٤ باب الإمامة هي إتباع الإمام في جزء من صلاته أي أن يتبع فالإتباع مصدر الفعل المبني للمفعول والإمام هو المتبوع قوله ( قدمنا شيئا يدل على فضل الأذان ) منه أن المؤذنين أطول الناس أعناقا يوم القيامة قوله ( والصلاة بالجماعة سنة ) المراد بها فيما عدا الجمعة والعيدين فإنها فيهما شرط الجواز قوله ( سنة في الأصح ) وفي البدائع عامة المشايخ على الوجوب وبه جزم في التحفة وغيرها وفي جامع الفقه أعدل الأقوال وأقواها الوجوب ومنهم من قال إنها فرض كفاية وبه قال الكرخي والطحاوي وجماعة من أصحابنا وقيل إنها فرض عين وهو قول الإمام أحمد كذا في الشرح والقائل بالفرضية لا يشترطها للصحة فتصح ولو منفردا كما في شرح ابن وهبان والجماعة في اللغة الفرقة المجتمعة وشرعا الإمام مع واحد سواء كان رجلا أو امرأة حرا أو عبدا أو صبيا يعقل أو ملكا أو جنيا في مسجد أو غيره وفي القنية الأصح أن إقامتها في البيت كإقامتها في المسجد وإن تفاوتت الفضيلة وعلى القول بأنها سنة هي آكد من سنة الفجر وهي سنة عين إلا في التراويح فإنها فيها سنة كفاية ووتر رمضان فإنها فيه مستحبة وأما وتر غيره وتطوعه فمكروهة فيهما على سبيل التداعي قال شمس الأئمة الحلواني إن اقتدى به ثلاثة لا يكون تداعيا فلا يكره إتفاقا وإن اقتدى به أربعة فالأصح الكراهة وتستحب في الكسوف كما في الدر من بابه وتكره في الخسوف بحر وفي النهر والدر اختلف في لحوق الإثم بالترك مرة بدون عذر فمن قال بالوجوب وهم العراقيون قالوا نعم ومن قال بالسنية وهم الخراسانيون قالوا إنما يأثم إذا اعتاد الترك وحكى المؤلف في شرح الوهبانية عن جوامع الفقه أنها مستحبة فالأقوال خمسة وجمهور العلماء إتفقوا على أن فضل الجماعة يحصل بإدراك جزء من صلاة الإمام ولو آخر القعدة الأخيرة قبل السلام واختلفوا هل الأفضل مسجد حيه أم جماعة المسجد الجامع وإن استوى المسجدان فأقدمهما أفضل فإن استويا فأقربهما فإن استويا خير العامي والفقيه يذهب إلى أقلهما جماعة ليكثر واو التلميذ يذهب إلى مجلس أستاذه نهر قوله ( ولقوله صلى اللّه عليه وسلم صلاة الجماعة الخ ) وورد أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة لم يخط خطوة إلا رفعت له بها درجة وحطت عنه بها خطيئة فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلي عليه ما دام في مصلاه اللّهم صل عليه اللّهم ارحمه ولا يزال في صلاة ما إنتظر الصلاة وورد أن من صلى العشاء والصبح في جماعة فكأنما قام الليل كله وورد صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده ومع الرجلين أزكى من رجل واحد وما زاد فهو أحب إلى اللّه تعالى وفي المضمرات مكتوب في التوراة صفة أمة محمد وجماعتهم وأنه بكل رجل في صفوفهم يزاد في صلاتهم صلاة يعني إذا كانوا ألف رجل يكتب لكل رجل ألف صلاة ومن حكمة مشروعيتها قيام نظام الألفة بين المصلين والتعلم من العالم أفاده في الشرح قوله ( فلا يسع تركها إلا بعذر ) المفعول محذوف تقديره المكلف وسيأتي للمصنف بيان الأعذار في فصل مستقل قوله ( أهل مصر ) بالتنوين لأن المراد أهل أي مصر كان قوله ( ولو صبيا ) يفهم منه أن فضيلة الجماعة تحصل بالمتنفل المقتدي قوله ( أو امرأة ) حتى لو صلى في بيته بزوجته أو جاريته أو ولده فقد أتى بفضيلة الجماعة اه كذا في الشرح ولكن فضيلة المسجد أتم قوله ( مع الإمام ) لا حاجة إليه لعلمه من الكلام السابق قوله ( فيشترط ثلاثة ) الأولى زيادة لها قوله ( أو إثنان ) أي غير الإمام وأو لحكاية الخلاف والمعتمد الأول قوله ( للرجال ) أما في النساء فلا تشترط كل الشروط بل يخرج منها الذكورة فإن الأنثى تصح إمامتها لمثلها قوله ( الأصحاء ) أخرج ذوي الأعذار فإن إمامتهم صحيحة لمماثليهم قوله ( وهو شرط عام ) فلا وجه لذكره قوله ( أو يسب الشيخين ) الأولى أن يقول أو من يسب أو ساب قوله ( أو نحو ذلك ) كمن ينكر الإسراء أو الرؤية أو عذاب القبر أو وجود الكرام الكاتبين اه من الشرح وفي السيد ما حاصله صحة إمامة من ينكر الرؤية ولكن يقول لا يرى لجلاله وعظمته وفي الشرح إذا أمهم زمانا ثم قال أنه كان كافرا أو معي نجاسة مانعة أو بلا طهارة أي متعمدا ليس عليهم إعادة لأن خبره غير مقبول في الديانات لفسقه بإعترافه بخلاف ما إذا صلى فتبين له فساد صلاته بنجاسة أو عدم طهارة فإنه قد يغفل عن ذلك فيظن الطهارة فإذا أخبر كان مقبولا فلزمت الإعادة اه ملخصا قوله ( مع ظهور صفته ) الضمير يرجع إلى من قوله ( والبلوغ ) فلا يصح إقتداء بالغ بصبي مطلقا سواء كان في فرض لأن صلاة الصبي ولو نوى الفرض نفل أو في نقل لأن نفله لا يلزمه أي ونفل المقتدي لازم مضمون عليه فيلزم بناء القوي على الضعيف وبهذا التقرير تعلم أن في كلام الشرح توزيعا وقال بعض مشايخ بلخ يصح إقتداء البالغ بالصبي في التراويح والسنن المطلقة والنفل والمختار عدم الصحة بلا خلاف بين أصحابنا نقله السيد عن العلامة مسكين قوله ( كالسكران ) وكالمجنون المطبق وأما الذي يجن ويفيق فتصح إمامته حال إفاقته ولا تصح إمامة المعتوه وهو الذي ينسب إلى الخرف كما في المعراج قوله ( والذكورة ) أي المحققة قوله ( خرج به المرأة ) فلا يصح إقتداء الرجل بها وصلاتها في ذاتها صحيحة قوله ( للأمر بتأخيرهن ) علة لمحذوف تقديره وإنما لم يصح إقتداء الرجل بالنساء للأمر الخ والأمر بتأخيرهن نهي عن الصلاة خلفهن وإلى جانبهن أفاده في الشرح قوله ( والخنثى إمرأة ) أي في الحكم قوله ( فلا يقتدي به غيرها ) أي لا رجل لإحتمال أنوثته ولا خنثى مثله لإحتمال ذكورة المتأخر وأنوثة المتقدم وأما المرأة فيصح إقتداؤها به لصحته سواء كان ذكرا أم أنثى فإطلاق المصنف ليس على ما ينبغي وإقتداؤه صلى اللّه عليه وسلم بجبريل مع أنه لا يوصف بذكورة ولا أنوثة أو هذه خصوصية وذكر في الأشباه أن الإقتداء بالخنثى صحيح قوله ( بحفظ آية ) ولو قصيرة والأولى أن يقول بحفظ ما تصح به الصلاة ليظهر قوله بعد على الخلاف قوله ( على الخلاف ) أي بين الإمام وصاحبيه فقالا لا تصح إلا بثلاث آيات فلا يصح إقتداء القارىء بأمي أو بأخرس ولا إقتداء الأمي بأخرس لقوة حال الأمي عنه بكونه يأتي بالتحريمة دونه وأما اقتداء أمي بأمي أو أخرس بأخرس فصحيح واعلم أنه إذا فسد الإقتداء بأي وجه كان لا يصح شروعه في صلاة نفسه لأنه قصد المشاركة وهي غير صلاة الإنفراد على الصحيح محيط وادعي في البحر أنه المذهب وكلام الخلاصة يفيد أنه كلام محمد خاصة وفصل الزيلعي أنه إن فسد لفقد شرط كطاهر بمعذور لم تنعقد أصلا وإن كان لإختلاف الصلاتين تنعقد نفلا غير مضمون وثمرته الإنتقاض بالقهقهة كذا في التنوير وشرحه مختصرا ومقتضاه عدم إنعقادها أصلا فيما إذا اقتدى القارىء بالأمي لأن الإختلاف لفقد شرط وتمامه في السيد قوله ( صلاته ضرورية ) أي إنم صحت صلاته لضرورة عذره قوله ( فلا يصح إقتداء غيره به ) أي إذا توضأ مع العذر أو طرأ عليه بعده أما لو توضأ وصلى خاليا عنه كان في حكم الصحيح ويصح إقتداء معذور بمثله إن اتحد العذر قوله ( ولا يصح إقتداء من به إنفلات ريح الخ ) ويصح عكسه وأما المقتصد فإن كان جرحه لا يخرج منه دم فتصح إمامته للأصحاء كذا في الشرح والسيد قوله ( بالثاء المثلثة والتحريك ) مصدر لثغ كتعب قوله ( بضم اللام وسكون الثاء ) وأما اللثغة بالتحريك فالفم يقال ما أقبح لثغته أي فمه كذا في المصباح والقاموس قوله ( تحرك اللسان ) عرفه غيره بأنه حبسة في اللسان حتى تغير الحروف قوله ( ونحوه ) كاللام والياء أو السين ثاء أو اللام نونا قوله ( لا يكون إماما لغيره ) إلا لمثله وفي الخانية ذكر الشيخر أبو بكر محمد بن الفضل أنها تصح إمامته لغيره لأن ما يقوله صار لغة له واختاره ابن أميرحاج وحمل قولهم لا يؤم أعلى منه على الأولوية خروجا من الخلاف وقواه قوله ( جائزة لنفسه ) إن لم يمكنه الإقتداء وإن أمكنه لا تصح كما يؤخذ من الدر قوله ( وإذا ترك التصحيح والجهد الخ ) قال في الخلاصة إذا كان يجتهد آناء الليل والنهار في تصحيحه ولا يقدر على ذلك فصلاته جائزة وإن ترك جهده فصلاته فاسدة إلا أن يجعل العمر في تصحيحه ولا يسعه أن يترك جهده في باقي عمره اه قال صاحب الذخيرة وهذا الشق الثاني مشكل لأن ما كان خلقة لا يقدر العبد على تغييره اه وكذا إذا كان لعارض ليس مما يزول عادة وإذا كان كذلك فلا يعول في الفتوى على مقتضى هذا الشرط ومن ثمة ذكر في خزانة الأكمل عن فتاوى أبي الليث لو قال الهمد للّه بالهاء بدل الحاء أو كل هو اللّه أحد بالكاف بدل القاف جاز إذا لم يقدر على غير ذلك أو بلسانه علة قال الفقيه وإن لم يكن بلسانه علة ولكن جرى ذلك على لسانه لا تفسد اه فلم يذكر هذا الشرط وإن كان بعد ذكره عن إبراهيم بن يوسف وحسين بن مطيع اه كلام ابن أميرحاج قلت كلامه يفيد أن هذا الشرط فيه خلاف والأكثر لم يذكروه لأن فيه حرجا عظيما قوله ( كطهارة ) أي من حدث أو خبث وإن كان كلام الشارح قاصرا على الثاني قوله ( بحمل خبث ) أي بسبب حمله خبثا لا يعفى عنه بأن زاد على قدر درهم أو بلغ ربع الثوب قوله ( لا تصح إمامته لطاهر ) ظاهره وإن لم يجد المتنجس مزيلا أو وجده ولكن حصل مانع ككشف عورة وظاهر التقييد أنه يصح إقتداء حامل نجاسة مانعة به قوله ( لمستور ) وتصح إمامته لمثله قوله ( وشروط صحة الإقتداء ) هو في اللغة الملازمة مطلقا كما في القاموس وشرعا ربط شخص صلاته بصلاة الإمام قوله ( نية المقتدي المتابعة ) كأن ينوي معه الشروع في صلاته أو الإقتداء به فيها ولو نوى الإقتداء به لا غير الأصح أنه يجزيه وتنصرف إلى صلاة الإمام وإن لم يكن للمقتدي علم بها لأنه جعل نفسه تبعا للإمام خلافا لمن قال لا بد للمقتدي من ثلاث نيات نية أصل الصلاة ونية التعيين ونية الإقتداء أفاده السيد ونية المتابعة شرط في غير جمعة وعيد على المختار لإختصاصها بالجماعة فلا يحتاج فيها إلى نية الإقتداء كذا في القهستاني وسكب الأنهر وأما نية الإمامة فليست بشرط إلا في حق النساء ولا يلزم المقتدي تعيين الإمام بل الأفضل عدمه لأنه لو عينه فبان خلافه فسدت صلاته قوله ( أو حكمية ) بأن لا يفصل بينهما بفاصل أجنبي كذا في الشرح قوله ( فينوي الصلاة والمتابعة أيضا ) لا يحسن تفريعه على سابقه وقد علمت أن نية الإقتداء فقط صحيحة وإن لم يكن له علم بعين صلاة الإمام قوله ( لما يلزم من الفساد بالمحاذاة ) أي له أو لمقتد مثله ولا يلزم الفساد بدون التزامه وهو بنيته ولا تصير المرأة داخلة في صلاة الإمام إلا أن ينوي إمامتها والخنثى كالأنثى ولا فرق بين الواحدة والمتعددة قوله ( على ما قاله الأكثر ) وفي النهر عن الخلاصة ترجيح عدم الإشتراط فيهما قال وأجمعوا على عدم اشتراطها في حقهن في الجنازة أفاده السيد وفي الكلام إشعار بأن الإمام ذكر أما الإمام الأنثى فلا يلزم فيه ما ذكر قوله ( حتى لو تقدم أصابعه ) أي المقتدي مع تأخر عقبه عن عقب الإمام لطول قدمه أي المقتدي لا يضر واعلم أن ما أفاده المصنف من إشتراط التقدم خلاف المذهب لأنه لو حاذاه صح الإقتداء والعبرة في المومي بالرأس حتى لو كان رأسه خلف رأس الإمام ورجلاه قدام رجليه صح وعلى العكس لا يصح كذا في الزاهدي وفي الدر يقف الواحد محاذيا أي مساويا باليمين إمامه على المذهب وأما الواحدة فتتأخر لا محالة ولا عبرة بالرأس بل بالقدم ولو صغيرا في الأصح ما لم يتقدم أكثر قدم المؤتم لا تفسد اه قوله ( وأن لا يكون الإمام أدنى حالا من المأموم ) ليس منه ما لو اقتدى من يرى وجوب الوتر بمن يرى سنيته فإن ذلك صحيح للإتحاد ولا يختلف باختلاف الإعتقاد وكذا من يصلي سنة بمن يصلي سنة أخرى كسنة العشاء خلف من يصلي التراويح أو سنة الظهر البعدية خلف مصلى القبلية فإنه يجوز كما في البحر وغيره وفي الظهيرية صلى ركعتين من العصر فغربت الشمس فإقتدى به إنسان في الأخريين يجوز وإن كان هذا قضاء للمقتدي لأن الصلاة واحدة كما في الشلبي عن الزيلعي ونقله القهستاني أيضا قوله ( للمشاركة ) أي لأن المقتدي مشارك للإمام فلا بد من الاتحاد لتكون صلاة الإمام متضمنة لصلاة المقتدي اه من الشرح ملخصا قوله ( فلا يصح إقتداء ناذر ) تفريع على ما قبله فلا إتحاد في نذريهما قوله ( لم ينذر عين نذر الإمام ) أما لو نذره بأن قال نذرت أن أصلي الركعتين اللتين نذرهما فلان فيصح للإتحاد أفاده السيد قوله ( لعدم ولايته الخ ) علة لقوله فلا يصح والضمير للناذر يعني أن الوجوب إنما يظهر في حق الناذر لا في حق غيره فإذا إقتدى بغيره في غير ما نذره فهو إقتداء مفترض بمتنفل أفاده في الشرح ولو عللّه بأن اختلاف النذرين كاختلاف الفرضين لكان أظهر قوله ( ولا الناذر بالحالف ) الحالف أن يقول مثلا واللّه لأصلين كذا مثلا وعكسه يصح كالحالف بالحالف كذا في الشرح قوله ( لأن المنذورة أقوى ) لوجوبها قصدا أما المحلوف عليها فهي نفل جائز الفعل والترك قوى أحد وجهيه بالحلف فوجوبها لتحقق البر ولا يشكل عدم صحة إقتداء المفترض بالمتنفل بإستخلاف الإمام من جاء بعد الركوع واقتدى به في السجدتين فإن السجدتين نفل في حق الخليفة فرض في حق من أدرك الركوع مع الإمام لأن الممتنع إقتداء المفترض بالمتنفل في جميع الأفعال لا في بعضها أفاده السيد وفيه نظر لما يأتي في مسئلة إقتداء المسافر بعد الوقت بالمقيم فإن الفساد فيه إنما جاء من إعتبار التنفل ببعض الصلاة وهو القعدة أو القراءة قوله ( بعد الوقت ) أي وكان الإقتداء بعد الوقت أما إذا وقع الإقتداء في الوقت ثم خرج وهما في الصلاة فإن الإقتداء صحيح ويفترض الإتمام ولو كان الإمام المقيم كبر في الوقت واقتدى المسافر بعد خروجه لا يصح قوله ( في رباعية ) أما الثنائية والثلاثية فلا يتغيران سفرا ولا حضرا قوله ( لما قدمناه ) من أنه يشترط أن لا يكون أدنى حالا من المأموم قوله ( في حق القعدة ) إذا اقتدى به في الشفع الأول إذ هي فرض على المؤتم لأن فرضه ركعتان لا على الإمام والمراد بقول المؤلف بمتنفل غير المفترض فيعم الواجب لأن القعدة الأولى واجبة عليه قوله ( أو القراءة ) أي إن إقتدى به في الشفع الثاني فإن القراءة فيه نفل على الإمام إذا قرأ في الشفع الأول فرض في حق المقتدي ولو لم يقرأ الإمام في الأول ففي صحة الإقتداء روايتان وسيأتي تحقيقه في صلاة المسافر إن شاء اللّه تعالى قوله ( لشبهة إقتدائه ) أي حال تحريمته وإنما لزمته القراءة لشبهة الإنفراد نعم إذا قضى المسبوقان ملاحظا أحدهما الآخر ليعلم عدد ما عليه من فعله فلا بأس به ويشترط أن لا يكون الإمام لاحقا لأنه خلف الإمام حكما حتى لا يقرأ قوله ( وأن لا يفصل بين الإمام والمأموم ) أي الذكر ومثله الفصل بين المأمومين كما في الحلبي قوله ( فسدت صلاة ثلاثة خلفهن ) أي وواحد عن يمينهن وآخر عن يسارهن قوله ( وقيل الثلاث صف ) كما إذا كان الصف تاما وأطلق الكلام فشمل ما إذا كان بين النساء والمقتدي حائل أولا كما يأتي في مسئلة المحاذاة إن شاء اللّه تعالى قوله ( اثنين خلفهما فقط ) أي ولا يتجاوز الفساد إلى ما بعد فلا ينافي فساد صلاة المحاذي عن يمينهما ويسارهما قوله ( فسدت صلاة من حاذته الخ ) ولا يفسد أكثر من ذلك لأن الذي فسدت صلاته من كل جهة يكون حائلا بينها وبين الرجال قوله ( في الصحيح ) أي هذا القول في الفرق بين النهر الصغير والكبير هو الصحيح وقيل الصغير ما تحصى شركاؤه وقيل ما يثبه القوي ويمنع النهر ولو كان في المسجد كالطريق كما في الدرر قوله ( تمر فيه العجلة ) والمراد أن تكون صالحة لذلك لا مرورها بالفعل والعجلة بالتحريك آلة يجرها الثور والمراد بالطريق هو النافذ ذكره السيد قوله ( وليس فيه صفوف متصلة ) اعلم أنه إذا إتصل المصلون وقاموا في الطريق فإن قام واحد في عرض الطريق وإقتدى بالإمام جاز وكره أما الجواز فلأنه لم يبق بينه وبين الإمام طريق تمر فيه العجلة وأما الكراهة فللصلاة في ممر الناس فإن قام رجل خلف هذا المقتدي وراء الطريق وإقتدى بالإمام لا يصح لأن صلاة من قام على الطريق مكروهة مع كونه غير صف فصار في حق من خلفه كالعدم ولا يعد هذا إتصالا ولو كان على الطريق ثلاث جازت صلاة من خلفهم لأن الثلاث صف في بعض الروايات وعند إتصال الصفوف لا يكون الطريق حائلا ولو كان على الطريق إثنان فعلى قياس قول أبي يوسف تجوز صلاة من خلفهما لأنه جعل المثنى كالجمع وعلى قياس قول محمد لا تجوز قوله ( يسع فيه صفين ) والفرجة بين الصفين مقدار ذراع أو ذراعين كذا في الخانية والظاهر أن هذا يعتبر من محل السجود ومحل قيام الآخرين من كل صف لأن الذراع لا يكفي في التحديد من محل قيام الصف إلى محل قيام الآخر قوله ( على المفتي به ) وقيل ما يسع صفا واحدا والفضاء الواسع في المسجد لا يمنع وإن وسع صفوفا لأن له حكم بقعة واحدة كذا في الأشباه من الفن الثاني فلو اقتدى بالإمام في أقصى المسجد والإمام في المحراب جاز كما في الهندية قال البزازي المسجد وإن كبر لا يمنع الفاصل فيه إلا في الجامع القديم بخوارزم فإن ربعه كان على أربعة آلاف اسطوانة وجامع القدس الشريف أعنى ما يشتمل على المساجد الثلاثة الأقصى والصحراء والبيضاء كما في الحلبي والشرح والظاهر أن ذلك لإشتباه حال الإمام على المأموم لا لاختلاف المكان ومصلى العيد كالمسجد وجعل في النوازل والخلاصة والخانية مصلى الجنازة مثل المسجد أيضا وفناء المسجد له حكم المسجد يجوز لإقتداء فيه وإن لم تكن الصفوف متصلة قوله ( لسماع ) من الإمام أو المقتدي ومثله الرؤية وفي حاشية الدرر للمؤلف الصحيح إعتبار الإشتباه فقط وقواه في الدر بالنقل عن المعتبرات خلافا لما في الدرر والبحر وغيرهما من إشتراط عدم إختلاف المكان اه فلو إقتدى من بمنزله بمن في المسجد وإن إنفصل عنه صح إن لم يوجد مانع من نحو طريق ولم يشتبه حال الإمام وأفاد السيد جواز الإقتداء في بيت بإمام فيه ولو مع وجود فاصل يسع صفين فإن البيت في هذا كالمسجد قوله ( أو راكبا دابة غير دابة إمامه ) واستحسن محمد جواز الصلاة إذا قربت دابته من دابة الإمام قوله ( غير مقترنة بها ) لأن تخلل ما بينهما بمنزلة النهر وذلك مانع وظاهر هذا التعليل أن الفاصل إذا كان قليلا لا يمنع لا سيما عند عدم الإشتباه وهم قد أطلقوا المنع قوله ( وإذا اقترنتا صح ) وانظر هل المراد بالإقتران ربطهما بنحو حبل أو المماسة بينهما مدة الصلاة ولو من غير ربط والظاهر الثاني قوله ( وإن لا يعلم المقتدي من حال إمامه مفسدا الخ ) هذا على ما هو المعتمد أن العبرة لرأي المقتدي وعلى القول الآخر وهو أن العبرة لرأي الإمام فالإقتداء صحيح وإن عاين مفسدا بحسب زعمه أي المقتدي ذكره السيد قوله ( كخروج دم سائل ) وكمسح دون ربع الرأس أو الوضوء من ماء مستعمل أو تحمل قدر مانع من النجاسة قوله ( فالصحيح جواز الإقتداء ) لأنه يحتمل أنه توضأ وحسن الظن به أولى قوله ( مع الكراهة ) ظاهر إطلاقه الكراهة هنا وفيما بعد أنها كراهة تحريم قوله ( فلا يصح الإقتداء ) هذا محمول على ما إذا علم أنه لا يحتاط في الأركان والشروط وأما إذا علم أنه يحتاط فيهما ولا يحتاط في الواجبات كما إذا كان يترك السورة أو يزيد في التشهد الأول شيئا فإن الإقتداء صحيح مع كراهة التحريم وهل الأفضل الإقتداء أو الإنفراد الظاهر الثاني وأما إذا كان يراعي في الأركان والشروط والواجبات ولا يراعي في السنن بأن كان ينقص التسبيحات في الركوع والسجود أو يجلس للإستراحة فالإقتداء صحيح مع كراهة التنزيه والإقتداء أفضل لأنه قيل بوجوبه أو افتراضه على الكفاية فلا يتركه لذلك ويعلم الحكم فيما إذا كان يراعي في الجميع إلا في المستحبات بالأولى فإن الإقتداء به صحيح وهو أفضل وعلى كل حال الإقتداء بالموافق عند التعارض أفضل وراجع تحفة الأخيار قوله ( أولا ) بأن علم أنه لا يحتاط بالعادة ولكن في هذه الصلاة المخصوصة جهل حاله في الإحتياط قوله ( ويكره كما في المجتبى ) قد علمت تفصيله آنفا قوله ( على زعم الإمام ) دون المأموم قوله ( أو حمل نجاسة قدر الدرهم ) فإنه مفسد عند الإمام الشافعي رضي اللّه عنه لا عندنا ولو صلى على ظن أنه محدث أو عليه نجاسة مانعة ثم تبين خلاف ذلك لا تجزئه تلك الصلاة لأن العبرة لما ظنه لا لما في نفس الأمر ويخشى عليه الكفر كما في السراج قوله ( وهو على إعتقاد مذهبه ) أما إذا قلد مذهب المؤتم فقد اتحد معتقدهما ولا كلام فيه قوله ( ولا نية له ) أي للمتلاعب قوله ( فلا وجه لحمل صحة صلاته ) الأول حذف حمل ولو علم بفساد صلاة إمامه أما بشهادة عدول أنه أحدث ثم صلى مثلا وإما بإخبار منه عن نفسه ويقبل قوله إن كان عدلا تلزمه الإعادة وإن لم يكن عدلا لا يقبل لكن تستحب الإعادة كما في السراج وإذا علم مفسدا في صلاة الإمام لا يجوز له الإقتداء به إجماعا قوله ( والخلاف الخ ) اعلم ان طهارة التيمم فيها جهة الإطلاق باعتبار عدم توقتها بخلاف طهارة المستحاضة مثلا وجهة الضرورة باعتبار أن المصير إليها الضرورة العجز عن الماء وهذا لا خلاف فيه وإنما الخلاف في التعليل فعلل محمد ههنا بجهة الضرورة لنفي جواز إقتداء المتوضىء بالمتيمم إحتياطا وهما عللا الصحة بجانب الإطلاق لأن طهارته كالطهارة بالماء من حيث ذلك وهذا الاختلاف مبني على الخلاف الذي ذكره قوله ( وظاهر النص يدل عليه ) فإن اللّه تعالى قال { فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا } فإنه ذكر الآلتين وجعل الخلفية بينهما قوله ( وعند محمد بين الطهارتين ) أي واحداهما وضرورية والأخرى أصلية ولا شك أن من اشتمل على الطهارة الأصلية أقوى حالا من حال من اشتمل على الطهارة الضرورية فصار كما لو كان مع المتوضىء ماء فاقتدى بالمتيمم فإنه لا يجوز ولهما أن التيمم طهارة مطلقة أي غير مؤقتة بوقت الصلاة ولهذا لا تتقدر بقدر الحاجة قوله ( وصح اقتداء غاسل بماسح ) لاستواء حالهما ثم الماسح على الجبيرة أولى من الماسح على الخف لأن مسحها كالغسل لما تحتها بخلاف الخف قوله ( أو خرقة قرحة ) أي جراحة قوله ( لا يسيل منها شيء ) فإن سال فهو معذور إن استوفى شروطه فلا يصح الاقتداء به إلا لمماثل له أو لمن هو أدنى حالا منه قوله ( وصح اقتداء قائم بقاعد ) أي يركع ويسجد وهذا عندهما خلافا لمحمد وقوله أحوط كما في البرهان وغيره والدلائل مستوفاة في المطولات قوله ( صلى خلف أبي بكر الخ ) فائدة زائدة وقوله ثم أتم لنفسه أي لأنه مسبوق قوله ( إتفاقا على الأصح ) يعني أن حكاية الاتفاق أصح من حكاية الخلاف ومثله يقال في نظائره قوله ( وفي الظهيرية هو الأصح ) محمول على أنه الأصح من قولي محمد لا الأصح مطلقا لأن أكثر العلماء أخذ بقولهما وقد أوضحه السيد قوله ( وصح إقتداء موم بمثله ) سواء كانا قائمين أو قاعدين أو مستلقين أو مضطجعين أو مختلفين وكلها جائزة في الأصح كما في النهاية بل صحح التمرتاشي الإجماع عليه قوله ( أو المأموم مضطجعا ) أي أو كان المأموم مضطجعا والإمام قاعدا قال في الشرح لا عكسه قالالزيلعي وهو المختار لكن في النهر عن التمرتاشي الأظهر الجواز على قولهما وكذا على قول محمد في الأصح وهو المناسب لإطلاق كلام المصنف ولا ينافيه قوله بمثله لأن المراد المثلية بالنظر لمطلق الإيماء وتمامه في السيد قوله ( ومتنقل بمفترض ) إلا في التراويح فإن الأرجح عدم جواز الاقتداء كما في الخانية وصححه في غاية البيان لأنها شرعت على هيئة مخصوصة فيراعي وصفها الخاص للخروج عن العهدة كما في الدر والمراد أنه لا يحسب من التراويح لا أن الاقتداء يقع باطلا كما لا يخفى لا يقال أن القراءة في الآخريين فرض في حق المتنقل نقل في حق المفترض لأنا نقول صلاة المقتدي أخذت حكم صلاة الإمام بسبب الاقتداء ولهذا يلزمه أربع ركعات في الرباعية ولو لم يدركه إلا في الشفع الثاني ولهذا أشار المؤلف بقوله وصار تبعا لإمامه في القراءة قوله ( وليس المراد الإعادة الجابرة الخ ) لأن ذلك يقتضي صحة الأول والفرض أنه باطل قوله ( بعد ظهره ) أي بعد أداء الظهر بجماعة فسعى هو دونهم قوله ( وعوده لسجود تلاوة بعد تفرقهم ) أي ولم يعد القعود الأخير فإنها تفسد صلاة الإمام في هذه المسائل ولا تفسد صلاة المأموم وفيها يلغز أي صلاة فسدت على الإمام ولم تفسد على المأموم قوله ( صلى بهم ثم جاء ورأسه الخ ) الذي في سنن أبي داود أنه صلى اللّه عليه وسلم دخل في صلاة الفجر فأومأ بيده أن مكانكم ثم جاء ورأسه يقطر ماء فصلى بهم فلما قضى الصلاة قال إنما أنا بشر مثلكم واني كنت جنبا وهذا لا يقتضي أن ذلك كان بعد شروعهم لجواز كون الذكر عقيب تكبيره بلا مهلة قبل تكبيرهم على أن الذي في مسلم قال فأتى النبي صلى اللّه عليه وسلم حتى قام في مصلاه قبل أن يكبر قام فانصرف فالأولى الاقتصار على أثر على قوله ( وفي الدراية الخ ) وفي مجمع الفتاوى صحح عدم الإخبار مطلقا لكونه عن خطأ معفو عنه لكن الشروح مرجحة على الفتاوى كما في الدر قوله ( ونظيره ) أي في وجوب الأخبار ومحل ذلك إذا علم منه الامتثال وإلا فلا كما لا يخفى واللّه سبحانه وتعالى أعلم وأستغفر اللّه العظيم فصل يسقط حضور الجماعة ظاهره يعم جماعة الجمعة والعيدين فيصلي الجمعة ظهرا وتسقط صلاة العيد ويحرر قوله ( منها مطر ) في شرح المشكاة صح كنا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم زمن الحديبية فأصابنا مطر لم يبل أسفل نعالنا فنادى منادي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم صلوا في رحالكم قوله ( وبرد شديد ) ألحق به المنلا علي في شرح موطأ الإمام محمد الحر الشديد قوله ( وخوف ظالم ) أي على نفسه أو ماله أو خوف ضياع ماله أو خوف ذهاب قافله لو اشتغل بالصلاة جماعة قوله ( وحبس معسر ) أي لو فاء دين عليه وقيد بالمعسر لأن الموسر لا يعذر في الترك قوله ( ومظلوم ) أي وحبس مظلوم في عبارة بعضهم التصريح بأن خوف الحبس للمعسر والمظلوم من الأعذار وكلام المصنف يفيد أن الذي يعد عذرا الحبس بالفعل والأول أظهر وعليه فلا حاجة لذكر المظلوم لفهمه من قوله وخوف ظالم فإن الذي يحبس المظلوم ظالم قوله ( وعمى ) وإن وجد الأعمى قائدا عند الأمام وقالا تجب حلبي قال ابن أمير حاج المسطور في الكتب المشهورة أن الخلاف بينه وبينهما فيما إذا وجد قائدا فالإتفاق أي على سقوطها إذا لم يجد قائدا اه قوله ( وفلج ) أي لا يستطيع معه المشي قوله ( وقطع يد ورجل ) أي من خلاف وبالأولى إذا كانا من جانب واحد وكذا تسقط بقطع رجل فقط قوله ( وسقام ) كسحاب المرض قاموس قوله ( واقعاد ) أي كساح قوله ( بعد إنقطاع مطر ) إنما قاله لأن التكلم على المطر قد تقدم فذكر ذلك ليعده عذرا مستقلا وبهذا تعلم ما في شرح السيد قوله ( إذا ابتلت النعال ) أي الأراضي الصلاب في المحكم النعل القطعة الصلبة الغليظة من الأرض شبه الأكمة يبرق حصاها ولا تنبت شيئا ومنه الحديث إذا ابتلت النعال الخ قال ابن الأسير إنما خصها بالذكر لأن أدنى بلل ينديها بخلاف الرخوة فإنها تنشف الماء وقال الأزهري في معنى الحديث يقول إذا ابتلت الأرضون الصلاب فزلقت بمن يمشي فيها فصلوا في منازلكم ولا عليكم أن تشهدوا الجماعة اه وهل هذا الحكم مخصوص بما إذا كانوا في أرض صلبة فلا تسقط إذا كانوا في رخوة أو ان المراد بذكرها دفع الحرج بالحضور فكأنه يقول إذا نزل المطر ولو قليلا بحيث تبتل منه النعال فالصلاة في الرحال أي المنازل قوله ( وزمانه ) أي عاهه وزمن كفرح زمنا وزمنة بالضم وزمانة فهو زمن وزمين والجمع زمنون وزمني قاموس قوله ( وشيخوخة ) مصدر شاخ يشيخ إذا استبان منه السن قاموس إي إذا صار شيخا كبيرا لا يستطيع المشي سقطت عنه الجماعة قوله ( وتكرار فقه ) وكذا مطالعة كتبه كذا في الفتاوى قوله ( لا نحو ولغة ) ربما يفيد هذا أن المراد بالفقه ما يعم علم العقائد والتفسير والحديث للمقابلة والذي في الدر عن الباقلاني عطفا على المسقطات وكذا اشتغاله بالفقه لا بغيره قوله ( بجماعة تفوته ) الأولى حذفه لأن الموضوع الأعذار التي تفوت الجماعة والباء بمعنى مع أي تكراره مع جماعة ويفيد أن المكرر وحده لا يعطي هذا الحكم وليس كذلك ولم يذكره في الدر والضمير في تفوته للجماعة أي لو حضر الجماعة تفوته أخوانه الذين يطالع معهم قوله ( ولم يداوم على تركها ) أما إذا واظب على الترك فلا يعذر ويعذر ولا تقبل شهادته إلا بتأويل بدعة الإمام أو عدم مراعاته در قوله ( تتوقه نفسه ) أي تشتاق إليه سواء كان في العشاء أو غيره قوله ( وإرادة سفر تهيأ له ) لعل المراد التهيؤ القريب من الفعل وهو منصوب على الظرفية أي وقت التهيؤ له بأن كان مشغول البال بمصالحه قوله ( يستضر ) أي المريض بغيبته وإلا فلا قوله ( وإنما لكل امرىء ما نوى ) هو محل الشاهد على أحد ما قيل فيه والمعنى أن له ما نواه وان لم يعمله وروى العسكري في الأمثال والبيهقي في الشعب وقال إسناده ضعيف عن أنس يرفعه نية المؤمن أبلغ من عمله كما في المقاصد الحسنة واللّه سبحانه وتعالى أعلم وأستغفر اللّه العظيم فصل في بيان الأحق بالإمامة قوله ( ولم يكن بين الحاضرين ) المراد بالبينية معنى المعية قوله ( صاحب منزل ) أي ساكن فيه ولو بالإجارة أو بالعارية على التحقيق أما هو وذو الوظيفة فيقدمان مطلقا سواء اجتمع فيهما هذه الفضائل المذكورة أو لا فصاحب البيت والمجلس وإمام المسجد أحق بالإمامة من غيره وإن كان الغير أفقه واقرأ وأورع وأفضل منه إن شاء تقدم وإن شاء قدم من يريده وإن كان الذي يقدمه مفضولا بالنسبة إلى باقي الحاضرين لأنه سلطانه فيتصرف فيه كيف شاء ويستحب لصاحب البيت أن يأذن لمن هو أفضل قوله ( وهو إمام المحل ) لأن صاحب الوظيفة منصوب الواقف وبتقديم غيره يفوت غرضه وشرط الواقف كنص الشارع قوله ( ولا ذو سلطان ) فهو أولى من الجميع حتى من ساكن المنزل وصاحب الوظيفة لأن ولايته عامة وروى البخاري أن ابن عمر كان يصلي خلف الحجاج وكفى به فاسقا قال في البناية هذا في الزمن الماضي لأن الولاة كانوا علماء وغالبهم كانوا صلحاء وأما في زماننا فأكثر الولاة ظلمة جهلة اه قوله ( فالأعلم بأحكام الصلاة ) صحة وفسادا وغيرهما وهذا مراد من قال أعلمهم بالفقه وأحكام الشريعة إذ الزائد على ذلك غير محتاج إليه هنا قوله ( الحافظ ما به سنة القراءة ) وأما حفظ مقدار الفرض فمعلوم أنه من شروط الصحة وهذه شروط كمال وفي الدر بشرط اجتنابه للفواحش الظاهرة وحفظه قدر فرض وقيل واجب وقيل سنة وقدم أبو يوسف الأقرأ لحديث ورد في ذلك والمعول عليه قولهما لأن القراءة إنما يحتاج إليها لإقامة ركن واحد والفقه يحتاج إليه لجميع الأركان والواجبات والسنن والمستحبات قوله ( بقدم السلطان ) الظاهر أن ذلك على سبيل الوجوب لأن في تقدم غيره عليه إهانة له وارتكاب المنهي عنه في الحديث وقد علمت ما في البناية قوله ( ولا يؤم الرجل في سلطانه ) أي في مظهر سلطنته ومحل ولايته قوله ( على تكرمته ) بفتح التاء المثناة فوق وكسر الراء الفراش ونحوه مما يبسط لصاحب المنزل ويختص به وقيل المائدة قوله ( أي الأعلم بأحكام القراءة ) من الوقف والوصل والابتداء وكيفية أداء الحروف وما يتعلق بها كذا في مسكين والقهستاني والظاهر أن من يحكم الأداء وإن لم يعلم أحكامه في حكم العالم قوله ( لا مجرد كثرة حفظ ) يعني جودة حفظ أو الأكثر كما قوله ( دونه ) أي دون العالم الكامل المأخوذ من قوله أي الأعلم قوله ( ثم الأسن ) المراد من الأسن أقدمهم إسلاما بدليل ما سبق في الحديث من قوله فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم إسلاما فلا يقدم شيخ أسلم على شاب نشأ في الإسلام نهر وفيه أنه يفوت التنبيه على مرتبة الأسن ولذا جعل بعضهم رتبة الأقدم إسلاما متقدمة على رتبة الأسن وجعلهما مرتبتين وهو حسن قوله ( وليؤمكما أكبركما ) قاله صلى اللّه عليه وسلم لمالك بن الحويرث ولصاحب له وهو ابن عمه حين أراد السفر ولفظه إذا حضرت الصلاة فأذنا ثم أقيما وليؤمكما أكبركما متفق عليه قوله ( أي ألفة بين الناس ) هذا تفسير باللازم فإن من حسن خلقه ألفته الناس فكثرت عليه الجماعة والمصنف تبع في تقديم حسن الخلق على حسن الوجه مواهب الرحمن وفتح القدير وعكس ذلك صاحب الخلاصة والغرر ومسكين لأن الظاهر أول ما يدرك من صفات الكمال أو لأنه كالدليل عليه لأن الظاهر عنوان الباطن قوله ( يدل على حسن السريرة ) أي غالبا وفسره في الكافي بالأكثر صلاة بالليل وحديث من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار لم يثبته المحدثون كحديث من صلى خلف عالم تقي فكأنما صلى خلف نبي قوله ( لأنه الخ ) الأولى زيادة الواو لصلاحيته للتعليل استقلالا قوله ( ثم الأشرف نسبا ) قدم بعضهم عليه الأكثر حسبا والحسب شرف الآباء أو المال أو الدين أو الكرم أو الشرف في العقل أو الفعال الصالحة والحسب والكرم قد يكونان لمن لا آباء له شرفاء والشرف والمجد لا يكونان إلا بهم قوله ( للخضوع ) فإن الخضوع يكون عند سماع الصوت الحسن فهو مما يزيد القرآن حسنا قوله ( ثم الأنظف ثوبا ) وبخط الحموي الأفضل ثوبا وهو يرجع إلى كثرة ثمنه قوله ( فالأحسن زوجة ) أي عنده فيرجع إلى كونه أشد حبا فيها وعبر بالأحسن مريدا به كثرة الحب للتلازم بينهما غالبا فسقط ما في الشرح من قوله ولو قيل أشدهم حبا لزوجته لكان أظهر قوله ( فأكبرهم رأسا ) أي كبرا غير فاحش وإلا كان منفرا قوله ( وأصغرهم عضوا ) فسره بعض المشايخ بالأصغر ذكرا لأن كبره الفاحش يدل غالبا على دناءة الأصل ويحرر ومثل ذلك لا يعلم غالبا إلا بالاطلاع أو الأخبار وهو نادر ويقال مثله في الأحسن زوجة المتقدم قوله ( فأكثرهم مالا ) لأنه لا ينظر إلى مال غيره وتقل أشغاله في الصلاة وذلك لأن اعتبار هذا بعدما تقدم من الأوصاف كالورع فتأمل ومنه يعلم أن المراد المال الحلال قوله ( فأكبرهم جاها ) وقدم بعضهم الأكثر حسبا على الأشرف نسبا وهو يعم الأكثر مالا والأكبر جاها ويقدم الحر الأصلي على العتيق فائدة لا يقدم أحد في التزاحم إلا بمرجح ومنه السبق إلى الدرس والإفتاء والدعوى فإن استووا في المجيء أقرع بينهم در عن الأشباه قال وفي محاسن القراء لابن وهبان وقيل إن لم يكن للشيخ معلوم جاز أن يقدم من شاء وأكثر مشايخنا على تقديم الأسبق وأول من سنه ابن كثير اه قوله ( فالعبرة بما اختاره الأكثر ) قال في شرح المشكاة لعله محمول على الأكثر من العلماء إذا وجدوا وإلا فلا عبرة لكثرة الجاهلين قال تعالى { ولكن أكثرهم لا يعلمون } الزمر ٩٣ قوله ( أو كانوا أحق بالإمامة منه يكره ) قال الحلبي وينبغي أن تكون الكراهة تحريمية لخبر أبي داود ثلاثة لا يقبل اللّه منهم صلاة وعد منهم من تقدم قوما وهم له كارهون قوله ( يكره العالم والصالح ) يصح رجوع كل إلى كل قوله ( فإنهم وفدكم ) الوفد مصدر وفد بمعنى قدم وورد والوافد السابق من الإبل قاموس وفي الشرح الوفود القوم يفدون إلى الملك بالحاجة والإرسال اه فالوفد بمعنى الوافد أي السابق والمعنى أنهم السابقون إلى اللّه تعالى ليحصل لهم مآربهم فيشفعون لكم أو بمعنى الوفود أي الرسل بينكم وبين ربكم والكلام على التشبيه قوله ( وكره إمامة العبد ) وكذا المعتق كما في الدر لغلبة الجهل وأفاد الحموي أن كراهة الإقتداء بالعبد وما عطف عليه تنزيهية أن وجد غيرهم وإلا فلا اه من شرح السيد وسيأتي ما يفيد أن إمامة الفاسق مكروهة تحريما قوله ( إن لم يكن عالما تقيا ) أشار به إلى أن الكراهة في العبيد لا لذاتهم بل لأنهم لاشتغالهم بخدمة المولى لا يتفرغون للعلم فيغلب عليهم الجهل ولندرة التقوى في العبيد فلو انتفى ذلك بأن كان عالما تقيا فلا كراة قوله ( لعدم إهتدائه إلخ ) هذا يقتضي كراهة إمامة الأعشى نهر وهو الذي لا يبصر ليلا قوله ( وصون ثيابه ) عطف على اهتدائه أي ولعدم صونه ثيابه الخ قوله ( فلا كراهة ) لاستخلاف النبي صلى اللّه عليه وسلم ابن أم مكتوم وعتبان بن مالك على المدينة حين خرج إلى غزوة تبوك وكانا أعمين قوله ( والأعرابي ) بفتح الهمزة نسبة إلى الأعراب وهم سكان البادية من العرب وعمم الأزهري والعرب العاربة هم الخلص منهم وهم الذين تكلموا بلغة يعرب بن قحطان وهو اللسان القديم لأنه أول من تكلم بالعربية والعرب المستعربة الذين تكلموا بلسان اسمعيل عليه السلام وهو لغة أهل الحجاز وما والاها والمراد هنا كل من سكن البادية عربيا كان أو أعجميا كالتركمان والأكراد لغلبة الجهل عليهم لبعدهم عن مجالس العلم ومن ثمة قيل أهل الكفور هم أهل القبور وهذا ظاهر في كراهة العامي الذي لا علم عنده كما في البحر والنهر وحكى أن أعرابيا إقتدى بإمام فقرأ الإمام آية الأعراب أشد كفرا ونفاقا فضربه الأعرابي وشج رأسه ثم اقتدى به بعد مدة فرآه الإمام فقرأ آية ومن الأعراب من يؤمن باللّه واليوم إلا آخر فقال الإعرابي الآن نفعك العصا كذا في غاية البيان قوله ( وولد الزنا ) لأنه ليس له أب يعلمه فيغلب عليه الجهل فلو كان عنده علم لا كراهة واختار العيني التعليل بنفرة الناس عنه لكونه متهما وأقره في النهر وعليه فينبغي ثبوت الكراهة مطلقا إن لم يكن جاهلا قوله ( فلذا قيده إلخ ) أي لأجل ما قيد به في قوله عالما وفي الأعمى بقوله وإن لم يوجد أفضل منه فلا كراهة وفي الأعرابي بقوله الجاهل وفي ولد الزنا بقوله الذي لا علم عنده وفيه تأمل بالنظر للأعمى قوله ( إذ لو كان ) أي أحد من ذكر قوله ( فالحكم بالضد ) فالكراهة في تقديم الحضري والحر وولد الرشد والبصير لجههلم لأن إمامة الجاهل مكروهة كيفما كان لعدم علمه بأحكام الصلاة قوله ( ولذا كره إمامة الفاسق ) أي لما ذكر من قوله حتى إذا كان الأعرابي الخ فكراهته لأفضلية غيره عليه والمراد الفاسق بالجارحة لا بالعقيدة لأن ذا سيذكر بالمبتدع والفسق لغة خروج عن الاستقامة وهو معنى قولهم خروج الشيء عن الشيء على وجه الفساد وشرعا خروج عن طاعة اللّه تعالى بارتكاب كبيرة قال القهستاني أي أو إصرار على صغيرة وينبغي أن يراد بلا تأويل وإلا فيشكل بالبغاة وذلك كتمام ومراء وشارب خمر اه قوله ( فتجب إهانته شرعا فلا يعظم بتقديمه للإمامة ) تبع فيه الزيلعي ومفاده كون الكراهة في الفاسق تحريمية قوله ( من علم ) كمنكر الرؤية أو عمل كمن يؤذن بحي على خير العمل أو حال كأن يسكت معتقدا أن مطلق السكوت قربة قوله ( بنوع شبهة أو استحسان ) وجعله دينا قويما وصراطا مستقيما وهو متعلق بقوله بارتكاب قوله ( والصحيح ) أي عنهما قوله ( خلف من لا تكفره بدعته ) فلا تجوز الصلاة خلف من ينكر شفاعة النبي صلى اللّه عليه وسلم أو الكرام الكاتبين أو الرؤية لأنه كافر وان قال لا يرى لجلاله وعظمته فهو مبتدع والمشبه كأن قال للّه يد أو رجل كالعباد كافر وإن قال هو جسم لا كالأجسام فهو مبتدع وإن أنكر خلافة الصديق كفر كمن أنكر الإسراء لا المعراج وألحق في الفتح عمر بالصديق في هذا الحكم وألحق في البرهان عثمان بهما أيضا ولا تجوز الصلاة خلف منكر المسح على الخفين أو صحبة الصديق أو من يسب الشيخين أو يقذف الصديقة ولا خلف من أنكر بعض ما علم من الدين ضرورة لكفره ولا يلتفت إلى تأوله واجتهاده وتجوز خلف من يفضل عليا على غيره قوله ( يكون محرزا ثواب الجماعة ) أي مع الكراهة ان وجد غيرهم وإلا فلا كراهة كما في البحر بحثا وفي السراج هل الأفضل أن يصلي خلف هؤلاء أم الأنفراد قيل أما في الفاسق فالصلاة خلفه أولى وهذا إنما يظهر على أن إمامته مكروهة تنزيها أما على القول بكراهة التحريم فلا وأما الآخرون فيمكن أن يقال الانفراد أولى لجهلهم بشروط الصلاة ويمكن إجراؤهم على قياس الصلاة خلف الفاسق وجزم في البحر بإن الاقتداء بهم أفضل من الإنفراد وتكره الصلاة خلف أمرد وسفيه ومفلوج وأبرص شاع برصه ومراء ومتصنع ومجذوم ولا خلف من أم بأجرة على ما أفتى به المتأخرون أفاد السيد وقال البدر العيني يجوز الاقتداء بالمخالف وكل بر وفاجر ما لم يكن مبتدعا بدعة يكفر بها وما لم يتحقق من إمامه مفسدا لصلاته في إعتقاده اه وإذا لم يجد غير المخالف فلا كراهة في الاقتداء به والاقتداء به أولى من الإنفراد على أن الكراهة لا تنافي الثواب أفاده العلامة نوح قوله ( تطويل الصلاة ) بقراءة أو تسبيح أو غيرهما رضي القوم أم لا لإطلاق الأمر بالتخفيف قوله ( من أم فليخفف ) ذكر الشيخ في كبيره حديث يا أيها الناس إن منكم منفرين من صلى بالناس فليخفف فإن منهم الكبير والضعيف وذا الحاجة رواه الشيخان وهذا يفيد أن الإمام يترك القدر المسنون مراعاة لحال القوم اه يؤيده ما في الصحيحين أنه صلى اللّه عليه وسلم قرأ بالمعوذتين في الفجر فلما فرغ قالوا له أوجزت قال سمعت بكاء صبي فخشيت أن تفتن أمه قوله ( وجماعة العراة ) أي تكره جماعة العراة تحريما للزوم أحد المحظورين وهو إما ترك واجب التقدم أو زيادة الكشف والأفضل صلاتهم منفردين قعودا بالإيماء متباعدين عن بعض لئلا يقع بصرهم على عورة بعض كما أن الأفضل لهم إن صلوا جماعة أن يصلوا قعودا بالإيماء قوله ( وكره جماعة النساء ) تحريما للزوم أحد المحظورين قيام الإمام في الصف الأول وهو مكروه أو تقدم الإمام وهو أيضا مكروه في حقهن سيد عن الدرر ولو أمهن رجل فلا كراهة إلا أن يكون في بيت ليس معهن فيه رجل أو محرم من الإمام أو زوجته فإن كان واحد ممن ذكر معهن فلا كراهة كما لو كان في المسجد مطلقا قوله ( ولا يحضرون الجماعات ) لقوله صلى اللّه عليه وسلم صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في حجرتها وصلاتها في مخدعها أفضل من صلاتها في بيتها اه فالأفضل لها ما كان أستر لها لا فرق بين الفرائض وغيرها كالتراويح إلا صلاة الجنازة فلا تكره جماعتهن فيها لأنها لم تشرع مكررة فلو انفردت تفوتهن ولو أمت المرأة في صلاة الجنازة رجالا لا تعاد لسقوط الفرض بصلاتها قوله ( والمخالفة ) أي مخالفة الأمر لأن اللّه تعالى أمرهن بالقرار في البيوت فقال تعالى { وقرن في بيوتكن } الأحزاب ٣٣ وقال صلى اللّه عليه وسلم بيوتهن خير لهن لو كن يعلمن قوله ( يجب أن يقف الخ ) والخنثى إذا أم يجب تقدمه ونقل الحموي عن الخزانة أن تقدم الإمام منهن جائز قوله ( والإمام من يؤتم به ) هذا جواب عن عدم تأنيث الإمام في المصنف قوله ( ما بين طرفي الشيء ) أي فلا يكون إلا إذا كان متوسطا قوله ( وبالسكون لما يبين بعضه عن بعض ) ولا يشترط فيه الوسط والمقابلة في كلامه ليست على ما ينبغي لأن المناسب أن يقول في الثاني وبالسكون لما كان داخل الشيء أو يقول في الأول والوسط بالتحريك اسم لما يبين بعضه عن بعض وبالسكون ما بين طرفي الشيء وفي السيد عن الصحاح كل موضع صلح فيه بين فبالتسكين كجسلت وسط القوم وإلا فبالتحريك كجلست وسط الدار وربما سكن وليس بالوجه اه وقيل كل منهما يقع موقع الآخر قال ابن الأثير وكأنه الأشبه نهر اه قوله ( ويمد كل منهم رجليه ) كذا في الذخيرة والأولى ما في منية المصلى من قوله يقعد كما في الصلاة فعلى هذا الرجل يفترش وهي تتورك لأنه يحصل به من المبالغة في الستر ما لا يحصل في الهيئة المذكورة مع خلو هذه الهيئة عن مد الرجل إلى القبلة من غير ضرورة بحر ونهر اه ذكره السيد قوله ( ويقف الواحد ) أما الواحدة فتتأخر إلا إذا اقتدت بمثلها وإذا اقتدت مع رجل أقامه عن يمينه وأقامها خلفه قوله ( متأخرا بعقبه ) في كلامه تعارض والذي في شروح الهداية والقدوري والكنز والبرهان والقهستاني أنه يقف مساويا له بدون تقدم وبدون تأخر من غير فرجة في ظاهر الرواية وهذا إذا كان قبل الصلاة فإن كان فيها أشار إليه بيده ليحاذيه قوله ( في الصحيح ) راجع إلى قوله وكذا خلفه فقط ولذا فصله بقوله وكذا وعن محمد أنه يضع أصابعه عند عقب الإمام قوله ( لحديث ابن عباس الخ ) في الحديث دلالة على جواز صلاة النافلة بالجماعة وإن العمل القليل لا يبطل الصلاة وأنه لا يجوز تقدم المأموم على الإمام لأن النبي صلى اللّه عليه وسلم أداره من وراء ظهره وكانت إدارته من بين يديه أيسر وأنه يجوز الصلاة خلفه وإن لم ينو الإمامة لأن النبي صلى اللّه عليه وسلم شرع في صلاته منفردا ثم ائتم به ابن عباس وأن صلاة الصبي صحيحة وأن له موقفا من الإمام كالبالغ وأنه ينبغي للإمام إرشاد المأموم إلى السنة كذا في شروح الحديث قوله ( ويقف الأكثر من واحد ) صادق بالاثنين وكيفيته أن يقف واحد بحذائه والآخر عن يمينه ولو جاء واحد وقف عن يسار الأول الذي هو بحذاء الإمام فيصير الإمام متوسطا ويقف الرابع عن يمين الواقف الذي هو عن يمين من بحذاء الإمام والخامس عن يسار الثالث وهكذا فإذا استوى الجانبان يقوم الجائي عن جهة اليمين وأن ترجح اليمين يقوم عن يسار قهستاني وفي العتابية لو قام الإمام وسط القوم أو قاموا هم عن يمينه أو عن يساره أساؤا اه وفي الفتح عن الدراية ولو قام واحد بجنب الإمام وخلفه صف كره إجماعا وروي عن الإمام أنه قال أكره للإمام أن يقوم بين الساريتين أو في زاوية أو ناحية المسجد أو إلى سارية لأنه خلاف عمل الأمة والصف الأول أفضل إلا إذا خاف ايذاء أحد قوله ( واليتيم ) هو ضميرة بن أبي ضميرة مولى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وقيل اليتيم أخو أنس لأمه واسمه عمير بن أبي طلحة قوله ( وما ورد من القيام بينهما ) أي عن ابن مسعود فإنه صلى بعلقمة والأسود ووقف بينهما وقال هكذا صلى بنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قوله ( فهو دليل الإباحة ) استشكل هذا الجمع بأن الإباحة تقتضي استواء الطرفين وهو ينافي أفضلية أحدهما ولذا ارتضى الكمال أن حديثه منسوخ ولذا قال الحازمي حديث ابن مسعود منسوخ لأنه إنما تعلم هذه الصلاة بمكة إذ فيها التطبيق أي تطبيق اليدين وجعلهما بين فخذيه عند القيام وأحكام أخرى هي الآن متروكة وهذا من جملها ولما قدم صلى اللّه عليه وسلم المدينة تركه وغاية ما فيه خفاء الناسخ على عبداللّه بن مسعود وليس ببعيد وفي السيد وان كثر القوم كره قيام الإمام وسطهم تحريما لترك الواجب وتمامه فيه ولا تنس ما مر عن العتابية قوله ( ويصف الرجال ) ولو عبيدا حموي قوله ( ليلني الخ ) هو بكسر اللامين وتخفيف النون من غير ياء قبل النون ويجوز إثبات الياء مع تشديد النون على التوكيد قاله النووي في شرح مسلم من ولي يلي وليا وهو القرب وأمر الغائب ليل لأن الياء تسقط للأمر وأمر الحاضر ل مثل ق بناية والأحلام جمع حلم بضم الحاء واللام وهو ما يراه النائم أريد به البالغون مجازا لأن الحلم سبب البلوغ والنهي جمع نهية بضم النون فيهما وهو العقل الناهي عن القبايح قوله ( فيأمرهم الإمام بذلك ) تفريع على الحديث الدال على طلب الموالاة واسم الإشارة راجع إليها ويأمرهم أيضا بأن يتراصوا ويسدوا الخلل ويستووا مناكبهم وصدورهم كما في الدر عن الشمني وفي الفتح ومن سنن الصف التراص فيه والمقاربة بين الصف والصف والاستواء فيه قوله ( استووا ) أي في الصف قوله ( تستو ) بحدف الياء جواب الأمر وهذا سر علمه الشارع صلى اللّه عليه وسلم كما علم أن اختلاف الصف يقتضي اختلاف القلوب قوله ( أقيموا الصفوف ) أي عدلوهها قوله ( وحاذوا بين المناكب ) ورد كأن أحدنا يلزق منكبه بمنكب صاحبه وقدمه بقدمه قوله ( وسدوا الخلل ) أي الفرج روى البزار بإسناد حسن عنه صلى اللّه عليه وسلم من سد فرجة في الصف غفر له قوله ( ولينوا بأيديكم إخوانكم ) هكذا في الشرح وهو يقتضي قراءة لينوا بالتشديد أمر للداخل في الصف أن يضع يده ليلين صاحبه له والذي في رواية الإمام أحمد وأبي داود عن أبي عمر ولينوا بأيدي إخوانكم وعليه فيقرأ بالتخفيف أمر لمن في الصف أن يلين لأخيه إذا وضع يده على منكبه ليدخل في الصف والباء للسببية أي بسبب وضع أيدي إخوانكم قوله ( لا تذروا فرجات للشيطان ) روي ان الشيطان يدخل الفرجة للوسوسة قوله ( وصله اللّه ) خير أو دعاء له بوصله بالخير قوله ( ومن قطع صفا قطعه اللّه ) المراد من قطع الصف كما في المناوي أن يكون فيه فيخرج لغير حاجة أو يأتي إلى صف ويترك بينه وبين من في الصف فرجة قال ولا يبعد أن يراد بقطع الصف ما يشمل ما لو صلى في الثاني مثلا مع وجود فرجة في الصف الأول اه قوله ( وبهذا يعلم الخ ) أي بقول صلى اللّه عليه وسلم ولينوا بأيديكم إخوانكم قوله ( على ما أمر به النبي صلى اللّه عليه وسلم ) أي من إدراك للفضيلة بسد الفرجات وهذا الكلام للكمال أقره في البحر قال المحقق الكمال والأحاديث في هذا شهيرة كثيرة اه قوله ( لتركهم سد الأول ) أي فلا حرمة لهم لتقصيرهم بحر عن القنية قوله ( ولو كان الصف منتظما الخ ) الأصح أنه ينتظر إلى الرجوع فإن جاء رجل وإلا جذب إليه رجلا أو دخل في الصف والقيام وحده أولى في زماننا لغلبة الجهل فلعل إذا جره تفسد صلاته وقيل إن رأى من لا يتأذى بجذبه لصداقة أو دين زاحمه أو عالما جذبه قالوا لو جاء واحد والصف ملآن يجذب واحدا منه ليكون معه صفا آخر وينبغي لذلك الواحد أن لا يجيبه فتنتفي الكراهة عن هذا أي الجائي لأنه فعل وسعه قوله ( وهذه ترد ) أي هذه المسألة وهو قوله جذب عالما الخ لأن تأخره للمجذوب بقدر ما يقف مع الجاذب أقوى وأكثر فعلا من مجرد تليين منكبه وتفسيحه للداخل بجنبه أو تقدمه خطوة أو خطوتين قوله ( القول بفساد الخ ) ذكره في مجمع الروايات وكتاب المتجانس معللا له بأنه امتثل أمر غير اللّه تعالى في الصلاة قال وينبغي أن يمكث ساعة ثم يتأخر ورد بأنه تعليل في مقابلة النص وليس فيه عمل كثير ومجرد الحركة الواحدة كالحركتين لا تفسد به الصلاة وامتثاله إنما هو لأمر اللّه تعالى وأمر رسوله صلى اللّه عليه وسلم فلا يضر وقوله وأفضل الصفوف أولها أي في غير جنازة لما روي أن اللّه وملائكته يصلون على الصف الأول وقال في القنية القيام في الصف الأول أفضل من الصف الثاني والثاني أفضل من الثالث وهكذا وهذا أيضا في حق الرجال وأما في حق النساء فأفضلها آخرها كما ورد في الحديث قوله ( ثم إلى الميامن ثم إلى المياسر ) أي من الصف الأول وجمعه باعتبار أن كل واحد من القائمين في ميمنة وميسرة قوله ( وللذي في سائر الصفوف خمسة وعشرون صلاة ) الذي في عبارة غيره خمس بدون تاء هنا وفي الذي قبله وهو الموافق للقواعد النحوية ثم الظاهر أنه بيان لأقل المضاعفة وإلا فقد تقدم أنه بكل واحد من الجماعة تزاد صلاة على هذه المضاعفة قوله ( ثم يصف الصبيان ) بكسر الصاد والضم لغة قوله ( لقول أبي مالك الخ ) لم يذكر الخنائي فيه لندرة وجودهن قوله ( يقوم الصبي الخ ) ولو كان مع رجل تقدمهما الإمام بخلاف المرأة فلا بد من تأخرها قوله ( ثم الخناش ) بالفتح كحبالى ويجمع على خناث كأناس قاموس وهو ماله آلة الرجال والنساء جميعا قهستاني أو فاقدهما معا قوله ( لأنه ) أي الخنثى المشكل علة لقوله ثم الخناش المقتضى تأخره عن الصبيان قوله ( وهو معامل بالأضر في أحوال ) فيقدم على النساء لاحتمال ذكورته ويؤخر عن الرجال لاحتمال أنوثته ولا يجعلون صفين لاحتمال أنوثة المتقدم وذكورة المتأخر ولا يتحاذون لاحتمال الذكورة والأنوثة وتقدم أنه ينويه الإمام وإلا لا تصح صلاته قوله ( وإلا فهن ممنوعات عن حضور الجماعات ) مطلقا ولو كن عجائز قال في زاد الفقير وعلى هذا الترتيب وضع جنائزهم يعني للصلاة عليهم فيكون الأفضل مما يلي الإمام ومن دونه مما يلي القبلة وفي القبر بالعكس توضع الرجال مما يلي القبلة ثم سائرهم ويجعل بين كل واحد والآخر حاجز من تراب أو رمل قال شارحه ليصير بمثابة قبرين قال وهذا عند الضرورة وإلا فالأفضل وضع كل في قبر على حدة واللّه سبحانه وتعالى أعلم وأستغفر اللّه العظيم فصل فيما يفعله المقتدي اعلم ان المقتدي ثلاثة أقسام مدرك ولاحق ومسبوق فالمدرك من صلى الركعات كلها مع الإمام واللاحق هو من دخل معه وفاته كلها أو بعضها بأن عرض له نوم أو غفلة أو زحمة أو سبق حدث أو كان مقيما خلف مسافر وحكمه كمؤتم حقيقة فلا يأتي فيما يقضي بقراءة ولا سهو ولا يتغير فرضه أربعا بنية الإقامة ويبدأ بقضاء ما فاته ثم يتبع إمامه إن أمكنه أن يدركه بعد ذلك فيسلم معه وإلا تابعه ولا يشتغل بالقضاء حتى يفرغ الإمام من صلاته ولا يسجد مع الإمام لسهو الإمام بل يقوم للقضاء ثم يسجد عن ذلك بعد الختم ولا يقعد عن الثانية إذا لم يقعد الإمام ولا يقتدي به فإن كان مسبوقا أيضا فقام للقضاء فإنه يصلي أولا ما نام فيه مثلا بلا قراءة ثم يصلي ما سبق به بها ولو عكس صح عندنا خلافا الزفر وأثم لترك الترتيب كما في الفتح وغيره والمسبوق هو من سبقه الإمام بكلها أو بعضها وحكمه أنه يقضي أول صلاته في حق القراءة وآخرها في حق القعدة وهو منفرد فيما يقضيه إلا في أربع لا يجوز اقتداؤه ولا الاقتداء به ويأتي بتكبيرات التشريق إجماعا ولو كبر ينوي الاستئناف للصلاة يصير مستأنفا ولو قام لقضاء ما سبق به وسجد أمامه لسهو تابعه فيه إن لم يقيد الركعة بسجدة فإن لم يتابعه سجد في آخر صلاته قوله ( وغيره ) عطف على قوله ما يفعله أي وما لا يفعله كما لو رفع الإمام رأسه قبل تسبيح المقتدي ثلاثا فإنه لا يتمها ويحتمل غير ذلك قوله ( أو تكلم ) فالكلام منه كالسلام بخلاف الحدث العمد فمسد قوله ( يتمه ) أي على قولهما وقال محمد لا يتمه لخروجه من الصلاة بسلام إمامه أفاده السيد قوله ( لبقاء حرمة الصلاة ) أي في حق المأموم قوله ( وأما إن أحدث الإمام عمدا ) احترز بالعمد عما لو سبقه حدث بعد التشهد فإنه يذهب يتوضأ ويسلم ويستخلف من يسلم بالقوم قوله ( فلا يبنى على فاسد ) فليس عليه أن يسلم وإن سلم لا يصادف محلا قوله ( لكن يجب إعادتها ) أي ما دام الوقت باقيا كما في كثير من الكتب ذكره السيد قوله ( وإذا لم يجلس ) أفاد بذكر الجلوس ان العبرة له لا لقراءة التشهد وان لزم بتركه كراهة التحريم قوله ( ولو قام الإمام إلى الثالثة ) لما ذكر السلام في الأخيرة ذكر القيام في العقدة الأولى وكان الأولى عكس ما ذكره قوله ( وإن لم يتمه جاز ) لتعارض واجبين فمتخير بينهما وهذا هو المشهور في المذهب قوله ( يتمه ) أي وجوبا قوله ( لا يفوته في الحقيقة ) أي وإنما يفوته مقارنة الإمام فيه قوله ( ومعارضة واجب آخر ) وهو المقارنة في المتابعة قوله ( لاتيانه به ) أي بالواجب الآخر قوله ( بعده ) أي بعد فعل ما هو فيه من الواجب قوله ( أشار إليه ) أي إلى ما أفاده التعليل من أنه يترك السنة ولا يؤخر واجب المتابعة قوله ( لأن من أهل العلم الخ ) قد مر أنه أبو مطيع البلخي تلميذ الإمام وحجته الأمر بها في الحديث قوله ( ولو زاد الإمام سجدة ) في أي ركعة كانت قوله ( لا يتبعه المؤتم ) المناسب أن يزيد هنا ما ذكره بعد من قوله وسبح ليتنبه إمامه وكما لا يتبعه فيما ذكر لا يتبعه في تكبيرات العيد لو زاد على أقاويل الصحابة إذا سمعه من الإمام ولو سمع من المقتدى تابعه لاحتمال خطأ منه فيما زاده من التكبير ولا يتبعه أيضا لو زاد خامسة في صلاة الجنازة قوله ( فيما ليس من صلاته ) أشار به إلى العلة في عدم الاتباع وهي أن الذي أتى به الإمام ليس من الصلاة أي ليس من أصل الصلاة وبه صرح في الشرح قوله ( ساهيا ) ولو كان عامدا فله أن يعود أيضا ما لم يقيد بسجدة ولا تفسد الصلاة مع الكراهة لأن زيادة ما دون الركعة لا تفسد الصلاة قوله ( قبل أن يقيد ) وكذا إذا سلم بعده وإنما نص على المتوهم قوله ( بركن القعود ) الإضافة بيانية قوله ( بتقييد الإمام الزائدة ) فتفسد على الإمام والمؤتم قوله ( وكره سلام المقتدي الخ ) أي تحريما للنهي عن الاختلاف على الإمام إلا أن يكون القيام لضرورة صون صلاته عن الفساد كخوف حدث لو انتظر السلام وخروج وقت فجر وجمعة وعيد ومعذور وتمام مدة مسح ومرور مار بين يديه فلا يكره حينئذ أن يقوم بعد القعود قدر التشهد قبل السلام قوله ( لوجود فرض القعود ) الأولى تأخيره بعد قوله وصحت صلاته قوله ( لتركه المتابعة ) علة لقوله وكره وأفاد به أن الكراهة تحريمية قوله ( وبطلت صلاة الإمام ) أي بوجود ما ذكر قوله ( على المرجوح ) وهو القول بأن الخروج بالصنع فرض قوله ( وعلى الصحيح ) أي من عدم افتراض الخروج بالصنع قوله ( كما سنذكره ) أي في المسائل الأثنى عشرية إن شاء اللّه تعالى واللّه عز وجل أعلم وأستغفر اللّه العظيم فصل في صفة الأذكار قوله ( وغيره ) أي غير ما ذكر أو غير الفضل كبيان التحول ورفع الأيدي عند الدعاء ومسح الوجه بهما قوله ( متصلا بالفرض ) المراد بالوصل أن لا يفصل بغير ما سيأتي فلا ينافي قوله غير أنه يستحب الخ ولم يتكلم على الفصل بين السنن كما إذا صلى سنة الظهر مثلا البعدية أربعا وفصل بينها بسلام والظاهر استحباب عدم الفصل بشيء أصلا وحرره نقلا قوله ( كما كان عليه السلام الخ ) الكاف للتعليل أي لكونه صلى اللّه عليه وسلم كان يمكث الخ قوله ( اللّهم أنت السلام ) أي ذو السلامة من كل نقص فهو اسم مصدر أخبر به للمبالغة قوله ( ومنك السلام ) أي والسلامة من كل شر حاصلة منك لا من غيرك قوله ( واليك يعود السلام ) قال في شرح المشكاة عن الجزري وأما ما يزاد بعد قوله ومنك السلام من نحو وإليك يرجع السلام فحينا ربنا بالسلام وأدخلنا دار السلام فلا أصل له بل مختلق بعض القصاص اه ويؤيد ذلك ما ذكره المؤلف بعد من رواية مسلم قوله ( تباركت ) أي كثر خيرك قوله ( يا ذا الجلال ) أي العظمة وهو جامع لجميع الفضائل قوله ( والإكرام ) أي الإنعام وهو إسداء النعم وهو جامع لجميع الفواضل وفي رواية عائشة رضي اللّه عنها قالت كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لا يقعد إلا مقدار ما يقول اللّهم أنت السلام الخ وهي تفيد كالذي ذكره المؤلف أنه ليس المراد أنه كان يقول ذلك بعينه بل كان يقعد زمانا يسع ذلك المقدار ونحوه من القول تقريبا فلا ينافي ما في الصحيحين عن المغيرة أنه صلى اللّه عليه وسلم كان يقول دبر كل صلاة مكتوبة لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير اللّهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد وهذا لا ينافي ما في مسلم عن عبد اللّه بن الزبير كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا فرغ من صلاته قال بصوته الأعلى لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ولا حول ولا قوة إلا باللّه العلي العظيم ولا نعبد إلا إياه وله الفضل وله الثناء الحسن لا إله إلا اللّه مخصلين له الدين ولو كره الكافرون لأن المقدار المذكور من حيث التقريب دون التحديد قد يسع كل واحد من هذه الأذكار لعدم التفاوت الكثير بينها ويستفاد من الحديث الأخير جواز رفع الصوت بالذكر والتكبير عقب المكتوبات بل من السلف من قال باستحبابه وجزم به ابن حزم من المتأخرين قوله ( التي تؤخر عنه السنة ) الأولى الاقتصار على الجملة الثانية قوله ( قلت ولعل المراد الخ ) أقول لعل ذلك لم يقو قوة الحديث المتقدم فلذا لم ينص عليه أهل المذهب والخير في الاتباع قوله ( بعد المغرب ) إنما خصها لأن السنة تعقبها وإلا فقد ورد في الفجر مثل ذلك قوله ( والمعوذات ) فيه تغليب المعوذتين على الصمدية ومن ثمرات ذلك إلا من الفتن والبلاء إلى الجمعة الأخرى وزيادة ثلاثة أيام وتكفير جميع الذنوب كما ذكره الأجهوري في فضائل رمضان واعلم أن محل الكلام السابق فيما إذا صلى السنة في المسجد مثلا أما إذا أراد الانتقال إلى البيت لفعلها فلا يكره الفصل وإن زاد على القدر المسنون قوله ( ويخالفه الخ ) تنتفي المخالفة بحمل الكراهة المذكورة في الاختيار على التنزيهية وهي معنى قول الحلواني لا بأس لأنها تستعمل فيما خلافه أولى منه أو يحمل ما في الاختيار على كراهة التحريم ويحمل على الأدعية الطويلة وحينئذ يكون ما قاله الحلواني محمولا على الفصل بنحو اللّهم أنت السلام ولا بأس مستعملة في مطلق الجواز قوله ( والدعاء ) هذا لا ينافي الإتيان باللّهم أنت السلام الخ لأنه ليس دعاء بل ثناء إلا أن يراد بالدعاء ما يعم الذكر أو هو بالنظر إلى قوله فحينا الخ دعاء على ما فيه قوله ( وعن عائشة الخ ) هو من جملة ما في الاختيار كما يفيده كلامه في كبيره وحينئذ فتحمل الكراهة على الإتيان بما هو أزيد من ذلك أو المراد بالدعاء حقيقته وهو أحد الاحتمالين السابقين قوله ( بما ليس من توابع الصلاة ) كأكل وشرب قوله ( وقد أشرنا الخ ) لا تفهم تلك الإشارة مما سبق لأن ما سبق في الفصل بالأوراد وهذا في الفصل بالكلام الكثير ولا يفهم حكم أحدهما من الآخر قوله ( إلى أنه إذا تكلم الخ ) مثل ذلك ما إذا أخر السنة إلى آخر الوقت على الأصح وقيل لا تكون سنة وظاهر كلامه يعم القبلية والبعدية والأفضل الوصل فيهما قوله ( أداؤها فيما هو أبعد من الرياء ) أي ما عدا التراويح فإن الأفضل فيها المسجد أفاده الشرح وما عدا تحية المسجد قوله ( وأجمع للخلوص ) أي أكثر إخلاصا وهو أعم مما قبله قوله ( أو غيره ) أو بمعنى الواو لأن التسوية لا تقع إلا بين متعدد وأو لأحد الشيئين أو الأشياء وفي نسخ بالواو قوله ( لأن لليمين فضلا ) هذا علة لمحذوف أي وإنما اختير يمين القبلة عن يسارها وإن كان جائزا الآن الخ قوله ( ولدفع الاشتباه الخ ) هذه العلة لأصل التحول لا لكونه لجهة اليمين فالأولى ذكرها عند قوله أن يتحول قوله ( وكذلك للقوم ) أي وكذلك يستحب للقوم وهو عطف على قوله ويستحب للإمام ودليله ما روى أبو هريرة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أيعجز أحدكم أن يتقدم أو يتأخر أو عن يمينه أو عن شماله في الصلاة يعني في السبحة رواه أبو داود وابن ماجه وقال بعض مشايخنا لا حرج عليهم في ترك الانتقال لانعدام الاشتباه على الداخل عند معاينة فراغ مكان الإمام عنه قوله ( لما روي أن مكان المصلى الخ ) روى أبو هريرة أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم تلا يومئذ تحدث أخبارها قال أتدرون ما أخبارها قالوا اللّه ورسوله أعلم قال فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد وأمة بما عمل على ظهرها تقول عمل كذا في كذا رواه الترمذي وقال حسن صحيح ونقل القرطبي في تفسير قوله تعالى { فما بكت عليهم السماء والأرض } عن علي وابن عباس رضي اللّه عنهما أنه يبكي على المؤمن مصلاه من الأرض ومصعد عمله من السماء وتقدير الآية على هذا فما بكت عليهم مصاعد أعمالهم من السماء ولا مواضع عبادتهم من الأرض اه ومن هنا قال عطاء الخراساني ما من عبد يسجد للّه تعالى سجدة في بقعة من بقاع الأرض إلا شهدت له يوم القيامة وبكت عليه يوم يموت اه ابن أمير حاج ملخصا قوله ( ويستحب أن يستقبل بعدها إلخ ) سواء كان الجماعة عشرة أو أقل خلافا لمن فصل وروي في ذلك حديثا موضوا و صنيعه كغير يفيد أن الإمام مخير بعد الفراغ من التطوع أو المكتوبة إذا لم يكن بعدها تطوع إن شاء انحرف عن يمينه وإن شاء عن يساره وإن شاء ذهب إلى حوائجه وإن شاء استقبل الناس بوجهه واعلم ان هذه الأربعة غير التحول للتطوع لأنه يفعلها بعده فتأمل قوله ( إن لم يكن في مقابلة مصل ) فإن كان يكره لما في الصحيحين كره عثمان رضي اللّه عنه أن يستقبل الرجل وهو يصل وحكاه عياض عن عامة العلماء ولم يفصل بين ما إذا كان المصلي في الصف الأول أو الأخير وهو ظاهر المذهب وإن كان بينهما صفوف لأن جلوس الإمام مستقبلا له وإن كان بعيدا عنه بمنزلة جلوسه بين يديه قالابن أمير حاج والذي يظهر أنه إذا كان بين الإمام والمصلى بحذائه رجل جالس ظهره إلى وجه المصلي أنه لا يكره للإمام استقبال القوم لأنه في هذه الحالة لا يكره المرور قدام المصلي لحيلولة ذلك الرجل بينه وبين المصلي فكذا هنا يكون حائلا لاستقبال من وراءه قال ولعل محمدا رحمه اللّه تعالى إنما لم يذكر هذا القيد للعلم به قوله ( والأمر للإباحة ) أصل هذا الكلام للحلبي وتمامه فيه وكونه في الجمعة لا ينافي كونه في غيرها بل يثبته بطريق الدلالة قوله ( في دبر كل صلاة الخ ) صنيع المصنف يقتضي أن المراد كل صلاة من المفروضات قوله ( وإن كان فر من الزحف ) أي من صف القتال المطلوب شرعا كقتل الكفار وأطلق زحفا على زاحف والمراد به ما تقدم وفي الحديث ما يفيد أن هذا الاستغفار يكفر الكبائر لأن الفرار من الكبائر كما في الحديث وهي طريقة لبعض العلماء قوله ( لم يمنعه من دخول الجنة إلا الموت ) معناه أنه إذا مات دخل الجنة والمراد أن روحه تستقر فيها أو المراد بالدخول التنعم يعني أنه بمجرد موته وصل إلى تنعمه بنعيم الجنة فإن القبر إما روضة من رياض الجنة وإما حفرة من حفر النار قوله ( آمنه اللّه على داره الخ ) أي حفظ اللّه تعالى ما ذكر وورد أن من قرأها مع خواتيم سورة البقرة في مكان ثلاث ليال لم يقربه شيطان أبدا قوله ( ويقرؤون المعوذات ) تقدم أن فيه تغليبا والمراد الصمدية والمعوذتان روى الطبراني في بعض طرق حديث آية الكرسي زيادة قل هو اللّه أحد وصنيعه يفيد أن هذه الكيفية المذكورة لم يرد بها حديث واحد وإنما جمعت من أحاديث متعددة قوله ( من سبح اللّه في دبر كل صلاة الخ ) يشمل الفرض والنفل لكن حمله أكثر العلماء على الفرض فإنه ورد في حديث كعب بن عجرة عند مسلم التقييد بالمكتوبة فكأنهم حملوا المطلق على المقيد وهذا الترتيب وقع في أكثر الأحاديث وفي بعض الروايات تقديم التكبير على التحميد خاصة وفي رواية تقديم التحميد على التسبيح فدل ذلك على أنه لا ترتيب فيها ويمكن أن يقال الأولى البداءة بالتسبيح لأنه من باب التخلية ثم التحميد لأنه من باب التحلية ثم التكبير لأنه تعظيم وورد إحدى عشرة من كل وورد عشرا وورد ستا وورد مرة واحدة وورد سبعين وورد مائة فقد اختلفت الروايات في تعيين هذه الأعداد وكل ذلك لا يكون إلا عن حكمة وإن خفيت علينا فيجب علينا أن نمتثل ذلك قال الحافظ الزين العراقي وكل ذلك حسن وما زاد فهو أحب إلى اللّه تعالى وجمع البغوي بأنه يحتمل صدور ذلك في أوقات متعددة وأن يكون ذلك على سبيل التخيير أو يفترق بافتراق الأحوال كما ذكره البدر العيني في شرح البخاري والمنلا علي في شرح المشكاة وفي الإتيان بالثلاث والثلاثين إتيان بما هو دون ذلك قال البدر العيني فسقط ما قيل ان هذه الأعداد الواردة عقب الصلوات من الأذكار إذا كان لها عدد مخصوص مع ثواب مخصوص فزاد الآتي بها على عددها عمدا لا يحصل له ذلك الثواب الوارد في الإتيان بالعدد الناقص فلعل لتلك الأعداد حكمة وخاصية تفوت بمجاوزة تلك الأعداد وتعديها وليس هذا إلا تهافتا والصواب ما قلنا لأن هذه الأعداد ليست من الحدود التي نهي عن تعديها ومجاوزة أعدادها بل مما يتنافس فيه المتنافسون ويرغب فيه الراغبون والطاعة لا حصر فيها فإن قلت هل الشرط في تحصيل السنة والفضل الموعود به أن يقول الذكر المنصوص عليه بالعدد متتابعا أم لا وفي مجلس واحد أم لا قلت كل ذلك ليس بشرط لكن الأفضل أن يأتي به متتابعا في الوقت الذي عين فيه اه ملخصا وصح أنه صلى اللّه عليه وسلم كان يعقد التسبيح بيمينه وورد أنه قال واعقدوه بالأنامل فإنهن مسؤولات مستنطقات وجاء بسند ضعيف عن علي مرفوعا نعم المذكر السبحة قالابن حجر والروايات بالتسبح بالنوى والحصا كثيرة عن الصحابة وبعض أمهات المؤمنين بل رآها صلى اللّه عليه وسلم وأقرا عليه وعقد التسبيح بالأنامل أفضل من السبحة وقيل إن أمن من الغلط فهو أولى وإلا فهي أولى كذا في شرح المشكاة قوله ( وفيما قدمناه الخ ) قدمه قريبا بلفظ وقوله صلى اللّه عليه وسلم لفقراء المهاجرين تسبحون وتكبرون وتحمدون دبر كل صلاة الخ لا يقتضي اه قوله ( وهو حديث المهاجرين ) بيان لما قدمه روى البخاري من حديث أبي هريرة رضي اللّه عنه قال جاء الفقراء إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم فقالوا ذهب أهل الدثور من الأموال بالدرجات العلا والنعيم المقيم يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ولهم فضل أموال يحجون ويعتمرون ويجاهدون ويتصدقون فقال ألا أحدثكم بما إن أخذتم به أدركتم من سبقكم ولم يدرككم أحد بعدكم وكنتم خير من أنتم بين ظهرانيهم إلا من عمل مثله تسبحون وتحمدون وتكبرون خلف كل صلاة ثلاثا وثلاثين اه قوله ( ثم يدعون لأنفسهم ) يبدؤون بها لقوله صلى اللّه عليه وسلم أبدأ بنفسك الحديث وهو وإن ورد في الانفاق فالمحققون يستعملونه في أمور الآخرة أيضا حتى قالوا يجب على العالم أن يبدأ بعياله في التعليم يدل عليه قوله تعالى { قوا أنفسكم وأهليكم نارا } ذكره الأبياري في شرح الجامع الصغير قوله ( بالأدعية المأثورة الجامعة ) وينبغي أن يلح بالدعاء مرة بعد أخرى وقتا بعد وقت وأن يكرره ثلاثا ويكره أن يرفع بصره إلى السماء لما فيه من ترك الأدب وتوهم الجهة وقد نهى النبي صلى اللّه عليه وسلم عن ذلك كما في شرح الحصن الحصين وأن يخص صلاة أو وقتا بدعاء لأنه يقسي القلب وأن يعتدي في الدعاء لقوله عز وجل انه لا يحب المعتدين واختلف في تفسيره فقيل هو أن يدعو بمستحيل شرعا أو عقلا وقيل هو طلب ما لا يليق به كمراتب الأنبياء وقيل هو الصياح به وقيل تكلف السجع وقيل الإطناب فيه وقيل طلب أمر لا يعلم حقيقته وأفاد المصنف بقوله وللمسلمين جواز الدعاء لهم عموما لقوله تعالى حكاية عن إبراهيم { ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب } ابراهيم ٤١ وقوله تعالى { واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات } غافر ٠٤ ولا يلزم من سؤال المغفرة أن يغفر لهم فقد لا يستجاب له ويكون في الدعاء بالاستغفار إظهار الافتقار إلى اللّه تعالى وعلى تقدير الإجابة لا يلزم أن يغفر لهم جميع الذنوب فقد يغفر لهم البعض دون البعض كما ذكره ابن العماد وبهذا يسقط ما ذكره العراقي من حرمة الدعاء للمؤمنين بغفران جميع الذنوب قوله ( واللّه اني لأحبك الخ ) ينبغي العمل بها لأنها وصية المحب للمحبوب ومن الأدب في الدعاء أن يدعو بخشوع وتذلل وخفض صوت أي بأن يكون بين المخافتة والجهر كما في الأذكار عن الأحياء ليكون أقرب إلى الإجابة قوله ( حذاء الصدر وبطونها مما يلي الوجه ) الذي في الحصن الحصين وشرحه أن يرفعهما حذاء منكبيه باسطا كفيه نحو السماء لأنها قبلة الدعاء اه قال بعض الأفاضل ولا منافاة بينهما لأن المراد أن لا يجعل بطونهما جهة الأرض والتفاوت في مقدار الرفع قليل كما يشير إليه ما في أبي داود عن ابن عباس قال المسألة أن ترفع يديك حذو منكبيك أو دونهما وأما ما روي أنه كان يرفع يديه حتى يرى بياض إبطيه فمحمول على بيان الجواز أو على حالة الاستسقاء ونحوها من شدة البلاء والمبالغة في الدعاء وفي النهر من فعل كيفيته المستحبة أن يكون بين الكفين فرجة وإن قلت وأن لا يضع إحدى يديه على الأرض فإن كان لا يقدر على رفع يديه لعذر أو برد فأشار بالمسبحة أجزأ اه لكن في شرح الحصن الحصين والظاهر أن من الأدب أيضا ضم اليدين وتوجيه أصابعهما نحو القبلة وفي شرح المشكاة ورد أنه صلى اللّه عليه وسلم يوم عرفة جمع بين كفيه في الدعاء وأن أريد بالضم في كلام القرب التام لا ينافي وجود الفرجة القليلة وأما قوله جمع بين كفيه لا ينافيه أيضا لأن المعنى جمع بينهما في الرفع ولم يفرد أحدهما به قوله ( رب العزة ) أي العظمة وقيل هي حية عظيمة دائرة بالعرش قريب ذنبها من رأسها فإذا اجتمعا قامت القيامة قوله ( من أحب أن يكتال بالمكيال الأوفى ) المراد به تكثير الأجر قوله ( ثم يمسحون بها وجوههم ) الحكمة في ذلك عود البركة عليه وسرايتها إلى باطنه وتفاؤلا بدفع البلاء وحصول العطاء ولا يمسح بيد واحدة لأنه فعل المتكبرين ودل الحديث على أنه إذا لم يرفع يديه في الدعاء لم يمسح بهما وهو قيد حسن لأنه صلى اللّه عليه وسلم كان يدعو كثيرا كما هو في الصلاة والطواف وغيرهما من الدعوات المأثورة دبر الصلوات وعند النوم وبعد الأكل وأمثال ذلك ولم يرفع يديه ولم يمسح بهما وجهه أفاده في شرح المشكاة وشرح الحصن الحصين وغيرهما فروع اختلف هل الإسرار في الذكر أفضل فقيل نعم لأحاديث كثيرة تدل عليه منها خير الذكر الخفي وخير الرزق ما يكفي ولأن الإسرار أبلغ في الإخلاص وأقرب إلى الإجابة وقيل الجهر أفضل لأحاديث كثيرة منها ما رواه ابن الزبير كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا سلم من صلاته قال بصوته إلا على لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له وتقدم وقد كان صلى اللّه عليه وسلم إذا سلم من صلاته قال بصوته إلا على لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له وتقدم وقد كان صلى اللّه عليه وسلم يأمر من يقرأ القرآن في المسجد أن يسمع قراءته وكان ابن عمر يأمر من يقرأ عليه وعلى أصحابه وهم يستمعون ولأنه أكثر عملا وأبلغ في التدبر ونفعه متعد لإيقاظ قلوب الغافلين وجمع بين الأحاديث الواردة بأن ذلك يختلف بحسب الأشخاص والأحوال فمتى خاف الرياء أو تأذى به أحد كان الإسرار أفضل ومتى فقد ما ذكر كان الجهر أفضل قال في الفتاوى لا يمنع من الجهز بالذكر في المساجد احترازا عن الدخول تحت قوله تعالى { ومن أظلم ممن منع مساجد اللّه أن يذكر فيها اسمه } البقرة ٢ كذا في البزازية ونص الشعراني في ذكر الذاكر للمذكور والشاكر للمشكور ما لفظه وأجمع العلماء سلفا وخلفا على استحباب ذكر اللّه تعالى جماعة في المساجد وغيرها من غير نكير إلا أن يشوش جهرهم بالذكر على نائم أو مصل أو قارىء قرآن كما هو مقرر في كتب الفقه وفي الحلبي الأفضل الجهر بالقراءة إن لم يكن عند قوم مشغولين ما لم يخالطه رياء اه وفي الدرة المنيفة عن القنية يكره للقوم أن يقرؤوا القرآن جملة لتضمنها ترك الاستماع والإنصات وقيل لا بأس به اه وفيها أيضا قراءة القرآن في الحمام إن لم يكن ثمة أحد مكشوف العورة وكان الموضع طاهرا تجوز جهرا وخفية وإن لم يكن كذلك فإن قرأ في نفسه فلا بأس به ويكره الجهر اه وفي الدر من الكراهة أيضا الترجيع بالقراءة والأذان بالصوت الطيب طيب ما لم يزد حرفا فيكره له ولمستمعه وقول القائل لمن زاد ذلك حين سكت أحسنت ان لسكوته فحسن وإن لتلك القراءة يخشى عليه الكفر اه وفيه أيضا التغني بالقرآن إذا لم يخرج بألحانه عن قدر ما هو صحيح في العربية مستحسن والتغني حرام إذا كان بذكر امرأة معينة حية أو وصف خمر يهيج إليها أو قصد هجو ولو لذمي وأجاز بعضهم الغناء في العرس كضرب الدف فيه ومنهم من أباحه مطلقا ومنهم من كرهه مطلقا ذكره العيني وتبعه الباقاني قلت لكن في البحر والمذهب حرمته مطلقا فانقطع الاختلاف بل ظاهر الهداية أنها كبيرة ولو لنفسه وهو قول شيخ الإسلام وكذا لسامعه وحاضره اه من سكب الأنهر ملخصا وذكر ابن الجزري في الحصن الحصين أن كل ذكر مشروع أي مأمور به في الشرع واجبا كان أو مستحبا لا يعتد بشيء منه حتى يتلفظ به ويسمع به نفسه اه والمعنى أنه إذا قرأ في قلبه حال القراءة أو سبح بقلبه في الركوع والسجود لا يكون آتيا بفرض القراءة وسنة التسبيح وإلا فقد أخرج أبو يعلى عن عائشة أفضل الذكر الخفي الذي لا يسمعه الحفظة سبعون ضعفا الخ وأما الرقص والتصفيق والصريخ وضرب الأوتار والصنج والبوق الذي يفعله بعض من يدعي التصوف فإنه حرام بالإجماع لأنهازي الكفار كما في سكب الأنهر وفي مجمع الأنهر عن التسهيل الوجد مراتب وبعضه يسلب الاختيار فلا وجه لمطلق الإنكار وفي التتارخانية ما يدل على جوازه للمغلوب الذي حركاته كحركات المرتعش اه والمصافحة سنة في سائر الأوقات لما أخرج أبو داود عن أبي ذر ما لقيت النبي صلى اللّه عليه وسلم إلا وصافحني الحديث وفيه اعتنقه مرة وفي القهستاني وغيره هي إلصاق الكف بالكف وإقبال الوجه بالوجه فأخذ الأصابع ليس بمصافحة خلافا للروافض والسنة أن تكون بكلتا يديه وبغير حائل من نحو ثوب وعند اللقاء بعد السلام وأن يأخذ الإبهام فإن فيه عرقا تتشعب منه المحبة وفي الهداية ويكره أن يقبل الرجل الرجل أو يده أو شيئا منه أو يعانقه في إزار واحد وقال أبو يوسف لا بأس بذلك كله اه وفي غاية البيان عن الواقعات تقبيل يد العالم أو السلطان العادل جائز وورد في أحاديث ذكرها البدر العيني ما يفيد أن النبي صلى اللّه عليه وسلم كان يقبل يده ورجله وكان صلى اللّه عليه وسلم يقبل الحسن وفاطمة وقبل صلى اللّه عليه وسلم عثمان بن مظعون بعد موته وكذلك قبل الصديق رضي اللّه تعالى عنه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بعد موته وقبل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ابن عمه جعفرا بين عينيه ثم قال البدر العيني فعلم من مجموع ما ذكرنا إباحة تقبيل اليد والرجل والكشح والرأس والجبهة والشفتين وبين العينين ولكن كل ذلك إذا كان على وجه المبرة والإكرام وأما إذا كان ذلك على وجه الشهوة فلا يجوز إلا في حق الزوجين اه أي والسيد وأمته وفي رفع العوائق عن البحر الزاخر لا بأس بتقبيل يد العالم والسلطان العادل وفي غيرهما إن أراد شيئا من عرض الدنيا فمكروه وإن أراد تعظيم المسلم وإكرامه فلا بأس به اه وكان عمر يأخذ المصحف كل غداة ويقبله وكان عثمان يقبله ويمسحه على وجهه وتقبيل الخبز قال أصحاب الشافعي رضي اللّه تعالى عنه انه بدعة مباحة وقالوا يكره دوسه لا بوسه وقواعدنا لا تأباه وفي رسالة المصافحة للشرنبلالي عن شيخ مشايخه الحانوتي التحية بالركوع واسترخاء الرأس مكروهة لكل أحد مطلقا ومثله السلام باليد كما نصت عليه الحنفية اه قال الشرنبلالي بعد ومحل كراهة الإشارة باليد إذا اقتصر عليها وذكر حديثا يفيد أنه صلى اللّه عليه وسلم جمع بين اللفظ والإشارة وفي شرح الوهبانية لابن الشحنة وفي مشكل الآثار القيام لغيره ليس بمكروه لعينه إنما المكروه محبة القيام من الذي يقام له فإن لم يحب وقاموا له لا يكره لهم يعني جميعا قال وقال القاضي البديع وقيام قارىء القرآن للقادم تعظيما لا يكره إذا كان ممن يستحق التعظيم وقيل له أن يقوم بين يدي العالم تعظيما له أما في غيره فلا يجوز وقال ابن وهبان في شرحه والقيام يستحب في زماننا لما يورث تركه من الحقد والبغضاء والوعيد إنما هو في حق من يحب القيام بين يديه كما يفعله الترك وفي المشكاة عن أبي هريرة كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يجلس معنا في المسجد يحدثنا فإذا قام قمنا قياما حتى نراه قد دخل بعض بيوت أزواجه وعن واثلة دخل رجل إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وهو قاعد في المسجد فتزحزح له رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال الرجل يا رسول اللّه إن في المكان سعة فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم إن للمسلم لحقا رواهما البيهقي في الشعب وأما المعانقة وهي كما في القهستاني جعل كل منهما يده على عنق الآخر فقالا بكراهتها وأباحه أبو يوسف وظاهر عبارة مواهب الرحمن اختياره حيث قال مقتصرا عليه ويبيح أي أبو يوسف للرجل معانقة مثله وتقبيله للمبرة بلا شهوة كالمصافحة وتقبيل يد العالم والسلطان العادل للتبرك اه قالوا الخلاف فيما إذا لم يكن عليهما غير الإزار وأما إذا كان عليهما قميص أو جبة أو رداء مع الإزار فلا بأس به بالإجماع كما في رفع العوائق عن الشمني واللّه سبحانه وتعالى أعلم وأستغفر اللّه العظيم |