Geri

   

 

 

İleri

 

٥ ( باب ما يفسد الصلاة )

١

الفساد ضد الصلاح والفساد والبطلان في العبادة كالبيع مفترقان وحصر المفسد بالعد تقريبا لا تحديدا فقال ( وهو ثمانية وستون شيئا ) منه ( الكلمة ) وإن لم تكن مفيدة ك " يا " ( ولو ) نطق بها ( سهوا ) يظن كونه ليس في الصلاة ( أو ) نطق بها ( خطأ ) كما لو أراد أن يقول يا أيها الناس فقال يا زيد ولو جهل كونه مفسدا ولو نائما في المختار لقوله صلى اللّه عليه وسلم

" إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس "

والعمل القليل عفو لعدم الاحتراز منه ( و ) يفسدها ( الدعاء بما يشبه كلامنا ) نحو اللّهم ألبسني ثوب كذا أو أطعمني كذا أو اقض ديني أو ارزقني فلانة على الصحيح لأنه يمكن تحصيله من العباد بخلاف قوله اللّهم عافني واعف عني وارزقني ( و ) يفسدها ( السلام بنية التحية ) وإن لم يقل عليكم ( ولو ) كان ( ساهيا ) لأنه خطاب ( و ) يفسدها ( رد السلام بلسانه ) ولو سهوا لأنه من كلام الناس ( أو ) رد السلام ( بالمصافحة ) لأنه كلام معنى ( و ) يفسدها ( العمل الكثير ) لا القليل والفاصل بينهما أن الكثير هو الذي لا يشك الناظر لفاعله أنه ليس في الصلاة وإن اشتبه فهو قليل على الأصح وقيل في تفسيره غير هذا كالحركات الثلاث المتواليات كثير ودونها قليل ويكره رفع اليدين عند إرادة الركوع والرفع عندنا لا يفسد على الصحيح ( و ) يفسدها ( تحويل الصدر عن القبلة لتركه فرض التوجه إلا لسبق حدث أو لاصطفاف حراسة بإزاء العدو في صلاة الخوف ( و ) يفسدها ( أكل شيء من خارج فمه ولو قل ) كسمسمة لإمكان الاحتراز عنه

( و ) يفسدها ( أكل ما بين أسنانه ) إن كان كثيرا ( وهو ) أي الكثير ( قدر الحمصة ) ولو بعمل قليل لإمكان الاحتراز عنه بخلاف القليل بعمل قليل لأنه نبع لريقه وإن كان بعمل كثير أفسد بالعمل ( و ) يفسدها ( شربه ) لأنه ينافي الصلاة ولو رفع رأسه إلى السماء فوقع في حلقه برد أو مطر ووصل إلى جوفه بطلت صلاته ( و ) يفسدها ( التنحنح بلا عذر ) لما فيه من الحروف وإن كان لعذر كمنعه البلغم من القراءة لا يفسد ( والتأفيف ) كنفخ التراب والتضجر ( والأنين ) وهو آه بسكون الهاء مقصور بوزن دع ( والتأوه ) وهو أن يقول أوه وفيها لغات كثيرة تمد لا تمد مع تشديد الواو المفتوحة وسكون الهاء وكسرها ( وارتفاع بكائه ) وهو أن يحصل به حروف مسموعة وقوله ( من وجع ) بجسه ( أو مصيبة ) بفقد حبيب أو مال قيد للأنين وما بعده لأنه كلام معنى ( لا ) تفسد بحصولها ( من ذكر جنة أو نار ) اتفاقا لدلالتها على الخشوع ( و ) يفسدها ( تشميت ) بالشين المعجمة أفصح من المهملة الدعاء بالخير خطاب ( عاطس بيرحمك اللّه ) عندهما خلافا لأبي يوسف ( وجواب مستفهم عن ند ) للّه سبحانه أي قال هال مع اللّه إله آخر فأجابه المصلي ( بلا إله إلا اللّه ) يفسد عندهما خلافا لأبي يوسف وهو يقول أنه ثناء لا يتغير بعزيمته وهما يقولان أنه صار جوابا فيكون متكلما بالمنافي ( وخبر سوء بالاسترجاع ) إنا للّه وإنا إليه راجعون ( وسار بالحمد للّه و ) جواب خبر ( عجب بلا إله إلا اللّه أو بسبحان اللّه و ) يفسدها ( كل شيء ) من القرآن ( قصد به الجواب كيا يحيى خذ الكتاب ) لمن طلب كتابا ونحوه وقوله آتنا غداءنا لمستفهم عن الإتيان بشيء وتلك حدود اللّه فلا تقربوها نهيا لمن استأذن في الأخذ وهكذا وإن لم يرد به الجواب بل أراد إعلام أنه في الصلاة لا تفسد بالاتفاق ( و ) يفسدها ( رؤية متيمم ) أو مقتد به ولم يره إمامه ( ماء ) قدر على استعماله قبل قعوده قدر التشهد كما سنقيد به المسائل التي بعد هذه أيضا وكذا تبطل بزوال كل عذر أباح التيمم ( و ) كذلك ( تمام مدة ماسح الخف ) وتقدم بيانها ( و ) كذا ( نزعه ) أي الخف ولو بعمل يسير لوجوده قبل القعود قدر التشهد ( وتعلم الأمي آية ) ولم يكن مقتديا بقارئ نسبة إلى أمة العرب الخالية عن العلم والكتابة كأنه كما ولدته أمه وسواء تعلمها بالتلقي أو تذكرها ( ووجدان العاري ساترا ) يلزمه الصلاة فيه فخرج نجس الكل وما لم يبحه مالكه ( وقدرة المومي على الركوع والسجود ) لقوة باقيها فلا يبني على ضعيف ( وتذكر فائتة لذي ترتيب ) والفساد موقوف فإن صلى خمسا متذكرا الفائتة وقضاها قبل خروج وقت الخامسة بطل وصف ما صلاه قبلها وصار نفلا وإن لم يقضها حتى خرج وقت الخامسة صحت وارتفع فسادها ( واستخلاف من لا يصلح إماما ) كأمي ومعذور ( وطلوع الشمس في الفجر ) لطرو الناقض على الكامل ( وزوالها ) أي الشمس ( في ) صلاة ( العيدين ودخول وقت العصر في الجمعة ) لفوات شرط صحتها وهو الوقت ( وسقوط الجبيرة عن برء ) لظهور الحدث السابق ( وزوال عذر المعذور ) يناقض ويعلم زواله بخلو وقت كامل عته ( والحدث عمدا ) أي لا يسبقه لأنه به يبني ( أو يصنع غيره ) كوقوع ثمرة أدمته ( والإغماء والجنون والجنابة ) الحاصلة ( بنظر أو احتلام ) نائم متمكن ( ومحاذاة المشتهاة ) بساقها وكعبها في الأصح ولو محرما له أو زوجة اشتهت ولو ماضيا كعجوز شوهاء في أداء ركن عند محمد أو قدره عند أبي يوسف ( في صلاة ) ولو بالإيماء ( مطلقة ) فلا تبطل صلاة الجنازة إذ لا سجود لها ( مشتركة تحريمة ) باقتدائهما بإمام أو اقتدائها به ( في مكان متحد ) ولو حكما بقيامها على ما دون قامة ( بلا حائل ) قدر ذراع أو فرجة تسع رجلا ولم يشر إليها لتتأخر عنه فإن لم تتأخر بإشارته فسدت صلاتها لا صلاته ولا يكلف بالتقدم عنها لكراهته

( و ) تاسع شروط المحاذاة المفسدة أن يكون الإمام قد ( نوى إمامتها ) فإن لم ينوها لا تكون في الصلاة فانتفت المحاذاة ( و ) يفسدها ( ظهور عورة من سبقه الحدث ) في ظاهر الرواية ( ولو اضطر إليه ) للطهارة ( ككشف المرأة ذراعها للوضوء ) أو عورته بعد سبق الحدث على الصحيح ( وقراءته ) لا تسبيحه في الأصح أي قراءة من سبقه الحدث حالة كونه ( ذاهبا أو عائدا للوضوء ) وإتمام الصلاة لف ونشر [ ١] لإتيانه بركن مع الحدث أو المشي ذاهبا وعائدا ( ومكثه قدر أداء ركن بعد سبق الحدث مستيقظا ) بلا عذر فلو مكث لزحام أو لينقطع رعافه أو نوم رعف فيه متمكنا فإنه يبني ويرفع رأسه من ركوع أو سجود سبقه فيه الحدث بنية التطهير لا بنية إتمام الركن حذرا عن الإفساد به ويضع يده على أنفه تسترا ( ومجاوزته ماء قريبا ) بأكثر من صفين ( لغيره ) عامدا مع وجود آلة وله خرز دلو وفتح باب وتكرار غسل وسنن طهارة على الأصح وتطهير ثوبه من حدثه وإلقاء النجس عنه

( و ) يفسدها ( خروجه من المسجد يظن الحدث ) لوجود المنافي بغير عذر إلا إذا لم يخرج من المسجد أو الدار أو البيت أو الجبانة أو مصلى العيد استحسانا لقصد الإصلاح

( و ) يفسدها ( مجاوزته الصفوف ) أو سترته ( في غيره ) أي غير المسجد وهو فيحكمه كما ذكرناه وهو الصحراء وإن لم يكن أمامه صف أو صلى منفردا وليس بين يديه سترة اغتفر له قدر موضع سجوده من كل جانب في الصحيح فإن تجاوز ذلك ( بظنه ) الحدث ولم يكن أحدث كما إذا نزل من أنفه ماء فظنه دما فسدت صلاته كما إذا لم يعد لإمامه وقد بقي فيها وإذا فرغ منها فله الخيار إن شاء أتمها في مكانه أو عاد واختلفوا في الأفضل ( و ) يفسدها ( انصرافه ) عن مقامه ( ظنا أنه غير متوضئ أو ) ظانا ( أن مدة مسحه انقضت أو ) ظانا ( أن عليه فائتة أو ) أن عليه ( نجاسة وإن لم يخرج ) في هذه المسائل ( من المسجد ) ونحوه لانصرافه على سبيل الترك لا الإصلاح وهو الفرق بينه وبين ظن الحدث

وعلمت بما ذكرناه شروط البناء لسبق الحدث السماوي [ ٢] فأغنى عن انفراده بباب ( والأفضل الاستئناف ) خروجا من الخلاف وعملا بالإجماع

_________

[ ( ١ ) قوله " لف ونشر " هو اصطلاح ويتعلق بقوله " ذاهبا أو عائدا للوضوء وإتمام الصلاة " وهو هنا " لف ونشر مرتب " أي ذاهبا للوضوء أو عائدا لإتمام الصلاة

وعكسه قولهم " لف ونشر مشوش " فينطبق على العبارة التالية : رأيت أخي وأختي فأعطتني كتابا وأعطاني قلما . فليتأمل .]

[ ( ٢ ) قال في حاشية الطحطاوي : السماوي ما لا اختيار للعبد في سببه .]

_________

( و ) يفسدها ( فتحه ) أي المصلي ( على غير إمامه ) لتعليمه بلا ضرورة وفتحه على إمامه جائز ولو قرأ المفروض أو انتقل لآية أخرى على الصحيح لإصلاح صلاتهما ( و ) يفسدها ( التكبير بنية الانتقال لصلاة أخرى غير صلاته ) لتحصيل ما نواه وخروجه عما كان فيه كالمنفرد إذا نوى الاقتداء وعكسه كمن انتقل بالتكبير من فرض إلى فرض أو نفل وعكسه بنيته وأشرنا إلى أنه لو كبر يريد استئناف عين ما هو فيه من غير تلفظ بالنية لا يفسد إلا أن يكون مسبوقا لاختلاف حكم المنفرد والمسبوق وإذا لم يفسد ه ما مضى يلزمه الجلوس على ما هو آخر صلاته به فإن تركه معتمدا على ما ظنه بطلت صلاته ولا يفسده الجلوس في آخر ما ظن أنه افتتح به وفيه إشارة إلى أن الصائم عن قضاء فرض لو نوى بعد شروعه فيه الشروع في غيره لا يضره

ثم قيد بطلان الصلاة فيما ذكره بما ( إذا حصلت ) واحدة من ( هذه ) الصور ( المذكورات قبل الجلوس الأخير مقدار التشهد ) فتبطل بالاتفاق وأما إذا عرض المنافي قبل السلام بعد القعود قدر التشهد فالمختار صحة الصلاة لأن الخروج منها بفعل المصلي واجب على الصحيح وقيل تفسد بناء على ما قيل أنه فرض عند الإمام ولا نص عن الإمام بل تخريج أبي سعيد البردعي من الإثني عشرية لأن الإمام لما قال بفساد الصلاة فيها لا يكون إلا بترك فرض ولم يبق إلا الخروج بالصنع فحكم بأنه فرض لذلك وعندهما ليس بفرض لأنه لو كان كذلك لتعين بما هو قربة ولم يتعين به لصحة الخروج بالكلام والحدث العمد فدل على أنه واجب لا فرض فإذا عرضت هذه العوارض ولم يبق عليه فرض صار كما بعد السلام وغلط الكرخي البردعي في تخريجه لعدم تعيين ما هو قربة وهو السلام وإنما الوجه فيه وجود المغير وفيه بحث

( ويفسدها أيضا مد الهمزة في التكبير ) وقدمنا الكلام عليه ( وقراءة ما لا يحفظه من مصحف ) وإن لم يحمله للتلقي من غيره وأما إذا كان حافظا له ولم يحمله فلا تفسد لانتفاء العمل والتلقي ( و ) يفسدها ( أداء ركن ) كركوع ( أو إمكانه ) أي مضى زمن يسع أداء ركن ( مع كشف العورة أو مع نجاسة مانعة ) لوجود المنافي فإن دفع النجاسة بمجرد وقوعها ولا أثر لها ستر عورته بمجرد كشفها فلا يضره ( و ) يفسدها ( مسابقة المقتدي بركن لم يشاركه فيه إمامه ) كما لو ركع ورفع رأسه قبل الإمام ولم يعده معه أو بعده وسلم وإذا لم يسلم مع الإمام وسابقه بالركوع والسجود في كل الركعات قضى ركعة بلا قراءة لأنه مدرك أول صلاة الإمام لاحق وهو يقضي قبل فراغ الإمام وقد فاتته الركعة الأولى بتركه متابعة الإمام في الركوع والسجود ويكون ركوعه وسجوده في الثانية قضاء عن الأولى وفي الثالثة عن الثانية وفي الرابعة عن الثالثة فيقضي بعده ركعة بغير قراءة وتمام تعريفه بالأصل

( و ) يفسدها ( متابعة الإمام في سجود السهو للمسبوق ) إذا تأكد انفراده بأن قام بعد سلام الإمام أو قبله بعد قعوده قدر التشهد وقيد ركعته بسجدة فتذكر الإمام سجود سهو فتابعه فسدت صلاته لأنه اقتدى بعد وجود الانفراد ووجوبه فتفسد صلاته وقيدنا قيام المسبوق بكونه بعد قعود الإمام قدر التشهد لأنه إن كان قبله لم يجزه لأن الإمام بقي عليه فرض لا ينفرد به المسبوق فتفسد صلاته ( و ) يفسدها ( عدم إعادة الجلوس الأخير ) بعد أداء سجدة صلبية ) أو سجدة تلاوة ( تذكرها بعد الجلوس ) لأنه لا يعتد بالجلوس الأخير إلا بعد تمام الأركان لأنه لختمها ولا تعارض ولارتفاض الأخير بسجدة التلاوة على المختار ( و ) يفسدها ( عدم إعادة ركن أداه نائما ) لأن شرط صحته أداؤه مستيقظا كما تقدم

( و ) يفسدها ( قهقهة إمام المسبوق ) وإن لم يتعمدها ( وحدثه العمد ) الحاصل بغير القهقهة إذا وجدا ( بعد الجلوس الأخير ) قدر التشهد عند الإمام بفساد الجزء الذي حصلت فيه ويفسد مثله من صلاة المسبوق فلا يمكن بناؤه الفائت عليه ( و ) يفسدها ( السلام على رأس ركعتين في غير الثانية ) المغرب ورباعية المقيم ( ظانا أنه مسافر ) وهو مقيم ( أو ) ظانا ( أنها الجمعة ) أو ظانا ( أنها التراويح وهي العشاء أو كان قريب عهد بالإسلام ) أو نشأ مسلما جاهلا ( فظن الفرض ركعتين ) في غير الثنائية لأنه سلام عمد على جهة القطع قبل أوانه فيفسد الصلاة

٢

( فصل ) فيما لا يفسد الصلاة

( لو نظر المصلي إلى مكتوب وفهمه ) سواء كان قرآنا أو غيره قصد الاستفهام أو لا أساء الأدب ولم تفسد صلاته لعدم النطق بالكلام ( أو أكل ما بين أسنانه وكان دون الحمصة بلا عمل كثير ) كره ولا تفسد لعسر الاحتراز عنه وإذا ابتلع ما ذاب من سكر في فمه فسدت صلاته ولو ابتلعه قبل الصلاة ووجد حلاوته فيها لا تفسد ( أو مر مار في موضع سجوده لا تفسد ) سواء المرأة والكلب والحمار لقوله صلى اللّه عليه وسلم " لا يقطع الصلاة شيء وادرءوا فإنما هو شيطان " ( وإن أثم المار ) المكلف بتعمده لقوله صلى اللّه عليه وسلم " لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خيرا له من أن يمر بين يديه " رواه الشيخان وفي رواية البزار أربعين خريفا والمكروه المرور بمحل السجود على الأصح في المسجد الكبير والصحراء وفي الصغير مطلقا وبما دون قامة يصلي عليها لا فيما وراء ذلك في شارع لما فيه من التضييق على المارة ( ولا تفسد ) صلاته " بنظره إلى فرج المطلقة ) أو الأجنبية يعني فرجها الداخل ( بشهوة في المختار ) لأنه عمل قليل ( وإن ثبت به الرجعة ) فلو قبلها أو لمسها فسدت صلاته لأنه معنى الجماع والجماع عمل كثير ولو كانت تصلي فأولج بين فخذيها وإن لم ينزل أو قبلها ولو بدون شهوة فسدت صلاتها وإن قبلته ولم يشتهها لم تفسد صلاته

٣

( فصل ) في المكروهات

المكروه ضد المحبوب وما كان النهي فيه ظنيا كراهته تحريمية إلا لصارف وإن لم يكن الدليل نهيا بل كان مفيدا للترك الغير جازم فهي تنزيهية والمكروه تنزيها إلى الحل أقرب والمكروه تحريما إلى الحرمة أقرب وتعاد الصلاة مع كونها صحيحة لترك واجب وجوبا وتعاد استحبابا بترك غيره قال في التجنيس كل صلاة أديت مع الكراهة فإنها تعاد لا على وجه الكراهة وقوله عليه السلام " لا يصلي بعد صلاة مثلها " تأويله النهي عن الإعادة بسبب الوسوسة فلا يتناول الإعادة ذكره صدر الإسلام البزدوي في الجامع الصغير ( يكره للمصلي سبعة وسبعون شيئا ) تقريبا لا تحديدا ( ترك واجب أو سنة عمدا ) صدر بهذا لأنه لما بعده كالأمر الكلي المنطبق على الجزئيات كثيرة كترك الاطمئنان في الأركان وكمسابقة الإمام لما فيها من الوعيد على ما في الصحيحين " أما يخشى أحدكم إذا رفع رأسه قبل الإمام أن يجعل اللّه رأسه رأس حمار أو يجعل اللّه صورته صورة حمار " وكمجاوزة اليدين الأذنين وجعلهما تحت المنكبين وستر القدمين في السجود عمدا للرجال ( كعبثه بثوبه وبدنه ) لأنه ينافي الخشوع الذي هو روح الصلاة فكان مكروها لقوله تعالى : " قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون " وقوله صلى اللّه عليه وسلم " إن اللّه تعالى كره لكم العبث في الصلاة والرفث في الصيام والضحك عند المقابر " ورأى عليه الصلاة والسلام رجلا يعبث بلحيته في الصلاة فقال " لو خشع قلبه لخشعت جوارحه والعبث عمل لا فائدة فيه ولا حكمة تقتضيه والمراد بالعبث هنا فعل ما ليس من أفعال الصلاة لأنه ينافيها ( وقلب الحصى إلا للسجود مرة ) قال جابر بن عبد اللّه سألت النبي صلى اللّه عليه وسلم عن مسح الحصى فقال " واحدة ولأن تمسك عنها خير لك من مائة ناقة سود الحدق " ( وفرقعة الأصابع ) ولو مرة وهو غمزها أو مدها حتى تصوت لقوله صلى اللّه عليه وسلم " لا تفرقع أصابعك وأنت في الصلاة " ( وتشبيكها ) لقول عمر فيه تلك صلاة المغضوب عليهم ( والتخصر ) لأنه نهي عنه في الصلاة وهو أن يضع يده على خاصرته وهو أشهر وأصح تأويلاتها لما فيه من ترك سنة أخذ اليدين والتشبه بالجبابرة

( والالتفات بعنقه ) لا بعينه لقول عائشة رضي اللّه عنها " سألت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن التفات الرجل في الصلاة فقال هو اختلاس الشيطان من صلاة العبد " رواه البخاري وقوله صلى اللّه عليه وسلم " لا يزال اللّه مقبلا على العبد وهو في صلاته ما لم يلتفت فإن التفت انصرف عنه " ويكره أن يرمي بزاقه إلا أن يضطر فيأخذه في ثوبه أو يلقيه تحت رجله اليسرى إذا صلى خارج المسجد لما في البخاري أنه عليه الصلاة والسلام قال " إذا قام أحدكم إلى الصلاة فلا يبصق أمامه فإنما يناجي اللّه تعالى ما دام في مصلاه ولا عن يمينه فإن عن يمينه ملكين وليبصق عن يساره أو تحت قدمه " وفي رواية " أو تحت قدمه اليسرى " وفي الصحيحين " البزاق في المسجد خطيئة وكفارتها دفنها " ( و ) كره ( الإقعاء ) وهو أن يضع أليتيه على الأرض وينصب ركبتيه لقول أبي هريرة رضي اللّه عنه " نهاني رسول اللّه عن نقر كنقر الديك وإقعاء كإقعاء الكلب والتفات كالتفات الثعلب " ( وافتراش ذراعيه لقول عائشة رضي اللّه عنها " كان النبي صلى اللّه عليه وسلم ينهى عن عقبة الشيطان وأن يفترش الرجل ذراعيه افتراش السبع " رواه البخاري وعقبة الشيطان الإقعاء ( وتشمير كميه عنهما ) للنهي عنه لما فيه من الجفاء المنافي للخشوع ( وصلاته في السراويل ) وفي إزار ( مع قدرته على لبس القميص ) لما فيه من التهاون والتكاسل وقلة الأدب والمستحب للرجل أن يصلي في ثلاثة أثواب إزار وقميص وعمامة وللمرأة في قميص وخمار ومقنعة ( ورد السلام بالإشارة ) لأنه سلام معنى وفي الذخيرة لبأس للمصلي أن يجيب المتكلم برأسه ورد الأثر به عن عائشة رضي اللّه عنها ولا بأس بأن يكلم الرجل المصلي " فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب " الآية ( والتربع بلا عذر ) لترك سنة القعود وليس بمكروه خارجها لأن جل قعود النبي صلى اللّه عليه وسلم كان التربع وكذا عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه وهو إدخال الساقين في الفخذين فصارت أربعة ( وعقص شعره ) وه شده على القفا أو الرأس لأنه صلى اللّه عليه وسلم مر برجل يصلي وهو معقوص الشعر فقال " دع شعرك يسجد معك "

( و ) يكره ( الاعتجار وهو شد الرأس بالمنديل ) أو تكوير عمامته على رأسه ( وترك وسطها مكشوفا ) وقيل أن ينتقب بعمامته فيغطي أنفه لنهي النبي صلى اللّه عليه وسلم عن الاعتجار في الصلاة ( وكف ثوبه ) أي رفعه بين يديه أو من خلفه إذا أراد السجود وقيل أن يجمع ثوبه ويشده في وسطه لما فيه من التجبر المنافي للخشوع لقوله صلى اللّه عليه وسلم " أمرت أن أسجد على سبعة أعظم وأن لا أكف شعرا ولا ثوبا " متفق عليه ( و ) يكره ( سدله ) تكبرا وتهاونا وبالعذر لا يكره وهو أن يجعل الثوب على رأسه وكتفيه أو كتفيه فقط ويرسل جوانبه من غير أن يضمها لقول أبي هريرة رضي اللّه عنه أنه عليه الصلاة والسلام نهى عن السدل وأن يغطي الرجل فاه فيكره التلثم وتغطية الأنف والفم في الصلاة لأنه يشبه فعل المجوس حال عبادتهم النيران ولا كراهة في السدل خارج الصلاة على الصحيح ( و ) يكره ( الاندراج فيه ) أي الثوب ( بحيث لا ) يدع منفذا ( يخرج يديه ) منه وهي الاشتمالة الصماء قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم " إذا كان لأحدكم ثوبان فليصل فيهما فإن لم يكن له إلا ثوب فليتزر به ولا يشتمل اشتمالة اليهود " ( و ) يكره ( جعل الثوب تحت إبطه الأيمن وطرح جانبيه على عاتقه الأيسر ) أو عكسه لأن ستر المنكبين مستحب في الصلاة فيكره تركه تنزيها بغير ضرورة ( والقراءة في غير حالة القيام ) كإتمام القراءة حالة الركوع ويكره أن يأتي بالأذكار المشروعة في الانتقال بعد تمام الانتقال لأن فيه خللين تركه في موضع وتحصيله في غيره ( و ) يكره ( إطالة الركعة الأولى في ) كل شفع من ( التطوع ) إلا أن يكون مرويا عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أو مأثورا عن صحابي كقراءة سبح . وقل يا أيها الكافرون . وقل هو اللّه أحد . في الوتر فإنه من حيث القراءة ملحق بالنوافل وقال الإمام أبو اليسر لا يكره لأن النوافل أمرها أسهل من الفرض ( و ) يكره ( تطويل ) الركعة ( الثانية على ) الركعة ( الأولى ) بثلاث آيات فأكثر لا تطويل الثالثة لأنه ابتداء صلاة نفل ( في جميع الصلوات ) الفرض بالاتفاق والنفل على الأصح إلحاقا له بالفرض غيما لم يرد فيه تخصيص من التوسعة

( و ) يكره ( تكرار السورة في ركعة واحدة من الفرض ) وكذا تكرارها في الركعتين إن حفظ غيرها وتعمده لعدم وروده فإن لم يحفظه وجب قراءتها لوجوب ضم السورة للفاتحة وإن نسي لا يترك لقوله صلى اللّه عليه وسلم " إن افتتحت سورة فاقرأها على نحوها " وقيد بالفرض لأنه لا يكره التكرار في النفل لأن شأنه أوسع لأنه صلى اللّه عليه وسلم قام إلى الصباح بآية واحدة يكررها في تهجده وجماعة من السلف كانوا يحيون ليلتهم بآية العذاب أو الرحمة أو الرجاء أو الخوف ( و ) يكره ( قراءة سورة فوق التي قرأها ) قال ابن مسعود رضي اللّه عنه " من قرأ القرآن منكوسا فهو منكوس وما شرع لتعليم الأطفال إلا ليتيسر الحفظ بقصر السورة وإذا قرأ في الأولى قل أعوذ برب الناس لا عن قصد يكررها في الثانية ولا كراهة فيه حذرا عن كراهة القراءة منكوسة ولو ختم القرآن في الأولى يقرأ من البقرة في الثانية لقوله صلى اللّه عليه وسلم " خير الناس المرتحل " يعني الخاتم المفتتح ( و ) يكره ( فصله بسورة بين سورتين قرأهما في ركعتين ) لما فيه من شبهة التفضيل والهجر وقال بعضهم لا يكره إذا كانت السورة طويلة كما لو كان بينهما سورتان قصيرتان ويكره الانتقال لآية من سورتها ولو فصل بآيات والجمع بين سورتين بينهما سور أو سورة وفي الخلاصة لا يكره هذا في النفل ( و ) يكره ( شم طيب ) قصدا لأنه ليس من فعل الصلاة ( و ) يكره ( ترويحه ) أي جلب الروح بفتح الراء نسيم الريح ( بثوبه أو مروحة ) بكسر الميم وفتح الواو ( مرة أو مرتين ) لأنه ينافي الخشوع وإن كان عملا قليلا ( و ) يكره ( تحويل أصابع يديه أو رجليه عن القبلة في السجود ) لقوله صلى اللّه عليه وسلم " فلوجه من أعضائه إلى القبلة ما استطاع " ( و ) في ( غيره ) أي السجود لما فيه من إزالتها عن الموضع المسنون ( و ) يكره ( ترك وضع اليدين على الركبتين في الركوع ) وترك وضعهما على الفخذين فيما بين السجدتين وفي حال التشهد وترك وضع اليمين على اليسار حال القيام بتركه السنة

( و ) يكره ( التثاؤب ) لأنه من التكاسل والامتلاء فإن غلبه فليكظم ما استطاع ولو بأخذ شفته بسنه وبوضع ظهر يمينه أو كمه في القيام ويساره في غيره لقوله صلى اللّه عليه وسلم " إن اللّه يحب العطاس ويكره التثاؤب فإن تثاءب أحدكم فليرده ما استطاع ولا يقول هاه هاه فإنما ذلكم من الشيطان يضحك منه " وفي رواية " فليمسك يده على فمه فإن الشيطان يدخل فيه "

( و ) يكره ( تغميض عينه ) إلا لمصلحة لقوله صلى اللّه عليه وسلم إذا قام في الصلاة فلا يغمض عينيه " لأنه يفوت النظر للمحل المندوب ولكل عضو وطرف حظ من العبادة وبرؤية ما يفوت الخشوع ويفرق الخاطر ربما يكون التغميض أو من النظر ( و ) يكره ( رفعهما للسماء ) لقوله صلى اللّه عليه وسلم " مبال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء لينتهن أو لتخطفن أبصارهم " ( والتمطي ) لأنه من التكاسل ( والعمل القليل ) المنافي للصلاة وأفراده كثيرة كنتف شعرة ومنه الرمية عن القوس مرة في الصلاة الخوف كالمشي في صلاته ( و ) منه ( أخذ قملة وقتلها ) من غير عذر فإن كانت تشغله بالعض كنملة وبرغوث لا يكره الأخذ ويحترز عن دمها لقول الإمام الشافعي رحمه اللّه تعالى بنجاسة قشرها ودمها ولا يجوز عندنا إلقاء قشرها في المسجد ( وتغطية أنفه وفمه لما روينا ( و ) يكره ( وضع شيء ) لا يذوب ( في فمه ) وهو ( يمنع القراءة المسنونة أو يشغل باله كذهب ويكره ( السجود على كور عمامته ) من غير ضرورة حر وبرد أو خشونة أرض والكور دور من أدوارها بفتح الكاف إذا كان على الجبهة لأنه حائل لا يمنع السجود أما إذا كان على الرأس وسجد عليه ولم تصب جبهته الأرض لا تصح صلاته وكثير من العوام يفعله ( و ) يكره السجود ( على صورة ) ذي روح لأنه يشبه عبادتها ( و ) يكره ( الاقتصار على الجبهة في السجود ( بلا عذر بالأنف ) لترك واجب ضم الأنف تحريما ( و ) تكره ( الصلاة في الطريق ) لشغله حق العامة ومنعهم من المرور ( و ) في ( الحمام وفي المخرج ) أي الكنيف ( و ) تكره الصلاة ( في المقبرة ) " لأن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم نهى أن يصلى في سبعة مواطن في المزبلة والمجزرة والمقبرة وقارعة الطريق وفي الحمام ومعاطن الإبل وفوق ظهر بيت اللّه " ولا يصلي في الحمام إلا لضرورة خوف الوقت لإطلاق الحديث ولا بأس بالصلاة في موضع خلع الثياب وجلوس الحمامي ( و ) تكره في ( أرض الغير بلا رضاه ) وإذا ابتلى بالصلاة في أرض الغير وليست مزروعة أو الطريق إن كانت لمسلم صلى فيها وإن كانت لكافر صلى في الطريق ( و ) أداؤها ( قريبا من نجاسة ) لأن ما قرب من الشيء له حكمه وقد أمرنا بتجنب النجاسات ومكانها ( ومدافعا لأحد الأخبثين ) البول والغائط ( أو الريح ) ولو حدث فيها لقوله صلى اللّه عليه وسلم " لا يحل لأحد يؤمن باللّه واليوم الآخر أن يصلي وهو حاقن حتى يتخفف " ( ومع نجاسة غير مائعة ) تقدم بيانها سواء كانت بثوبه أو بدنه أو مكانه خروجا من الخلاف ( إلا إذا خاف فوت الوقت أو ) فوت ( الجماعة فحينئذ يصلي بتلك الحالة لأن إخراج الصلاة عن وقتها حرام والجماعة أو واجبة ( وإلا ) أي وإن لم يخف الفوت ( ندب قطعها ) وقضية قوله عليه الصلاة والسلام " لا يحل " وجوب القطع للإكمال

( و ) تكره ( الصلاة في ثياب بذلة ) بكسر الباء وسكون الذال المعجمة ثوب لا يصان عن الدنس ممتهن وقيل ما لا يذهب به إلى الكبراء ورأى عمر رضي اللّه عنه رجلا فعل ذلك فقال : أرأيت لو كنت أرسلتك إلى بعض الناس أكنت تمر في ثيابك هذه ؟ فقال : لا . فقال عمر رضي اللّه عنه : اللّه أحق أن تتزين له

( و ) تكره وهو ( مكشوف الرأس ) تكاسلا لترك الوقار ( لا للتذليل والتضرع ) وقال في التجنيس ويستحب له ذلك قال الجلال السيوطي رحمه اللّه اختلفوا في الخشوع هل هو من أعمال القلب كالخوف أو من أعمال الجوارح كالسكون أو عبارة عن المجموع قال الرازي الثالث أولى وعن علي رضي اللّه عنه الخشوع في القلب وعن جماعة من السلف الخشوع في الصلاة السكون فيها وقال البغوي الخشوع قريب من الخضوع إلا أن الخضوع في البدن والخشوع في البدن والبصر والصوت ( و ) تكره ( بحضرة طعام يميل ) طبعه ( إليه ) لقوله صلى اللّه عليه وسلم " لا صلاة بحضرة طعام ولا هو يدافعه الأخبثان " رواه مسلم وما في أبي داود " لا تؤخر الصلاة لطعام ولا لغيره " محمول على تأخيرها عن وقتها لصريح قوله صلى اللّه عليه وسلم " إذا وضع عشاء أحدكم وأقيمت الصلاة فابدؤوا بالعشاء ولا يعجل حتى يفرغ منه " رواه الشيخان وإنما أمر بتقديمه لئلا يذهب الخشوع باشتغال فكره به ( و ) تكره بحضرة كل ( ما يشغل البال ) كزينة ( و ) بحضرة ما ( يخل بالخشوع ) كلهو ولعب ولذا نهى النبي صلى اللّه عليه وسلم عن الإتيان للصلاة سعيا بالهرولة ولم يكن ذلك مرادا بالأمر بالسعي للجمعة بل الذهاب والسكينة والوقار ( و ) كذا يكره ( عد الآي ) جمع الآية وهي الجملة المقدرة من القرآن وتطلق بمعنى العلامة ( و ) عد ( التسبيح ) وقوله ( باليد ) قيد لكراهة عد الآي والتسبيح عند أبي حنيفة رضي اللّه تعالى عنه خلافا لهما بأن يكون بقبض الأصابع ولا يكره الغمز بالأنامل في موضعها ولا الإحصاء بالقلب اتفاقا كعدد تسبيحه في صلاة التسابيح وهي معلومة وباللسان مفسد اتفاقا ولا يكره خارج الصلاة في الصحيح

( يتبع . . . )

( تابع . . . ١ ) : المكروه ضد المحبوب وما كان النهي فيه ظنيا كراهته تحريمية إلا لصارف

( و ) يكره ( قيام الإمام ) بجملته ( في المحراب ) لا قيامه خارجه وسجوده فيه - سمي محرابا لأنه يحارب النفس والشيطان بالقيام إليه - والكراهة لاشتباه الحال على القوم وإذا ضاق المكان فلا كراهة ( أو ) قيام الإمام ( على مكان ) بقدر ذراع على المعتمد وروي عن أبي يوسف قامة الرجل الوسط واختاره شمس الأئمة الحلواني ( أو ) على ( الأرض وحده ) - قيد للمسألتين - فتنتفي الكراهة بقيام واحد معه للنهي عنهما به ورد الأثر [ ١]

_________

[ ( ١ ) أي يكره قيام الإمام وحده على مكان مرتفع بقدر ذراع وكذلك قيامه على الأرض وحده والمؤتمون مرتفعون عنه

دار الحديث بعد مراجعة حاشية الطحطاوي .]

_________

( و ) يكره القيام ( خلف صف فيه فرجة ) للأمر بسد فرجات الشيطان ولقوله صلى اللّه عليه وسلم " من سد فرجة من الصف كتب له عشر حسنات ومحي عن عشر سيئات ورفع عنه عشر درجات " ( ولبس ثوب فيه تصاوير ) ذي روح لأنه يشبه عبادتها وأشدها كراهة أمامه ثم فوقه ثم يمينه ثم يساره ثم خلفه ( وأن يكون فوق رأسه أو خلفه أو بين يديه أو بحذائه صورة إلا أن تكون صغيرة ) بحيث لا تبدو للقائم إلا بتأمل كالتي على الدينار لأنها لا تعبد عادة ولو صلى ومعه دراهم عليها تماثيل ملك لا بأس به لأن هذا يصغر عن البصر ( أو ) تكون كبيرة ( مقطوعة الرأس ) لأنها لا تعبد بلا رأس ( أو ) تكون ( لغير ذي روح ) كالشجر لأنها لا تعبد وإذا رأى صورة في بيت غيره يجوز له محوها وتغييرها ( و ) يكره ( أن يكون بين يديه ) أي المصلي ( تنور أو كانون فيه جمر ) لأنه يشبه المجوس في عبادتهم لها لا شمع وقنديل وسراج في الصحيح لأنه لا يشبه التعبد ( أو ) يكون بين يده ( قوم نيام ) يخشى خروج ما يضحك أو يخجل أو يؤدي أو يقابل وجها وإلا فلا كراهة لأن عائشة رضي اللّه عنها قالت كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يصلي صلاة الليل كلها وأنا معترضة بينه وبين القبلة فإذا أراد أن يوتر أيقظني فأوتر ( و ) يكره ( مسح الجبهة من تراب لا يضره في خلال الصلاة ) لأنه نوع عبث وإذا ضره لا بأس به في الصلاة وبعد الفراغ وكذا مسح العرق

( و ) يكره ( تعيين سورة ) غير الفاتحة لأنها متعينة وجوبا وكذا المسنون المعين وهذا بحيث ( لا يقرأ غيرها ) لما فيه من هجر الباقي ( إلا ليسر عليه أو تبركا بقراءة النبي صلى اللّه عليه وسلم ) فلا يكره ويستحب اقتداؤه بقراءة النبي صلى اللّه عليه وسلم كالسجدة وهل أتى بفجر الجمعة أحيانا

وقد ذكرنا في الأصل جملة من السور التي قرأ بها النبي صلى اللّه عليه وسلم مسندة وهذه أصولها :

فمما جاء في الصبح : كان يقرأ في الصبح ب يس . كان يقرأ في الصبح بالواقعة ونحوها من السور . قرأ في الصبح بسورة الروم . كان في سفر فصلى الغداة فقرأ فيها قل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس وصلى بهم الفجر بأقصر سورتين من القرآن وأوجز فلما قضى الصلاة قال له معاذ يا رسول اللّه صليت صلاة ما صليت مثلها قط قال أما سمعت بكاء الصبي خلفي في صف النساء أردت أن أفرغ له أمه . قرأ في الصبح إذا زلزلت . صلى الصبح بمكة فاستفتح سورة المؤمنين حتى جاء ذكر هارون وموسى فركع . كان يقرأ في الفجر ق والقرآن المجيد . كان لا يقرأ في الصبح بدون عشرين آية ولا يقرأ في العشاء بدون عشر آيات

ومما جاء في صلاة الظهر والعصر : كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقرأ في الظهر الليل إذا يغشى وفي العصر نحو ذلك وفي الصبح أطول من ذلك . كان يقرأ في الظهر والعصر بالسماء ذات البروج والسماء والطارق ونحوهما من السور . كان يصلي بنا الظهر فنسمع منه الآية بعد الآية من سورة لقمان والذاريات . صلى الظهر فسجد فظننا أنه قرأ تنزيل السجدة . كان يقرأ في الظهر والعصر سبح اسم ربك الأعلى وهل أتاك حديث الغاشية . صلى بهم الهاجرة فرفع صوته وقرأ والشمس وضحاها والليل إذا يغشى فقال له أبي بن كعب يا رسول اللّه أمرت في هذه الصلاة بشيء ؟ فقال لا ولكني أردت أن أوقت لكم

ومما جاء في المغرب : صح عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قرأ في المغرب بالأعراف . كان يقرأ في المغرب سورة الأنفال . كان يقرأ بهم في المغرب الذين كفروا وصدوا عن سبيل اللّه . آخر صلاة صلاها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم المغرب فقرأ في الركعة الأولى بسبح اسم ربك الأعلى وفي الثانية بقل يا أيها الكافرون . قرأ في صلاة المغرب بالتين والزيتون . قرأ في المغرب حم الدخان . صلى المغرب فقرأ القارعة . كان يقرأ في صلاة المغرب ليلة الجمعة قل يا أيها الكافرون وقل هو اللّه أحد وكان يقرأ في صلاة العشاء الآخرة ليلة الجمعة بسورة الجمعة والمنافقين

ومما جاء في العشاء منه هذا القريب . وعن جبير بن مطعم سمعت النبي صلى اللّه عليه وسلم يقرأ في العشاء بالتين والزيتون . عن أبي رافع قال صليت مع أبي هريرة العتمة فقرأ إذا السماء انشقت فسجد فقلت له فقال سجدت خلف أبي القاسم صلى اللّه عليه وسلم . كان النبي صلى اللّه عليه وسلم يقرأ في العشاء الآخرة بالسماء ذات البروج والسماء والطارق

كان يأمر بالتخفيف ويؤمنا بالصافات . عن ابن عمر قال ما من المفصل سورة صغيرة ولا كبيرة إلا سمعت النبي صلى اللّه عليه وسلم يؤم بها الناس في الصلاة المكتوبة

انتهى ما نقلناه عن الجلال السيوطي رحمه اللّه تعالى ليقتدي به من يحافظ على ما بلغه من السنة الشريفة وقد علمت التفصيل في القراءة من المفصل في الأوقات عندنا واللّه تعالى الموفق

( و ) يكره ( ترك اتخاذ سترة في محل يظن المرور فيه بين يدي المصلي ) لقوله صلى اللّه عليه وسلم

" إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة ولا يدع أحدا يمر بين يديه "

وسواء كان في الصحراء أو غيرها احتراز عن وقوع المار في الإثم ولذا عقبناه ببيانها فقلنا :

٤

( فصل في اتخاذ السترة ودفع المار بين يدي المصلى )

( إذا ظن ) أي مريد الصلاة ( مروره ) أي المار ( يستحب له ) أي مريد الصلاة ( أن يغرز سترة ) لما روينا ولقوله صلى اللّه عليه وسلم ليستتر أحدكم ولو بسهم ( وأن تكون طول ذراع فصاعدا ) لأنه سئل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن سترة المصلى فقال مثل مؤخرة الرحل بضم الميم وهمزة ساكنة وكسر الخاء المعجمة العود الذي في آخر الرحل يحاذي رأس الراكب على البعير وتشديد الخاء خطا وفسرت بأنها ذراع فما فوقه ( في غلظ الأصبع ) وذلك أدناه لأن ما دونه لا يظهر للناظر فلا يحصل المقصود منها ( والسنة أن يقرب منها ) لقول النبي صلى اللّه عليه وسلم إذا صلى أحدكم إلى سترة فليدن منها لئلا يقطع الشيطان عليه صلاته " ( ويجعلها على ) جهة ( أحد حاجبيه ولا يصمد إليها صمدا ) لما روي عن المقداد رضي اللّه عنه أنه قال " ما رأيت رسول اللّه يصلي إلى عمود ولا شجرة إلا جعله على جانبه الأيمن أو الأيسر " ولا يصمد صمدا أي لا يقابله مستويا مستقيما بل كان يميل عنه ( وإن لم يجد ما ينصبه ) منع جماعة من المتقدمين الخط وأجازه المتأخرون لأن السنة أولى بالاتباع لما روي في السنن عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال إن لم يكن معه عصا ( فليخط خطا ) فيظهر في الجملة إذ المقصود جمع الخاطر بربط الخيال به كيلا ينتشر ويجعله أما ( طولا ) بمنزلة الخشبة المغروزة أمامه ( و ) ما كما ( قالوا ) أيضا بجعله ( بالعرض مثل الهلال ) وإذا كانت الأرض صلبة يلقي ما معه طولا كأنه غرز ثم سقط هكذا اختاره الفقيه أبو جعفر رحمه اللّه تعالى وقال هشام حججت مع أبي يوسف وكان يطرح بين يديه السوط وسترة الإمام سترة لمن خلفه لأن النبي صلى اللّه عليه وسلم صلى بالأبطح عنزة ركزت له ولم يكن للقوم سترة . العنزة عصا ذات زج حديد في أسفلها ( و ) إذا اتخذها أو لم يتخذ كان ( المستحب ترك دفع المار ) لأن مبنى الصلاة على السكون والأمر بالدرء في الحديث لبيان الرخصة كالأمر بقتل الأسودين في الصلاة ( و ) كذا ( رخص دفعه ) أي المار ( بالإشارة ) بالرأس أو العين أو غيرهما كما فعل النبي صلى اللّه عليه وسلم بولدي أم سلمة ( أو ) دفعه ( بالتسبيح ) لقوله صلى اللّه عليه وسلم " إذا نابت أحدكم نائبة في الصلاة فليسبح " ( وكره الجمع بينهما ) أي بين الإشارة والتسبيح لأن بأحدهما كفاية ) ( ويدفعه ) الرجل ( برفع الصوت بالقراءة ) ولو بزيادة على جهره الأصلي ( وتدفعه ) المرأة ( بالإشارة أو التصفيق بظهر أصابع ) يدها ( اليمنى على صفحة كف اليسرى ) لأن لهن التصفيق ( ولا ترفع صوتها ) بالقراءة والتسبيح ( لأنه فتنة ) فلا يطلب منهن الدرء به ( ولا يقاتل ) المصلي ( المار ) بين يديه ( وما ورد به ) من قوله صلى اللّه عليه وسلم " إذا كان أحدكم يصلي فلا يدع أحدا يمر بين يديه وليدرأ ما استطاع فإن أبى فليقاتله إنما هو شيطان " ( مؤول بأنه كان ) جواز مقاتلته في ابتداء الإسلام ( والعمل ) المنافي للصلاة ( يباح ) فيها إذ ذاك ( وقد نسخ ) بما قدمناه

٥

( فصل فيما لا يكره للمصلي ) من الأفعال

( لا يكره له شد الوسط ) لما فيه من صون العورة ( والتشمير للعبادة حتى لو كان يصلي في قباء غير مشدود الوسط فهو مسيء وفي غير القباء قيل بكراهته لأنه صنيع أهل الكتاب ( ولا ) يكره ( تقلد ) المصلي ( بسيف ونحوه إذا لم يشتغل بحركته ) وإن شغله كره في غير حال القتال ( ولا ) يكره ( عدم إدخال يديه في فرجيه وشقه على المختار ) لعدم شغل البال ( ولا ) يكره التوجه لمصحف أو سيف معلق ) لأنهما لا يعبدان وقال تعالى " وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم " ( أو ظهر قاعد يتحدث ) في المختار لعدم التشبه بعبدة الصور وصلى ابن عمر إلى ظهر نافع ( أو شمع أو سراج على الصحيح ) لأنه لا يشبه عبادة المجوس ( و ) لا يكره ( السجود على بساط فيه تصاوير ) ذوات روح ( لم يسجد عليها ) لإهانتها بالوطء عليها ولا يكره قتل حية بجميع أنواعها لذات الصلاة وأما بالنظر لخشية الجان فليمسك عن الحية البيضاء التي تمشي مستوية لأنها نقضت عهد النبي الذي عاهد به الجان أن لا يدخلوا بيوت أمته ولا يظهروا أنفسهم وناقض العهد خائن فيخشى منه أو مما هو كمثله من أهله الضرر بقتله أو ضربه وقال صلى اللّه عليه وسلم " اقتلوا ذا الطفيتين والأبتر وإياكم والحية البيضاء فإنها من الجن "

( و ) لا يكره ( قتل حية وعقرب خاف ) المصلي ( أذاهما ) أي الحية والعقرب ( ولو ) قتلهما ( بضربات وانحراف عن القبلة في الأظهر ) قيد بخوف الأذى لأنه مع الأمن يكره العمل الكثير وفي السبعيات لأبي الليث رحمه اللّه تعالى : سبعة إذا رآها المصلي لا بأس بقتلها الحية والعقرب والوزغة والزنبور والقراد والبرغوث والقمل ويزاد البق والبعوض والنمل المؤذي بالعض ولكن التحرز عن إصابة دم القمل أولى لئلا يحمل نجاسة تمنع عند الإمام الشافعي رحمه اللّه تعالى وقدمنا كراهة أخذ القملة وقتلها في الصلاة عند الإمام وقال دفنها أحب من قتلها وقال محمد بخلافه وقال أبي يوسف بكراهتما ( ولا بأس بنفض ثوبه ) بعمل قليل ( كيلا يلتصق بجسده في الركوع تحاشيا عن ظهور عورة الأعضاء ولا بأس بصونه عن التراب ( ولا ) بأس ( بالنظر بموق عينيه ) يمنة ويسرة ( من غير تحويل الوجه ) والأولى تركه لغير حاجة لما فيه من ترك الأدب بالنظر إلى محل السجود ونحوه كما تقدم ( ولا بأس بالصلاة على الفرش والبسط واللبود ) إذا وجد حجم الأرض ولا بوضع خرقة يسجد عليها اتقاء الحر والبرد والخشونة الضارة ( والأفضل الصلاة على الأرض ) بلا حائل ( أو على ما تنبته ) كالحصير والحشيش في المساجد وهو أولى من البسط لقربه من التواضع ( ولا بأس بتكرار السورة في الركعتين من النفل ) لأن باب النفل أوسع وقد ورد أنه صلى اللّه عليه وسلم قام بآية واحدة يكررها في تهجده وفقنا اللّه تعالى بمنه وكرمه

٦

( فصل فيما يوجب قطع الصلاة وما يجيزه وغير ذلك ) من تأخير الصلاة وتركها

( يجب قطع الصلاة ) ولو فرضا ( باستغاثة ) شخص ( ملهوف ) لمهم أصابه كما لو تعلق به ظالم أو وقع في ماء أو صال عليه حيوان فاستغاث ( بالمصلي ) أو بغيره وقدر على الدفع عنه و ( لا ) يجب قطع الصلاة ( بنداء أحد أبويه ) من غير استغاثة لأن قطع الصلاة لا يجوز إلا لضرورة وقال الطحاوي هذا في الفرض وإن كان في نافلة إن علم أحد أبويه أنه في الصلاة وناداه لا بأس بأن لا يجيبه وإن لم يعلم يجيبه ( يجوز قطعها ) ولو كانت فرضا ( بسرقة ) تخشى على ( ما يساوي درهما ) لأنه مال وقال عليه السلام " قاتل دون مالك " وكذا فيما دونه في الأصح لأنه يحبس في دانق وكذا لو فارت قدرها أو خافت على ولدها أو طلب منه كافر عرض الإسلام عليه ( ولو ) كان المسروق ( لغيره ) أي غير المصلي لدفع الظلم والنهي عن المنكر ( و ) يجوز قطعها لخشية ( خوف ) من ( ذئب ) ونحوه ( على غنم ) ونحوها ( أو خوف تردي ) أي سقوط ( أعمى ) أو غيره ممن لا علم عنده ( في بئر ونحوه ) كحفرة وسطح وإذا غلب على الظن سقوطه وجب قطع الصلاة ولو فرضا ( و ) هو كما ( إذا خافت القابلة ) وهي التي يقال لها داية تتلقى الولد حال خروجه من بطن أمه إن غلب على ظنها ( موت الولد ) أو تلف عضو منه أو أمه بتركها وجب عليها تأخير الصلاة عن وقتها وقطعها لو كانت فيها ( وإلا فلا بأس بتأخيرها الصلاة وتقبل على الولد ) للعذر كما أخر النبي صلى اللّه عليه وسلم الصلاة عن وقتها يوم الخندق ( وكذا المسافر ) أي السائر في فضاء ) ( إذا خاف من اللصوص أو قطاع الطريق ) أو من سبع أو سيل ( جاز له تأخير الوقتية ) كالمقاتلين إذا لم يقدروا على الإيماء ركبانا للعذر وكذا يجوز تأخير قضاء الفوائت للعذر كالسعي على العيال وإن وجب قضاؤها على الفور وأما قضاء الصوم فعلى التراخي ما لم يقرب رمضان الثاني وأما سجدة التلاوة والنذر المطلق ففيهما الخلاف قيل موسع وقيل مضيق

٧

( وتارك الصلاة عمدا كسلا يضرب ضربا شديدا حتى يسيل منه الدم و ) بعده ( يحبس ) ولا يترك هملا بل يتفقد حاله بالوعظ والزجر والضرب أيضا ( حتى يصليها ) أو يموت بحبسه وهذا جزاؤه الدنيوي وأما في الآخرة إذا مات على الإسلام عاصيا بتركها فله عذاب طويل بواد في جهنم أشدها حرا وأبعدها قعرا فيه بئر يقال له الهبهب وآبار يسيل إليها الصديد والقيح أعدت لتارك الصلاة وحديث جابر فيه صفته بقوله بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة رواه أحمد ومسلم ( وكذا تارك صوم رمضان ) كسلا يضرب كذلك ويحبس حتى يصوم ( ولا يقتل ) بمجرد ترك الصلاة والصوم مع الإقرار بفرضيتهما ( إلا إذا جحد ) افتراض الصلاة والصوم لإنكاره ما كان معلوما من الدين إجماعا ( أو استخف بأحدهما ) كما لو أظهر الإفطار في نهار رمضان بلا عذر متهاونا أو نطق بما يدل عليه فيكون حكمه حكم المرتد فتكشف شبهته ويحبس ثم يقتل إن أصر