٢ الوضوء ١( فصل : في ) أحكام ( الوضوء ) [ تعريفه] بضم الواو وفتحها وهو مصدر وبفتحها فقط ما يتوضأ به وهو لغة مأخوذ من الوضاءة والحسن والنظافة يقال وضؤ الرجل أي صار وضيئا وشرعا نظافة مخصوصة ففيه المعنى اللغوي لأنه يحسن أعضاء الوضوء في الدنيا بالتنظيف وبالآخرة بالتحجيل للقيام بخدمة المولى وقدم على الغسل لأن اللّه قدمه عليه وله سبب وشرط وحكم وركن وصفة : [ أركانه] ( أركان الوضوء أربعة وهي فرائضه : ) - ١ - ( الأول ) منها ( غسل الوجه ) لقوله تعالى : فاغسلوا وجوهكم والغسل بفتح الغين مصدر غسلته وبالضم الاسم وبالكسر ما يغسل به من صابون ونحوه والغسل إسالة الماء على المحل بحيث يتقاطر وأقله قطرتان في الأصح ولا تكفي الإسالة بدون التقاطر والوجه ما يواجه به الإنسان ( وحده ) أي جملة الوجه ( طولا من مبدأ سطح الجبهة ) سواء كان به شعر أم لا والجبهة ما اكتنفه الجبينان ( إلى أسفل الذقن ) وهي مجمع لحييه واللحي منبت اللحية فوق عظم الأسنان لمن ليست له لحية كثيفة وفي حقه إلى ما لا قي البشرة من الوجه ( وحده ) أي الوجه ( عرضا ) بفتح العين مقابل الطول ( ما بين شحمتا الأذنين ) الشحمة معلق القرط والأذن بضمتين وتخفف وتثقل ويدخل في الغايتين جزء منها لاتصاله بالفرض والبياض الذي بين العذار والأذن فيفترض غسله في الصحيح وعن أبي يوسف سقوطه بنبات اللحية - ٢ - ( و ) الركن ( الثاني غسل يديه مع مرفقيه ) أحد المرفقين غسله فرض بعبارة النص لأن مقابلة الجمع بالجمع تقتضي مقابلة الفرد بالفرد والمرفق الثاني بدلالته لتساويهما وللإجماع وهو بكسر الميم وفتح الفاء وقلبه - لغة : ملتقى عظم العضد والذراع - ٣ - ( و ) الركن ( الثالث غسل رجليه ) لقوله تعالى : وأرجلكم ولقوله عليه السلام بعدما غسل رجليه " هذا وضوء لا يقبل اللّه الصلاة إلا به " وقراءة الجر للمجاورة ( مع كعبيه ) لدخول الغاية في المغيا والكعبان هما العظمان المرتفعان في جانبي القدم واشتقاقه من الارتفاع كالكعبة والكاعب التي بدا ثديها - ٤ - ( و ) الركن ( الرابع مسح ربع رأسه ) لمسحه صلى اللّه عليه وسلم ناصيته وتقدير الفرض بثلاثة أصابع مردود وإن صحح ومحل المسح ما فوق الأذنين فيصح مسح ربعه لا ما نزل عنهما فلا يصح مسح أعلى الذوائب المشدودة على الرأس وهو لغة إمرار اليد على الشيء وشرعا إصابة اليد المبتلة العضو ولو بعد غسل عضو لا مسحه ولا ببلل أخذ من عضو وإن أصابه ماء أو مطر قدر المفروض أجزأه ٢[ سبب الوضوء] ( وسببه ) السبب ما أفضى إلى الشيء من غير تأثير فيه ( استباحة ) أي إرادة فعل ( ما ) يكون من صلاة ومس مصحف وطواف ( لا يحل ) الإقدام عليه ( إلا به ) أي الوضوء ( وهو ) أي حل الإقدام على الفعل متوضئا ( حكمة الدنيوي ) المختص به المقام ( وحكمه الأخروي الثواب في الآخرة ) إذا كان بنيته وهذا حكم كل عبادة ٣[ شروط وجوب الوضوء] ( وشرط وجوبه) أي التكليف به وافتراضه ثمانية : ( العقل ) إذ لا خطاب بدونه ( والبلوغ ) لعدم تكليف القاصر وتوقف صحة صلاته عليه لخطاب الوضع ( والإسلام ) إذ لا يخاطب كافر بفروع الشريعة ( وقدرة ) المكلف ( على استعمال الماء ) الطهورة لأن عدم الماء والحاجة إليه تنفيه حكما فلا قدرة إلا بالماء ( الكافي ) لجميع الأعضاء مرة مرة وغيره كالعدم ( ووجود الحدث ) فلا يلزم الوضوء على الوضوء ( وعدم الحيض و ) عدم ( النفاس ) بانقطاعهما شرعا ( وضيق الوقت ) لتوجه الخطاب مضيقا حينئذ وموسعا في ابتدائه وقد اختصرت هذه الشروط في واحد هو قدرة المكلف بالطهارة عليها بالماء ٤[ شروط صحة الوضوء] ( وشرط صحته ) أي الوضوء ( ثلاثة ) الأول ( عموم البشرة بالماء الطهور ) حتى لو بقي مقدار مغرز إبرة لم يصبه الماء من المفروض غسله لم يصح الوضوء ( و ) الثاني ( انقطاع ما ينافيه من حيض ونفاس ) لتمام العادة ( و ) انقطاع ( حدث ) حال التوضؤ لأنه بظهور بول وسيلان ناقض لا يصح الوضوء ( و ) الثالث ( زوال ما يمنع وصول الماء إلى الجسد ) لحرمة الحائل ( كشمع وشحم ) قيد به لأن بقاء دسومة الزيت ونحوه لا يمنع لعدم الحائل وترجع الثلاثة لواحد هو عموم المطهر شرعا البشرة ٥( فصل ) في تمام أحكام الوضوء يقدم الكلام على اللحية قال ( يجب ) يعني يفترض ( غسل ظاهر اللحية الكثة ) وهي التي لا ترى بشرتها ( في أصح ما يفتى به ) من التصاحيح في حكمها لقيامها مقام البشرة بتحول الفرض إليها ورجعوا عما قيل من الاكتفاء بثلثها أو ربعها أو مسح كلها ونحوه ( ويجب ) يعني يفترض ( إيصال الماء إلى بشرة اللحية الخفيفة ) في المختار لبقاء المواجهة بها وعدم عسر غسلها وقيل يسقط لانعدام كمال المواجهة بالنبات ( ولا يجب إيصال الماء إلى المسترسل من الشعر عن دائرة الوجه ) لأنه ليس منه أصالة ولا بدلا عنه ( ولا ) يجب إيصال الماء ( إلى ما انكتم من الشفتين عند الانضمام ) المعتاد لأن المنضم تبع للفم في الأصح وما يظهر تبع للوجه ولا باطن العينين ولو في الغسل للضرر ولا داخل قرحة برأت ولم ينفصل من قشرها سوى مخرج القيح للضرورة ( ولو انضمت الأصابع ) بحيث لا يصل الماء بنفسه إلى ما بينها ( أو طال الظفر فغطى الأنملة ) ومنع وصول الماء إلى ما تحته ( أو كان فيه ) يعني المحل المفروض غسله ( ما ) أي شيء ( يمنع الماء ) أن يصل إلى الجسد ( كعجين ) وشمع ورمص بخارج العين بتغميضها ( وجب ) أي افترض ( غسل ما تحته بعد إزالته المانع ( ولا يمنع الدرن ) أي وسخ الأظفار سواء القروي والمصري في الأصح فيصح الغسل مع وجوده ( و ) لا يمنع ( خرء البراغيث ونحوها ) كونيم الذباب وصول الماء إلى البدن لنفوذه فيه لقلته وعدم لزوجته ولا ما على ظفر الصباغ من صبغ للضرورة وعليه الفتوى ( ويجب ) أي يلزم ( تحريك الخاتم الضيق ) في المختار من الروايتين لأنه يمنع الوصول ظاهرا وكان صلى اللّه عليه وسلم إذا توضأ حرك خاتمه وكذا يجب تحريك القرط في الأذن لضيق محله والمعتبر غلبة الظن لإيصال الماء ثقبه فلا يتكلف لإدخال عود في ثقب للحرج والقرط بضم القاف وسكون الراء ما يتعلق في شحمة الأذن ( ولو ضره غسل شقوق رجليه جاز ) أي صح ( إمرار الماء على الدواء الذي وضعه فيها ) أي الشقوق للضرورة ( ولا يعاد الغسل ) ولو من جنابة ( ولا المسح ) في الوضوء ( على موضع الشعر بعد حلقه ) لعدم طروء حدث به ( و ) كذا ( لا ) يعاد ( الغسل بقص ظفره وشاربه ) لعدم طروء حدث وإن استحب الغسل ٦( فصل ) في سنن الوضوء ( يسن في ) حال ( الوضوء ثمانية عشر شيئا ) ذكر العدد تسهيلا للطالب لا للحصر . والسنة لغة الطريقة ولو سيئة واصطلاحا الطريقة المسلوكة في الدين من غير لزوم على المواظبة وهي المؤكدة إن كان النبي صلى اللّه عليه وسلم تركها أحيانا وأما التي لم يواظب عليها فهي المندوبة وإن اقترنت بوعيد لمن لم يفعلها فهي للوجوب - ١ - فيسن ( غسل اليدين إلى الرسغين ) في ابتداء الوضوء الرسغ بضم الراء وسكون السين المهملة وبالغين المعجمة المفصل الذي بين الساعد والكف وبين الساق والقدم وسواء استيقظ من نوم أو لا ولكنه آكد في الذي استيقظ لقوله صلى اللّه عليه وسلم " إذا استيقظ أحدكم من منامه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها " ولفظ مسلم حتى يغسلها ثلاثا فإنه لا يدري أين باتت يده وإذا لم يمكن إمالة الإناء يدخل أصبع يسراه الخالية عن نجاسة متحققة ويصب على كفه اليمنى حتى ينقيها ثم يدخل اليمنى ويغسل يسراه وإن زاد على قدر الضرورة فأدخل الكف صار الماء مستعملا - ٢ - ( والتسمية ابتداء ) حتى لو نسيها فتذكرها في خلاله لا تحصل له السنة بخلاف الأكل لأن الوضوء عمل واحد وكل لقمة فعل مستأنف لقوله صلى اللّه عليه وسلم " من توضأ وذكر اللّه فإنه يطهر جسده كله ومن توضأ ولم يذكر اسم اللّه لم يطهر إلا موضع الوضوء " والمنقول عن السلف وقيل عن النبي صلى اللّه عليه وسلم في لفظها باسم اللّه العظيم والحمد للّه على دين الإسلام وقيل الأفضل بسم اللّه الرحمن الرحيم لعموم " كل ذي بال " الحديث ويسمي كذلك قبل الاستنجاء وكشف العورة في الأصح - ٣ - ( والسواك ) بكسر السين اسم للاستياك والعود أيضا والمراد الأول لقوله صلى اللّه عليه وسلم لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة أو مع كل صلاة ولما ورد أن كل صلاة به تفضل سبعين صلاة بدونه . وينبغي أن يكون لينا في غلظ الأصبع طول شبر مستويا قليل العقد من الأراك وهو من سنن الوضوء ووقته المسنون ( في ابتدائه ) لأن الابتداء به سنة أيضا عند المضمضة على قول الأكثر وقال غيرهم قبل الوضوء وهو من سنن الوضوء عندنا لا من سنن الصلاة فتحصل فضيلته لكل صلاة أداها بوضوء استاك فيه . ويستحب لتغير الفم والقيام من النوم وإلى الصلاة ودخول البيت واجتماع الناس وقراءة القرآن والحديث لقول الإمام إنه من سنن الدين وقال عليه الصلاة والسلام " السواك مطهرة للفم مرضاة للرب " فيستوي فيه جميع الأحوال وفضله يحصل ( ولو ) كان الاستياك ( بالأصبع ) أو خرقة خشنة ( عند فقده ) أي السواك أو فقد أسنانه أو ضرر بفمه لقوله عليه السلام " يجزئ من السواك الأصابع " وقال علي رضي اللّه عنه : التشويص بالمسبحة والإبهام سواك ويقوم العلك مقامه للنساء لرقة بشرتهن . والسنة في أخذه أن تجعل خنصر يمينك أسفله والبنصر والسبابة فوقه والإبهام أسفل رأسه كما رواه ابن مسعود رضي اللّه عنه ولا يقبضه لأنه يورث الباسور ويكره مضطجعا لأنه يورث كبر الطحال وجمع العارف باللّه تعالى الشيخ أحمد الزاهد فضائله بمؤلف سماه تحفة السلاك في فضائل السواك - ٤ - ( والمضمضة ) وهي اصطلاحا استيعاب الماء جميع الفم وفي اللغة التحريك ويسن أن تكون ( ثلاثا ) لأنه صلى اللّه عليه وسلم توضأ فمضمض ثلاثا واستنشق ثلاثا يأخذ لكل واحدة ماء جديدا ( ولو ) تمضمض ثلاثا ( بغرفة ) واحدة أقام سنة المضمضة لا سنة التكرير - ٥ - ( والاستنشاق ) وهو لغة من النشق جذب الماء ونحوه بريح الأنف إليه واصطلاحا إيصال الماء إلى المارن وهو ما لان من الأنف ويكون ( بثلاث غرفات ) للحديث ولا يصح التثليث بواحدة لعدم انطباق الأنف عل باقي الماء بخلاف المضمضة - ٦ - ( و ) يسن ( المبالغة في المضمضة ) وهي إيصال الماء لرأس الحلق ( و ) المبالغة في ( الاستنشاق ) وهي إيصاله إلى ما فوق المارن ( لغير الصائم ) والصائم لا يبالغ فيها خشية إفساد الصوم لقوله عليه الصلاة والسلام " بالغ في المضمضة والاستنشاق إلا أن تكون صائما " - ٧ - ( و ) يسن في الأصح ( تخليل اللحية الكثة ) وهو قول أبي يوسف لرواية أبي داود عن أنس أن النبي صلى اللّه عليه وسلم كان يخلل لحيته والتخليل تفريق الشعر من جهة الأسفل إلى فوق ويكون بعد غسل الوجه ثلاثا ( بكف ماء من أسفلها ) لأن النبي صلى اللّه عليه وسلم كان إذا توضأ أخذ كفا من ماء تحت حنكه فخلل به لحيته وقال " بهذا أمرني ربي عز وجل " وأبو حنيفة ومحمد يفضلانه لعدم المواظبة ولأنه لإكمال الفرض وداخلها ليس محلا له بخلاف تخليل الأصابع ورجح في المبسوط قول أبي يوسف لرواية أنس رضي اللّه عنه - ٨ - ( و ) يسن ( تخليل الأصابع ) كلها للأمر به ولقوله صلى اللّه عليه وسلم " من لم يخلل أصابعه بالماء خللّها اللّه بالنار يوم القيامة " وكيفيته في اليدين إدخال بعضها في بعض وفي الرجلين بأصبع من يده ويكفي عنه إدخالها في الماء الجاري ونحوه - ٩ - ( و ) يسن ( تثليث الغسل ) فمن زاد أو نقص فقد تعدى وظلم كما ورد في السنة إلا لضرورة - ١٠ - ( و ) يسن ( استيعاب الرأس بالمسح ) كما فعله النبي صلى اللّه عليه وسلم ( مرة ) كمسح الجبيرة والتيمم لأن وضعه للتخفيف - ١١ - ( و ) يسن ( مسح الأذنين ولو بماء الرأس ) لأنه صلى اللّه عليه وسلم غرف غرفة فمسح بها رأسه وأذنيه فإن أخذ لهما ماءا جديدا مع بقاء البلة كان حسنا - ١٢ - ( و ) يسن ( الدلك ) لفعله صلى اللّه عليه وسلم بعد الغسل بإمرار يده على الأعضاء - ١٣ - ( و ) يسن ( الولاء ) لمواظبته صلى اللّه عليه وسلم وهو بكسر الواو للمتابعة بغسل الأعضاء قبل جفاف السابق مع الاعتدال جسدا وزمانا ومكانا - ١٤ - ( و ) يسن ( النية ) وهي لغة عزم القلب على الفعل واصطلاحا توجه القلب لإيجاد الفعل جزما ووقتها قبل الاستنجاء ليكون جميع فعله قربة . وكيفيتها أن ينوي رفع الحدث أو إقامة الصلاة أو ينوي الوضوء أو امتثال الأمر ومحلها القلب فإن نطق بها ليجمع بين فعل القلب واللسان استحبه المشايخ والنية سنة لتحصيل الثواب لأن المأمور به ليس إلا غسلا ومسحا في الآية ولم يعلمه النبي صلى اللّه عليه وسلم للأعرابي مع جهله وفرضت في التيمم لأنه بالتراب وليس مزيلا للحدث بالأصالة - ١٥ - ( و ) يسن ( الترتيب ) سنة مؤكدة في الصحيح وهو ( كما نص اللّه تعالى في كتابه ) ولم يكن فرضا لأن الواو في الأمر لمطلق الجمع والفاء التي في قوله تعالى فاغسلوا لتعقيب جملة الأعضاء - ١٦ - ( و ) يسن ( البداءة بالميامن ) جمع ميمنة خلاف الميسرة في اليدين والرجلين لقوله صلى اللّه عليه وسلم " إذا توضأتم فابدءوا بميامنكم " وصرف الأمر عن الوجوب بالإجماع على استحبابه لشرف اليمنى - ١٧ - ( و ) يسن البداءة بالغسل من ( رؤوس الأصابع ) في اليدين والرجلين لأن اللّه تعالى جعل المرافق والكعبين غاية الغسل فتكون منتهى الفعل كما فعله النبي صلى اللّه عليه وسلم - ١٨ - ( و ) يسن البداءة في المسح من ( مقدم الرأس ) - ١٩ - ( و ) يسن ( مسح الرقبة ) لأنه صلى اللّه عليه وسلم توضأ وأومأ بيديه من مقدم رأسه حتى بلغ بهما أسفل عنقه من قبل قفاه و ( لا ) يسن مسح ( الحلقوم ) بل هو بدعة ( وقيل إن الأربعة الأخيرة ) التي أولها البداءة بالميامن ( مستحبة ) وكأن وجهه عدم ثبوت المواظبة وليس مسلما ٧( فصل : من آداب الوضوء ) ( أربعة عشر شيئا ) وزيد عليها وهي جمع أدب وعرف بأنه وضع الأشياء موضعها وقيل الخصلة الحميدة وقيل الورع وفي شرح الهداية هو ما فعله النبي صلى اللّه عليه وسلم مرة أو مرتين ولم يواظب عليه وحكمه الثواب بفعله وعدم اللوم على تركه وأما السنة فهي التي واظب عليها النبي صلى اللّه عليه وسلم مع الترك بلا عذر مرة أو مرتين وحكمها الثواب وفي تركها العتاب لا العقاب فآداب الوضوء : - ١ - ( الجلوس في مكان مرتفع ) تحرزا عن الغسالة - ٢ - ( واستقبال القبلة ) في غير حالة الاستنجاء لأنها حالة أرجى لقبول الدعاء فيها وجعل الإناء الصغير على يساره والكبير الذي يغترف منه على يمينه - ٣ - ( وعدم الاستعانة بغيره ) ليقيم العبادة بنفسه من غير إعانة غيره عليها بلا عذر - ٤ - ( وعدم التكلم بكلام الناس ) لأنه يشغله عن الدعاء المأثور بلا ضرورة - ٥ - ( والجمع بين نية القلب وفعل اللسان ) لتحصيل العزيمة - ٦ - ( والدعاء بالمأثور ) أي المنقول عن النبي صلى اللّه عليه وسلم والصحابة والتابعين - ٧ - ( والتسمية ) والنية ( عند ) غسل ( كل عضو ) أو مسحه فيقول ناويا عند المضمضة بسم اللّه اللّهم أعني على تلاوة القرآن وذكرك وشكرك وحسن عبادتك وعند الاستنشاق بسم اللّه اللّهم أرحني رائحة الجنة ولا ترحني رائحة النار وهكذا في سائرها ويصلي على النبي صلى اللّه عليه وسلم أيضا كما في التوضيح - ٨ - ( و ) من آدابه ( إدخال خنصره في صماخ أذنيه ) مبالغة في المسح - ٩ - ( وتحريك خاتمه الواسع ) للمبالغة في الغسل - ١٠ - ( و ) كون ( المضمضة والاستنشاق باليد اليمنى ) لشرفها - ١١ - ( والامتخاط باليسرى ) لامتهانها - ١٢ - ( و ) تقديم ( التوضؤ قبل دخول الوقت ) مبادرة للطاعة ( لغير المعذور ) لأن وضوءه ينتقض بخروج الوقت عندنا وبدخوله عند زفر وبهما عند أبي يوسف - ١٣ - ( والإتيان بالشهادتين بعده ) قائما مستقبلا لقوله صلى اللّه عليه وسلم ما منكم من أحد يتوضأ فيسبغ الوضوء ثم يقول أشهد أن لا إله إلا اللّه وأن محمدا عبده ورسوله وفي رواية أشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخلها من أي باب شاء وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من قال إذا توضأ سبحانك اللّهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك طبع بطابع ثم جعل تحت العرش حتى يؤتى بصاحبها يوم القيامة " - ١٤ - ( وأن يشرب من فضل الوضوء قائما ) أو قاعدا لأنه صلى اللّه عليه وسلم شرب قائما من فضل وضوئه وماء زمزم وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم " لا يشربن أحدكم قائما فمن نسي فليستقيء " وأجمع العلماء على كراهته تنزيها لأمر طبي لا ديني [ أي أن التقيؤ غير مستحب طبيا وهناك من يتقيأ بعد الأكل لمنع ازدياد الوزن وهذا يتحول إلى إدمان يصعب التخلص منه . دار الحديث] ( وأن يقول اللّهم اجعلني من التوابين ) أي الراجعين عن كل ذنب والتواب مبالغة وقيل هو الذي كلما أذنب بادر بالتوبة والتواب من صفات اللّه تعالى أيضا لأنه يرجع بالإنعام على كل مذنب بقبول توبته ( واجعلني من المتطهرين ) أي المتنزهين عن الفواحش وقدم المذنب على المتطهر لدفع القنوط والعجب ومن الآداب أنه لا يتوضأ بماء مشمس لأنه يورث البرص ولا يستخلص لنفسه إناء دون غيره لأن الشريعة حنيفية سهلة سمحة ومنه صب الماء برفق على وجهه وترك التجفيف وإن مسح لا يبالغ فيه وأن تكون آنيته من خزف وغسل عروتها ثلاثا ووضعه على يساره ووضع اليد حالة الغسل على عروته لا على رأسه وتعاهد موقيه وما تحت الخاتم ومجاوزة حدود الفروض وإطالة الغرة وملء آنيته استعدادا لوقت آخر وقراءة سورة القدر ثلاثا لقوله صلى اللّه عليه وسلم " من قرأ في إثر وضوئه إنا أنزلناه في ليلة القدر مرة واحدة كان من الصديقين ومن قرأها مرتين كتب في ديوان الشهداء ومن قرأها ثلاثا حشره اللّه محشر الأنبياء " أخرجه الديلمي ولما ذكره الفقيه أبو الليث في مقدمته ٨( فصل ) في المكروهات ( و ) مما ( يكره ) المكروه ضد المحبوب والأدب فيكره ( للمتوضئ ) ضد ما يستحب من الآداب قد حصرها لها بعدها ( ستة أشياء ) لأنه للتقريب فمنها ( الإسراف في ) صب ( الماء ) لقوله صلى اللّه عليه وسلم لسعد لما مر به وهو يتوضأ " ما هذا السرف يا سعد ؟ " فقال : أفي الوضوء سرف ؟ قال " نعم وإن كنت على نهر جار " ومنه تثليث المسح بماء جديد ( والتقتير ) بجعل الغسل مثل المسح ( فيه ) لأن فيه تفويت السنة وقال عليه السلام " خير الأمور أوساطها " ( و ) يكره ( ضرب الوجه به ) لمنافاته شرف الوجه فيلقيه برفق عليه ( و ) يكره ( التكلم بكلام الناس ) لأنه يشغله عن الأدعية ( و ) يكره ( الاستعانة بغيره ) لقول عمر رضي اللّه عنه رأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يستقي ماء لوضوئه فبادرت أن أستقي له فقال : " مه يا عمر فإني لا أريد أن يعينني على صلاتي أحد " ( من غير عذر ) لأن الضرورات تبيح المحظورات فكيف لما لا حظر فيه وعن الإمام الوبري أنه لا بأس به فإن الخادم كان يصب على النبي صلى اللّه عليه وسلم ٩( فصل ) في أوصاف الوضوء وقد ذكرها بعد بيان سببه وشرطه وحكمه وركنه فقال ( الوضوء على ثلاثة أقسام : الأول ) منها أنه ( فرض ) كما قدمناه بدليله والمراد بالفرض هنا الثابت القطعي وأما المحدود والمقدر فهو ما يفوت الجواز بفوته ليشمل الفرض الاجتهادي كربع الرأس ونزلت آيته بالمدينة وقد فرض بمكة ( على المحدث ) إذا أراد القيام ( للصلاة ) كما أمر اللّه تعالى ( ولو كانت ) الصلاة ( نفلا ) لأن اللّه لا يقبل صلاة من غير طهور كما تقدم وهو بفتح الطاء وقال بعضهم الأجود ضمه ( و ) كذا ( لصلاة الجنازة ) لأنها صلاة وإن لم تكن كاملة ( و ) مثلها ( سجدة التلاوة و ) كذا الوضوء فرض ( لمس المصحف ولو آية ) مكتوبة على درهم أو حائط لقوله تعالى " لا يمسه إلا المطهرون " وسواء الكتابة والبياض وقال بعض مشايخنا إنما يكره للمحدث مس الموضع المكتوب دون الحواشي لأنه لم يمس القرآن حقيقة والصحيح أن مسها كمس المكتوب ولو بالفارسية يحرم مسه اتفاقا على الصحيح ( و ) القسم ( الثاني ) وضوء ( واجب ) وهو الوضوء للطواف بالكعبة لقوله عليه السلام " الطواف حول الكعبة مثل الصلاة إلا أنكم تتكلمون فيه فمن تكلم فيه فلا يتكلمن إلا بخير " ولما لم يكن صلاة حقيقة لم تتوقف صحته على الطهارة فيجب بتركه دم في الواجب وبدنة في الفرض للجنابة وصدقة في النفل بترك الوضوء كما ذكره في محله ( و ) القسم ( الثالث ) وضوء ( مندوب ) في أحوال كثيرة كمس الكتب الشرعية ورخص مسها للمحدث إلا التفسير كذا في الدرر وهو يقتضي وجوب الوضوء لمس التفسير فيكون من القسم الثاني وندب الوضوء ( للنوم على طهارة و ) أيضا ( إذا استيقظ منه ) أي النوم ( و ) تجديده ( للمدوامة عليه ) لحديث بلال رضي اللّه عنه ( وللوضوء على الوضوء ) إذا تبدل مجلسه لأنه نور على نور وإذا لم يتبدل فهو إسراف وقيد بالوضوء لأن الغسل على الغسل والتيمم على التيمم يكون عبثا ( وبعد ) كلام ( غيبة ) بذكرك أخاك بما يكره في غيبته ( وكذب ) اختلاق ما لم يكن ولا يجوز إلا في نحو : الحرب وإصلاح ذات البين وإرضاء الأهل ( ونميمة ) النمام : المضرب والنميم والنميمة : السعاية بنقل الحديث من قوم إلى قوم على جهة الإفساد ( و ) بعد ( كل خطيئة وإنشاد شعر ) قبيح لأن الوضوء يكفر الذنوب الصغائر ( وقهقة خارج الصلاة ) لأنها حدث صورة ( وغسل ميت وحمله ) لقوله صلى اللّه عليه وسلم " من غسل ميتا فليغتسل ومن حمله فليتوضأ " ( ولوقت كل صلاة ) لأنه أكمل لشأنها ( وقبل غسل الجنابة ) لورود السنة به ( وللجنب عند ) إرادة ( أكل وشرب ونوم و ) معاودة ( وطء ولغضب ) لأنه يطفئه ( و ) لقراءة ( قرآن و ) قراءة ( حديث وروايته ) تعظيما لشرفهما ( ودراسة علم ) شرعي ( وأذان وإقامة وخطبة ) ولو خطبة نكاح ( وزيارة النبي صلى اللّه عليه وسلم ) تعظيما لحضرته ودخول مسجده ( ووقوف بعرفة ) لشرف المكان ومباهاة اللّه تعالى الملائكة بالواقفين بها ( وللسعي بين الصفا والمروة ) لأداء العبادة وشرف المكانين ( و ) بعد أكل لحم جزور للقول بالوضوء منه خروجا من الخلاف ولذا عممه فقال ( وللخروج من خلاف ) سائر ( العلماء كما إذا مس امرأة ) أو فرجه بباطن كفه لتكون عبادته صحيحة بالاتفاق عليها استبراء لدينه هكذا جمعت وإن ذكر بعضها بصفة السنة في محله للفائدة التامة بتوفيق اللّه تعالى وكرمه ١٠[ نواقض الوضوء] ( فصل ) هو طائفة من المسائل تغيرت أحكامها بالنسبة لما قبلها ( ينقض الوضوء ) النقض إذا أضيف إلى الأجسام كنقض الحائط يراد به إبطال تأليفها وإذا أضيف إلى المعاني كالوضوء يراد به إخراجها عن إقامة المطلوب بها والنواقض جمع ناقضة ( اثنا عشر شيئا ) منها ( ما خرج من السبيلين ) وإن قل سمي القبل والدبر سبيلا لكونه طريقا للخارج وسواء المعتاد وغيره كالدودة والحصاة ( إلا ريح القبل ) الذكر والفرج ( في الأصح ) لأنه اختلاج لا ريح وإن كان ريحا لا نجاسة فيه وريح الدبر ناقضة بمرورها على النجاسة لأن عينها طاهرة فلا ينجس مبتل الثياب عند العامة فينقض ريح المفضاة احتياطا والخروج يتحقق بظهور البلة على رأس المخرج ولو إلى القلفة على الصحيح ( وينقضه ) أي الوضوء ( ولادة من غير رؤية دم ) ولا تكون نفساء في قول أبي يوسف ومحمد آخرا وهو الصحيح لتعلق النفاس بالدم ولم يوجد وعليها الوضوء للرطوبة وقال أبو حنيفة عليها الغسل احتياطا لعدم خلوه عن قليل دم ظاهرا وصححه في الفتاوى وبه أفتى الصدر الشهيد رحمه اللّه تعالى ( و ) ينقض الوضوء ( نجاسة سائلة من غيرهما ) أي السبيلين لقوله عليه الصلاة والسلام " الوضوء من كل دم سائل " وهو مذهب العشرة المبشرين بالجنة وابن مسعود وابن عباس وزيد بن ثابت وأبي موسى الأشعري وغيرهم من كبار الصحابة وصدور التابعين كالحسن البصري وابن سيرين رضي اللّه عنهم والسيلان في السبيلين بالظهور على رأسهما وفي غير السبيلين بتجاوز النجاسة إلى محل يطلب تطهيره ولو ندبا فلا ينقض دم سال في داخل العين إلى جانب آخر منها بخلاف ما صلب من الأنف وقوله ( كدم وقيح ) إشارة إلى أن ماء الصديد ناقض كماء الثدي والسرة والأذن إذا كان لمرض على الصحيح ( و ) ينقضه ( قيء طعام أو ماء ) وإن لم يتغير ( أو علق ) هو سوداء محترقة ( أو مرة ) أي صفراء والنقض بأحد هذه الأشياء ( إذا ملأ الفم ) لتنجسه بما في قعر المعدة وهو مذهب العشرة المبشرين بالجنة ولأن النبي صلى اللّه عليه وسلم قاء فتوضأ قال الترمذي وهو أصح شيء في الباب ولقوله صلى اللّه عليه وسلم يعاد الوضوء من سبع من إقطار البول والدم السائل والقيء ومن دفعة تملأ الفم ونوم مضطجع وقهقة الرجل في الصلاة وخروج الدم ( وهو ) أي حد ملء الفم ( ما لا يطبق عليه الفم إلا بتكلف على الأصح ) من التفاسير فيه وقيل ما يمنع الكلام ( ويجمع ) تقديرا ( متفرق القيء إذا اتحد سببه ) عند محمد وهو الأصح فينقض إن كان قدر ملء الفم وقال أبو يوسف إن اتحد المكان وماء فم النائم إن نزل من الرأس فهو طاهر اتفاقا وكذا الصاعد من الجوف على المفتى به وقيل إن كان أصفر أو منتنا فهو نجس ( و ) ينقضه ( دم ) من جرح بفمه ( غلب على البزاق ) أي الريق ( أو ساواه ) احتياطا ويعلم باللون فالأصفر مغلوب وقيل الحمرة مساو وشديدها غالب والنازل من الرأس ناقض بسيلانه وإن قل بالإجماع وكذا الصاعد من الجوف رقيقا وبه أخذ عامة المشايخ ( و ) ينقضه ( نوم ) وهو فترة طبيعية تحدث فتمنع الحواس الظاهرة والباطنة عن العمل بسلامتها وعن استعمال العقل مع قيامه وهذا إذا لم ( تتمكن فيه المقعدة ) يعني المخرج ( من الأرض ) باضطجاع وتورك واستلقاء على القفا ولو كان مريضا يصلي بالإيماء على الصحيح وانقلاب على الوجه لزوال المسكة والناقض الحدث للإشارة إليه بقوله صلى اللّه عليه وسلم " العينان وكاء السه فإذا نامت العينان انطلق الوكاء " وفيه التنبيه على أن الناقض ليس النوم لأنه ليس حدثا وإنما ما لا يخلو النائم عنه فأقيم السبب الظاهر مقامه والنعاس الخفيف الذي يسمع به ما يقال عنده لا ينقض وإلا فهو الثقيل ناقض ( و ) ينقضه ( ارتفاع مقعدة ) قاعد ( نائم ) على الأرض ( قبل انتباهه ) وإن لم يسقط ) على الأرض ( في الظاهر ) من المذهب لزوال المقعدة ( و ) ينقضه ( إغماء ) وهو مرض يزيل القوى ويستر العقل ( و ) ينقضه ( جنون ) وهو مرض يزيل العقل ويزيد القوى ( و ) ينقضه ( سكر ) وهو خفة يظهر أثرها بالتمايل وتلعثم الكلام لزوال القوة الماسكة بظلمة الصدر وعدم انتفاع القلب بالعقل ( و ) ينقضه ( قهقهة ) مصل ( بالغ ) عمدا أو سهوا وهي ما يكون مسموعا لجيرانه والضحك ما يسمعه هو دون جيرانه يبطل الصلاة خاصة والتبسم لا يبطل شيئا وهو ما لا صوت فيه ولو بدت به الأسنان وقهقهة الصبي لا تبطل وضوءه لأنه ليس من أهل الزجر وقيل تبطله ( يقظان ) لا نائم على الأصح ( في صلاة ) كاملة ( ذات ركوع وسجود ) بالأصالة ولو وجدت بالإيماء سواء كان متوضئا أو متيمما أو مغتسلا في الصحيح لكونها عقوبة فلا يلزم القول بتجزئة الطهارة واحترزنا بالكاملة عن صلاة الجنازة وسجدة التلاوة لورود النص فلا ينقض فيهما وإن بطلتا ( و ) تنقص القهقهة في الكاملة و ( لو تعمد ) فاعلها ( الخروج بها من الصلاة ) بعد الجلوس الأخير ولم يبق إلا السلام لوجوده في حرمة الصلاة كما في سجود السهو والصلاة صحيحة لتمام فروضها وترك واجب السلام لا يمنعه ( و ) ينقضه مباشرة فاحشة وهي ( مس فرج ) أو دبر ( بذكر منتصب بلا حائل ) يمنع حرارة الجسد وكذا مباشرة الرجلين والمرأتين ناقضة ١١( فصل : عشرة أشياء لا تنقض الوضوء ) منها ( ظهور دم لم يسل عن محله ) لأنه لا ينجس جامدا ولا مائعا على الصحيح فلا يكون ناقضا ( و ) منها ( سقوط لحم من غير سيلان دم ) لطهارته وانفصال الطاهر لا يوجب الطهارة ( كالعرق المدني الذي يقال له رشته ) بالفارسية كما في فتاوى البزازية ( و ) منها ( خروج دودة من جرح وأذن وأنف ) لعدم نجاستها ولقلة الرطوبة التي معها بخلاف الخارجة من الدبر ( و ) منها ( مس ذكر ) ودبر وفرج مطلقا وهو مذهب كبار الصحابة كعمر وعلي وابن مسعود وابن عباس وزيد بن ثابت وصدور التابعين كالحسن وسعيد والثوري رضي اللّه تعالى عنهم لأن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم جاءه رجل كأنه بدوي فقال يا رسول اللّه ما تقول في رجل مس ذكره في الصلاة فقال " هل هو إلا بضعة منك أو مضغة منك " قال الترمذي وهذا الحديث أحسن شيء في هذا الباب ( و ) منها ( مس امرأة ) غير محرم لما في السنن الأربعة عن عائشة رضي اللّه عنها كان النبي صلى اللّه عليه وسلم يقبل بعض أزواجه ثم يصلي ولا يتوضأ واللمس في الآية المراد به الجماع كقوله تعالى " وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن " ( و ) منها ( قيء لا يملأ الفم ) لأنه من أعلى المعدة ( و ) منها ( قيء بلغم ولو ) كان ( كثيرا ) لعدم تخلل النجاسة فيه وهو طاهر ( و ) منها ( تمايل نائم احتمل زوال مقعدته ) لما في سنن أبي داود " كان أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ينتظرون العشاء حتى تخفق رؤوسهم ثم يصلون ولا يتوضئون " ( و ) منها ( نوم متمكن ) من الأرض ( ولو ) كان ( مستندا إلى شيء ) كحائط وسارية ووسادة بحيث ( لو أزيل ) المستند إليه ( سقط ) الشخص فلا ينتقض وضوءه ( على الظاهر ) من مذهب أبي حنيفة ( فيهما ) أي في المسألتين هذه والتي قبلها لاستقراره بالأرض فيأمن من خروج ناقض منه رواه أبو يوسف عن أبي حنيفة وهو الصحيح وبه أخذ عامة المشايخ وقال القدوري ينتقض وهو مروي عن الطحاوي ( و ) منها ( نوم مصل ولو ) نام ( راكعا أو ساجدا ) إذا كان ( على جهة ) أي صفة ( السنة ) في ظاهر المذهب بأن أبدى ضبعيه وجافى بطنه عن فخذيه لقوله صلى اللّه عليه وسلم " لا يجب الوضوء على من نام جالسا أو قائما أو ساجدا حتى يضع جنبه " فإذا اضطجع استرخت مفاصله وإذا نام كذلك خارج الصلاة لا ينتقض به وضوءه في الصحيح وإن لم يكن على صفة السجود والركوع المسنون انتقض وضوءه ( واللّه ) سبحانه ( الموفق ) بمحض فضله وكرمه |