٦ باب الاعتكاف وجه المناسبة للصوم والتأخير عنه اشتراط الصوم في بعضه والطلب الأكيد في العشر الأخير من رمضان وهو من الشرائع القديمة لقوله تعالى { أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين } الحج ٢٢ قاله السيد قوله ( هو لغة اللبث ) بفتح اللام وتضم المكث ا ه در قوله ( وهو ) أي الاعتكاف في حد ذاته لا بالمعنى المتقدم لأنه به يناسب اللازم والمعنى أن فعله يأتي لازما ومتعديا قوله ( متعد ) فيكون من باب ضرب ولازم فيكون من باب طلب ذكره السيد قوله ( والهدى معكوفا ) أي محبوسا أي حبسه ومنعه الكفار سنة ست في الحديبية عن أن يبلغ محله وهو الحرم قوله ( لأنه حبس النفس ) أي على طاعة اللّه تعالى وملازمة بيته وقوله ومنعها أي عن الخروج عن المسجد وعن المعاصي قوله ( وشرعا هو الإقامة ) هذا معنى اللازم وقد جعل الاعتكاف في المسجد من المتعدى والظاهر أنه إن اعتبر فيه حبس النفس يأتي من المتعدى وإن اعتبر فيه اللبث والإقامة يكون من اللازم قوله ( بنية ) سيأتي أن النية شرطه فلا يحصل له ثوابه ولا يخرج عن واجبه بدونها قوله ( بالفعل ) ظاهره ولو بكون المقيم لها المعتكف وعبارة التنوير مع شرحه هو لبث ذكر في مسجد هو ماله إمام ومؤذن أديت الخمس فيه أولا وعن الإمام اشتراط أداء الخمس فيه وصححه بعضهم وقال لا يصح في كل مسجد وصححه السروجي وأما الجامع فيصح فيه مطلقا اتفاقا ا ه فما ذكره المؤلف أحد قولين عن الإمام قوله ( ولأنه انتظار الصلاة الخ ) أي فيختص بمكان يصلي فيه بالجماعة كذا في الشرح قوله ( على أكمل الوجوه ) متعلق بمحذوف صفة الصلاة وقوله بالجماعة تصوير لأكمل الوجوه قوله ( على المختار ) هذا مذهب الإمام وقالا يصح في كل مسجد وصححه السروجي قوله ( وعن أبي يوسف الخ ) وجهه ظاهر فإن الواجب لا بد فيه من إقامة الصلاة في المسجد فاشتراط الجماعة له وجه وأما النفل فينتهي بالخروج ولا يلزمه صلاة في المسجد فلا وجه لاشتراط الجماعة فيه قوله ( وللمرأة الأعتكاف في مسجد بيتها ) ولا تخرج منه إذا اعتكفت فلو خرجت لغير عذر يفسد واجبه وينتهي نفله ولو اعتكفت في المسجد فظاهر ما في النهاية أنه يكره تنزيها وينبغي على قياس ما صرحوا به من أن المختار منعهن من الخروج في الصلوات كلها أن لا يتردد في منعهن من الاعتكاف في المسجد قالهالسيد تنبيه أفضل الاعتكاف ما كان في المسجد الحرام ثم في مسجده صلى اللّه عليه وسلم ثم في المسجد الأقصى ثم في الجامع نهر واعلم أن المسجد يتعين بالشروع فيه فليس له أن ينتقل إلى مسجد آخر من غير عذر سيد عن الحموي قوله ( وهي ممنوعة عن حضور المساجد ) يؤيد ما ذكره السيد سابقا قوله ( المسجد المخصوص ) وهو ما تقام فيه الجماعات عند الإمام قوله ( لا البلوغ فيصح) اعتكاف الصبي العاقل ولا تشترط الحرية فيصح من العبد وكذا المرأة بإذن الزوج والمولى منح ولو أذن لها لم يكن له الرجوع لكونه ملكها منافع الاستمتاع بنفسها وهي من أهل الملك بخلاف المملوك لأنه ليس من أهله وقد أعاره منافعه وللمعير الرجوع لكنه يكره لخلف الوعد بحر وكذا لو أذن لها في صوم شهر بعينه وصامت فيه متتابعا ليس له منعها لأنه أذن لها في التتابع كذا في كتابة الدر قوله ( والطهارة الخ ) عطف على قوله المسجد المخصوص فهي شرط صحة وأما النفل بناء على أنه لا يشترط له الصوم وهو المعتمد فهي شرط الحل كما نبه عليه صاحب النهر قوله ( ولا تشترط الطهارة من الجنابة ) أي لصحته بل لحله قوله ( تنجيزا ) كقوله للّه على أن اعتكف كذا قوله ( أو تعليقا ) كقوله إن شفي اللّه مريضي فلانا لاعتكفن كذا قوله ( وسنة كفاية ) قال الزاهدي عجبا للناس كيف تركوا الإعتكاف وقد كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يفعل الشيء ويتركه ولم يترك الاعتكاف منذ دخل المدينة إلى أن مات فهذه المواظبة المقرونة بعدم الترك مرة لما اقترنت بعدم الإنكار على من لم يفعله من الصحابة كانت دليل السنية أي على الكفاية وإلا كانت دليل الوجوب على الأعيان قوله ( لأنه صلى اللّه عليه وسلم ) علة للعلة قوله ( وعن هذا ) أي عن قول جبريل أي لأجله قوله ( وعن أبي حنيفة ) رضي اللّه عنه أي في غير المشهور عنه قوله ( وعندهما كذلك ) أي في رمضان وفائدة الخلاف لو قال لعبده أنت حر ليلة القدر وكان أول ليلة من رمضان فلا يعتق عنده حتى يمضي رمضان الآتي كله لاحتمال أنها في رمضان السابق كانت أول ليلة منه وفي الثاني في آخره وعندهما يعتق بمضي ليلة من رمضان الآتي لأنها إن كانت في الأولى دائما فقد جاءت وإن كانت في غيرها من الليالي بعدها فقد حصلها برمضان السابق قوله ( والمشهور عن الإمام ) وقد روى عن غيره أيضا قال في المحيط والفتوى على قول الإمام لكن قيده بكون الحالف فقيها يعرف الاختلاف وإلا فهي ليلة السابع والعشرين ا ه در قوله ( وذكرت هنا ) أي وإنما ذكرتها هنا مع تقدم الكلام عليها في إحياء الليالي طلبا للثواب أي لأجل طلبي الثواب بسبب التنبيه عليها بالإعادة قوله ( في ذلك الرمضان ) أل للحضور أي رمضان الحاضر الذي أمر جبريل فيه النبي صلى اللّه عليه وسلم أن يلتمسها في عشرة الأخير قوله ( أنها بلجة ) أي مشرقة منيرة وفي القاموس رجل بلج طلق الوجه بسكون اللام والظاهر أن بلجة هنا بالسكون لا بالكسر قوله ( ولا قارة) أي باردة بل متوسطة قوله ( تطلع الشمس الخ ) ذكروا أن الدعاء ليلتها ويومها مستجاب فإن فاته ليلتها أدركه يومها قوله ( كأنها طشت ) بالشين المعجمة والسين بفتح الطاء وكسرها فيهما وقد تبدل التاء سينا وتدغم في السين المهملة مع فتح الطاء وكسرها فهي ست لغات قوله ( وإنما أخفيت الخ ) كما أخفيت ساعة الإجابة يوم الجمعة ليجتهد في جميعه بالعبادة وكما أخفي الولي في الخلق ليحسن الظن بكل مسلم ويتبرك به قوله ( ليجتهد ) بالبناء للفاعل أي المكلف مثلا لقوله بعد فينال قوله ( سوى العشر الأخير ) أي من رمضان فإنه فيه سنة وهو على حذف أي تفسير للضمير في سواه قوله ( والصوم شرط لصحة الاعتكاف المنذور ) فلو قال للّه علي أن اعتكف شهرا بغير صوم عليه أن يعتكف ويصوم بحر قوله ( لأنه من متعلقات اللسان ) بكسر اللام أي لأن النظر مما يتعلق باللسان أي بنطقه فلا يتحقق إلا به قوله ( إلا أن يجعله الخ ) أي يوجبه بالنذر قوله ( لتقديره ) أي النفل قوله ( عليها ) أي على رواية الحسن المأخوذة من روى قوله ( غير محدودة ) دفع بذلك توهم الساعة الفلكية قوله ( أي مارا غير جالس الخ ) لأنه لا بد فيه من لبث ولو قليلا بين الخطوات قوله ( وهو ) أي الاعتكاف بنيته حيلة الخ قوله ( فإنه لا يجوز ) أي جعله طريقا قوله ( لأنه متبرع ) علة لقول المصنف أقله نفلا مدة يسيرة قوله ( والعيدين ) فيه أن العيدين يكره صومهما تحريما وأجيب بأن الواجب عليه عدم الصوم فيقضيه في غيرهما ولكنه لو صام خرج عن العهدة فإذا خرج حينئذ لعذر لا يفسد قوله ( فيخرج في وقت يمكنه إدراكها مع صلاة سنتها قبلها ) يحكم في ذلك رأيه ويسنن بعدها أربعا أو ستا على الخلاف در قوله ( وكره ) فالرجوع إلى الأول أفضل لأن الإتمام في محل واحد أشق على النفس نهر أي فالثواب فيه أكثر وتبعه الحموي وفيه مخالفة لما قدمه عن البرجندي من أن المسجد يتعين بالشروع فيه فليس له أن ينتقل إلى مسجد آخر من غير عذر ا ه إلا أن يقال خروجه لصلاة الجمعة هو العذر المبيح للإنتقال إلى غيره كذا في حاشية السيد قوله ( أو حاجة طبيعية ) أي يدعو إليها طبع الإنسان ولو ذهب بعد أن خرج إليها لعيادة مريض أو صلاة جنازة من غير أن يكون لذلك قصدا جاز بخلاف ما إذا خرج لحاجة الإنسان ومكث بعد فراغه فإنه ينتقض اعتكافه عند الإمام بحر ( واغتسال من جنابة باحتلام ) أما جناية الوطء فمفسدة وفيه أن الغسل من الحوائج الشرعية ولعل عدم إياه من الطبيعية باعتبار سببه كذا في كتابة الدرر وفي التتارخانية عن الحجة لو شرط وقت النذر أن يخرج لعيادة المريض وصلاة الجنازة وحضور مجلس علم جاز ذلك فليحفظ ا ه در قوله ( أو حاجة ضرورية الخ ) قال السيد في شرحه اعلم أن ما ذكره المصنف من عدم فساد الاعتكاف بالخروج لأجل انهدام المسجد وما بعده من الأعذار التي ذكرها هو مذهب الصاحبين وأما عند الإمام فيفسد لأن العذر في هذه المسائل مما لا يغلب وقوعه ا ه وفي الدر المختار وأما ما لا يغلب كإنجاء غريق وانهدام مسجد فمسقط للإثم لا للبطلان وإلا لكان النسيان أولى بعدم الفساد كما حققه الكمال خلافا لما فصله الزيلعي وغيره لكن في النهر وغيره جعل عدم الفساد لانهدامه وبطلان جماعته وإخراجه كرها استحسانا ا ه قوله ( وأداء شهادة تعينت عليه ) فيه أن هذا من الحوائج الشرعية قوله ( لفوات ما هو المقصود منه ) علة لعدم الفساد في هذه المسائل يعني إنما لم يفسد اعتكافه بل يخرج إلى غيره لأن المقصود للمعتكف وهو أداء الصلاة في ذلك المسجد على أكمل الوجوه قد فات قوله ( من المكابرين ) أي المتجبرين من الكبر بمعنى التجبر قوله ( يريد أن لا يكون الخ ) أي وليس المراد إرادة الساعة حقيقة لاحتمال بعد المسافة بين المسجدين قوله ( بلا عذر معتبر ) أي في عدم الفساد فلو خرج لجنازة محرمة أو زوجته فسد لأنه وإن كان عذرا إلا أنه لم يعتبر في عدم الفساد قوله ( ولا إثم عليه به ) أي بالعذر أي وأما بغير العذر فيأثم لقوله تعالى { ولا تبطلوا أعمالكم } محمد ٧٤ قوله ( إذا دام ) أي كل منهما قوله ( وأتمه في المسجد ) أما إذا خرج منه فعليه قضاؤه أيضا لعدم وجود الركن قوله ( ويقضي ما عداه بعد زوال الخ ) أي بالصوم عند القدرة جبرا لما فاته غير أن المنذور إن كان اعتكاف شهر بعينه يقضي قدر ما فسد لا غير ولا يلزمه الاستقبال كما في صوم رمضان وإن كان اعتكاف شهر بغير عينه يلزمه الاستقبال لأنه لزمه متتابعا فيراعي فيه صفة التتابع وتمامه في البحر قوله ( وقالا أن خرج أكثر اليوم الخ ) قالوا وهو الاستحسان فيقتضي ترجيح قولهما بحر وبحث فيه الكمال ورجح قوله لأن الضرورة التي يناط بها التخفيف اللازمة والغالبة وليس هنا كذلك ا ه أي فيكون من المواضع التي يعمل فيها بالقياس كذا في تحفة الأخيار قوله ( وأكل المعتكف الخ ) وله غسل رأسه في المسجد إذا لم يلوثه بالماء المستعمل فإن كان بحيث يتلوث يمنع منه لأن تنظيف المسجد واجب ولو توضأ في المسجد في إناء فهو على هذا التفصيل ا ه بخلاف غير المعتكف فإنه يكره له التوضؤ في المسجد ولو في إناء إلا أن يكون في موضع أعد لذلك لا يصلي فيه وفي الفتح خصال لا تنبغي في المسجد لا يتخذ طريقا ولا يشهر فيه سلاح ولا يقبض فيه بقوس ولا ينثر فيه نبل ولا يمر فيه بلحم نيء ولا يضرب فيه حد ولا يتخذ سوقا رواه ابن ماجه في السنن عنه صلى اللّه عليه وسلم قوله ( يفسد اعتكافه ) لعدم الضرورة در وقيدت هذه الأشياء بالمعتكف لأن غيره يكره له المبايعة فيه مطلقا والأكل والنوم قيل إلا لغريب كما في الأشباه وفي المجتبى ولغير المعتكف أن ينام في المسجد مقيما كان أو غريبا مضطجعا أو متكئا رجلاه إلى القبلة أو إلى غيرها فالمعتكف أولى ا ه لكن قوله رجلاه إلى القبلة محل نظر لما نصوا عليه من كراهة مد الرجل إليها فالحاصل أن في تعاطي هذه الأشياء في المسجد لغير المعتكف قولين والحمد للّه الذي جعل دين الإسلام سهلا لا حرج فيه قوله ( وقيل يخرج بعد الغروب للأكل والشرب ) قال في البحر ينبغي حمله على ما إذا لم يجد من يأتي له به فحينئذ يكون من الحوائج الضرورية ا ه قوله ( وكره إحضار المبيع فيه ) أي تحريما لأنها محل إطلاقهم بحر قوله ( لأن المسجد محرر ) أي مخلص وفي نسخة بالزاي آخره أي محفوظ لأن فيه شغله ولهذا قالوا لا يجوز غرس الأشجار فيه قلت والظاهر أنه لا يكره إحضار المأكول لأنه يتناوله فيه ومثله المشروب فتحمل الكراهة على ما لا يحتاجه لنفسه فيه وفي الحموي عن البرجندي إحضار الثمن أو المبيع الذي لا يشغل في المسجد جائز قوله ( وكره عقد ما كان للتجارة ) وإن لم يحضر المبيع فيه قوله ( ولهذا كره الخياطة ونحوها ) كبيع وشراء وتعليم كتابة بأجر وكل شيء يكره فيه يكره في سطحه كذا في البحر قوله ( مطلقا ) أي سواء حضر المبيع أم لا احتاج إليه أم لا كان للتجارة أم لا كما يفاد من البحر قوله ( وكره الصمت الخ ) سئل الإمام عن بيانه فقال أن يصوم ولا يكلم أحدا ولم يبق صوم الصمت قربة في شريعتنا فإنه منهى عنه قوله ( فلا بأس به ) المراد به أنه مطلوب شرعا ولما كان يتوهم منه أنه مساو لغيره من القراءة ونحوها قال ولكنه يلازم والمراد أن يكون يلازم ذلك غالب أوقاته قوله ( والذكر ) هو وما بعده بالنصب قوله ( وسير النبي صلى اللّه عليه وسلم ) أي ذكر مغازيه وأحواله صلى اللّه عليه وسلم قوله ( وأما التكلم بغير خير فلا يجوز لغير المعتكف ) أي فالمعتكف أولى ورد في الحديث رحم اللّه أمر أتكلم فغنم أو سكت فسلم فيكره التكلم إلا بخير قال في النهر والظاهر أن المباح عند الحاجة إليه خير لا عند عدمها ا ه قوله ( إذا جلس في المسجد لذلك ) أي للكلام المباح ابتداء أي قصدا فأما إذا دخل للصلاة ثم تكلم فلا وبعضهم أطلق قوله ( وحرم الوطء ) ورد أنهم كانوا يخرجون ويقضون حاجتهم في الجماع ثم يغتسلون ويرجعون إلى معتكفهم فنزل قوله تعالى { ولا تباشروهن } البقرة ٢ الآية ويتصور الوطء من المعتكف بأن يخرج لنحو حاجة ضرورية فيجامع فيحرم عليه لأن اسم المعتكف لا يزول عنه بذلك الخروج وليس المراد حرمة الوطء لكونها في المسجد فإنها لا تخص المعتكف ويحتمل أن تكون الزوجة معتكفة في بيتها لا الزوج فيمكن الوطء في غير المسجد وحينئذ يبطل اعتكاف الزوجة حموي عن البرجندي قوله ( فالتحق به اللمس والقبلة ) وجه ذلك أن حرمة الوطء لما ثبتت بصريح النص قويت فتعدت إلى الدواعي بخلاف الحيض والصوم حيث لا تحرم الدواعي فيهما لأن حرمة الوطء لم تثبت بصريح النهي ولكثرة الوقوع فلو حرمت الدواعي لزم الحرج وهو مدفوع قوله ( لأن الجماع محظور فيه ) أي نصا والأولى زيادته والضمير في فيه إلى الاعتكاف وقوله فيتعدى إلى دواعيه لأنها سببه وسبب المحرم محرم قوله ( والحظر ) أي المنع عن الجماع يثبت ضمنا أي لزوما واندراجا لتحقق الركن قوله ( لأن ما ثبت بالضرورة ) وهو الجماع الثابت لأجل تحقق الركن وقوله يقدر بقدرها فلا يتعدى إلى الدواعي لأنه يكفي في تحقق الركن الكف عن الجماع فقط قوله ( وبطل بوطئه ) مطلقا في قبل ودبر قوله ( أو ناسيا ) بخلاف ما لو أكل ناسيا حيث لا يفسد اعتكافه لبقاء الصوم والأصل أن ما كان من محظورات الاعتكاف وهو ما منع منه لأجل الاعتكاف لا لأجل الصوم لا يختلف فيه السهو والعمد والليل والنهار كالجماع وكذا الخروج وما كان من محظورات الصوم وهو ما منع منه لأجل الصوم يختلف فيه العمد والسهو والليل والنهار كالأكل أو الشرب نقله السيد عن حاشية المؤلف والجماع وإن منع منه لأجل الصوم لكن لا كالمنع للاعتكاف فإنه يخص النهار قوله ( أو مكروها الخ ) الأولى أو مكرها قوله ( لأن له حالة مذكرة ) وهي كونه في المسجد وقوله كالصلاة المذكر فيها كونه محرما قارئا مستقبلا والمذكر في الحج التجرد عن اللباس وتجنب الطيب قوله ( والحج ) فإنه يبطل إحرامه بالوطء وبالإنزال بدواعيه ولو كان ناسيا بخلاف الصوم فإنه لا يبطل بفعل ذلك ناسيا لعدم المذكر قوله ( ولزمته الليالي الخ ) وذلك لأن ذكر أحد اللفظين بلفظ الجمع يدخل ما بإزائها من الآخر قال تعالى { ثلاثة أيام إلا رمزا } وقال تعالى { ثلاث ليال سويا } القصة واحدة فعبر عنها تارة بالأيام وتارة بالليالي فعلم أن ذكر أحدهما بلفظ الجمع يتناول الآخر وحاصله أنه إما أن يأتي بلفظ المفرد أوالمثنى أو المجموع وكل منها ما أن يكون في الأيام أو الليالي فهي ستة وفي كل منها أما أن ينوي الحقيقة أو المجاز أو ينويهما أو لم تكن له نية فهي أربعة وعشرون وحكم الجميع مذكور في البحر قوله ( متتابعة ) حال من الأيام وحذف نظيره من الجملة السابقة قوله ( وتأثيره ) لو قال وضابطه لكان أوضح وتوضيحه ما في السيد عن البحر حيث قال لأن الإطلاق في الاعتكاف كالتصريح بالتتابع بخلاف الإطلاق في نذر الصوم والفرق أن الاعتكاف يدوم بالليل والنهار بخلاف الصوم فإنه لا يوجد ليلا ا ه فالمتفرق في نفسه الصوم لأنه يتخلل فيه زمن ليس محللا له وهو الليل والمتصل الأجزاء هو الاعتكاف لأنه يعم الليل والنهار قوله ( كما ذكرنا ) أي في الجمع قوله ( لأن المثني في معنى الجمع ) وعن أبي يوسف في التثنية والجمع لا تلزمه الليلة الأولى لأن الاعتكاف بالليل لا يكون إلا تبعا لضرورة الوصل بين الأيام ولا حاجة لإدخال الليلة الأولى لتحقق الوصل بدونها ومنهم من جعل خلاف أبي يوسف في التثنية فقط زيلعي قوله ( وصح نية النهر ) أي فيما إذا ذكر الأيام فقط وهو جواب قوله إذا نوى تخصيصه بالأيام قوله ( إذا نذر اعتكاف دون شهر ) مفهومه صرح به المصنف بعد قوله ( لأنه نوى حقيقة كلامه ) اعترض بأن اللفظ كالأيام مثلا ينصرف إلى الحقيقة بدون قرينة أو نية فما وجه هذا التعليل قلت كأنه اختار ما ذكره البعض من أن اليوم مشترك بين بياض النهار ومطلق الوقت وأحد معني المشترك يحتاج إلى ذلك التعيين الدلالة لا لنفس الدلالة وتمامه في العناية بقي لو ذكر الأيام ونوى الليالي لا تصح النية ويلزمه كلاهما كما في التنوير وشرحه قوله ( إلا أن يصرح بالاستثناء ) مراده به ما يعم التقييد ليعم ما لو قال شهر بالنهار دون الليالي قوله ( لأن الشهر اسم لمقدر الخ ) أي فهو خاص وهو كل لفظ وضع لمعنى على الانفراد قوله ( وليس باسم عام كالعشرة ) فيه أن العشرة من أسماء العدد وهي من الخاص قال في شرح المنار كصاحب البحر والمراد بقوله أي في تعريف الخاص على الانفراد أن لا يكون لذلك المعنى الواحد أفراد سواء كان له أجزاء أو لم يكن فتدخل التثنية كما في التلويح واسم العدد تحت الخاص كالمائة فإن الواضع وضعه لمجموع وحدان الكثير من حيث هو مجموع فيكون كل من الوحد أن جزأ من أجزائه فيكون موضوعا لواحد بالنوع كالرجل والفرس بخلاف العام فإنه موضوع لأمر يشترك فيه وحد أن الكثير فيكون كل من الواحد أن جزئيا من جزئياته وبخلاف المشترك فإن كلا من الوحدان نفس الموضوع له كما في التلويح لكن ظاهر ما في التوضيح والتلويح والتحرير أن العدد موضوع لكثير كالعام فالمسمى متعدد فيهما لكن الأول محصور والثاني لا ا ه قلت ويمكن الجمع بأن اسم العدد كالعشرة بالنظر إلى كونه لا يشمل الزائد عنها أو الناقص خاص وبالنظر إلى كونه يصدق على كل عشرة عام فتأمل قوله ( على مجموع الآحاد ) فيه أن شهر السم لمجموع الليل والنهار في المدة المعينة فهما سواء ويدل له قوله كما لا تنطلق العشرة الخ قوله ( ولا مجازا ) فيه أن يقال ما المانع من إطلاق الشهر مثلا على النهار مجازا من إطلاق اسم الكل على جزئه قوله ( بعد الثنيا ) أي الاستثناء والمراد بعد المستثنى قوله ( الليالي المجردة ) خبر أن قوله ( هذا من فتح القدير ) أراد أن هذا الكلام منقول من الفتح والعناية وأراد المعنى اللغوي أيضا قوله ( فالإضافة إلى المساجد ) مراده بالإضافة إيقاعها فيها قوله ( المختصة ) صفة المساجد قوله ( وترك ) بالرفع عطف على الإضافة قوله ( لأجله ) أي الاعتكاف فإن حرمة المباشرة مقيدة به في الآية قوله ( والسنة ) تقدم أنه سنة كفاية وهي مؤكدة على المعتمد ولا تنافي بين تأكدها وكونها على الكفاية وقيل أنه مستحب في العشر الأخير قوله ( عجبا ) مفعول مطلق لمحذوف أي عجبت عجبا قوله ( وما ترك الاعتكاف ) أي في العشر الأواخر حتى قبض أي إلا لعذر لما روى أنه صلى اللّه عليه وسلم اعتكف العشر الأخير من رمضان فرأى خياما وقبابا في المسجد مضروبة فقال لمن هذا قالوا هذا لعائشة وهذا لحفصة وهذا لسودة فغضب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وقال أترون البر بهذا فأمر بأن تنزع قبته فنزعت ولم يعتكف فيه ثم قضى في شوال قوله ( بضرب ) أي بنوع وقوله من المعقول أي من الدليل المعقول قوله ( وهو كالمصلى ) أي يعطي المنتظر ثواب المصلى كما ورد به الخبر قوله ( وهي ) أي الصلاة قوله ( وانقطاع ) أي عن ملاهي الدنيا قوله ( ومحاسنها لا تحصى ) أي الصلاة أو الحالة قوله ( بشغله ) متعلق بتفريغ والباء للسببية قوله ( متجردا لها ) حال مؤسسة فإذا لم يتجرد لها لا يتفرغ قلبه قوله ( بتفويض أمرها ) الباء للتصوير قوله ( إلى عزيز جنابه ) الجناب الفناء والرحل والناحية وجبل وعلم المحدث أفاده في القاموس قوله ( والوقوف ببابه ) فيه استعارة تمثيلية قوله ( وملازمة عبادته ) يغنى عنه قوله بشغله بالإقبال الخ قوله ( والتقرب إليه ) بالجر عطفا على عبادته وبالنصب عطفا على تفريغ والمراد التقرب إليه بالعبادة قوله ( في حديث من تقرب ) تمامه إلى ذراعا تقربت إليه باعا ومن أتاني يمشي أتيته هرولة قوله ( للالتجاء ) علة لقوله إكرام نزيله وتفضلا وما بعده أحوال قوله ( والتحصن ) بالجر عطفا على الالتجاء وبالنصب عطفا على تفريغ قوله ( فلا يصل إليه عدوه ) وهو الشيطان والدنيا قوله ( وعزيز تأييده ) أي قوته قال في القاموس أيدته تأييدا فهو مؤيد قويته قوله ( ترى الرعايا الخ ) أي فالحق أحق بهذا المنصب قوله ( وهو فرد منهم ) أي لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا وهو جملة حالية قوله ( لقضاء مآربهم ) يحتمل الجمع والأفراد والأول أنسب للفظ الرعايا قوله ( بعزة قدرته ) أي السلطان والأولى حذف ذلك لأن مثل هذا التعبير إنما يليق باللّه تعالى قوله ( وقد نبه ) أي المصنف قوله ( على حصول المراد ) الأولى حذف حصول أي على المراد من الاعتكاف قوله ( وأزال حجاب الوهم ) أي الوهم الذي كالحجاب أي الوهم الناشىء من بعض الناس في ثمرة الاعتكاف قوله ( وأماط الغطاء ) عطف على نبه والمراد بالغطاء الحجاب والناشىء من الوهم قوله ( وأظهر الحق ) عطف لازم قوله ( بفيض العطاء ) أي بفيض ذي العطاء أو بالعطاء الذي هو كالفيض قوله ( المجتهد ) أفاد أنه لم يقلد إماما معينا من الأربعة لظهورهم بعده قوله ( أكثر رواية الإمام ) أي مروياته قوله ( كذا في أعلام الأخيار ) بكسر همزة أعلام فيما يظهر قوله ( قال ) أعاده لبعد الفعل الأول قوله ( ببركته ) أي بكثرة خيره قوله ( ومدده ) أي المدد المعطي له من الخيرات قوله ( مثل ) بالتحريك أي صفة قوله ( أو إمام ) يشمل العالم بخلاف ما قبله قوله ( لسان قاله ) أي قوله وهو من قبيل إضافة المحل إلى الحال قوله ( من الكرب ) هو ما يأخذ النفس من الغم والحزن قوله ( وصار ) أي الكرب الذي نزل به وهو المقصود باسم الإشارة بعد قوله ( بل عين قرائبي ) أي أقر بهم قوله ( ونزول مصائبي ) قال تعالى { وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير } الشورى ٢٤ قوله ( بما يليق بأهليته ) فإنه أهل التقوى وأهل المغفرة قوله ( إكرام من التجأ ) أي يكرمني إكراما كإكرام من التجأ وهذا من الشارح يعني به نفسه وإلا فالمعتكف في منيع الحرر قوله ( وحماية حرمه ) أي التجأ إلى الحماية الحاصلة بسبب الحرم أو إلى حرمة ذي الحماية والمراد بالحرم ما يحترم لا خصوص أحد الحرمين قوله ( وهذه الخ ) إشارة إلى ما أدخله في خلال كلام عطاء قوله ( إلى أن العبد ) أي المؤلف قوله ( الجامع لهذه المسائل ) متنار شرحا قوله ( موقف ) أي وقوف العبد قوله ( عاريا عن الأعمال الخ ) أي متجردا عن وقوع الأعمال الصالحة منه وعاريا عن نسبة الفضائل إليه قوله ( بأعظم الوسائل ) هو سيدنا ومولانا محمد صلى اللّه عليه وسلم قوله ( أكف الافتقار الخ ) الإضافة لأدنى ملابسة أو أكف ذي الافتقار والافتقار أبلغ من الفقر قوله ( ملحا بالدعاء ) الإلحاح بالدعاء مأمور به غير أنه لا يعتدي فيه ولا يستبطىء الإجابة قوله ( مطرحا ) بطاء مشددة قوله ( على أعتاب باب اللّه تعالى ) فيه استعارة تمثيلية قوله ( مرتجيا شفاعته ) أي شفاعة اللّه تعالى فإنه ورد أنه يشفع بعد انتهاء شفاعة الشافعين أو الضمير يرجع إلى أعظم الوسائل قوله ( غدا ) هو يوم القيامة وإنما عبر به لقربه قوله ( بما وعد به ) بقوله تعالى { وبشر المؤمنين بأن لهم من اللّه فضلا كبيرا } الإحزاب ٣٣ أر بقوله تعالى { إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا } الكهف ٨١ قوله ( وهو كل خير كافل ) أي ضامن قوله ( وهذا ما تيسر ) الإشارة إلى ما نقشه من الشرح أو إلى ما في الذهن ونزله منزلة المحسوس فأشار إليه قوله ( من انتخاب ) أي اختيار الشرح أي من المختار من الشرح الكبير قوله ( اليسير ) أي أنه لم يحذف كثيرا من الشرح الكبير وفيه أن عدد الأوراق فيهما يقضي بأنه اختصار كثير قوله ( كتيسير ) أي تيسيرا كتيسير المتن والشرح الكبير قوله ( الحقير ) الحقر الذلة كالحقرية بالضم والحقارة مثلثة قاموس قوله ( الذي هدانا ) أي أوصلنا قوله ( لهذا ) أي للتأليف قوله ( لولا أن هدانا اللّه ) أي لولا هداية اللّه موجودة لنا ما كنا لنهتدي قوله ( وذريته ) ورد أن اللّه تعالى جعل ذريته في صلب علي وبطن فاطمة فنسب كل ابن أنثى لأبيه إلا ما كان من فاطمة فله صلى اللّه عليه وسلم قوله ( ومن والاه ) أي نصره وتبعه في الخير قوله ( الرحيم ) قال تعالى { بالمؤمنين رؤوف رحيم } التوبة ٩ قوله ( عملا ) قدره ليفيد أن خالصا صفة للمصدر المحذوف قوله ( لوجهه ) أي لذاته هذا هو المناسب هنا قوله ( للتيسير ) علة لقوله المنتخب قوله ( لنفع العميم ) قد ظهرت أمارة الإجابة وانتفع به الخاص والعام قوله ( ويجزل ) أي يكثر قوله ( الجسيم ) أي العظيم قوله ( وأن يمنعنا ) أي ينفعنا بذلك ويلزم من ذلك بقاؤها قوله ( وجميع حواسنا ) أي الظاهرة والباطنية قوله ( ومشايخنا ) بالياء لا بالهمزة قوله ( وإخواننا ) نسبا ودينا قوله ( ما تقر به عيوننا ) أي ما تسر به عيوننا قوله ( حالا ومآلا ) أي دنيا وأخرى قوله ( آمين ) اسم فعل مبنى على الفتح بمعنى استجب ويطلب ختم الدعاء بها كما في الحديث وهي من خصوصيات هذه الأمة قوله ( وكان ابتداء الخ ) أفاد أنه لم يمكث فيه إلا أياما قليلة لم يستوف فيها شهرا قوله ( سنة أربع ) راجع إلى جمادي ورجب قوله ( وختم جمعه الخ ) فمكث في تسويده أربعة أشهر ونصفا قوله ( وكان انتهاء تأليف متنه الخ ) لم يبين ابتداءه قوله ( من تبيض الشرح ) أي من المسودة قوله ( في منتصف شهر ربيع الأول ) أي في مثل أيام بداءته كما ذكره في الشرح فمدة التبييض ستة أشهر ونصف ابتداؤها شعبان وآخرها نصف ربيع الأول وعلم أن بين انتهاء المتن والشرح الكبير أربعة عشر عاما وبين الكبير والصغير نحو من سبع سنوات ونصف قوله ( وعدد أوراقه ) أي بحسب نسخته وكذا يقال في عدد المختصر قوله ( هي هذه المسودة المبيضة ) أفاد بذلك أنه لم يجعل مسودة للشرح الصغير بل مسودته الكبير قوله ( إذا حشره ) ظرف للراجي قوله ( قبوله ) أي الرضا به وترك الاعتراض عليه قوله ( خدمة ) أي حال كونه خدمة أي ذا خدمة أو هو الخدمة مبالغة أو هو مفعول لأجله والمعنى أن القبول من جهة كونه خدمة لا من جهة كونه تأليفا مطلقا قوله ( بما جمعته ) بدل من قوله بإلحاق بدل اشتمال واللّه سبحانه وتعالى أعلم واستغفر اللّه العظيم |