Geri

   

 

 

İleri

 

٤ ( باب الإمامة )

١

قدمنا شيئا يدل على فضل الأذان وعندنا ( هي ) أي الإمامة ( أفضل من الأذان ) لمواظبته صلى اللّه عليه وسلم والخلفاء الراشدين عليها والأفضل كون الإمام هو المؤذن وهذا مذهبنا وكان عليه أبو حنيفة رحمه اللّه ( والصلاة بالجماعة سنة ) في الأصح مؤكدة شبيهة بالواجب في القوة ( للرجال ) للمواظبة ولقوله صلى اللّه عليه وسلم " صلاة الجماعة أفضل من صلاة أحدكم وحده بخمسة وعشرين جزءا وفي رواية درجة فلا يسع تركها إلا بعذر ولو تركها أهل مصر بلا عذر يؤمرون بها فإن قبلوا وإلا قوتلوا عليها لأنها من شعائر الإسلام ومن خصائص هذا الدين . ويحصل فضل الجماعة بواحد ولو صبيا يعقل أو امرأة ولو في البيت مع الإمام وأما الجمعة فيشترط ثلاثة أو اثنان كما سنذكره ( الأحرار ) لأن العبد مشغول بخدمة المولى ( بلا عذر ) لأنها تسقط به

٢

( وشروط صحة الإمامة للرجال الأصحاء ستة أشياء الإسلام ) وهو شرط عام فلا تصح إمامة منكر البعث أو خلافة الصديق أو صحبته أو يسب الشيخين أو ينكر الشفاعة أو نحو ذلك ممن يظهر الإسلام مع ظهور صفته المكفرة له ( والبلوغ ) لأن صلاة الصبي نفل ونفله لا يلزمه ( والعقل ) لعدم صحة صلاته بعدمه كالسكران ( والذكورة ) خرج به المرأة للأمر بتأخيرهن والخنثى امرأة فلا يقتدي به غيرها ( والقراءة ) بحفظ آية تصح بها الصلاة على الخلاف ( و ) السادس ( السلامة من الأعذار ) فإن المعذور صلاته ضرورية فلا يصح اقتداء غيره به ( كالرعاف ) الدائم وانفلات الريح ولا يصح اقتداء من به انفلات ريح ممن به سلس بول لأنه ذو عذرين ( والفأفأة ) بتكرار الفاء ( والتمتمة ) بتكرار التاء فلا يتكلم إلا به ( واللثغ ) بالثاء المثلثة والتحريك وهو واللثغة بضم اللام وسكون الثاء تحرك اللسان من السين إلى الثاء ومن الراء إلى الغين ونحوه لا يكون إماما . وإذا لم يجد في القرآن شيئا خاليا عن لثغة وعجز عن إصلاح لسانه آناء الليل وأطراف النهار فصلاته جائزة لنفسه وإن ترك التصحيح والجهد فصلاته فاسدة ( و ) السلامة من ( فقد شرط كطهارة ) فإن عدمها بحمل خبث لا يعفى لا تصح إمامته لطاهر ( و ) كذا حكم ( ستر عورة ) لأن العاري لا يكون إماما لمستور

٣

( وشروط صحة الاقتداء أربعة عشر شيئا ) تقريبا ( نية المقتدي المتابعة مقارنة لتحريمته ) إما مقارنة حقيقية أو حكمية كما تقدم فينوي الصلاة والمتابعة أيضا ( ونية الرجل الإمامة شرط لصحة اقتداء النساء به ) لما يلزم من الفساد بالمحاذاة ومسألتها مشهورة ولو في الجمعة والعيدين على ما قاله الأكثر ( وتقدم الأمام بعقبه عن ) عقب ( المأموم ) حتى لو تقدم أصابعه لطول قدمه لا يضر ( وأن لا يكون ) الإمام ( أدنى حالا من المأموم ) كأن يكون متنفلا والمقتدي مفترضا أو معذورا والمقتدي خاليا عنه ( و ) يشترط ( أن لا يكون الإمام مصليا فرضا غير فرضه ) أي فرض المأموم كظهر وعصر وظهرين من يومين للمشاركة ولا بد فيها من الاتحاد فلا يصح اقتداء ناذر بناذر لم ينذر عين نذر الإمام لعدم ولايته على غيره فيما التزمه ولا الناذر بالحالف لأن المنذورة أقوى ( وأن لا يكون ) الإمام ( مقيما لمسافر بعد الوقت في رباعية ) لما قدمناه فيكون اقتداء مفترض بمتنفل في حق القعدة أو القراءة ( ولا مسبوقا ) لشبهة افتدائه ( وأن يفصل بين الإمام والمأموم صف من النساء ) لقول النبي صلى اللّه عليه وسلم : " من كان بينه وبين الإمام نهر أو طريق أو صف من النساء فلا صلاة له فإن كان ثلاثا فسدت صلاة ثلاثة خلفهن من كل صف إلى آخر الصفوف وعليه الفتوى وجاز اقتداء الباقي " وقيل الثلاث صف مانع من صحة الاقتداء لمن خلفه صفهن جميعا وإن كانتا اثنتين فسدت صلاة اثنين خلفهما فقط وإن كانت واحدة في الصف محاذية فسدت صلاة من حاذته عن يمينها ويسارها وآخر خلفها ( وأن لا يفصل ) بين الإمام والمأموم ( نهر يمر فيه الزورق ) في الصحيح والزورق نوع من السفن الصغار ( ولا طريق تمر فيه العجلة ) وليس فيه صفوف متصلة والمانع في الصلاة فاصل يسع فيه صفين على المفتى به ( و ) يشترط أن ( لا ) يفصل بينهما ( حائط ) كبير ( يشتبه معه العلم بانتقالات الإمام فإن لم يشتبه ) العلم بانتقالات الإمام ( لسماع أو رؤية ) ولم يكن الوصول إليه ( صح الاقتداء ) به ( في الصحيح ) وهو اختيار شمس الأئمة الحلواني لما روى أن النبي صلى اللّه عليه وسلم كان يصلي في حجرة عائشة رضي اللّه عنها والناس في المسجد يصلون بصلاته وعلى هذا الافتداء في الأماكن المتصلة بالمسجد الحرام وأبوابها من خارجه صحيح إذا لم يشتبه حال الإمام عليهم بسماع أو رؤية ولم يتخلل إلا الجدار كما ذكره شمس الأئمة فيمن صلى على سطح بيته المتصل بالمسجد أو في منزله بجنب المسجد وبينه وبين المسجد حائط مقتديا بإمام في المسجد وهو يسمع التكبير من الإمام أو من المكبر تجوز صلاته كذا في الجنيس والمزيد ويصح اقتداء الواقف على السطح بمن هو في البيت ولا يخفى عليه حاله ( و ) يشترط ( أن لا يكون الإمام راكبا والمقتدي راجلا ) أو بالقلب ( أو راكبا ) دابة ( غير دابة إمامه ) لاختلاف المكان وإذا كان على دابة إمامه صح الاقتداء لاتحاد المكان ( و ) يشترط ( أن لا يكون ) المقتدي ( في سفينة والإمام في ) سفينة ( أخرى غير مقترنة بها ) لأنهما كالدابتين وإذا اقترنتا صح للاتحاد الحكمي

( و ) الرابع عشر من شروط صحة الاقتداء ( أن لا يعلم المقتدي من حال إمامه ) المخالف لمذهبه ( مفسدا في زعم المأموم ) يعني في مذهب المأموم ( كخروج دم ) سائل ( أو قيء ) يملأ الفم وتيقن أنه ( لم يعد بعده وضوءه ) حتى لو غاب بعدما شاهد منه ذلك بقدر ما يعيد الوضوء ولم بعلم حاله فالصحيح جواز الاقتداء مع الكراهة كما لو جهل حاله بالمرة وأما إذا علم منه أنه لا يحتاط في مواضع الخلاف يصح الاقتداء به سواء علم حاله في خصوص ما يقتدى به فيه أو لا وإن علم أنه يحتاط في مواضع الخلاف يصح الاقتداء به على الأصح ويكره كما في المجتبى وقال الديري في شرحه لا يكره إذا علم الاحتياط في مذهب الحنفي وأما إذا علم المقتدي على الإمام ما يفسد الصلاة على زعم الإمام كمس المرأة أو الذكر أو حمل نجاسة قدر الدرهم والإمام لا يدري بذلك فإنه يجوز اقتداؤه به على قول الأكثر وقال بعضهم لا يجوز منهم الهندواني لأن الإمام يرى بطلان هذه الصلاة فتبطل صلاة المقتدي تبعا له وجه الأول وهو الأصح أن المقتدي يرى جواز صلاة إمامه والمعتبر في حقه رأي نفسه فوجب القول بجوازها كما في التبيين وفتح القدير وإنما قيد بقوله والإمام لا يدري بذلك ليكون جازما بالنية وأمكن حمل صحة صلاته على معتقد إمامه وأما إذا علم به وهو على اعتقاد مذهبه صار كالمتلاعب ولا نية له فلا وجه لحمل صحة صلاته

٤

( وصح اقتداء متوضئ بمتيمم ) عندهما وقال محمد لا يصح والخلاف مبني على أن الخليفة بين الآلتين التراب والماء أو الطهارتين الوضوء والتيمم فعندهما : بين الآلتين وظاهر النص يدل عليه فاستوى الطهارتان وعند محمد : بين الطهارتين التيمم والوضوء فيصير بناء القوي على الضعيف وهو لا يجوز ولا خلاف في صحة الاقتداء بالمتيمم في صلاة الجنازة ( و ) صح اقتداء ( غاسل بماسح ) على خف أو جبيرة أو خرقة قرحة لا يسيل منه شيء ( و ) صح اقتداء ( قائم بقاعد ) لأن النبي صلى اللّه عليه وسلم صلى الظهر يوم السبت أو الأحد في مرض موته جالسا والناس خلفه قياما وهي آخر صلاة صلاها إماما وصلى خلف أبي بكر الركعة الثانية صبح يوم الإثنين مأموما ثم أتم لنفسه ذكره البيهقي في المعرفة ( و ) صح اقتداء ( بأحدب ) لم يبلغ حدبه حد الركوع اتفاقا على الأصح وإذا بلغ وهو ينخفض للركوع قليلا يجوز عندهما وبه أخذ عامة العلماء وهو الأصح بمنزلة الاقتداء بالقاعد لاستواء نصفه الأسفل ولا يجوز عند محمد قال الزيلعي وفي الظهيرية هو الأصح انتهى . فقد اختلف التصحيح فيه ( و ) صح اقتداء ( موم بمثله ) بأن كانا قاعدين أو مضطجعين أو المأموم مضطجعا والإمام قاعدا لقوة حاله ( ومتنفل بمفترض ) لأنه بناء للضعيف على القوي وصار تبعا لإمامه في القراءة ( وإن ظهر بطلان صلاة إمامه ) بفوات شرط أو ركن ( أعاد ) لزوما يعني افترض عليه الإتيان بالفرض وليس المراد الإعادة الجابرة لنقص في المؤدى لقوله صلى اللّه عليه وسلم " إذا فسدت صلاة الإمام فسدت صلاة من خلفه " وإذا طرأ المبطل لا إعادة على المأموم كارتداد الإمام وسعيه للجمعة بعد ظهره دونهم وعوده لسجود تلاوة بعد تفرقهم

( ويلزم الإمام ) الذي تبين فساد صلاته ( إعلام القوم بإعادة صلاتهم بالقدر الممكن ) ولو بكتاب أو رسول ( في المختار ) لأنه صلى اللّه عليه وسلم صلى بهم ثم جاء ورأسه يقطر فأعاد بهم وعلي رضي اللّه عنه صلى بالناس ثم تبين له أنه كان محدثا فأعاد وأمرهم أن يعيدوا وفي الدراية لا يلزم الإمام الإعلام إن كانوا قوما غير معينين وفي خزانة الأكمل لأنه سكت عن خطأ معفو عنه وعن الوبري يخبرهم وإن كان مختلفا فيه ونظيره إذا رأى غيره يتوضأ من ماء نجس أو على ثوبه نجاسة

٥

( فصل : يسقط حضور الجماعة بواحد من ثمانية عشر شيئا )

منها ( مطر وبرد ) شديد ( وخوف ) ظالم ( وظلمة ) شديدة في الصحيح ( وحبس ) معسر أو مظلوم ( وعمى وفالج وقطع يد ورجل وسقام وإقعاد ووحل ) بعد انقطاع مطر قال صلى اللّه عليه وسلم " إذا ابتلت النعال فالصلاة في الرحال " ( وزمانة وشيخوخة وتكرار فقه ) لا نحو ولغة ( بجماعة تفوته ) ولم يدوام على تركها ( وحضور طعام تتوقه نفسه ) لشغل باله كمدافعة أحد الأخبثين أو الريح ( وإرادة سفر ) تهيأ له ( وقيامه بمريض ) يستضر بغيبته ( وشدة ريح ليلا لا نهارا ) للحرج ( وإذا انقطع عن الجماعة لعذر من أعذارها المبيحة للتخلف ) وكانت نيته حضورها لولا العذر الحاصل ( يحصل له ثوابها ) لقوله صلى اللّه عليه وسلم " إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى "

٦

( فصل : في ) بيان ( الأحق بالإمامة و ) في بيان ترتيب الصفوف . )

( إذا ) اجتمع قوم و ( لم يكن بين الحاضرين صاحب منزل ) اجتمعوا فيه ولا فيهم ذو وظيفة وهو إمام المحل ( ولا ذو سلطان ) كأمير ووال وقاض ( فالأعلم ) بأحكام الصلاة الحافظ ما به سنة القراءة ويجتنب الفواحش الظاهرة وإن كان غير متبحر في بقية العلوم ( أحق بالإمامة ) وإذا اجتمعوا يقدم السلطان فالأمير فالقاضي فصاحب المنزل ولو مستأجرا يقدم على المالك ويقدم القاضي على إمام المسجد لما ورد في الحديث " ولا يؤم الرجل في سلطانه ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه " ( ثم الأقرأ ) أي الأعلم بأحكام القراءة لا مجرد كثرة حفظ دونه ( ثم الأورع ) الورع اجتناب الشبهات أرقى من التقوى لأنها اجتناب المحرمات ( ثم الأسن ) لقوله صلى اللّه عليه وسلم وليؤمكما أكبركما ( ثم الأحسن خلقا ) بضم الخاء واللام أي ألفة بين الناس ( ثم الأحسن وجها ) أي أصبحهم لأن حسن الصورة يدل على حسن السيرة لأنه مما يزيد الناس رغبة في الجماعة ( ثم الأشرف نسبا ) لاحترامه وتعظيمه ( ثم الأحسن صوتا ) للرغبة في سماعه للخضوع ( ثم الأنظف ثوبا ) لبعده عن الدنس ترغيبا فيه فالأحسن زوجة لشدة عفته فأكبرهم رأسا وأصغرهم عضوا فأكثرهم مالا فأكبرهم مالا فأكبرهم جاها واختلف في المسافر مع المقيم قيل هما سواء وقيل المقيم أولى ( فإن استووا يقرع ) بينهم فمن خرجت قرعته قدم ( أو الخيار إلى القوم فإن اختلفوا فالعبرة بما اختاره الأكثر وإن قدموا غير الأولى فقد أساؤوا ) ولكن لا يأثمون كذا في التجنيس وفيه لو أم قوما وهم له كارهون فهو من ثلاثة أوجه إن كانت الكراهة لفساد فيه أو كانوا أحق بالإمامة منه يكره وإن كان هو أحق بها منهم ولا فساد فيه ومع هذا يكرهونه لا يكره له التقدم لأن الجاهل والفاسق يكره العالم والصالح قال صلى اللّه عليه وسلم

" إن سركم أن تقبل صلاتكم فليؤمكم علماؤكم فإنهم وفدكم فيما بينكم وبين ربكم

وفي رواية فليؤمكم خياركم

٧

( وكره إمامة العبد ) إن لم يكن عالما تقيا ( والأعمى ) لعدم اهتدائه إلى القبلة وصون ثيابه عن الدنس وإن لم يوجد أفضل منه فلا كراهة ( والأعرابي ) الجاهل أو الحضري لجاهل ( وولد الزنا ) الذي لا علم عنده ولا تقوى فلذا قيده مع ما قبله بقوله ( الجاهل ) إذ لو كان عالما تقيا لا تكره إمامته لأن الكراهة للنقائض حتى إذا كان الأعرابي أفضل من الحضري والعبد من الحر وولد الزنا من ولد الرشد والأعمى من البصير فالحكم بالضد كذا في الاختيار ( و ) لذا كره إمامة ( الفاسق ) العالم لعدم اهتمامه بالدين فتجب إهانته شرعا فلا يعظم بتقديمه للإمامة وإذا تعذر منعه ينتقل عنه إلى غير مسجده للجمعة وغيرها وإن لم يقم الجمعة إلا هو تصلى معه ( والمبتدع ) بارتكابه ما أحدث على خلاف الحق المتلقى عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من علم أو عمل أو حال بنوع شبهة أو استحسان وروى محمد عن أبي حنيفة رحمه اللّه تعالى وأبي يوسف أن الصلاة خلف أهل الأهواء لا تجوز والصحيح أنها تصح مع الكراهة خلف من لا تكفره بدعته لقوله صلى اللّه عليه وسلم :

" صلوا خلف كل بر وفاجر وصلوا على كل بر وفاجر وجاهدوا مع كل بر وفاجر "

رواه الدار قطني كما في البرهان وقال في مجمع الروايات وإذا صلى خلف فاسق أو مبتدع يكون محرزا ثواب الجماعة لكن لا ينال ثواب من يصلي خلف إمام تقي

( و ) كره للإمام ( تطويل الصلاة ) لما فيه من تنفير الجماعة لقوله عليه السلام " من أم فليخفف " ( وجماعة المرأة ) لما فيها من الإطلاع على عورات بعضهم ( و ) كره جماعة ( النساء ) بواحدة منهن ولا يحضرن الجماعات لما فيه من الفتنة والمخالفة ( فإن فعلن ) يجب أن ( يقف الإمام وسطهن ) مع تقدم عقبها فلو تقدمت كالرجال أثمت وصحت الصلاة والإمام من يؤتم به ذكرا كان أو أنثى والوسط بالتحريك ما بين طرفي الشيء كما هنا وبالسكون [ الوسط] لما يبين بعضه عن بعض كجلست وسط الدار بالسكون ( ك ) الإمام العاري ( العراة ) يكون وسطهم لكن جالسا ويمد كل منهم رجليه ليستتر مهما أمكن ويصلون بإيماء وهو الأفضل

٨

( ويقف الواحد ) رجلا أو صبيا مميزا ( عن يمين الإمام ) مساويا له متأخرا بعقبه ويكره أن يقف عن يساره وكذا خلفه في الصحيح لحديث ابن عباس أنه قام عن يسار النبي صلى اللّه عليه وسلم فأقامه عن يمينه

( و ) يقف ( الأكثر ) من واحد ( خلفه ) لأنه عليه الصلاة والسلام تقدم عن أنس واليتيم حين صلى بهما وهو دليل الأفضلية وما ورد من القيام بينهما فهو دليل الإباحة

٩

( ويصف الرجال ) لقوله صلى اللّه عليه وسلم " ليلني منكم أولو الأحلام والنهى " فيأمرهم الإمام بذلك وقال صلى اللّه عليه وسلم : " استووا تستوي قلوبكم وتماسوا تراحموا " وقال صلى اللّه عليه وسلم " أقيموا الصفوف وحاذوا بين المناكب وسدوا الخلل ولينوا بأيدي إخوانكم لا تذروا فرجات للشيطان من وصل صفا وصله اللّه ومن قطع صفا قطعه اللّه " وبهذا يعلم جهل من يستمسك عند دخول أحد بجنبه في الصف يظن أنه رياء بل هو إعانة على ما أمر به النبي صلى اللّه عليه وسلم وإذا وجد فرجة في الصف الأول دون الثاني فله خرقه لتركهم سد الأول ولو كان الصف منتظما ينتظر مجيء آخر فإن خاف فوت الركعة جذب عالما بالحكم لا يتأذى به وإلا قام وحده وهذه ترد القول بفساد من فسح لامرئ داخل بجنبه وأفضل الصفوف أولها ثم الأقرب فالأقرب لما روى أن اللّه تعالى ينزل الرحمة أولا على الإمام ثم تتجاوز عنه إلى من يحاذيه في الصف الأول ثم إلى الميامن ثم إلى المياسر ثم إلى الصف الثاني وروى عنه صلى اللّه عليه وسلم أنه قال " تكتب للذي خلف الإمام بحذائه مائة صلاة وللذي في الجانب الأيمن خمسة وسبعون صلاة وللذي في الأيسر خمسون صلاة وللذي في سائر الصفوف خمسة وعشرون صلاة "

( ثم ) يصف ( الصبيان ) لقول أبي مالك الأشعري أن النبي صلى اللّه عليه وسلم صلى وأقام الرجال يلونه وأقام الصبيان خلف ذلك وأقام النساء خلف ذلك وإن لم يكن جمع من الصبيان يقوم الصبي بين الرجال ( ثم الخناثى ) جمع خنثى والمراد به المشكل احتياطا لأنه إن كان رجلا فقيامه خلف الصبيان لا يضره وإن كان امرأة فهو متأخر ويلزم جعل الخناثى صفا واحدا متفرقا اتقاء عن القيام خلف مثله وعن المحاذاة لاحتمال الذكورة والأنوثة وهو معامل بالأضر في أحواله ( ثم ) يصف ( النساء ) إن حضرن وإلا فهن ممنوعات عن حضور الجماعات كما تقدم

١٠

( فصل : فيما يفعله المقتدي بعد فراغ إمامه من واجب وغيره . )

( لو سلم الإمام ) أو تكلم ( قبل فراغ المقتدي من ) قراءة ( التشهد يتمه ) لأنه من الواجبات ثم يسلم لبقاء حرمة الصلاة وأمكن الجمع بالإتيان بهما وإن بقيت الصلوات والدعوات يتركها ويسلم مع الإمام لأن ترك السنة دون ترك الواجب وأما إن أحدث الإمام عمدا ولو بقهقهته عند السلام لا يقرأ المقتدي التشهد ولا يسلم لخروجه من الصلاة ببطلان الجزء الذي لاقاه حدث الإمام فلا يبني على فاسد ولا يضر في صحة الصلاة لكن يجب إعادتها لجبر نقصها بترك السلام وإذا لم يجلس بقدر التشهد بطلت بالحدث العمد ولو قام الإمام إلى الثالثة ولم يتم المقتدي التشهد أتمه وإن لم يتمه جاز وفي فتاوى الفضلى والتجنيس يتمه ولا يتبع الإمام وإن خاف فوت الركوع لأن قراءة بعض التشهد لم تعرف قربة والركوع لا يفوته في الحقيقة لأنه يدرك فكان خلف الإمام ومعارضة واجب آخر لا يمنع الإتيان بما كان فيه من واجب غيره لإتيانه به بعده فكان تأخير أحد الواجبين مع الإتيان بهما أولى من ترك أحدهما بالكلية بخلاف ما إذا عارضته سنة لأن ترك السنة أولى من تأخير الواجب أشار إليه بقوله ولو رفع الإمام رأسه قبل تسبيح المقتدي ثلاثا في الركوع أو السجود يتابعه ) في الصحيح ومنهم من قال يتمها ثلاثا لأن من أهل العلم من قال بعدم جواز الصلاة بتنقيصها عن الثلاث ( ولو زاد الإمام سجدة أو قام بعد القعود الأخير ساهيا لا يتبعه المؤتم ) فيما ليس من صلاته بل يمكث فإن عاد قبل تقييده الزائدة بسجدة سلم معه ( وإن قيدها ) أي الإمام أي الركعة الزائدة بسجدة ( سلم ) المقتدي ( وحده ) ولا ينتظر لخروجه إلى غير صلاته ( وإن قام الإمام قبل القعود الأخير ساهيا انتظره المأموم ) وسبح لينتبه إمامه ( فإن سلم المقتدي قبل أن يقيد إمامه الزائدة بسجدة فسد فرضه ) لانفراده بركن القعود حال الاقتداء كما تفسد بتقييد الإمام الزائدة بسجدة لتركه القعود الأخير في محله ( وكره سلام المقتدي بعد تشهد الإمام ) لوجود فرض القعود ( بعد سلامه ) لتركه المتابعة وصحت صلاته حتى لا تبطل بطلوع الشمس في الفجر ووجدان الماء للتيمم وبطلت صلاة الإمام على المرجوح وعلى الصحيح صحت كما سنذكره

١١

( فصل : في ) صفة ( الأذكار الواردة بعد ) صلاة ( الفرض ) وفضلها وغيره

( القيام إلى ) أداء ( السنة ) التي تلي الفرض متصلا بالفرض مسنون ) أي أنه يستحب الفصل بينهما كما كان عليه السلام إذا سلم يمكث قدر ما يقول : اللّهم أنت السلام ومنك السلام وإليك يعود السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام ثم يقوم إلى السنة قال الكمال وهذا هو الذي ثبت عنه صلى اللّه عليه وسلم من الأذكار التي تؤخر عنه السنة ويفصل بينها وبين الفرض انتهى . قلت : ولعل المراد غير ما ثبت أيضا بعد المغرب وهو ثان رجله لا إله إلا اللّه إلى آخره عشرا وبعد الجمعة من قراءة الفاتحة والمعوذات سبعا سبعا اه ( و ) قال الكمال ( عن شمس الأئمة الحلواني أنه قال لا بأس بقراءة الأوراد بين الفريضة والسنة ) فالأولى تأخير الأوراد عن السنة فهذا ينفي الكراهة ويخالفه ما قاله في الاختيار كل صلاة بعدها سنة يكره القعود بعدها والدعاء بل يشتغل بالسنة كيلا يفصل بين السنة والمكتوبة وعن عائشة أن النبي صلى اللّه عليه وسلم كان يقعد مقدار ما يقول اللّهم أنت السلام الخ كما تقدم فلا يزيد عليه أو على قدره ثم قال الكمال ولم يثبت عنه صلى اللّه عليه وسلم الفصل بالأذكار التي يواظب عليها في المساجد في عصرنا من قراءة آية الكرسي والتسبيحات وأخواتها ثلاثا وثلاثين وقوله صلى اللّه عليه وسلم لفقراء المهاجرين : " تسبحون وتكبرون وتحمدون دبر كل صلاة " الخ لا يقتضي وصلها بالفرض بل كونها عقب السنة من غير اشتغال بما ليس من توابع الصلاة فصح كونها دبرها وقد أشرنا إلى أنه إذا تكلم بكلام كثير أو أكل أو شرب بين الفرض والسنة لا تبطل وهو الأصح بل نقص ثوابها والأفضل في السنن أداؤها فيما هو أبعد من الرياء وأجمع للخلوص سواء البيت أو غيره

( ويستحب للإمام بعد سلامه أن يتحول ) إلى يمين القبلة وهو الجانب المقابل ( إلى ) جهة ( يساره ) أي يسار المستقبل لأن يمين المقابل جهة يسار المستقبل فيتحول إليه ( لتطوع بعد الفرض ) لأن لليمين فضلا ولدفع الاشتباه بظنه في الفرض فيقتدي به ( وكذلك للقوم ولتكثير شهوده لما روي أن مكان المصلي يشهد له يوم القيامة ( و ) يستحب ( أن يستقبل بعده ) أي بعد التطوع وعقب الفرض إن لم يكن بعده نافلة يستقبل ( الناس ) إن شاء أن لم يكن في مقابلة مصل لما في الصحيحين " كان النبي صلى اللّه عليه وسلم إذا صلى أقبل علينا بوجهه " وإن شاء الإمام انحرف عن يساره وجعل القبلة عن يمينه وإن شاء انحرف عن يمينه وجعل القبلة عن يساره وهذا أولى لما في مسلم " كنا إذا صلينا خلف رسول اللّه أحببنا أن نكون عن يمينه حتى يقبل علينا بوجهه " وإن شاء ذهب لحوائجه قال تعالى فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل اللّه " والأمر للإباحة وفي مجمع الروايات : إذا فرغ من صلاته إن شاء قرأ ورده جالسا وإن شاء قرأه قائما ( ويستغفرون اللّه ) العظيم ( ثلاثا ) لقول ثوبان " كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا انصرف من صلاته استغفر اللّه تعالى ثلاثا وقال اللّهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام " رواه مسلم وقال صلى اللّه عليه وسلم " من استغفر اللّه تعالى في دبر كل صلاة ثلاث مرات فقال أستغفر اللّه الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه غفرت ذنوبه وإن كان فر من الزحف " ( ويقرؤون آية الكرسي ) من قرأ آية الكرسي في دبر كل صلاة لم يمنعه من دخول الجنة إلا الموت ومن قرأها حين يأخذ مضجعه آمنه اللّه على داره ودار جاره وأهل دويرات حوله ( و ) يقرؤون ( المعوذات ) لقول عقبة بن عامر رضي اللّه تعالى عنه " أمرني رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن أقرأ المعوذات في دبر كل صلاة " ( ويسبحون اللّه ثلاثا وثلاثين ويحمدونه كذلك ) ثلاثا وثلاثين ( ويكبرونه كذلك ) ثلاثا وثلاثين ( ثم يقولون ) تمام المائة ( لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ) لقوله صلى اللّه عليه وسلم : " من سبح اللّه في دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين وحمد اللّه ثلاثا وثلاثين وكبر اللّه ثلاثا وثلاثين فتلك تسعة وتسعون وقال تمام المائة لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر " رواه مسلم وفيما قدمناه إشارة إلى مثله وهو حديث المهاجرين

( ثم يدعون لأنفسهم وللمسلمين ) بالأدعية المأثورة الجامعة لقول أبي أمامة قيل يا رسول اللّه أي الدعاء أسمع قال " جوف الليل الأخير ودبر الصلوات المكتوبات ولقوله صلى اللّه عليه وسلم " واللّه إني لأحبك أوصيك يا معاذ لا تدعن دبر كل صلاة أن تقول اللّهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك " ( رافعي أيديهم ) حذاء الصدر وبطونها مما يلي الوجه بخشوع وسكون ثم يختمون بقوله تعالى سبحان ربك رب العزة عما يصفون الآية لقول علي رضي اللّه عنه من أحب أن يكتال بالمكيال الأوفى من الأجر يوم القيامة فليكن آخر كلامه إذا قام من مجلسه سبحان ربك الآية وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم " من قال دبر كل صلاة سبحان ربك الآية فقد اكتال بالمكيال الأوفى من الأجر " ( ثم يمسحون بها أي بأيديهم ( وجوههم في آخره ) لقوله صلى اللّه عليه وسلم " إذا دعوت اللّه فادع بباطن كفيك ولا تدع بظهورهما فإذا فرغت فامسح بهما وجهك " وكان صلى اللّه عليه وسلم إذا رفع يديه في الدعاء لم يحيطهما وفي رواية لم يردهما حتى يمسح بهما وجهه واللّه تعالى الموفق

[ ما يفسد الصلاة وما لا يفسدها ما يكره وما لا يكره للمصلي اتخاذ السترة قطع الصلاة وتأخيرها وتركها]