٥ باب ما يلزم الوفاء به الخ إنما أخر الكلام على النذر تأخيرا لما أوجبه العبد على نفسه عما أوجبه الحق جل وعلا عليه قوله ( وغيرهما ) كالعتق والإعتكاف قوله ( من القربات ) خرج النذر بمعصية فلا وفاء به بل يحرم فعلها قوله ( لزمه الوفاء به ) أي على طريق الوجوب على قول وقدمه صاحب التنوير في الصوم وقال الأكمل وغيره هو فرض على الأظهر وأجاب الأول عن آية وليوفوا نذورهم بأنه دخلها التخصيص كالنذر بعيادة المريض وتجديد الوضوء لكل صلاة قال الزيلعي وبمثله يثبت الوجوب لا الفرضة قوله ( والإجماع على وجوب الإيفاء به ) أي في غير نذر اللجاج فإن بعض الأئمة لا يوجب الإيفاء به واللجاج واللجاجة الخصومة فمن نسب إلى الإمام أحمد رضي اللّه عنه القول بعدم الوجوب مطلقا فليس بمصيب وهو يحتمل أن يكون مبتدأ وما بعده خبرا أو مجرورا عطفا على لقوله قوله ( وبه ) أي بالإجماع قوله ( بافتراضه ) أعلم أن في وجوب الإيفاء وافتراضه عملا قولين مرجحين ومرا قوله ( وفي لغة قتل ) الثمرة تظهر في المضارع قوله ( أن يكون من جنسه واجب ) أي فرض كما صرح به صاحب التنوير تبعا للبحر والدرر قاله صاحب الدرقي الأيمان قوله ( لوصفه ) أي العارض له وهو الأعراض عن ضيافة اللّه تعالى قوله ( لا لغيره ) يأتي محترز ذلك قريبا قوله ( كالصلوات الخمس ) انظر ما لو نذر أن يؤديها أول أوقاتها والظاهر عدم وجوب الإيفاء لأن الوجوب متحقق قبله وإن كان موسعا قوله ( وقد زيد شرط رابع ) وزيد أيضا أن لا يكون ما التزمه أكثر مما يملكه أو ملكا لغيره وفي القنية نذر التصدق على الأغنياء لم يصح ما لم ينو أبناء السبيل ولو نذر التسبيحات دبر الصلوات لم تلزمه ولو نذر أن يصلي على النبي صلى اللّه عليه وسلم كل يوم كذا لزمه وقيل لا ا ه در قوله ( أمس اليوم ) الأولى حذف اليوم قوله ( وكذا لو قال اليوم أمس ) الأولى حذف أمس قوله ( فلا يلزم الخ ) لم يرتب في أخذ المحترزات قوله ( ولا قراءة القرآن ) كذا في كبيره وفيه أن القراءة من جنسها فرض وواجب وتقصد لذاتها وليست واجبة قبل وعلل عدم الوجوب في القهستاني بأن لزومها للصلاة لا لعينها قوله ( كحل الصلاة ) أدخلت الكاف مس المصحف قوله ( ولا عيادة المريض ) وكذا لا يصح بتكفين الميت والصلاة عليه لأنها من فروض الكفاية وهو فوق الواجب كذا في السيد وهو بناء منه على أن النذر واجب بالوجوب المصطلح عليه وإنما لم يصح النذر بهما لأن الناذر ممن خوطب بهما قوله ( معتبر بإيجاب اللّه تعالى ) فما كان من جنسه عبادة أوجبها اللّه تعالى صح نذره وإلا لا قوله ( المريض ) أي من حيث هو قوله ( على مخارف ) بالفاء جمع مخرفة بوزن مرحلة البستان أفاده في القاموس أي أنه فعل ما يوصله إلى بساتين الجنة قوله ( بل مراعاة حق فلان ) هو المقصود له قوله ( فلا يصح التزامه ) منه يؤخذ عدم صحة النذر للأموات قال في الدر واعلم أن النذر الذي يقع للأموات من أكثر العوام وما يؤخذ من الدراهم والشمع والزيت ونحوها إلى ضرائح الأولياء الكرام تقربا إليهم فهو باطل وحرام ا ه قال في البحر لوجوه منها أنه نذر لمخلوق ولا يجوز لأنه عبادة والعبادة لا تكون لمخلوق ومنها أن المنذور له ميت والميت لا يملك ومنها أنه إن ظن أن الميت يتصرف في الأمور دون اللّه تعالى كفر اللّهم إلا أن يقول يا للّه إني نذرت لك أن شفيت مريضي أو رددت غائبي أو قضيت حاجتي أن أطعم الفقراء الذين بباب السيدة نفيسة أو الفقراء الذين بباب الإمام الشافعي رضي اللّه عنه أو الإمام الليث أو اشترى حصرا لمساجد هم أو زيتا لوقودها أو دراهم لمن يقوم بشعائرها إلى غير ذلك مما يكون فيه نفع للفقراء والنذر للّه عز وجل وذكر الشيخ إنما هو بيان لمحل صرف النذر لمستحقيه القاطنين برباطه أو مسجده فيجوز بهذا الاعتبار إذ مصرف النذر الفقراء وقد وجد ولا يجوز أن يصرف ذلك إلى غنى غير محتاج إليه ولا لشريف منصب لأنه لا يحل له الأخذ ما لم يكن محتاجا فقيرا ولا لذي نسب لأجل نسبه ما لم يكن فقيرا ولا لذي علم لأجل علمه ما لم يكن فقيرا ولم يثبت في الشرع جواز الصرف للأغنياء للإجماع على حرمة النذر للمخلوق ولا ينعقد ولا تشتغل به الذمة وأنه حرام بل سحت ا ه قوله ( ولا يصح نذر الواجبات ) الأولى أن يقول ولا تلزم الواجبات وقول المصنف بعد بنذرها راجع إلى ما قبله أيضا لأنه بصدد تعداد ما لا يلزم بالنذر وإن كان عدم الصحة يفيده قوله ( لأن إيجاب الواجب محال ) ولأن إيجاب العبد دون إيجاب اللّه تعالى فلا يظهر أثره معه كذا في الشرح قوله ( لما بينا ) أي من الشروط والعلل المذكورة في كل قوله ( وهو القعدة الأخيرة في الصلاة ) لأنها لبث ومنهم من جعل جنس الواجب في الاعتكاف الوقوف بعرفة أفاده السيد ومنه يعلم أن المراد من قوله أن يكون من جنسه واجب الجنسية بحسب الإطلاق أي وإن لم يتحدا صورة فإن الاعتكاف لا يلزمه الجلوس بخلاف القعدة الأخيرة قوله ( فأصل المكث ) قد علمت أن الاعتكاف لا يلزمه المكث لكنه الغالب فيه اللّهم إلا أن يراد به الإقامة قوله ( بهذه الصفة ) أي بصفة الوجوب قوله ( والاعتكاف انتظار للصلاة ) أي أن ذلك من جملة ما يقصد به كما سيأتي إن شاء اللّه تعالى قوله ( والحج ماشيا ) بالجر عطفا على قوله بالعتق قوله ( فالمشي بصفة مخصوصة ) وهو المنذور في الحج قوله ( فيقضيانه الخ ) أي أو بعد الرضا منهما قوله ( وليس للمولى منع المكاتب ) أي من الاعتكاف لأنه في تصرفاته كالحر قوله ( والتصدق بالمال ) أي بقدر ما في يده وهو ماله كما مر قوله ( والذبح ) قال في التنوير وشرحه ولو قال إن برئت من مرضي هذا ذبحت شاة أو على شاة أذبحها فبرىء لا يلزمه شيء لأن الذبح ليس من جنسه فرض بل واجب كالأضحية فلا يصح إلا ذا زاد وأتصدق بلحمها فيلزمه لأن الصدقة من جنسها فرض وهي الزكاة فتح وبحر ا ه فكلام المصنف على إطلاقه ليس مما ينبغي قوله ( لظهور جنسها ) الأولى للزوم جنسها قوله ( يريد كونه ) أي حصوله ووجوده قوله ( لما تلونا ) أي من الآية قوله ( وروينا ) أي من الحديث وقد ذكرهما أول الباب قوله ( لقوله صلى اللّه عليه وسلم الخ ) ولأنه نذر بظاهره يمين بمعناه لأن مراده المنع فيخير ضرورة قال في البحر بعد نقله اعلم أن هذا التفصيل وإن كان قول المحققين ليس له أصل في الرواية لأن المذكور في ظاهر الرواية لزوم الوفاء بالمنذور منجزا أو معلقا في رواية النوادر يتخير فيهما بين كفارة اليمين وبين الوفاء قال في الخلاصة وبه يفتي فتحصل أن الفتوى على التخيير مطلقا كذا بخط بعض الفضلاء نقله أبو السعود في حاشية الأشباه وأفاد قبله أن التخيير بالنسبة لما لو كان يحج أو صوم أو صدقة يعني أما إذا كان بنحو تعليق طلاق وعتق وإيلاء فيقع المعلق فقط ولا تخيير قوله ( وحمل على ما ذكرناه ) أي من النذر المعلق على شرط لا يريد كونه قوله ( يحقق تصور الصوم منهيا ضرورة ) وذلك لأنه إذا كان المنهي عنه لا يتصور من الشخص لا يكون للنهي عنه وجه لأنه ليس في مقدوره فلا يقال للمجبوب لا تزن ولا للأعمى لا تبصر لعدم تأتي الفعل المنهي عنه منهما قوله ( والنهي لغيره ) النهي مصدر بمعنى اسم المفعول ومصدوقه هنا الصوم في هذه الأيام ومصدوق الغير الأعراض عن الضيافة والمعنى والمنهي عنه لغيره أي لا لذاته لا ينافي مشروعية ذلك المنهي قوله ( لا ينافي المشروعية ) أي لا يمنع الصحة كالبيع عند الأذان الأول يوم الجمعة فإنه منهي عنه للإخلال بالسعي ومع ذلك إذا عقده يكون صحيحا وليس المراد بالمشروعية أنه مطلوب شرعا فإن الصوم هنا منهي عنه ولا يلزم من صحة النذر كونه عبادة يثاب عليها فإنه يصح بالعتق وهو ليس بعبادة وضعا بدليل صحته من الكافر والمشترط في صحة النذر كونه بغير معصية ولا يلزمه الثواب ويحتمل أن المراد بالمشروعية كونه مطلوبا شرعا فيثاب عليه ويكون صوم هذه الأيام له جهتان جهة امتثال الأمر في قوله تعالى { وليوفوا نذورهم } الحج ٢٢ وهو من هذه الحيثية عبادة يثاب عليها وجهة إيقاعه في هذه الأيام اللازم منه الأعراض وهو من هذه الحيثية يكون حراما ونظيره الصلاة في الأرض المغصوبة وقد تقدم لصاحب النهر ما يفيد ذلك وقول الشرح بعد قلنا المعصية لمعنى الأعراض عن ضيافة اللّه تعالى فلا يمنع الصحة يرشد إلى المعنى الأول قوله ( فصح نذره ) أي نذر الصوم في هذه الأيام وهو مصدر مضاف إلى مفعوله قوله ( وفي رواية ) هي رواية ابن المبارك عن الإمام وبها قال زفر قوله ( لا يصح لأنه نذر بمعصية ) التفت في هذه الرواية إلى العارض الذي أوجب النهي والتفت في ظاهر الرواية إلى أصله فحكم بالصحة قوله ( لمعنى الأعراض ) الإضافة للبيان قوله ( ولذلك ) أي لكون صومها معصية لمعنى الأعراض الخ قوله ( امتثالا للأمر ) أي المأخوذ من النهي فإن النهي عن الشيء أمر بضده على ما فيه من الخلاف وقد نهى النبي صلى اللّه عليه وسلم عن صيامين صوم يوم الأضحى وصوم يوم الفطر كما في الصحيح وفي معجم الطبراني عن ابن عباس أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أرسل أيام منى صائحا يصيح أن لا تصوموا هذه الأيام فإنها أيام أكل وشرب وبعال أي وقاع للنساء قوله ( لئلا يصير بصومها الخ ) علة لوجوب الإفطار ويستغنى عنه بقوله ولذلك قوله ( عن ضيافة الكريم ) أي ولا عذر لمن تأخر عنها بخلاف ضيافة البخيل فإنه قد يتأبى عنها لأن طعام البخيل داء قوله ( أجزأه مع الحرمة ) انظر هل يثاب على صومها فيكون للفعل جهتان أو لا يثاب أصلا نظرا للعارض وقد تقدم ما فيه ولا فرق في الحكم المذكور بين أن يصرح بذكر المنهي بأن قال نذرت صوم النحر أولا كأنه قال على صوم غد فوافق يوم النحر ولو نذر صوم الأضحى وأفطر وقضى صح زاهدي ولو صام فيها عن واجب آخر كالقضاء والكفارة لم يصح لأن ما في الذمة كامل أداه ناقصا نقله السيد قوله ( وألغينا تعيين الزمان الخ ) قال في التنوير وشرحه والنذر من اعتكاف أو حج أو صلاة أو صيام أو غيرهما غير المعلق ولو معينا لا يختص بزمان ومكان ودرهم وفقير فلو نذر التصدق يوم الجمعة بمكة بهذا الدرهم على فلان فخالف جاز وكذا لو عجل قبله فلو عين شهرا للإعتكاف أو للصوم فعجل قبله عنه صح وكذا لو نذر أن يحج سنة كذا فحج سنة قبلها صح أو صلاة يوم كذا فصلاها قبله لأنه تعجيل وجود السبب وهو النذر فيلغو التعيين شرنبلالية فليحفظ بخلاف النذر المعلق فإنه لا يجوز تعجيله قبل وجود الشرط قوله ( في الذمة ) متعلق بإيجاب قوله ( وتعيينه ) أي الزمان ويقاس عليه باقيها قوله ( فيجيزيه صوم شهر رجب الخ ) ذكر صورة التقديم ولم يذكر صورة التأخير والظاهر أنه كذلك لعدم التعيين أو لا إثم قوله ( أو طرو مانع ) كمرض وكبر سن قوله ( وإن كان بإضافته قصد التخفيف ) أي فيعتبر قصده من حيث التخفيف وإن كان لو قدم صح قوله ( أو إخراج ما يجري به الشح ) وهو الأموال قوله ( تعدل ألف صلاة في بيت المقدس ) فهي بألف ألف صلاة في بقية المساجد قوله ( بألف صلاة فيما سواه ) يعم بيت المقدس قوله ( كذا في ترتيب المقاصد الحسنة ) قال فيه بعد أن ذكر هذا الحديث وأحاديث أخر دالة على أن الفضيلة تحصل في الزائد ما نصه وبالجملة ليس فيها ما تقوم به الحجة بل ولا تقوم بمجموعها ولذا صحح النووي اختصاص التضعيف بمسجده الشريف عملا بالإشارة في الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام قوله ( صلاة في مسجدي هذا ) ظاهره يعم النفل والمسئلة خلافية قوله ( فإنه يزيد عليه ) أي فإن الصلاة في المسجد الحرام تزيد على الصلاة في مسجده صلى اللّه عليه وسلم بمائة ألف صلاة منضمة إلى الألف التي بسبب الصلاة فيه قوله ( أن لبعض الأمكنة فضيلة ) أي من حيث ترتب كثرة الثواب على العمل فيها قوله ( فعلى هذا الخ ) لا يظهر إلا في النذر المعلق أما غير المعلق لا يختص بمكان كما قدمه قريبا قوله ( عن موجب ) بفتح الجيم قوله ( على ما يقوله زفر ) أما على قول غيره فتخرج عنه بصلاتها في أي مكان كان وفيه أن زفر يقول بالتعيين من غير نظر لكثرة الثواب كما هو المتبادر عنه قوله ( لا يجزيه عنه ما فعله قبل وجود شرطه ) بقي ما لو وجد الشرط هل يتعين الزمان والمكان والفقير والدرهم والظاهر نعملها في التنوير ثم إن علقه بشرط يريده كان قدم غاثبي يوفي إن وجد ا ه فإنه لا يكون موفيا إلا إذا كان على الوجه المذكور في نذره تتمة النذر لا يدخل تحت الحكم ولو بعتق رقبة في ملكة نذر أن يذبح ولده فعليه شاة لقصة الخليل عليه السلام نذر أن يتصدق بعشرة دراهم من الخبز فتصدق بغيره جاز إن ساوى العشرة كتصدقه بثمنه قال على نذر ولم يزد عليه ولا نية له فعليه كفارة يمين فإن وصل به المشيئة بطل لأنها تبطل كل ما تعلق بالقول عبادة أو معاملة قال إن ذهبت هذه العلة فعلى كذا فذهبت ثم عادت لا يلزمه شيء ا ه من التنوير وشرحه من الإيمان وفيهما من عوارض الصوم واعلم أن صيغة النذر تحتمل اليمين فلذا كانت ست صور ذكرها بقوله فإن لم ينو بنذره الصوم شيئا أو نوى النذر فقط أي من غير تعرض لليمين أو نوى النذر ونوى أن لا يكون يمينا كان في هذه الصور نذرا فقط إجماعا عملا بالصيغة وإن نوى اليمين وأن لا يكون نذرا كان يمينا إجماعا وعليه كفارة يمين أن أفطر وإن نواهما أو نوى اليمين من غير تعرض للنذر كان نذرا ويمينا حتى لو أفطر يجب القضاء للنذر والكفارة لليمين عملا بعموم المجاز خلافا للثاني واللّه سبحانه وتعالى أعلم وأستغفر اللّه العظيم |