٣ ( باب شروط الصلاة وأركانها ) جمعنا بينهما للتيقظ لما تصح به الصلاة الشروط جمع شرط بسكون الراء والأشراط جمع شرط بفتحها وهما العلامة وفي الشريعة هو ما يتوقف على وجوده الشيء وهو خارج عن ماهيته . والأركان جمع ركن وهو في اللغة الجانب الأقوى وفي الاصطلاح الجزء الذاتي الذي تتركب الماهية منه ومن غيره وقد أردنا تنبيه العابد فقلنا ١( لا بد لصحة الصلاة من سبعة وعشرين شيئا ) ولا حصر فيها . ومن اقتصر على ذكر الشروط الستة الخارجة هن الصلاة وعلى الستة الأركان الداخلة فيها أراد التقريب وإلا فالمصلي يحتاج إلى ما ذكرناه بزيادة فأردنا به بيان ما إليه الحاجة من شرط صحة الشروع والدوام على صحتها وكلها فروض وعبر بلفظ الشيء الصادق بالشرط والركن فمن الشروط ( الطهارة من الحدث ) الأصغر والأكبر والحيض والنفاس لآية الوضوء . والحدث لغة : الشي الحادث وشرعا مانعية تقوم بالأعضاء إلى غاية وصول المزيل لها ( و ) منها ( طهارة الجسد والثوب والمكان ) الذي يصلي عليه فلو بسط شيئا رقيقا يصلح ساترا للعورة وهو ما لا يرى منه الجسد جاز صلاته وإن كانت النجاسة رطبة فألقى عليها لبدا أو ثنى ما ليس ثخينا أو كبسها بالتراب فلم يجدر ريح النجاسة جازت صلاته وإذا أمسك حبلا مربوطا به نجاسة أو بقي من عمامته طرف طاهر ولم يتحرك الطرف النجس بحركته صحت وإلا فلا كما لو أصاب رأسه خيمة نجسة وجلوس صغير يستمسك في حجر المصلي وطير متنجس على رأسه لا يبطل الصلاة إذا لم ينفصل منه نجاسة مانعة لأن الشرط الطهارة ( من نجس غير معفو عنه ) وتقدم بيانه ( حتى ) يشترط طهارة ( موضع القدمين ) فتبطل الصلاة بنجس مانع تحت أحدهما أو بجمعه فيهما تقديرا في الأصح وقيامه على قدم صحيح مع الكراهة وانتقاله عن مكان طاهر لنجس ولم يمكث به مقدار ركن لا تبطل به وإن مكث به قدوه بطلت على المختار ( و ) منها طهارة موضع ( اليدين والركبتين ) على الصحيح لافتراض السجود على سبعة أعظم واختاره الفقيه أبو الليث وأنكر ما قيل من عدم افتراض طهارة موضعها ولأن رواية جواز الصلاة مع نجاسة الكفين والركبتين شاذة ( و ) منها طهارة موضع ( الجبهة على الأصح ) من الروايتين عن أبي حنيفة وهو قولهم رحمهم اللّه ليتحقق السجود عليها لأن الفرض وإن كان يتأدى بمقدار الأرنبة على القول المرجوح يصير الوضع معدوما حكما بوجوده على النجس ولو أعاده على طاهر في ظاهر الرواية ولا يمنع نجاسة في محل أنفه مع طهارة باقي المحال بالاتفاق لأن الأنف أقل من الدرهم ويصير كأنه اقتصر على الجبهة مع الكراهة وطهارة المكان ألزم من الثوب المشروط نصا بالدلالة إذ لا وجود للصلاة بدون مكان وقد توجد بدون ثوب ولا يضر وقوع ثوبه على نجاسة لا تعلق به حال سجوده ( و ) منها ( ستر العورة ) للإجماع على افتراضه ولو في ظلمة والشرط سترها من جوانبه على الصحيح ( ولا يضر نظرها من جيبه ) في قول عامة المشايخ ( و ) لا يضر لو نظرها أحد من ( أسفل ذيله ) لأن التكلف لمنعه فيه حرج والثوب الحرير والمغصوب وأرض الغير تصح فيها الصلاة مع الكراهة وسنذكره والمستحب أن يصلي في ثلاثة ثياب من أحسن ثيابه قميص وأزرار وعمامة ويكره في إزار مع القدرة عليها ( و ) منها ( استقبال القبلة ) الاستقبال من قبلت الماشية الوادي بمعنى قابلته وليست السين للطلب لأن الشرط المقابلة لا طلبها وهو شرط بالكتاب والسنة والإجماع والمراد منها بقعتها لا البناء حتى لو نوى بناء الكعبة لا يجوز إلا أن يريد به جهة الكعبة وإن نوى المحراب لا يجوز ( فللمكي المشاهد ) للكعبة ( فرضه إصابة عينها ) اتفاقا لقدرته عليه يقينا ( و ) الفرض ( لغير المشاهد ) إصابة ( جهتها ) أي الكعبة هو الصحيح ونية القبلة ليست بشرط والتوجه إليها يغنيه عن النية هو الأصح وجهتها هي التي إذا توجه إليها الإنسان يكون مسامتا للكعبة أو لهوائها تحقيقا أو تقريبا ومعنى التحقيق أنه لو فرض خط من تلقاء وجهه على زاوية قائمة إلى الأفق يكون مارا على الكعبة أو هوائها ومعنى التقريب أن يكون ذلك منحرفا عن الكعبة أو هوائها انحرافا لا تزول به القابلة بالكلية بأن يبقى شيء من سطح الوجه مسامتا للكعبة أو لهوائها ( ولغير المشاهد إصابة جهتها ) البعيد والقريب سواء ( ولو بمكة ) وحال بينه وبين الكعبة بناء أو جبل ( على الصحيح ) كما في الدراية والتجنيس ( و ) من الشروط ( الوقت ) للفرائض الخمس بالكتاب والسنة والإجماع وقد نص على اشتراطه في عدة من المعتمدات وقد ترك ذكر الوقت في باب شروط الصلاة في عدة من المعتمدات كالقدوري والمختار والهداية والكنز مع بيانهم الأوقات ولا أعلم سر عدم ذكرهم له وإن كان يتصف بأنه سبب للأداء وظرف للمؤدي وشرط للوجوب كما هو مقرر في محله ( و ) يشترط ( اعتقاد دخوله ) لتكون عبادته بنية جازمة لأن الشاك ليس بجازم حتى لو صلى وعنده أن الوقت لم يدخل فظهر أنه كان قد دخل لا تجزئه لأنه لما حكم بفساد صلاته بناء على دليل شرعي وهو تحريه [ الأول أن الوقت لم يدخل] لا ينقلب جائزا إذا ظهر خلافه ويخاف عليه في دينه ( و ) تشترط ( النية ) وهي الإرادة الجازمة لتمييز العبادة عن العادة ويتحقق الإخلاص فيها للّه سبحانه وتعالى ( و ) تشترط ( التحريمة ) وليست ركنا وعليه عامة المشايخ المحققين على الصحيح والتحريم جعل الشيء محرما والهاء لتحقيق الاسمية وسمي التكبير للافتتاح أو ما يقوم مقامه تحريمة لتحريمه الأشياء المباحة خارج الصلاة وشرطت بالكتاب والسنة والإجماع ويشترط لصحة التحريمة اثنا عشر شرطا ذكرت منها سبعة متنا والباقي شرحان فالأول من شروط صحة التحريمة أن توجد مقارنة للنية حقيقية أو حكما ( بلا فاصل ) بينها وبين النية بأجنبي يمنع الاتصال للإجماع عليه كالأكل والشرب والكلام فأما المشي للصلاة والوضوء فليسا مانعين ( و ) الثاني من شروط صحة التحريمة ( الإتيان بالتحريمة قائما ) أو منحيا قليلا ( قبل ) وجود ( انحنائه ) بما هو أقرب ( للركوع ) قال في البرهان لو أدرك الإمام راكعا فحنى ظهره ثم كبر أن كان إلى القيام أقرب صح الشروع ولو أراد به تكبير الركوع وتلغو نيته لأن مدرك الإمام في الركوع لا يحتاج إلى تكبير مرتين خلافا لبعضهم وإن كان إلى الركوع أقرب لا يصح الشروع ( و ) الثالث منها ( عدم تأخير النية عن التحريمة ) لأن الصلاة عبادة وهي لا تتجزأ فما لم ينوها لا تقع عبادة ولا حرج في عدم تأخيرها بخلاف الصوم وهو صادق بالمقارنة وبالتقدم والأفضل المقارنة الحقيقية للاحتياط خروجا من الخلاف وإيجادها بعد دخول الوقت مراعاة للركنية ( و ) الرابع منها ( النطق بالتحريمة بحيث يسمع نفسه ) بدون صمم ولا يلزم الأخرس تحريك لسانه على الصحيح وغير الأخرس يشترط سماعه نطقه ( على الأصح ) كما قاله شمس الأئمة الحلواني وأكثر المشايخ على أن الصحيح أن الجهر حقيقته أن يسمع غيره والمخافتة أن يسمع نفسه وقال الهندواني لا تجزئه ما لم تسمع أذناه ومن بقربه بالسماع شرط فيما يتعلق بالنطق باللسان التحريمة والقراءة السرية والتشهد والأذكار والتسمية على الذبيحة ووجوب سجود التلاوة والعتاق والطلاق والاستثناء واليمين والنذر والإسلام والإيمان حتى لو أجرى الطلاق على قلبه وحرك لسانه من غير تلفظ يسمع لا يقع وإن صحح الحروف وقال الكرخي القراءة تصحيح الحروف وإن لم يكن صوت بحيث يسمع والصحيح خلافه قاله المحقق الكمال ابن الهمام رحمه اللّه تعالى : اعلم أن القراءة وإن كانت فعل اللسان لكن فعله الذي هو كلام والكلام بالحروف والحرف كيفية تعرض للصوت وهو أخص من النفس فإن النفس للعروض بالقرع فالحرف عارض للصوت لا للنفس فمجرد تصحيحها أي الحروف بلا صوت إيماء إلى الحروف بعضلات المخارج لا حروف فلا كلام انتهى . ومن متعلقات القلب النية للإخلاص فلا يشترط لها النطق كالكفر بالنية قال الحافظ ابن القيم الجوزية رحمه اللّه تعالى : لم يثبت عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بطريق صحيح ولا ضعيف أنه كان يقول عند الافتتاح أصلي كذا ولا عن أحد من الصحابة والتابعين بل المنقول أنه كان صلى اللّه عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة كبر وهذه بدعة . ا . ه . وفي مجمع الروايات التلفظ بالنية كرهه البعض لأن ابن عمر رضي اللّه عنه أدب من فعله وأباحه البعض لما فيه من تحقيق عمل القلب وقطع الوسوسة وعمر رضي اللّه تعالى عنه إنما زجر من جهر به فأما المخافتة به فلا بأس بها فمن قال من مشايخنا إن التلفظ بالنية سنة لم يرد به سنة النبي صلى اللّه عليه وسلم بل سنة بعض المشايخ لاختلاف الزمان وكثرة الشواغل على القلوب فيما بعد زمن التابعين ( و ) الخامس منها ( نية المتابعة ) مع نية أصل الصلاة ( للمقتدي ) أما النية المشتركة فلما تقدم وأما الخاصة وهي نية الاقتداء فلما يلحقه من فساد صلاة إمامه لأنه بالالتزام فينوي فرض الوقت والاقتداء بالإمام أو ينوي الشروع في صلاة الإمام ولو نوى الاقتداء به لا غير قيل لا يجزئه والأصح أنه يجوز لأنه جعل نفسه تبعا للإمام مطلقا والتبعية إنما تتحقق إذا صار مصليا ما صلاه الإمام وقيل متى انتظر تكبير الإمام كفاه عن نية الاقتداء والصحيح أن لا يصير مقتديا بمجرد الانتظار لأنه متردد بين كونه للاقتداء أو بحكم العادة وينبغي أن لا يعين الإمام خشية بطلان الصلاة بظهوره خلافه ولو ظنه زيدا فإذا هو عمرو لا يضر كما لو لم يخطر بباله أنه زيد أو عمرو وقيدنا بالمقتدي لأنه لا يشترط نية الإمامة للرجال بل للنساء ( و ) السادس من شروط صحة التحريمة ( تعيين الفرض ) في ابتداء الشروع حتى لو نوى فرضا وشرع فيه ثم نسي فظنه تطوعا فأتمه على ظنه فهو فرض مسقط وكذا عكسه يكون تطوعا ولا يشترط نية عدد الركعات ولاختلاف تزاحم الفروض شرط تعيين ما يصليه كالظهر مثلا ولو نوى فرض الوقت صح إلا في الجمعة ولو جمع بين نية فرض ونفل صح للفرض لقوته عند أبي يوسف وقال محمد لا يكون داخلا في شيء منهما للتعارض ولو نوى نافلة وجنازة فهي نافلة ولو نوى مكتوبة وجنازة فهي مكتوبة ( و ) السابع منها ( تعيين الواجب ) أطلقه فشمل قضاء نفل أفسده والنذر والوتر وركعتي الطواف والعيدين لاختلاف الأسباب وقالوا في العيدين والوتر ينوي صلاة العيد والوتر من غير تقيد بالواجب للاختلاف فيه وفي سجود السهو لا يجب التعيين في السجدات وفي التلاوة بعينها لدفع المزاحمة من سجدة الشكر والسهو . " تنبيه " لتتميم عدد شروط صحة التحريمة : الثامن كونها بلفظ العربية للقادر عليها في الصحيح . التاسع أن لا يمد همزا فيها ولا باء أكبر وإشباع حركة الهاء من الجلالة خطأ لغة ولا تفسد به الصلاة وكذا تسكينها . العاشر أن يأتي بجملة تامة من مبتدأ وخبر . الحادي عشر أن يكون بذكر خالص للّه . الثاني عشر أن لا يكون بالبسملة كما سيأتي . الثالث عشر أن لا يحذف الهاء من الجلالة . الرابع عشر أن يأتي بالهاوي وهو الألف في اللام الثانية فإذا حذفه لم يصح . الخامس عشر أن لا يقرن التكبير بما يفسده فلا يصح شروعه لو قال اللّه أكبر العالم بالمعدوم والموجود أو العالم بأحوال الخلق لأنه يشبه كلام الناس ذكر هذا في البزازية وهذا مما من اللّه سبحانه بالإيقاظ لجمعه ولم أره قبله مجموعا فله الحمد إذ إنعامه وفضله ليس محصورا ولا محظورا ولا ممنوعا ( ولا يشترط التعيين في النفل ) ولو سنة الفجر في الأصح وكذا التراويح عند عامة المشايخ وهو الصحيح والاحتياط التعيين فينوي مراعيا صفتها بالتراويح أو سنة الوقت ( و ) يفترض ( القيام ) وهو ركن متفق عليه في الفرائض والواجبات وحد القيام أن يكون بحيث إذا مد يديه لا ينال ركبتيه وقوله ( في غير النفل ) متعلق بالقيام فلا يلزم في النفل كما سنذكره إن شاء اللّه تعالى ( و ) يفترض ( القراءة ) ولا تكون إلا بسماعها كما تقدم لقوله تعالى : فاقرءوا ما تيسر من القرآن وهي ركن زائد على قول الجمهور لسقوطها بلا ضرورة عن المقتدى عندنا وعن المدرك في الركوع إجماعا ( و ) بالنص كانت القراءة فرضا و ( لو ) قرأ ( آية ) قصيرة مركبة من كلمتين كقوله تعالى : ثم نظر في ظاهر الرواية وأما الآية التي هي كلمة كمدهامتان أو حرف ص ن ق أو حرفان حم طس أو حروف حمعسق كهيعص فقد اختلف المشايخ والأصح أنه لا تجوز بها الصلاة وقال القدوري الصحيح الجواز وقال أبو يوسف ومحمد الفرض قراءة آية طويلة أو ثلاث آيات قصار وحفظ ما تجوز به الصلاة من القرآن فرض عين وحفظ الفاتحة وسورة واجب على كل مسلم وحفظ جميع القرآن فرض كفاية وإذا علمت ذلك فالقراءة فرض ( في ركعتي فرض ) أي ركعتين كانتا ولا تصح بقراءته في ركعة واحدة فقط خلافا لزفر والحسن البصري لأن الأمر لا يقتضي التكرار قلنا نعم لكن لزمت في الثانية لتشاكلهما من كل وجه فالأولى بعبارة النص والثانية بدلالته ( و ) القراءة فرض في ( كل ) ركعات ( النفل ) لأن كل شفع منه صلاة على حدة ( و ) القراءة فرض في كل ركعات ( الوتر ) أما كونه سنة فظاهر وعلى وجوبه للاحتياط ( ولم يتعين شيء من القرآن لصحة الصلاة ) لإطلاق ما تلونا وقلنا بتعين الفاتحة وجوبا كما سنذكره ( ولا يقرأ المؤتم بل يستمع ) حال جهر الإمام ( وينصت ) حال إسراره لقوله تعالى : " وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا " وقال صلى اللّه عليه وسلم " يكفيك قراءة الإمام جهر أم خافت " واتفق الإمام الأعظم وأصحابه والإمام مالك والإمام أحمد بن حنبل على صحة صلاة المأموم من غير قراءته شيئا وقد بسطته بالأصل ( و ) قلنا ( إن قرأ ) المأموم الفاتحة وغيرها ( كره ) ذلك ( تحريما ) للنهي ( تابع . . . ١ ) : جمعنا بينهما للتيقظ لما تصح به الصلاة ( و ) يفترض ( الركوع ) لقوله تعالى " اركعوا " وهو الانحناء بالظهر والرأس جميعا وكما له تسوية الرأس بالعجز وأما التعديل فقال أبو يوسف والشافعي بفرضيته وقال أبو مطيع البلخي تلميذ الإمام أبي حنيفة رحمه اللّه تعالى لو نقص من ثلاث تسبيحات الركوع والسجود لم تجز صلاته والأحدب إذا بلغت حدوبته الركوع يشير برأسه للركوع لأنه عاجز عما هو أعلى منه ( و ) يفترض ( السجود ) لقوله تعالى " واسجدوا " وبالسنة وبالإجماع والسجدة إنما تتحقق بوضع الجبهة لا الأنف وحده مع وضع إحدى اليدين وإحدى الركبتين وشيء من أطراف أصابع إحدى القدمين على طاهر من الأرض وإلا فلا وجود لها ومع ذلك البعض تصح على المختار مع الكراهة وتمام السجود بإتيانه بالواجب فيه ويتحقق بوضع جميع اليدين والركبتين والقدمين والجبهة والأنف كما ذكره الكمال وغيره ومن شروط صحة السجود ( كونه على ما ) أي شيء ( يجد ) الساجد ( حجمه ) بحيث لو بالغ لا تتسفل رأسه أبلغ مما كان حال الوضع فلا يصح السجود على القطن والثلج والتبن والأرز والذرة وبزر الكتان ( و ) الحنطة والشعير ( تستقر عليه جبهته ) فيصح السجود لأن حباتها يستقر بعضها على بعض لخشونة ورخاوة والجبهة اسم لما يصيب الأرض مما فوق الحاجبين إلى قصاص الشعر حالة السجود ( و ) يصح السجود و ( لو ) كان على ( كفه ) أي الساجد في الصحيح ( أو ) كان السجود على ( طرف ثوبه ) أي الساجد ويكره بغير عذر كالسجود على كور عمامته ( إن طهر محل وضعه ) أي الكف أو الطرف على الأصح لاتصاله به ( وسجد وجوبا بما صلب من أنفه ) لأن أرنبته ليست محل السجود . ولما كان شرط كمال لا شرط صحة قال : ( و ) يسجد ( بجبهته ولا يصح الاقتصار على الأنف ) في الأصح ( إلا من عذر بالجبهة ) لأن الصح أن الإمام رجع إلى موافقة صاحبيه في عدم جواز الشروع في الصلاة بالفارسية لغير العاجز عن العربية وعدم جواز القراءة فيها بالفارسية وغيرها من أي لسان غير عربي لغير العاجز عن العربية وعدم جواز الاقتصار في السجود على الأنف بلا عذر في الجبهة لحديث " أمرت أن أسجد على سبعة أعظم على الجبهة " الحديث ( و ) من شروط صحة السجود ( عدم ارتفاع محل السجود عن موضع القدمين بأكثر من نصف ذراع ) لتتحقق صفة الساجد والارتفاع القليل لا يضر ( وإن زاد على نصف ذراع لم يجز السجود ) أي لم يقع معتدا به فإن فعل غيره معتبرا صحت وإن انصرف من صلاته ولم يعده بطلت ( إلا ) أن يكون ذلك ( لزحمة سجد فيها على ظهر مصل صلاته ) للضرورة فإن لم يكن ذلك السجود عليه مصليا أو كان في صلاة أخرى لا يصح السجود ( و ) من شروط صحة السجود ( وضع ) إحدى ( اليدين و ) إحدى ( الركبتين في الصحيح ) كما قدمناه ( و ) وضع ( شيء من أصابع الرجلين ) موجها بباطنه نحو القبلة ( حالة السجود على الأرض ولا يكفي ) لصحة السجود ( وضع ظاهر القدم ) لأنه ليس محله لقوله صلى اللّه عليه وسلم " أمرت أن أسجد على سبعة أعظم من الجبهة واليدين والركبتين وأطراف القدمين " متفق عليه . وهو اختيار الفقيه واختلف في الجواز مع وضع قدم واحدة ( و ) يشترط لصحة الركوع والسجود ( تقديم الركوع على السجود ) كما يشترط تقديم القراءة على ركوع لم يبق بعده قيام يصح به فرض القراءة ( و ) يشترط ( الرفع من السجود إلى قرب القعود على الأصح ) عن الإمام لأنه يعد جالسا بقربه من القعود فتتحقق السجدة بالعودة بعده إليها وإلا فلا . وذكر بعض المشايخ أنه إذا زايل جبهته عن الأرض ثم أعادها جازت ولم يعلم له تصحيح . وذكر القدوري أنه قدر ما ينطق عليه اسم الرفع وجعله شيخ الإسلام أصح أو ما يسميه الناظر رافعا ( و ) يفترض ( العود إلى السجود ) الثاني لأن السجود الثاني كالأول فرض بإجماع الأمة ولا يتحقق كونه كالأول إلا بوضع الأعضاء السبعة ولا يوجد التكرار إلا بعد مزايلتها في السجود الأول فيلزمه رفعها ثم وضعها ليوجد التكرار وبه وردت السنة كان صلى اللّه عليه وسلم إذا سجد ورفع رأسه من السجدة الأولى رفع يديه من الأرض ووضعها على فخذيه وقال صلى اللّه عليه وسلم " صلوا كما رأيتموني أصلي " وقال صلى اللّه عليه وسلم " إن اليدين تسجدان كما يسجد الوجه فإذا وضع أحدكم وجهه فليضعهما وإذا رفعه فليرفعهما " وحكمة تكرار السجود قيل تعبدي وقيل ترغيما للشيطان حيث لم يسجد مرة وقيل لما أمر اللّه بني آدم بالسجود عند أخذ الميثاق ورفع المسلمون رؤوسهم ونظروا الكفار لم يسجدوا خروا سجدا ثانيا شكرا لنعمة التوفيق وامتثال الأمر ( و ) يفترض ( القعود الأخير ) بإجماع العلماء وإن اختلفوا في قدره والمفروض عندنا الجلوس ( قدر ) قراءة ( التشهد ) في الأصح لحديث ابن مسعود رضي اللّه عنه حين علمه التشهد إذا قلت هذا أو فعلت هذا فقد قضيت صلاتك إن شئت أن تقم فقم وإن شئت أن تقعد فاقعد علق تمام الصلاة به وما لا يتم الفرض إلا به فهو فرض وزعم بعض مشايخنا أن المفروض في القعدة ما يأتي فيه بكلمة الشهادتين فكان فرضا عمليا ( و ) يشترط ( تأخيره ) أي القعود الأخير ( عن الأركان ) لأنه شرع لختمها فيعاد لسجدة صلبية تذكرها ( و ) يشترط لصحة الأركان وغيرها ( أداؤها مستيقظا ) فإذا ركع أو قام أو سجد نائما لم يعتد به وإن طرأ فيه النوم صح بما قبله منه وفي القعدة الأخيرة خلاف قال في منية المصلي إذا لم يعدها بطلت وفي جامع الفتاوى يعتد بها نائما لأنها ليست بركن ومبناها على الاستراحة فيلائمها النوم قلت وهو ثمرة الاختلاف في شرطيتها وركنيتها ( و ) يشترط لصحة أداء المفروض إما ( معرفة كيفية ) يعني صفة ( الصلاة و ) ذلك بمعرفة حقيقة ( ما فيها ) أي ما في جملة الصلوات ( من الخصال ) أي الصفات الفرضية يعني كونها فرضا فيعتقد افتراض ركعتي الفجر وأربع الظهر وهكذا باقي الصلوات ( المفروضة ) فيكون ذلك ( على وجه يميزها عن الخصال ) أي الصفات ( المسنونة ) كالسنن الرواتب وغيرها باعتقاد سنية ما قبل الظهر وما بعده وهكذا وليس المراد ولا الشرط أن يميز ما اشتملت عليه صلاة الصبح من الفرض والسنة مثل اعتقاد فرضية القيام وسنية الثناء أو التسبيح ( أو اعتقاد ) المصلي ( أنها ) أي أن ذات الصلوات التي يفعلها كلها ( فرض ) كاعتقاده أن الأربع في الفجر فرض ويصلي كل ركعتين بانفرادهما ويأتي بثلاث ثم ركعتين في المغرب معتقدا فرضية الخمس ( حتى لا يتنفل بمفروض ) لأن النفل يتأدى بنية الفرض أما الفرض فلا يتأدى بنية النفل كما في التجنيس والمزيد والخلاصة ٢ثم نبه على الأركان وغيرها فقال : ( والأركان ) المتفق عليها ( من المذكورات ) التي علمتها فيما قدمناه بأكثر من سبعة وعشرين ( أربعة ) وهي ( القيام والقراءة والركوع والسجود وقيل القعود الأخير مقدار التشهد ) ركن أيضا وقيل شرط وقد بينا ثمرة الخلاف فيه وقيل التحريمة ركن أيضا ٣شرائط الصلاة ( وباقيها ) أي المذكورات ( شرائط بعضها شرط لصحة الشروع في الصلاة وهو ما كان خارجها ) وهو الطهارة من الحدث والخبث وستر العورة واستقبال القبلة : في هذه الطبعة سقط الوقت والنية والتحريمة ( وغيره شرط لدوام صحتها ) وقد علمت ذلك بفضل اللّه ومنه وله الشكر على التوفيق لجمعها بعد التفريق ٤( فصل ) في متعلقات الشروط وفروعها ( تجوز الصلاة ) أي تصح ( على لبد ) بكسر اللام وسكون الباء الموحدة ( وجهه الأعلى طاهر و ) وجهه ( الأسفل نجس ) نجاسة مانعة لأنه لثخانته كثوبين وكلوح ثخين يمكن فصله لوحين وأسفله نجس تجوز الصلاة على الطاهر منه عندهما خلافا لأبي يوسف لأنه كشيئين فوق بعضهما ( و ) تصح الصلاة ( على ثوب طاهر ) وبطانته نجسة إذا كان غير مضرب ) لأنه كثوبين فوق بعضهما ( و ) تصح ( على طرف طاهر ) من بساط أو حصير أو ثوب ( وإن تحرك الطرف النجس بحركته ) لأنه ليس متلبسا به ( على الصحيح ولو تنجس أحد طرفي عمامته ) أو ملحفته ( فألقاه ) أي الطرف النجس ( وأبقى الطاهر على رأسه ولم يتحرك النجس بحركته جازت صلاته ) لعدم تلبسه به ( وإن تحرك ) الطرف النجس بحركته ( لا تجوز ) صلاته لأنه حامل لها حكما إلا إذا لم يجد غيره للضرورة ( وفاقد ما يزيل به النجاسة ) المانعة ( يصلي معها ولا إعادة عليه ) لأن التكليف بحسب الوسع ٥ستر العورة ( ولا إعادة على فاقد ما يستر عورته ولو حريرا ) فإنه إن وجد الحرير لزمه الصلاة فيه لأن فرض الستر أقوى من منع لبسه في هذه الحالة ( أو ) كان ( حشيشا أو طينا ) أو ماء كدرا يصلي داخله بالإيماء لأنه ساتر في الجملة ( فإن وجده ) أي الساتر ( ولو بالإباحة و ) الحال أن ( ربعه طاهر لا تصح صلاته عاريا ) على الأصح كالماء الذي أبيح للمتيمم إذ لا يحقه المائية وربع الشيء يقوم مقام كله في مواضع منها هذا ولم تقم ثلاثة أرباعه النجسة مقام كله للزوم الستر وسقوط حكم النجاسة بطهارة الربع ( وخير إن طهر أقل من ربعه ) والصلاة فيه أفضل للستر وإتيانه بالركوع والسجود وإن صلى عريانا بالإيماء قاعدا صح وهو دون الأولى أو قائما جاز وهو دونهما في الفضل لأن من ابتلى ببليتين يختار أهونهما وإن تساويتا تخير ( وصلاته في ثوب نجس الكل أحب من صلاته عريانا ) لما قلنا ( تنبيه ) قال في الدراية لو ستر عورته بجلد ميتة غير مدبوغ وصلى فيه لا تجوز صلاته بخلاف الثوب المتنجس لأن نجاسة الجلد أغلظ بدليل أنها لا تزول بالغسيل ثلاثا بخلاف نجاسة الثوب انتهى . قلت فيه نظر لأنه يطهر بما هو أهون من غسله كتشميسه أو جفافه بالهواء ( ولو وجد ما يستر بعض العورة وجب ) يعني لزم ( استعماله ) أي الاستتار به ( ويستر القبل والدبر ) إذا لم يستر إلا قدرهما ( فإن لم يستر إلا أحدهما قيل يستر الدبر ) لأن أفحش في حالة الركوع والسجود ( وقيل ) يستر ( القبل ) لأنه يستقبل به القبلة ولأنه لا يستتر بغيره والدبر يستتر بالأليتين وفيه تأمل لأنه يستتر بالفخذين ووضع اليدين فوقهما ( وندب صلاة العاري جالسا بالإيماء مادا رجليه نحو القبلة ) لما فيه من الستر ( فإن صلى ) العاري ( قائما بالإيماء أو ) قائما آتيا ( بالركوع والسجود صح ) لإتيانه بالأركان فيميل إلى آيهما شاء والأفضل الأول ولو صلى عاريا ناسيا ساترا اختلف قي صحتها ( وعورة الرجل ) حرا كان أو به رق ( ما بين السرة ومنتهى الركبة ) في ظاهر الرواية سميت عورة لقبح ظهورها وغض الأبصار عنها في اللغة . وفي الشريعة ما افترض ستره وحده الشارع صلى اللّه عليه وسلم بقوله " عورة الرجل ما بين سرته إلى ركبتيه " وبقوله عليه السلام " الركبة من العورة " ( وتزيد عليه ) أي على الرجل ( الأمة ) القنة وأم الولد والمدبرة والمكاتبة والمستدعاة عند أبي حنيفة لوجود الرق ( البطن والظهر ) لأن لهما مزية فصدرها وثديها ليسا من العورة للحرج ( وجميع بدن الحرة عورة إلا وجهها وكفيها ) باطنهما وظاهرهما في الأصح وهو المختار وذراع الحرة عورة في ظاهر الرواية وهي الأصح وعن أبي حنيفة ليس بعورة ( و ) إلا ( قدميها ) في أصح الروايتين باطنهما وظاهرهما لعموم الضرورة ليسا من العورة فشعر الحرة حتى المسترسل عورة في الأصح وعليه الفتوى فكشف ربعه يمنع صحة الصلاة ولا يحل النظر إليه مقطوعا منها في الأصح كشعر عانته وذكره المقطوع وتقدم في الأذان أن صوتها عورة وليس المراد كلامها بل ما يحصل من تليينه وتمطيطه لا يحل سماعه ( وكشف ربع عضو من أعضاء العورة ) الغليظة أو الخفيفة من الرجل والمرأة ( يمنع صحة الصلاة ) مع وجود الساتر لا ما دون ربعه والركبة مع الفخذ عضو واحد في الأصح وكعب المرأة مع ساقها وأذنها بانفرادها عن رأسها وثديها المنكسر فإن كانت ناهدا فهو تبع لصدرها والذكر بانفراده والأنثيين ضمهما إليه في الصحيح وما بين السرة والعانة عضو كامل بجوانب البدن وكل ألية عورة والدبر ثالثهما في الصحيح ( ولو تفرق الانكشاف على أعضاء من العورة وكان جملة ما تفرق يبلغ ربع أصغر الأعضاء المنكشفة ) يعني التي انكشف بعضها ( منع ) صحة الصلاة إن طال زمن الانكشاف بقدر أداء ركن ( وإلا ) أي وإن لم يبلغ ربع أصغرها أو بلغ ولم يطل زمن الانكشاف ( فلا ) يمنع الصحة للضرورة سواء الغني والفقير ٦( ومن عجز عن استقبال القبلة ) بنفسه ( لمرض ) أو خشية غرق وهو على خشبة ( أو عجز عن النزول ) بنفسه ( عن دابته ) وهي سائرة آو كانت جموحا أو كان شيخا كبيرا لا يمكنه الركوب إلا بمعين ( أو خاف عدوا ) آدميا أو سبعا على نفسه أو دابته أو اشتد الخوف للقتال أو هرب من عدو راكبا ( فقبلته جهة قدرته ) للضرورة ( و ) قبلة الخائف جهة ( أمنه ) ولو خاف أن يراه العدو إن قعد صلى مضطجعا بالإيماء إلى جهة أمنه والقادر بقدرة الغير ليس قادرا عند الإمام خلافا لهما وإذا لم يجد أحدا فلا خلاف في الصحة ( ومن اشتبهت عليه ) جهة ( القبلة ولم يكن عنده مخبر ) من أهل المكان ولا ممن له علم أو سأله فلم يخبره ( ولا محراب ) بالمحل ( تحرى ) أي اجتهد وهو بذل المجهود لنيل المقصود ولو سجدة تلاوة ولا يجوز التحري مع وضع المحاريب لأن وضعها في الأصل بحق ومن ليس من أهل المكان والعلم لا يلتفت إلى قوله وإن أخبره اثنان ممن هو مسافر مثله لأنهما يخبران عن اجتهاد ولا يترك اجتهاده باجتهاد غيره وليس عليه قرع الأبواب للسؤال عن القبلة ولا مس الجدران خشية الهوام وللاشتباه بطاق غير المحراب وإذا صلى الأعمى ركعة لغير القبلة فجاءه رجل وأقامه إليها واقتدى به فإن لم يكن حال افتتاحه عنده مخبر فصلاة الأعمى صحيحة لأنه يلزمه مس الجدران وإلا فهي فاسدة ولا يصح اقتداء الرجل به في الصورتين لقدرته في الأولى وعلم خطئه في الثانية ( ولا إعادة عليه ) أي المتحري ( لو ) علم بعد فراغه أنه ( أخطأ ) الجهة لقول عامر بن عقبة رضي اللّه عنه كنا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في ليلة مظلمة فلم ندر أين القبلة فصلى كل رجل منا على حياله فلما أصبحنا ذكرنا ذلك لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فنزلت آية " فأينما تولوا فثم وجه اللّه " وليس التحري للقبلة مثل التحري للتوضؤ والساتر فإنه إذا ظهر نجاسة الماء أو الثوب أعاد لأنه أمر لا يحتمل الانتقال والقبلة تحتمله كما حولت عن المقدس إلى الكعبة ( وإن علم بخطئه ) أو تبدل اجتهاده ( في صلاته استدار ) من جهة اليمين لا اليسار ( وبنى ) على ما أداه بالتحري لأن تبدل الاجتهاد كالنسخ . وأهل قباء استداروا في الصلاة إلى الكعبة حين بلغهم النسخ واستحسنه النبي صلى اللّه عليه وسلم وإن تذكر سجدة صلبية بطلت صلاته ( وإن شرع ) من اشتبهت عليه ( بلا تحر ) كان فعله موقوفا فلو أتمها ( فعلم بعد فراغه ) من الصلاة ( أنه أصاب صحت ) لأنه يتبين الصواب بطل الحكم بالاستصحاب وثبت الجواز من الصلاة ( وإن علم بإصابته فيها ) ولو لغالب الظن ( فسدت ) لأن حالته قويت به فلا يبني قويا على ضعيف خلافا لأبي يوسف رحمه اللّه ( كما ) فسدت فيما ( لو لم يعلم إصابته أصلا ) لأن الفساد ثابت باستصحاب الحال ولم يرتفع بدليل فتقرر الفساد لأن المشروط لم يحصل حقيقة ولا حكما . وإذا وقع تحريه إلى جهة فصلى إلى غيرها لا تجزئه لتركه الكعبة حكما في حقه وهي الجهة التي تحراها ولو أصاب خلافا لأبي يوسف في ظهور إصابته وهو يجعله كالمتحري في الأوار إذا عدل عن تحريه وظهر طهارة ما توضأ به صحت صلاته . وعلى هذا لو صلى في ثوب وهو يعتقد أنه نجس أو أنه محدث أو عدم دخول الوقت فظهر بخلافه لا تجزئه وإن وجد الشرط لعدم شرط آخر وهو فساد فعله ابتداء لعدم الجزم . وأما في الماء فقد وجدت الطهارة حقيقة والنية ( ولو تحرى قوم جهات ) في ظلمة ( وجهلوا حال إمامهم ) في توجهه ( يجزئهم ) صلاتهم إلا من تقدم على إمامه . كما في جوف الكعبة لما قدمناه ٧( فصل في ) بيان ( واجب الصلاة ) الواجب في اللغة يجيء بمعنى اللزوم وبمعنى السقوط وبمعنى الاضطراب وفي الشرع اسم لما لزمنا بدليل فيه شبهة . قال فخر الإسلام وإنما سمي به إما لكونه ساقط عنا علما أو لكونه ساقطا علينا عملا أو لكونه مضطربا بين الفرض والسنة أو بين اللزوم وعدمه . فإنه يلزمنا عملا لا علما انتهى . وشرعت الواجبات لإكمال الفرائض والسنن لإكمال الواجبات . والأدب لإكمال السنة ليكون كل منها حضا لما شرع لتكميله وحكم الواجب استحقاق العقاب بتركه عمدا وعدم إكفار جاحده والثواب بفعله ولزوم سجود السهو لنقض الصلاة بتركه سهوا وإعادتها بتركه عمد أو سقوط الفرض ناقصا إن لم يسجد ولم يعد ( وهو ) أي الواجب ( ثمانية عشر شيئا ) الأول وجوب ( قراءة الفاتحة ) لقوله صلى اللّه عليه وسلم " لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب " وهو لنفي الكمال لأنه خبر آحاد لا ينسخ قوله تعالى " فاقرؤوا ما تيسر " فوجب العمل به ( و ) الثاني ( ضم سورة ) قصيرة ( أو ثلاث آيات ) قصار لقوله صلى اللّه عليه وسلم " لا صلاة لمن لم يقرأ بالحمد للّه " وسورة في فريضة أو غيرها ( في ركعتين غير متعينتين من الفرض ) غير الثنائي وفي جميع الثنائي ( و ) يجب الضم ( في جميع ركعات الوتر ) لمشابهة السنة ( و ) جميع ركعات ( النفل ) لما روينا لأن كل شفع من النافلة صلاة على حدة ( و ) يجب ( تعيين القراءة ) الواجبة ( في الأوليين ) من الفرض لمواظبة النبي صلى اللّه عليه وسلم على القراءة فيهما ( و ) يجب ( تقديم الفاتحة على ) قراءة ( السورة ) للمواظبة حتى لو قرأ من السورة ابتداء فتذكر يقرأ الفاتحة ثم يقرأ السورة ويسجد للسهو كما لو كرر الفاتحة ثم قرأ السورة ( و ) يجب ( ضم الأنف ) أي ما صلب منه ( للجبهة في السجود ) للمواظبة عليه ولا تجوز الصلاة بالاقتصار على الأنف في السجود على الصحيح ( و ) يجب مراعاة الترتيب فيما بين السجدتين وهو ( الإتيان بالسجدة الثانية في كل ركعة ) من الفرض وغيره ( قبل الانتقال لغيرها ) أي لغير السجدة من باقي أفعال الصلاة للمواظبة فإن فات يسجدها ولو بعد القعود الأخير ثم يعيد القعود ( و ) يجب ( الاطمئنان ) وهو التعديل ( في الأركان ) بتسكين الجوارح في الركوع والسجود حتى تطمئن مفاصله في الصحيح لأنه لتكميل الركن لا سنة كما قاله الجرجاني ولا فرض كما قاله أبو يوسف . ومقتضى الدليل وجوب الاطمئنان أيضا في القومة والجلسة والرفع من الركوع للأمر به في حديث المسي صلاته وللمواظبة على ذلك كله . وإليه ذهب المحقق الكمال بن الهمام وتلميذه ابن أميرحاج وقال إنه الصواب ( و ) يجب ( القعود الأول ) في الصحيح ولو كان حكما . وهو قعود المسبوق فيما يقضيه . ولو جلس الأول تبعا للإمام لمواظبة النبي صلى اللّه عليه وسلم عليه وسجوده للسهو لما تركه وقام ساهيا ( و ) يجب ( قراءة التشهد فيه ) أي في الأول وقوله ( في الصحيح ) متعلق بكل من القعود وتشهده وهو احتراز عن القول بسنتهما أو سنية التشهد وحده للمواظبة ( و ) يجب ( قراءته ) أي التشهد ( في الجلوس الأخير ) أيضا للمواظبة ( و ) يجب ( القيام إلى ) الركعة ( الثالثة من غير تراخ بعد ) قراءة ( التشهد ) حتى لو زاد عليه بمقدار أداء ركن ساهيا يسجد للسهو لتأخير واجب القيام للثالثة ( و ) يجب ( لفظ السلام ) مرتين في اليمين واليسار للمواظبة ولم يكن فرضا لحديث ابن مسعود ( دون عليكم ) لحصول المقصود بلفظ السلام دون متعلقه ويتجه الوجوب بالمواظبة عليه أيضا ( و ) يجب قراءة ( قنوت الوتر ) عند أبي حنيفة وكذا تكبيرة القنوت كما في الجوهرة وعندهما هو كالوتر سنة ( و ) يجب ( تكبيرات العيدين ) وكل تكبيرة منها واجبة يجب بتركها سجود السهو ( و ) يجب ( تعيين ) لفظ ( التكبير لافتتاح كل صلاة ) للمواظبة عليه . وقال في الذخيرة ويكره الشروع بغيره في الأصح . وقال السرخسي الأصح أنه لا يكره كما في التبيين فلذا ( لا ) يختص وجوب الافتتاح بالتكبير في صلاة ( العيدين خاصة ) خلافا لمن خصه بهما ووجه العموم مواظبة النبي صلى اللّه عليه وسلم على التكبير عند افتتاح كل صلاة ( و ) يجب ( تكبيرة الركوع في الثانية ) أي الركعة الثانية من ( العيدين ) تبعا لتكبيرات الزوائد فيها لاتصالها بها بخلاف تكبيرة الركوع في الأولى ( و ) يجب ( جهر الإمام بقراءة ) ركعتي ( الفجر و ) قراءة ( أوليي العشاءين ولو قضاء ) لفعله صلى اللّه عليه وسلم ( و ) يجب الجهر بالقراءة في صلاة ( الجمعة والعيدين والتراويح والوتر في رمضان ) على الإمام للمواظبة والجهر إسماع الغير ( و ) يجب ( الإسرار ) وهو إسماع النفس في الصحيح وتقدم ( في ) جميع ركعات ( الظهر والعصر ) ولو في جمعهما بعرفة ( و ) الإسرار ( فيما بعد أوليي العشاءين ) الثالثة من المغرب وهي والرابعة من العشاء ( و ) الإسرار في ( نفل النهار ) للمواظبة على ذلك ( والمنفرد ) بفرض ( مخير فيما يجهر ) الإمام فيه وقد بيناه وفيما يقضيه مما سبق في الجمعة والعيدين ( كمتنفل بالليل ) فإنه مخير ويكتفي بأدنى الجهر فلا يضر ذلك لأنه صلى اللّه عليه وسلم جهر في التهجد بالليل وكان يؤنس اليقظان ولا يوقظ الوسنان ( ولو ترك السورة في ) ركعة من أوليي المغرب أو في جميع ( أوليي العشاء قرأها ) أي السورة وجوبا على الأصح ( في الأخريين ) من العشاء والثالثة من المغرب ( مع الفاتحة جهرا ) بهما على الأصح ويقدم الفاتحة ثم يقرأ السورة وهو الأشبه وعند بعضهم يقدم السورة وعند بعضهم يترك الفاتحة لأنها غير واجبة ولو تذكر الفاتحة بعد قراءة السورة قبل الركوع يأتي بها ويعيد السورة في ظاهر المذهب كما لو تذكر في الركوع يأتي بها ويعيده ( ولو ترك الفاتحة ) في الأوليين ( لا يكررها في الأخريين ) عندهم ويسجد للسهو لأن قراءة الفاتحة في الشفع الثاني مشروعة نفلا وبقراءتها مرة وقع عن الأداء لفوته بمكانه وإذا كررها خالف المشروع إلا في النفل بخلاف السورة فإنها مشروعة نفلا في الأخريين ولم تكرر ٨( فصل في ) بيان ( سننها ) أي الصلاة ( وهي إحدى وخمسون ) تقريبا فيسن ( رفع اليدين للتحريمة حذاء الأذنين للرجل ) لأن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان إذا افتتح الصلاة كبر ثم رفع يديه حتى يحاذي بإبهاميه أذنيه ثم يقول سبحانك اللّهم وبحمدك الخ ( و ) حذاء أذني ( الأمة ) لأنها كالرجل في الرفع وكالحرة في الركوع والسجود لأن ذراعيها ليسا بعورة ( و ) رفع اليدين ( حذاء المنكبين للحرة ) على الصحيح لأن ذراعيها عورة ومبناه على الستر ( و ) من أحكم أحكام السنة أن تركها لا يفسد الصلاة ولا يوجب سجود السهو غير أنه يكون مسيئا إذا تركها عمدا والإساءة أخف من الكراهة ويثاب على فعلها ويلام على تركها . وروى الحسن أنها ترفع حذاء أذنيها ( و ) يسن ( نشر الأصابع ) وكيفيته أن لا يضم كل الضم ولا يفرج كل التفريج بل يتركها على حالها منشورة لأنه صلى اللّه عليه وسلم كان إذا كبر رفع يديه ناشرا أصابعه ( و ) يسن ( مقارنة إحرام المقتدي لإحرام إمامه ) عند الإمام لقوله صلى اللّه عليه وسلم إذا كبر فكبروا . لأن إذا للوقت حقيقة عندهما بعد إحرام الإمام جعلا الفاء للتعقيب ولا خلاف في الجواز على الصحيح بل في الأولوية مع التيقن بحال الأمام ( و ) يسن ( وضع الرجل يده اليمنى على اليسرى تحت سرته ) لحديث علي رضي اللّه عنه أن من السنة وضع اليمنى على الشمال تحت السرة ( وصفة الوضع أن يجعل باطن كف اليمنى على ظاهر كف اليسرى محلقا بالخنصر والإبهام على الرسغ ) لأنه لما ورد أنه يضع الكف على الكف وورد الأخذ فاستحسن كثير من المشايخ تلك الصفة عملا بالحديثين . وقيل أنه مخالف للسنة والمذاهب فينبغي أن يفعل بصفة أحد الحديثين مرة وبالآخر أخرى فيأتي بالحقيقة فيهما ( و ) يسن ( وضع المرأة يديها على صدرها من غير تحليق ) لأنه أستر لها ( و ) يسن ( الثناء ) لما روينا ولقوله صلى اللّه عليه وسلم " إذا قمتم إلى الصلاة فارفعوا أيديكم ولا تخالف آذانكم ثم قولوا سبحانك اللّهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك وإن لم تزيدوا على التكبير أجزأكم " وسنذكر معانيها إن شاء اللّه تعالى ( و ) يسن ( التعوذ ) فيقول أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم وهو ظاهر المذهب أو أستعيذ الخ واختاره الهندواني ( للقراءة ) فيأتي به المسبوق كالإمام والمنفرد لا المقتدي لأنه تبع للقراءة عندهما وقال أبو يوسف تبع للثناء سنة للصلاة لدفع وسوسة الشيطان وفي الخلاصة والذخيرة قول أبو يوسف الصحيح ( و ) تسن ( التسمية أول كل ركعة ) قبل الفاتحة لأنه صلى اللّه عليه وسلم كان يفتتح صلاته ببسم اللّه الرحمن الرحيم والقول بوجوبها ضعيف وإن صح لعدم ثبوت المواظبة عليها ( و ) يسن ( التأمين ) للإمام والمأموم والمنفرد والقارئ خارج الصلاة للأمر به في الصلاة وقال صلى اللّه عليه وسلم " لقنني جبريل عليه السلام عند فراغي من الفاتحة آمين وقال أنه كالختم على الكتاب وليس من القرآن وأفصح لغاته المد والتخفيف والمعنى " استجب دعاءنا " ( و ) يسن ( التحميد ) للمؤتم والمنفرد اتفاقا وللإمام عندهما أيضا ( و ) يسن ( الإسرار بها ) بالثناء وما بعده للآثار الواردة بذلك ( و ) يسن ( الاعتدال عند ) ابتداء ( التحريمة ) وانتهائها بأن يكون آتيا بها ( من غير طأطأة الرأس ) كما ورد ( و ) يسن ( جهر الإمام بالتكبير والتسميع ) لحاجته إلى الإعلام بالشروع والانتقال ولا حاجة للمنفرد كالمأموم ( و ) يسن ( تفريج القدمين في القيام قدر أربع أصابع ) لأنه أقرب إلى الخشوع والترواح أفضل من نصب القدمين وتفسير التراوح أن يعتمد على قدم مرة وعلى الآخر مرة لأنه أيسر وأمكن لطول القيام ( و ) يسن ( أن تكون السورة المضمومة للفاتحة من طوال المفصل ) الطوال والقصار بكسر أولهما جمع طويلة وقصيرة والطوال بالضم الرجل الطويل وسمي المفصل به لكثرة فصوله وقيل لقلة المنسوخ فيه وهذا ( في ) صلاة ( الفجر والظهر ومن أوساطه ) جمع وسط بفتح السين ما بين القصار والطوال ( في العصر والعشاء ومن قصاره في المغرب ) وهذا التقسيم ( لو كان ) المصلي هذا ( مقيما ) والمنفرد والإمام سواء ولم يثقل على المقتدين بقراءته كذلك والمفصل هو السبع السابع قيل أوله عند الأكثرين من سورة الحجرات وقيل من سورة محمد صلى اللّه عليه وسلم أو من الفتح أو من ق والطوال من مبدئه إلى البروج وأوساطه منها إلى لم يكن وقصاره منها إلى آخره وقيل طواله من الحجرات إلى عبس وأوساطه من كورت إلى الضحى والباقي قصاره لما روي عن عمر رضي اللّه تعالى عنه أنه كان يقرأ في المغرب بقصار المفصل وفي العشاء بوسط المفصل وفي الصبح بطوال المفصل والظهر كالفجر لمساواتهما في سعة الوقت وورد انه كالعصر لاشتغال الناس بمهماتهم وروي عن أبي هريرة رضي اللّه عنه أن النبي صلى اللّه عليه وسلم كان يقرأ في الفجر يوم الجمعة " ألم تنزيل الكتاب " و " هل أتى على الإنسان " وقد ترك الحنفية إلا النادر منهم هذه السنة ولازم عليها الشافعية إلا القليل . فظن جهلة المذهبين بطلان الصلاة بالفعل والترك فلا ينبغي الترك ولا الملازمة دائما ( و ) للضرورة ( يقرأ أي سورة شاء ) لقراءة النبي صلى اللّه عليه وسلم المعوذتين في الفجر . فلما فرغ قالوا أوجزت قال سمعت بكاء صبي فخشيت أن تفتن أمه كما لو كان مسافرا لأنه صلى اللّه عليه وسلم قرأ بالمعوذتين في صلاة الفجر في السفر وإذا كثر في سقوط شطر الصلاة ففي تخفيف القراءة أولى ( و ) يسن ( إطالة الأولى في الفجر ) اتفاقا للتوارث من لدن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلى يومنا هذا بالثلثين في الأولى والثلث في الثانية استحبابا وإن كثر التفاوت لا بأس به وقوله ( فقط ) إشارة إلى قول محمد أحب إلي أن يطول الأولى في كل الصلوات وتكره إطالة الثانية على الأولى اتفاقا بما فوق آيتين وفي النوافل الأمر أسهل ( و ) يسن ( تكبيرة الركوع ) لأن النبي صلى اللّه عليه وسلم كان يكبر عند كل خفض ورفع سوى الرفع من الركوع فإنه كان يسمع فيه ( و ) يسن ( تسبيحه ) أي الركوع ( ثلاثا ) لقول النبي صلى اللّه عليه وسلم " إذا ركع أحدكم فليقل ثلاث مرات سبحان ربي العظيم وذلك أدناه وإذا سجد فليقل سبحان ربي الأعلى ثلاث مرات وذلك أدناه " أي أدنى كماله المعنوي وهو الجمع المحصل للسنة لا اللغوي والأمر للاستحباب فيكره أن ينقص منها ولو رفع الإمام قبل إتمام المقتدي ثلاثا فالصحيح أنه يتابعه ولا يزيد الإمام على وجه يمل به القوم وكلما زاد المنفرد فهو أفضل بعد الختم على وتر وقيل تسبيحات الركوع والسجود وتكبيرهما واجبات ولا يأتي في الركوع أو السجود بغير التسبيح وقال الشافعي يزيد في الركوع اللّهم لك ركعت ولك خشعت ولك أسلمت وعليك توكلت . وفي السجود سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره فتبارك اللّه أحسن الخالقين . كما روي عن علي قلنا هو محمول على حالة التهجد ( و ) يسن ( أخذ ركبتيه بيديه ) حال الركوع ( و ) يسن ( تفريج أصابعه ) لقوله صلى اللّه عليه وسلم لأنس رضي اللّه عنه " إذا ركعت فضع كفيك على ركبتيك وفرج بين أصابعك وارفع يديك عن جنبيك " ولا يطلب تفريج الأصابع إلا هنا ليتمكن من بسط الظهر ( والمرأة لا تفرجها ) لأن مبنى حالها على الستر ( و ) يسن ( نصب ساقيه ) لأنه المتوارث وإحناؤهما شبه القوس مكروه ( و ) يسن ( بسط ظهره ) حال ركوعه لأنه صلى اللّه عليه وسلم كان إذا ركع يسوي ظهره حتى لو صب عليه الماء استقر وروي أنه كان إذا ركع لو كان قدح ماء على ظهره لما تحرك لاستواء ظهره ( و ) يسن ( تسوية رأسه بعجزه ) العجز بوزن رجل من كل شيء مؤخره ويذكر ويؤنث والعجيزة للمرأة خاصة وقد تستعمل للرجل وأما العجز فعام وهو ما بين الوركين من الرجل والمرأة لأن النبي صلى اللّه عليه وسلم كان إذا ركع لم يشخص رأسه ولم يصوبه ولكن بين ذلك أي لم يرفع رأسه ولم يخفضه ( و ) يسن ( الرفع من الركوع ) على الصحيح وروي عن أبي حنيفة أن الرفع منه فرض وتقدم ( و ) يسن ( القيام بعده ) أي بعد الرفع من الركوع ( مطمئنا ) للتوارث ( و ) يسن ( وضع ركبتيه ) ابتداء على الأرض ( ثم يديه ثم وجهه ) عند نزوله ( للسجود ) ويسجد بينهما ( و ) يسن ( عكسه للنهوض ) للقيام بأن يرفع وجهه ثم يديه ثم ركبتيه إذا لم يكن به عذر وأما إذا كان ضعيفا أو لابس خف فيفعل ما استطاع ويستحب الهبوط باليمين والنهوض باليسار لأن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه ( و ) يسن ( تكبير السجود ) لما روينا ( و ) يسن ( تكبير الرفع ) منه للمروي ( و ) يسن ( كون السجود ) أي جعل السجود ( بين كفيه ) وذلك لأنه صلى اللّه عليه وسلم كان إذا سجد وضع وجهه بين كفيه رواه مسلم وفي البخاري لما سجد وضع كفيه حذو منكبيه وبه قال الشافعي رحمه اللّه وقال بعض المحققين بالجمع وهو أن يفعل بهذا مرة وبالآخر مرة وإن كان بين الكفين أفضل وهو حسن ( و ) يسن ( تسبيحه ) أي السجود بأن يقول سبحان ربي الأعلى ( ثلاثا ) لما روينا ( و ) يسن ( مجافاة الرجل ) أي مباعدته ( بطنه عن فخذيه و ) مجافاة ( مرفقيه عن جنبيه و ) مجافاة ( ذراعيه عن الأرض ) في غير زحمة حذرا عن الإيذاء المحرم لأنه صلى اللّه عليه وسلم كان إذا سجد جافى حتى لو شاءت بهيمة أن تمر بين يديه لمرت وكان صلى اللّه عليه وسلم يجنح حتى يري وضع إبطيه أي بياضهما وقال عليه السلام " لا تبسط بسط السبع وادعم على راحتيك وأبد ضبعيك فإنك إذا فعلت ذلك سجد كل عضو منك " ( و ) يسن ( انخفاض المرأة ولزقها بطنها بفخذيها ) لأنه عليه السلام مر على امرأتين تصليان فقال إذا سجدتما فضما بعض اللحم إلى بعض فإن المرأة ليست في ذلك كالرجل لأنها عورة مستورة ( و ) تسن ( القومة ) يعني إتمامها لأن الرفع من السجود فرض إلى قرب القعود فإتمامه سنة ( و ) تسن ( الجلسة بين السجدتين و ) يسن ( وضع اليدين على الفخذين ) حال الجلسة ( فيما بعد السجدتين ) فيكون ( كحالة التشهد ) كما فعله النبي صلى اللّه عليه وسلم ولا يأخذ الركبة هو الأصح ( و ) يسن ( افتراش ) الرجل ( رجله اليسرى ونصبه اليمنى ) وتوجيه أصابعها نحو القبلة كما ورد عن ابن عمر رضي اللّه تعالى عنه ( و ) يسن ( تورك المرأة ) بأن تجلس على أليتها وتضع الفخذ على الفخذ وتخرج رجلها من تحت وركها اليمنى لأنه أستر لها ( و ) تسن ( الإشارة في الصحيح ) لأنه صلى اللّه عليه وسلم رفع أصبعه السبابة وقد أحناها شيئا ومن قال إنه لا يشير أصلا فهو خلاف الرواية والدراية وتكون ( بالمسبحة ) أي السبابة من اليمنى فقط يشير بها ( عند ) انتهائه إلى ( الشهادة ) في التشهد لقول أبي هريرة رضي اللّه عنه أن رجلا كان يدعو بأصبعيه فقال له رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : أحد أحد ( يرفعها ) أي المسبحة ( عند النفي ) أي نفي الألوهية عما سوى اللّه تعالى بقوله لا إله ( ويضعها عند الإثبات ) أي إثبات الألوهية للّه وحده بقوله إلا اللّه ليكون الرفع إشارة إلى النفي والوضع إلى الإثبات ويسن الإسرار بقراءة التشهد وأشرنا إلى أنه لا يعقد شيئا من أصابعه وقيل إلا عند الإشارة بالمسبحة فيما يروي عنهما ( و ) تسن ( قراءة الفاتحة فيما بعد الأوليين ) في الصحيح وروي عن الإمام وجوبها وروي عنه التخيير بين قراءة الفاتحة والتسبيح والسكوت ( و ) تسن ( الصلاة على النبي صلى اللّه عليه وسلم في الجلوس الأخير ) فيقول مثل ما قال محمد رحمه اللّه تعالى لما سئل عن كيفيتها فقال يقول اللّهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد وزيادة في العالمين ثابتة في رواية مسلم وغيره فالمنع منها ضعيف والصلاة على النبي صلى اللّه عليه وسلم فرض في العمر مرة ابتداء وتفرض كلما ذكر اسمه لوجود سببه ( و ) يسن ( الدعاء ) بعد الصلاة على النبي صلى اللّه عليه وسلم لقوله عليه السلام " إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد اللّه عز وجل والثناء عليه ثم ليصل على النبي ثم ليدع بعد ما شاء " لكن لما ورد عنه صلى اللّه عليه وسلم إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شيء من كلام الناس قدم هذا المانع على إباحة الدعاء بما أعجبه في الصلاة فلا يدعو فيها إلا ( بما يشبه ألفاظ القرآن ) ربنا لا تزغ قلوبنا ( و ) بما يشبه ألفاظ ( السنة ) ومنها ما روي عن أبي بكر رضي اللّه عنه أنه قال لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم علمني يا رسول اللّه دعاء أدعو به في صلاتي فقال " قل اللّهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا وأنه لا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم " وكان ابن مسعود رضي اللّه عنه يدعو بكلمات منها " اللّهم إني أسألك من الخير كله ما علمت منه وما لم أعلم وأعوذ بك من الشر كله ما علمت منه وما لم أعلم " و ( لا ) يجوز أن يدعو في صلاته بما يشبه ( كلام الناس ) لأنه يبطلها إن وجد قبل القعود وقدر التشهد ويفوت الواجب لوجوده بعده قبل السلام بخروجه دون السلام وهو مثل قوله اللّهم زوجني فلانة أعطني كذا من الذهب والفضة والمناصب لأنه لا يستحيل حصوله من العباد وما يستحيل مثل العفو والعافية ( و ) يسن ( الالتفات يمينا ثم يسارا بالتسليمتين ) لأنه صلى اللّه عليه وسلم كان يسلم عن يمينه فيقول السلام عليكم ورحمة اللّه حتى يرى بياض خده الأيمن وعن يساره السلام عليكم حتى يرى بياض خده الأيسر . فإن نقص فقال السلام عليكم أو سلام عليكم أساء بتركه السنة وصح فرضه ولا يزيد وبركاته لأنه بدعة وليس فيه شيء ثابت وإن بدأ بيساره ناسيا أو عامدا يسلم عن يمينه ولا يعيده على يساره ولا شيء عليه سوى الإساءة في العمد ولو سلم تلقاء وجهه عن يساره . ولو نسي يساره وقام يعود ما لم يخرج من المسجد أو يتكلم فيجلس ويسلم ( تابع . . . ١ ) : ( وهي إحدى وخمسون ) تقريبا فيسن ( رفع اليدين للتحريمة) حذاء الأذنين ( و ) يسن ( نية الإمام الرجال ) والنساء والصبيان والخناثى ( و ) الملائكة ( الحفظة ) جمع حافظ سموا به لحفظهم ما يصدر من الإنسان من قول وعمل أو لحفظهم إياه من الجن وأسباب المعاطب ولا يعين عددا للاختلاف فيه وعن ابن عباس رضي اللّه عنهما أنه قال " مع كل مؤمن خمس من الحفظة واحد عن يمينه يكتب الحسنات وواحد عن يساره يكتب السيئات وآخر أمامه يلقنه الخيرات وآخر وراءه يدفع عنه المكاره وآخر عند ناصيته يكتب ما يصلي على النبي صلى اللّه عليه وسلم ويبلغه إلى الرسول عليه السلام وقيل معه ستون ملكا وقيل مائة وستون يذبون عنه الشياطين فالإيمان بهم كالإيمان بالأنبياء عليهم السلام من غير حصر بعدد ( و ) نيته ( صالح الجن ) المقتدين به فينوي الإمام الجميع ( بالتسليمتين في الأصح ) لأنه يخاطبهم وقيل ينويهم بالتسليمة الأولى وقيل تكفيه الإشارة إليهم ( و ) يسن ( نية المأموم إمامه في جهته ) اليمين إن كان فيها أو اليسار إن كان فيها ( وإن حاذاه نواه في التسليمتين ) لأن له حظا من كل جهة وهو أحق من الحاضرين لأنه أحسن إلى المأموم بالتزام صلاته ( مع القوم والحفظة وصالح الجن و ) يسن ( نية المنفرد الملائكة فقط ) إذ ليس معه غيرهم فينبغي التنبه لهذا فإنه قل من يتنبه له من أهل العلم فضلا عن غيرهم ( و ) يسن ( خفض ) صوته بالتسليمة ( الثانية عن الأولى و ) يسن ( مقارنته ) أي سلام المقتدي ( لسلام الإمام ) عند الإمام موافقة له وبعد تسليمه عندهما لئلا يسرع بأمور الدنيا ( و ) يسن ( البداءة باليمين ) وقد بيناه ( و ) يسن ( انتظار المسبوق فراغ الإمام ) لوجوب المتابعة حتى يعلم أن لا سهو عليه ٩( فصل : من آدابها ) الأدب : ما فعله الرسول صلى اللّه عليه وسلم مرة أو مرتين ولم يواظب عليه كزيادة التسبيحات في الركوع والسجود والزيادة على القراءة المسنونة وقد شرع لإكمال السنة فمنها ( إخراج الرجل كفيه من كميه عند التكبير ) للإحرام لقربه من التواضع إلا لضرورة كبرد . والمرأة تستر كفيها حذرا من كشف ذراعيها ومثلها الخنثى ( و ) منها ( نظر المصلي ) سواء كان رجلا أو امرأة ( إلى موضع سجوده قائما ) حفظا له عن النظر إلى ما يشغله عن الخشوع ( و ) نظره ( إلى ظاهر القدم راكعا وإلى أرنبة أنفه ساجدا وإلى حجره جالسا ) ملاحظا قوله صلى اللّه عليه وسلم " اعبد اللّه كأنك تراه فإن لم تكن تره فإنه يراك " فلا يشتغل بسواه ( و ) منها نظره ( إلى المنكبين مسلما ) وإذا كان بصيرا أو في ظلمة فيلاحظ عظمة اللّه تعالى ( و ) من الأدب ( دفع السعال ما استطاع ) تحرزا عن المفسد فإنه إذا كان بغير عذر يفسد وكذا الجشاء ( و ) من الأدب ( كظم فمه عند التثاؤب ) فإن لم يقدر غطاه بيده أو كمه لقوله صلى اللّه عليه وسلم " التثاؤب في الصلاة من الشيطان فإذا تثاءب أحدكم فليكظم ما استطاع " ( و ) من الأدب ( القيام ) أي قيام القوم والإمام إن كان حاضرا بقرب المحراب ( حين قيل ) أي وقت قول المقيم ( حي على الفلاح ) لأنه أمر به فيجاب وإن لم يكن حاضرا يقوم كل صف حين ينتهي إليه الإمام في الأظهر ( و ) من الأدب ( شروع الإمام ) إلى إحرامه ( مذ قيل ) أي عند قول المقيم ( قد قامت الصلاة ) عندهما وقال أبو يوسف يشرع إذا فرغ من الإقامة فلو أخر حتى يفرغ من الإقامة لا بأس به في قولهم جميعا ١٠( فصل : في كيفية تركيب ) أفعال ( الصلاة ) من الابتداء إلى الانتهاء من غير بيان أوصافها لتقديمها ( إذا أراد الرجل الدخول في الصلاة ) أي صلاة كانت ( أخرج كفيه من كميه ) بخلاف المرأة وحال الضرورة كما بيناه ( ثم رفعهما حذاء أذنيه ) حتى يحاذي بإبهاميه شحمتي أذنيه ويجعل باطن كفيه نحو القبلة ولا يفرج أصابعه ولا يضمها وإذا كان به عذر يرفع بقدر الإمكان . والمرأة الحرة حذو منكبيها والأمة كالرجل كما تقدم ( ثم كبر ) هو الأصح فإذا لم يرفع يديه حتى فرغ من التكبير لا يأتي به لفوات محله وإن ذكره في أثنائه رفع ( بلا مد ) فإن مد همزه لا يكون شارعا في الصلاة وتفسد به في أثنائها وقوله ( ناويا ) شرط لصحة التكبير ( ويصح الشروع بكل ذكر خالص للّه تعالى ) عن اختلاطه بحاجة الطالب وإن كره لترك الواجب وهو لفظ التكبير وفيه إشارة إلى أنه لا بد لصحة الشروع من جملة تامة وهو ظاهر الرواية ( كسبحان اللّه ) أو لا إله إلا اللّه أو الحمد للّه ( و ) يصح الشروع أيضا ( بالفارسية ) وغيرها من الألسن ( إن عجز عن العربية وإن قدر لا يصح شروعه بالفارسية ) ونحوها ( ولا قراءته بها في الأصح ) من قول الإمام الأعظم موافقة لهما لأن القرآن اسم للنظم والمعنى جميعا . وأما التلبية في الحج والسلام من الصلاة والتسمية على الذبيحة والأيمان فجائز بغير العربية مع القدرة عليها إجماعا ( ثم وضع يمينه على يساره ) وتقدم صفته ( تحت سرته عقب التحريمة بلا مهلة ) لأنه سنة القيام في ظاهر المذهب . وعند محمد سنة القراءة فيرسل حال الثناء وعندهما يعتمد في كل قيام فيه ذكر مسنون كحالة الثناء والقنوت وصلاة الجنازة ويرسل بين تكبيرات العيدين إذ ليس فيه ذكر مسنون ( مستفتحا وهو أن يقول : سبحانك اللّهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك ) وإن قال وجل ثناؤك لم يمنع وإن سكت لا يؤمر ولا يأتي بدعاء التوجه لا قبل الشروع ولا بعده ويضمه في التهجد للاستفتاح ومعنى سبحانك اللّهم وبحمدك نزهتك عن صفات النقص بالتسبيح وأثبت صفات الكمال لذاتك بالتحميد وتبارك أي دام وثبت وتنزه اسمك وتعالى جدك أي ارتفع سلطانك وعظمتك وغناك بمكانتك ولا إله غيرك في الوجود معبود بحق بدأ بالتنزيه الذي يرجع إلى التوحيد ثم ختم بالتوحيد ترقيا في الثناء على اللّه تعالى من ذكر النعوت السلبية والصفات الثبوتية إلى غاية الكمال في الجلال والجمال وسائر الأفعال وهو الانفراد بالألوهية وما يختص به من الأحدية والصمدية ( ويستفتح كل مصل ) سواء المقتدي وغيره ما لم يبدأ الإمام بالقراءة ( ثم تعوذ ) باللّه من الشيطان الرجيم لأنه مطرود عن حضرة اللّه تعالى ويريد أن يجعلك شريكا له في العقاب وأنت لا تراه فتعتصم بمن يراه ليحفظك منه بالتعوذ ( سرا للقراءة ) مقدما عليها ( فيأتي به المسبوق ) في ابتداء ما يقضيه بعد الثناء فإنه يثني حال اقتدائه ولو في سكتات الإمام على ما قيل ولا يأتي به في الركوع ويأتي فيه بتكبيرات العيدين لوجوبها ( لا المقتدي ) لأنه للقراءة ولا يقرأ المقتدي وقال أبو يوسف هو تبع للثناء فيأتي به ( ويؤخر ) التعوذ ( عن تكبيرات ) الزوائد في ( العيدين ) لأنه للقراءة وهي بعد التكبيرات في الركعة الأولى ( ثم يسمي سرا ) كما تقدم ( ويسمى ) كل من يقرأ في صلاته ( في كل ركعة ) سواء صلى فرضا أو نفلا ( قبل الفاتحة ) بأن يقول " بسم اللّه الرحمن الرحيم " وأما في الوضوء والذبيحة فلا يتقيد بخصوص البسملة بل كل ذكر له يكفي ( فقط ) فلا تسن التسمية بين الفاتحة و السورة ولا كراهة فيها وإن فعلها اتفاقا للسورة سواء جهر أو خافت بالسورة وغلط من قال لا يسمي إلا في الركعة الأولى ( ثم قرأ الفاتحة وأمن الأمام والمأموم سرا ) وحقيقته إسماع النفس كما تقدم ( ثم قرأ سورة ) من المفصل على ما تقدم ( أو ) قرأ ( ثلاث آيات قصار أو آية طويلة وجوبا ( ثم كبر ) كل مصل ( راكعا ) فيبدأ بالتكبير مع ابتداء الانحناء يختمه ليشرع في التسبيح فلا تخلو حالة من حالات الصلاة عن ذكر ( مطمئنا مسويا رأسه بعجزه آخذا ركبته بيديه ) ويكون الرجل ( مفرجا أصابعه ) ناصبا ساقيه وإحناؤهما شبه القوس مكروه والمرأة لا تفرج أصابعها ( وسبح فيه ) أي الركوع كل مصل فيقول سبحان ربي العظيم مرات ( ثلاثا وذلك ) العدد ( أدناه ) أي أدنى كمال الجمع المسنون ويكره قراءة القرآن في الركوع والسجود والتشهد بإجماع الأمة لقوله صلى اللّه عليه وسلم : " نهيت أن أقرأ راكعا أو ساجدا " ( ثم رفع رأسه واطمأن ) قائما ( قائلا : سمع اللّه لمن حمده ) أي قبيل اللّه حمد من حمده لأن السماع يذكر ويراد به القبول مجازا كما يقال : سمع الأمير كلام فلان وفي الحديث " أعوذ بك من دعاء لا يسمع " أي لا يستجاب والهاء للسكتة والاستراحة لا للكناية ( ربنا لك الحمد ) فيجمع بين التسميع والتحميد ( لو ) كان ( إماما ) هذا قولهما وهو رواية عن الإمام اختارها في الحاوي القدسي وكان الفضلي والطحاوي وجماعة من المتأخرين يميلون إلى الجمع وهو قول أهل المدينة وقوله ( أو منفردا ) متفق عليه على الأصح عن الإمام موافقة لهما عنه يكتفي بالتحميد وعنه يكتفي بالتسميع ( والمقتضي يكتفي بالتحميد ) اتفاقا للأمر في الحديث " إذا قال الإمام سمع اللّه لمن حمده فقولوا ربنا لك الحمد " رواه الشيخان والأفضل : اللّهم ربنا لك الحمد ويليه ربنا لك الحمد ( ثم كبر ) كل مصل ( خارا للسجود ) ويختمه عند وضع جبهته للسجود ( ثم وضع ركبته ثم يديه ) إن لم يكن به عذر من هذه الصفة ( ثم ) وضع ( وجهه بين كفيه لما روينا ( وسجد بأنفه وجبهته ) وتقدم الحكم ( مطمئنا مسبحا ) بأن يقول سبحان ربي الأعلى مرات ( ثلاثا وذلك أدناه ) لما تقدم ( وجافى ) أي بإعداد الرجل ( بطنه عن فخذيه وعضديه عن إبطه ) لأنه أبلغ في السجود بالأعضاء ( في غير زحمة ) وينضم فيها حذرا عن إضرار الجار ( موجها أصابع يديه ) ويضمها كل الضم لا يندب إلا هنا لأن الرحمة تنزل عليه في السجود وبالضم ينال الأكثر ( و ) يكون موجها أصابع ( رجليه نحو القبلة والمرأة تخفض ) فتضم عضديها لجنبيها ( وتلزق بطنها بفخذيها ) لأنه أستر لها ثم رفع رأسه مكبرا ( وجلس ) كل مصل ( بين السجدتين واضعا يديه على فخذيه مطمئنا ) وليس فيه ذكر مسنون والوارد فيه محمول على التهجد ( ثم كبر ) للسجود ( وسجد ) بعده ( مطمئنا وسبح فيه ) أي السجود ( ثلاثا وجافى بطنه عن فخذيه وأبدى عضديه ) وهما ضبعاه والضبع بسكون الباء لا غير العضد ( ثم رفع رأسه مكبرا للنهوض ) أي القيام بالركعة الثانية ( بلا اعتماد على الأرض بيديه ) إن لم يكن به عذر ( وبلا قعود ) قبل القيام يسمى جلسة الاستراحة عند الشافعي سنة ( والركعة الثانية ) يفعل فيها ( كالأولى ) وعلمت ما شملته ( إلا أنه ) أي المصلي ( لا يثني ) لأنه للافتتاح فقط ( ولا يتعوذ ) لعدم تبدل المجلس ( و ) لا يرفع يديه إذ ( لا يسن رفع اليدين ) في حالتي الركوع وقيامه ولا يفسد الصلاة في الصحيح فلا يسن ( إلا عند افتتاح كل صلاة وعند تكبير القنوت في الوتر وتكبيرات الزوائد في العيدين ) لاتفاق الأخبار وصفة الرفع فيها حذو الأذنين ( و ) يسن رفعهما مبسوطتين نحو السماء ( حين يرى الكعبة ) المشرفة أي وقت معاينتها فتكون العين في فقعس [ ؟ ؟ هكذا في النسخ] للعيدين ومعاينة البيت للدعاء وهو مستجاب ( و ) يسن رفعهما ( حين يستلم الحجر الأسود ) مستقبلا بباطنهما الحجر ( و ) يسن رفعهما مبسوطتين نحو السماء داعيا ( حين يقوم على الصفا والمروة و ) كذلك ( عند الوقوف بعرفة و ) وقوف ( مزدلفة و ) في الوقوف ( بعد رمي الجمرة الأولى و ) الجمرة ( الوسطى ) كما ورد بذلك السنة الشريفة وترفع في دعاء الاستسقاء ونحوه لأن رفع اليد في الدعاء سنة ( و ) كذلك ( عند ) دعائه بعد فراغه من ( التسبيح ) والتحميد والتكبير الذي سنذكره ( عقب الصلوات ) كما عليه المسلمون في سائر البلدان ( وإذا فرغ ) الرجل من سجدتي الركعة الثانية افترش رجله اليسرى وجلس عليها ونصب يمناه ووجه أصابعها نحو القبلة ووضع يديه على فخذيه وبسط أصابعه وجعلها منتهية إلى رأس ركبتيه ( والمرأة تتورك ) وقدمنا صفته ( وقرأ ) المصلي ولو مقتديا ( تشهد ابن مسعود رضي اللّه عنه ) ويقصد معانيه مرادة له على أنه ينشئها تحية وسلاما منه ( وأشار بالمسبحة ) من أصابعه اليمنى ( في الشهادة ) على الصحيح ( يرفعها عند النفي ويضعها عند الإثبات ولا يزيد على التشهد في القعود الأول ) لوجوب القيام للثالثة ( وهو ) كما قال علمني رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم التشهد أخذ كفي بين كفيه كما يعلمني السورة من القرآن فقال إذا قعد أحدكم في الصلاة فليقل ( التحيات للّه والصلوات والطيبات ) جمع تحية من حيا فلان فلانا إذا دعا له عند ملاقاته كقولهم حياك اللّه أي أبقاك والمراد هنا أعز الألفاظ التي تدل على الملك والعظمة وكل عبادة قولية للّه تعالى والمراد بالصلوات هنا العبادات البدنية والطيبات العبادات المالية للّه تعالى وهي الصادرة منه ليلة الإسراء فلما قال ذلك النبي صلى اللّه عليه وسلم بإلهام من اللّه سبحانه رد اللّه عليه وحياه بقوله ( السلام عليك أيها النبي ورحمة اللّه وبركاته ) فقابل التحيات بالسلام الذي هو تحية الإسلام وقابل الصلوات بالرحمة التي هي بمعناها وقابل الطيبات بالبركات المناسبة للمال لكونها النمو والكثرة فلما أفاض اللّه سبحانه وتعالى على النبي صلى اللّه عليه وسلم بالثلاثة مقابل الثلاثة والنبي أكرم خلق اللّه وأجودهم عطف بإحسانه من ذلك الفيض لإخوانه الأنبياء والملائكة وصالحي المؤمنين من الإنس والجن فقال ( السلام علينا وعلى عباد اللّه الصالحين ) فعمهم به كما قال صلى اللّه عليه وسلم " إنكم إذا قلتموها أصابت كل عبد صالح في السماء والأرض وليس أشرف من العبودية في صفات المخلوقين هي الرضا بما يفعل الرب والعبادة ما يرضيه والعبودية أقوى من العبادة لبقائها في العقبى بخلاف العبادة والصالح القائم بحقوق اللّه تعالى وحقوق العباد فلما أن قال ذلك صلى اللّه عليه وسلم إحسانا منه شهد أهل الملكوت الأعلى والسماوات وجبريل بوحي وإلهام بأن قال كل منهم ( أشهد أن لا إله إلا اللّه وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ) أي أعلم وأبين وجمع بين أشرف أسمائه وبين أشرف وصف للمخلوق وأرقى وصف ملتزم للنبوة لمقام الجمع فيقصد المصلي إنشاء هذه الألفاظ مرادة له قاصدا معناها الموضوعة له من عنده كأنه يحيي اللّه سبحانه وتعالى ويسلم على النبي صلى اللّه عليه وسلم وعلى نفسه وأولياء اللّه تعالى خلافا لما قاله بعضهم أنه حكاية سلام اللّه لا ابتداء سلام من المصلي ( وقرأ الفاتحة فيما بعد ) الركعتين ( الأوليين ) من الفرائض فشمل المغرب ( ثم جلس ) مفترشا رجله اليسرى ناصبا اليمنى وتتورك المرأة ( وقرأ التشهد ) المتقدم ( ثم صلى على النبي صلى اللّه عليه وسلم ثم دعا ) ليكون مقبولا بعد الصلاة على النبي صلى اللّه عليه وسلم ( بما يشبه ) ألفاظ ( القرآن والسنة ثم سلم يمينا ) ابتداء ( ويسارا ) انتهاء ( فيقول السلام عليكم ورحمة اللّه ناويا من معه ) من القوم والحفظة ( كما تقدم ) بيانه بحمد اللّه سبحانه ومنته |