٢٣ ( باب أحكام الجنائز ) جمع جنازة بالفتح والكسر للميت والسرير وقال الأزهري ولا تسمى جنازة حتى يشتد الميت عليه مكفنا ( يسن توجيه المحتضر ) أي من قرب ( ١ ) من الموت ( على يمينه ) لأنه السنة ( وجاز الاستلقاء ) على ظهره لأنه أيسر لمعالجته ( و ) لكن ( ترفع رأسه قليلا ) ليصير وجهه إلى القبلة دون السماء ( و ) يسن أن ( يلقن ) وذلك ( بذكر ) كلمة ( الشهادة عنده ) لقوله صلى اللّه عليه وسلم " لقنوا موتاكم لا إله إلا اللّه فإنه مسلم ليس يقولها عند الموت إلا أنجته من النار " ولقوله صلى اللّه عليه وسلم " من كان آخر كلامه لا إله إلا اللّه دخل الجنة " أي مع الفائزين وإلا فكل مسلم ولو فاسقا يموت على الإيمان يدخل الجنة ولو بعد طول العذاب وإنما اقتصرنا على ذكر الشهادة تبعا للحديث الصحيح ولذا قال في المستصفى وغيره : ويلقن الشهادتين لا إله إلا اللّه محمد رسول اللّه معللا بأن الأولى لا تقبل بدون الثانية ليس إلا في حق الكافر وكلامنا في تلقين المؤمن قال شيخ الإسلام ابن حجر : وقول جمع : " يلقن محمد رسول اللّه أيضا لأن القصد موته على الإسلام ولا يسمى مسلما إلا بهما : مردود بأنه مسلم وإنما المراد ختم كلامه بلا إله إلا اللّه ليحصل له ذلك الثواب وأما الكافر فيلقنهما قطعا مع أشهد لوجوبه إذ لا يصير مسلما إلا بهما انتهى . فتذكر الشهادة عند المسلم المتحضر ( من غير إلحاح ) لأن الحال صعب عليه فإذا قالها مرة ولم يتكلم بعدها حصل المراد ( ولا يؤمر بها ) فلا يقال له قل لأنه يكون في شدة فربما يقول لا جوابا لغير الأمر فيظن به خلاف الخير وقالوا إنه إذا ظهر منه ما يوجب الكفر لا يحكم بكفره حملا على أنه زال عقله واختار بعضهم زوال عقله عند موته لهذا الخوف _________ ( ١ ) بأن ظهرت عليه علاماته من استرخاء يديه واعوجاج منخره ومعنى توجيهه جعل وجهه إلى القبلة وهو مقيد بما إذا لم يشق عليه وإلا ترك على حاله _________ ومما ينبغي أن يقال له على جهة الاستتابة أستغفر اللّه العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه سبحانه لا إله إلا هو الحي القيوم لأنه قد يستضر بذكر ما يشعر أنه محتضر وأما الكافر فيؤمر بهما لما روى البخاري عن أيس ؟ ؟ رضي اللّه عنه قال كان غلام يهودي يخدم النبي صلى اللّه عليه وسلم فمرض فأتاه النبي صلى اللّه عليه وسلم يعوده فقعد عند رأسه فقال " أسلم " فنظر إلى أبيه فقال له أطع أبا القاسم فأسلم فخرج النبي صلى اللّه عليه وسلم وهو يقول " الحمد للّه الذي أنقذه من النار " ( وتلقينه ) بعد ما وضع ( في القبر مشروع ) لحقيقة قوله صلى اللّه عليه وسلم : لقنوا موتاكم شهادة أن لا إله إلا اللّه أخرجه الجماعة إلا البخاري ونسب إلى أهل السنة والجماعة ( وقيل لا يلقن ) في القبر ونسب إلى المعتزلة ( وقيل لا يؤمر به ولا ينهى عنه ) وكيفيته أن يقال " يا فلان أين فلان أذكر دينك الذي كنت عليه في دار الدنيا بشهادة أن لا إله إلا اللّه وأن محمدا رسول اللّه " ولاشك أن اللفظ لا يجوز إخراجه عن حقيقته إلا بدليل تعيبنه يقول " موتاكم " حقيقة ونفى صاحب الكافي فائدته مطلقا ممنوع نعم الفائدة الأصلية منفية ويحتاج إليه لتثبيت الجنان للسؤال في القبر قال المحقق ابن الهمام : وحمل أكثر مشايخنا إياه على المجاز - أي من قرب من الموت - مبناه على أن الميت لا يسمع عندهم وأورد عليهم قوله صلى اللّه عليه وسلم في أهل القليب " ما أنتم بأسمع منهم " وأجابوا تارة بأنه مردود من عائشة رضي اللّه عنها وتارة بأنه خصوصية له وتارة بأنه من ضرب المثل ويشكل عليهم ما في مسلم أن الميت يسمع قرع نعالهم إذا انصرفوا وتمامه بفتح القدير قلت يمكن الجمع فيلقن عند الاحتضار لصريح قوله فإنه ليس مسلم يقولها عند الموت إلا أنجته من النار وعملا بحقيقة موتاكم لتثبيته للسؤال في القبر لما روى سعيد بن منصور وسمرة ابن حبيب وحكيم بن عمير قالوا : إذا سوى على الميت قبره وانصرف الناس كانوا يستحبون أن يقال للميت عند قبره يا فلان قل لا إله إلا اللّه ثلاث مرات يا فلان قل ربي اللّه وديني الإسلام ونبيي محمد صلى اللّه عليه وسلم اللّهم أني أتوسل إليك بحبيبك المصطفى أن ترحم فاقتي بالموت على الإسلام والإيمان وآن تشفع فينا نبيك عليه أفضل الصلاة والسلام ( ويستحب لأقرباء المحتضر ) وأصدقائه ( وجيرانه الدخول عليه ) للقيام بحقه وتذكيره وتجريعه وسقيه الماء لأن العطش يغلب لشدة النزع حينئذ ولذلك يأتي الشيطان كما ورد بماء زلال ويقول لا إله غيري حتى أسقيك نعوذ باللّه منه ويذكرون فضل اللّه وسعة كرمه ويحسنون ظنه باللّه تعالى لخبر مسلم : " لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن باللّه أنه يرحمه ويعفو عنه " وخبر الصحيحين : " قال اللّه تعالى : أنا عند ظن عبدي بي " ( ويتلون عنده سورة يس ) للأمر به وفي خبر " ما من مريض يقرأ عنده سورة يس إلا مات ريانا وأدخل قبره ريانا " ( واستحسن ) بعض المتأخرين قراءة ( سورة الرعد ) لقول جابر رضي اللّه عنه فإنها تهون عليه خروج روحه ( واختلفوا في إخراج الحائض والنفساء ) والجنب ( من عنده ) وجه الإخراج امتناع حضور الملائكة محلا به حائض أو نفساء كما ورد ويحضر عنده طبيب ( فإذا مات شد لحياه ) بعصابة عريضة تعمهما وتربط فوق رأسه تحسينا وحفظا لفمه ( وغمض عيناه ) للأمر به في السنة ( ويقول مغمضه : بسم اللّه وعلى ملة رسول اللّه ) صلى اللّه عليه وسلم ( اللّهم يسر عليه أمره وسهل عليه ما بعده وأسعده بلقائك واجعل ما خرج إليه خيرا مما خرج عنه ) قاله الكمال ثم يسجى بثوب ( ويوضع على بطنه حديدة لئلا ينتفخ ) وهو مروي عن الشعبي والحديد يدفع النفخ لسر فيه وإن لم يوجد فيوضع على بطنه شيء ثقيل وروى البيهقي أن أنسا أمر بوضع حديد على بطن مولى له مات ( وتوضع يداه بجنبيه ) إشارة لتسليمه الأمر لربه ( ولا يجوز وضعهما على صدره ) لأنه صنيع أهل الكتاب وتلين مفاصله وأصابعه بأن يرد ساعده لعضده وساقه لفخذه وفخذه لبطنه ويردها مليئة ليسهل غسله وإدراجه في الكفن ( وتكره قراءة القرآن عنده حتى يغسل ) تنزيها للقراءة من نجاسة الحدث فإنه يزول عن المسلم فالغسل تكريما له بخلاف الكافر ( ولا بأس بإعلام الناس بموته ) بل يستحب لتكثير المصلين عليه لما روى الشيخان أن صلى اللّه عليه وسلم نعى لأصحابه النجاشي في اليوم الذي مات فيه وأنه نعى جعفر بن أبي طالب وزيد بن حارثة وعبد اللّه بن رواحة . وقال في النهاية إن كان عالما أو زاهدا أو ممن يتبرك به فقد استحسن بعض المتأخرين النداء في الأسواق لجنازته وهو الأصح اه . وكثير من المشايخ لم يرو بأسا بأن يؤذن بالجنازة ليؤدي أقاربه وأصدقاؤه حقه لكن لا على جهة التفخيم والإفراط في المدح ( و ) إذا تيقن موته ( يعجل بتجهيزه ) إكراما له لما في الحديث " وعجلوا به فإنه لا ينبغي لجيفة مسلم أن تحبس بين ظهراني أهله " والصارف عن وجوب التعجيل الاحتياط قال بعض الأطباء إن كثيرين ممن يموت بالسكتة ظاهرا يدفنون أحياء لأنه يعسر إدراك الموت الحقيقي بها إلا على أفضل الأطباء فيتعين التأخير فيها إلى ظهور اليقين بنحو التغيير وقد مات النبي صلى اللّه عليه وسلم في يوم الإثنين ضحوة ودفن في جوف الليل من ليلة الأربعاء ( فيوضع كما مات ) الكاف للمفاجأة إذا تيقن في موته ( على سرير مجمر ) أي مبخر إخفاء لكريه الرائحة وتعظيما للميت ويكون ( وترا ) ثلاثا أو خمسا ولا يزاد عليه قاله الزيلعي وفي الكافي والنهاية أو سبعا ولا يزاد عليه وكيفيته أن يدار بالمجمرة حول السرير ( ويوضع ) الميت ( كيف اتفق على الأصح ) قاله شمس الأئمة السرخسي وقيل عرضا وقيل إلى القبلة ( ويستر عورته ) ما بين سرته إلى ركبته قاله الزيلعي والنهاية هو الصحيح وفي الهداية يكتفي بستر العورة الغليظة هو الصحيح تيسيرا وهو ظاهر الرواية ولبطلان الشهوة ( ثم ) بعد ستر العورة بإدخال الساتر من تحت الثياب ( جرد من ثيابه ) إن لم يكن خنثى وتغسل عورته بخرقة ملفوفة تحت الساتر أو من فوقه إن لم توجد خرقة ( و ) بعده ( وضئ ) يبدأ بوجهه ويمسح رأسه ( في الصحيح ) إلا أن يكون صغيرا لا يعقل الصلاة فلا يوضأ ( بلا مضمضة واستنشاق ) للتعسر ويمسح فمه وأنفه بخرقة عليه عمل الناس ( إلا أن يكون جنبا ) أو ( ١ ) حائضا أو نفساء فيكلف غسل فمه وأنفه تتميما لطهارته ( و ) بعد الوضوء ( صب عليه ماء مغلي ( ٢ ) ) قد مزج ( بسدر أو حرض ) أشنان غير مطحون مبالغة في التنظيف وقد أمر النبي صلى اللّه عليه وسلم أن تغسل بنته والمحرم الذي وقصته دابته بماء وسدر ( وإلا ) أي وإن لم يوجد ( ف ) الغسل ب ( القراح : وهو الماء الخالص ) كاف ويسخن إن تيسر لأنه أبلغ في التنظيف _________ ( ١ ) المشهور أن الجنب والحائض والنفساء كغيرهم ( ٢ ) من أغليت الماء إغلاء لا من الغلي والغليان لأنهما مصدران اللازم واللازم لا يبني منه اسم المفعول على المشهور اه طحطاوي _________ ( ويغسل رأسه ) أي شعر رأسه ( و ) شعر ( لحيته بالخطمى ) نبت بالعراق طيب الرائحة يعمل عمل الصابون في التنظيف وإن لم يكن فالصابون وإن لم يكن به شعر لا يتكلف لهذا ( ثم ) بعد تنظيف الشعر والبشرة ( يضجع ) الميت ( على يساره فيغسل ) شقه الأيمن ابتداء لأن البداءة بالميامن سنة ( حتى يصل الماء إلى ما ) أي الجنب الذي ( يلي التخت ) بالخاء المعجمة ( منه ) أي الميت ( ثم ) يضجع ( على يمينه ) فيغسل ( كذلك ) حتى يصل الماء إلى سائر جسده ( ثم أجلس ) الميت ( مسندا إليه ) لئلا يسقط ( ومسح بطنه ) مسحا رقيقا ليخرج فضلاته ( وما خرج منه غسله ) فقط تنظيفا ( ولم يعد غسله ) ولا وضوءه لأنه ليس بناقض في حقه ( ثم ينشف بثوب ) كيلا تبتل أكفانه والنية في تغسيله لإسقاط الفرض عنا حتى أنه إذا وجد غريقا يحرك في الماء بنية غسله لهذا لا لصحة الصلاة عليه وإذا يمم لفقد الماء ثم وجد بعد الصلاة عليه بالتيمم غسل وصلي عليه ثانيا والمنتفخ الذي تعذر مسه يصب عليه الماء ويغسله أقرب الناس إليه وإلا فأهل الأمانة والورع ويستر ما لا ينبغي إظهاره ويكره أن يكون جنبا أو بها حيض ويندب الغسل من تغسيله وتقدم ( و ) بعد تنشيفه يلبس القميص ثم تبسط الأكفان و ( يجعل الحنوط ) هو عطر مركب من أشياء طيبة ولا بأس بسائر أنواعه غير الزعفران والورس ( ١ ) ) للرجال ( على رأسه ولحيته ) روي ذلك عن علي وأنس وابن عمر رضي اللّه تعالى عنهم ( و ) يجعل ( الكافور ( ٢ ) على مساجده ) سواء فيه المحرم وغيره فيطيب ويغطى رأسه ليطرد الدود عنها وهي الجبهة وأنفه ويداه وركبتاه وقدماه روي ذلك عن ابن مسعود رضي اللّه عنه فتخص بزيادة إكراه ( وليس في الغسل استعمال القطن في الروايات الظاهرة ) وقال الزيلعي : لا بأس بأن يجعل القطن على وجهه وأن يحشى به مخارقه كالدبر والقبل والأذنين والأنف والفم انتهى . وفي الظهيرية واستقبح عامة المشايخ جعله في دبره أو قبله _________ ( ١ ) الورس : الكركم فيكره هو والزعفران اعتبارا بحال الرجال في الحياة . ولا يكرهان للنساء اعتبارا بحال حياتهن ( ٢ ) ورق شجر عظيم أصل منبته بالهند والصين اه . طحطاوي _________ ( ولا يقص ظفره ) أي الميت ( و ) لا ( شعره ولا يسرح شعره ) أي شعر رأسه ( ولحيته ) لأنه للزينة وقد استغنى عنها ( والمرأة تغسل زوجها ) ولو معتدة من رجعي أو إظهار منها في الأظهر أو إيلاء لحل مسه والنظر إليه ببقاء العدة فلو ولدت عقب موته أو انقضت عدتها من رجعي أو كانت مبانة أو حرمت بردة أو رضاع أو صهرية لا تغسله ( بخلافه ) أي الرجل لا يغسل زوجته لانقطاع النكاح وإذا لم توجد امرأة لتغسيلها ييممها وليس عليه غض بصره عن ذراعيها بخلاف الأجنبي وهو ( كأم الولد ) والمدبرة والقنة ( لا تغسل سيدها ) وتيممه بخرقة ( يتبع . . . ) ( تابع . . . ١ ) : جمع جنازة بالفتح والكسر للميت والسرير وقال الأزهري ولا تسمى جنازة ( ولو ماتت امرأة مع الرجال ) المحارم وغيرهم ( يمموها كعكسه ) وهو موت بين النساء وكن محارمه يممنه ( بخرقة ) تلف على يد الميمم الأجنبي حتى لا يمس الجسد ويغص بصره عن ذراعي المرأة ولو عجوزا وإن وجد ذو رحم محرم يمم ) الميت ذكرا كان أو أنثى ( بلا خرقة ) لجواز مس أعضاء التيمم للمحرم بلا شهوة كالنظر إليها منها له ( وكذا الخنثى المشكل ييمم في ظاهر الرواية ) وقيل يجعل في قميص لا يمنع وصول الماء إليه ( ويجوز للرجل والمرأة تغسيل صبي وصبية لم يشتهيا ) لأنهما ليس لأعضائهما حكم العورة وعن أبي يوسف أنه قال أكره أن يغسلهما الأجنبي والمجبوب كالفحل ( ولا بأس بتقبيل الميت ) للمحبة والتبرك توديعا خالصة عن محظور ( وعلى الرجل تجهيز امرأته ) أي تكفينها ودفنها عند أبي يوسف لو كانت معسرة وهذا التخصيص مختار صاحب المغني والمحيط والظهيرية اه . ويلزمه أبي يوسف بالتجهيز مطلقا أي ( ولو ) كان الزوج ( معسرا ) وهي موسرة ( في الأصح ) وعليه الفتوى وقال محمد ليس عليه تكفينها لانقطاع الزوجية من كل وجه ( ومن ) مات ( ولا مال له فكفنه على من تلزمه نفقته ) من أقاربه وإذا تعدد من وجبت عليه النفقة فالكفن على قدر ميراثهم كالنفقة ولو كان له مولى وخالة فعلى معتقه وقال محمد على خالته ( وإن لم يوجد من تجب عليه نفقته ففي بيت المال ) تكفينه وتجهيزه من أموال التركات التي لا وارث لأصحابها ( فإن لم يعط ) بيت المال ( عجزا ) لخلوه من الأموال ( أو ظلما ) بمنعه صرف الحق لمستحقه وجهته ( فعلى الناس ) القادرين ( و ) يجب أن ( يسأل له ) أي للميت ( التجهيز من ) علم به وهو ( لا يقدر عليه ) أي التجهيز ( غيره ) من القادرين بخلاف الحي إذا عري لا يجب السؤال له بل يسأل لنفسه ثوبا لقدرته عليه وإذا فضل عنه شيء صرف لمالكه وإن لم يعرف كفن به آخر وإلا تصدق به ولا يجب على من له ثوب فقط تكفين ميت ليس عنده غيره وإذا أكل الميت سبع فالكفن لمن تبرع به لا لوارث الميت وإذا وجد أكثر البدن أو نصفه مع الرأس غسل وصلي عليه وإلا لا . والتكفين فرض وأما عدد أثوابه فهي على ثلاثة أقسام سنة وكفاية وضرورة الأول ( و ) هو ( كفن الرجل سنة ) ثلاثة أثواب ( قميص من أصل العنق إلى القدمين بلا دخريص ( ١ ) وكمين ( وإزار ) من القرن إلى القدم ( و ) الثالث ( لفافة ) تزيد على ما فوق القرن والقدم ليلف بها الميت وتربط من أعلاه وأسفله ويؤخذ الكفن ( مما كان يلبسه ) الرجل ( في حياته ) يوم الجمعة والعيدين ويحسن للحديث " حسنوا أكفان الموتى فإنهم يتزاورون فيما بينهم ويتفاخرون بحسن أكفانهم " ولا يغالى فيه لقوله صلى اللّه عليه وسلم " لا تغالوا في الكفن فإنه يسلب سريعا " وكفن صلى اللّه عليه وسلم في ثلاثة أثواب بيض سحولية بفتح السين وبالضم قرية باليمن ( و ) الثاني كفن ( كفاية ) للرجل ( إزار ولفافة ) في الأصح مع قلة المال وكثرة الورثة هو أولى وعلى القلب كفن السنة أولى ( وفضل البياض من القطن ) لما روينا والخلق الغسيل والجديد فيه سواء ( وكل من الإزار واللفافة ) للميت يكون ( من القرن ) يعني شعر الرأس ( إلى القدم ) مع الزيادة للربط ( ولا يجعل لقميصه كم ) لأنه لحاجة الحي ( ولا دخريص ( ١ ) ) لأنه لا يفعل إلا للحي ليتسع الأسفل للمشي فيه ( ولا جيب ) وهو الشق النازل عن الصدر لأنه لحاجة الحي ولو كفن في قميص حي قطع جيبه ولبنته وكميه ( ولا تكف أطرافه ) لعدم الحاجة إليه ( وتكره العمامة في الأصح ) لأنها لم تكن في كفن النبي صلى اللّه عليه وسلم واستحسنها بعضهم لما روي أن ابن عمر رضي اللّه عنهما كان يعممه ويجعل العذبة على وجهه ( و ) تبسط اللفافة ثم الإزار فوقها ثم يوضع الميت مقمصا ثم يعطف عليه الإزار و ( لف ) الإزار ( من ) جهة ( يساره ثم ) من جهة ( يمينه ) ليكون اليمين أعلى ثم فعل باللفافة كذلك اعتبارا بحالة الحياة ( وعقد ) الكفن إن خيف انتشاره ) صيانة للميت عن الكشف ( وتزاد المرأة ) على ما ذكرناه للرجل ( في ) كفنها على جهة ( السنة خمارا لوجهها ) ورأسها ( وخرقة ) عرضها ما بين الثدي إلى السرة وقيل إلى الركبة كيلا ينتشر الكفن بالفخذ وقت المشي بها ( لربط ثدييها ) فسنة كفنها درع وإزار وخمار وخرقة ولفافة ( و ) تزاد المرأة ( في ) كفن ( الكفاية ) على كفن الرجل ( خمارا ) فيكون ثلاثة خمار ولفافة وإزار ( ويعل شعرها ضفيرتين ) وتوضعان ( على صدرها فوق القميص ثم ) يوضع ( الخمار ) على رأسها ووجهها ( فوقه ) أي القميص فيكون ( تحت اللفافة ثم ) تربط ( الخرقة فوقها ) لئلا تنتشر الأكفان وتعطف من اليسار ثم من اليمين ( وتجمر الأكفان ) للرجل والمرأة جميعا تجميرا ( وترا قبل أن يدرج ) الميت ( فيها ) لقوله صلى اللّه عليه وسلم " إذا أجمرتم الميت فأجمروا وترا " ولا يزاد على خمس ولا تتبع الجنازة بصوت ولا نار ويكره تجمير القبر ( وكفن الضرورة ) للمرأة والرجل ويكتفي فيه بكل ( ما يوجد ) روي عن النبي صلى اللّه عليه وسلم " من غسل ميتا فكتم عليه غفر اللّه له أربعين كبيرة ومن كفنه كساه اللّه من السندس والإستبرق ومن حفر له قبرا حتى يجنه فكأنما أسكنه مسكنا حتى يبعث " ورد " يا علي غسل الموتى فإنه من غسل ميتا غفر له سبعون مغفرة لو قسمت مغفرة منها على جميع الخلائق لوسعتهم " قلت " ما يقول من غسل ميتا " . قال " يقول : غفرانك يا رحمن حتى يفرغ من الغسل " _________ ( ١ ) الدخريص : ما يضاف في جوانب ثوب الحي يتبع أسفله تسهيلا للمشي [ حكمها وأركانها وسننها] ( فصل الصلاة عليه ) ككفنه ودفنه وتجهيزه ( فرض كفاية ) مع عدم الانفراد بالخطاب بها ولو امرأة ( وأركانها التكبيرات والقيام ) لكن التكبيرة الأولى شرط باعتبار الشروع بها وركن باعتبار قيامها مقام ركعة كباقي التكبيرات كما في المحيط ( وشرائطها ) ستة أو لها ( إسلام الميت ) لأنها شفاعة وليست لكافر ( و ) الثاني ( طهارته ) وطهارة مكانه لأنه كالإمام ( و ) الثالث ( تقدمه ) أمام القوم ( و ) الرابع ( حضوره أو حضور أكثر بدنه أو نصفه مع رأسه ) والصلاة على النجاشي كانت بمشهده كرامة له ومعجزة للنبي صلى اللّه عليه وسلم ( و ) الخامس ( كون المصلي عليها غير راكب ) وغير قاعد ( بلا عذر ) لأن القيام فيها ركن فلا يترك بلا عذر ( و ) السادس ( كون الميت ) موضوعا ( على الأرض ) لكونه كالإمام من وجه ( فإن كان على دابة أو على أيدي الناس لم تجز الصلاة على المختار إلا ) إن كان ( من عذر ) كما في التبيين ( وسننها أربع ) الأولى ( قيام الإمام بحذاء ) صدر ( الميت ذكرا كان ) الميت ( أو أنثى ) لأنه موضع القلب ونور الإيمان ( و ) الثانية ( الثناء بعد التكبيرة الأولى ) وهو سبحانك اللّهم وبحمدك إلى آخره وجاز قراءة الفاتحة يقصد الثناء كذا نص عليه عندنا وفي البخاري عن ابن عباس رضي اللّه عنهما أنه صلى على جنازة فقرأ بفاتحة الكتاب وقال " لتعلموا أنه من السنة " وصححه الترمذي وقد قال أئمتنا بأن مراعاة الخلاف مستحبة وهي فرض عند الشافعي رحمه اللّه تعالى فلا مانع من قصد القرآنية بها خروجا من الخلاف وحق الميت ( و ) الثالثة ( الصلاة على النبي صلى اللّه عليه وسلم بعد ) التكبيرة ( الثانية ) اللّهم صل على محمد وآل محمد إلى آخره ( و ) الرابعة من السنن ( الدعاء للميت ) ولنفسه وجماعة المسلمين ( بعد ) التكبيرة ( الثالثة ولا يتعين له ) أي الدعاء ( شيء ) سوى كونه بأمور الآخرة ( و ) لكن ( إن دعا بالمأثور ) عن النبي صلى اللّه عليه وسلم ( فهو أحسن وأبلغ ) لرجاء قبوله ( ومنه ما حفظ عوف ) بن مالك ( من دعاء النبي صلى اللّه عليه وسلم ) لما صلى معه على جنازة ( اللّهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم ( ١ ) نزله ووسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد ونقه من الخطايا كما ينق الثوب الأبيض من الدنس وأبدله دارا خيرا من داره وأهلا خيرا من أهله وزوجا خيرا من زوجه وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر وعذاب النار ) قال عوف رضي اللّه عنه حتى تمنيت أن أكون ذلك الميت رواه مسلم والترمذي والنسائي وفي الأصل روايات أخرى ( ويسلم ) وجوبا ( بعد ) التكبيرة ( الرابعة من غير دعاء ) بعدها ( في ظاهر الرواية ) واستحسن بعض المشايخ أن يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة الخ أو ربنا لا تزغ قلوبنا الخ وينوي بالتسليمتين الميت مع القوم كما ينوي الإمام ولا ينبغي أن يرفع صوته بالتسليم فيها كما يرفع في سائر الصلوات ويخافت بالدعاء ويجهر بالتكبير ( ولا يرفع يديه بغير التكبيرة الأولى ) في ظاهر الرواية وكثير من مشايخ بلخ اختاروا الرفع بكل تكبيرة كما كان يفعله ابن عمر رضي اللّه عنهما ( ولو كبر الإمام خمسا لم يتبع ) لأنه منسوخ ( ولكن ينتظر سلامه في المختار ) ليسلم معه في الأصح وفي رواية يسلم المأموم كما كبر إمامه الزائدة ولو سلم الإمام يعد الثالثة ناسيا كبر الرابعة ويسلم ( ولا يستغفر لمجنون أو صبي ) إذ لا ذنب لهما ( ويقول ) في الدعاء ( اللّهم اجعله لنا فرطا ) الفرط بفتحتين الذي يتقدم الإنسان من ولده أي أجرا متقدما ( واجعله لنا أجرا ) أي ثوابا ( وذخرا ) بضم الذال المعجمة وسكون الخاء المعجمة الذخيرة ( واجعله لنا شافعا مشفعا ) بفتح الفاء مقبول الشفاعة _________ ( ١ ) النزل : ما يعد للضيف والمراد : أكثر ثوابه ونعيمه . المدخل : القبر . الدنس : الوسخ [ الأحق بها] ( فصل ) ( السلطان أحق بصلاته ) لواجب تعظيمه ( ثم نائبه ) لأنه السنة ( ثم القاضي ) لولايته ثم صاحب الشرط ثم خليفة الوالي ثم خليفة القاضي ( ثم إمام الحي ) لأنه رضيه في حياته فهو أولى من الولي في الصحيح ( ثم الولي ) الذكر المكلف فلا حق للمرأة والصغير والمعتوه وهو قليل العقل ويقدم الأقرب فالأقرب كترتيبهم في النكاح ولكن يقدم الأب على الابن في قول الكل على الصحيح لفضله وقال شيخ مشايخي العلامة نور الدين علي المقدسي رحمهم اللّه تعالى : لتقديم الأب وجه حسن وهو أن المقصود الدعاء للميت ودعوته مستجابة روى أبو هريرة رضي اللّه عنه عن النبي صلى اللّه عليه وسلم " ثلاث دعوات مستجابات دعوة المظلوم ودعوة المسافر ودعوة الوالد لولده " رواه الطيالسي والسيد أولى من قريب عبده على الصحيح والقريب مقدم على المعتق فإن لم يكن ولي فالزوج ثم الجيران ( ولمن له حتى التقدم أن يأذن لغيره ) لأن له إبطال حقه وإن تعدد فللثاني المنع والذي يقدمه الأكبر أولى من الذي يقدمه الأصغر ( فإن صلى غيره ) أي غير من له حق التقدم بلا إذن ولم يقتد به ( أعادها ) هو ( إن شاء ) لعدم سقوط حقه وإن تأدى الفرض بها ( ولا ) يعيد ( معه ) أي مع من له حق التقدم ( من صلى مع غيره ) لأن التنفل بها غير مشروع كما لا يصلي أحد عليها بعده وإن صلى وحده ( ومن له ولاية التقدم فيها أحق ) بالصلاة عليها ( ممن أوصى له الميت بالصلاة عليه ) لأن الوصية باطلة ( على المفتى به ) قاله الصدر الشهيد وفي نوادر ابن رستم الوصية جائزة ( وإن دفن ) وأهيل عليه التراب ( بلا صلاة ) لأمر اقتضى ذلك ( صلى على قبره وإن لم يغسل ) لسقوط شرط طهارته لحرمة نبشه وتعاد لو صلي عليه قبل الدفن بلا غسل لفساد الأولى بالقدرة على تغسيله قبل الدفن وقي تنقلب صحيحة لتحقق العجز ولو لم يهل التراب يخرج فيغسل ويصلى عليه ( ما لم يتفسخ ) والمعتبر فيه أكبر الرأي على الصحيح لاختلافه باختلاف الزمان والمكان ( ١ ) والإنسان وإذا كان القوم سبعة يقدم واحد إماما وثلاثة بعده واثنان بعدهم وواحد بعدهما لأن في الحديث " من صلى عليه ثلاث صفوف غفر له وخيرها آخرها لأنه أدعى للإجابة بالتواضع _________ ( ١ ) يختلف باختلاف الأزمنة حرارة وبرودة والأمكنة جفافا ورطوبة وصلابة والإنسان هزالا وسمنا . والمعتبر غلبة الظن [ أحكام مختلفة ؟ ؟] ( وإذا اجتمعت الجنائز فالإفراد بالصلاة لكل منها أولى ) وهو ظاهر ( ويقدم الأفضل فالأفضل ) إن لم يكن سبق ( وإن اجتمعن ) ولو مع السبق ( وصلى عليها مرة ) واحدة صح وإن شاء جعلهم صفا عريضا ويقوم عند أفضلهم وإن شاء ( جعلها ) أي الجنائز ( صفا طويلا مما يلي القبلة بحيث يكون صدر كل ) واحد منهم ( قدام الإمام ) محاذيا له وقال ابن أبي ليلى يجعل رأس كل واحد أسفل من رأسه صاحبه هكذا درجات وقال أبو حنيفة وهو حسن لأن النبي صلى اللّه عليه وسلم وصاحبيه دفنوا هكذا والوضع للصلاة كذلك قال وإن وضعوا رأس كل واحد بحذاء رأس الآخر فحسن وهذا كل عند التفاوت في الفضل فإن لم يكن ينبغي أن لا يعدل عن المحاذاة فلذا قال ( وراعي الترتيب ) في وضعهم ( فيجعل الرجال مما يلي الإمام ثم الصبيان بعدهم ) أي بعد الرجال ( ثم الخناثى ثم النساء ) ثم المراهقات ولو كان الكل رجالا روى الحسن عن أبي حنيفة يوضع أفضلهم وأسنهم مما يلي الإمام وهو قول أبي يوسف والحر مقدم على العبد وفي رواية الحسن إذا كان العبد أصلح قدم ( ولو دفنوا بقبر واحد ) لضرورة ( وضعوا ) فيه ( على عكس هذا ) الترتيب ويقدم الأفضل فالأفضل إلى القبلة والأكثر قرآنا وعلما كما فعل في شهداء أحد ( ولا يقتدي بالإمام من ) سبق ببعض التكبيرات و ( وجده بين تكبيرتين ) حين حضر ( بل ينتظر تكبير الإمام ) ويدخل معه إذا كبر عند أبي حنيفة ومحمد وقال أبو يوسف يكبر حين يحضر ويحسب له وعندهما يقضي الجميع ولا يحسب له تكبير إحرامه كالمسبوق بركعات ( ويوافقه ) أي المسبوق إمامه ( في دعائه ) لو علمه بسماعه على ما قاله مشايخ بلخ أن السنة أن يسمع كل صف ما يليه ( ثم يقضي ) المسبوق ( ما فاته ) من التكبيرات ( قبل رفع الجنازة ) مع الدعاء إن أمن رفع الجنازة وإلا كبر قبل وضعها على الأكتاف متتابعا اتقاءا عن بطلانها بذهابها ( ولا ينتظر تكبير الإمام من حضر تحريمته ) فيكبر ويكون مدركا ويسلم مع الإمام ( ومن حضر بعد التكبيرة الرابعة قبل السلام فاتته الصلاة ) عندهما ( في الصحيح ) لأنه لا وجه إلى أن يكبر وحده كما في البزازية وغيرها وعن محمد أن يكبر كما قال أبو يوسف ثم يكبر ثلاثا بعد سلام الإمام قبل رفع الجنازة وعليه الفتوى كذا في الخلاصة وغيرها فقد اختلف التصحيح كما ترى ( وتكره الصلاة عليه في مسجد الجماعة وهو ) أي الميت ( فيه ) كراهة تنزيه في رواية ورجحها المحقق ابن الهمام وتحريمية في أخرى والعلة فيه إن كان خشية التلويث فهي تحريمية وإن كان شغل المسجد بما لم يبن له فتنزيهية والمروي قوله صلى اللّه عليه وسلم " من صلى على جنازة في المسجد فلا شيء له " وفي رواية " فلا أجر له ( أو ) كان الميت خارجه أي المسجد مع بعض القوم ( و ) كان ( بعض الناس في المسجد ) أو عكسه ولو مع الإمام ( على المختار ) كما في الفتاوى الصغرى خلافا لما أورده النسفي من أن الإمام إذا كان خارج المسجد مع بعض القوم لا يكره بالاتفاق لما علمت من الكراهة على المختار ( تنبيه ) تكره صلاة الجنائز في الشارع وأراضي الناس ( ومن استهل ) أي وجد منه حال ولادته حياة بحركة أو صوت وقد خرج أكثره وصدره ونزل برأسه مستقيما وسرته إن خرج برجليه منكوسا ( سمي وغسل ) وكفن كما علمته ( وصلي عليه ) وورث ويورث لما روي عن جابر يرفعه : الطفل لا يصلى عليه ولا يرث ولا يورث حتى يستهل بشهادة رجلين أو رجل وامرأتين عند الإمام وقالا يقبل قول النساء فيه إلا الأم في الميراث إجماعا لأنه لا يشهده الرجال وقول القابلة مقبول في حق الصلاة عليه وأمه كالقابلة إذا اتصفت بالعدالة وفي الظهيرية ماتت واضطرب الولد في بطنها يشق ويخرج ولا يسع إلا ذلك كذا في شرح المقدسي ( وإن لم يستهل غسل ) وإن لم يتم خلقه ( في المختار ) لأنه نفس من وجه ( وأدرج في خرقة ) وسمي ( ودفن ولم يصل عليه ) ويحشر إن بان بعض خلقه وذكر في المبسوط قولا آخر إن نفخ فيه الروح حشر وإلا فلا كذا في شرح المقدسي ( كصبي ) أو مجنون بالغ ( سبي ) أي أسر ( مع أحد أبويه ) من دار الحرب ثم مات لتبعيته له في أحكام الدنيا وتوقف الإمام في أولاد أهل الشرك وعن محمد أنه قال فيهم إني أعلم أن اللّه لا يعذب أحدا بغير ذنب ( إلا أن يسلم أحدهما ) للحكم بإسلامه بالتبعية له ( أو ) يسلم ( هو ) أي الصبي إذا كان يعقله لأن إقراره صحيح بإقراره بالوحدانية والرسالة أو صدق وصف الإيمان له ولا يشترط ابتداؤه الوصف من نفسه أو لا يعرفه إلا الخواص ( أو لم يسب أحدهما ) أي أحد أبويه ( معه ) للحكم بإسلامه لتبعية السابي أو دار الإسلام حتى لو سرق ذمي صغيرا فأخرجه لدار الإسلام ثم مات يصلى عليه وإن بقي حيا يجب تخليصه من يده أي بالقيمة ( وإن كان لكافر قريب مسلم ) حاضر ولا ولي له كافر ( غسله ) المسلم ( كغسل خرقة نجسة ) لا يراعي فيه سنة عامة في بني آدم ليكون حجة عليه لا تطهيرا له حتى لو وقع في ماء نجسة ( وكفنه في خرقة ) من غير مراعاة كفن السنة ( وألقاه في حفرة ) من غير وضع كالجيفة مراعاة لحق القرابة ( أو دفعه ) القريب ( إلى أهل ملته ) ويتبع جنازته من بعيد وفيه إشارة إلى أن المرتد لا يمكن منه أحد لغسله لأنه لا ملة له فيلقى كجيفة كلب في حفرة وإلى أن الكافر لا يمكن من قريبه المسلم لأنه فرض على المسلمين كفاية ولا يدخل قبره لأن الكافر تنزل عليه اللعنة والمسلم محتاج إلى الرحمة خصوصا في هذه الساعة ( ولا يصلى على باغ ) اتفاقا وإن كان مسلما ( و ) لا على ( قاطع طريق ) إذا ( قتل ) كل منهم ( حالة المحاربة ) ولا يغسل لأن عليا رضي اللّه عنه لم يغسل البغاة . وأما إذا قتلوا بعد ثبوت يد الإمام فإنهم يغسلون ويصلى عليهم ( و ) لا يصلى على ( قاتل بالخنق غيلة ) بالكسر الاغتيال يقال قتله غيلة وهو أن يخدعه فيذهب به إلى موضع فيقتله والمراد أعم كما لو خنقه في منزل لسعيه في الأرض بالفساد ( و ) لا على ( مكابر في المصر ليلا بالسلاح ) إذا قتل في تلك الحالة ( و ) لا يصلى على ( مقتول عصبية ) إهانة لهم وزجرا لغيرهم ( وإن غسلوا ) كالبغاة على إحدى الروايتين لا يصلى عليهم وإن غسلوا ( وقاتل نفسه ) عمدا لا لشدة وجع ( يغسل ويصلى عليه ) عند أبي حنيفة ومحمد وهو الأصح عندي لأنه مؤمن مذنب وقال أبو يوسف لا يصلى عليه وكان القاضي الإمام علي السعدي يقول الأصح عندي أنه لا يصلى عليه وإن كان خطأ أو لوجع يصلى عليه اتفاقا وقاتل نفسه أعظم وزرا وإثما من قاتل غيره ( ولا ) يصلى ( على قاتل أحد أبويه عمدا ) ظلما إهانة له ( فصل ) في حملها ودفنها ( يسن لحملها ) حمل ( أربعة رجال ) تكريما له وتخفيفا وتحاشيا عن تشبيهه بحمل الأمتعة ويكره حمله على ظهر دابة بلا عذر والصغير يحمله واحد على يديه ويتداوله الناس كذلك بأيديهم ( وينبغي ) لكل واحد ( حملها أربعين خطوة يبدأ ) الحامل ( بمقدمها الأيمن ) فيضعه ( على يمينه ) أي على عاتقه الأيمن ويمينها أي الجنازة ما كان جهة يسار الحامل لأن الميت يلقى على ظهره ثم يوضع مؤخرها الأيمن عليه أي على عاتقه الأيمن ( ثم ) يضع ( مقدمها الأيسر على يساره ) أي على عاتقه الأيسر ( ثم يختم ب ) الجانب ( الأيسر ) بحملها ( عليه ) أي على عاتقه الأيسر فيكون من كل جانب عشر خطوات لقوله صلى اللّه عليه وسلم " من حمل الجنازة أربعين خطوة كفرت عنه أربعين كبيرة " ولقول أبي هريرة رضي اللّه عنه " من حمل الجنازة بجوانبها الأربع فقد قضى الذي عليه ( ويستحب الإسراع بها ) لقوله صلى اللّه عليه وسلم " أسرعوا بالجنازة " أي ما دون الخبب كما في رواية ابن مسعود رضي اللّه عنه " فإن تك صالحة فخير تقدمونها إليه وإن تك غير ذلك فشر تضعونه عن رقابكم " وكذا يستحب الإسراع بتجهيزه كله " بلا خبب " بخاء معجمة وموحدتين مفتوحتين ضرب من العدو دون العنق والعنق خطو فسيح فيمشون به دون ما دون العنق ( وهو ما يؤدي إلى اضطراب الميت ) فيكره للازدراء به وإتعاب المتبعين ( والمشي خلفها أفضل من المشي أمامها كفضل صلاة الفرض على النفل ) لقول علي : " والذي بعث محمدا بالحق إن فضل المشي خلفها على الماشي أمامها كفضل المكتوبة على التطوع " . فقال أبو سعيد الخدري : " أبرأيك تقول أم بشيء سمعته من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ؟ " فغضب وقال : " لا واللّه بل سمعته غير مرة لا اثنتين ولا ثلاث حتى عد سبعا . " فقال أبو سعيد : " إني رأيت أبا بكر وعمر يمشيان أمامها . " فقال علي رضي اللّه عنه " يغفر اللّه لهما لقد سمعا ذلك من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كما سمعته وإنهما واللّه لخير هذه الأمة ولكنهما كرها أن يجتمع الناس ويتضايقوا فأحبا أن يسهلا على الناس . " ولقول أبي أسامة " إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مشى خلف جنازة ابنه إبراهيم حافيا " . ويكره أن يتقدم الكل عليها أو ينفرد واحد متقدما ولا بأس بالركوب خلفها من غير إضرار لغيره في السنن قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم " الراكب يسير خلف الجنازة والماشي أمامها قريبا منها عن يمينها أو عن يسارها " ( ويكره رفع الصوت بالذكر ) والقرآن وعليهم الصمت وقولهم كل حي سيموت ونحو ذلك خلف الجنازة بدعة ويكره اتباع النساء الجنائز وإن لم تنزجر نائحة فلا بأس بالمشي معها وينكره بقلبه ولا بأس بالبكاء بدمع في منزل الميت ويكره النوح والصياح وشق الجيوب ولا يقوم من مرت به جنازة ولم يرد المشي معها والأمر به منسوخ ( و ) يكره ( الجلوس قبل وضعها ) لقوله عليه السلام " من تبع الجنازة فلا يجلس حتى توضع ( ويحفر القبر نصف قامة أو إلى الصدر وإن زيد كان حسنا ) لأنه أبلغ في الحفظ ( ويلحد ) في الأرض صلبة من جانب القبلة ( ولا يشق ) بحفيرة في وسط القبر يوضع فيها الميت ( إلا في أرض رخوة ) فلا بأس به فيها ولا باتخاذ التابوت ولو من حديد ويفرش فيه التراب لقوله صلى اللّه عليه وسلم " اللحد لنا والشق لغيرنا " ويدخل الميت في القبر ( من قبل القبلة ) كما دخل النبي صلى اللّه عليه وسلم إن أمكن فتوضع الجنازة على القبر من جهة القبلة ويحمله الآخذ مستقبلا حال الأخذ ويضعه في اللحد لشرف القبلة وهو أول من السل لأنه يكون ابتداء بالرأس أو يكون بالرجلين ( ويقول واضعه ) في قبره كما أمر به النبي صلى اللّه عليه وسلم وكان يقوله إذا أدخل الميت القبر ( بسم اللّه وعلى ملة رسول اللّه ) قال شمس الأئمة السرخسي : أي بسم اللّه وضعناك وعلى ملة رسول اللّه سلمناك وفي الظهيرية : إذا وضعوه قالوا بسم اللّه وباللّه وفي اللّه وعلى ملة رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وسلم ) ولا يضر دخول وتر أو شفع في القبر بقدر الكفاية والسنة الوتر وأن يكونوا أقرباء أمناء صلحاء وذو الرحم المحرم أولى بإدخال المرأة ثم ذو الرحم غير المحرم ثم الصالح من مشايخ جيرانها ثم الشبان الصلحاء ولا يدخل أحد من النساء القبر ولا يخرجهن إلا الرجال ولو كانوا أجانب لأن مس الأجنبي لها بحائل عند الضرورة جائز في حياتها فكذا بعد موتها ( ويوجه إلى القبلة على جنبه الأيمن ) بذلك أمر النبي صلى اللّه عليه وسلم وفي حديث أبي داود " البيت الحرام قبلتكم أحياء وأمواتا " ( وتحل العقدة ) لأمر النبي صلى اللّه عليه وسلم لسمرة وقد مات له ابن " أطلق عقد رأسه وعقد رجليه " لأنه أمن من الانتشار ( ويسوى اللبن ) بكسر الباء الموحدة واحدة لبنة بوزن كلمة الطوب النيء ( عليه ) أي على اللحد اتقاء لوجهه عن التراب لما روي أنه عليه الصلاة والسلام جعل على قبره اللبن وروي طن من قصب بضم الطاء المهملة الحزمة ولا منافاة لإمكان الجمع بوضع اللبن منصوبا ثم أكمل بالقصب وقال محمد في الجامع الصغير ( و ) يستحب ( القصب ) واللبن وقال في الأصل اللبن والقصب فدل المذكور في الجامع على أنه لا بأس بالجمع بينهما واختلف في القصب المنسوج ويكره إلقاء الحصير في القبر وهذا عند الوجدان وفي محل لا يوجد إلا الصخر فلا كراهة فيه فقولهم ( وكره ) وضع ( الآجر ) بالمد المحرق من اللبن ( والخشب ) محمول على وجود اللبن بلا كلفة وإلا فقد يكون الخشب والآجر موجودين ويقدم اللبن لأن الكراهة لكونهما للإحكام والزينة ولذا قال بعض مشايخنا إنما يكره الآجر إذا أريد به الزينة أما إذا أريد به دفع أذى السباع أو شيء آخر لا يكره وما قيل إنه لمس النار فليس بصحيح ( و ) يستحب ( أن يسجى ) أي يستر ( قبرها ) أي المرأة سترا لها إلى أن يسوى عليها اللحد ( لا ) يسجى قبره لأن عليا رضي اللّه عنه مر بقوم قد دفنوا ميتا وبسطوا على قبره ثوبا فجذبه وقال إنما يصنع هذا بالنساء إلا إذا كان لضرورة دفع حر أو مطر أو ثلج عن الداخلين في القبر فلا بأس به ( ويهال التراب ) سترا له ويستحب أن يحثى ثلاثا لما روي أنه صلى اللّه عليه وسلم " صلى على جنازة ثم أتى القبر فحثا عليه التراب من قبل رأسه ثلاثا " ويكره أن يزيد فيه على التراب الذي خرج منه ويجعله مرتفعا عن الأرض قدر شبر أو أكثر بقليل ولا بأس برش الماء حفظا له ( ولا يربع ) ولا يجصص لنهي النبي صلى اللّه عليه وسلم عن تربيع القبور وترصيصها ( ويحرم البناء عليه للزينة ) لما رويناه ( ويكره ) البناء عليه ( للإحكام بعد الدفن ) لأنه للبقاء والقبر للفناء وأما قبل الدفن فليس بقبر وفي النوازل لا بأس بتطيينه وفي الغياثية : وعليه الفتوى . ( ولا بأس ) أيضا ( بالكتابة ) في حجر صين به القبر ووضع ( عليه لئلا يذهب الأثر ) فيحترم للعلم بصاحبه ( ولا يمتهن ) وعن أبي يوسف أنه كره أن يكتب عليه . وإذا خربت القبور فلا بأس بتطيينها لأن الرسول صلى اللّه عليه وسلم مر بقبر ابنه إبراهيم فرأى فيه جحرا فسده وقال : " من عمل عملا فليتقنه " وعن أنس عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال " خفق الرياح وقطر الأمطار على قبر المؤمن كفارة لذنوبه " ( ويكره الدفن في البيوت لاختصاصه بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام ) قال الكمال لا يدفن صغير ولا كبير في البيت الذي مات فيه فإن ذلك خاص بالأنبياء عليهم السلام بل يدفن في مقابر المسلمين ( ويكره الدفن في ) الأماكن التي تسمى ( الفساقي ) وهي كبيت معقود في البناء يسع جماعة قياما ونحوه لمخالفتها السنة ( ولا بأس بدفن أكثر من واحد ) في قبر واحد ( للضرورة ) قال قاضيخان ( ويحجز بين كل اثنين بالتراب ) هكذا أمر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في بعض الغزوات ولو بلي الميت وصار ترابا جاز دفن غيره في قبره ولا يجوز كسر عظامه ولا تحويلها ولو كان ذميا ولا ينبش وإن طال الزمان وأما أهل الحرب فلا بأس بنبشهم إن احتيج إليه ( ومن مات في سفينة وكان البر بعيدا وخيف الضرر ) به ( غسل وكفن ) وصلى عليه ( وألقي في البحر ) وعن الإمام أحمد بن حنبل رحمه اللّه يثقل ليرسب وعن الشافعية كذلك إن كان قريبا من دار الحرب والأشد بين لوحين ليقذفه البحر فيدفن ( ويستحب الدفن في ) المقبرة ( محل مات به أو قتل ) لما روي عن عائشة رضي اللّه عنها أنها قالت حين زارت قبر أخيها عبد الرحمن وكان مات بالشام وحمل منها : لو كان الأمر فيك إلي ما نقلتك ولدفنتك حيث مت ( فإن نقل قبل الدفن قدر ميل أو ميلين ) ونحو ذلك ( لا بأس به ) لأن المسافة إلى المقابر قد تبلغ هذا المقدار ( وكره نقله لأكثر منه ) أي أكثر من الميلين كذا في الظهيرية وقال شمس الأئمة السرخسي وقول محمد في الكتاب لا بأس أن ينقل الميت قدر ميل أو ميلين بيان أن النقل من بلد إلى بلد مكروه وقال قاضيخان وقد قال قبله لو مات في غير بلده يستحب تركه فإن نقل إلى مصر آخر لا بأس به لما روي أن يعقوب صلوات اللّه عليه مات بمصر ونقل إلى الشام وسعد ابن أبي وقاص مات في ضيعة على أربعة فراسخ من المدينة ونقل على أعناق الرجال إلى المدينة . قلت يمكن الجمع بأن الزيادة مكروهة في تغيير الرائحة أو خشيتها وتنتفي بانتفائها لمن هو مثل يعقوب عليه السلام وسعد رضي اللّه عنه لأنهما من أحياء الدارين ( ولا يجوز نقله ) أي الميت ( بعد دفنه ) بأن أهيل عليه التراب وأما قبله فيخرج ( بالإجماع ) بين أئمتنا طالت مدة دفنه أو قصرت للنهي عن نبشه والنبش حرام حقا للّه تعالى ( إلا أن تكون لأرض مغصوبة ) فيخرج لحق صاحبها إن طلبه وإن شاء سواه بالأرض وانتفع بها زراعة أو غيرها ( أو أخذت ) الأرض ( بالشفعة ) بأن دفن بها بعد الشراء ثم أخذت بالشفعة لحق الشفيع فيتخير كما قلنا ( وإن دفن في قبر حفر لغيره ) من الأحياء بأرض ليست مملوكة لأحد ( ضمن قيمة الحفر ) وأخذ من تركته وإلا فمن بيت المال أو المسلمين كما قدمناه فإن كانت المقبرة واسعة يكره لأن صاحب القبر يستوحش بذلك وإن كانت الأرض ضيقة جاز أي بلا كراهة قال الفقيه أبو الليث رحمه اللّه لأن أحدا من الناس لا يدري بأي أرض يموت وهذا كمن بسط بساطا أو مصلى أي سجادة في المسجد أو المجلس فإن كان واسعا لا يصلي ولا يجلس عليه غيره وإن كان المكان ضيقا جاز لغيره أن يرفع البساط ويصلي في ذلك المكان أو يجلس ومن حفر قبرا قبل موته فلا بأس به ويؤجر عليه هكذا عمل عمر بن عبد العزيز والربيع بن خثعم وغيرهم ( ولا يخرج منه ) لأن الحق صار له وحرمته مقدمة ( وينبش ) القبر ( لمتاع ) كثوب ودرهم ( سقط فيه ) وقيل لا ينبش بل يحفر من جهة المتاع ويخرج ( و ) ينبش ( لكفن مغصوب ) لم يرض صاحبه إلا بأخذه ( ومال مع الميت ) لأن النبي صلى اللّه عليه وسلم أباح نبش قبر أبي رغال لذلك ( ولا ينبش ) الميت ( بوضعه لغير القبلة أو ) وضعه ( على يساره ) أو جعل رأسه موضع رجليه ولو سوي اللبن عليه ولم يهل التراب نزع اللبن وراعى السنة ( تتمة ) قال كثير من متأخرة أئمتنا رحمهم اللّه يكره الاجتماع عند صاحب جلوس على باب الدار للمصيبة فإن ذلك عمل أهل الجاهلية ونهى النبي صلى اللّه عليه وسلم عن ذلك ويكره في المسجد ويكره الضيافة من أهل الميت لأنها شرعت في السرور لا في الشرور وهي بدعة مستقبحة وقال عليه السلام " لا عقر في الإسلام " وهو الذي كان يعقر عند القبر بقرة أو شاة ويستحب لجيران الميت والأباعد من أقاربه تهيئة طعام لأهل الميت يشبعهم يومهم وليلتهم لقوله صلى اللّه عليه وسلم " اصنعوا لآل جعفر طعاما فقد جاءهم ما يشغلهم " ويلح عليهم في الأكل لأن الحزن يمنعهم فيضعفهم واللّه ملهم الصبر ومعوض الأجر وتستحب التعزية للرجال والنساء اللاتي لا يفتن لقوله صلى اللّه عليه وسلم " من عزى أخاه بمصيبة كساه اللّه من حلل الكرامة يوم القيامة " وقوله صلى اللّه عليه وسلم " من عزى مصابا فله مثل أجره " وقوله صلى اللّه عليه وسلم " من عزى ثكلى كسي بردين في الجنة " ولا ينبغي لمن عزى مرة أن يعزي أخرى ( فصل في زيارة القبور . ندب زيارتها ) من غير أن يطأ القبور ( للرجال والنساء ) وقيل تحرم على النساء الأصح أن الرخصة ثابتة للرجال والنساء فتندب لهن أيضا ( على الأصح ) والسنة زيارتها قائما كما كان يفعل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في الخروج إلى البقيع ويقول : السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء اللّه بكم لاحقون أسأل اللّه لي ولكم العاقبة " ( ويستحب ) للزائر ( قراءة ) سورة ( يس لما ورد ) عن أنس رضي اللّه عنه ( أنه ) قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : ( من دخل المقابر فقرأ ) سورة ( يس ) يعني وأهدى ثوابها للأموات ( خفف اللّه عنه يومئذ ) العذاب ورفعه وكذا يوم الجمعة يرفع فيه العذاب عن أهل البرزخ ثم لا يعود على المسلمين ( وكان له ) أي للقارئ ( بعدد ما فيها ) رواية الزيلعي من فيها من الأموات ( حسنات ) وعن أنس أنه سأل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال يا رسول اللّه إنا نتصدق عن موتانا ونحج عنهم وندعو لهم فهل يصل ذلك إليهم فقال " نعم إنه ليصل ويفرحون به كما يفرح أحدكم بالطبق إذا أهدي إليه " رواه أبو جعفر العكبري فلإنسان أن يجعل ثواب عمله بغيره عند أهل السنة والجماعة صلاة أو صوما أو حجا أو صدقة أو قراءة قرآن أو الأذكار أو غير ذلك من أنواع البر ويصل ذلك إلى الميت وينفعه قال الزيلعي في باب الحج عن الغير وعن علي رضي اللّه عنه أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال " من مر على المقابر فقرأ قل هو اللّه أحد إحدى عشرا مرة ثم وهب أجرها للأموات أعطي من الأجر بعدد الأموات " رواه الدارقطني وأخرج ابن أي شيبة عن الحسن أنه قال من دخل المقابر فقال اللّهم رب الأجساد البالية والعظام النخرة التي خرجت من الدنيا وهي بك مؤمنة أدخل عليها روحا وسلاما مني أستغفر له كل مؤمن مات منذ خلق اللّه آدم . وأخرج ابن أبي الدنيا بلفظ كتب له بعدد من مات من ولد آدم إلى أن تقوم الساعة حسنات . ( ولا يكره الجلوس للقراءة على القبر في المختار ) لتأدية القراءة بالسكينة والتدبر والاتعاظ ( وكره القعود على القبور بغير قراءة ) لقوله عليه السلام " لئن يجلس أحدكم على جمر فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلدته خير له من أن يجلس على قبر " ( و ) كره ( وطئها ) بالأقدام لما فيه من عدم الاحترام وأخبرني شيخي العلامة محمد بن أحمد الحموي الحنفي رحمه اللّه بأنهم يتأذون بخفق النعال اه . وقال الكمال وحينئذ فما يصنعه الناس ممن دفنت أقاربه ثم دفنت حواليهم خلق من وطء تلك القبور إلى أن يصل إلى قبر قريبه مكروه اه . وقال قاضيخان : ولو وجد طريقا في المقبرة وهو يظن أنه طريق أحدثوه لا يمشي في ذلك وإن لم يقع في ضميره بأن يمشي فيه ( و ) كره ( النوم ) على القبور ( و ) كره تحريما ( قضاء الحاجة ) أي البول والتغوط ( عليها ) بل وقريبا منها وكذا كل ما لم يعهد من غير فعل السنة ( و ) كره ( قلع الحشيش ) الرطب ( و ) كذا ( الشجر من المقبرة ) لأنه ما دام رطبا يسبح اللّه تعالى فيؤنس الميت وتنزل بذكر اللّه تعالى الرحمة ( ولا بأس بقلع اليابس منهما ) أي الحشيش والشجر لزوال المقصود |