Geri

   

 

 

İleri

 

١ [ المياه]

١

[ المياه التي يجوز التطهر بها سبعة مياه]

( المياه ) جمع كثرة وجمع القلة أمواه والماء جوهر شفاف لطيف سيال والعذب منه به حياة كل نام وهو ممدود وقد يقصر . وأقسام المياه ( التي يجوز ) أي يصح ( التطهير بها سبعة مياه )

- ١ - أصلها ( ماء السماء ) لقوله تعالى : ( ألم تر أن اللّه أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض ) وهو طهور لقوله تعالى : ( ليطهركم به ) وهو ماء المطر لأن السماء ككل ما علاك فأظلك وسقف البيت سماء وماء الطل وهو الندى مطهر في الصحيح

- ٢ - ( و ) كذا ( ماء البحر ) الملح لقوله صلى اللّه عليه وسلم " هو الطهور ماؤه الحل ميتته "

- ٣ - ( و ) كذا ( ماء النهر ) كسيحون وجيحون والفرات ونيل مصر وهي من الجنة

- ٤ - ( و ) كذا ( ماء البئر )

- ٥ و ٦ - ( و ) كذا ( ما ذاب من الثلج والبرد ) بفتح الباء الموحدة والراء المهملة واحترز به عن الذي يذوب من الملح لأنه لا يطهر يذوب في الشتاء ويجمد في الصيف عكس الماء وقبل انعقاده ملحا طهور

- ٧ - ( و ) كذا ( ماء العين ) الجاري على الأرض من ينبوع

والإضافة في هذه المياه للتعريف لا للتقييد والفرق بين الإضافتين : صحة إطلاق الماء على الأول دون الثاني إذ لا يصح أن يقال لماء الورد هذا ماء من غير قيد بالورد بخلاف ماء البئر لصحة إطلاقه فيه

٢

[ المياه على خمسة أقسام من حيث طهارتها وحكم التطهر بها]

( ثم المياه ) من حيث هي ( على خمسة أقسام ) لكل منها وصف يختص به

- أولها ( طاهر مطهر غير مكروه ) وهو الماء المطلق الذي لم يخالطه ما يصير به مقيدا

- ( و ) الثاني ( طاهر مطهر مكروه ) استعماله تنزيها على الأصح ( وهو ما شرب منه ) حيوان مثل ( الهرة ) الأهلية إذ الوحشية سؤرها نجس ( ونحوها ) أي الأهلية : الدجاجة المخلاة وسباع الطير والحية والفأرة لأنها لا تتحامى عن النجاسة وإصغاء النبي صلى اللّه عليه وسلم الإناء للّهرة كان حال علمه بزوال ما يقتضي الكراهة منها إذ ذاك ( و ) الذي يصير مكروها بشربها منه ما ( كان قليلا ) وسيأتي تقديره

- ( و ) الثالث ( طاهر ) في نفسه ( غير مطهر ) للحدث بخلاف الخبث ( وهو : ما استعمل ) في الجسد أو لاقاه بغير قصد ( لرفع حدث أو ) قصد استعماله ( لقربة ) وهي : ( كالوضوء ) في مجلس آخر ( على الوضوء بنيته ) أي الوضوء تقربا ليصير عبادة فإن كان في مجلس واحد كره ويكون الثاني غير مستعمل ومن القربة : غسل اليد للطعام أو منه لقوله صلى اللّه عليه وسلم : " الوضوء قبل الطعام بركة وبعده ينفي اللمم - أي الجنون - وقبله ينفي الفقر " فلو غسلها لوسخ وهو متوضئ ولم يقصد القربة لا يصير مستعملا : كغسل ثوب ودابة مأكولة

٣

( ويصير الماء مستعملا بمجرد انفصاله عن الجسد ) وإن لم يستقر بمحل على الصحيح وسقوط حكم الاستعمال قبل الانفصال لضرورة التطهير ولا ضرورة بعد انفصاله

٤

( ولا يجوز ) أي لا يصح الوضوء ( بماء شجر وثمر ) لكمال امتزاجه فلم يكن مطلقا ( ولو خرج بنفسه من غير عصر ) كالقاطر من الكرم ( في الأظهر ) احترز به عما قيل بأنه لا يجوز بماء يقطر بنفسه لأنه ليس لخروجه بلا عصر تأثير في نفي القيد وصحة نفي الاسم عنه وإنما صح إلحاق المائعات المزيلة بالماء المطلق لتطهير النجاسة الحقيقية : لوجود شرط الإلحاق وهي : تناهي أجزاء النجاسة بخروجها مع الغسلات وهو منعدم في الحكمية لعدم نجاسة محسوسة بأعضاء المحدث والحدث أمر شرعي له حكم النجاسة لمنع الصلاة معه وعين الشارع لإزالته آلة مخصوصة فلا يمكن إلحاق غيرها بها . ( ولا ) يجوز الوضوء ( بماء زال طبعه ) - وهو : الرقة والسيلان والإرواء والإنبات ( بالطبخ ) بنحو حمص وعدس لأنه إذا برد ثخن كما إذا طبخ بما يقصد به النظافة - كالسدر - وصار به ثخينا وإن بقي على الرقة جاز به الوضوء . ولما كان تقييد الماء يحصل بأحد الأمرين : كمال الامتزاج بتشرب النبات أو الطبخ بما ذكرناه بين الثاني وهو : غلبة الممتزج بقوله : ( أو بغلبة غيره ) أي غير الماء ( عليه ) أي على الماء ولما كانت الغلبة مختلفة باختلاف المخالط بغير طبخ ذكر ملخص ما جعله المحققون ضابطا في ذلك فقال :

٥

( والغلبة ) تحصل ( في مخالطة ) الماء لشيء من ( الجامدات ) الطاهرة ( بإخراج الماء عن رقته ) فلا ينعصر عن الثوب ( و ) إخراجه عن ( سيلانه ) فلا يسيل على الأعضاء سيلان الماء ( و ) أما إذا بقي على رقته وسيلانه : فإنه ( لا يضر ) أي لا يمنع جواز الوضوء به ( تغير أوصافه كلها بجامد : ) خالطه بدون طبخ ( كزعفران وفاكهة وورق شجر ) لما في البخاري ومسلم : أن النبي صلى اللّه عليه وسلم أمر بغسل الذي وقصته ناقته وهو محرم بماء وسدر وأمر قيس بن عاصم حين أسلم أن يغتسل بماء وسدر واغتسل النبي صلى اللّه عليه وسلم بماء فيه أثر العجين وكان النبي صلى اللّه عليه وسلم يغتسل ويغسل رأسه بالخطمي [ ١] وهو جنب ويجتزئ بذلك .

( والغلبة ) تحصل ( في ) مخالطة ( المائعات : بظهور وصف واحد ) كلون فقط أو طعم ( من مائع له وصفان فقط ) أي لا ثالث له ومثل ذلك بقوله : ( كاللبن له اللون والطعم ) فإن لم يوجد أجاز به الوضوء وإن وجد أحدهما لم يجز كما لو كان المخالط له وصف واحد فظهر وصفه : كبعض البطيخ ليس له إلا وصف واحد ( و ) قوله ( لا رائحة له ) زيادة إيضاح لعلمه من بيان الوصفين . ( و ) الغلبة توجد ( بظهور وصفين من مائع له ) أوصاف ( ثلاثة ) وذلك ( كالخل ) له لون وطعم وريح فأي وصفين منها ظهرا منعا صحة الوضوء والواحد منها لا يضر لقلته

( والغلبة في ) مخالطة ( المائع الذي لا وصف له ) يخالف الماء بلون أو طعم أو ريح : ( كالماء المستعمل ) فإنه بالاستعمال لم يتغير له طعم ولا لون ولا ريح وهو طاهر في الصحيح ( و ) مثله ماء ( الورد المنقطع الرائحة : تكون ) الغلبة ( بالوزن ) لعدم التميز بالوصف لفقده ( فإن اختلط رطلان ) مثلا ( من الماء المستعمل ) أو ماء الورد الذي انقطعت رائحته ( برطل من ) الماء ( المطلق لا يجوز به الوضوء ) لغلبة المقيد ( وبعكسه ) وهو : لو كان الأكثر المطلق ( جاز ) به الوضوء وإن استويا لم يذكر حكمه في ظاهر الرواية وقال المشايخ : حكمه حكم المغلوب احتياطا

_________

[ ( ١ ) القاموس : العضرس . . . شجر الخطمي

النهاية : أرن : . . . الأرينة : نبت معروف يشبه الخطمي

النهاية : والغسل بالفتح : المصدر وبالكسر : ما يغسل به من خطمي وغيره]

_________

- ( و ) القسم ( الرابع ) من المياه : ( ماء نجس وهو : الذي حلت ) أي وقعت ( فيه نجاسة ) وعلم وقوعها يقينا أو بغلبة الظن وهذا في غير قليل الأرواث لأنه معفو عنه كما سنذكره ( وكان ) الماء ( راكدا ) أي ليس جاريا وكان ( قليلا والقليل ) هو : ( ما ) مساحة محله ( دون عشر في عشر ) بذراع العامة - والذراع - يذكر ويؤنث - وإن كان قليلا وأصابته نجاسة ( فينجس بها وإن لم يظهر أثرها ) أي النجاسة ( فيه ) وأما إذا كان عشرا في عشر بحوض مربع أو سنة وثلاثين في مدور وعمقه أن يكون بحال لا تنكشف أرضه بالغرف منه على الصحيح وقيل : يقدر عمقه بذراع أو شبر فلا ينجس إلا بظهور وصف للنجاسة فيه حتى موضع الوقوع وبه أخذ مشايخ بلخ توسعة على الناس والتقدير بعشر في عشر هو المفتى به ولا بأس بالوضوء والشرب من جب يوضع كوزه في نواحي الدار ما لم يعلم تنجسه ومن حوض يخاف أن يكون فيه قذر ولا يتيقن ولا يجب أن يسأل عنه ومن البئر التي تدلى فيها الدلاء والجرار الدنسة وتحملها الصغار والإماء ويمسها الرستاقيون بأيد دنسة ما لم تتيقن النجاسة أو كان ( جاريا ) عطف على راكدا ( وظهر فيه ) أي الجاري ( أثرها ) فيكون نجسا ( والأثر : طعم ) النجاسة ( أو لون أو ريح ) لها لوجود عين النجاسة بأثرها

- ( و ) النوع ( الخامس : ماء مشكوك في طهوريته ) لا في طهارته ( وهو : ما شرب منه حمار أو بغل ) وكانت أمه أتانا لا رمكة لأن العبرة للأم كما سنذكره في الأسآر إن شاء اللّه تعالى

( فصل ) : في بيان أحكام السؤر

( والماء القليل ) الذي بينا قدره بدون عشر في عشر ولم يكن جاريا ( إذا شرب منه حيوان يكون على ) أحد ( أربعة أقسام - و ) ما أبقاه بعد شربه ( يسمى سؤرا ) بهمز عينه ويستعار الاسم لبقية الطعام والجمع أسآر والفعل : أسأر أي أبقى شيئا مما شربه والنعت منه سآر على غير قياس لأنه قياسه مسئر ونظيره أجبره فهو جبار - ( الأول ) من الأقسام : سؤر ( طاهر مطهر ) بالاتفاق من غير كراهة في استعماله ( وهو : ما شرب منه آدمي ) ليس بفمه نجاسة لما روى مسلم عن عائشة رضي اللّه عنها قالت : " كنت أشرب وأنا حائض فأناوله النبي صلى اللّه عليه وسلم فيضع فاه على موضع في " ولا فرق بين الكبير والصغير والمسلم والكافر والحائض والجنب وإذا تنجس فمه فشرب الماء من فوره تنجس وإن كان بعد ما تردد البزاق في فمه مرات وألقاه أو ابتلعه قبل الشرب فلا يكون سؤره نجسا عند أبي حنيفة وأبي يوسف لكنه مكروه لقول محمد بعدم طهارة النجاسة بالبزاق عنده ( أو ) شرب منه ( فرس ) فإن سؤر الفرس طاهر بالاتفاق على الصحيح من غير كراهة ( أو ) شرب منه ( ما ) بمعنى حيوان ( يؤكل لحمه ) كالإبل والبقر والغنم ولا كراهة في سؤرها إن لم تكن جلالة تأكل الجلة بالفتح وهي في الأصل البعرة وقد يكنى بها عن العذرة فإن كانت جلالة فسؤرها من القسم الثالث مكروه ( و ) القسم ( الثاني ) : سؤر ( نجس ) نجاسة غليظة وقيل خفيفة ( لا يجوز استعماله ) أي لا يصح التطهير به بحال ولا يشربه إلا مضطر كالميتة ( وهو ) : أي السؤر النجس ( ما شرب منه الكلب ) سواء فيه كلب صيد وماشية وغيره لما روى الدار قطني عن أبي هريرة عن النبي صلى اللّه عليه وسلم في الكلب يلغ في الإناء أنه يغسل ثلاثا أو خمسا أو سبعا ( أو ) شرب منه الخنزير لنجاسة عينه لقوله تعالى : ( فإنه رجس ) ( أو ) شرب منه ( شيء ) بمعنى حيوان ( من سباع البهائم ) احترز به عن سباع الطير وسيأتي حكمها والسبع حيوان مختطف منتهب عاد عادة ( كالفهد والذئب ) والضبع والنمر والسبع والقرد لتولد لعابها من لحمها وهو نجس كلبنها ( و ) القسم ( الثالث ) : سؤر ( مكروه استعماله ) في الطهارة كراهة تنزيه ( مع وجود غيره ) مما لا كراهة فيه ولا يكره عند عدم الماء لأنه طاهر لا يجوز المصير إلى التيمم مع وجوده ( وهو : سؤر الهرة ) الأهلية لسقوط حكم النجاسة اتفاقا لعلة الطواف المنصوص عليه بقوله صلى اللّه عليه وسلم " إنها ليست بنجسة إنها من الطوافين عليكم والطوافات " قال الترمذي حديث حسن صحيح ولكن يكره سؤرها تنزيها على الأصح لأنها لا تتحامى عن النجاسة كماء غمس صغير يده فيه وحمل إصغاء النبي صلى اللّه عليه وسلم لها الإناء على زوال ذلك الوهم بعلمه بحالها في زمان لا يتوهم نجاسة فمها بمنجس تناولته . والهرة البرية سؤرها نجس لفقد علة الطواف فيها ويكره أن تلحس الهرة كف إنسان ثم يصلي قبل غسله أو يأكل بقية ما أكلت منه إن كان غنيا يجد غيره ولا يكره أكله للفقير للضرورة ( و ) سؤر ( الدجاجة ) بتثليث الدال وتاؤها للوحدة لا للتأنيث والدجاج مشترك بين الذكر والأنثى والدجاجة الأنثى خاصة ولهذا لو حلف لا يأكل لحم دجاجة لا يحنث بلحم الديك ويكره سؤر ( المخلاة ) : التي تجول في القاذورات ولم يعلم طهارة منقارها من نجاسته فكره سؤرها للشك فإن لم يكن كذلك فلا كراهة فيه بأن حبست فلا يصل منقارها لقذر ( و ) سؤر ( سباع الطير : كالصقر والشاهين والحدأة ) والرخم والغراب مكروه لأنها تخالط الميتات والنجاسات فأشبهت الدجاجة المخلاة حتى لو تيقن أنه لا نجاسة على منقارها لا يكره سؤرها وكان القياس نجاسته لحرمة لحمها كسباع البهائم لكن طهارته استحسان لأنها تشرب بمنقارها وهو عظم طاهر وسباع البهائم تشرب بلسانها وهو مبتل بلعابها النجس ( و ) سواكن البيوت مما له دم سائل ( كالفأرة ) والحية والوزغة مكروه للزوم طوافها وحرمة لحمها النجس و ( لا ) كذلك سؤر ( العقرب ) والخنفس والصرصر لعدم نجاستها فلا كراهة فيه . ( و ) القسم ( الرابع : ) سؤر ( مشكوك ) أي متوقف ( قي ) حكم ( طهوريته ) فلم يحكم بكونه مطهرا جزما ولم ينف عنه الطهورية ( وهو : سؤر البغل ) الذي أمه أتان ( والخمار ) وهو يصدق على الذكر والأنثى لأن لعابه طاهر على الصحيح والشك لتعارض الخبرين في إباحة لحمه وحرمته والبغل متولد من الحمار فأخذ حكمه ( فإن لم يجد ) المحدث ( غيره ) أي غير سؤر البغل والحمار ( توضأ به وتيمم ) والأفضل تقديم الوضوء لقول زفر بلزوم تقديمه والأحوط أن ينوي للاختلاف في لزوم النية في الوضوء بسؤر الحمار ( ثم صلى ) فتكون صلاته صحيحة بيقين لأن الوضوء به لو صح لم يضره التيمم وكذا عكسه ومن قال من مشايخنا إن سؤر الفحل نجس لأنه يشم البول فتنجس شفتاه فهو غير سديد لأنه أمر موهوم لا يغلب وجوده ولا يؤثر في إزالة النابت ويستحب غسل الأعضاء بعد ذلك بالماء لإزالة أثر المشكوك والمكروه

٦

( فصل ) في التحري ( لو اختلط ) اختلاط مجاورة لا ممازجة ( أوان ) جمع إناء ( أكثرها طاهر ) وأقلها نجس ( تحري للتوضؤ ) والاغتسال قيد بالأكثر لأنه يتيمم عند تساوي الأواني والأفضل أن يمزجها أو يريقها فيتيمم لفقد المطهر قطعا وإن وجد ثلاثة رجال ثلاث أوان أحدها نجس وتحرى كل إناء صحت صلاتهم وحدانا ( و ) كذا يتحرى مع كثرة الطاهر لإرادة ( الشرب ) لأن المغلوب كالمعدوم ولو اختلط إناآن ولم يتحر وتوضأ بكل وصلى صحت إن مسح في موضعين من رأسه لا في موضع لأن تقديم الطاهر مزيل للحدث وقد تنجس بالثاني وفاقد المطهر يصلي مع النجاسة وطهر بالغسل الثاني إن قدم النجس ومسح محلا آخر من رأسه وإن مسح محلا بالماءين دار الأمر بين الجواز لو قدم الطاهر وعدم الجواز لتنجس البلل بأول ملاقاة لو أخر الطاهر فلا يجوز للشك احتياطا ( وإن كان أكثرها ) أي المختلطة بالمجاورة ( نجسا لا يتحرى إلا للشرب ) لنجاسة كلها حكما للغالب فيريقها عند عامة المشايخ ويمزجها لسقي الدواب عند الطحاوي ثم يتيمم . ( وفي ) وجود ( الثياب المختلطة يتحرى ) مطلقا أي : ( سواء كان أكثرها طاهرا أو نجسا ) لأنه لا خلف للثوب في ستر العورة والماء يخلفه التراب وإن صلى في أحد ثوبين متحريا لنجاسة أحدهما ثم أراد صلاة أخرى فوقع تحريه في غير الذي صلى فيه لم يصح لأن إمضاء الاجتهاد لا ينقض بمثله إلا في القبلة لأنها تحتمل الانتقال إلى جهة أخرى بالتحري لأنه أمر شرعي والنجاسة أمر حسي لا يصيرها طاهرة بالتحري للزوم الإعادة بظهور النجاسة بعد التحري في الثياب والأواني فمتى جعلنا الثوب طاهرا بالاجتهاد للضرورة لا يجوز جعله نجسا باجتهاد مثله فتفسد كل صلاة يصليها بالذي تحرى نجاسته أولا وتصح بالذي تحرى طهارته ولو تعارض عدلان في الحل والحرمة بأن أخبر عدل بأن هذا اللحم ذبحه مجوسي وعدل آخر أنه زكاه مسلم لا يحل لبقائه على الحرمة بتهاتر الخبرين ولو أخبرا عن ماء وتهاترا بقي على أصل الطهارة

٧

( فصل ) : في مسائل الآبار والواقع فيها روث أو حيوان أو قطرة من دم ونحوه

وحكمها أن ( تنزح البئر ) أي ماؤها لأنه من إسناد الفعل إلى البئر وإرادة الماء الحال بالبئر ( الصغيرة ) وهي : ما دون عشر في عشر ( بوقوع نجاسة ) فيها ( وإن قلت ) النجاسة التي ( من غير الأرواث ) وقدر القليل : ( كقطرة دم أو ) قطرة ( خمر ) لأن قليل النجاسة ينجس قليل الماء وإن لم يظهر أثره فيه ( و ) تنزح ( بوقوع خنزير ولو خرج حيا و ) الحال أنه ( لم يصب فمه الماء ) لنجاسة عينه ( و ) تنزح ( بموت كلب ) قيد بموته فيها لأنه غير نجس العين على الصحيح فإذا لم يمت وخرج حيا ولم يصل فمه الماء لا ينجس ( أو ) موت ( شاة أو ) موت ( آدمي فيها ) لنزح ماء زمزم بموت زنجي وأمر ابن عباس وابن الزبير رضي اللّه عنهم به بمحضر من الصحابة من غير نكير ( و ) تنزح ( بانتفاخ حيوان ولو ) كان ( صغيرا ) لانتشار النجاسة ( و ) تنزح وجوبا ( ملئتا دلو ) وسط وهو المستعمل كثيرا في تلك البئر ويستحب زيادة مائة ولو نزح الواجب في أيام أو غسل الثوب النجس في أيام طهر وتطهير البئر بانفصال الدلو الأخير عن فمها عندهما وعند محمد بانفصاله عن الماء ولو قطر في البئر للضرورة وقال يشترط الانفصال لبقاء الاتصال بالقاطر بها وقدر محمد رحمه اللّه تعالى الواجب بمائتي دلو ( لو لم يمكن نزحها ) وأفتى به لما شاهد آبار بغداد كثيرة المياه لمجاورة دجلة والأشبه أن يقدر ما فيها بشهادة رجلين لهما خبرة بأمر الماء وهو الأصح ( وإن مات فيها ) أي البئر ( دجاجة أو هرة أو نحوهما ) في الجثة ولم تنتفخ ( لزم نزح أربعين دلوا ) بعد إخراج الواقع منها روي التقدير بالأربعين عن أبي سعيد الخدري في الدجاجة وما قاربها يعطى حكمها وتستحب الزيادة إلى خمسين أو ستين لما روي عن عطاء والشعبي ( وإن مات فيها فأرة ) بالهمز ( أو نحوها ) كعصفور ولم ينتفخ ( لزم نزح عشرين دلوا ) بعد إخراجه لقول أنس رضي اللّه عنه في فأرة ماتت في البئر وأخرجت من ساعتها : ينزح عشرون دلوا وتستحب الزيادة إلى ثلاثين لاحتمال زيادة الدلو المذكور في الأثر على ما قدر به من الوسط ( وكان ذلك ) المنزوح ( طهارة للبئر والدلو والرشاء ) والبكرة ( ويد المستقى ) روي ذلك عن أبي يوسف والحسن لأن نجاسة هذه الأشياء كانت بنجاسة الماء فتكون طهارتها بطهارته نفيا للحرج كطهارة دن الخمر بتخللّها وطهارة عروة الإبريق بطهارة اليد إذا أخذها كلما غسل يده وروي عن أبي يوسف أن الأربع من الفئران كفأرة واحدة والخمس كالدجاجة إلى التسع والعشر كالشاة وقال محمد الثلاث إلى الخمس كالهرة والست كالكلب وهو ظاهر الرواية وما كان بين الفأرة والهرة فحكمه حكم الفأرة وما كان بين الهرة والكلب فحكمه حكم الهرة وإن وقع فأرة وهرة فهما كهرة ويدخل الأقل في الأكثر ( ولا تنجس البئر بالبعر ) وهو للإبل والغنم وبعر يبعر من حد منع ( والروث ) للفرس والبغل والحمار من حد نصر ( والخثي [ ١] ) بكسر الخاء - واحد الأخثاء للبقر من باب ضرب ؟ ؟ - ولا فرق بين آبار الأمصار والفلوات في الصحيح ولا فرق بين الرطب واليابس والصحيح والمنكسر في ظاهر الرواية لشمول الضرورة فلا تنجس ( إلا أن ) يكون كثيرا وهو ما ( يستكثره الناظر ) والقليل ما يستقله وعليه الاعتماد ( أو أن لا يخلو دلو عن بعرة ) ونحوها كما صححه في المبسوط

( ولا يفسد ) أي لا ينجس ( الماء بخرء حمام ) الخرء بالفتح واحد الخرء بالضم مثل قرء وقرء وعن الجوهري بالضم كجند وجنود والواو بعد الراء غلط ( و ) لا ينجس بخرء ( عصفور ) ونحوها مما يؤكل من الطيور غير الدجاج والإوز [ ٢] والحكم بطهارته استحسان لأن النبي صلى اللّه عليه وسلم شكر الحمامة وقال إنها أوكرت على باب الغار حتى سلمت فجازاها اللّه تعالى المسجد مأواها فهو دليل على طهارة ما يكون منها ومسح ابن مسعود رضي اللّه عنه خرء الحمامة بأصبعه والاختيار في كثير من كتب المذهب طهارته عندنا واختلف التصحيح في طهارة خرء ما لا يؤكل من الطيور ونجاسته مخففة ( ولا ) ينجس الماء ولا المائعات على الأصح ( بموت ما ) بمعنى حيوان ( لا دم له ) سواء البري والبحري ( فيه ) أي الماء أو المائع وهو ( كسمك وضفدع ) بكسر الدال أفصح والفتح لغة ضعيفة والأنثى ضفدعة والبري يفسده إن كان له دم سائل ( وحيوان الماء ) كالسرطان وكلب الماء وخنزيره لا يفسده ( وبق ) هو كبار البعوض واحده بقة وقد يسمى به الفسفس في بعض الجهات وهو حيوان كالقراد شديد النتن ( وذباب ) سمي به لأنه كلما ذب آب أي كلما طرد رجع ( وزنبور ) بالضم ( وعقرب ) وخنفس وجراد وبرغوث وقمل لقوله صلى اللّه عليه وسلم " إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه ثم لينزعه فإن في أحد جناحيه داء وفي الآخر شفاء " رواه البخاري زاد أبو داود " وأنه يتقى بجناحيه الذي فيه الداء " وقوله صلى اللّه عليه وسلم " يا سلمان كل طعام وشراب وقعت فيه دابة ليس لها دم فماتت فيه فهو حلال أكله وشربه ووضوءه " ( ولا ) ينجس الماء ( بوقوع آدمي و ) لا بوقوع ( ما يؤكل لحمه ) كالإبل والبقر والغنم ( إذا خرج حيا ولم يكن على بدنه نجاسة ) متيقنة ولا ينظر إلى ظاهر اشتمال أبوالها على أفخاذها ( ولا ) الماء ( بوقوع بغل وحمار وسباع طير ) كصقر وشاهين وحدأة ( و ) لا يفسد بوقوع ( وحش ) كسبع وقرد ( في الصحيح ) لطهارة بدنها وقيل يجب نزح كل الماء إلحاقا لرطوبتها بلعابها ( وإن وصل لعاب الواقع إلى الماء أخذ ) الماء ( حكمه ) طهرة ونجاسة وكراهة وقد علمته في الأسآر فينزح بالنجس والمشكوك وجوبا ويستحب في المكروه عدد من الدلاء لو طاهرا وقيل عشرين ( ووجود حيوان ميت فيها ) أي البئر ( ينجسها من يوم وليلة ) عند الإمام احتياطا ( ومنتفخ ) ينجسها ( من ثلاثة أيام ولياليها إن لم يعلم وقت وقوعه ) لأن الانتفاخ دليل تقادم العهد فيلزم إعادة صلوات تلك المدة إذا توضئوا منها وهم محدثون أو اغتسلوا من جنابة وإن كانوا متوضئين أو غسلوا الثياب لا عن نجاسة فلا إعادة إجماعا وإن غسلوا الثياب من نجاسة ولم يتوضئوا منها فلا يلزمهم إلا غسلها في الصحيح لأنه من قبيل وجود النجاسة في الثوب ولم يدر وقت إصابتها ولا يعيد صلاته اتفاقا هو الصحيح وقال أبو يوسف ومحمد يحكم بنجاستها من وقت العلم بها ولا يلزمهم إعادة شي من الصلوات ولا غسل ما أصابه ماؤها في الزمن الماضي حتى يتحققوا متى وقعت فإن عجن الآن بمائها قيل يلقى للكلاب أو يعلف به المواشي وقال بعضهم يباع لشافعي وإن وجد بثوبه منيا أعاد من آخر نومة وفي الدم لا يعد شيئا لأنه يصيبه من الخارج

_________

[ ( ١ ) القاموس : خثى البقر أو الفيل يخثي خثيا : رمى بذي بطنه والاسم : الخثي بالكسر]

[ ( ٢ ) الإوز : هكذا في القاموس والنهاية]

٨

( فصل في الاستنجاء )

هو قلع النجاسة بنحو الماء ومثل القلع التقليل بنحو الحجر

( يلزم الرجل الاستبراء ) عبر باللازم لأنه أقوى من الواجب لفوات الصحة بفوته لا بفوت الواجب والمراد طلب براءة المخرج عن أثر الرشح ( حتى يزول أثر البول ) بزوال البلل الذي يظهر على الحجر بوضعه على المخرج ( و ) حينئذ ( يطمئن قلبه ) أي الرجل ولا تحتاج المرأة إلى ذلك بل تصبر قليلا ثم تستنجي واستبراء الرجل ( على حسب عادته إما بالمشي أو بالتنحنح أو الاضطجاع ) على شقه الأيسر ( أو غيره ) بنقل أقدام وركض وعصر ذكره برفق لاختلاف عادات الناس فلا يقيد بشيء

( ولا يجوز ) أي لا يصح ( له الشروع في الوضوء حتى يطمئن بزوال رشح البول ) لأن ظهور الرشح برأس السبيل مثل تقاطره يمنع صحة الوضوء

[ صفة الاستنجاء]

( و ) صفة ( الاستنجاء ) ليس إلا قسما واحدا وهو أنه ( سنة ) مؤكدة للرجال والنساء لمواظبة النبي صلى اللّه عليه وسلم ولم يكن واجبا لتركه عليه السلام له في بعض الأوقات وقال عليه السلام " من استجمر فليوتر ومن فعل هذا فقد أحسن ومن لا فلا حرج " وما ذكره بعضهم من تقسيمه إلى فرض وغيره فهو توسع وإنما قيدناه ( من نجس ) لأن الريح طاهر على الصحيح والاستنجاء منه بدعة وقولنا ( يخرج من السبيلين ) جرى على الغالب إذ لو أصاب المخرج نجاسة من غيره يظهر بالاستنجاء كالخارج ولو كان قيحا أو دما في حق العرق وجواز الصلاة معه لإجماع المتأخرين على أنه لو سال عرقه وأصاب ثوبه أكثر من درهم لا يمنع جواز الصلاة وإذا جلس في ماء قليل نجسه وقوله ( ما لم يتجاوز المخرج ) قيد لتسميته استنجاء ولكونه مسنونا

( وإن تجاوز ) المخرج ( وكان ) المتجاوز ( قدر الدرهم ) لا يسمى استنجاء و ( وجب إزالته بالماء ) أو المائع لأنه من باب إزالة النجاسة فلا يكفي الحجر بمسحه

( وإن زاد ) المتجاوز ( على ) قدر ( الدرهم ) المثقالي وهو عشرون قيراطا في المتجسدة أو على قدره مساحة في المائعة ( افترض غسله ) بالماء أو المائع

( ويفترض غسل ما في المخرج عند الاغتسال من الجنابة والحيض والنفاس ) بالماء المطلق ( وإن كان ما في المخرج قليلا ) ليسقط فرضية غسله للحدث

٩

( و ) يسن ( يستنجي بحجر منق ) بأن لا يكون خشنا كالآخر ولا أملس كالعقيق لأن الإنقاء هو المقصود ولا يكون إلا بالمنقي ( ونحوه ) من كل طاهر مزيل بلا ضرر وليس متقوما ولا محترما

( والغسل بالماء ) المطلق ( أحب ) لحصول الطهارة المتفق عليها وإقامة السنة على الوجه الأكمل لأن الحجر مقلل والمائع غير الماء مختلف في تطهيره ( والأفضل ) في كل زمان ( الجميع بين ) استعمال ( الماء والحجر ) مرتبا ( فيسمح ) الخارج ( ثم يغسل ) المخرج لأن اللّه تعالى أثنى على أهل قباء بإتباعهم الأحجار الماء فكان الجميع سنة على الإطلاق في كل زمان وهو الصحيح وعليه الفتوى ( ويجوز ) أي يصح ( أن يقتصر على الماء ) فقط وهو يلي الجمع بين الماء والحجر في الفضل ( أو الحجر ) وهو دونهما في الفضل ويحصل به السنة وإن تفاوت الفضل ( والسنة إنقاء المحل ) لأنه المقصود ( والعدد في ) جعل ( الأحجار ) ثلاثة ( مندوب ) لقوله عليه السلام " من استجمر فليوتر " لأنه يحتمل الإباحة فيكون العدد مندوبا ( لا سنة مؤكدة ) لما ورد من التخيير لقوله صلى اللّه عليه وسلم " من استجمر فليوتر من فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج " فإنه محكم في التخيير ( فيستنجي ) مريد الفضل ( بثلاثة أحجار ) يعني بإكمال عددها ثلاثة ( ندبا إن حصل التنظيف ) أي الإنقاء ( بدونها ) ولما كان المقصود هو الإنقاء ذكر كيفية يحصل بها على الوجه الأكمل فقال

١٠

( وكيفية الاستنجاء ) بالأحجار ( أن يمسح بالحجر الأول ) بادئا ( من جهة المقدم ) أي القبل ( إلى خلف وبالثاني من خلف إلى قدام ) وهذا الترتيب ( إذا كانت الخصية مدلاة ) سواء كان صيفا أو شتاء خشية تلويثها ( وإن كانت غير مدلاة يبتدئ من خلف إلى قدام ) لكونه أبلغ في التنظيف ( والمرأة تبتدئ من قدام إلى خلف خشية تلويث فرجها ثم ) بعد المسح ( يغسل يده أولا ) أي ابتداء ( بالماء ) اتقاء عن تشرب جسده الماء النجس بأول الاستنجاء ( ثم يدلك المحل بالماء بباطن أصبع أو أصبعين ) في الابتداء ( أو ثلاث إن احتاج ) إليها فيه ( ويصعد الرجل أصبعه الوسطى على غيرها ) تصعيدا قليلا ( في ابتداء الاستنجاء ) لينحدر الماء النجس من غير شيوع على جسده ( ثم ) إذا غسل قليلا ( يصعد بنصره ) ثم خنصره ثم السبابة إن احتاج ليتمكن من التنظيف ( ولا يقتصر على أصبع واحدة ) لأنه يورث مرضا ولا يصل به كمال النظافة ( والمرأة تصعد بنصرها وأوسط أصابعها معا ابتداء خشية حصول اللذة ) لو ابتدأت بأصبع واحدة فربما وجب عليها الغسل ولم تشعر والعذراء لا تستنجي بأصابعها بل براحة كفها خوفا من إزالة العذرة ( ويبالغ ) المستنجي ( في التنظيف حتى يقطع الرائحة الكريهة ) ولم يقدر بعدد لأن الصحيح تفويضه إلى الرأي حتى يطمئن القلب بالطهارة بيقين أو غلبة الظن وقيل يقدر في حق الموسوس بسبع أو ثلاث وقيل في الإحليل بثلاث وفي المقعدة بخمس وقيل بتسع وقيل بعشر ( و ) يبالغ ( في إرخاء المقعدة ) فيزيل ما في الشرج بقدر الإمكان ( إن لم يكن صائما ) والصائم لا يبالغ حفظا للصوم عن الفساد ويحترز أيضا من إدخال الأصبع مبتلة لأنه يفسد الصوم ( فإذا فرغ ) من الاستنجاء بالماء ( غسل يده ثانيا ونشف مقعده قبل القيام ) لئلا تجذب المقعدة شيئا من الماء ( إذا كان صائما ) ويستحب لغير الصائم حفظا للثوب عن الماء المستعمل

١١

( فصل ) فيما يجوز به الاستنجاء وما يكره به وما يكره فعله

( لا يجوز كشف العورة للاستنجاء ) لحرمته والفسق به فلا يرتكبه لإقامة السنة ويمسح المخرج من تحت الثياب بنحو حجر وإن تركه صحت الصلاة بدونه ( وإن تجاوزت النجاسة مخرجها وزاد المتجاوز ) بانفراده ( على قدر الدرهم ) - وزنا في المتجسدة ومساحة في المائعة - ( لا تصح معه الصلاة ) لزيادته عن القدر المفوه عنه ( إذا وجد ما يزيله ) من مائع أو ماء

( ويحتال لإزالته من غير كشف العورة عند من يراه ) تحرزا عن ارتكاب المحرم بالقدر الممكن وأما إذا لم يزد إلا بالضم لما في المخرج فلا يضر تركه لأن ما في المخرج ساقط الاعتبار

١٢

( ويكره الاستنجاء بعظم ) وروث لقوله عليه الصلاة والسلام " لا تستنجوا بالروث ولا بالعظام فإنهما زاد إخوانكم من الجن " فإذا وجدوهما صار العظم كأن لم يؤكل فيأكلونه وصار الروث شعيرا وتبنا لدوابهم معجزة للنبي صلى اللّه عليه وسلم والنهي يقتضي التحريم ( وطعام لآدمي أو بهيمة ) للإهانة والإسراف وقد نهى عنه عليه الصلاة والسلام ( وآجر ) بمد الهمزة وضم الجيم وتشديد الراء المهملة فارسي معرب وهو الطوب بلغة أهل مصر ويقال له آجور على وزن فاعول - اللبن المحرق - فلا ينقي المحل ويؤذيه فيكره ( وخزف ) صغار الحصى فلا ينقي ويلوث اليد ( وفحم ) لتلويثه ( وزجاج وجص ) لأنه يضر المحل ( وشيء محترم ) لتقومه ( كخرقه ديباج وقطن ) لإتلاف المالية والاستنجاء بها يورث الفقر

( و ) يكره الاستنجاء ( باليد اليمنى ) لقوله صلى اللّه عليه وسلم " إذا بال أحدكم فلا يمسح بيمينه وإذا شرب فلا يشرب نفسا واحدا " ( إلا من عذر ) باليسرى فيستنجي بصب خادم أو من ماء جار

١٣

( ويدخل الخلاء ) - ممدودا - المتوضأ والمراد بيت التغوط ( برجله اليسرى ) ابتداء مستور الرأس استحبابا تكرمة لليمنى لأنه مستقذر يحضره الشيطان

( و ) لهذا ( يستعيذ ) أي يعتصم ( باللّه من الشيطان الرجيم قبل دخوله ) وقبل كشف عورته ويقدم تسمية اللّه تعالى على الاستعاذة لقوله عليه الصلاة والسلام " ستر ما بين أعين الجن وعورات بني آدم إذا دخل أحدكم الخلاء أن يقول بسم اللّه " ولقوله عليه السلام " إن الحشوش محتضرة فإذا أتي فليقل أعوذ باللّه من الخبث والخبائث " والشيطان معروف وهو من شطن يشطن إذا بعد ويقال فيه شاطن وشيطن ويسمى بذلك كل متمرد من الجن والإنس والدواب لبعد غوره في الشر وقيل من شاط يشيط إذا هلك فالمتمرد هالك بتمرده ويجوز أن يكون مسمى بفعلان لمبالغته في إهلاك غيره والرجيم مطرود باللعن والحشوش جمع الحش بالفتح والضم بستان النخيل في الأصل ثم استعمل في موضع قضاء الحاجة واحتضارها رصد بني آدم بالأذى والفضاء يصير مأواهم بخروج الخارج

( ويجلس معتمدا على يساره ) لأنه أسهل لخروج الخارج ويوسع في ما بين رجليه

( ولا يتكلم إلا لضرورة ) لأنه يمقت به

( ويكره تحريما استقبال القبلة ) بالفرج حال قضاء الحاجة واختلفوا في استقبالها للتطهير واختار التمرتاشي عدم الكراهة ( و ) يكره ( استدبارها ) لقوله عليه السلام " إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها ولكن شرقوا أو غربوا " وهو بإطلاقه منهي عنه ( ولو في البنيان ) وإذا جلس مستقبلا ناسيا فتذكر وانحرف إجلالا لها لم يقم من مجلسه حتى يغفر له كما أخرجه الطبراني مرفوعا ويكره إمساك الصبي نحو القبلة للبول

( و ) يكره ( استقبال عين الشمس والقمر ) لأنهما آيتان عظيمتان ( ومهب الريح ) لعوده به فينجسه

( ويكره أن يبول أو يتغوط في الماء ) ولو جاريا وبقرب بئر ونهر وحوض ( والظل ) الذي يجلس فيه ( والجحر ) لأذية ما فيه ( والطريق ) والمقبرة لقوله عليه السلام " اتقوا اللاعنين قالا وما اللاعنان يا رسول اللّه ؟ قال الذي يتخلى في طريق الناس أو ظله " ( وتحت شجرة مثمرة ) لإتلاف الثمر

( و ) يكره ( البول قائما ) لتنجسه غالبا ( إلا من عذر ) كوجع بصلبه ويكره في محل التوضؤ لأنه يورث الوسوسة ويستحب دخول الخلاء بثوب غير الذي يصلي فيه وإلا يحترز ويتحفظ من النجاسة ويكره الدخول للخلاء ومعه شيء مكتوب فيه اسم اللّه أو قرآن ونهي عن كشف عورته قائما وذكر اللّه فلا يحمد إذا عطس ولا يشمت عاطسا ولا يرد سلاما ولا يجيب مؤذنا ولا ينظر لعورته ولا إلى الخارج منها ولا يبصق ولا يتمخط ولا يتنحنح ولا يكثر الالتفاتات ولا يعبث بيده ولا يرفع بصره إلى السماء ولا يطيل الجلوس لأنه يورث الباسور ووجع الكبد

( ويخرج من الخلاء برجله اليمنى ) لأنها أحق بالتقدم لنعمة الانصراف عن الأذى ومحل الشياطين

( ثم يقول ) بعد الخروج ( الحمد للّه الذي أذهب عني الأذى ) بخروج الفضلات الممرضة بحبسها ( وعافاني ) بإبقاء خاصية الغذاء الذي لو أمسك كله أو خرج لكان مظنة الهلاك وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عند خروجه " غفرانك " وهو كناية عن الاعتراف بالقصور عن بلوغ حق شكر نعمة الإطعام وتصريف خاصية الغذاء وتسهيل خروج الأذى لسلامة البدن من الآلام أو عدم الذكر باللسان حال التخلي