٣ ( باب ما يفسد به الصوم وتجب به الكفارة مع القضاء ) ( وهو اثنتان وعشرون شيئا ) تقريبا ( إذا فعل ) المكلف ( الصائم ) مبيتا النية في أداء رمضان ولم يطرأ ما يبيح الفطر بعده كمرض أو قبله كسفر وكان فعله ( شيئا منها ) أي المفسدات ( طائعا ) احترازا عن المكره ولو أكرهته زوجته في الأصح كما في الجوهرة وبه يفتى فلا كفارة ولو حصلت الطواعية في أثناء الجماع لأنها بعد الإفطار مكرها في الابتداء ( متعمدا ) احترز به عن الناسي والمخطئ ( وغير مضطر ) إذا المضطر لا كفارة عليه ( لزمه القضاء ) استدراكا للمصلحة الفائتة ( و ) لزمه ( الكفارة ) لكمال الجنابة ( وهي ) ( الجماع في أحد السبيلين ) أي سبيل آدمي حي ( على الفاعل ) وإن لم ينزل ( و ) على ( المفعول به ) والدبر كالقبل في الأصح لكمال الجنابة بخلاف الحد لأنه ليس زنا حقيقة ( و ) كذا ( الأكل والشرب ) وإن قل ( سواء فيه ) أي المفطر ( ما يتغذى ) أي يربي ويقام البدن ( به ) أي الغذاء وهو بالغين والذال المعجمتين اسم للذات المأكولة غذاء قال في الجوهرة واختلفوا في معنى التغذي قال بعضهم أن يميل الطبع إلى أكله وتنقضي شهوة البطن به وقال بعضهم هو ما يعود نفعه إلى إصلاح البدن وفائدته فيما إذا مضغ لقمة ثم أخرجها ثم ابتلعها فعلى القول الثاني تجب الكفارة وعلى الأول لا تجب وهذا هو الأصح لأنه بإخراجها تعافها النفس كما في المحيط وعلى هذا الورق الحبشي والحشيشة والفطاط إذا أكله فعلى القول الثاني لا تجب الكفارة لأنه لا نفع فيه للبدن وربما يضره وينقص عقله وعلى القول الأول يجب لأن الطبع يميل إليه وتنقضي به شهوة البطن اه . قلت وعلى هذا البدعة التي ظهرت الآن إذا شربه فيه لزوم الكفارة نسأل اللّه العفو والعافية اه وبأكل ورق كرم وقشر بطيخ طري وكافور ومسك تجب الكفارة وإذا صار ورق الكرم غليظا لا تجب ( أو يتداوى به ) كالأشربة والطباع السليمة تدعو لتناول الدواء لإصلاح البدن فشرع الزجر عنه ( و ) منه ( ابتلاع مطر ) وثلج وبرد ( دخل إلى فمه ) لإمكان التحرز عنه بيسير طبق الفم ( و ) منه ( تأكل اللحم النيء ) ولو من ميتة ( إلا إذا دود ) لخروجه عن الغذائية ( و ) منه ( أكل الشحم في ) المختار كذا في التجنيس وهو ( اختيار الفقيه الليث ) رحمه اللّه ولا خلاف في قديده كذا في الفتح ( و ) كذا ( قديد اللحم بالاتفاق ) للعادة بأكله ( و ) منه ( أكل ) حب ( الحنطة وقضمها ) لما ذكرنا ( إلا أن يمضغ قمحة ) أو قدرها من جنس ما يوجب الكفارة ( فتلاشت ) واستهلكت بالمضغ فلم يجد لها طعما فلا كفارة ولا فساد لصومه كما قدمناه ( و ) من موجب الكفارة ( ابتلاع ) حبة حنطة أو ابتلاع ( سمسمة أو ) ابتلاع ( نحوها ) وقد تناولها ( من خارج فمه ) ولزوم الكفارة بهذا ( في المختار ) لأنه مما يتغذى به والشعير المقلي أو الأخضر المتخرج من سنبله إذا ابتلعه عليه الكفارة لا الجاف ( و ) ومنه ( أكل الطين الأرمني مطلقا ) أي سواء اعتاد أكله أو لم يعتده لأنه يؤكل للدواء فكان إفطارا كاملا ( و ) منه أكل ( الطين الأرمني ك ) الطين المسمى ب ( الطفل إن اعتاد أكله ) لا على من لم يعتده ( و ) منه أكل ( قليل الملح ) لا الكثير ( في المختار ) وإنه من الامتحانيات بالجواب وإذا أكل كعوب قوائم الذرة لا رواية لهذه المسألة قال الزندويستي : عليه القضاء مع الكفارة ( و ) منه ( ابتلاع بزاق زوجته أو ) بزاق ( صديقه ) لأنه يتلذذ به ( لا ) تلزمه الكفارة ببزاق ( غيرهما ) لأنه يعافه ( و ) ويوجب الكفارة ( أكله عمدا بعد غيبة ) وهي ذكره أخاه بما يكرهه في غيبته سواء بلغه الحديث وهو قوله صلى اللّه عليه وسلم " الغيبة تفطر الصائم " أو لم يبلغه عرف تأويله أو لم يعرفه أفتاه مفت أو لم يفته لأن الفطر بالغيبة يخالف القياس لأن الحديث مؤول بالجماع بذهاب الثواب يخالف حديث الحجامة فإن بعض العلماء أخذ بظاهره مثل الأوزاعي وأحمد ( أو ) بعد ( حجامة أو ) أكله بعد ( مس أو ) أكله بعد ( قبلة بشهوة ) أو أكله ( بعد مضاجعة ) أو مباشرة فاحشة ( من غير إنزال ) ظانا أمه أفطر بالمس والقبلة لزمته إلا إذا تأول حديثا أو استفتى فقيها فأفطر فلا كفارة عليه وإن أخطأ الفقيه ولم يثبت الحديث لأن ظاهر الفتوى والحديث يصير شبهة قاله الكمال عن البدائع ( أو ) أكله بعد ( دهن شاربه ظانا أنه أفطر بذلك ) لأنه معتمد ولم يستند ظنه إلى دليل شرعي فلزمته الكفارة وإن استفتى فقيها فأفتاه بالفطر يدهن الشارب أو تأول حديثا لأنه لا يعتمد بفتوى الفقيه ولا بتأويله الحديث هنا لأن هذا مما لا يشتبه على من له سيمة من الفقه نقله الكمال عن البدائع . قلت لكن يخالفه ما في قاضيخان وكذا الذي اكتحل أودهن نفسه أو شاربه ثم أكل معتمدا عليه الكفارة إلا إذا كان جاهلا فاستفتى فأفتى له بالفطر فحينئذ لا تلزمه الكفارة اه فعلى هذا يقول قولنا ( إلا إذا أفتاه فقيه ) شاملا لمسألة دهن الشارب والمراد بالفقيه متبع لمجتهد كالحنابلة وبعض أهل الحديث ممن يرى الحجامة مفطرة فلا كفارة عليه لأن الواجب على العامي الأخذ بفول المفتي فتصير الفتوى شبهة في حقه وإن كانت خطأ في حقها كذا في البرهان ( أو ) إلا إذا ( سمع ) المحتجم أو الحاجم ( الحديث ) وهو قوله صلى اللّه عليه وسلم " أفطر الحاجم والمحجوم " ( ولم يعرف تأويله على المذهب ) لأن قول الرسول لا يكون أدنى درجة من قول المفتي فهو أولى بإثبات العذر لمن لم يعرف التأويل ( و ) لذا ( إن عرف تأويله وجبت عليه الكفارة ) لانتقاء الشبهة ( فتجب الكفارة على من طاوعت ) رجلا ( مكرها ) على وطئها لأن سبب الكفارة جناية إفساد الصوم ل نفس الوقاع وقد تحققت من جانبها بالتمكين من الفعل كما لو علمت بطلوع الفجر فمكنت زوجها وهو غير عالم بها ( فصل في الكفارة وما يسقطها عن الذمة ) بعد الوجوب ( تسقط الكفارة ) التي وجبت بارتكاب مقتضيها ( بطروء حيض أو نفاس أو ) طروء ( مرض مبيح للفطر ) بأن يكون بغير صنع من وجبت عليه قبل وجود العذر ( في يومه ) أي يوم الإفساد الموجب للكفارة لأنها إنما تجب في صوم مستحق وهو لا يتجزأ ثبوتا وسقوطا فتمكنت الشبهة في عدم استحقاقه من أوله بعروض العذر في آخره وأما إذا كان المرضى بصنعه كأن جرح نفسه أو ألقاها من جبل أو سطح فالمختار أنها لا تسقط الكفارة عنه قاله الكمال وفي جمع العلوم : أتعب نفسه في شيء أو عمل حتى أجهده العطش فأفطر كفر لأنه ليس بمسافر ولا مريض وقيل بخلافه وبه أخذ البقالي ( ولا تسقط ) الكفارة ( عمن سوفر به كرها ) كما لو سافر باختياره ( بعد لزومها عليه في ظاهر الراوية ) لأن العذر لم يجيء من قبل صاحب الحق ( والكفارة تحرير رقبة ) ليس بها عيب فوات منفعة البطش والمشي والكلام والنظر والعقل ( ولو كانت غير مؤمنة ) لإطلاق النص ( فإن عجز عنه ) أي التحرير بعدم ملكها وملك ثمنها ( صام شهرين متتابعين فيهما يوم عيد ولا ) بعض ( أيام التشريق ) للنهي عن صيامها ( فإن لم يستطع الصوم ) لمرض أو كبر ( أطعم ستين مسكينا ) أو فقيرا ولا يشترط اجتماعهم والشرط أن ( يغديهم ويعشيهم غداء وعشاء مشبعين ) وهذا هو الأعدل لدفع حاجة اليوم بجملته ) ( أو ) يغديهم ( غداءين ) من يومين ( أو ) يعشيهم ( عشاءين ) من ليلتين ( أو عشاء وسحورا ) بشرط أن يكون الذين أطعمهم ثانيا هم الذين أطعمهم أولا حتى لو غدى ستين ثم أطعم ستين غيرهم لم يجز حتى يعيد الإطعام لأحد الفريقين ولو أطعم فقيرا ستين يوما أجزأه لأنه بتجدد الحاجة بكل يوم يصير بمنزلة فقيرا آخر والشرط إذا أباح الطعام أن يشبعهم ولو بخبز البر من غير أدم والشعير لا بد من أدم معه لخشونته وأكل الشبعان لا يكفي ولو استوعب مثل الجائع ( أو يعطي كل فقير نصف صاع من بر أو ) من ( دقيقه أو ) من ( سويقه ) أي البر ( يعطى كل فقير ( صاع تمر أو ) صاع ( شعير ) أو زبيب ( أو ) يعطي ( قيمته ) النصف من البر أو الصاع من غيره من غير المنصوص عليه ولو في أوقات متفرقة لحصول الواجب ( وكفت كفارة واحدة عن جماع وأكل ) عمدا ( متعددة في أيام ) كثيرة و ( لم يتخللّه ) أي الجماع أو لأطل عمدا ( تكفير ) لأن الكفارة للزجر وبواحدة يحصل ( ولو ) كانت الأيام ( من رمضانين على الصحيح ) للتداخل قدر الإمكان ( فإن تخلل ) التكفير بين الوطأين أو الأكلتين ( لا تكفي كفارة واحدة في ظاهر الراوية ) لعدم حصول الزجر بعوده |