٤ [ ما يفسد الصوم ويوجب القضاء من غير كفارة] ( باب ما يفسد الصوم ) ويوجب القضاء ( من غير كفارة ) لقصور معناه العذر وهو سبعة وخمسون شيئا تقريبا وهي ( إذا أكل الصائم ) في أداء رمضان ( أرزا ) نيئا ( أو عجينا أو دقيقا ) على الصحيح إذا لم يخلط بسمن أو دبس أو لم يبل بسكر دقيق حنطة وشعير فإن كان به لزمته الكفارة ( أو ) أكل ( ملحا كثيرا دفعة أو ) أكل ( طينا غير أرمني ) و ( لم يعتد أكله ) لأنه ليس دواء ) ( أو ) أكل ( نواة أو قطنا ) أو ابتلع ريقه متغير بخضرة أو صفرة من عمل الإبريسم ونحوه وهو ذاكر لصومه ( أو ) أكل ( كاغدا ) ونحوه مما لا يؤكل عادة ( أو سفرجلا ) أو نحوه من الثمار التي لا تؤكل قبل النضج ( ولم يطبخ ) ولم يملح ( أو جوزة رطبة ) ليس لها لب أو ابتلع اليابسة بلبها لا كفارة عليه ولو ابتلع لوزة رطبة تلزمه الكفارة لأنها تؤكل عادة مع القشر وبمضغ اليابسة مع قشرها ووصل الممضوغ إلى جوفه اختلف في لزوم الكفارة ( أو ابتلع حصاة أو حديدا ) أو نحاسا أو ذهبا أو فضة ( أو ترابا أو حجرا ) ولو زمردا لم تلزمه الكفارة لقصور الجناية وعليه القضاء لصورة الفطر ( أو احتقن أو استعط ) الرواية بالفتح فيهما الحقنة صب الدواء في الدبر والسعود صبه في الأنف ( أو أوجر ) وفسره بقوله ( بصب شيء في حلقه ) وقوله ( على الصحيح ) متعلق بالاحتقان وما بعده وهو احتراز عن قول أبي يوسف بوجوب الكفارة وجه الصحيح أن الكفارة موجب الإفطار صورة ومعنى والصورة الابتلاع كما في الكافي وهي منعدمة والنفع المجرد عنها يوجب القضاء فقط ( أو أقطر في أذنه دهنا ) اتفاقا ( أو ) أقطر في أذنه ( ماء في الأصح ) لوصول المفطر دماغه بفعله فلا عبرة بصلاح البدن وعدمه قاله قاضيخان وحققه الكمال وفي المحيط الصحيح أنه لا يفطر لأن الماء يضر الدماغ فانعدم المفطر صورة ومعنى ( أو داوى جائفة ) هي جراحة في البطن ( أو آمة ) جراحة في الرأس ( بدواء ) سواء كان رطبا أو يابسا ( ووصل إلى جوفه ) في الجائفة ( أو دماغه ) في الأمة على الصحيح ( أو دخل حلقه مطر أو ثلج في الأصح ولم يبتلعه بصنعه ) وإنما سبق إلى حلقه بذاته ( أو أفطر خطأ بسبق ماء المضمضة ) أو الاستنشاق ( إلى جوفه ) أو دماغه لوصول المفطر محله والمرفوع في الخطأ الإثم ( أو أفطر مكرها ولو بالجماع ) من زوجته على الصحيح وبه يفتى وانتشار الآلة لا يدل على الطواعية ( أو أكرهت على ) تمكينها من ( الجماع ) لا كفارة عليها وعليه الفتوة ولو طاوعته بعد الإيلاج لأنه بعد الفساد ( أو أفطرت ) المرأة ( خوفا على نفسها من أن تمرض الخدمة أمة كانت أو منكوحة ) كم في التتارخانية لأنها أفطرت بعذر ( أو صب أحد في جوفه ماء وهو ) أي صائم ( نائم ) لوصول المفطر إلى جوفه كما لو شرب وهو نائم وليس كالنامي لأنه تؤكل ذبيحته وذاهب العقل والنائم لا تؤكل ذبيحتهما ( أو أكل عمدا بعد أكله ناسيا ) لقيام الشبهة الشرعية نظرا إلى فطره قياسا بأكله ناسيا ولم تنتف الشبهة ( ولو علم الخبر ) وهو قوله صلى اللّه عليه وسلم " من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فيتم صومه " ( على الأصح ) لأنه خبر واحد لا يوجب العلم فوجب العمل به وهو القضاء دون الكفارة في الظاهر الراوية وصححه قاضيخان ( أو جامع ناسيا ثم جامع عامدا ) أو أكل عمدا بعد الجماع ناسيا لما ذكرناه ( أو أكل ) وشرب عمدا ( بعد ما نوى ) منشئا نيته ( نهارا ) أكده بقوله ( ولم يبيت نيته ) عند الإمام قال النسفي لا يجب التفكير بالإفطار إذا نوى الصوم من النهار لشبهة عدم صيامه عند الشافعي رحمه اللّه وينبغي على إذا هذا لم يعين الفرض فيها ليلا ( أو أصح مسافرا ) وكان قد نوى الصوم ليلا ولم ينقض عزيمته ( فنوى الإقامة ثم أكل ) لا تلزمه الكفارة وإن حرم أكله ( أو سافر ) أي أنشأ السفر ( بعد ما أصبح مقيما ) ناويا من الليل ( فأكل ) في حالة السفر وجامع عمدا لشبهة السفر وإن لم يحل له الفطر فإن رجع إلى وطنه لحاجة نسيها فأكل في منزله عمدا أو قبل انفصاله عن العمران لزمته الكفارة لان نتقاض السفر بالرجوع ( أو أمسك ) يوما كاملا ( بلا نية صوم ولا بنية فطر ) لفقد شرط الصحة ( أو تسحر ) أي أكل السحور بفتح السين اسم للمأكول في السحر وهو السدس الأخير من الليل ( أو جامع شاكا في طلوع الفجر ) قيد في الصورتين ( وهو ) أي والحال أن الفجر ( طالع ) لا كفارة عليه للشبهة لأن الأصل بقاء الليل ويأثم إثم ترك التثبت مع الشك لا إثم جناية الإفطار إذا لم يتبين له شيء لا يجب عليه القضاء أيضا بالشك لأن الأصل بقاء الليل فلا يخرج بالشك وروي عن أبي حنيفة أنه قال أساء بالأكل مع الشك إذا كان ببصره علة أو كانت الليلة مقمرة أو متغيبة أو كان في مكان لا يتبين فيه الفجر لقوله عليه السلام " دع ما يربيك إلى ما لا يربيك " ( أو أفطر يظن الغروب ) أي غلبة الظن لا مجرد الشك لأن الأصل بقاء النهار فلا يكفي الشك لإسقاط الكفارة على إحدى الروايتين بخلاف الشك في طلوع الفجر عملا بالأصل في كل محل ( و ) كانت ( الشمس ) حال فطره ( باقية ) لا كفارة عليه لما ذكرنا وأما لو شك في الغروب ولم يتبين له شيء ففي لزوم الكفارة روايتان وما اختار الفقيه أبي جعفر لزومها وإذا غلب على ظنه أنها لم تغرب فأفطر عليه الكفارة سواء تبين أنه أكل قبل الغروب أو لم يتبين له شيء لأن الأصل بقاء النهار غلبة الظن كاليقين ( أو أنزل بوطء ميتة ) أو بهيمة لقصور الجناية ( أو ) أنزل ( بتفخيذ أو بتبطين ) أو عبث بالكف ( أو ) أنزل من ( قبلة أو لمس ) لا كفارة عليه لم ذكرنا ( أو أفسد صوم غير أداء رمضان ) بجماع أو غيره لعدم هتك حرمة الشهر ( أو وطئت وهي نائمة ) أو بعد طروء الجنون عليها وقد نوت ليلا فسد بالوطء ولا كفارة عليها لعدم جنايتها حتى لو لم يوجد مفسد صح صومها ذلك اليوم لأن الجنون الطارئ ليس مفسدا للصوم ( أو أفطرت في فرجها على الأصح ) لشبهه بالحقنة ( أو أدخل أصبعه مبلولة بماء أودهن في دبره ) أو استنجى فوصل الماء إلى داخل دبره أو فرجها الداخل بالمبالغة فيه والحد الفاصل الذي يتعلق بالوصول إليه الفساد قدر الحقنة وقلما يكون ذلك ولو خرج سرمه ؟ ؟ فغسله إن نشفه قبل أن يقوم ويرجع لمحله لا يفسد صومه لزوال الماء الذي اتصل به ( أو أدخلته ) أي أصبعها مبلولة بماء أو دهن ( في فرجها الداخل في المختار ) لما ذكرنا ( أو أدخل قطنة ) أو خرقة أو خشبة أو حجرا ( في دبره أو ) أدخلته ( في فرجها الداخل وغيبها ) لأنه تم الدخول بخلاف ما لو بقي طرفها خارجا لأن عدم تمام الدخول كعدم دخول شيء بالمرة ( أو أدخل دخانا بصنعه ) متعمدا إلى جوفه أو دماغه لوجود الفطر هذا في دخان غير العنبر والعود وفيهما لا يبعد لزوم الكفارة أيضا للنفع والتداوي وكذا الدخان الحادث شربه وابتدع بهذا الزمان كما قدمناه ( أو استقاء ) أي تعمد إخراجه ( ولو دون ملء الفم في ظاهر الرواية ) لإطلاق قوله صلى اللّه عليه وسلم " من استقاء عمدا فليقض " ( وشرط أبو يوسف رحمه اللّه ) أن يكون ( ملء الفم وهو الصحيح ) لأن ما دونه كالعدم حكما حتى لا ينقض الوضوء ( أو أعاد ) بصنعه ( ما ذرعه ) أي غلبه ( من القيء وكان ملء الفم ) وفي الأقل منه روايتان في الفطر وعدمه بإعادته ( وهو ذاكر ) لصومه إذ لو كان ناسيا لم يفطر لما نقدم ( أو أكل ما ) بقي من سحوره ( بين أسنانه وكان قدر الحمصة ) لإمكانه الاحتراز عنه بلا كلفة ( أو نوى الصوم نهارا بعد ما أكل ناسيا قبل أيجاد نيته ) الصوم ( من النهار ) كما ذكرته في حاشيتي على الدرر والغرر ( أو أغمي عليه ) لأنه نوع مرض ( ولو ) استوعب ( جميع الشهر ) بمنزلة النوم بخلاف المجنون ( إلا أنه لا يقضي اليوم الذي حدث فيه الإغماء أو حدث في ليلته ) لوجود شرط الصوم وهو النية حتى لو تيقن عدمها لزمه الأول أيضا ( أو جن ) جنونا ( غير ممتد جميع الشهر ) بأن أفاق في وقت النية نهارا لأنه لا حرج في قضاء ما دون شهر ( و ) استوعبه شهرا ( لا يلزمه قضاؤه ) ولو حكما ( بإفاقته ليلا ) فقط ( أو نهارا بعد فوات وقت النية في الصحيح ) وعليه الفتوى لأن الليل لا يصام فيه ولا فيما بعد الزوال كما في مجموع النوازل والمجتبى والنهاية وغيرها وهو مختار شمس الأئمة وفي الفتح يلزمه قضاؤه بإقامته فيه مطلقا [ إمساك بقية اليوم] ( فصل : يجب ) على الصحيح وقيل يستحب ( الإمساك بقية اليوم على من فسد صومه ولو بعذر ثم زال ( وعلى حائض ونفساء طهرنا بعد طلوع الفجر ) ومسافر أقام ومريض برأ ومجنون أفاق ( وعلى صبي بلغ وكافر أسلم ) لحرمة الوقت بالقدر الممكن ( وعليهم القضاء إلا الأخيرين ) الصبي إذا بلغ والكاف أسلم لعدم الخطاب عند طلوع الفجر عليهما وعلمت الخلاف في إقامة المجنون ( فيما يكره للصائم وما لا يكره وما يستحب ) له ( كره للصائم سبعة أشياء ذوق شيء ) لما فيه من تعريض الصوم للفساد ولو نفلا على الذهب ( و ) كره ( مضغة بلا عذر ) كالمرأة إذا وجدت من يمضغ الطعام لصبيها أو كمفطرة لحيض أما إذ لم تجد بدا منه فلا بأس بمضغها لصيانة الولد واختلف فيما إذا خشي الغين لشراء مأكول يذاق . وللمرأة ذوق الطعام إذا كان زوجها سيئ الخلق لتعلم ملوحته وإن كان حسن الخلق فلا يحل لها وكذا الأمة قلت وكذا الأجير ( و ) كره ( مضغ العلك ) الذي لا يصل منه شيء إلى الجوف مع الريق . العلك هو المصطكي وقيل اللبان الذي هو الكندر لأنه يتهم بالإفطار بمضغه سواء المرأة والرجل قال الإمام علي رضي اللّه عنه : إياك وما يسبق إلى العقول إنكاره وإن كان عندك اعتذاره . وفي غير الصوم يستحب للنساء وكره للرجال إلا في خلوة وقيل يباح لهم ( و ) كره له ( القبلة والمباشرة ) الفاحشة وغيرها ( إن لم يأمن فيهما على الإنزال أو الجماع في ظاهر الرواية ) لما فيه من تعريض الصوم للفساد بعاقبة الفعل ويكره التقبيل الفاحش بمضغ شفتها كما في الظهيرية ( و ) كره له ( جمع الريق في الفم ) قصدا ( ثم ابتلاعه ) تحاشيا عن الشبهة ( و ) كره له فعل ( ما ظن أنه يضعفه ) عن الصوم ( كالفصد والحجامة ) والعمل الشاق لما فيه من تعريض الإفساد ( وتسعة أشياء لا تكره للصائم ) وهي وإن علمت بالمفهوم ساغ ذكرها للدليل ( القبلة والمباشرة مع الأمن ) من الإنزال والوقاع لما روي عن عائشة رضي اللّه عنها أنه علية الصلاة والسلام " كان يقبل ويباشر وهو صائم " رواه الشيخان وهذا ظاهر الرواية وعن محمد أنه كره الفاحشة وهي رواية الحسن عن الإمام لأنها لا تخلو عن فتنة وفي الجوهرة وقيل إن المباشرة تكره وإن أمن على الصحيح وهي أن يمس فرجه فرجها ( ودهن الشارب ) بفتح الدال على أنه مصدر وبضمها على إقامة اسم العين مقام المصدر لأنه ليس فيه شيء ينافي الصوم ( والكحل ) لأنه عليه الصلاة والسلام اكتحل وهو صائم ( والحجامة ) التي لا تضعفه عن الصوم ( والفصد ) كالحجامة وذكر شيخ الإسلام أن شرط الكراهة ضعف يحتاج فيه إلى الفطر ( و ) لا يكره له ( السواك آخر النهار بل هو سنة كأوله ) لقوله عليه الصلاة والسلام " من خير خلال الصائم السواك " وفي الكفاية كان النبي صلى اللّه عليه وسلم " يستاك أول النهار وآخره وهو صائم " وفي الجامع الصغير للسيوطي " السواك سنة فاستاكوا أي وقت شئتم " ولقوله صلى اللّه عليه وسلم " صلاة بسواك أفضل من سبعين صلاة بلا سواك " وهي عامة لوصفها بصفة عامة تصدق بعصر الصائم كما في الفتح ( و ) لا يكره و ( لو كان رطبا ) أخضر ( أو مبلولا بالماء ) لإطلاق ما روينا ( و ) لا يكره له ( المضمضة و ) لا ( الاستنشاق ) وقد فعلهما ( لغير وضوء و ) لا ( الاغتسال و ) لا ( التلفف بثوب مبتل ) قصد ذلك ( للتبرد ) ودفع الحر ( على المفتى به ) وهو قول أبي يوسف لأن النبي صلى اللّه عليه وسلم " صب على رأسه الماء وهو صائم " من العطش أو من الحر رواه أبو داود وكان ابن عمر رضي اللّه عنهما يبل الثوب ويلقه عليه وهو صائم ولأن بهذه عونا على العبادة ودفعا للضجر الطبيعي وكرهها أبو حنيفة لما فيه من إظهار الضجر في إقامة العبادة ( ويستحب له ثلاثة أشياء السحور ) لقوله صلى اللّه عليه وسلم " تسحروا فإن في السحور بركة " حصول التقوى به وزيادة الثواب ولا يكثر منه لإخلاله عن المراد كما يفعله المترفهون ( و ) يستحب ( تأخيره ) لقوله صلى اللّه عليه وسلم " ثلاث من أخلاق المرسلين تعجيل الإفطار وتأخير السحور ووضع اليمين على الشمال في الصلاة " ( وتعجيل الفطر في غير يوم غيم ) وفي الغيم يحتاط حفظا للصوم عن الإفساد والتعجيل المستحب قبل استفحال النجوم ذكره قاضيخان والبركة ولو بالماء قال صلى اللّه عليه وسلم " السحور بركة فلا تدعوه ولو أن يجرع أحدكم جرعة ماء فإن اللّه وملائكته يصلون على المتسحرين " رواه أحمد رحمه اللّه ( فصل في العوارض ) جمع عارض بالمرض والسفر والإكراه والحبل والرضاع والجوع والعطش والهرم بها يباح الفطر فيجوز ( لمن خاف ) وهو مريض ( زيادة المرض ) بكم أو كيف لو صام والمرض معنى يوجب تغير الطبيعة إلى الفساد ويحدث أولا في الباطن ثم يظهر أثره وسواء كان لوجع عين أو جراحة أو صداع أو غيره ( أو ) خاف ( بطء البرء ) بالصوم جاز له الفطر لأنه قد يفضي إلى الهلاك فيجب الاحتراز عنه والغازي إذا كان يعلم يقينا أو بغلبة الظن القتال بكونه بإزاء العدو ويخاف الضعف عن القتال وليس مسافرا له الفطر قبل الحرب ومن له نوبة حمى أو عادة حيض لا بأس بفطره على ظن وجوده فإن لم يوجد اختلف في لزوم الكفارة والأصح عدم لزومها عليهما وكذا أهل الرستاق ولو سمعوا الطبل يوم الثلاثين فظنوا عيدا فأفطروا ثم تبين أنه لغيره لا كفارة عليهم ( و ) يجوز الفطر ( لحامل ومرضع خافت ) على نفسها ( نقصان العقل أو الهلاك أو المرض ) سواء كان ( على نفسها أو ولدها نسبا أو رضاعا ) ولها شرب الدواء إذا أخبر الطبيب أن يمنع استطلاق بطن الرضيع وتفطر لهذا العذر لقوله صلى اللّه عليه وسلم " إن اللّه وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة وعن الحبلى والمرضع الصوم " ومن قيد بالمستأجرة للإرضاع فهو مردود ( والخرف المعتبر ) لإباحة الفطر طريق معرفته أمران أحدهما ( ما كان مستندا ) فيه ( لغلبة الظن ) فإنها بمنزلة اليقين ( بتجربة ) سابقة والثاني قوله ( أو إخبار طبيب ) مسلم حاذق عدل عالم بداء كذا في البرهان وقال الكمال مسلم حاذق غير ظاهر الفسق وقيل عدالته شرط ( و ) جاز الفطر ( لمن حصل له عطش شديد وجوع ) الفرط ( يخاف منه الهلاك ) أو نقصان العقل أو ذهاب بعض الحواس وكان ذلك لا بإتعاب نفسه إذ لو كان به تلزمه الكفارة وقيل لا ( وللمسافر ) الذي أنشأ السفر قبل طلوع الفجر إذ لا يباح له الفطر بإنشائه بعد ما أصبح صائما بخلاف ما لو حل به مرض بعده فله ( الفطر ) لقوله تعالى " فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر " ولما رويناه ( وصومه ) أي المسافر ( أحب أن لم يضره ) لقوله تعالى وإن تصوموا خير لكم " ( و ) هذا إذا ( لم تكن عامة رفقته مفطرين و لا مشتركين في النفقة فإن كانوا مشتركين أو مفطرين فالأفضل فطره ) أي المسافر ( موافقه للجماعة ) كما فبي الجوهرة ( ولا يجب الإيصاء ) بكفارة ما أفطره ( على من مات قبل زوال عذره ) بمرض وسفر ونحوه كما تقدم من الأعذار المبيحة للفطر لفوات إدراك عدة من أيام أخر ( و ) إن أدركوا العدة ( قضوا ما قدروا على قضائه ) وإن لم يقضوا لزمهم الإيصاء ( بقدر الإقامة ) من السفر ( والصحة ) من المرض وزوال العذر اتفاقا على الصحيح والخلاف فيمن نذر أن يصوم شهرا إذا برأ ثم برأ يوما يلزمه الإيصاء بالإطعام لجميع الشهر عندهما وعند محمد قضى ما صح فيه ( ولا يشترط التتابع في القضاء ) لإطلاق النص لكن المستحب التتابع وعدم التأخير عن زمان القدرة مسارعة إلى الخير وبراءة الذمة ( تنبيه ) أربعة متتابعة بالنص أداء رمضان وكفارة الظهار والقتل واليمين والمخير فيه قضاء رمضان وفدية الحلق لأذى برأس المحرم والمتعة وجزاء الصيد وثلاثة لم تذكر في القرآن وثبتت بالإخبار صوم كفارة الإفطار عمدا في رمضان وهو متتابع والتطوع متخير فيه والنذر وهو على أقسام إما أن بنذر أياما متتابعة معينة أو غير معينة بخصوصها أو منه ما لزم بنذر الاعتكاف وهو متتابع وإن لم ينص عليه إلا أن يصرح بعدم التتابع في النذر ( فإن جاء رمضان آخر ) ولم يقض الفائت ( قدم ) الأداء ( على القضاء ) شرعا حتى لو نواه عن القضاء لا يقع إلا عن الأداء كما تقدم ( ولو فدية بالتأخير إليه ) لإطلاق النص ( ويجوز الفطر لشيخ فان وعجوز فانية ) سمي فانيا لأنه قرب إلى الفناء أو فنية قوته وعجز عن الأداء ( وتلزمهما الفدية ) وكذا من عجز عن نذر الأبد لا لغيرهم من ذوي الأعذار ( لكل يوم نصف صاع من بر ) أو قيمته بشرط دوام عجز الفاني والفانية إلى الموت ولو كان مسافرا أو مات قبل الإقامة لا تجب عليه الفدية بفطره في السفر ( كما نذر صوم الأبد فضعف عنه ) لاشتغاله بالمعيشة يفطر ويفدي للتيقن لعدم قدرته على القضاء ( فإن لم يقدر ) من تجوز له الفدية ( على الفدية لعسرته يستغفر اللّه سبحانه ويستقبله ) أي يطلب منه العفو عن تقصيره في حقه ( و ) لا تجوز الفدية إلا عن صوم هو أصل بنفسه لا بدل عن غيره حتى ( ولو وجبت عليه الكفارة يمين أو قتل ) أو إظهار أو إفطار ( فلم يجد ما يكفر به من عتق ) وإطعام وكسوة ( وهو شيخ فان أو لم يصم ) حال قدرته على الصوم حتى صار فانيا ( لا تجوز له الفدية ) لأن الصوم بدل عن غيره وهو التكفير بالمال ولذا لا يجوز المصير إلى الصوم إلا عند العجز عما يكفر به من المال فإن أوصى بالتكفير نفذ من الثلث ويجوز في الفدية الإباحة في الطعام أكلتان مشبعتان في اليوم كما يجوز التمليك بخلاف صدقة الفطر فإنه لا بد فيها من التمليك كالزكاة . اعلم أن ما شرع بلفظ الإطعام أو الطعام يجوز فيه التمليك والإباحة وما شرع بلفظ الإيتاء أو الأداء يشترط فيه التمليك ( ويجوز للمتطوع ) بالصوم ( الفطر بلا عذر في رواية ) عن أبي يوسف قال الكمال واعتقادي أنها أوجه لما روى مسلم عن عائشة رضي اللّه عنها قالت دخل النبي صلى اللّه عليه وسلم ذات يوم فقال " هل عندكم شيء " فقلنا " لا " فقال " إني إذا صائم " ثم أتى في يوم آخر فقلنا " يا رسول اللّه أهدي إلينا حيس " فقال " أرينه " فقلت " أصبحت صائما فأكل " وزاد النسائي " ولكن أصوم يوما مكانه " وصحح هذه الزيادة أبو محمد عبد الحق وذكر الكرخي وأبو بكر أنه ليس له أن يفطر إلا من عذر وهو ظاهر الرواية لما روي أنه عليه الصلاة والسلام قال " إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب فإن كان مفطرا فليأكل وإن كان صائما فليصل " أي فليدع قال القرطبي : ثبت هذا الحديث عنه عليه الصلاة والسلام ولو كان الفطر جائزا كان الأفضل الفطر لإجابة الدعوة التي هي السنة وصححه في المحيط . اعلم أن فساد الصوم والصلاة بلا عذر بعد الشروع فيهما نفلا مكروه وليس بحرام لأن الدليل ليس قطعي الدلالة وإن لزم القضاء وإذا عرض عذر أبيح للمتطوع الفطر اتفاقا ( والضيافة عذر على الأظهر للضيف والمضيف ) فيما قبل الزوال لا بعده إلا أن يكون في عدم فطره بعده عقوق لأحد الأبوين لا غيرهما للتأكد ولو حلف شخص بالطلاق ليفطرن فالاعتماد على أنه يفطر ولو بعد الزوال ولا يخشاه لرعاية حق أخيه ( ولو البشارة بهذه الفائدة الجليلة ) قال في التجنيس والمزيد : رجل أصبح صائما متطوعا فدخل على أخ من إخوانه فسأله أن يفطر لا بأس بأن يفطر لقول النبي صلى اللّه عليه وسلم " من أفطر لحق أخيه يكتب له ثواب الصوم ألف يوم ومتى قضى يوما يكتب له ثواب صوم ألفي يوم " ونقله أيضا في التتارخانية والمحيط والمبسوط ( وإذا أفطر ) المتطوع ( على أي حال ) كان ( عليه القضاء ) لا خلاف بين أصحابنا في وجوب صيانة لما مضى عن البطلان ( إلا إذا شرع متطوعا ) بالصوم ( في خمسة أيام يومي العيدين وأيام التشريق فلا يلزمه قضاؤه بإفسادها في ظاهر الرواية ) عن أبي حنيفة رحمه اللّه لأن صومها مأمور بنقضه ولم يجز لأن بنفس الشروع ارتكب المنهي عنه للإعراض عن ضيافة اللّه تعالى فأمر بقطعه وعن أبي يوسف ومحمد عليه القضاء يعني وإن وجب الفطر وفيما ذكرنا إشارة إلى قضاء نفل الصلاة التي قطعه عند نحو الطلوع كما تقدم واللّه الموفق بمنه الأعظم للدين الأقوم |