باب منه مسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم لا تقوم الساعة حتى تضطرب اليات دوس حول ذي الخلصة و كانت صنماً تعبدها دوس في الجاهلة . و عنه أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم قال لا تذهب الليالي حتى يملك رجل يقال له الجهجاه في غير مسلم رجل من الموالي يقال له جهجاه ، فسقط من رواية الجلودي من الموالي و هو خطأ . و عنه أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم قال : لا تقوم الساعة حتى يخرج رجل من قحطان بسوق الناس بعصاه . و خرج البخاري و مسلم عنه أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم قال : لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز تضيء أعناق الإبل ببصرى . الترمذي عن ابن عمر قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم ستخرج نار من حضرموت قبل القيامة قالوا : فما تأمرنا يا رسول اللّه ؟ قال : عليكم بالشام قال حديث حسن غريب صحيح من حديث ابن عمر . البخاري عن أنس أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم قال : أول أشراط الساعة نار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب . الترمذي عن حذيفة بن اليمان قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم و الذي نفسي بيده لا تقوم الساعة حتى تقتلوا إمامكم و تجتلدوا بأسيافكم و يرث دنياكم شراركم قال هذا حديث غريب خرجه ابن ماجه أيضاً . و ذكر عبد الرزاق قال أخبرنا معمر ، عن أشعث بن عبد اللّه ، عن شهر بن حوشب عن أبي هريرة قال : جاء ذئب إلى راعي غنم فأخذ منها شاة فطلبه الراعي حتى انتزعها منه قال ، فقعد الذئب على تل فأقعى و استقر و قال : عمدت إلى رزق رزقنيه اللّه أخذته ثم انتزعته مني ، فقال الرجل باللّه إن رأيت كاليوم ، ذئب يتكلم ! فقال الذئب أعجب من هذا رجل في النخلات بين الحرتين يخبركم بما مضى و ما هو كائن بعدكم . قال : فكان الرجل يهودياً ، فجاء إلى النبي صلّى اللّه عليه و سلم فأخبره و أسلم فصدقه النبي صلّى اللّه عليه و سلم ، ثم قال النبي صلّى اللّه عليه و سلم : إنها أمارات بين يدي الساعة قد يوشك الرجل أن يخرج فلا يرجع حتى يحدثه نعلاه و سوطه بما أحدث أهله بعده . و يروى هذا عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري و فيه قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم صدق الراعي إلا أن من أشراط الساعة كلام السباع للإنس ، و الذي نفسي بيده لا تقوم الساعة حتى تكلم السباع الإنس ، و حتى تكلم الرجل عذبة سوطه و شراك نعله و تخبره فخذه بحديث أهله بعده . الترمذي عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول اللّه و الذي نفسي بيده لا تقوم الساعة حتى تكلم السباع الإنس ، و حتى يكلم الرجل عذبة سوطه و شراك نعله و تخبره ، فخذه بما أحدث أهله بعده قال هذا حديث حسن غريب صحيح لا نعرف إلا من حديث القاسم بن الفضل ، و القاسم بن الفضل ثقة مأمون . قال الحافظ أبو الخطاب بن دحية : حكم أبو عيسى بصحته و نظرنا سنده دون أن نقلده ، فوجدناه له علة . قال أبو عيسى : حدثنا سفيان بن وكيع : حدثنا أبي ، عن القاسم بن الفضل قال : حدثنا أبو نضرة العبدي ، عن أبي سعيد الخدري فذكره ، قال ابن دحية : سفيان بن وكيع لم يخرج له البخاري و مسلم حرفاً واحداً في صحيحهما ، و ذلك بسبب وراق كان له يدخل عليه الحديث الموضوع يقال له قرطمة . قال البخاري : يتكلمون في سفيان لأشياء لقنوه إياه . و قال أبو محمد بن عدي : كان سفيام إذا لقن يتلقن ، فهذه علة الحديث التي جهلها أبو عيسى الترمذي . مسلم عن أبي هريرة أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم قال : لا تقوم الساعة حتى يكثر المال و يفيض ، و حتى يخرج الرجل زكاة ماله فلا يجد أحداً يقبلها منه ، و حتى تعود أرض العرب مروجاً و أنهاراً . فصل حول ذي الخلصة و الخلصة ثبت حديث ذي الخلصة في الصحيحين أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم بعث جرير بن عبد اللّه البجلي إلى هذا البيت قال جرير : فنفرت إليها مائة و خمسين من أخمس فكسرناه و قتلنا من وجدنا عنده . قال أبو الخطاب بن دحية : و ذو الخلصة بضم الخاء و اللام في قول أهل اللغة و اليسير و بفتحها قيدناه في الصحيحين ، و كذا قال ابن هشام ، و قيده الإمام أبو الوليد الكنائي الوقشي بفتح الخاء و سكون اللام ، و كذا قال ابن زيد و اختلف فيه فقيل ، هو بيت أصنام كان لدوس و خثعم و بجيلة ، و من كان ببلادهم من العرب ، و قيل : هو صنم كان عمرو بن لحي نصبه بأسفل مكة حتى نصبت الأصنام في مواضع شتى ، و كانوا يلبسونه القلائد و يعلقون عليه بيض النعام و يذبحون عنده ، و قيل : ذو الخلصة هي الكعبة اليمانية ، فكان معناهم في تسميتها بذلك أن عبادة خالصة ، و المعنى المراد بالحديث أنهم يرتدون و يرجعون إلى جاهليتهم في عبادة الأوثان ، فترسل نساء دوس طائفات حوله فترتج أردافهن عند ذلك في آخر الزمان ، و ذلك بعد موت جميع من قلبه مثقال حبة من إيمان و هو كم جاء في عائشة رضي اللّه عنه عن النبي صلّى اللّه عليه و سلم أنه قال : لا تذهب الليالي و الأيام حتى تعبد اللات و العزى الحديث و سيأتي بكماله . و قوله : يسوق الناس بعصاه . كناية عن استقامة الناس و انقيادهم إليه و اتفاقهم عليه ، و لم يرد نفس العصا ، و إنما ضرب بها مثلاً لطاعتهم له و استيلائه عليهم إلا أن في ذكرها دليلاً على خشونته عليهم و عسفه بهم و قد قيل : إنه يسوقهم بعصاه كما تساق الإبل و الماشية ، و ذلك لشدة عنفه و عدواه و لعل هذا الرجل القحطاني هو الرجل الذي يقال له الجهجاه ، و أصل الجهجهة الصياح بالسبع . يقال : جهجهت بالسبع أي زجرته بالصياح و يقال : جهجه عني . أي انته . و هذه الصفة توافق ذكر العصا و اللّه أعلم . و ثبت عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم من رواية عائذ بن عمرو و كان ممن بايع تحت الشجرة قال : سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم إن شر الرعاة الحطمة و الرعاة في اللغة جمع راع ، و ضرب رسول اللّه بهذا مثلاً لوالي السوء ، لأن الحطمة هو الذي يعنف بالإبل في السوق و الإيراد و الإصدار ، فيحطمها أي يكسرها و لا يكاد يسلم من فساده شيء و سواق حطم كذلك يعنف في سوقه . و قوله : حتى تخرج نار من أرض الحجاز ، فقد خرجت نار عظمة ، و كان بدؤها زلزلة عظيمة ، و ذلك ليلة الأربعاء بعد العتمة الثالث من جمادى الآخرة سنة أربع و خمسين و ستمائة إلى ضحى النهار يوم الجمعة ، فسكنت و ظهرت النار بقرطبة عند قاع التنعيم بطرف الحرة يحيط بها قرى في صورة البلد العظيم كأعظم ما يكون البلدان . عليها سور يحيط بها عليه شرافات كشرافات الحصون و أبراج و مآذن و يرى رجال يقودونها لا تمر على جبل إلا دكته و أذابته ، و يخرج من مجموع ذلك نهر أحمر و نهر أزرق له دوي كدوي الرعد ، يأخذ الصخور و الجبال بين يديه ، و ينتهي إلى البحرة محط الركب العراقي ، فأجتمع من ذلك ردم صار كالجبل العظيم و انتهت النار إلى قرب المدينة ، و كان يلي المدينة ببركة النبي صلّى اللّه عليه و سلم نسيم بارد و يشاهد من هذه النار غليان كغليان البحر ، و انتهت إلى قرية من قرى اليمن فأحرقتها . قال لي بعض أصحابنا : و لقد رأيتها صاعدة في الهواء من جحر مسيرة خمسة أيام من المدينة . قلت : و سمعت أنها رئيت من مكة و من جبال بصرى من بعد هذه النار أخرى أرضية بحرم المدينة أحرقت جميع الحرم ، حتى إنها أذابت الرصاص التي عليها العمد ، فوقعت و لم يبق غير السور واقفاً ، و نشأ بعد ذلك أخذ بغداد يتغلب التتر عليها ، فقتل من كان فيها و سباه و ذلك عمود الإسلام و ماؤه ، فانتشر الخوف و عظم الكرب و عم الرعب و كثر الحزن ، فانتشار التتر في البلاد و بقي الناس حيارى سكارى بغير خليفة و لا إمام و لا قضاء فزادت المحنة و عظمت الفتنة لم يتدارك اللّه سبحانه بالعفو و الفضل و المنة . أما قوله : و ستخرج نار من حضرموت أو من نحو حضرموت قبل القيامة فلعلها النار التي جاء ذكرها في حديث حذيفة . قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم لتقصدنكم اليوم نار هي اليوم خامدة في واد يقال له برجوت يغشى الناس فيها عذاب أليم تأكل الأنفس و الأموال ، تدور الدنيا كلها في ثمانية أيام تطير طير الريح و السحاب حرها بالليل أشد من حرها بالنهار ، و لها بين الأرض و السماء دوي كدوي الرعد القاصف . هي من رؤوس الخلائق أدنى من العرش قلت : يا رسول اللّه هي يومئذ على المؤمنين و المؤمنات ؟ قال : و أين المؤمنون و المؤمنات يومئذ ؟ هم شر من الحمر يتسافدون كما تتسافد البهائم و ليس فيهم رجل يقول : مه مه كذا رواه أبو نعيم الحافظ في باب مكحول أبي عبد اللّه إمام أهل الشام عن أبي سلمة عنه عن حذيفة . و قوله : عذبة سوطه . يريد السير المعلق في طرف السوط . و في هذين الحديث ما يرد على كفرة الأطياء و الزنادقة الملحدين ، و أن الكلام ليس مرتبطاً بالهيبة و البله ، و إنما الباري جلت قدرته يخلقه متي شاء في أي شاء من جماد أو حيوان على ما قدره الخالق الرحمن ، فقد كان الحجر و الشجر يسلمان عليه صلّى اللّه عليه و سلم تسليم من نطق و تكلم . ثبت ذلك في غير ما حديث ، و هو قول أهل أصول الدين في القديم و الحديث ، و ثبت باتفاق حديث البقرة و الذئب ، و أنهما تكلما على ما أخبر عنهما صلّى اللّه عليه و سلم في الصحيحين . قاله ابن دحية . و قوله : حتى تعود أرض العرب مروجاً و أنهاراً . إخبار عن خروج عادتهم من إنتاج الكلأ و مواضع العشب بحفر الأنهار وغرس الأشجار و بناء الديار . |