الدم قال الأسنوي وكذا الدين الموصى به والواجب بتقدير الحاكم في المتعة أو بسبب الضمان وكذا زكاة الفطرة إذا كان الفقراء محصورين وغير ذلك قال وفي الدين الثابت بالحوالة نظر يحتمل تخريجه على أنها بيع أم لا ويحتمل أن ينظر إلى أصله وهو المحال به فيعطى حكمه وحيث جاز الاستبدال جاز عن المؤجل حالا لا عكسه ثم إن استبدل موافقا في علة الربا شرط قبضه في المجلس لا تعيينه في العقد أو غيره شرط تعيينه في المجلس لا في القعد ولا قبضه قال في المطلب وعلى هذا فقولهم إن ما في الذمة لا يتعين إلا بالقبض محمول على ما بعد اللزوم أما قبله فيتعين برضاهما وينزل ذلك منزلة الزيادة والحط قال الأسنوي وهذا الذي قاله جيد وهو يقتضي إلحاق زمن خيار الشرط في ذلك بخيار المجلس الخامس لا تجب فيه الزكاة إن كان ماشية وعللوه بأن السوم شرط وما في الذمة لا يوصف به واستشكله الرافعي بأن المسلم في اللحم يذكر أنه من راعية أو معلوفة فكما يثبت في الذمة لحم راعية فلتثبت الراعية نفسها وأجاب القونوي بأن المدعي اتصافه بالسوم المحقق وثبوتها في الذمة سائمة أمر تقديري ولا يجب فيه أيضا إن كان معسرا لأن شرطه الزهو في ملكه ولم يوجد ولا إن كان دين

(١/٣٣١)

كتابة أو دينا آخر على المكاتب لعدم لزومه وأما إن كان عرضا ففي كتب الشيخين أنه كالنقد وسوى في التتمة بينه وبين الماشية لأن ما في الذمة لا يتصور فيه التجارة وادعى نفي الخلاف وبذلك أفتى البرهان الفزاري أنه لو أسلم في عرض بنية التجارة لم تجب فيه الزكاة قال لأنه لم يتملكه ملكا مستقرا أما كونه غير مستقر فواضح وأما كون الاستقرار شرط وجوب الزكاة فلقولهم في الأجرة لا يلزمه أن يخرج إلا زكاة ما استقر قال والسلم أولى بعدم الوجوب من الأجرة لأنها مقبوضة يملك التصرف فيها بخلافه قال وقول الرافعي إن العرض تجب فيه الزكاة محمول على ما إذا ثبت في الذمة بالقرض انتهى وفي البحر والحاوي المسلم فيه للتجارة لا تجب زكاته قولا واحدا فإذا قبضه استأنف الحول قال في الخادم وإذا قلنا بوجوبه فلا يدفع حتى يقبض وهل يقوم بحالة الوجوب أو القبض فيه نظر والصواب اعتبار أقل القيمتين كالأرش فإن الزكاة مواساة انتهى وأما النقد فالجديد وجوب الزكاة فيه ثم إن كان حالا وتيسر أخذه بأن كان على ملئ مقر حاضر باذل وجب إخراجها في الحال وإن كان مؤجلا أو على معسر أو منكر أو مماطل لم تجب حتى يقبض قال الزركشي وهل يتعلق به تعلق شركة كالأعيان أو لا لم أر من صرح به فإن قلنا به فهل يسمع دعوى المالك بالكل لأن له ولاية القبض لأجل أداء الزكاة وإذا حلف فهل يحلف على الكل أو يقول إنه باق في ذمته وأنه يستحق قبضه ينبغي الثاني ما يمنع الدين وجوبه وما لا يمنع فيه فروع الأول الماء في الطهارة يمنع الدين وجوب شرائه قال في الكفاية ولا فرق بين الحال والمؤجل

(١/٣٣٢)

الثاني السترة كذلك الثالث الزكاة وفيها أقوال أصحها لا يمنع وجوبها لأنها تتعلق العين والدين بالذمة فلا يمنع أحدهما الآخر كالدين وأرش الجناية والثاني يمنع لأن ملكه غير مستقر لتسلط المستحق على أخذه وقيل لأن مستحق الدين تلزمه الزكاة فلو أوجبنا على المديون أيضا لزم منه تثنية الزكاة في المال الواحد والثالث يمنع في الأموال الباطنة وهي النقد وعروض التجارة دون الظاهرة وهي الزروع والثمار والمواشي والمعادن لأنها تامة بنفسها وسواء كان الدين حالا أو مؤجلا من جنس المال أو غيره لآدمي أو للّه كالزكاة السابقة والكفارة والنذر الرابع زكاة الفطر نقل الإمام الاتفاق على أن الدين يمنع وجوبها كما أن الحاجة إلى صرفه في نفقة القريب تمنعه قال ولو ظن ظان أنه لا يمنعه كما لا يمنع وجوب الزكاة ما كان مبعدا ونقل النووي في نكته على التنبيه منع الوجوب عن الأصحاب ومشى عليه في الحاوي الصغير لكن صحح الرافعي في الشرح الصغير أنه لا يمنع وهو مقتضى كلامه في الكبير الخامس الحج يمنع الدين وجوبه حالا كان أو مؤجلا وفي وجه إن كان الأجل ينقضي بعد رجوعه من الحج لزمه وهو شاذ السادس الكفارة والظاهر أن الدين يمنع وجوب الإعتاق ولم أر من صرح به إلا أن الأذرعي في القوت قال ينبغي أن تكون كالحج السابع العقل ويمنع تحمله أيضا فيما يظهر الثامن نفقة القريب التاسع سراية الإعتاق لا يمنعها الدين في الأظهر فلو كان عليه دين بقدر ما في يده وهو قيمة الباقي قوم عليه لأنه مالك له نافذ تصرفه ولهذا لو اشترى به عبدا وأعتقه نفذ والثاني لا لأنه غير موسر

(١/٣٣٣)

تتمة والأصح أن لا يمنع ملك الوارث التركة كما تقدم ولا صحة الوصية ولا شراء القريب ويمنع نفوذ الوصية والتبرع وتصرف الوارث في التركة حتى يقبضه وجواز الصدقة مالم يرج وفاء ما ثبت في الذمة بالإعسار وما لا يثبت قال في شرح المهذب الحقوق المالية الواجبة للّه تعالى ثلاثة أضرب ضرب يجب لا بسبب مباشرة من العبد كزكاة الفطر فإذا عجز عنه وقت الوجوب لم يثبت في ذمته فلو أيسر بعد ذلك لم يجب وضرب يجب بسبب من جهته على جهة البدل كجزاء الصيد وفدية الحلق والطيب واللباس في الحج فإذا عجز عنه وقت وجوبه وجب في ذمته تغليبا لمعنى الغرامة لأنه إتلاف محض وضرب يجب بسبب مباشرة لا على جهة البدل ككفارة الجماع في رمضان وكفارة اليمين والظهار والقتل ودم التمتع والقران والنذر وكفارة قوله أنت علي حرام ففيها قولان مشهوران أصحهما يثبت في الذمة فمتى قدر عليه لزمه والثاني لا وتشبيهها بجزاء الصيد أولى من الفطرة لأن الكفارة مؤاخذة على فعله كجزاء الصيد بخلاف الفطرة انتهى قلت ولو لزمت الفدية الشيخ الهرم عن الصوم وكان معسرا ففي الروضة وأصلها قولان في ثبوتها في ذمته كالكفارة قال في شرح المهذب وينبغي أن يكون الأصح هنا أنها تسقط ولا تلزمه إذا أيسر كالفطرة لأنه عاجز حال التكليف بالفدية وليست في مقابله جناية بخلاف الكفارة فالأقسام على هذا أربعة وفي الجواهر للقمولي لو نذر الصدقة كل يوم بكذا فمرت أيام وهو معسر ثبتت في ذمته ولو ماتت زوجته وهو غائب فجهزت من مالها لم يثبت في ذمة الزوج أفتى به القاضي جلال الدين البلقيني

(١/٣٣٤)

تذنيب من الغريب قول القاضي حسين إن الطلاق يثبت في الذمة قال السبكي حكيت مرة لابن الرفعة فقال عمري ما سمعت ثبوت طلاق في الذمة قال ولا شك أن ابن الرفعة سمعه وكتبه مرات لكنه لغرابته ونكارته لم يبق على ذهنه ويتفرع على ذلك فروع ما يقدم على الدين وما يؤخر عنه قال في الروضة وأصلها في الأيمان إذا وفت التركة بحقوق اللّه وحقوق الآدميين قضيت جميعا وإن لم تف وتعلق بعضها بالعين وبعضها بالذمة قدم المتعلق بالعين سواء اجتمع النوعان أو انفرد أحدهما وإن اجتمعا وتعلق الجميع بالعين أو الذمة فهل يقدم حق اللّه تعالى أو الآدمي أو يستويان فيه أقوال أظهرها الأول ولا تجري هذه الأقوال في المحجور عليه بفلس إذا اجتمع النوعان بل تقدم حقوق الآدمي وتؤخر حقوق اللّه تعالى ما دام حيا اه ومن أمثلة ما تجري فيه الأقوال اجتماع الدين مع الزكاة أو الفطرة أو الكفارة أو النذر أو جزاء الصيد أو الحج كما صرح به في شرح المهذب والأصح في الكل تقديمها على الدين وكذا سراية العتق مع الدين وصححا في اجتماع الجزية مع الدين التسوية لأنها في معنى الأجرة فالتحقت بدين الآدمي ومن اجتماع حقوق اللّه تعالى فقط الزكاة والكفارة والحج قال السبكي والوجه أن يقال إن كان النصاب موجودا قدمت الزكاة وإلا فيستويان تذنيب فيما تقدم عند الاجتماع من غير الديون اجتمع محدث وجنب وحائض وذو نجاسة وميت وهناك ماء مباح أو موصى

(١/٣٣٥)

به لأحوج الناس إليه وإلا يكفي أحدهم قدم الميت على الجميع لأنه خاتمة أمره فخص بأكمل الطهارتين ولأن القصد من غسله تنظيفه ولا يحصل التراب والقصد من طهارة الأحياء استباحة الصلاة وهو حاصل بالتيمم ويقدم بعده من عليه نجاسة لأنه لا بدل لطهارته ثم الحائض لأن حدثها أغلظ وفي وجه يقدم الجنب عليها لأن غلسه منصوص عليه في القرآن ولاختلاف الصحابة في صحة تيمم الجنب دونها وفي وجه يستويان فيقرع بينهما وقيل يقسم ويقدم الجنب على المحدث إن لم يكف الماء واحدا منهما أو كفى كلا منهما أو كفى الجنب فقط وإن كفى المحدث فقط قدم فإن كان معهم ظامئ قدم عل الميت لبقاء الروح اجتمع مغتسل لجمعة وغسل الميت فإن قلنا غسل الجمعة آكد قدم أو غسل الميت قدم اجتمع حدث وطيب وهو محرم فإن أمكن غسل الطيب بعد الوضوء فذاك وإلا قدم غسل الطيب لأنه لا بدل له والوضوء له بدل ولو كان نجاسة وطيب قدمت النجاسة لأنها أغلظ وتبطل الصلاة بخلافه اجتمع كسوف وجمعة أو فرض آخر فإن خيف فوت الفرض قدم لأنه أهم وإلا قدم الكسوف في الأظهر لأنه يخشى فواته بالانجلاء ثم يخطب للجمعة متعرضا للكسوف ثم يصلى الجمعة ولا يحتاج إلى أربع خطب اجتمع عيد وكسوف وجنازة قدمت الجنازة خوفا من تغير الميت ولو اجتمع جمعة وجنازة فكذلك إن لم يضق الوقت فإن ضاق قدمت الجمعة لأنها فرض عين وقيل الجنازة لأن للجمعة بدلا اجتمع كسوف ووتر أو تراويح قدم الكسوف مطلقا أو كسوف وعيد وخيف فوت العيد قدم وإلا فالكسوف اجتمع في زكاة الفطر رجل وزوجته وولده الصغير والكبير والأب والأم ولم يجد إلا بعض الصيعان ففي المسئلة عشرة أوجه حكاها في شرح المهذب أصحها تقديم نفسه ثم زوجته ثم ولده الصغير ثم الأب ثم الأم ثم ولده الكبير والثاني يقدم الزوجة على نفسه لأن فطرتها تجب بحكم المعاوضة والثالث يبدأ بنفسه ثم بمن شاء والرابع يتخير

(١/٣٣٦)

والخامس يخرجه موزعا على الجميع والسادس يخرجه عن أحدهم لا بعينه والسابع يقدم الأم على الأب والثامن يستويان فيخير بينهما والتاسع يقدم الابن الكبير على الأبوين لأن النص ورد بنفقته والفطرة تتبعها والعاشر يقدم الأقارب على الزوجة لأنه قادر على إزالة سبب الزوجية بالطلاق بخلاف القرابة ولو اجتمع المذكورون في النفقة قدموا على ما ذكر إلا أن الأم تقدم فيها على الأب في الأصح لأن النفقة شرعت لسد الخلة ودفع الحاجة والأم أكثر حاجة وأقل حيلة والفطرة لم تشرع لدفع ضرر المخرج عنه بل لتشريفه وتطهيره والأب أحق بهذا فإنه منسوب إليه ويشرف بشرفه ولو اجتمع في الفطرة اثنان في مرتبة تخير قال الرافعي ولم يتعرضوا للإقراع وله فيه مجال كنظائره اجتمع على رجل حدود فإن كانت للّه تعالى قدم الأخف فالأخف فيقدم حد الشرب ثم جلد الزنا ثم قطع السرقة أو المحاربة ثم قتل الردة وإن كانت لآدمي فكذلك فيقدم حد القذف ثم القطع ثم القتل فلو اجتمع مستحق قطع أو قتل قدم من سبقت جنايته فإن جهل أو جنى عليهم معا أقرع وإن اجتمع الصفان قدم حد القذف على جلد الزنا لأنه حق آدمي وقيل لأنه أخف وينبني عليها اجتماع حد الشرب والقذف فعلى الأصح يقدم القذف وعلى الثاني الشرب ويجريان في اجتماع القطع والقتل قصاصا مع جلد الزنا فعلى الأصح يقدمان عليه ولو اجتمع قتل القصاص والردة والزنا قدم القصاص قطعا وقيل في الزنا يقتل رجما بإذن الولي ليتأدى الحقان ولو اجتمع قتل الزنا والردة لم يحضرني فيه نقل والذي يظهر أنه يرجم لأنه يحصل مقصودهما بخلاف ما لو قتل بالسيف فإنه يحصل قتل الردة دون الزنا

(١/٣٣٧)

فرع ويقرب من هذه المسائل مسائل اجتماع الفضيلة والنقيصة فمنها الصلاة أول الوقت بالتيمم وآخره بالوضوء والأظهر استحباب التأخير إن تيقن الوضوء والتقديم إن ظنه أو جوز وجوده أو توهمه قال إمام الحرمين والخلاف فيمن أراد الاقتصار على صلاة واحدة فإن صلى أوله بالتيمم وآخره بالوضوء فهو النهاية في تحصيل الفضيلة

ومنها الصلاة أول الوقت منفردا وآخره جماعة وفي الأفضل طرق قطع أكثر العراقيين باستحباب التأخير وأكثر الخراسانيين باستحباب التقديم وقال آخرون حكمه حكم الماء فإن تيقن الجماعة آخره فالتأخير أفضل وإلا فالتقديم قال النووي وقد ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى اللّه عليه وسلم أخبر أنه ستجيء أئمة يؤخرون الصلاة عن أول وقتها قال فصلوا الصلاة لوقتها واجعلوا صلاتكم معهم نافلة قال فالذي نختاره أن يصلي مرتين فإن اقتصر على واحدة فإن تيقن حصول الجماعة فالتأخير أفضل لتحصيل شعارها الظاهر ولأنها فرض كفاية وفي وجه فرض عين ففي تحصيلها خروج من الخلاف قال ويحتمل أن يقال إن فحش التأخير فالتقديم أفضل وإن خف فالانتظار أفضل

ومنها الصلاة أول الوقت عاريا أو قاعدا وآخره مستورا أو قائما وفيها الخلاف في المتيمم

ومنها الصلاة أول الوقت قاصرا وآخره مقيما يصلي قاصرا بلا خلاف نقله في شرح المهذب عن صاحب البيان

ومنها لو خاف فوت الجماعة إن أسبغ الوضوء فإدراكها أولى من الانحباس لإكماله نقله النووي عن صاحب الفروع وقال فيه نظر

ومنها لو خاف فوت الركعة إن مشى إلى الصف الأول قال في شرح المهذب لم أر فيه لأصحابنا ولا لغيرهم شيئا والظاهر أنه إن خاف فوت الركعة الأخيرة حافظ عليها وإن خاف فوت غيرها مشى إلى الصف الأول للأحاديث الصحيحة في الأمر بإتمامه والازدحام عليه

(١/٣٣٨)

ومنها لو قدر أن يصلي في بيته قائما منفردا ولو صلى مع الجماعة احتاج أن يقعد في بعضها فالأفضل الانفراد محافظة على القيام ذكره الشافعي والأصحاب

ومنها لو ضاق الوقت على سنن الصلاة قال البغوي في فتاويه ما حاصله إن السنن التي تجبر بالسجود يأتي بها بلا إشكال وأما غيرها فالظاهر الإتيان بها أيضا لأن الصديق كان يطول القراءة في الصبح حتى تطلع الشمس قال ويحتمل أن لا يأتي بها إلا إذا أدرك الركعة قال الأسنوي وفيما قاله نظر

ومنها لو ضاق الماء والوقت عن استيعاب سنن الوضوء وجب الإختصار على الواجبات صرح به النووي في شرح التنبيه

ومنها لو اجتمع في الإمامة الأفقه والأقرأ والأورع والأصح تقديم الأفقه عليهما لاحتياج الصلاة إلى مزيد الفقه لكثرة عوارضها وقيل بالتساوي لتعادل الفضيلتين ولو اجتمع السن والنسب فالأظهر تقديم السن لأنه صفة في نفسه والنسب صفة في آبائه ولو اجتمعا مع الهجرة فالجديد تقديمهما واختار النووي تقديم الهجرة عليهما وصححه في المهذب ولو اجتمع الأعمى والبصير فقيل الأعمى أولى لأنه أخشع إذ لا ينظر إلى ما يلهيه وقيل البصير لأنه أكثر تحفظا من النجاسات والأصح أنهما سواء لتعادلهما ولو اجتمع في صلاة الجنازة الحر البعيد والعبد القريب والحر غير الفقيه والعبد والفقيه فالأصح فيهما تقديم الحر والثالث يستويان لتعادلهما وقريب من هذه المسائل الخصال المعتبرة في الكفاءة هل يقابل بعضها ببعض الأصح المنع فلا يكافئ رقيق عفيف حرة فاسقة ولا حر معيب رقيقة سليمة ولا عفيف دنيء النسب فاسقة شريفة

(١/٣٣٩)

وفي نظير المسئلة من القصاص لا تقابل جزما فلا يقاد عبد مسلم بكافر حر بلا خلاف خاتمة لا يقدم في التزاحم على الحقوق أحد إلا بمرجح وله أسباب أحدها السبق كجماعة ماتوا وهناك ما يكفي أحدهم قدم أسبقهم موتا والمستحاضة ترى الدم بصتفين مستويتين فيرجح الأسبق وكالازدحام في الدعوى والإحياء والدرس ولو وكل رجلا في بيع عبده وآخر في عتقه قال الدبيلي من سبق فله الحكم ثانيها القوة فلو أقر الوارث بدين وأقام الآخر بينة بدين والتركة لا تفي بهما قال صاحب الإشراف يقدم دين البينة ثالثها القرعة في مواضع كثيرة كازدحام الأولياء في النكاح والعبيد في العتق والمقتصين في الجاني عليهم معا القول في ثمن المثل وأجرة المثل ومهر المثل وتوابعها أما ثمن المثل فقد ذكر في مواضع في شراء الماء في التيمم وشراء الزاد ونحوه في الحج وفي بيع مال المحجور والمفلس والموكل والممتنع من أداء الدين وتحصيل المسلم فيه ومثل المغصوب وإبل الدية وغيرها ويلحق بها كل موضع اعتبرت فيه القيمة فإنها عبارة عن ثمن المثل ونبدأ بذكر حقيقته فنقل يختلف باختلاف المواضع والتحقيق أنه راجع إلى الاختلاف في وقت اعتباره أو مكانه الموضع الأول التيمم فذكروا فيه ثلاثة أوجه أحدها أنه أجرة نقل الماء إلى الموضع الذي هذا المشترى فيه ويختلف ذلك ببعد المسافة وقربها الثاني أنه قيمة مثله في ذلك الموضع في غالب الأوقات فإن الشربة الواحدة في وقت عذة الماء يرغب فيها بدنانير

(١/٣٤٠)

فلو كلفناه شراءه بقيمته في الحال لحقته المشقة والحرج الثالث أنه قيمة مثله في ذلك الموضع في تلك الحالة فإن ثمن المثل يعتبر حالة التقويم وهذا هو الصحيح عند جمهور الأصحاب وبه قطع الدارمي وجماعة من العراقيين ونقله الإمام عن الأكثرين قال والوجه الأول بناه قائلوه على أن الماء لا يملك وهو وجه ضعيف قال والثاني أيضا ليس بشيء قال وعلى طريقة الأكثرين الأقرب أن يقال لا يعتبر ثمن الماء عند الحاجة إلى سد الرمق فإن ذلك لا ينضبط وربما رغب في الشربة حينئذ بدنانير ويبعد في الرخص والتحقيقات أن يوجب ذلك على المسافر ولكن يعتبر الزمان والمكان من غير انتهاء الأمر إلى سد الرمق الموضع الثاني الحج جزم الأصحاب بأن ثمن المثل للزاد والماء القدر اللائق به في ذلك المكان والزمان هكذا أطلقه عنهم الشيخان قال ابن الرفعة وهذا الإطلاق إنما يستمر في الزاد أما الماء فينبغي جريان الأوجه المذكورة في التيمم فيه قال ويحتمل أن لا يجري الوجه القائل بقيمة الماء في غالب الأحوال فيه وإنما جرى في التيمم لتكرره وفي الوافي ينبغي اعتبار ثمن المثل بما جرت به غالب العادة من ماضي السنين فإن وجد بمثله لزمه وإلا فلا وإن عرض في الطريق غلاء وبيع بأكثر من ثمن مثله فله الرجوع أما إذا كانت العادة غلاء ثمن الماء والزاد فيلزمه الحج قال ويمكن أن يقال كل سنة تعتبر بنفسها لكن يعسر معرفة مقدار الثمن والزيادة قبل البلوغ إلى المنهل الموضع الثالث الطعام والشراب حال المخمصة وثمن المثل فيه هو القدر اللائق به في ذلك الزمان والمكان قطعا وكذا ثمن مثل

(١/٣٤١)

السترة والرقية في الكفارة والمبيع بوكالة أو نحوها والمسروق يعتبر فيه حال الشراء والبيع والسرقة ومكانه قطعا الموضع الرابع المبيع إذا تخالفا وفسخ كان تالفا يرجع إلى قيمته وفي وقت اعتبارها أقوال أو وجوه أصحها يوم التلف لأن مورد الفسخ هو العين والقيمة بدل عنها فإذا فات الأصل تعين النظر في القيمة إلى ذلك الوقت والثاني يوم القبض لأنه وقت دخول المبيع في ضمانه وما يعرض بعد ذلك من زيادة أو نقصان فهو في ملكه والثالث أقلهما لأنها إن كانت يوم العقد أقل فالزيادة حدثت في ملك المشتري وإن كانت يوم القبض أقل فهو يوم دخوله في ضمانه والرابع أكثر القيم من القبض إلى التلف لأن يده يد ضمان والخامس أقلها من العقد إلى القبض الموضع الخامس اطلع في المبيع على عيب واقتضى الحال الرجوع بالأرش وهو جزء من ثمنه باعتبار القيمة وفي اعتبارها طريقان المذهب القطع باعتبار أقل قيمة من البيع إلى القبض لما تقدم في تعليل الثالث في المسئلة قبله والثاني فيه أقوال أحدها هذا والثاني يوم البيع لأن الثمن قابل المبيع يومئذ والثالث يوم القبض لما تقدم تنبيه قولي أقل قيمة تبعت فيه عبارة المنهاج وظاهرها اقتضاء اعتبار النقصان الحاصل بين العقد والقبض وقد صرح به في الدقائق قال الأسنوي وهو غريب فإنه ليس محكيا في أصوله المبسوطة وجها فضلا عن اختياره وعبارة الروضة والشرحين أقل القيمتين

(١/٣٤٢)

قال وأيضا فلأن النقصان الحاصل قبل القبض إذا زال قبله لا يثبت للمشترى به الخيار فكيف يكون مضمونا على البائع نعم يوافق الأول قول الروضة وأصلها فيما إذا تلف الثمن ورد المبيع بعيب أو نحوه أنه يأخذ مثله أو قيمته أقل ما كانت من العقد إلى القبض ولا فرق بينهما وهذا هو الموضع السادس الموضع السابع إذا تقايلا والمبيع تالف فالمعتبر أقل القيمتين من يوم العقد والقبض كذا جزم به في أصل الروضة الثامن المسلم فيه إذا قلنا يأخذ قيمته للحيلولة فيعتبر يوم المطالبة بالوضع الذي يستحق فيه التسليم كما صححه في الروضة من زوائده وجزم الرافعي باعتبار بلد العقد التاسع القرض إذا جاز له أخذ القيمة بأن كان في موضع لا يلزمه فيه زيادة المثل وتعتبر قيمة بلد القرض يوم المطالبة وإذا قلنا إنه يرد في المتقوم القيمة فالمعتبر قيمة يوم القبض إن قلنا يملك به وكذا إن قلنا يملك بالتصرف في وجه وفي آخر أكثر قيمة من القبض إلى التصرف وهو الأصح في الشرحين وشرح الوسيط على هذا العاشر المستعار إذا تلف وفي اعتباره أوجه أصحها قيمة يوم التلف إذ لو اعتبرت يوم القبض أو الأقصى لأدى إلى تضمين الأجزاء المستحقة بالاستعمال وهو مأذون فيها والثاني يوم القبض كالقرض

(١/٣٤٣)

والثالث أقصى القيم من القبض إلى التلف كالغصب لأنها لو تلفت في حال الزيادة لأوجبنا قيمته تلك الحالة الحادي عشر المقبوض على جهة السوم إذا تلف وفيه الأوجه في المستعار لكن قال الإمام الأصح فيه قيمة يوم القبض وقال غيره الأصح يوم التلف الثاني عشر المغصوب إذا تلف وهو متقوم فالمعتبر أقصى قيمة من الغصب إلى التلف بنقد البلد الذي تلف فيه لا أعلم فيه خلافا وقولنا بنقد البلد الذي تلف فيه كذا أطلقه الرافعي وهو محمول على ما إذا لم ينقله فإن نقله قال في الكفاية فيتجه أن يعتبر نقد البلد الذي تعتبر القيمة فيه وهو أكثر البلدين قيمة كما في المثلى إذا نقله وفقد المثل فإن غلب نقدان وتساويا عين القاضي واحدا وإن كان مثليا وتعذر المثل أخذ القيمة وفي اعتبارها أحد عشر وجها أصحها أقصى القيم من الغصب إلى تعذر المثل لأن وجود المثل كبقاء عين المغصوب لأنه كان مأمورا بتسليمه كما كان مأمورا بتسليم العين فإذا لم يفعل غرم أقصى قيمة في المدتين كما أن المتقوم يضمن بأقصى قيمة لذلك ولا نظر إلى ما بعد انقطاع المثل كما لا نظر إلى ما بعد تلف المغصوب المتقوم والثاني أقصاها من الغصب إلى التلف والثالث الأقصى من التلف إلى التعذر وهما مبنيان على أن الواجب عند إعواز المثل قيمة المغصوب لأنه الذي تلف على المالك أو قيمة المثل لأنه الواجب عند التلف وإنما رجعنا إلى القيمة لتعذره وفيه وجهان والرابع الأقصى من الغصب إلى المطالبة بالقيمة لأن المثل لا يسقط بالإعواز بدليل أن له أن يصير إلى وجدانه والخامس الأقصى من التعذر إلى المطالبة لأن التعذر هو وقت الحاجة إلى العدول إلى القيمة فيعتبر الأقصى يومئذ والسادس الأقصى من التلف إلى المطالبة لأن القيمة تجب حينئذ والسابع قيمة يوم التلف قال في المطلب ولعل توجيهه أن الواجب قيمة المثل على رأي فيعتبر وقت وجوبه لأنه لم يتعد في المثل وإنما تعدى في المغصوب فأشبه العارية

(١/٣٤٤)

والثامن قيمة يوم التعذر لأنه وقت العدول إلى القيمة والتاسع يوم المطالبة لأن الإعواز حينئذ يتحقق والعاشر إن كان منقطعا في جميع البلاد فقيمته يوم التعذر وإن فقد هناك فقط فقيمته يوم المطالبة والحادي عشر قيمته يوم أخذ القيمة حكاه الرافعي عن الشيخ أبي حامد وتوقف فيه وقال الأسنوي إنه ثابت فقد حكاه عنه تلميذاه البندنيجي وسليم الرازي وحكى ابن الرفعة في الكفاية وجها ثاني عشر وهو اعتبار الأقصى من الغصب إلى يوم الأخذ ورجع عنه في المطلب قال السبكي وذلك لكونه غير منقول صريحا ولكنه ينشأ من كلام الأصحاب قال وربما يترجح على سائر الوجوه فلا بأس بالمصير إليه انتهى هذا إن كان التلف والمثل موجود فإن كان والمثل متعذر قال الرافعي فالقياس أن يجب على الأول والثاني الأقصى من الغصب إلى التلف وعلى الثالث والسابع والثامن يوم التلف وعلى الخامس الأقصى من التلف إلى المطالبة والأوجه الباقية بحالها وهذه المسئلة من مفردات المسائل لكثرة ما فيها من الأوجه الموضع الثالث عشرالمتلف بلا غصب والمعتبر قيمته يوم التلف لا أعلم فيه خلافا إلا إن كان تلفه سراية جناية سابقة فالمعتبر الأقصى منها نقله الرافعي عن القفال وأقره وجزم به في المنهاج فإن كان مثليا وهو موجود ولم يسلمه حتى تعذر فعلى الوجه الثاني قيمته يوم الإتلاف وعلى الأول والثالث الأقصى من الإتلاف إلى التعذر وعلى الرابع من الإتلاف إلى المطالبة والقياس عود الأوجه الباقية أو والمثل متعذر فعلى الأول والثاني والثالث والسابع والثامن قيمة يوم الإتلاف وعلى الرابع والخامس والسادس الأقصى من الإتلاف إلى المطالبة وعلى التاسع يوم المطالبة وعلى العاشر إن كان مفقودا في جميع البلاد فيوم الإتلاف وإلا فيوم المطالبة

(١/٣٤٥)

الرابع عشر المقبوض بالبيع الفاسد إذا تلف والأصح أنه كالمغصوب يعتبر فيه الأكثر من القبض إلى التلف والثاني يوم القبض والثالث يوم التلف الخامس عشر إبل الدية إذا فقدت قال في أصل الروضة والمفهوم من كلام الأصحاب اعتبار قيمتها يوم وجوب التسليم وقال الروياني إن وجبت الدية والإبل مفقودة اعتبرت قيمتها يوم الوجوب وإن وجبت وهي موجودة فلم يؤد حتى أعوزت وجبت قيمتها يوم الإعواز وهل تعتبر قيمة موضع الوجود أو موضع الإعواز لو كان فيه إبل وجهان الأصح الثاني السادس عشر إذا جنى على عبد أو بهيمة أو صيد ثم جنى عليه آخر ولم يمت فإن كان الثاني جنى بعد الاندمال لزم كلا نصف قيمته قبل جنايته إن كانت الجناية بقطع يد العبد مثلا وإن كان قبل الاندمال لزم الثاني نصف ما أوجبنا على الأول لأن الجناية الأولى لم تستقر وقد أوجبنا نصف القيمة فكأنه انتقص نصف القيمة وإن مات من الجرحين وكانت القيمة عند جرح الثاني ناقصة بسبب الأول كأن جرح ما قيمته عشرة دنانير جراحة أرشها دينار ثم جرحه آخر جراحة أرشها دينار ففي الواجب عليهما ستة أوجه الأول على الأول خمسة دنانير وعلى الثاني أربعة ونصف لأن الجرحين سريا وصارا قتلا فلزم كل واحد نصف قيمته يوم جنايته قاله ابن سريج وضعفه الأئمة بأن فيه ضياع نصف دينار على المالك الثاني قاله المزني وأبو إسحاق والقفال يلزم كل واحد خمسة فلو نقصت جناية الأول دينارا والثاني دنيارين لزم الأول أربعة ونصف والثاني خمسة ونصف أو نقصت الأولى دينارين والثانية دينارا فعكسه وضعف بأنه سوى بينهما مع اختلاف قيمته حال جنايتهما الثالث يلزم الأول خمسة ونصف والثاني خمسة لأن جناية كل واحد نقصت دينارا ثم سرتا والأرش يسقط إذا صارت الجناية نفسا فيسقط عن كل واحد نصف الأرش

(١/٣٤٦)

لأن الموجود منه نصف القتل وضعف بأن فيه زيادة الواجب على قيمة المتلف الرابع قاله أبو الطيب بن سلمة يلزم كل واحد نصف قيمته يوم جنايته ونصف الأرش لكن لا يزيد الواجب على القيمة فيجمع ما لزمهما تقديرا وهو عشرة ونصف وتقسم القيمة وهي عشرة على العشرة والنصف ليراعى التفاوت بينهما فتبسط أنصافا فيكون أحدا وعشرين فيلزم الأول أحد عشر جزءا من أحد وعشرين جزءا من عشرة ويلزم الثاني عشرة من أحد وعشرين جزءا من عشرة وضعف بأفراد أرش الجناية عن بدل النفس الخامس قاله صاحب التقريب وغيره واختاره الإمام والغزالي يلزم الأول خمسة ونصفا والثاني أربعة ونصفا لأن الأول لو انفرد بالجرح والسراية لزمه العشرة فلا يسقط عنه إلا ما لزم الثاني والثاني إنما جنى على نصف ما يساوي تسعة السادس قاله ابن خيران واختاره صاحب الإفصاح وأطبق العراقيون على ترجيحه أنه يجمع بين القيمتين فيكون تسعة عشر فيقسم عليه ما فوت وهو عشرة فيكون على الأول عشرة أجزاء من تسعة عشر جزءا من عشرة وعلى الثاني تسعة أجزاء من تسعة عشر جزءا من عشرة الموضع السابع عشر سراية العتق إن قلنا تحصل باللفظ أو التبيين اعتبرت قيمة يوم الإعتاق وإن قلنا بالأداء فهل تعتبر قيمة يوم الإعتاق أو الأداء أو الأكثر منه إليه أوجه أصحها الأول الموضع الثامن عشر العبد إذا جنى وأراد السيد فداءه قال البغوي النص اعتبار قيمته يوم الجناية وقال القفال ينبغي أن يعتبر يوم الفداء لأن ما نقص قبل ذلك لا يؤاخذ به السيد وحمل النص على ما إذا سبق من السيد منع من بيعه ثم نقص وأما المستولدة إذا جنت فالأصح اعتبار قيمتها يوم الجناية والثاني يوم الاستيلاد

(١/٣٤٧)

التاسع عشر قيمة الولد إذا وجبت تعتبر يوم وضعه ويجب في صور منها إذا غر بحرية أمة وولدت منه أو وطئ أمة غيره بشبهة أو وطئ أمته المرهونة وأحبلهما العشرون الجنين الرقيق في إجهاضه عشر قيمة الأم وفي اعتبارها وجهان أحدهما قيمة يوم الإجهاض والأصح أكثر ما كانت من الجناية إلى الإجهاض أما جنين البهيمة إذا ألقته حيا بجناية ثم مات فهل تجب قيمته حيا أو أكثر الأمرين من قيمته ومن نقص الأم بالولادة فيه قولان في النهاية الحادي والعشرون قيمة الصيد المتلف في الحرم أو الإحرام يعتبر بمحل الإتلاف وإلا فبمكة يومئذ لأن محل الذبح مكة وإذا اعتبرت بمحل الإتلاف فهل يعتبر في العدول إلى الطعام سعره هناك أو بمكة احتمالان للإمام والظاهر الثاني الثاني والعشرون قيمة اللقطة إذا جاء صاحبها بعد التملك وهي تالفة ويعتبر يوم التملك الثالث والعشرون قيمة جارية الابن إذا أحبلها الأب بوطئه ولم يصرح الشيخان بوقت اعتبارها والذي يفهم من كلامهم أنها لا تعتبر وقت الإيلاج لإيجابهم المهر معها بل يعتبر وقت الحكم بانتقالها إلى ملكه وفيه وجهان أحدهما قبيل العلوق نقلاه عن ترجيح البغوي والثاني معه واختاره الإمام وتابعه النووي في التنقيح

(١/٣٤٨)

الرابع والعشرون قيمة المعجل في الزكاة إذا ثبت الاسترداد وهو تالف والمعتبر يوم القبض على الأصح والثاني يوم التلف والثالث أقصى القيم الخامس والعشرون قيمة الصداق إذا تشطر وهو تالف أو معيب ولم يصرحوا بوقت اعتباره والجاري على القواعد اعتبار وقت الطلاق لأنه وقت العود إلى ملكه والزيادة قبله على ملكها لا تعلق له بها ضابط حاصل ما تقدم أنه جزم باعتبار وقت التلف في الإتلاف بلا غصب وفي معناه إحبال أمة الولد كما قسته والإعتاق وباعتبار يوم القبض في اللقطة وباعتبار الأقصى في الغصب وباعتبار الأقل في الإقالة وثمن المردود بالعيب وباعتبار المطالبة في القرض المثلي وياعتبار الوجوب في الولد والصداق كما قسته وصحح الأول في التحالف والمستعار والمستام وصحح الثاني في معجل الزكاة وصحح الثالث في البيع الفاسد والجنين والرقيق وصحح الرابع في الرجوع بالأرش وصحح الخامس في السلم وصحح السادس في إبل الدية والعبد الجاني والمستولدة الجانية فاحفظ هذه النظائر فإنك لا تجدها مجموعة في غير هذا الموضع

(١/٣٤٩)

ما يجب تحصيله بأكثر من ثمن المثل ومالا يجب وما يجب بيعه بأقل منه ومالا قال بعض المتأخرين الزيادة اليسيرة على ثمن المثل لا أثر لها في كل الأبواب إلا في التيمم إذا وجد الماء يباع بزيادة يسيرة على ثمن مثله لم يلزمه مطلقا في الأصح قال في الخادم ومثله شراء الزاد ونحوه في الحج وأما الزيادة الكثيرة وهي التي لا يتغابن الناس بمثلها ففيها فروع الأول المسلم فيه يجب تحصيله ولو بأكثر من ثمن المثل إذا لم يوجد إلا به ولا ينزل ذلك منزلة الانقطاع جزم به الشيخان قال السبكي في فتاويه وعلى قياسه إذا لم يوجد من يشتري مال المديون إلا بدون قيمته يجب بيعه والوفاء منه الثاني إذا تلف المغصوب المثلي ولم يوجد مثله إلا بأكثر من ثمن المثل ففي وجوب تحصيله وجهان رجح كلا منهما مرجحون وصحح النووي عدم الوجوب لأن الموجود بأكثر من ثمنه كالمعدوم كالرقبة وماء الطهارة وتخالف العين حيث يجب ردها وإن لزم في مؤنتها أضعاف قيمتها فإنه تعدى فيها دون المثل قال السبكي وفي تصحيحه نظر لتعديه الثالث لو أسلم عبد لكافر أمر بإزالة الملك عنه ولو لم يجد من يشتريه إلا بأقل من ثمن المثل مما لا يتغابن به لم يرهق إليه لأنه لم يلتزم بخلاف المسلم والغاصب والمديون ولو اشترى الكافر عبدا مسلما وقلنا يصح ويؤمر بإزالة الملك قال ابن الرفعة فلا يرهق للبيع بأقل ويحال بينه وبينه إلى أن يتيسر من يشتريه بثمن مثله أو يزيل ملكه عنه كذا ذكره في المطلب في فرع من غير نقل عن أحد قال السبكي وفيه نظر يحتمل أن يقال به كما إذا اسلم في يده وإن كنت لم أره منقولا أيضا ويحتمل أن يقال إنه بالشراء متعرض لالتزام إزالته الرابع الرقبة في الكفارة لا يلزم شراؤها بأكثر من ثمن المثل على المذهب واختار البغوي خلافه الخامس إبل الدية إذا لم توجد إلا بأكثر من ثمن المثل

(١/٣٥٠)

لا يجب تحصيلها بل يعدل إلى قيمتها كذا جزم به الشيخان وبحث بعضهم أن يجري فيها خلاف الغاصب قال البلقيني ولعل الفرق أن تعدي القاتل إنما هو في النفس ولست الدية مثل ما أتلف بخلاف صورة الغصب فإن المثلى مثل ما تعدى فيه فأتلفه قال فلو كانت الزيادة يسيرة فيحتمل الوجوب ويحتمل خلافه كالتيمم قال والأول أقرب ومن نظائر هذه الفروع لو طلب الأجير في الحج أكثر من أجرة المثل لم يجب استئجاره جزموا به

ومنها لو لم يجد إلا حرة تطلب أكثر من مهر مثلها جاز له نكاح الأمة على ما قاله المتولي ووافقه آخرون وصححه في الروضة من زوائده وقال البغوي لا ينكح الأمة وقال الإمام والغزالي إن كانت زيادة يعد بذلها إسرافا حلت الأمة وإلا فلا وفرقوا بينه وبين الماء في التيمم بأن الحاجة إلى الماء تتكرر وبأن هذا الناكح لا يعد مغبونا وتشبه هذه الترجمة ما يجب نقله ومالا يجب وفيه فروع الأول المسلم فيه يجب نقله إن كان قريبا وفي ضبط القرب خلاف الأصح يجب نقله مما دون مسافة القصر والثاني من مسافة لو خرج إليها بكرة أمكنه الرجوع إلى أهله ليلا هذا في محل يجب التسليم فلو طولب في غيره فالأصح وجوبا إن لم يكن لنقله مؤنة والمنع إن كان الثاني القرض وهو كالسلم فيما ذكر الثالث الغصب وهو كالسلم أيضا فيجب نقله مما ينقل منه المسلم إليه ولو طولب بالمثل في غير بلد الإتلاف كلف نقله إن لم يكن له مؤنة وإلا فلا على الأصح الرابع المتلف بلا غصب وهو كذلك

(١/٣٥١)

الخامس إبل الدية يجب نقلها إن قربت المسافة لا إن بعدت قال في الروضة وأصلها وضبطه بعضهم بمسافة القصر وقال الإمام إن زادت مؤنة إحضارها مع القيمة على قيمتها في موضع الغرة لم يلزم نقلها وإلا لزم وضبطه المتولي بالحد المعتبر في السلم وهو معنى ضبطه بمسافة القصر فإنه الأصح فيه كما سبق فالحاصل أن الفروع الخمسة على حد سواء فرع لو قال المغصوب منه لا آخذ القيمة بل أنتظر وجود المثل فله ذلك نقله في البيان كذا في زوائد الروضة قال ويحتمل أن يجيء فيه الخلاف في أن صاحب الحق إذا امتنع من قبضه هل يجبر ويمكن الفرق انتهى ونظيره في السلم لو انقطع المسلم فيه فقال المسلم اصبر حتى يوجد وإلا افسخ أجيب على الصحيح وفي القرض كذلك وفي الدية لو قال المستحق عند إعواز الإبل لا أطالب الآن بشيء وأصبر إلى أن توجد قال الإمام فالظاهر أن الأمر إليه لأن الأصل هو الإبل ويحتمل أن يقال لمن عليه أن يكلفه قبض ما عليه لتبرأ ذمته فالفروع الخمسة على حد سواء في ذلك أيضا فرع آخر قال الإمام لم يصر أحد من الأصحاب إلى أنه لو أخذ الدراهم ثم وجدت الإبل يرد الدراهم ويرجع إلى الإبل بخلاف ما إذا غرم قيمة المثل في الغصب والإتلاف لإعواز المثل ثم وجد ففي الرجوع إلى المثل خلاف والأصح فيهما أيضا عدم الرجوع وفي القرض إذا أخذ القيمة في بلد لا يلزمه فيها أداء المثل ثم عاد إلى مكانه لا رجوع أيضا على الأصح وكذا في السلم إن قلنا بأخذ القيمة في هذه الصورة

(١/٣٥٢)

فهذه النظائر الخمسة قد استوت في الأحكام الثلاثة وجوب النقل من قرب دون بعد وإجابة المستحق إلى الصبر وعدم الرجوع إن لم يصبر وأخذ القيمة واستواء السلم والقرض والغصب والإتلاف على المختار في وجوب التحصيل بأكثر من ثمن المثل وفارقها في ذلك الدية فروع من نظائر الفروع الخمسة المذكورة في عدم الرجوع عند أخذ القيمة للتعذر مالو كان له يدان عاملتان ولم تعرف الزائدة فقطع قاطع إحداهما فلا قصاص ويجب فيها نصف دية اليد وزيادة حكومة فلو عاد الجاني فقطع الأخرى فأراد المجني عليه القصاص لإمكانه حينئذ ورد ما أخذه غير قدر الحكومة فهل له ذلك وجهان أحدهما لا لأنه أسقط بعض القصاص فلا عود إليه والثاني نعم لأن القصاص لم يكن ممكنا وإنما أخذ الأرش لتعذره لا لإسقاطه كذا في الروضة وأصلها بلا ترجيح قلت أصحهما الثاني قاعدة كل المتلفات تعتبر فيها قيمة المتلف إلا الصيد المثلي فإنه تعتبر فيه قيمة مثله واختلف في الغصب والدية وقد آل بنا القول إلى عقد فصلين مهمين الأول في التقويم وسيأتي أنه لا يكفي تقويم واحد والذي يذكر هنا من أحكامه أمران أحدهما أنه خاص بالنقد فلا تقويم بغير النقد المضروب ولهذا لو سرق وزن ربع من ذهب خالص غير مضروب كسبيكة وحلي ولا يبلغ ربعا مضروبا بالقيمة فلا قطع في الأصح كما لو سرق من غير الذهب ما يساوي ربعا من المضروب ولا يساويه من المضروب وبنقد البلد في أكثر المواضع بل كلها وإنما يقع الاختلاط في أي بلد يعتبر وقد تقدم الكلام في الأمثلة وبقي الكلام في تقويم عروض التجارة

(١/٣٥٣)

فإن كان المشترى به نقدا قوم به سواء كان نصابا أم دونه وفي الثانية وجه أنه يقوم بغالب نقد البلد وحكى قولا في الأولى ولو ملكه بالنقدين قوم بهما بنسبة التقسيط أو بغير نقد قوم بغالب نقد البلد فإن غلب نقدان واستويا فإن بلغ بأحدهما نصابا دون الآخر قوم به وإن بلغ بهما فأوجه أحدها يقوم بالأغبط للفقراء وصححه في المحرر والمنهاج والثاني يتخير المالك فيقوم بما شاء وصححه في أصل الروضة أخذا من حكاية الرافعي له عن العراقيين والروياني قال في المهمات وبه الفتوى والثالث يتعين التقويم بالدراهم لأنها أرفق والرابع يقوم بغالب نقد أقرب البلاد إليه ونظير هذا الفرع ما إذا اتفق العرضان كمائتي بعير واجبها أربع حقاق أو خمس بنات لبون فإن وجد بماله أحدهما أخذ ولا يكلف الحقاق على المذهب وإن فقدا فله تحصيل ما شاء ولا يتعين الأغبط على الأصح وإن وجدا تعين الأغبط على الصحيح ضابط لا تقوم الكلاب إلا في الوصية على قول ولا الحر إلا في الجنايات فيقدر رقيقا للحكومة ولا الخمر والخنزير في الأصح وفي قول يقومان في الصداق فقيل يعتبر قيمتهما عند من يرى لهما قيمة وقيل يقدر الخمر خلا والخنزير شاة الأمر الثاني إذا اختلف المقومون بم يؤخذ فيه فروع منها إذا شهد عدلان بسرقة فقوم أحدهما المسروق نصابا والآخر دونه فلا قطع للشبهة

(١/٣٥٤)

وأما المال فإن رضي بأقل القيمتين فذاك وله أن يحلف مع الذي شهد بالأكثر ويأخذه ولو شهد بأنه نصاب وقوم آخران بدونه فلا قطع ويؤخذ في الغرم بالأقل وله مأخذان أحدهما وهو الأظهر أن الأقل متيقن والزائد مشكوك فيه فلا يلزم بالشك والثاني أن التي شهدت بالأقل ربما اطلعت على عيب

ومنها سئل ابن الصلاح عن ملك اليتيم احتيج إلى بيعه فقامت بينة بأن قيمته مائة وخمسون فباعه القيم بذلك وحكم الحاكم بصحة البيع ثم قامت بينة أخرى بأن قيمته حينئذ مائتان فهل ينقض الحكم ويحكم بفساد البيع فأجاب بعد التمهل أياما والاستخارة أنه ينقض الحكم لأنه إنما حكم بناء على البينة السالمة عن المعارضة بالبينة التي مثلها وأرجح وقد بان خلاف ذلك وتبين استناد ما يمنع الحكم إلى حالة الحكم فهو كما قطع به صاحب المهذب من أنه لو حكم للخارج على صاحب اليد ببينة فانتزعت العين منه ثم أتى صاحب اليد ببينة فإن الحكم ينقض لمثل العلة المذكورة وهذا بخلاف ما لو رجع الشاهد بعد الحكم فإنه لم يتبين استناد مانع إلى حالة الحكم لأن قول الشاهد متعارض وليس أحد قوليه بأولى من الآخر اه ونازعه في ذلك السبكي في فتاويه ومنع النقض قال لأن التقويم حدس وتخمين ولا يتحقق فيه التعارض إلا إذا كان في وقت واحد وإن سلمنا المعارضة فهي معارضة للبينة المتقدمة وليست راجحة عليها حتى تكون مثل مسئلة المهذب وكيف ينقض الحكم بغير مستند راجح ومعنا بينتان متعارضتان من غير ترجيح فهو كما لو وجد دليلان متعارضان في الحكم ليس لنا أن ننقضه ولا يقال إن تعارض الدليلين مانع من الإقدام على الحكم فيكون موجبا لنقضه لأنا نقول ليس كل ما منع الابتداء منع الدوام وأيضا قد يكون ترجح عند الحاكم أحدهما فحكم به لرجحانه عنده وكما أنه لا يقدم على الحكم إلا بمرجح لا نقدم نحن على نقضه إلا بمرجح ولم يوجد وقوله وقد بان خلافه ممنوع لم يبن خلافه بل أكثر ما فيه أن أشكل الأمر علينا ولا يلزم من إشكال الأمر علينا أن نوجب النقض ثم نبه على أنه لو قامت بينتان متعارضتان واحتاج اليتيم إلى البيع فالوجه أنه

(١/٣٥٥)

يجوز البيع بالأقل مالم يوجد راغب بزيادة بعد إشهاده والقول قول القيم في أنه أشهده لأنه أمين قال والقول قوله في أن ذلك ثمن المثل كما أن الوكيل وعامل القراض والبائع على المفلس إذا باعوا ليس لهم أن يبيعوا إلا بثمن المثل ولو ادعى عليهم أنهم باعوا بأقل من ثمن المثل فالقول قولهم فيما يظهر لنا وإن لم نجده منقولا لأنهم منا قال ولا يرد على هذا قول الأصحاب إن الصبي إذا بلغ وادعى على القيم والوصي بيع العقار بلا مصلحة فالقول قوله لأنا نقول إنما يكلف القيم والوصي إقامة البينة على المصلحة التي هي مسوغة للبيع كما يكلف الوكيل إقامة البينة على الوكالة وأما ثمن المثل فهو من صفات البيع فإذا ثبت أن البيع جائز قبل قوله في صفته ودعوى صحته ولا يقبل قول من يدعي فساده اه تنبيه هذه المسئلة يصلح إيرادها في قاعدة التقويم كما صنعنا وفي قاعدة يغتفر في الدوام مالا يغتفر في الابتداء وفي قاعدة تصديق مدعي الصحة وفي فتاوى السبكي أيضا أنه سئل عن رجل عليه دين مائتا درهم ورهن عليه كرما وحل الدين وهو غائب وأثبت صاحب الدين الإقرار والرهن والقبض وغيبة الراهن المديون وندب الحاكم من قوم المرهون وثبت عنده أن قيمته مائتا درهم فأذن في تعويضه للمرتهن عن دينه ثم بعد مدة قامت بينة أن قيمته يوم التعويض ثلثمائة وكان يوم التعويض يوم التقويم الأول فأجاب يستمر التعويض ولا يبطل بقيام البينة الثانية مهما كان التقويم الأول محتملا الفصل الثاني في تقسم المضمونات اعلم أن الأصل في المتلفات ضمان المثل بالمثل والمتقوم بالقيمة وخرج عن ذلك صور تعرف مما سنذكره والحاصل أن المضمونات أنواع الأول الغصب فالمثل في المثلى والقيمة في المتقوم لا أعلم فيه خلافا

(١/٣٥٦)

الثاني الإتلاف بلا غصب وهو كذلك وخرج عنهما صور أحدها المثلى الذي خرج مثله عن أن تكون له قيمة كمن غصب أو أتلف ماء في مفازة ثم اجتمعا على شط نهر أو في بلد أو أتلف عليه الجمد في الصيف واجتمعا في الشتاء فليس للمتلف بدل المثل بل عليه قيمة المثل في مثل تلك المفازة أو في الصيف ثانيها الحلي أصح الأوجه أنه يضمن مع صنعته بنقد البلد وإن كان من جنسه ولا يلزم من ذلك الربا لأنه يجري في العقود لا في الغرامات ثالثها الماشية إذا أتلفها المالك كلها بعد الحول وقبل إخراج الزكاة فإن الفقراء شركاؤه ويلزمه حيوان آخر لا قيمته جزم به الرافعي وغيره بخلاف مالو أتلفها أجنبي رابعها طم الأرض كما جزم به الرافعي خامسها إذا هدم الحائط لزمه إعادته لا قيمته كما هو مقتضى كلام الرافعي وأجاب به النووي في فتاويه ونقله عن النص سادسها اللحم فإنه يضمن بالقيمة كما صححه الرافعي وغيره في باب الأضحية مع أنه مثلى سابعها الفاكهة فإنها مثلية على ما اقتضاه تصحيحهم في الغصب والأصح أنها تضمن بالقيمة ثامنها لو صار المتقوم مثليا بأن غصب رطبا وقلنا إنه متقوم فصار تمرا وتلف قال العراقيون يلزمه مثل التمر وقال الغزالي يتخير بين مثل التمر وقيمة الرطب وقال البغوي إن كان الرطب أكثر قيمة لزمه قيمته وإلا لزمه المثل قال السبكي وهو أشبه وبقي صور متردد فيها منها لو سجر التنور ليخبز فصب عليه آخر ماء أطفأ ففيه أوجه حكاها الزبيري في المسكت وغيره أحدها يلزمه قيمة الحطب وليس ما غصب ولا قيمته لأنه غصب خبزا وما أشبه هذا القول بما حكم به سليمان بن داود عليهما الصلاة والسلام في قصة

(١/٣٥٧)

صاحب الغنم التي أكلت زرع الرجل فحكم سيدنا داود عليه السلام لصاحب الزرع برقاب الغنم فقال سليمان بل ينتفع بدرها ونسلها وصوفها إلى أن يعود الزرع كما كان بإصلاح صاحب الغنم فيردها إليه وذلك معنى قوله تعالى ففهمناها سليمان والثاني عليه أن يسجر التنور ويحميه كما كان والثالث عليه قيمة الجمر والرابع عليه الخبز واستشكل الأول بأنه لم يستهلك الحطب وإنما أتلف الجمر بعد خروجه فهو كمن أحرق ثوبا ليتخذ رماده حراقا فأتلفه رجل لا تجب عليه قيمة الثوب قبل الإحراق والثالث بأنه الجمر لا قيمة له معروفة ولا يكال ولا يوزن قال الزبيري والأقرب وجوب قيمة الجمر لأن له قيمة

ومنها لو برد ماء في يوم صائف فألقى فيه رجل حجارة محماة فأذهب برده ففي وجه لا شيء عليه لأنه ماء على هيئته وتبريده ممكن وفي آخر يأخذه المتعدي ويضمن مثله باردا وفي ثالث ينظر إلى ما بين القيمتين في هذه الحالة ويضمن التفاوت ذكره الزبيري أيضا قلت أحسنها الثالث

ومنها لو بل خيشا لينتفع به فأوقد آخر تحته نارا حتى نشف قيل لا شيء عليه سوى الإثم وقيل عليه قيمة الماء الذي بل به وقيل بل قيمة الانتفاع به مدة بقائه باردا قال الزبيري وهذا أعدلها النوع الثالث المبيع إذا تقايلا وهو تالف وفيه المثل في المثلى والقيمة في المتقوم جزم به الشيخان الرابع الثمن إذا تلف ورد المبيع بعيب أو غيره فيه المثل في المثلى والقيمة في المتقوم جزما به أيضا

(١/٣٥٨)

الخامس اللقطة إذا جاء مالكها بعد التملك وهي تالفة فيها المثل في المثلى والقيمة في المتقوم جزما به أيضا السادس المبيع إذا تخالفا وفسخ وهو تالف أطلق الشيخان وجوب القيمة فيه فشمل المثلى وغيره وهو وجه صححه الماوردي والمشهور كما قال في المطلب وجوب المثل في المثلى السابع المقبوض بالشراء الفاسد إذا تلف أطلق الشيخان وجوب القيمة فيه فيشمل المثلى وغيره وهو وجه صححه الماوردي وادعى الروياني الاتفاق عليه وقال في المهمات إنه غريب مردود والذي نص عليه الشافعي وجوب المثل في المثلى قال وهو القياس وقال في شرح المنهاج إنه الصحيح وسبقه إلى ذلك السبكي الثامن القرض وفيه المثل بالمثلى وكذا في المتقوم على الأصح واستثنى الماوردي نحو الجوهر والحنطة المختلطة بالشعير إن جوزنا فرضهما فإنهما يضمنان بالقيمة وصوبه السبكي التاسع ما أداه الضامن عن المضمون عيه حيث ثبت الرجوع فإن حكمه حكم الفرض حتى يرجع في مثل المتقوم صورة العاشر العارية أطلق الشيخان وجوب القيمة فيها فشمل المتقوم والمثلى وصرح بذلك الشيخ في المهذب والماوردي وجزم ابن أبي عصرون في كتبه كلها بوجوب المثل في المثلى وقال في بعضها إنه أصح الطريقين وصححه السبكي

(١/٣٥٩)

تنبيه المستعار للرهن يضمن في وجه حكاه الرافعي عن أكثر الأصحاب بالقيمة وفي وجه وصححه جماعة وصوبه النووي في الروضة بما بيع به ولو كان أكثر من القيمة فيستثنى ذلك من ضمان العارية بالقيمة الحادي عشر الممتام وفيه القيمة مطلقا الثاني عشر المعجل في الزكاة إذا ثبت استرداده وهو تالف وفيه المثل أو القيمة جزم به الشيخان لكن صحح السبكي أنه يضمن بالمثل وإن كان متقوما الثالث عشر الصداق إذا تشطر وهو تالف وفيه المثل أو القيمة جزم به الشيخان الرابع عشر إذا تشطر وهو معيب فأطلق الشيخان وجوب نصف القيمة سليما قال في المهمات هذا في المتقوم أما المثلى ففيه نصف المثل صرح به ابن الصباغ وجزم به في المطلب الخامس عشر الصيد إذا تلف في الحرم أو الإحرام وفيه المثل صورة والقيمة فيما لا مثل له وسلب العامل في صيد حرم المدينة على القديم واختاره النووي السادس عشر لبن المصراة وفيه التمر لا مثله ولا قيمته قال بعضهم ليس لنا شيء يضمن بغير النقد إلا في مسئلتين إحداهما لبن المصراة والأخرى إذا جنى على عبد فعتق ومات ضمن للسيد الأقل من الدية ونصف القيمة من إبل الدية

(١/٣٦٠)

بيان المثلى والمتقوم في ضبط المثلى أوجه أحدها كل مقدر بكيل أو وزن ونقض بالمعجونات المتفاوتة الأجزاء وما دخلته النار والأواني المتخذة من النحاس فإنها موزونة وليست مثلية الثاني ما حصر بكيل أو وزن وجاز السلم فيه وهو الذي صححه في المنهاج والروضة وأصلها الثالث كل مكيل وموزون جاز السلم فيه وبيع بعضه ببعض فيخرج منه الدقيق والرطب والعنب واللحم واللبن الحامض ونحوها الرابع ما يقسم بين الشريكين من غير تقويم ونقض بالأرض المتساوية فإنها تقسم وليست مثلية الخامس مالا يختلف أجزاء النوع الواحد منه بالقيمة وربما قيل في الجرم والقيمة وهذا سرد المثليات الحبوب والأدهان والسمن والألبان والمخيض الخالص والتمر والزبيب ونحوهما والماء والنخالة والبيض والورق والخل الذي لا ماء فيه والدراهم والدنانير الخالصة وعلى الأصح الدقيق والبطيخ والقثاء والخيار وسائر البقول والرطب والعنب وسائر الفواكه الرطبة واللحم الطري والقديد والتراب والنحاس والحديد والرصاص والتبر والسبائك من الذهب والفضة والمسك والعنبر والكافور والثلج والجمد والقطن والسكر والفانيذ والعسل المصفى بالنار والإبريسم والغزل والصوف والشعر والوبر والنفط والعود والآجر والدراهم المغشوشة إن جوزنا التعامل لها والمكسرة هذا ما في الروضة وأصلها والمطلب تقسيم ثان المضمونات أقسام أحدها ما يضمن ضمان عقد قطعا وهو ما عين في صلب عقد بيع أو سلم أو إجارة أو صلح الثاني ما هو ضمان يد قطعا كالعواري والمغصوب ونحوها الثالث ما فيه خلاف والأصح أنه ضمان عقد كمعين الصداق والخلع والصلح عن الدم وجعل الجعالة

(١/٣٦١)

الرابع عكسه وذلك في صور العلج والفرق بين ضمان العقد واليد أن ضمان العقد مرده ما اتفق عليه المتعاقدان أو بدله وضمان اليد مرده المثل أو القيمة قاعدة ما ضمن كله ضمن جزؤه بالأرش إلا في صور إحداها المعجل في الزكاة الثانية الصداق الذي تعيب في يد الزوجة قبل الطلاق الثالثة المبيع إذا تعيب في يد البائع وأخذه المشتري ناقصا لا أرش له في الأصح الرابعة إذا رجع فيما باعه بإفلاس المشتري ووجده ناقصا بآفة أو إتلاف البائع فلا أرش له الخامسة القرض إذا تعيب ورجع فيه المقرض لا أرش له بل يأخذه ناقصا أو مثله قاعدة أسباب الضمان أربعة أحدها العقد كالمبيع والثمن المعين قبل القبض والسلم والإجارة الثاني اليد مؤتمنة كانت كالوديعة والشركة والوكالة والمقارضة إذا حصل التعدي أو لا كالغصب والسوم والعارية والشراء فسادا الثالث الإتلاف نفسا أو مالا ويفارق ضمان اليد في أنه يتعلق الحكم فيه بالمباشر دون السبب وضمان اليد يتعلق بهما الرابع الحيلولة ما تؤخذ قيمته للحيلولة ومالا تؤخذ فيه فروع الأول المسلم فيه إذا وجد المسلم إليه في مكان لا يلزم فيه الأداء وفيه وجهان الصحيح لا تؤخذ لأن أخذ العوض عنه غير جائز الثاني إذا قطع صحيح الأنملة الوسطى ممن لا عليا له فهل له طلب الأرش للحيلولة وجهان الصحيح لا حتى يعفو

(١/٣٦٢)

الثالث إذا نقل المغصوب إلى بلد آخر وأبق فللمالك المطالبة بالقيمة في الحال للحيلولة قطعا فإذا رده ردها الرابع إذا ادعى عينا غائبة عن البلد وسمع القاضي البينة وكتب بها إلى قاضي بلد العين ليسلمها للمدعي بكفيل لتشهد البينة على عينها ويؤخذ من الطالب القيمة للحيلولة قطعا الخامس إذا حال بين من عليه القصاص ومستحق الدم لا يؤخذ قطعا السادس إذا أقر بعين لزيد ثم بها لعمرو غرم له قيمتها في الأصح لأنه حال بينه وبينها بإقراره الأول الكلام في أجرة المثل تجب في مواضع أحدها الإجارة في صور منها الفاسدة

ومنها أن يعير فرسه ليعلفه أو ليعيره فرسه

ومنها إذا حمل الدابة المستأجرة زيادة على ما استأجر له تجب أجرة المثل لما زاد

ومنها إذا اختلفا في قدر الأجرة أو المنفعة أو غيرها وتحالفا فسد العقد ورجع إلى أجرة المثل الثاني المساقاة في صور منها الفاسدة كأن يساقيه على ودى يغرسه ويكون الشجر بينهما أو ليغرسه في أرض نفسه ويكون الثمر بينهما أو يدفع إليه أرضا ليغرسها والثمر بينهما أو يشرط الثمرة كلها للعامل أو يشرط له جزءا منهما أو مشاركة المالك أو غيرها في صور الإفساد ويستثنى ما إذا شرط الثمرة كلها للمالك فلا شيء للعامل في الأصح وكذا نظيره في القراض

ومنها إذا خرج الثمر مستحقا فللعامل على الساقي أجرة المثل

ومنها إذا فسخ العقد بتحالف أو هرب العامل وتعذر الإتمام الثالث القراض إذا فسد سواء ربح المال أم لا إلا في الصورة السابقة وإذا اختلفا وتحالفا الرابع الجعالة إذا فسدت أو فسخ الجاعل بعد الشرع في العمل أو تحالفا

(١/٣٦٣)

الخامس الشركة كذلك السادس منافع الأموال إذا فاتت في يد عادية غصبا أو شراء فاسدا أو غيرهما تجب فيها أجرة المثل سواء استوفيت أم لا وأما منفعة الحر فلا يضمن بها إلا بالاستيفاء السابع إذا استخدم عبده المتزوج غرم له الأقل من أجرة مثله وكل المهر والنفقة وقيل يلزمه المهر والنفقة بالغا ما بلغ لأنه لو خلاه ربما كسب ما يفي بهما ونظير ذلك إذا أراد فداء العبد الجاني يلزمه الأقل من قيمته وأرش الجناية وفي قول الأرش بالغا ما بلغ لأنه لو سلمه للبيع ربما رغب فيه راغب بما يفي به الثامن عامل الزكاة يستحق أجرة مثل عمله حتى لو حمل أصحاب الأموال زكاتهم إلى الإمام فلا شيء له وإن بعثه استحقها بلا شرط فإن زاد سهم العاملين عليها رد الفاضل على الأصناف وإن نقص كمل من مال الزكاة فرع مهم أفتى ابن الصلاح فيمن أجر وقفا بأجرة شهدت البينة بأنها أجرة مثله ثم تغيرت الأحوال وطرأت أسباب توجب زيادة أجرة المثل بأنه يتبين بطلان العقد وأن الشاهد لم يصب في شهادته واحتج بأن تقويم المنافع في مدة ممتدة إنما يصح إذا استمرت الحال الموجودة حالة التقويم أما إذا لم تستمر وطرأ في أثناء المدة أحوال تختلف بها قيمة المنفعة فيتبين أن المقوم لها لم يطابق تقويمه المقوم قال وليس هذا كتقويم السلع الحاضرة قال وإذا ضم ذلك إلى قول من قال من الأصحاب إن الزيادة في الأجرة تفسخ العقد كان قاطعا لاستبعاد من لم ينشرح صدره لما ذكرناه قال فليعلم ذلك فإنه من نفائس النكت وقال الشيخ تاج الدين السبكي ما أفتى به ابن الصلاح ضعيف فإن الشاهد إنما يقوم بالنسبة إلى الحالة الراهنة ثم ما بعدها تبع لها مسبوق عليه حكم الأصل قال فالتحقيق أن يقال إن لم تتعين القيمة ولكن ظهر طالب بالزيادة لم

(١/٣٦٤)

ينفسخ العقد والقول فانفساخه ضعيف وإن تغيرت فالإجارة صحيحة إلى وقت التغيير وكذا بعده فيما يظهر ولا يظهر خلافه الكلام في مهر المثل الأصل في اعتباره حديث أبي سنان الأشجعي أنه صلى اللّه عليه وسلم قضى في بروع بنت واشق وقد نكحت بغير مهر فمات زوجها بمهر نسائها أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي وابن حبان والحاكم وغيرهم وقال سعيد بن منصور في سننه حدثنا خالد بن عبداللّه عن يونس عن الحسن أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال في امرأة توفي عنها زوجها ولم يفرض لها صداقا لها مثل صداق نسائها قال الأصحاب مهر المثل هو الذي يرغب به في مثلها وركنه الأعظم النسب فينظر إلى نساء عصبتها وهن المنتسبات إلى من تنتسب هذه إليه وتقدم القربى والشقيقة فأقربهن الأخوات لأبوين ثم لأب ثم بنات الإخوة ثم العمات ثم بنات الأعمام كذلك فإن فقدن فنساء الأرحام كالجدات والخالات والمراد بالفقد أن لا يوجدن أصلا أو لم ينكحن أو جهل مهرهن ولا يتعذر اعتبارهن بموتهن فإن فقد الأرحام فمثلها من الأجانب وتعتبر العتيقة بعتيقة مثلها وينظر إلى شرف سيدها وخسته ويعتبر البلد والصفات المرغبة كالعفة والجمال والسن والعقل واليسار والبكارة والعلم والفصاحة والصراحة وهي شرف الأبوين ومتى اختصت بفضل أو نقص ليس في النسوة المعتبرات مثله زيد أو نقص بقدر ما يليق به كما في نظيره إذا كان الجنين سليما والأم ناقصة ويعتبر غالب عادة النساء فلو سامحت واحدة لم يجب موافقتها إلا أن يكون لنقص دخل في النسب وفترة الرغبات ولو خفضن للعشيرة دون غيرهم أو عكسه اعتبر ذلك هذا ما في الروضة وأصلها وفيه أمور ينبه عليها منها أن الأصحاب استدلوا على اعتبار نساء العصبة بقوله مهر نسائها لأن إطلاق هذا اللفظ ينصرف إليهن

(١/٣٦٥)

ونازع فيه صاحب الذخائر بأن النساء من الجانبين نساؤها قال بل نقول هو عام فيها وخص بالمعنى لأن مهر المثل قيمة البضع وتعرف قيمة الشيء بالنظر إلى أمثاله وأمثالها نساء عشيرتها المساويات لها في نسبها لأن النسب معتبر في النكاح والغالب أنه إذا ثبت مقدار في عشيرة جرت أنكحتهم عليه أن من لا ينتمي إلى نسبها لا يساويها فيه

ومنها أن مقتضى ما تقدم الانتقال بعد بنات الأخ إلى العمات ولا تعتبر بنات بني الأخ وليس كذلك بل المراد تقديم جهة الأخوة على جهة العمومة كما صرح به الماوردي

ومنها المراد بالأرحام هنا قرابات الأم لا المذكورون في الفرائض لأن الجدة أم الأم ليست منهن قطعا

ومنها أن الماوردي وسط بين نساء العصبة والأرحام بالأم والجدة

ومنها اعتبر ابن الصباغ مع ذلك مونهن من أهل بلدها وحكاه الماوردي عن النص لأنه قيمة متلف فيعتبر محل الإتلاف والذي في الروضة وأصلها اعتبار ذلك إذا كان لها أقارب في بلدها وأقارب في غيرها فإن لم يكن في بلدها أقارب قدم أقارب غير بلدها على أجانب بلدها

ومنها يعتبر حال الزوج أو الواطئ أيضا من اليسار والعلم والعفة والنسب صرح به صاحب الكافي وغيره

ومنها ذكر ابن الرفعة أن المعتبر من الأقارب ثلاث وتوقف فيما إذا لم يكن إلا واحدة أو ثنتان المواضع التي يجب فيها مهر المثل هي سبعة الأول النكاح إذا لم يسم الصداق أو تلف المسمى قبل قبضه أو بعضه أو تعيب أو وجدته معيبا واختارت الفسخ أو بان مستحقا أو فسد لكونه غير مملوك كحر ومغصوب أو مجهولا أو شرط الخيار فيه أو شرط في العقد شرط يخل بمقصوده الأصلي كأن لا يتزوج عليها أو نكح على ألف إن لم يسافر بها وألفين إن سافر وعلى أن لأبيها ألفا أو تضمن الربا كزوجتك بنتي وبعتك هذه المائة من مالها بهاتين المئاتين أو جمع نسوة بمهر واحد أو تضمن إثباته دفعه كأن يزوج ابنه بامرأة ويصدقها أمة لأنه

(١/٣٦٦)

يتضمن دخولها أولا في ملك الابن فتعتق فلا تنتقل إلى الزوجة صداقا أو بعقد المجبر أو ولي السفيهة بأقل من مهر المثل أو لابنه أو السفيه بأكثر أو يخالف ما أمرت به الرشيدة أو يفسخ بعد الدخول بعيب أو تغرير أو اختلفا في المهر أو تحالفا أو نكحها على ما يتفقان عليه في ثاني الحال أو أسلما وقد عقدا على فاسد ولم يقبضاه أو زوجه ابنته بمتعة جاريته أو جاريته على أن يزوجه ابنته ورقبتها صداقها أو طلق زوجته على أن يزوجه ابنته وبضعها صداقها الموضع الثاني الخلع إذا فسد المسمى بغالب الصور المذكورة الثالث الوطء في غير نكاح صحيح إما فاسد أو بشبهة أو إكراه أو أمة ابنه أو مشتركة أو مكاتبة أو زوجة رجعية أو مرتدة موقوفة في العدة أو أمته المرهونة أو المشتراة فاسدا أو في نكاح المتعة الرابع الرضاع إذا أرضعت أمه أو أخته زوجته أو الكبرى الصغرى انفسخ النكاح وله على المرضعة نصف مهر المثل في الأظهر وكله في الثاني ولو أرضعت أم الكبرى الصغرى انفسخنا وله على المرضعة مهر المثل لأجل الكبرى ونصف للصغرى الخامس في رجوع الشهود بعد الشهادة بطلاق بائن أو رضاع أو لعان وفرق القاضي فإن الفراق يدوم وعليهم مهر مثل وفي قول نصفه إن كان قبل الوطء الموضع السادس الدعوى إذا أقرت لأحد المدعيين بالسبق ثم للآخر يجب له عليها مهر المثل أو للزوج أنه راجعها بعد ما تزوجت السابع إذا جاءت المراة مسلمة في زمن الهدنة غرم لزوجها الكافر مهر مثلها على قول مرجوح

(١/٣٦٧)

وقت اعتباره ومكانه يعتبر فيه الوطء بالشبهة يوم الوطء وكذا في النكاح الفاسد ولا يعتبر يوم العقد إذ لا حرمة له وفي النكاح الصحيح إذا لم يسم فيه ووطئ هل يعتبر يوم الوطء أو العقد أو الأكثر من العقد إلى الوطء أوجه أصحها في أصل الروضة الثالث وفي المنهاج والمحرر والشرح الصغير الثاني ونقله الرافعي في سراية العتق عن الأكثرين وإن مات وأوجنبا مهر المثل وهو الأظهر فهل يعتبر يوم العقد أو الموت أو الأكثر أوجه في أصل الروضة بلا ترجيح وأما مكانه فيجب من نقد البلد حالا بقيمة المتلفات ما يتعدد فيه ومالا يتعدد لا يتعدد بتعدد الوطء في نكاح صحيح كما هو معلوم ولا في نكاح فاسد أو شبهة واحدة ومنه وطء جارية الابن والمكاتبة والمشتركة على الأصح سواء اتحد المجلس أم لا ويتعدد إن زالت الشبهة ثم وطئ بشبهة أخرى وبالإكراه على الزنا ووطء الغاصب والمشترى منه إن كان في حال الجهل لم يتعدد لأن الجهل بشبهة واحدة أو العلم وهي مكرهة فقد تقدم أنه يتعدد وحيث قلنا بالاتحاد أعتبر أعلى الأحوال ومحله كما قال الماوردي إذا لم يؤد المهر فإن أدى قبل الوطء الثاني وجب مهر جديد ومحله في المكاتبة ما إذا لم تحمل فإن حملت خيرت بين المهر والتعجيز فإن اختارت المهر ووطئت مرة أخرى فلها مهر آخر نص عليه الشافعي كما نقله في المهمات وعبارته فإن أصابها مرة أو مرارا فلها مهر واحد إلا أن تتخير فتختار الصداق أو العجز فإن خيرت فعاد فأصابها السيد فلها صداق آخر وكلما خيرت فاختارت الصداق ثم أصابها فلها صداق آخر كنكاح المرأة نكاحا فاسدا يوجب مهرا واحدا فإذا فرق بينهما وقضى بالصداق ثم نكحها نكاحا آخر فلها صداق آخر

(١/٣٦٨)

تنبيه يجب مهران في وطء زوجة الأصل أو الفرع بشبهة إذا كانت مدخولا بها مهر لها ومهر لزوجها لفواتها عليه بالانفساخ ويجب مهر ونصف في غير المدخول بها وهو غريب لا نظير له ويقرب منه إتلاف الصيد المملوك في الحرم أو الإحرام فإن فيه الجزاء بالمثل لحق اللّه تعالى والقيمة لمالكه وفي ذلك قال ابن الوردي

عندي سؤال حسن مستظرف

فرع على أصلين قد تفرعا

متلف مال برضى مالكه

ويضمن القيمة والمثل معا

ويشبه هذا الفرع العبد المغصوب يجني بقدر قيمته فيتلفه الغاصب فإنه يضمن فيه قيمتين لكن الجناية بالغصب لا بالإتلاف مهمة صحح الشيخان في الغصب وفي الوطء بشبهة أو إكراه أنه إذا أزال البكارة بالوطء وجب مهر ثيب وأرش البكارة وفي الرد بالعيب مهر بكر فقط ثم يندرج الأرش وفي البيع الفاسد مهر بكر وأرش البكارة قال السبكي الغصب أولى بلزوم ذلك من البيع الفاسد وقال في المهمات هذا الذي قالاه في غاية الغرابة حيث جزما في الشراء الفاسد بإيجاب زيادة لم نوجبها في الغصب ولم يحكيا في إيجابها خلافا مع اختلافهم في أن البيع الفاسد هل يغلظ فيه كما يغلظ في الغصب أم لا وأما كونه أغلظ فلا قائل به ضابط ليس لنا مضمون يختلف باختلاف الضامنين إلا في مهر المثل إذا خفض للعشيرة دون غيرهم أو بالعكس ذكره الروياني القول في أحكام الذهب والفضة اختصا بأحكام الأول لا يكره المشمس في أوانيهما على الأصح لصفاء جوهرهما

(١/٣٦٩)

الثاني يحرم استعمال أوانيهما للحديث والمعنى فيه الخيلاء أو تضييق النقود قولان أصحهما الأول الثالث يحرم الحلي منهما على الرجال إلا ما يستثنى الرابع اختصا بوجوب الزكاة الخامس ويجريان الربا فلا ربا في الفلوس ولو راجت رواج النقود في الأصح واختص المضروب منهما بكونهما قيم الأشياء فلا تقويم بغيرهما ولا يبيع القاضي والوكيل والولي مال الغير إلا بهما ولا يفرض مهر المثل إلا منهما وبجواز عقد الشركة عليهما والقراض وبامتناع استئجارهما للتزيين واختص الذهب بحرمة التضبب منه على الأصح وحرمة ما يجوز للرجل اتخاذه من الفضة كالخاتم وحلية آلات الحرب إلا السن والأنف والأنملة قاعدة الذهب والفضة قيم الأشياء إلا في باب السرقة فإن الذهب أصل والفضة عروض بالنسبة إليه نص عليه الشافعي في الأم وقال لا أعرف موضعا تنزل فيه الدراهم منزلة العروض إلا في السرقة القول في السكن والخادم قال السبكي اضطرب حكم المسكن والخادم ففي مواضع يباعان وفي آخر لا وفي موضع إن كان لا يعين بقيا وإلا فلا وفي آخر يبدل النفيسان إن لم يؤلفا انتهى

(١/٣٧٠)

والمواضع التي ذكر فيها اثنا عشر موضعا الأول التيمم ولا يباعان فيه صرح به ابن كج وقال في الكفاية إنه المتجه وقال السبكي إنه القياس وقال الأسنوي إنه الظاهر الثاني ستر العورة ولا يباعا أيضا قال السبكي وفاقا لابن كج وخلافا لابن القطان قال في الخادم كل موضع أوجب الشرع فيه صرف مال في حق اللّه يجب كونه فاضلا عن الخادم كما يأتي في الفطرة والحج ونحوهما الثالث الفطرة ولا يباعان أيضا على الأصح كالكفارة وفي وجه نعم لأن للكفار بدلا وعلى الأول إنما يعتبر ذلك في الابتداء فلو ثبتت الفطرة في ذمة إنسان بعنا خادمه ومسكنه فيها لأنها بعد الثبوت التحقت بالديون قال في شرح المهذب وأن تكون الحاجة إلى الخادم لخدمته أو خدمة من تلزمه خدمته ليخرج مالو احتاج إليه لعمله في أرضه أو ماشيته فإن الفطرة تجب قال الأسنوي ولا بد أن يكونا لائقين به الرابع نكاح الأمة وهل يباعان ويصرف ثمنهما إلى نكاح الحرة أو يحل له نكاحها ويبقيان وجهان أصحهما في زوائد الروضة الثاني الخامس العاقلة ولا يباعان فيها جزم به في الروضة وأصلها السادس التفليس ويباعان فيه سواء احتاج إلى الخادم لزمانة ومنصب أم لا وفي قول مخرج من الكفارة لا يباعان إذا احتاج إليهما والفرق على الأول أن للكفارة بدلا وأن حقوق الآدميين أضيق وفي ثالث يباع الخادم دون المسكن لأنه أولى بالإبقاء من الخادم

(١/٣٧١)

السابع نفقة الزوجة ويباعان فيها كالدين الثامن نفقة القريب ويباعان فيها كالدين وفيها الوجه الذي فيه وفي كيفية بيع العقار وجهان في الروضة وأصلها بلا ترجيح أحدهما تباع كل يوم جزء بقدر الحاجة والثاني يقترض عليه إلى أن يجتمع ما يسهل بيع العقار له لأن ذلك يشق ورجح البلقيني الثاني فإنه الراجح في نظيره من العبد قال الأذرعي واعلم أن التسوية بين نفقة القريب والدين مشكل جدا ولم أجد دليلا ولا نصا للشافعي على بيع ما لا بد منه من مسكن وخادم لا يستغنى عنه قال والأرجح المختار ما قاله القاضي حسين أنه لا يباعان هنا وإن قلنا يباعان في الدين قال نعم لو اقترض الحاكم عليه لغيبته ونحوها صار دينا عليه فيباعان فيه كسائر الديون التاسع سراية العتق ويباعان فيها كالدين جزم به في الروضة وأصلها العاشر الحج ولا يباعان إن لاقا به بل لو كان معه نقد صرف إليهما كالكفارة وقيل يباعان كالدين فإن كانا غير لائقين ولو أبدلا لو في التفاوت بمؤنة الحج وجب إبداله كذا أطلقه الأصحاب ولم يفرقوا بين المألوفين وغيرهما قال الرافعي ولا بد من ذلك كالكفارة ثم فرق في الشرح الصغير وتبعه النووي في الروضة وشرح المهذب بأن للكفارة بدلا بخلاف الحج قال الأسنوي وهو منتقض بالرتبة الأخيرة منها فإنه لا بدل لها وبالفطرة فإنه لا بدل لها مع أنها كالحج فيما نقله عن الإمام الحادي عشر الكفارة فإن لاقا لم يباعا بلا خلاف ولا يجري الوجه الذي في الحج لأن لها بدلا وإن لم يكونا لائقين لزم الإبدال

(١/٣٧٢)

وصرف التفاوت إلى العتق إن لم يكونان مألوفين فإن ألفا فلا في الأصح لمشقة مفارقة المألوف الثاني عشر الزكاة ولا يسلبان اسم الفقر كما نقله الرافعي في المسكن عن التهذيب وغيره قال لم يتعرضوا له في الخادم وهو في سائر الأصول ملحق بالمسكن واستدرك عليه في الروضة أن ابن كج صرح في التجريد بأنه كالمسكن وهو متعين قال في المهمات وصرح به أيضا في النهاية إلا أنه اغتفرهما في المسكن دون الفقير فقال إن المسكن والخادم لا يمنع اسم المسكنة بخلاف الفقر قال واغتفار الرافعي لهما في الفقر يلزم منه الاغتفار في المسكن بطريق الأولى قال السبكي وإطلاق المسكن والخادم يقتضي أنه لا فرق بين اللائق وغيره قال ابن النقيب وفيه نظر ولو لم يكن له عبد ومسكن واحتاج إليهما ومعه ثمنهما قال السبكي لم أر فيه نقلا ويظهر أنه كوفاء الدين وقد قال الرافعي فيما لو كان عليه دين ومعه ما يوفيه به لا غيره بما يوفيه به كما في نفقة القريب والفطرة وقال أيضا في الغارم الذي يعطى من الزكاة هل يعتبر في فقره مسكنه وخادمه ظاهر عبارة الأكثرين اعتبار ذلك وربما صرحوا به وفي بعض شروح المفتاح أنه لا يعتبر المسكن والملبس والفراش والآنية وكذا الخادم والمركوب إن اقتضاها حاله قال وهذا أقرب تنبيهان الأول قال في المهمات في الحج تعبير الرافعي بالعبد للاحتراز عن الجارية النفيسة المألوفة فإنها إن كانت للخدمة فهي كالعبد وإن كانت للاستمتاع لم يكلف بيعها جزما لما يؤدي إليه تعلقه بها من الضرر الظاهر قال وهذا التفصيل لم أره ولكن لا بد منه قلت نقله الأذرعي عن تصريح الدارمي وزاد إن كان له أخرى للخدمة فإن أمكن التي للاستمتاع أن تخدم باع التي للخدمة وإلا فلا

(١/٣٧٣)

الثاني قال في المهمات في الحج مقتضى إطلاق الرافعي وغيره أنه لا فرق في اعتبار المسكن والخادم بين المرأة المكفية بإخدام الزوج وإسكانه وبين غيرها وهو متجه لأن الزوجية قد تنقطع فتحتاج إليهما قال وكذلك اعتبار المسكن بالنسبة إلى المتفقهة والصوفية الذين يسكنون بيوت المدارس والربط وقال السبكي في الزكاة لو اعتاد السكنى بالأجرة أو في المدرسة فالظاهر خروجه عن اسم الفقر بثمن المسكن الثالث قال البقليني لا يباع المسكن والخادم في الحجر الغريب قطعا لإمكان الوفاء من غيره وقد قلت في الخلاصة جامعا هذه النظائر

اضطرب المسكن والخادم في

حكمهما فالمنع للبيع قف

هنا وفي عاقلة والسترة

وفي نكاح أمة والفطرة

والبيع في التفليس والإنفاق

للزوج والقريب والإعتاق

في الحج والتكفير إن لاقا فلا

ثم لذي الحج النفيس أبدلا

ولو لمألوف وفي التكفير

إن لم يكن يؤلف في الشهير

وليس يمنعان وصف الفقر

ولا التي للوطء في ذا تجري

كتب الفقيه وسلاح الجندي وآلة الصانع ذكرت في مواضع أحدها الزكاة قال النووي في شرح المهذب والروضة نقلا عن الغزالي في الإحياء لو كان له كتب فقه لم تخرجه عن المسكنة يعني والفقر قال ولا تلزمه زكاة الفطر وحكم كتابه حكم أثاث البيت لأنه محتاج إليه قال لكن ينبغي أن يحتاط في فهم الحاجة إلى الكتاب فالكتاب يحتاج إليه لثلاثة أغراض التعليم والتفرج بالمطالعة والاستفادة فالتفرج لا يعد حادة كاقتناء كتب الشعر والتواريخ ونحوهما مما لا ينتفع به في الآخرة ولا في الدنيا

(١/٣٧٤)

فهذا يباع في الكفارة وزكاة الفطر ويمنع اسم المسكنة وأما حاجة التعليم فإن كان للكسب كالمؤدب والمدرس بأجرة فهذه آلته فلا تباع في الفطرة كآلة الخياط وإن كان يدرس لقيام فرض الكفاية لم يبع ولا يسلبه اسم المسكنة لأنها حاجة مهمة وأما حاجة الاستفادة والتعلم من الكتاب كادخاره كتاب طب ليعالج به نفسه أو كتاب وعظ ليطالعه ويتعظ به فإن كان في البلد طبيب وواعظ فهو مستغن عن الكتاب وإن لم يكن فهو محتاج ثم ربما لا يحتاج إلى مطالعته إلا بعد مدة قال فينبغي أن يضبط فيقال مالا يحتاج إليه في السنة فهو مستغن عنه فيقدر حاجة أثاث البيت وثياب البدن بالسنة فلا تباع ثياب الشتاء في الصيف ولا ثياب الصيف في الشتاء والكتب بالثياب أشبه وقد يكون له من كل كتاب نسختان فلا حاجة له إلا إلى إحداهما فإن قال إحداهما أصح والأخرى حسن قلنا اكتف بالأصح وبع الأخرى وإن كان له كتابان من علم واحد أحدهما مبسوط والآخر وجيز فإن كان مقصوده الاستفادة فليكتف بالمبسوط وإن كان قصده التدريس احتاج إليهما هذا آخر كلام الغزالي قال النووي وهو حسن إلا قوله في كتاب الوعظ إنه يكتفى بالواعظ فليس كما قال لأنه ليس كل أحد ينتفع بالواعظ كانتفاعه في خلوته على حسب إرادته قلت وكذا قوله في كتاب الطب إنه يكتفى بالطبيب ينبغي أن يكون محله إذا كان في البلد طبيب متبرع فإن لم يكن إلا بأجرة لم يكلف بيع الكتاب والاستئجار عند الحاجة الموضع الثاني الحج قال في شرح المهذب لو كان فقيها وله كتب فهل يلزمه بيعها للحج قال القاضي أبو الطيب إن لم يكن له بكل كتاب إلا نسخة واحدة لم يلزمه لأنه محتاج إلى كل ذلك وإن كان له نسختان لزمه بيع إحداهما فإنه لا حاجة به إليهما وقال القاضي حسين يلزم للفقيه بيع كتبه في الزاد والراحلة

(١/٣٧٥)

قال وهذا الذي قاله ضعيف وهو تفريع منه على طريقته الضعيفة في وجوب بيع المسكن والخادم للحج قال فالصواب ما قاله أبو الطيب فهو الجاري على قاعدة المذهب وعلى ما قاله الأصحاب هنا في المسكن والخادم وعلى ما قالوه في باب الكفارة وباب التفليس اه الموضع الثالث الدين قال الأسنوي في باب التفليس رأيت في زيادات العبادي أنه يترك للعالم ولم أر ما يخالفه وذكر النووي في الحج في شرح المهذب ما يقتضيه ونقل كلام العبادي في قسم الصدقات وأقره القول في الشرط والتعليق قال البلقيني الفرق بين الشرط والتلعيق أن التعليق ما دخل على أصل الفعل فيه بأداته كإن وإذا والشرط ما جزم فيه بالأول وشرط فيه أمر آخر قاعدة الشرط إنما يتعلق بالأمور المستقبلة أما الماضية فلا مدخل له فيها ولهذا لا يصح تعليق الإقرار بالشرط لأنه خبر عن ماض ونص عليه ولو قال يا زانية إن شاء اللّه فهو قاذف لأنه خبر عن ماض فلا يصح تعليقه بالمشيئة ولو فعل شيئا ثم قال واللّه ما فعلته إن شاء اللّه حنث كما قال الزركشي في قواعده وخطأ البارزي في فتواه بعدم الحنث قاعدة أبواب الشريعة كلها على أربعة أقسام أحدها مالا يقبل الشرط ولا التعليق كالإيمان باللّه والطهارة والصلاة والصوم إلا في صور تقدم استثناؤها في أول الكتاب والضمان والنكاح والرجعة والاختيار والفسوخ والثاني ما يقبلهما كالعتق والتدبير والحج

(١/٣٧٦)

الثالث مالا يقبل التعليق ويقبل الشرط كالاعتكاف والبيع في الجملة والإجارة والوقف والوكالة الرابع عكسه كالطلاق والإيلاء والظهار والخلع قاعدة ما كان تمليكا محضا لا مدخل للتعليق فيه قطعا كالبيع وما كان حلا محضا يدخله قطعا كالعتق وبينهما مراتب يجري فيها الخلاف كالفسخ والإبراء يشبهان التمليك كذا الوقف وفيه شبه يسير بالعتق فجرى وجه ضعيف والجعالة والخلع التزام يشبه النذر وإن ترتب عليه ملك ضابط ما قبل التعليق لا فرق فيه بين الماضي والمستقبل إلا في مسئلة واحدة وهي إن كان زيد محرما أحرمت فإنه يصح بخلاف إذا أحرم أحرمت فلا يصح ضابط ليس لنا خروج من عبادة بشرط إلا في الاعتكاف والحج قاعدة الشروط الفاسدة تفسد العقود إلا البيع بشرط البراءة من العيوب والقرض بشرط رد مكسر عن صحيح أو أن يقرضه شيئا آخر على الأصح فيهما ضابط لا يقبل البيع التعليق إلا في صور الأولى بعتك إن شئت الثانية إن كان ملكي فقد بعتكه ومنه مسئلة اختلاف الوكيل والموكل فيقول إن كنت أمرتك بعشرين فقد بعتكها بها الثالثة البيع الضمني كأعتق عبدك عني على مائة إذا جاء رأس الشهر ولا يقبل الإبراء التعليق إلا في صور الأولى إن رددت عبدي فقد أبرأتك صرح به المتولي الثانية إذا مت فأنت في حل فهو وصية كما في فتاوى ابن الصلاح

(١/٣٧٧)

الثالثة أن يكون ضمنا لا قصدا كما إذا علق عتقه ثم كاتبه فوجدت الصفة عتق وتضمن ذلك الإبراء من النجوم حتى يتبعه أكسابه ولو لم يتضمنه تبعه كسبه قاعدة من ملك التنجيز ملك التعليق ومن لا فلا واستثنى الزركشي في قواعده من الأول الزوج يقدر على تنجيز الطلاق والتوكيل فيه ولا يقدر على التوكيل في التعليق إذا منعنا التوكيل فيه ومن الثاني صور يصح فيها التعليق لمن لا يملك التنجيز منها العبد لا يقدر على تنجيز الطلقة الثالثة ويملك تعليقها إما مقيدا بحال ملكه كقوله إن عتقت فأنت طالق ثلاثا أو مطلقا كإن دخلت فأنت طالق ثلاثا ثم دخلت بعد عتقه فتقع الثالثة على الأصح

ومنها يجوز تعليق طلاق السنة في الحيض وطلاق البدعة في طهر لم يمسسها فيه وإن كان لا يتصور تنجيز ذلك في هذه الحالة قاعدة ما قبل التعليق من التصرفات صح إضافته إلى بعض محل ذلك التصرف كالطلاق والعتق والحج ومالا فلا كالنكاح والرجعة والبيع واستثنى الإمام من الأول الإيلاء فإنه يقبل التعليق ولا يصح إضافته إلى بعض المحل إلا الفرج ولا استثناء في الحقيقة لصدق إضافته إلى البعض واستدرك البارزي الوصية يصح تعليقها ولا تصح إضافتها إلى بعض المحل ويستثنى من الثاني صور منها الكفالة والقذف القول في الاستثناء فيه قواعد الأولى الاستثناء من النفي إثبات ومن الإثبات نفي فلو قال أنت طالق ثلاثا إلا اثنتين إلا واحدة فالمشهور وقوع طلقتين نظائره في الطلاق والأقارير كثيرة

(١/٣٧٨)

واستشكل على القاعدة مسئلة من قال واللّه لا لبست ثوبا إلا الكتان فقعد عريانا فإنه لا يلزمه شيء ومقتضى القاعدة أنه حلف على نفي ما عدا الكتان وعلى إثبات لبس الكتان وما لبسه فيحنث وأجاب ابن عبدالسلام بأن سبب المخالفة أن الأيمان تتبع المنقولات دون الأوضاع اللغوية وقد انتقلت إلا في الاستثناء في الحلف إلى معنى الصفة مثل سواء و غير فيصير معنى حلفه واللّه لا لبست ثوبا غير الكتان ولا يكون الكتان محلوفا عليه فلا يضر تركه ولا لبسه ونظير هذه المسئلة مسئلة واللّه لا أجامعك في السنة إلا مرة فمضت ولم يجامعها أصلا فحكى ابن كج فيها وجهان أحدهما تلزمه الكفارة لأن الاستثناء من النفي إثبات ومقتضى يمينه أن يجامع مرة ولم يفعل فيحنث والثاني لا وصححه في الروضة لأن المقصود باليمين أن لا يزيد على الواحدة فرجع ذلك إلى أن العرف يجعل إلا بمعنى غير الثانية الاستثناء المبهم في العقود باطل ومن فروعه بعتك الصبرة إلا صاعا ولا يعلم صيعانها وبعتك الجارية إلا حملها فإنه باطل أما الأقارير والطلاق فيصح ويلزمه البيان مثل له علي مائة درهم إلا شيئا ونسائي طوالق إلا واحدة منهن ضابط لا يصح استثناء منفعة العين إلا في الوصية يصح أن يوصي برقبة عين لرجل ومنفعتها لآخر الثالثة الاستثناء المستغرق باطل وفروعه لا تحصى وينبغي استثناء ذلك في الوصية فإنه يصح ويكون رجوعا عن الوصية فيما يظهر

(١/٣٧٩)

الرابعة الاستثناء الحكمي هل هو كالاستثناء اللفظي على أربعة أقسام أحدها مالا يؤثر قطعا ولو تلفظ به ضر كما لو باع الموصي بما يحدث من حملها وثمرتها فإنه يصح وهي مستثناة شرعا ولو باع واستثناها لفظا لم يصح الثاني ما يؤثر قطعا كما لو تلفظ به كبيع دار المعتدة بالأقراء والحمل الثالث ما يصح في الأصح ولو صرح باستثنائها بطل كبيع دار المعتدة بالأشهر والعين المستأجرة الرابع ما يبطل في الأصح كبيع الحامل بحر وبحمل لغير مالكها كما لو باع الجارية إلا حملها القول في الدور مسائل الدور هي التي يدور تصحيح القول فيها إلى إفساده وإثباته إلى نفيه وهي حكمي ولفظي فالأول ما نشأ الدور فيه من حكم الشرع والثاني ما نشأ من لفظة يذكرها الشخص وأكثر ما يقع الدور في مسائل الوصايا والعتق ونحوها وقد أفرد فيها الأستاذ أبو منصور البغدادي كتابا حافلا وأفرد كتابا فيما وقع منه في سائر الأبواب وها أنا أورد لك منه نظائر مفتتحا بمسئلة الطلاق المشهورة مسئلة قال لها إن أو إذا أو متى أو مهما طلقتك فأنت طالق قبله ثلاثا ثم طلقها فثلاثة أوجه أحدها لا يقع عليها طلاق أصلا عملا بالدور وتصحيحا له لأنه لو وقع المنجز لوقع قبله ثلاث وحينئذ فلا يقع المنجز للبينونة وحينئذ لا يقع الثلاث لعدم شرطه وهو التطليق والثاني يقع المنجز فقط والثالث يقع ثلاث تطليقات المنجزة وطلقتان من المعتق إن كانت مدخولا بها

(١/٣٨٠)

واختلف الأصحاب في الراجح من الأوجه فالمعروف عن ابن سريج الوجه الأول وهو أنه لا يقع الطلاق وبه اشتهرت المسئلة بالسريجية وبه قال ابن الحداد والقفالان والشيخ أبو حامد والقاضي أبو الطيب والروياني والشيخ أبو علي والشيخ أبو إسحاق الشيرازي والغزالي وعن المزني أنه قال به في كتاب المنثور وحكاه صاحب الإفصاح عن نص الشافعي وأنه مذهب زيد بن ثابت ورجح الثاني ابن القاص وأبو زيد وابن الصباغ والمتولي والشريف ناصر العمري ورجع إليه الغزالي آخرا قال الرافعي ويشبه أن تكون الفتوى به أولى وصححه في المحرر وتابعه النووي في المنهاج وتصحيح التنبيه وقال الأسنوي في التنقيح والمهمات في الوجه الأول إذا كان صاحب مذهبنا قد نص عليه وقال به أكثر الأصحاب خصوصا الشيخ أبو حامد شيخ العراقيين والقفال شيخ المراوزة كان هو الصحيح ونقله أيضا في النهاية عن معظم الأصحاب ونصره السبكي أولا وصنف فيه تصنيفين ثم رجع عنه وأكثر ما رد به أن فيه سد فيه باب الطلاق وليس بصحيح فإن الحيلة فيه حينئذ أن يوكل وكيلا يطلقها فإنه يقع ولا يعارضه المعلق بلا خلاف لأنه لم يطلقها وإنما وقع عليها طلاقه فإن عبر بقوله إن وقع عليك طلاقي استوت الصورتان وذكر ابن دقيق العيد أن الحيلة في حل الدور أن يعكس فيقول كلما لم يقع عليك طلاقي فأنت طالق قبله ثلاثا فإذا طلقها وجب أن يقع الثلاث لأن الطلاق القبلي والحالة هذه معلق على النقيضين وهو الوقوع وعدمه وكل ما كان لازما للنقيضين فهو واقع ضرورة ويشبهه قولهم في الوكالة كلما عزلتك فأنت وكيلي نفاذ العزل أن يقول كلما عدت وكيلي فأنت معزول ثم يعزله ذكر نظائر هذه المسئلة قال إن آليت منك أو ظاهرت منك أو فسخت بعيبك أو لاعنتك أو راجعتك فأنت طالق قبله ثلاثا ثم وجد المعلق به لم يقع الطلاق وفي صحته الأوجه

(١/٣٨١)

قال إن فسخت بيعي أو إعساري أو استحقيت المهر بالوطء أو النفقة أو القسم فأنت طالق قبله ثلاثا ثم وجد نفذ الفسخ وثبت الاستحقاق وإن ألغينا الطلاق المنجز لأن هذه فسوخ وحقوق تثبت قهرا ولا تتعلق بمباشرته واختياره فلا يصلح تصرفه دافعا لها ومبطلا لحق غيره قال إن وطئتك وطئا مباحا فأنت طالق قبله ثم وطئ لم تطلق قطعا إذ لو طلقت لم يكن الوطئ مباحا وليس هنا سد باب الطلاق قال متى وقع طلاقي على حفصة فعمرة طالق قبله ثلاثا ومتى وقع طلاقي على عمرة فحفصة طالق قبله ثلاثا ثم طلق إحداهما لم تطلق هي ولا صاحبتها فلو ماتت عمرة ثم طلق حفصة طلقت لأنه لا يلزم حينئذ من إثبات الطلاق نفيه قال زيد لعمرو متى وقع طلاقك على امرأتك فزوجتي طالق قبله ثلاثا وقال عمرو لزيد مثل ذلك لم يقع طلاق كل واحد على امرأته ما دامت زوجة الآخر في نكاحه قال لها متى دخلت وأنت زوجتي فعبدي حر قبله وقال لعبده متى دخلت وأنت عبدي فامرأتي طالق قبله ثلاثا ثم دخلا معا لم يعتق ولم تطلق قال الإمام ولا يخالف أبو زيد في هذه الصورة لأنه ليس فيه سد باب التصرف قال له متى أعتقتك فأنت حر قبله ثم أعتقه فعلى الثاني يعتق وعلى الأول لا قال إن بعتك أو رهنتك فأنت حر قبله فباعه فعلى الثاني يصح ولا عتق وعلى الأول لا قال لغير مدخول بها إن استقر مهرك علي فأنت طالق قبله ثلاثا ثم وطئ فعلى الأول لا يستقر المهر بهذا الوطء لأنه لو استقر بطل النكاح قبله وإذا بطل النكاح سقط نصف المهر وعلى الثاني يستقر ولا تطلق قال أنت طالق ثلاثا قبل أن أخالعك بيوم على ألف تصح لي ثم خالعها على ألف فعلى الأول لا يصح الخلع وعلى الثاني يصح ويقع ولا يقع الطلاق المعلق قال إن وجبت علي زكاة فطرك فأنت حر وطالق قبل وجوبها فعلى الأول لا تجب زكاة فطره وفطرها وعلى الثاني تجب ولا يعتق ولا تطلق ذكره الأستاذ أبو منصور

(١/٣٨٢)

مسائل الدور في العبادات مسئلة قال الأستاذ أبو منصور قول الأصحاب إن النجاسات لا تطهر بشيء من المائعات سوى الماء لأن وقوع التطهير بها يؤدي إلى وقع التنجيس بها لأن أبا حنيفة وافق على أن الخل إذا غسل به شيء نجس صار الخل نجسا مسئلة متطهران وجد بينهما ريح شك كل واحد منهما في وجوده منه فلكل أن يصلي منفردا أو إماما وليس لأحدهما أن يقتدي بالآخر لأنا لو صححنا اقتداءه به مع الحدث جعلنا إمامه طاهرا وإذا كان الإمام طاهرا تعين الحدث في المأموم لأن أحدهما محدث وإذا صار محدثا لم يصح اقتداؤه مع الحدث فكان في صحة الاقتداء فساده وكذلك مسئلة الإناءين وأشباهها مسئلة سها إمام الجمعة وعلم أنه إن سجد للسهو خرج الوقت لا يسجد لأن تصحيح سجود السهو حينئذ يؤدي إلى إبطاله لأن الجمعة تبطل بخروج وقتها وإذا بطلت بطل سجود السهو مسئلة من دخل الحرم من غير إحرام لا يلزمه القضاء لأن لزومه يؤدي إلى إسقاط لزومه لأنا إذا ألزمناه القضاء وجب عليه دخول الحرم فيلزمه إحرام مختص به فيقع ما أحرم به عنه لا عن القضاء فكان إيجابه مؤديا إلى إسقاطه ذكر هذه المسائل الأستاذ أبو منصور في كتابه مسئلة في أمثلة من الدور الحكمي لو أذن لعبده أن يتزوج بألف وضمن السيد الألف ثم باع العبد من الزوجة قبل الدخول بتلك الألف بعينها لم يصح البيع لأنا لو صححنا البيع ملكته وإذا ملكته بطل النكاح وإذا بطل النكاح من قبلها سقط المهر وإذا سقط المهر بطل الثمن وإذا بطل الثمن المعقود عليه بعينه بطل البيع ففي إجازة البيع إبطاله

(١/٣٨٣)

قال أبو علي الزجاجي ولهذه المسئلة نظائر كثيرة منها لو شهد رجلان على رجل أنه أعتق عبيده سالما وغانما فحكم بعتقهما ثم شهدا بفسق الشاهدين لم يقبل لأنها لو قبلت عادا رقيقين وإذا عادا رقيقين بطلت شهادتهما فقبول شهادتهما يؤدي إلى إبطالها فأبطلناها

ومنها لو مات وخلف ابنا وعبدين قيمتهما ألف فأعتقهما الابن فشهدا على الميت بألف دينا لم تقبل شهادتهما لأنها لو قبلت عادا رقيقين فيكون في إجازة شهادتهما إبطالها

ومنها لو مات عن أخ وعبدين فأعتقهما الأخ فشهدا بابن للميت لم تقبل لما ذكر

ومنها لو زوج أمته من عبد وأعتقها في مرضه بعد قبض مهرها قبل الدخول ولا يخرج من الثلث إلا بضم المهر إلى التركة فلا يثبت لها خيار العتق لأنه لو ثبت وجب رد المهر فلا تخرج كلها من الثلث فلا تعتق كلها وإذا رق بعضها فلا خيار لها ففي إثبات الخيار لها إبطاله

ومنها لو قال لأمته إن زوجتك فأنت حرة فزوجها لم تعتق لأن في عتقها إبطاله لأنا لو قلنا بعقتها في ذلك اليوم بطل تزويجها وإذا بطل تزويجها بطل عتقها فثبت النكاح ولا عتق قلت ونظيرها ما لو قال إن بعتك فأنت حر

ومنها لو ادعى المقذوف بلوغ القاذف وأنكر ولا بينة لم يحلف القاذف أنه غير بالغ لأن في الحكم بيمينه إبطالها إذ اليمين من غير البالغ لا يعتد بها

ومنها لو دفع إلى رجل زكاة فاستغنى بها لم يسترجع منه لأن الاسترجاع منه يوجب دفعها ثانيا لأنه يصير فقيرا بالاسترجاع قال الزجاجي والأصل في هذه المسائل كلها قوله تعالى ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا فعير من نقض شيئا بعد أن أثبته فدل على أن كل ما أدى إثباته إلى نقضه باطل القول في العدالة حدها الأصحاب بأنها ملكة أي هيئة راسخة في النفس تمنع من اقتراف كبيرة أو صغيرة دالة على الخسة أو مباح يخل بالمروءة وهذه أحسن عبارة في حدها وأضعفها قول من قال اجتناب الكبائر والإصرار على الصغائر

(١/٣٨٤)

لأن مجرد الاجتناب من غير أن تكون عنده ملكة وقوة تردعه عن الوقوع فيما يهواه غير كاف في صدق العدالة ولأن التعبير بالكبائر بلفظ الجمع يوهم أن ارتكاب الكبيرة الواحدة لا يضر وليس كذلك ولأن الإصرار على الصغائر من جملة الكبائر فذكره في الحد تكرار ولأن صغائر الخسة ورذائل المباحات خارج عنه مع اعتباره قال في الروضة وهل الإصرار السالب للعدالة المداومة على نوع من الصغائر أم الإكثار من الصغائر سواء كانت من نوع أو أنواع فيه وجهان يوافق الثاني قول الجمهور من غلبت طاعاته معاصيه كان عدلا وعكسه فاسق ولفظ الشافعي في المختصر يوافقه فعلى هذا لا تضر المداومة على نوع من الصغائر إذا غلبت الطاعة وعلى الأول تضر واعترضه في المطلب بأن مقتضاه أن مداومة النوع الوحد تضر على الوجهين أما على الأول فظاهر وأما على الثاني فلأنه في ضمن حكايته قال إن الإكثار من نوع واحد كالإكثار من الأنواع وحينئذ لا يحسن معه التفصيل نعم يظهر أثرها فيما لو أتى بأنواع من الصغائر إن قلنا بالأول لم يضر لمشقة كف النفس عنه وهو ما حكاه في الإبانة وإن قلنا بالثاني ضر وتبعه في المهمات وقال يدل على ما ذكرناه أنه خالف المذكور هنا وجزم في الكلام على الأولياء وفي الرضاع بأن المداومة على النوع الواحد تصيره كبيرة وأجاب البلقيني بأن الإكثار من النوع الواحد غير المداومة فإن المراد بالأكثرية التي تغلب بها معاصيه على طاعته وهذا غير المداومة فالمؤثر على الثاني إنما هو الغلبة لا المداومة والرجوع في الغلبة إلى العرف فإنه يمكن أن يراد مدة العمر فالمستقبل لا يدخل في ذلك وكذا ما ذهب بالتوبة وغيرها تمييز الكبائر من الصغائر اضطرب في حد الكبيرة حتى قال ابن عبدالسلام لم أقف لها على ضابط يعني سالما من الاعتراض

(١/٣٨٥)

وعدل إمام الحرمين عن حدها إلى حد السالب للعدالة فقال كل جريمة تؤذن بقلة اكتراث مرتكبها بالدين ورقة الديانة فهي مبطلة للعدالة وكل جريمة لا تؤذن بذلك بل تنفي حسن الظن بصاحبها لا تحبط العدالة قال وهذا أحسن ما يميز به أحد الضدين من الاخر وأما حصر الكبائر بالعد فلا يمكن استيفاؤه فقد أخرج عبدالرزاق في تفسيره قال

أخبرنا معمر عن ابن طاوس عن أبيه قيل لابن عباس الكبائر سبع قال هي إلى السبعين أقرب وفي رواية عند ابن أبي حاتم هي إلى السبعمائة أقرب وأكثر من رأيته عدها الشيخ تاج الدين السبكي في جمع الجوامع فأورد منها خمسة وثلاثين كبيرة أكثرها في الروضة وأصلها وقد أوردتها نظما في ثمانية أبيات لا حشو فيها فقلت

كالقتل والزنا وشرب الخمر

ومطلق المسكر ثم السحر

والقذف واللواط ثم الفطر

ويأس رحمة وأمن المكر

والغصب والسرقة والشهادة

بالزور والرشوة والقيادة

منع زكاة ودياثة فرار

خيانة في الكيل والوزن ظهار

نميمة كتم شهادة يمين

فاجرة على نبينا يمين

وسب صحبه وضرب المسلم

سعاية عق وقطع الرحم

حرابة تقديمه الصلاة أو

تأخيرها ومال أيتام رأوا

وأكل خنزير وميت والربا

والغل أو صغيرة قد واظبا

قلت زاد في الروضة نسيان القرآن والوطء في الحيض نقله المحاملي عن نص الشافعي وزاد صاحب العدة إحراق الحيوان وامتناعها من زوجها بلا سبب وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع القدرة وزاد العلائي في قواعده عدم التنزه من البول والتعرب بعد الهجرة والإضرار في الوصية ومنع ابن السبيل فضل الماء لورودها في الحديث والشرب في آنية الذهب والفضة للتوعد عليه بالنار ما يشترط فيه العدالة ومالا يشترط قال العلائي مدار هذه القاعدة على القاعدة المشهورة في أصول الفقه إن المصالح المعتبرة إما في محل الضرورات أو في محل الحاجات أو في محل التتمات وإما مستغنى عنها

(١/٣٨٦)

بالكلية إما لعدم اعتبارها أو لقيام غيرها مقامها وبيان هذا أن اشتراط العدالة في صحة التصرف مصلحة لحصول الضبط بها عن الخيانة والكذب والتقصير إذ الفاسق ليس له وازع ديني فلا يوثق به فاشتراط العدالة في الشهادة والرواية في محل الضرورات لأن الضرورة تدعو لى حفظ الشريعة في نقلها وصونها عن الكذب وكذلك في الفتوى أيضا لصون الأحكام ولحفظ دماء الناس وأموالهم وأبضاعهم وأعراضهم عن الضياع فلو قبل فيها قول الفسقة ومن لا يوثق به لضاعت وكذلك في الولايات على الغير كالإمامة الكبرى والقضاء وأمانة الحكم والوصاية ومباشرة الأوقاف والسعاية في الصدقات وما أشبه ذلك لما في الاعتماد على الفاسق في شيء منها من الضرر العظيم وأما محل الحاجات ففي مثل تصرفات الآباء والأجداد لأبنائهم ومنهم من طرد فيه الخلاف الآتي في النكاح والمؤذن المنصوب لاعتماد الناس على قوله في دخول الأوقات إذ لو كان غير موثوق به لحصل الخلل في إيقاع الصلوا في غير أوقاتها وأما محل التتمات فكإمامة الصلوات ولذلك لم يشترط فيها العدالة بلا خلاف عندنا إذ ليس فيها توقع خلل بالنسبة إلى المصلين خلفه لأن توهم قلة مبالاته بالطهارة عن الحدث والخبث نادر في الفساق وكذلك ولاية القريب على قريبه الميت في التجهيز والتقدم على الصلاة لأن فرط شفقة القريب وكثرة حزنه تبعثه على الاحتياط في ذلك وقوة التضرع في الدعاء له فالعدالة فيه من التتمات وأما المستغنى عنه بالكلية لعدم الحاجة إليه فكالإقرار لأن طبع الإنسان يزعه عن أن يقر على نفسه بما يقتضي قتلا أو قطعا أو تغريم مال فقبل من البر والفاجر اكتفاء بالوازع الطبيعي ولهذا يقبل إقرار العبد بما يقتضي القصاص دون ما يوجب المال لأن طبعه يزعه عن إضرار نفسه بخلاف إضرار سيده والذي يقوم غيره مقامه التوكيل والإيداع من المالك فإن نظره لنفسه قائم مقام نظر الشرع له في الاحتياط فيجوز له أن يوكل الفاسق ويودع عنده لأن طبع المالك يزعه عن إتلاف ماله بالتفريط

(١/٣٨٧)

ولذلك لو كان موكلا أو مودعا في مال الغير وجب عليه الاحتياط بالوازع الشرعي وهذه فروع اختلف فيها الأول ولاية النكاح وفيها ثلاثة عشر طريقا أشهرها في اشتراط العدالة فيها قولان أصحهما نعم فلا يلي الفاسق كسائر الولايات ولأنه لا يؤمن أن يضعها عند فاسق مثله والثاني لا لأن الأولين لم يمنعوا الفسقة من تزويج بناتهم الطريق الثاني يلي قطعا الثالث لا يلي قطعا الرابع يلي المجبر دون غيره لأنه أكمل شفقة الخامس عكسه لأن المجبر يستقل بالنكاح فربما وضعها عند فاسق بخلاف غيره فتنظر هي لنفسها وتأذن السادس يلي إن فسق بغير شرب الخمر بخلاف ما إذا كان به لاختلال نظره السابع يلى المستتر دون المعلن الثامن يلي الغيور دون غيره التاسع يلي إن لم يحجر عليه العاشر يلي إن كان الإمام الأعظم قطعا وإلا فقولان الحادي عشر يلي إن كان الإمام نساء المسلمين لا مولياته الثاني عشر يلي إن كان بحيث لو سلبناه الولاية انتقلت إلى حاكم مثله وإلا فلا قاله الغزالي واستحسنه النووي الثالث عشر قاله في البحر يلي ابنته ولا يقبل النكاح لابنه الفرع الثاني الاجتهاد قيل العدالة ركن فيه والأصح لا بل هي شرط لقبول إخباره حتى يجب عليه الأخذ بقول نفسه ما يشترط فيه العدالة الباطنة ومالا فيه فروع منها أفتى ابن الصلاح أن الشاهد بالرشد لا يجب عليه معرفة عدالة المشهود له باطنا بل يكفي العدالة ظاهرا

(١/٣٨٨)

ومنها شهود النكاح يكفي أن يكونوا مستورين ولا يشترط فيهم معرفة العدالة الباطنة على الصحيح لأن النكاح ينعقد بين أوساط الناس ومن يشق عليه البحث عنها فاكتفى بالعدالة الظاهرة ولهذا لا يكتفى بها لو أريد إثباته عند حاكم أو كان العاقد الحاكم كما جزم به ابن الصلاح

ومنها الرواية والأصح فيها قبول المستور كما صححه في شرح المهذب وغيره

ومنها ولي النكاح والأب في مال ولده لا يشترط فيهما العدالة الباطنة

ومنها المفتي لا يشترط ( فيه العدالة الباطنة )

ومنها من له الحضانة

ومنها ما في فتاوى السبكي أن الناظر من جهة الوقف هل يشترط فيه العدالة الباطنة كالناظر من جهة القاضي أو تكفي فيه العدالة المجوزة لتصرف الأب في مال ولده محتمل والظاهر الثاني وإذا حكم له الحكم بالنظر هل يتوقف على ثبوت عدالته الباطنة أو تكفي عدالته الظاهرة محتمل ويتجه أن يكون كالأب إذا باع شيئا وأراد إثباته عند الحاكم وما عدا ذلك يشترط فيه العدالة الباطنة جزما تنبيه في المراد بالمستور أوجه أحدها أنه من عرفت عدالته ظاهرا لا باطنا وهو الذي صححه النووي الثاني أنه من علم إسلامه ولم يعلم فسقه وهو الذي بحثه الرافعي ونقله الروياني عن النص وصوبه في المهمات وقال السبكي إنه الذي يظهر من كلام الأكثرين ترجيحه الثالث أنه من عرفت عدالته باطنا في الماضى وشك فيها وقت العقد فيستصحب وهذا ما صححه السبكي ما يشترط فيه العدد ومالا اتفقوا على قبول الواحد في نجاسة الماء ونحوه وفي دخول وقت الصلاة وفي الهدية والإذن في دخول الدار ونقل ابن حزم إجماع الأمة على قبول قول المرأة الواحدة في إهداء الزوجة لزوجها ليلة الزفاف مع أنه إخبار عن تعيين مباح جزئي لجزئي فكان مقتضاه أن لا يقبل في مثله

(١/٣٨٩)

لكن اعتضد هذا بالقرينة السمتمرة عادة أن التدليس لا يدخل في مثل هذا ويبدل على الزوج غير زوجته وهذه فروع جرى فيها خلاف الأول الشهادة ولا خلاف عندنا في اشتراط العدد فيها إلا في هلال رمضان ففيه قولان أصحهما عدم اشتراطه وقبول الواحد فيه واختلف على هذا هل هو جار مجرى الشهادة أو الرواية قولان أصحهما الأول وينبني عليهما قبول المرأة والعبد فيه والمستور والإتيان بلفظ الشهادة والاكتفاء فيه بالواحد عن الواحد والأصح في الكل مراعاة حكم الشهادة إلا في المستور وحيث قبل الواحد فذاك في الصوم وصلاة التراويح دون حلول الآجال والتعليقات وانقضاء العدد ونظير ذلك لو شهد واحد بإسلام ذمي مات قبل في وجوب الصلاة عليه على الأرجح دون إرث قريبه المسلم ومنع قريبه الكافر إتفاقا ونظيره أيضا لو شهد بعد الغروب يوم الثلاثين برؤية الهلال الليلة الماضية لم تقبل هذه الشهادة إذ لا فائدة لها إلا تفويت صلاة العيد نعم تقبل في الآجال والتعليقات ونحوها الثاني الرواية والجمهور على عدم اشتراط العدد فيها ومنهم من شرط رواية اثنين وقيل أربعة وقد ذكرت حجج ذلك وردها في شرح التقريب والتيسير مبسوطا الثالث الخارص وفيه قولان أصحهما الاكتفاء بالواحد تشبيها بالحكم والثاني غلب جانب الشهادة وفي وجه ثالث إن خرص على محجور أو غائب شرط اثنان وإلا فلا وعلى الأول الأصح اشتراط حريته وذكورته كما في هلال رمضان

(١/٣٩٠)

الرابع القاسم وفيه قولان لتردده أيضا بين الحاكم والشاهد والأصح يكفي واحد الخامس المقوم ويشترط فيه العدد بلا خلاف عندنا لأن التقويم شهادة محضة ومالك ألحقه بالحاكم السادس القائف وفيه خلاف لتردده بين الرواية والشهادة والأصح الاكتفاء بالواحد تغليبا لشبه الرواية لأنه منتصب انتصابا عاما لإلحاق النسب السابع المترجم كلام الخصوم للقاضي والمذهب اشتراط العدد فيه الثامن المسمع إذا كان القاضي أصما والأصح اشتراط العدد فيه والثاني غلب جانب الرواية والثالث إن كان الخصمان أصمين أيضا اشترط وإلا فلا وأما إسماع الخصوم كلام القاضي وما يقوله الخصم فجزم القفال بأنه لا حاجة فيه إلى العدد وكأنه اعتبره رواية فقط التاسع المعرف ذكر الرافعي في الوكالة فيما إذا ادعى الوكيل لموكله الغائب وهو غير معروف أن العبادي قال لا بد وأن يعرف بالموكل شاهدان يعرفهما القاضي ويثق بهما قال هذه عبارة العبادي والذي قاله العراقيون أنه لا بد من إقامة البينة على أن فلان بن فلان وكله وقال القاضي أبو سعد في شرح مختصر العبادي يمكن أن يكتفى بمعرف واحد إذا كان موثوقا به كما ذكر الشيخ أبو محمد أن تعريفه في تحمل الشهادة عليها يحصل بمعرف واحد لأنه إخبار وليس بشهادة

(١/٣٩١)

العاشر بعث الحكم عند الشقاق هل يجوز أن يكون واحدا فيه وجهان اختار ابن كج المنع لظاهر الآية قال الرافعي ويشبه أن يقال إن جعلناه تحكيما لم يشترط فيه العدد أو توكيلا فكذلك إلا في الخلع فيكون على الخلاف في تولي الواحد طرفي العقد الحادي عشر اختلف المتبايعان في صفة هل هي عيب قال في التهذيب يرجع إلى قول واحد من أهل الخبرة بأنه عيب يثبت به الرد واعتبر صاحب التتمة شهادة اثنين لقوة شبهه بالشهادة كالتقويم ولو اختلف الزوجان في قرحة هل هي جذام أو في بياض هل هو برص اشترط فيه شهادة شاهدين عالمين بالطب كذا جزم به في اصل الروضة في النكاح الثاني عشر في الرجوع إلى قول الطبيب وذلك في مواضع أحدها في الماء المشمس على الوجه القائل بمراجعة أهل الطب قال في البيان إن قال طبيبان إنه يورث البرص كره وإلا فلا قال في شرح المهذب واشتراط طبيبين ضعيف بل يكفي واحد فإنه من باب الإخبار ثانيها اعتماده في المرض المبيح للتيمم والذي قطع به الجمهور أنه يكفي قول طبيب واحد وفي وجه لا بد من اثنين وفي ثالث يجوز اعتماد العبد والمرأة وفي رابع والفاسق والمراهق وفي خامس والكافر ثالثها اعتماده في كون المرض مخوفا في الوصية قال الرافعي لا بد فيه من الإسلام والبلوغ والعدالة والحرية والعدد قال ولا يبعد جريان الخلاف الذي في التيمم هنا وقال النووي المذهب الجزم باشتراط العدد وغيره لأنه يتعلق به حقوق آدميين

(١/٣٩٢)

من الورثة والموصى لهم فاشترط فيه شروط الشهادة لغيره بخلاف الوضوء فإنه حق اللّه وله بدل رابعها اعتماده في أن المجنون ينفعه التزويج وكذا المجنونة وعبارة الشرح والروضة تقتضي اشتراط العدد وحيث قالا عند إشارة الأطباء وفي موضع أرباب الطب وعبارة الشامل إذا قال أهل الطب قال العلائي ولم أجد أحدا تعرض للاكتفاء فيه بواحد ولا يبعد لأنه جار مجرى الإخبار تذنيب مقدرات الشريعة على أربعة أقسام أحدها ما يمنع فيه الزيادة والنقصان كأعداد الركعات والحدود وفروض المواريث الثاني ما لا يمنعها كالثلاث في الطهارة الثالث ما يمنع الزيادة دون النقصان كخيار الشرط بثلاث وإمهال المرتد بثلاث والقسم بين الزوجات بثلاث الرابع عكسه كالثلاث في الاستنجاء والتسبيع في الولوغ والطواف والخمس في الرضاع والنجوم في الكتابة ونصب الزكاة والشهادة والسرقة تذنيب المقدرات أربعة أقسام أحدها ما هو تقريب قطعا كسن الرقيق الموكل في شرائه أو المسلم فيه حتى لو شرط التحديد بطل العقد الثاني ما هو تحديد قطعا كتقدير مدة الخف وأحجار الاستنجاء وغسل ولوغ الكلب والأربعين في الجمعة ونصب الزكاة وأصنافها وسن الأضحية وآجال الزكاة والجزية والدية وتغريب الزاني وإنظار المولى والعنين ومدة الرضاع ومقادير الحدود ونصاب السرقة الثالث ما فيه خلاف والأصح أنه تقريب كتقدير القلتين بخمسمائة وسن الحيض بتسع والمسافة بين الصفين بثلاثة أذرع ومسافة القصر بثمانية وأربعين ميلا الرابع عكسه كتقدير الخمسة الأوسق بألف وستمائة رطل بالبغدادي

(١/٣٩٣)

قال في شرح المهذب وسبب تحديد ما ذكر أن هذه المقدرات منصوصة ولتقديرها حكمة فلا يسوغ مخالفتها وأما المختلف فيه فيشبه أن تقديره بالاجتهاد إذ لم يجئ نص صريح صحيح في ذلك وما قارب القدر فهو في المعنى مثله تذنيب قد يقدر الشيء بحد ولا يبلغ به الحد من ذلك العرايا بما دون خمسة أوسق والهدنة بما دون السنة والحكومة بما دون الدية والرضخ بما دون السهم والتعزير بما دون الحد حتى لو عزر بالنفي لم يبلغ سنة والمتعة بما دون الشطر في رأي بناء على أنها بدل عنه ومن ذلك خاتم الفضة بما دون مثقال لقوله صلى اللّه عليه وسلم اتخذه من ورق ولا تتمه مثقالا تذنيب أكثر عدد اعتبره الشرع الثلاثة ثم السبعة فاعتبرت الثلاثة في مسحات الاستنجاء والطهارة وضوءا وغسلا ومدة الخف للمسافر والعادات غالبا ومدة الخيار والقسم والإحداد على غير الزوج والطلاق والإقرار والأشهر في العدة وإمهال الزوجة للدخول والمرتد وتارك الصلاة إن أمهلناهما وتسبيحات الركوع والسجود وشهادة الإعسار في رأي الفوراني والمتولي والعدد الذين يحضرون بيعة الإمام في رأي واعتبرت السبعة في غسل الولوغ وتكبيرات العيد في الركعة الأولى والخطبة الثانية وأشواط الطواف والسعي وسن التمييز والأمر بالصلاة والصوم واعتبر الاثنان في الجماعة والشهادة غالبا واعتبرت الأربعة في عدد المنكوحات وشهادة الزنا واللواط وإتيان البهيمة والعدد الذين يحضرون البيعة في رأي والخمسة في تكبيرات العيد في الركعة الثانية وأول نصاب الإبل والعدد الذين يحضرون البيعة في رأي والتسعة في تكبيرات العيد في الخطبة الأولى وسن الحيض والإنزال والعشرة في سن الضرب على ترك الصلاة والثلاثون في أول نصاب البقر

(١/٣٩٤)

والأربعون في العدد الذي تنعقد به الجمعة والذين يحضرون البيعة على رأي وأول نصاب الغنم والسبعون في الخطوات للاستبراء والمائة في الدية ضابط ليس لنا موضع يعتبر فيه حضور أربعين كاملين إلا الجمعة والعدد الذين يبايعون الإمام على رأي القول في الأداء والقضاء والإعادة والتعجيل العبادة إن لم يكن لها وقت محدود الطرفين لم توصف بأداء ولا قضاء ولا تعجيل كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ورد المغصوب والتوبة من الذنوب وإن أثم المؤخر لها عن المبادرة إليه فلو تداركه بعد ذلك لا يسمى قضاء وإن كان فإما أن يقع في الوقت أو قبله أو بعده والثاني التعجيل والثالث القضاء والأول إن لم يسبق بفعلها مرة أخرى فالأداء وإلا فالإعادة ما يوصف بالأداء والقضاء ومالا فيه فروع الأول الوضوء والغسل يوصفان بالأداء وتردد القاضي أبو الطيب في وصفهما بالقضاء ولم يقف ابن الرفعة على نقل في ذلك فقال يمكن وصف الوضوء بالقضاء تبعا للصلاة وصوره بما إذا خرج الوقت ولم يتوضأ ولم يصل فلو توضأ بعد الوقت سمي قضاء ويقوي ذلك إذا قلنا يجب الوضوء بدخول الوقت

(١/٣٩٥)

قيل وفائدة ذلك تظهر في لابس خف أحدث ولم يمسح وخرج وقت الصلاة ثم سافر صار الوضوء قضاء عن المسح الواجب في الحضر فلا يمسح إلا مسح مقيم كما قاله أبو إسحاق لمن فاتته صلاة في الحضر فقضاها في السفر فإنه يتم والجمهور منعوا ذلك وقالوا يمسح ثلاثا وفرقوا بأن الوضوء لم يستقر في الذمة بخلاف الصلاة وعلى هذا فالمراد بأداء الوضوء الإيقاع لا المقابل للقضاء الثاني الأذان هل يوصف بالأداء أو القضاء لم أر من تعرض له وينبغي أن يقال إن قلنا الأذان للوقت ففعله بعده للمقضية قضاء فيوصف بهما وإن قلنا للصلاة وهو القديم المعتمد فلا الثالث والرابع والخامس الصلوات الخمس وصوم رمضان والحج والعمرة كلها توصف بالأداء والقضاء فإن قيل وقت الحج والعمرة العمر كله فكيف يوصف بالقضاء إذا شرع فيه ثم أفسده فالجواب أنه تضيق بالشروع فيه ونظيره قول القاضي حسين والمتولي والروياني لو أفسد الصلاة صارت قضاء وإن أوقعها في الوقت لأن الخروج منها لا يجوز فيلزم فوات وقت الإحرام بها نقله الأسنوي ساكتا عليه لكن ضعفه البلقيني وقال يلزم عليه أنه لو وقع ذلك في الجمعة لم تعد لأنها لا تقضى وذلك ممنوع السادس النوافل المؤقتة كلها توصف بهما السابع صلاة الجمعة توصف بالأداء لا بالقضاء الثامن الصلاة التي لها سبب لا توصف بالقضاء

(١/٣٩٦)

التاسع صلاة الجنازة لم أر من تعرض لها والظاهر أنها توصف بالأداء وبالقضاء إذا دفن قبلها فصلى على القبر لأنها لو كانت حينئذ أداء لم يحرم التأخير إليه وهو حرام فدل على أن لها وقتا محدودا العاشر الرمي إذا ترك رمي يوم تداركه في باقي الأيام وهل هو أداء أو قضاء فيه قولان أحدهما قضاء لمجاوزته الوقت المضروب له وأظهرهما أداء لأن صحته مؤقتة بوقت محدود والقضاء ليس كذلك وعلى هذا لا يجوز تداركه ليلا ولا قبل الزوال لأنه لم يشرع في ذلك الوقت رمي ويجوز تأخير رمي يوم ويومين ليفعله مع ما بعده وتقديم اليوم الثاني والثالث مع اليوم الأول ويجب الترتيب بين المتروك ورمي اليوم وعلى الأول يكون الأمر بخلاف ذلك هكذا فرع الرافعي وجزم في الشرح الصغير بتصحيحه أعني منع التدارك ليلا وقبل الزوال وجواز التقديم والتأخير وصحح النووي الجواز ليلا وقبل الزوال ومنع التقديم وعدم وجوب الترتيب إذا تداركه قبل الزوال الحادي عشر كفارة المظاهر تصير قضاء إذا جامع قبل إخراجها نص عليه الشافعي الثاني عشر زكاة الفطر إذا أخرها عن يوم العيد صارت قضاء والحاصل أن ماله وقت محدود يوصف بالأداء والقضاء إلا الجمعة ومالا فلا ومن هنا علم فساد قول صاحب المعاياة كل صلاة تفوت في زمن الحيض لا تقضى إلا في مسئلة وهي ركعتا الطواف لأنها لا تتكرر بخلاف سائر الصلوات لأن ذلك لا يسمى قضاء إذ القضاء إنما يدخل المؤقت وهاتان الركعتان لا يفوتان أبدا ما دام حيا نعم يتصور قضاؤهما في صورة الحج عن الميت إن سلم أيضا أن فعلهما يسمى قضاء

(١/٣٩٧)

تنبيه من المشكل قول الأصحاب يدخل وقت الرواتب قبل الفرض بدخول وقت الفرض وبعده بفعله ويخرج النوعان بخروج وقت الفرض ووجه الإشكال الحكم على الراتبة البعدية بخروج وقتها بخروج وقت الفرض وذلك شامل لما إذا فعل الفرض ولما إذا لم يفعل مع أن الوقت في الصورة الثانية لم يدخل بعد فكيف يقال بخروجه وبصيرورتها قضاء وأقرب ما يجاب به أن يقال إن وقتها يدخل بوقت الفرض وفعله شرط لصحتها قاعدة كل عبادة مؤقتة فالأفضل تعجيلها أول الوقت إلا في صور الظهر في شدة الحر حيث يسن الإبراد وصلاة الضحى أول وقتها طلوع الشمس ويسن تأخيرها لربع النهار وصلاة العيدين يسن تأخيرها لارتفاع الشمس والفطرة أول وقتها غروب شمس ليلة العيد ويسن تأخيرها ليومه ورمي جمرة العقبة وطواف الإفاضة والحلق كلها يدخل وقتها بنصف ليلة النحر ويستحب تأخيرها ليوم النحر وقلت في ذلك

أول الوقت في العبادة أولى

ما عدا سبعة أنا المستقري

فطرة والضحى وعيد وظهر

والطواف الحلاق رمي النحر

وإن شئت فقل بدل هذا البيت

الضحى العيد فطرة ثم ظهر

حيث الإبراد سائغ بالحر

وطواف الحجيج ثم حلاق

بعد حج ورمي يوم النحر

ضابط ليس لنا قضاء يتأقت إلا في صور أحدها على رأي ضعيف في الرواتب قيل يقضي فائتة النهار مالم تغرب شمسه وفائتة الليل مالم يطلع فجره وقيل كل تابع مالم يصل فريضة مستقلة وقيل مالم يدخل وقتها الثاني على رأي أيضا وهو الرمي لا يقضى إلا بالليل الثالث كفارة المظاهر إذا جامع قبل التكفير صارت قضاء

(١/٣٩٨)

ويجب أن يوقع القضاء قبل جماع آخر الرابع قضاء رمضان مؤقت بما قبل رمضان آخر فائدة من العبادات ما يقضى في جميع الأوقات كالصلاة والصوم

ومنها مالا يقضى إلا في وقت مخصوص كالحج

ومنها ما يقضى على الفور كالحج والعمرة إذا فسدا والصلاة والصوم المتروكين عمدا وما يقضى على التراخي كالمتروكين بعذر قاعدة فيما يجب قضاؤه بعد فعله لخال ومالا يجب قال في شرح المهذب قال الأصحاب الأعذار قسمان عام ونادر فالعام لا قضاء معه للمشقة ومنه صلاة المريض قاعدا أو موميا أو متيمما والصلاة بالإيماء في شدة الخوف وبالتيمم في موضع يغلب فيه فقد الماء والنادر قسمان قسم يدوم غالبا وقسم لا يدوم فالأول كالمستحاضة وسلس البول والمذي ومن به جرح سائل أو رعاف دائم أو استرخت مقعدته فدام خروج الحدث منه ومن أشبههم فكلهم يصلون مع الحدث والنجس ولا يعيدون للمشقة والضرورة والثاني نوعان نوع يأتي معه ببدل للخلل ونوع لا يأتي فالأول كمن تيمم في الحضر لعدم الماء أو للبرد مطلقا أو لنسيان الماء في رحله أو مع الجبيرة الموضوعة على غير طهر والأصح في الكل وجوب الإعادة ومنه من يتمم مع الجبيرة الموضوعة على طهر ولا إعادة عليه في الأصح قال في شرح المهذب ومن الأصحاب من جعل مسئلة الجبيرة من العذر العام وهو حسن والثاني كمن لم يجد ماء ولا ترابا والزمن والمريض الذي لم يجد من يوضئه أو من يوجهه إلى القبلة والأعمى الذي لم يجد من يدله عليها ومن عليه نجاسة لا يعفى عنها ولا يقدر على إزالتها والمربوط على خشبة ومن شد وثاقه والغريق ومن حول عن القبلة أو أكره على الصلاة مستدبرا أو قاعدا

(١/٣٩٩)

فكل هؤلاء تجب عليهم الإعادة لندور هذه الأعذار وأما العاري فالمذهب أنه يتم الركوع والسجود ولا إعادة عليه وقيل يومئ ويعيد ومن خاف فوت الوقوف لو صلى العشاء قيل يصلي صلاة شدة الخوف ويعيد واختاره البلقيني صرح به العجلي كما نقله ابن الرفعة في الكفاية وقيل لا يعيد وقيل يلزمه الإتمام ويفوت الوقوف وصححه الرافعي وقيل يبادر إلى الوقوف ويفوت الصلاة لأنها يجوز تأخيرها عن الوقت للجمع بمشقة السفر ومشقة فوات الحج أصعب وهذا ما صححه النووي قاعدة الأصح أن العبرة بوقت القضاء دون الأداء فيقضي الصلاة الليلية نهارا سرا والنهارية ليلا جهرا ولو قضيت صلاة العيد فإن كان في أيام التكبير فواضح أو بعد انقضائها لم يكبر فيها السبع والخمس صرح به العجلي كما نقله ابن الرفعة في الكفاية وليس لنا صلاة تقضى على غير هيئتها إلا في هذه الصورة ويشبه هذه القاعدة قاعدة الأصح أن العبرة في الكفارات بوقت الأداء دون الوجوب تنبيه من المشكل قوله في الروضة من زوادئه صلاة الصبح وإن كانت نهارية فهي في القضاء جهرية ولوقتها حكم الليل في الجهر قال الأسنوي قد فهم أكثر الناس هذا الكلام على غير ما هو عليه وعملوا به إلى أن يثبت لهم المراد منه فأما قوله فهي في القضاء جهرية ولوقتها حكم الليل في الجهر فقد توهموا منه أن الصبح تقضى بعد طلوع الشمس جهرا وليس كذلك بل سرا على الصحيح كا هو القياس وتقرير كلام الروضة أن الصبح وإن كانت من صلوات النهار فحكمها حكم

(١/٤٠٠)

الصلوات الجهرية إذا قضيت حتى يجهر فيها بلا خلاف إن قضيت ليلا أو في وقت الصبح ويكون الأول مستثنى من قولهم إن من قضى فائتة النهار بالليل ففي الجهر فيه وجهان والثاني من قولهم إن من قضى فائتة النهار بالنهار يسر بلا خلاف وحتى يسر على الصحيح إن قضاها بعد طلوع الشمس فيكون ذلك مستثنى من قولهم إن من قضى فائتة النهار بالنهار يسر بلا خلاف وقد عبر في شرح المهذب بأوضح من عبارة الروضة فقال صلاة الصبح وإن كانت نهارية فلها في القضاء في الجهر حكم الليلية وصرح في شرح مسلم بأن الصبح إذا قضيت نهارا تقضى سرا على الصحيح فوضح بهذا ما قرر به كلام الروضة وأما قوله ولوقتها في الجهر حتى بجهر بلا خلاف إذا قضى فيه المغرب والعشاء ويكون مستثنى من قولهم إن من قضى فائتة الليل بالنهار يسر على الصحيح وكذلك إذا قضى فيها الصبح كما تقدم وحتى يجهر على الصحيح إذا قضى فيه الظهر والعصر فيكون مستثنى من قولهم إذا قضى فائتة النهار يسر بلا خلاف قاعدة كل من وجب عليه شيء ففات لزمه قضاؤه استدراكا لمصلحته إلا في صور منها من نذر صوم الدهر فإنه إذا فاته منه شيء لا يتصور قضاؤه فلا يلزمه

ومنها نفقة القريب إذا فاتت لم يجب قضاؤها

ومنها إذا نذر أن يصلي الصلوات في أوائل أوقاتها فأخر واحدة فصلاها في آخر الوقت

ومنها إذا نذر أن يتصدق بالفاضل من قوته كل يوم فأتلف الفاضل في يوم لا غرم عليه لأن الفاضل عن قوته بعد ذلك مستحق التصدق به بالنذر لا بالغرم

ومنها إذا نذر أن يعتق كل عبد يملكه فملك عبيدا وأخر عتقهم حتى مات لم يعتقوا بعد موته لأنهم انتقلوا إلى ورثته

ومنها إذا نذر أن يحج كل سنة من عمره ففاته من ذلك شيء

ومنها إذا دخل مكة بغير إحرام وقلنا بوجوبه فلا يمكن قضاؤه لأنه إذا خرج إلى الحل كان الثاني واجبا بالشرع لا بالقضاء

ومنها رد السلام إذا تركه لا يقضي ولا يثبت في الذمة

ومنها الفرار من الزحف لا قضاء فيه ولا كفارة

(١/٤٠١)

ومنها أيام الاستسقاء إذا قلنا إنها يجب صومها بأمر الإمام ففاتت فالذي يظهر أنها لا تقضى لأنها ذات سبب وقد زال كصلاة الاستسقاء

ومنها المجامع في رمضان غذا كفر على رأي مرجوح ضابط ليس لنا نفل مطلق يستحب قضاؤه إلا من شرع في نفل صلاة أو صوم ثم أفسده فإنه يستحب له قضاؤه كما ذكره الرافعي في باب صوم التطوع ما يجوز تقديمه على الوقت وما لا ضابطه أن ما كان ماليا ووجب بسببين جاز تقديمه على أحدهما لا عليهما ولا ماله سبب واحد ولا ما كان بدنية فمن ذلك الزكاة يجوز تقديمها على الحول لا على ملك النصاب ولا على حولين في الأصح وزكاة الفطر يجوز تقديمها من أول رمضان لا قبله على الصحيح وفدية الفطر قال في شرح المهذب لا يجوز للشيخ الهرم والحامل والمريض الذي لا يرجى برؤه تقديم الفدية على رمضان ويجوز بعد طلوع الفجر عن ذلك اليوم وقبل الفجر أيضا على المذهب وقال الروياني فيه احتمالان وقال الزيادي للحامل تقديم الفدية على الفطر ولا تقدم إلا فدية يوم واحد انتهى وكفارة الجماع فيه لا تقدم على الجماع في الصحيح وفدية التأخير إلى ما بعد رمضان آخر قال النووي في تعجليها قبل مجيء ذلك وجهان كتعجيل كفارة الحنث لمعصية ودم القران يجوز بعد الإحرام بالنسكين لا قبله بلا خلاف ودم التمتع لا يجوز قبل الإحرام بالعمرة قطعا ويجوز بعد الإحرام بالحج قطعا وفيما بينهما أوجه أصحها تجوز بعد الفراغ من العمرة وإن لم يحرم بالحج والثاني لا والثالث يجوز قبل الفراغ منها أيضا ودم جزاء الصيد يجوز بعد جرحه لوجود السبب لا قبله لنقده على المذهب ودم الاستمتاع باللبس والطيب والحلق إن كان لعذر جاز تقديمها على الصحيح وإلا فلا على الصحيح

(١/٤٠٢)

والنذر المعلق مثل إن شفى اللّه مريضي فله علي كذا قال في شرح المهذب لا يجوز فعله قبل وجود المعلق عليه في الأصح وقال في الروضة يجوز تقديم الإعتاق والتصدق على الشفاء ورجوع الغائب وكفارة الظهار قال الرافعي التكفير بالمال بعد الظهار وقبل العود جائز لأن الظهار أحد السببين والكفارة منسوبة إليه كما أنها منسوبة إلى اليمين وفيه وجه وكفارة القتل يجوز تقديمها على الزهوق بعد حصول الجرح في الأصح كما في جزاء الصيد ولا يجوز تقديمها على الجرح ولأبي الطيب بن سلمة فيه احتمال تنزيلا للعصمة منزلة أحد السببين وكفارة اليمين الأصح جواز تقديمها بعد اليمين قبل الحنث لا بالصوم ولا إن كان الحنث معصية ومما قدم على وقته من العبادات البدنية أذان الصبح وفيه أوجه أصحها جواز تقديمه من نصف الليل والثاني من خروج وقت الاختيار للعشاء إما الثلث أو النصف والثالث من السدس الأخير والرابع من سبعه والخامس في جميع الليل ونظيره غسل العيد الأصح جواز تقديمه من نصف الليل كأذان الصبح والثاني في جميع الليل والثالث عند السحر ونظيره أيضا السحور فإن وقته يدخل بنصف الليل كذا جزم به الرافعي في كتاب الأيمان والنووي في شرح المهذب ولم يحكيا فيه خلافا القول في الإدراك فيه فروع منها الجمعة تدرك بركعة قطعا

ومنها الأداء يدرك بركعة في الوقت على الأصح والثاني بتكبيرة والثالث بالسلام

ومنها فضيلة أول الوقت وتدرك بأن يشتغل بأسباب الصلاة كما دخل الوقت

(١/٤٠٣)

وقيل لا بد من تقديم الستر على الوقت لأن وجوبه لا يختص بالصلاة وقيل لا بد من تقديم كل ما يمكن تقديمه وقيل يحصل بإدراك نصف الوقت وقيل بنصف وقت الاختيار

ومنها فضيلة تكبيرة الإحرام وتدرك بأن يشتغل بالتحريم عقب تحرم إمامه وقيل بإدراك بعض القيام وقيل بإدراك الركوع الأول

ومنها فضيلة الجماعة وتدرك بجزء قبل السلام وقيل بركعة مع الإمام وهل تدرك بذلك فضيلة الجماعة التي هي التضعيف إلى بضع وعشرين ظاهر كلامهم نعم لكن قال في الخادم إن عبارة الرافعي تدرك بركعة الجماعة وأن بين بركة الجماعة وفضلها فرقا

ومنها وجوب الصلاة بزوال العذر وتدرك بإدراك تكبيرة من وقتها أو وقت ما بعدها إن جمعت معها هذا هو الأصح من ستة وعشرين وجها والثاني يكفي بعض تكبيرة والثالث ركعة مسبوق والرابع ركعة تامة والخامس قدر الأولى وتكبيرة الثانية والسادس قدرها وبعض تكبيرة الثانية والسابع قدرها وركعة تامة والثامن قدرها وركعة مسبوق والتاسع قدر الثانية وتكبيرة في الأولى والعاشر قدرها وبعض تكبيرة والحادي عشر قدرها وركعة تامة والثاني عشر قدرها وركعة مسبوق والثالث عشر قدر الثانية فقط وتعتبر الطهارة مع كل واحد منها فتصير ستة وعشرين

ومنها وجوبها بإدراك جزء من الوقت قبل حدوث العذر والأصح أنه يحصل بإدراك قدر الفرض فقط

(١/٤٠٤)

وقيل بإدراك ما يجب به آخرا القول في التحمل قال إمام الحرمين يدخل التحمل في أربعة أشياء أحدها أداء الزكاة إلى الغارم قال وهذا تحمل حقيقي وارد على وجوب مستقر الثاني كفارة زوجته في نهار رمضان في قول إنه عنه وعنها الثالث تحمل الدية عن العاقلة وهل تجب على العاقلة ابتداء أم على الجاني ثم تتحملها العاقلة قولان أصحهما الثاني الرابع الفطرة وهل تجب على المؤدي ابتداء أم على المؤدى عنه ثم يتحملها المؤدي قولان ( أو وجهان ) أصحهما الثاني قلت ولهذا الخلاف نظائر منها الفاتحة هل وجبت على المسبوق ثم سقطت ويتحملها الإمام عنه أو لم تجب أصلا رأيان أصحهما الأول

ومنها إذا زوج أمته بعبده لم يجب مهر وهل وجب ثم سقط أو لم يجب أصلا وجهان أصحهما الثاني

ومنها من عرض له المانع وقد أدرك من الوقت مالا يسع الصلاة فهل نقول وجبت ثم سقطت أو لم تجب أصلا فيه تردد للأصحاب وصرح في شرح المهذب بالثاني قال السبكي وكلام الأصحاب يقتضي الأول فالوجوب بأول الوقت والاستقرار بالتمكن كما في الزكاة

ومنها إذا خرج من مكة ولم يطف للوداع فعليه دم فإن عاد قبل مسافة القصر سقط الدم على الصحيح هذه عبارة الأصحاب وظاهر السقوط أنه وجب ثم سقط ونازع الشيخ أبو حامد في كونه وجب وكذلك في نظيره من مجاوزة الميقات إذا عاد

ومنها إذا قتل الوالد الفرع فهل يقول يجب القصاص ويسقط أو لم يجب أصلا فيه وجهان حكاهما الإمام وقال لا جدوى للخلاف

(١/٤٠٥)

ضابط قال ابن القاص يحمل الإمام عن المأموم السهو وسجود القرآن والقيام والقراءة للمسبوق والجهر والتشهد الأول إذا فاتته ركعة والسورة في الجهرية ودعاء القنوت القول في الأحكام التعبدية منها اختصاص الطهارة بالماء فيه رأيان أحدهما أنه تعبدي لا يعقل معناه وعليه الإمام والكناني الثاني أنه معلل باختصاص الماء بالرقة واللطافة والتفرد في جوهره وعدم التركيب وعليه الغزالي

ومنها اختصاص التعفير بالتراب قيل إنه تعبدي وقيل معلل بالاستظهار وقيل بالجمع بين الطهورين

ومنها أسباب الحدث والجنابة تعبدية لا يعقل معناه فلا يقبل القياس قال بعضهم ولولا أنها تعبدية لم يوجب المني الذي هو طاهر عند أكثر العلماء غسل كل البدن ويوجب البول والغائط اللذان هما نجسان بإجماع غسل بعضه

ومنها نصب الزكاة ومقاديرها

ومنها تحريم الصلاة في الأوقات المكروهة قال البغوي إنه تعبدي لا يدرك معناه وتعقب بأن في حديث مسلم الإشارة إلى المعنى حيث قال فإنها تطلع بين قرني شيطان وحينئذ يسجد لها الكفار فأشعر بأن النهي لترك مشابهة الكفار وقد اعتبر ذلك الشرع في مواضع منها لو كمل وضوءه إلى إحدى الرجلين ثم غسلها وأدخلها الخف فإنه ينزع الأولى ثم يلبسها

ومنها إذا اصطاد وهو محرم لم يرسله حتى حل ولا امتناع للصيد فإنه يرسله ثم يأخذه إذا شاء

ومنها إذا كال المشتري الطعام ثم باعه في الصاع لم يجز حتى يكيله ثانيا

ومنها استحباب تسمية المهر في نكاح عبده بأمته

ومنها أكثر مسائل العدة والاستبراء

ومنها اختصاص عقد النكاح بلفظ التزويج والإنكاح

(١/٤٠٦)

ومنها حرمة الإسراف في الماء وكراهته على النهر

ومنها تحريم الصوم على الحائض قال الإمام لا يعقل معناه لأنه إن كان لعدم الطهارة فالطهارة ليست شرطا في الصوم بدليل صحة صوم الجنب وإن كان لكونه يضعفها فهذا لا يقتضي التحريم بل عدم الإيجاب بدليل مالو تكلف المريض أو المسافر فصاما مع الإجهاد فإنه يصح

ومنها تحريم الذكاة بالسن والظفر قال ابن الصلاح لم أجد بعد البحث أحدا ذكر لذلك معنى يعقل كأنه تعبدي عندهم تذنيب قريب من ذلك ما شرع لسبب ثم زال ذلك السبب فاستمر كالرمل فإنه شرع لمراءاة المشركين وقد زالت واستمر هو وقريب من هذا إمرار الموسى على رأس الأقرع تشبيها بالحالقين ونظيرها إمراره على ذكر من ولد مختونا ذكره بعض شراح الحديث ونظيره أيضا إمرار السواك على فم من ذهبت أسنانه لحديث في ذلك ولم أر من تعرض له من الفقهاء خاتمة قال بعضهم إذا عجز الفقيه عن تعليل الحكم قال هذا تعبدي وإذا عجز عنه النحوي قال هذا مسموع وإذا عجز عنه الحكيم قال هذا بالخاصية القول في الموالاة هي سنة على الأصح في الوضوء والغسل والتيمم إلا في طهارة دائم الحدث فواجبة وبين أشواط الطواف والسعي والجمع بين الصلاتين في وقت الثانية وأيمان القسامة وسنة تعريف اللقطة وقيل واجبة في الكل وواجبة على الأصح في الجمع في وقت الأولى وبين طهارة دائم الحدث وصلاته وبين كلمات الأذان والإقامة وبين الخطبة وصلاة الجمعة وفي الخطبة وكأيمان اللعان وسنة التغريب في الزنا وقيل لا تجب في الكل

(١/٤٠٧)

ويجب قطعا بين كلمات الفاتحة والتشهد ورد السلام والإيجاب والقبول في العقود إلا الوصية قاعدة ما تعتبر فيه الموالاة فالتخلل القاطع لها مضر وغالبها يرجع فيه إلى العرف وربما كان مقدار أمن التخلل مغتفر في باب دون باب كما سنبينه أما الطهارة ففي تخللّها القاطع أوجه أحدها الرجوع فيه إلى العرف والثاني أنه الطويل المتفاحش والثالث ما يمكن فيه تمام الطهارة والرابع وهو الأصح أن يمضي زمن يجف فيه المغسول آخرا مع اعتدال الزمان والمزاج ويقدر الممسوح مغسولا وأما طهارة دائم الحدث وصلاته فقال الإمام ذهب الذاهبون إلى المبالغة في الأمر بالبدار وقال آخرون يغتفر تخلل فصل يسير قال وضبطه على التقريب عندي أن يكون على قدر الزمن المتخلل بين صلاة الجمع اه والمرجع في تخلل صلاة الجمع إلى العرف على الصحيح وأقل الفصل اليسير بينهما ما كان بقدر الإقامة والطويل ما زاد وعلى الأول قال القاضي أبو الطيب ما منع من البناء على الصلاة إذا سلم ناسيا منع الجمع وما لا فلا تنبيه اغتفر تأخير دائم الحدث لانتظاره الجماعة ولم يغتفر ذلك في الجمع قال في الوافي والفرق أن صلاتي الجمع كالواحدة فيضر الفصل الطويل ويرجع إلى العرف أيضا في موالاة الفاتحة فيقطعها سكوت طويل عمدا ويسير قصد به قطع القراءة وذكر إلا إن تعلق بالصلاة في الأصح ولا يقطعها تكرار آية من الفاتحة قال المتولي إلا أن تكون تلك الآية منقطعة عن التي وقف عليها فإنها تقطعه بأن وصل إلى أنعمت ثم قرأ مالك يوم الدين فقط كذا نقله في شرح المهذب قال الأسنوي والذي قاله المتولي ظاهر يمكن حمل إطلاقهم عليه لا سيما أن الصورة المذكورة نادرة يبعد إرادتها

(١/٤٠٨)

ويرجع إلى العرف أيضا في موالاة الأذان فلا يقطعه اليسير من السكوت والكلام والنوم والإغماء والجنون والردة ويقطعه الطويل منها وقيل لا يقطعه الطويل أيضا وقيل يقطعه اليسير أيضا والكلام أولى بالإبطال من السكوت والنوم أولى به من الكلام والإغماء أولى به من النوم والجنون أولى به من الإغماء والردة أولى به من الجنون والإقامة أولى به من الأذان وحيث قلنا لا يقطعه الطويل فالمراد إذا لم يفحش الطول بحيث لا يعد مع الأول أذانا ويرجع إليه أيضا في موالاة الخطبة والطواف والسعي قال الإمام التفريق الكثير ما يغلب على الظن تركه الطواف وفي سنة تعريف اللقطة قال الإمام فلا يلزم استيعاب السنة بل لا يعرف في الليل ولا يستوعب الأيام أيضا على المعتاد فيعرف في الابتداء كل يوم مرتين طرفي النهار ثم كل يوم مرة ثم كل أسبوع ثم كل شهر بحيث لا ينسى أنه تكرار للأول وأما البيع والنكاح ونحوهما فضابط الفصل الطويل فيها ما أشعر بإعراضه عن القبول وفي وجه ما خرج عن مجلس الإيجاب وفي ثالث مالا يصلح جوابا للكلام في العادة وعلى الأول لو حصل الفصل بكلام أجنبي قصير فذكر الرافعي في البيع والنكاح أنه يضر على الأصح وذكر في الطلاق والخلع أنه لا ينقطع به الاتصال بين الإيجاب والقبول على الأصح ووافقه في الروضة على هذه المواضع وقال في شرح المهذب في البيع ولو تخللت كلمة أجنبية بطل العقد قال ابن السبكي والفرق أن الخلع أوسع قليلا على ما أشار إليه بعض الأصحاب فلم يشترط فيه من الاتصال القدر المشترط في البيع ونحوه وأما رد السلام فحكمه حكم الإيجاب والقبول وقال الإمام الاتصال المعتبر في الاستثناء أبلغ منه بين الإيجاب والقبول لصدورهما من شخصين وقد يحتمل من شخصين مالا يحتمل من واحد فلا تضر فيه سكتة تنفس وعي لكن نقل النووي عن صاحب العدة والبيان أنهما حكيا عن المذهب أنه لو قال علي ألف أستغفر اللّه إلا مائة صح واحتجا بأنه فصل يسير فصار كقوله علي ألف يا فلان إلا مائة

(١/٤٠٩)

قال النووي وهذا الذي نقلاه فيه نظر وقال السبكي في الجمع بينهما يظهر أن الكلام اليسير إن كان أجنبيا فهو الضار وإلا فهو الذي يغتفر كقوله أستغفر اللّه ويا فلان فليحمل كل منهما على الفصل اليسير بنحو أستغفر اللّه ويا فلان لا على مطلق الفصل اليسير فائدة قال ابن السبكي الضابط في التخلل المضر في الأبواب أن يعد الثاني منقطعا عن الأول وهذا يختلف باختلاف الأبواب فرب باب يطلب فيهم من الاتصال مالا يطلب في غيره وباختلاف المتخلل نفسه فقد يغتفر من ا لسكوت ملا يغتفر من الكلام ومن الكلام المتعلق بالعقد مالا يغتفر من الأجنبي ومن المتخلل بعذر مالا يغتفر من غيره فصارت مراتب أقطعها للاتصال كلام كثير أجنبي وأبعدها عنه سكوت يسير لعذر وبينهما مراتب لا تخفى تنبيه من المشكل هنا ما ذكره الرافعي وغيره في الولي إذا وهب الصبي من يعتق عليه ولم يقبله أن الحاكم يقبله فإن لم يفعل قبله الصبي بعد بلوغه قال ابن السبكي فهذا فصل طويل فلماذا يغتفر وأيضا فالإيجاب صدر والصبي غير أهل للقبول قال ولا يمكن أن يحمل على قبول إيجاب متجدد بعد البلوغ لأن ذلك معروف لا معنى لذكره القول في فروض الكفاية وسننها قال الرافعي وغيره فروض الكفاية أمور كلية تتعلق بها مصالح دينية أو دنيوية لا ينتظم الأمر إلا بحصولها فطلب الشارع تحصيلها لا تكليف واحد منها بعينه بخلاف العين وإذا قام به من فيه كفاية سقط الحرج عن الباقين أو أزيد على من يسقط به فالكل فرض أو تعطل أثم كل من قدر عليه إن علم به وكذا إن لم يعلم إذا كان قريبا منه يليق به البحث والمراقبة ويختلف بكبر البلد وقد ينتهي خبره إلى سائر البلاد فيجب عليهم وللقائم به مزية على القائم بالعين لإسقاط الحرج عن المسلمين بخلافه ومن ثم ادعى إمام الحرمين ووالده والأستاذ أبو إسحاق الإسفرايني أنه أفضل

(١/٤١٠)

من فرض العين وحكاه أبو علي السنجي عن أهل التحقيق والمتبادر إلى الأذهان خلافه وفروض الكفاية كثيرة منها تجهيز الميت غسلا وتكفينا وحملا وصلاة عليه ودفنا ويسقط جميعها بفعل واحد وفي الصلاة وجه أنه يجب اثنان وآخر ثلاثة وآخر أربعة ولا تسقط بالنساء وهناك رجال

ومنها الجماعة في الأصح وإنما تسقط بإقامتها بحيث يظهر الشعار في البلد فإن كان صغيرا كفى إقامتها في موضع واحد وإلا فلا بد من إقامتها في كل محلة

ومنها الأذان والإقامة على وجه اختاره السبكي وإنما يسقط بإظهارهما في البلد أو القرية بحيث يعلم به جميع أهلها لو أصغوا ففي القرية يكفي الأذان الواحد وفي البلد لا بد منه في مواضع وعلى هذا قال في شرح المهذب الصواب وظاهر كلام الجمهور إيجابه لكم صلاة وقيل يجب في اليوم والليلة مرة واحدة ولنا وجه أنه فرض كفاية في الجمعة دون غيرها لأنه دعاء إلى الجماعة والجماعة واجبة في الجمعة مستحبة في غيرها فالدعاء إليها كذلك وعلى هذا فالواجب فيها هو الذي بين يدي الخطيب أو يسقط بالأول فيه وجهان

ومنها تعلم أدلة القبلة على ما صححه النووي

ومنها صلاة العيد على وجه

ومنها صلاة الكسوف على وجه حكاه في الحاوي وجزم به الخفاف في الخصال

ومنها صلاة الاستسقاء على وجه حكاه في الكفاية

ومنها إحياء الكعبة كل سنة بالحج قال الرافعي هكذا أطلقوه وينبغي أن تكون العمرة كالحج بل الاعتكاف والصلاة في المسجد الحرام فإن التعظيم وإحياء البقعة يحصل بكل ذلك واستدركه النووي بأن ذلك لا يحصل مقصود الحج فإنه يشتمل على الرمي والوقوف والمبيت بمزدلفة ومنى وإحياء تلك البقاع بالطاعات وغير ذلك

(١/٤١١)

قال في المهمات وكلام النووي لا يلاقي كلام الرافعي فإن الكلام في إحياء الكعبة لا في إحياء هذه البقاع قال وإن كان المتجه في الصلاة والاعتكاف ما ذكره النووي فإنه ليس فيهما إحياء الكعبة ولو كان الاعتكاف داخلها لعدم الاختصاص قال والمتجه أن الطواف كالعمرة وأجاب البلقيني عن بحث الرافعي بأن المقصود الأعظم ببناء البيت الحج فكان إحياؤه به بخلاف العمرة والاعتكان والصلاة والطواف قال في شرح المهذب ولا يشترط عدم مخصوص بل الفرض حجها في الجملة وقال الأسنوي وغيره المتجه اعتبار عدد يظهر به الشعار تنبيهان الأول علم مما نقرر أن إحياء الكعبة كل سنة بالحج فرض كفاية وأن فرض الكفاية إذا قام به زيادة على من يسقطه فالكل فرض أنه لا يتصور وقوع الحج نفلا وأن قاعدة إن الفعل لا يجب إتمامه بالشروع غير منقوضة الثاني إن ثبت ما تقدمت الإشارة إليه من أن العمرة لا يحصل بها الإحياء زال الإشكال في كون الطواف أفضل منها لكونها تقع من المتطوع نفلا ومسألة التفضيل بين الطواف والعمرة مختلف فيها وألف فيها المحب الطبري كتابا قال فيه ذهب قوم من أهل عصرنا إلى تفضيل العمرة ورأوا أن الاشتغال بها أفضل من الطواف وذلك خطأ ظاهر وأدل دليل على خطئه مخالفة السلف الصالح فإنه لم ينقل تكرار العمرة عن النبي صلى اللّه عليه وسلم ولا عن الصحابة والتابعين وقد روى الأزرقي أن عمر بن عبدالعزيز سأل أنس بن مالك الطواف أفضل أم العمرة فقال الطواف وقد طاووس الذين يعتمرون من التنعيم ما أدري يؤجرون أم يعذبون قيل لم قال لأن أحدهم يدع الطواف بالبيت ويخرج إلى أربعة أميال ويجيء وقد ذهب أحمد إلى كراهة تكرارها في العام ولم يذهب أحد إلى كراهة تكرار الطواف بل أجمعوا على استحبابه

(١/٤١٢)

وهذا الذي اختاره من يفضل الطواف عليها هو الذي نصره ابن عبدالسلام وأبو شامة وحكى بعضهم في التفضيل بينهما احتمالات ثالثها إن استغرق زمان الاعتمار فالطواف أفضل وإلا فهي أفضل وقال في الخادم يحتمل أن يقال إن حكاية الخلاف في التفضيل لا تتحقق فإنه إنما يقع بن متساويين في الوجوب والندب فلا تفضيل بين واجب ومندوب ولا شك أن العمرة لا تقع من المتطوع إلا فرض كفاية والكلام في الطواف المسنون نعم إن قلنا إن إحياء الكعبة يحصل بالطواف كما يحصل بالحج والاعتمار وقع الطواف أيضا فرض كفاية لكنه بعيد اه قال المحب الطبري والمراد بكون الطواف أفضل الإكثار منه دون أسبوع واحد فإنه موجود في العمرة وزيادة قلت ونظيره ما في شرح المهذب أن قولنا الصلاة أفضل من الصوم المراد به الإكثار منها بحيث تكون غالبة عليه وإلا فصوم يوم أفضل من صلاة ركعتين بلا شك ومن فروض الكفاية الجهاد حيث الكفار مستقرون في بلدانهم ويسقط بشيئين أحدهما أن يحصن الإمام الثغور بجماعة يكافئون من بإزائهم من الكفار الثاني أن يدخل الإمام دار الكفار غازيا بنفسه أو بجيش يؤمر عليهم من يصلح لذلك وأقله مرة واحدة في كل سنة فإن زاد فهو أفضل ولا يجوز إخلاء سنة عن جهاد إلا لضرورة بأن يكون في المسلمين ضعف وفي العدو كثرة ويخاف من ابتدائهم الاستئضال لعذر بأن يعز الزاد وعلف الدواب في الطريق فيؤخر إلى زوال ذلك أو ينتظر لحاق مدد أو يتوقع إسلام قوم فيستميلهم بترك القتال

ومنها التقاط المنبوذ

ومنها اللقطة على وجه

ومنها رد السلام حيث المسلم عليه جماعة

ومنها دفع ضرر المسلمين ككسوة عار وإطعام جائع إذا لم يندفع بزكاة وبيت مال وهل يكفي سد رمق أو لا بد من تمام الكفاية التي يقوم بها من يلزمه نفقته خلاف قال في المهمات الأصح الأول

(١/٤١٣)

قال ومحاويج أهل الذمة كالمسلمين وصرح به القمولي في الجواهر ويختص الوجوب بأهل الثروة

ومنها إغاثة المستغيثين في النائبات ويختص بأهل القدرة

ومنها فك الأسرى ذكره الزركشي نقلا عن التجريد لا بن كج

ومنها إقامة الحرف والصنائع وما تتم به المعايش كالبيع والشراء والحرث وما لا بد منه حتى الحجامة والكنس

ومنها تحمل الشهادة وأداؤها وتولي الإمامة والقضاء وإعانة القضاة على استيفاء الحقوق

ومنها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولا يختص بأرباب الولايات ولا بالعدل ولا بالحر ولا بالبالغ ولا يسقط بظن أنه لا يفيد أو علم ذلك عادة مالم يخف على نفسه أو ماله أو على غيره مفسدة أعظم من ضرر المنكر الواقع

ومنها النكاح عده بعض أصحابنا فرض كفاية حتى لو امتنع منه أهل قطر أجبروا حكاه في شرح الروضة وجزم به في الوسيط ومال السبكي إلى قتالهم وإن قنعوا بالتسري مع تضعيفه القول بأنه فرض كفاية لكن قال القمولي في الجواهر الظاهر أن المراد بكونه فرض كفاية ما إذا طلبه رجل فإنه يجب على نساء البلد إجابته ويسقط بواحدة وكذا على الأولياء المجبرين وخطأه في الخادم وقال المراد تركه للأمة لانقطاع النسل

ومنها تعليم الطالبين والافتاء ولا يكفي في إقليم مفت واحد والضابط أن لا يبلغ ما بين مفتيين مسافة القصر قال الفزاري ولا يستغنى بالقاضي عن ا لمفتي لأن القاضي يلزم من وقع إليه عند التنازع والمفتي يرجع إليه المسلم في جميع أحواله العارضة

ومنها إسماع الحديث

ومنها تصنيف الكتب أشار إليه البغوي في أول التهذيب وقال الزركشي في قواعده من فرض الكفاية تصنيف الكتب لمن منحه اللّه فهما واطلاعا ولن تزال هذه الأمة مع قصر أعمارها في ازدياد وترق في المواهب والنوادر والعلم لا يحل كتمه فلو ترك التصنيف لضيع العلم على الناس

ومنها القيام بإقامة الحجج وحل المشكلات في الدين وبعلوم الشرع وهي التفسير والحديث والفقه بحيث يصلح للقضاء والإفتاء وآلاتها كالأصول

(١/٤١٤)

والنحو والصرف واللغة وأسماء الرواة والجرح والتعديل واختلاف العلماء واتفاقهم والطب والحساب المحتاج إليه في المعاملات والإرث والوصايا ونحوها وإنما يتوجه ذلك على أهل القضاء غير بليد له ما يكفيه ويدخل الفاسق ولا يسقط به ولا يدخل العبد والمرأة وفي سقوطه بهما وجهان

ومنها حفظ القرآن والحديث ذكره في شرح المهذب وعبر العبادي في الزيادات والجرجاني في الشافي بحفظ جميع القرآن وعبر الماوردي بنقل السنن وعد الشهرستاني في الملل والنحل الاجتهاد من فروض الكفايات قال فلو استغل بحصيله واحد سقط الفرض عن الجميع وإن قصر فيه أهل عصر عصوا بتركه وأشرفوا على خطر عظيم فإن الأحكام الاجتهادية إذا كانت مترتبة على الاجتهاد ترتب المسبب على السبب ولم يوجد السبب كانت الأحكام عاطلة والآراء كلها متماثلة فلا بد إذن من مجتهد انتهى قاله الزركشي ومن فروض الكفايات جهاد النفس قال الشيخ علاء الدين للباجي جهاد النفس فرض كفاية على المسلمين البالغين العاقلين ليرقى بجهادها في درجات الطاعات ويظهر ما استطاع من الصفات ليقوم بكل إقليم رجل من أهل الباطن كما يقوم به رجل من علماء الظاهر كل منهما يعين المسترشد على ما هو بصدده فالعالم يقتدى به والعارف يهتدى به وهذا مالم يستول على النفس طغيانها وإنهماكها في عصيانها فإن كان كذلك صار اجتهادها فرض عين بكل ما استطاع فإن عجز استعان عليها بمن يحصل له المقصود من علماء الظاهر والباطن بحسب الحاجة وهو أكبر الجهادين إلى أن ينصره اللّه تعالى خاتمة العلوم تنقسم إلى ستة أقسام أحدها فرض كفاية وقد مر

(١/٤١٥)

والثاني فرض عين وهو ما يحتاج إليه العامة في الفرائض كالوضوء والصلاة والصوم إنما يتوجه بعد الوجوب فإن كان بحيث لو ثبر إلى دخول الوقت لم يتمكن لزمه التعلم قبله كما يلزم بعيد الدار السعي إلى الجمعة قبل الوقت وما كان على الفور فتعلمه على الفور ومالا فلا وإنما يلزم تعلم الظواهر لا الدقائق والنوادر ومن له مال زكوى يلزمه ظواهر أحكام الزكاة ومن يبيع ويشتري يلزمه تعلم أحكام المعاملات ومن له زوجة يلزمه تعلم أحكام عشرة النساء وكذا من له أرقاء وكذا معرفة ما يحل وما يحرم من مأكول ومشروب وملبوس وأما علم الكلام فليس عينا قال الإمام ولو بقي الناس على ما كانوا عليه لنهينا عن التشاغل به أما إذ ظهرت البدع فهو فرض كفاية لإزالة الشبه فإن ارتاب أحد في أصل منه لزمه السعي في إزاحته قال في شرح المهذب قإن فقد الأمران فحرام والواجب في الاعتقاد التصديق الجازم بما جاء به القرآن والسنة وأما علم القلب ومعرفة أمراضه من الحسد والعجب والرياء ونحوها فقال الغزالي إنها فرض عين وقال غيره من رزق قلبا سليما منها كفاه وإلا فإن تمكن من تطهيره بغيره لزمه وإن لم يتمكن إلا بتعلمه وجب الثالث مندوب كالتبحر في العلوم السابقة بالزيادة على ما يحصل به الفرض الرابع حرام كالفلسفة والشعبذة والتنجيم والرمل وعلوم الطبائعيين والسحر هذا مافي الروضة ودخل في الفلسفة المنطق وصرح به النووي في طبقاته وابن الصلاح في فتاويه وخلائق آخرون

(١/٤١٦)

ومن هذا القسم علم الحرف صرح به الذهبي وغيره والموسيقى نقل ابن عبدالبر الإجماع عليه الخامس مكروه كأشعار المولدين في الغزل والبطالة السادس مباح كأشعارهم التي لا سخف فيها ولا ما يثبط عن الخير ولا يحث عليه ذكر هذه الأقسام النووي في الروضة وغيرها فقد استكمل العلم أقسام الأحكام الخمسة ونظيره في الأقسام المذكورة النكاح فإنه يكون فرض كفاية كما تقدم وفرض عين على من خاف العنت ومندوبا لتائق إليه واجد أهبة ومكروها لفاقد الأهبة والحاجة أو واجدها وبه علة كهرم أو تعنين أو مرض دائم ومباحا لواجد الأهبة غير محتاج ولا علة وحراما لمن عنده أربع ونظيره في تلك أيضا القتل فإنه يكون فرض عين على الإمام في الردة والحرابة وترك الصلاة والزنا وفرض كفاية في الجهاد والصيال على بضع ومندوبا في الحربي إذا قدر عليه ولا مصلحة في استرقاقه والصائل حيث الدفع أولى من الاستسلام ومكروها في الأسير حيث في استرقاقه مصلحة وحراما في نساء أهل الحرب وصبيانهم ومنه القتل العمد العدوان ومباحا في القصاص وله قسم سابع وهو مالا يوصف بواحد من الستة وهو قتل الخطأ وقريب من ذلك الطلاق فإنه يكون واجبا وهو طلاق الحكمين والمولى ومندوبا وهو طلاق من خاف أن لا يقيم حدود اللّه في الزوجية ومن رأى ريبة يخاف معها على الفرش وحراما وهو البدعي وطلاق من قسم لغيرها ولم يوفها حقها من القسم ومكروها وهو ما سوى ذلك ففي الحديث أبغض الحلال إلى اللّه الطلاق ولا يوجد فيه مباح مستوى الطرفين هكذا حكاه النووي عن الأصحاب في شرح مسلم قال العلائي ويمكن أن يوجد عند تعارض مقتضى الفراق وضده في رأي الزوج

(١/٤١٧)

فصل قال الشاشي في الحلية ليس لنا سنة على الكفاية إلا ابتداء السلام فلو لقي جماعة واحدا أو جماعة فسلم واحد منهم كفى لأداء السنة واستدرك عليه أشياء منها تشميت العاطس صرح أصحابنا بأنه سنة على الكفاية كابتداء السلام

ومنها التسمية على الأكل فلو سمى واحد من الآكلين أجزأ عنهم نقله في الروضة عن نص الشافعي

ومنها الأضحية إذا ضحى بشاة واحد من أهل البيت تأدى الشعار بها والسنة عن جميعهم

ومنها ما يفعل بالميت مما ندب إليه

ومنها الأذان والإقامة على الأصح قلت الظاهر أنهما سنتا عين وإلا لعدت الجماعة على القول بأنها سنة والعيد والكسوف والاستسقاء ومما يصلح أن يعد منها ما تقدم من العلم أنه مندوب وتلقين الميت إذا أرتج عليه ولم أر من تعرض لذلك القول في أحكام السفر قال النووي رخص السفر ثمانية القصر والجمع والفطر والمسح أكثر من يوم وليلة ويختص بالطويل والتنقل على الراحلة وإسقاط الجمعة وأكل الميت وإسقاط الفرض بالتيمم ولا يختص به واستدرك عليه أخرى وهي عدم القضاء لمن سافر بها معه وقد تقدم بأبسط من ذلك في القاعدة الثالثة من الكتاب الأول عند الكلام على التخفيفات ونزيد هنا أن السفر اختص بأمور أخرى غير التخفيفات منها عدم صحة الجمعة

ومنها تحريمه على المرأة إلا مع زوج أو محرم للحديث وسواء السفر الطويل والقصير كما في شرح المهذب والمباح والواجب ومن ثم لم يجب عليها الحج

(١/٤١٨)

ولا التغريب في الزنا إذا امتنع الزوج أو المحرم من الخروج نعم أقيم مقامهما في الحج النسوة الثقات والتعبير بالثقات يخرج غيرهن وبالنسوة تخرج المرأة الواحدة فلا يجب الخروج للحج معها لكن يجوز أن يخرج معها لأداء حجة الإسلام على الصحيح في شرح المهذب قال الأسنوي فهما مسألتان إحداهما شرط وجوب حجة الإسلام والثانية جواز الخروج لأدائها وقد اشتبهتا على كثير حتى توهموا اختلاف كلام النووي في ذلك وليس لها أن تخرج لحج التطوع وغيره من الأسفار التي لا تجب على المرأة الواحدة بل ولا مع النسوة الخلص عند الجمهور ونص عليه الشافعي كما قاله في شرح المهذب وصححه في أصل الروضة قال الأسنوي ولا شك أن لها الهجرة من بلاد الكفر وحدها فعلى هذا تستثنى هذه المسألة من أصل القاعدة

ومنها تحريمه على الولد إلا بإذن أبويه ويستثنى السفر لحج الفرض ولتعلم العلم وللتجارة

ومنها تحريمه على المديون إلا بإذن غريمه بشرط أن يكون الدين حالا وقيل يمنع في المؤجل من سفر مخوف

ومنها وجوب طواف الوداع على مريده من مكة قال في شرح المهذب وسواء الطويل والقصير

ومنها جواز إيداع المودع الوديعة عند غيره إذا أراد سفرا ولم يجد المالك ضابط مسافة القصر في حكم البعيد وما دونها في حكم الحاضر إلا في صور الأولى نقل الزكاة الثانية عدم وجوب الحج على من لا يطيق المشي الثالثة إحضار المكفول الرابعة إذا أراد أحد الأبوين سفر نقلة فالأب أولى مطلقا فائدة الأبنية تعتبر في صلاة الجمعة ورخص السفر الثمانية وعد تحريم الاستقبال والاستدبار لقاضي الحاجة وفي بيع القرية وفي حكم قاضي البلد

(١/٤١٩)

ضابط حيث أطلق في الشرع البعيد فالمراد به مسافة القصر إلا في رؤية الهلال فالبعد فيه اختلاف المطالع على ما صححه النووي ضابط تعتبر مسافة القصر في غير الصلاة في الجمع والفطر والمسح ورؤية الهلال على ما صححه الرافعي وحاضري المسجد الحرام ووجوب الحج ماشيا وتزويج الحاكم موليه الغائب ويختص ركوب البحر بأحكام منها تحريمه وإسقاطه الحج حيث كان الغالب الهلاك وفي فتاوى البارزية أنه لا يجوز لغير الأب والجد إركاب الطفل البحر وإن غلبت السلامة وأنه يجوز لهما لوفور شفقتهما القول في أحكام الحرم اختص حرم مكة بأحكام الأول لا يدخله أحد إلا بحج أو عمرة وجوبا أو استحبابا الثاني لا تقاتل في البغاة على رأي الثالث يحرم صيده الرابع يحرم قطع شجره منهما ويشاركه فيهما حرم المدينة الخامس يمنع كل كافر من دخوله مقيما كان أو مارا السادس لا تحل لقطته للتملك السابع يحرم إخراج أحجاره وترابه إلى غيره الثامن يكره إدخال أحجار غيره وترابه إليه التاسع يختص نحر الهدايا والفداء به العاشر يجب قصده بالنذر بخلاف ما سواه الحادي عشر لو نذر الذبح فيه تعين بخلاف ما لو نذره بغيره فيذبح حيث شاء الثاني عشر لا يؤذن فيه لمشرك ولا يدفن فيه فإن دفن نبش وأخرج الثالث عشر تغلظ الدية على قاتل الخطأ فيه الرابع عشر لا دم على أهله في تمتع ولا قران

(١/٤٢٠)

الخامس عشر لا يجوز إحرام المقيم به بحج خارجه السادس عشر لا يكره فيه نافلة بوقت السابع عشر يسن الغسل لدخوله ويشاركه في ذلك حرم المدينة كما صرح به النووي في مناسكه الثامن عشر مضاعفة الصلاة فيه التاسع عشر مضاعفة السيئات فيهما كما تضاعف الحسنات العشرون الهم بالسيئة فيه مؤاخذ به ولا يؤاخذ به في غيره القول في أحكام المساجد هي كثيرة جدا وقد أفردها الزركشي بالتصنيف وأنا أسردها هنا ملخصة فمنها تحريم المكث فيه على الجنب والحائض ودخوله على حائض وذي نجاسة يخاف منها التلويث ومن ثم حرم إدخاله الصبيان والمجانين حيث غلب تنجيسهم وإلا فيكره كما في زوائد الروضة والشهادات وحرم أيضا دلك النعل به لأنه تنجيس أو تقذير ذكره في شرح المهذب في الصلاة وذكر فيه أيضا أنه يحرم إدخاله النجاسة وفي فتاويه يحرم قتل قملة ونحوها وإلقاؤها فيه وفي الروضة يحرم البول فيه ولو في إناء بخلاف القصد فيه في إناء فيكره ولا يحرم وفي فتاوى القفال يمنع من تعليم الصبيان فيه

ومنها يحرم أخذ شيء من أجزائه وحجره وحصاه وترابه وزيته وشمعه ذكره في شرح المهذب

ومنها تحريم البصاق فيه كما جزم به في شرح المهذب والتحقيق والقمولي في الجواهر وفي المهمات أن الموجود للأصحاب هو الكراهة قال كما في شرح المهذب ومن بدره البصاق بصق في طرف ثوبه من الجانب الأيسر قال ويسن لمن رأى بصاقا فيه أن يزيله بدفنه في تراب المسجد فإن لم يكن له تراب أخذه بيده أو بعود ونحوه وأخرجه من المسجد

ومنها كراهة دخوله لمن أكل ذا ريح كريهة والبيع والشراء فيه وسائر العقود وإن

(١/٤٢١)

قل إلا لحاجة ونشدة الضالة والأشعار إلا ما كان في الزهد ومكارم الأخلاق وعمل الصنعة فيه كالخياطة ونحوها إن جعله مقعدا لها أو أكثر رفع الصوت فيه والخصومة والجلوس فيه للقضاء

ومنها يسن كنسه وتنظيفه وتطييبه وفرشه والمصابيح فيه وتقديم اليمنى عند دخوله واليسرى عند خروجه

ومنها أنه لا يمنع ستره بالحرير صرح به الغزالي وابن عبد السلام أحكام يوم الجمعة اختص بأحكام صلاة الجمعة والجماعة فيها وكونها بأربعين والخطبة وقراءة السورة المخصوصة فيها وتحريم السفر قبلها والغسل لها والطيب ولبس أحسن الثياب وإزالة الظفر والشعر وتبخير المسجد والتبكير والاشتغال بالعبادة حتى يخرج الخطيب ولا يسن الإبراد بها وقراءة ألم تنزيل و هل أتى في صبحه والجمعة والمنافقون في عشاء ليلته والكافرون والإخلاص في مغرب ليلته وكراهة إفراده بالصوم وكراهة إفراد ليلته بالقيام وقراءة الكهف ونفي كراهة النافلة وقت الاستواء وهو خير أيام الأسبوع ويوم عيد وفيه ساعة الإجابة ويجتمع فيه الأرواح وتزار فيه القبور ويأمن الميت فيه من عذاب القبر ولا تسجر فيه جهنم ويزور أهل الجنة فيه ربهم سبحانه وتعالى