Geri

   

 

 

İleri

 

الباب العاشر ذكر الروايات في القدر

روى معاوية بن عمرو، ثنا زائدة،

قال: ثنا سليمان الأعمش، عن زيد بن وهب، عن عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه،

قال: أخبرنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم - وهو الصادق المصدوق -: أن خلق أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين ليلة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث اللّه الملك،

قال: فيؤمر بأربع كلمات، ي

قال: اكتب أجله، ورزقه، وعمله، وشقي أو سعيد، ثم ينفخ فيه الروح) .

قال صلى اللّه عليه وسلم (٢/ ٢٢٦) : (إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع أو باع، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع أو باع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها) . لا حرمنا اللّه منها .

وروى معاوية بن عمرو

قال: ثنا زائدة، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه عن النبي صلى اللّه عليه وسلم

قال: احتج آدم وموسى صلوات اللّه وسلامه عليهما فقال موسى عليه السلام: يا آدم أنت الذي خلقك اللّه بيده ونفخ فيك من روحه، أغويت الناس وأخرجتهم من الجنة،

قال: فقال آدم صلى اللّه عليه وسلم (٢/ ٢٢٧) : أنت موسى الذي اصطفاك اللّه بكلماته، تلومني على عمل كتبه اللّه علي قبل أن يخلق اللّه السماوات،

قال: فحج آدم موسى) .

وروى حديث (حج آدم موسى) مالك عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة عن النبي صلى اللّه عليه وسلم، وهذا يدل على بطلان قول القدرية الذين يقولون: إن اللّه تعالى لا يعلم الشيء حتى يكون؛ لأن اللّه تعالى إذا كتب ذلك وأمر بأن يكتب فلا يكتب شيء لا يعلمه - جل عن ذلك وتقدس -

وقال تعالى: (وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين) من الآية (٥٩ /٦) ،

وقال تعالى: (وما من دابة في الأرض إلا على اللّه رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين) من الآية (٦ /١١) ، (٢/ ٢٢٨)

وقال تعالى: (أحصاه للّه ونسوه) من الآية (٦ /٥٨) ،

وقال تعالى: (لقد أحصاهم وعدهم عدا) (٩٤ /١٩) ،

وقال تعالى: (أحاط بكل شيء علما) من الآية (١٢ /٢٥) ، (وأحصى كل شيء عددا) من الآية (٢٨ /٧٢) ، وقال تعالى (بكل شيء عليم) من الآية (٢٣١ /٢٥) ، فذلك يبين أنه يعلم الأشياء كلها .

وقد أخبر اللّه تعالى أن الخلق يبعثون ويحشرون، وأن الكافرين في النار يخلدون، وأن الأنبياء والمؤمنين في الجنان يخلدون، وأن القيامة تقوم ولم تقم (٢/ ٢٢٩) القيامة، فذلك يدل على أن اللّه تعالى يعلم ما يكون قبل أن يكون، وقد قال تعالى في أهل النار: (ولو ردوا لعادوا) من الآية (٢٨ /٦) ، فأخبر عما لا يكون أنه لو كان كيف يكون،

وقال تعالى: (فما بال القرون الأولى قال علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى) من الآية (٥١ - ٥٢ /٢٠) ، ومن لا يعلم الشيء قبل كونه لا يعلم بعد تقضيه، تعالى اللّه عن قول الظالمين علوا كبيرا .

وروى معاوية بن عمرو،

قال: ثنا زائدة، عن سليمان الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن عبد اللّه بن ربيعة،

قال: (٢/ ٢٣٠) كنا عند عبد اللّه،

قال: فذكروا رجلا فذكروا من خُلُقِه، فقال القوم: أما له من يأخذ على يديه ؟ قال عبد اللّه: أرأيتم لو قطع رأسه كنتم تستطيعون أن تجعلوا له رأسا ؟ قالوا: لا .

قال عبد اللّه: إن النطفة إذا وقعت في المرأة مكثت أربعين يوما، ثم انحدرت دما، ثم تكون علقة مثل ذلك، ثم تكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث ملك فيقول: اكتب أجله، وعمله، ورزقه، وأثره، وخلقه، وشقي أو سعيد، وأنكم لن تستطيعوا أن تغيروا خُلُقه حتى تغيروا خَلْقه .

وروى معاوية بن عمرو،

قال: ثنا زائدة، عن سعيد بن عبيدة، عن أبي عبد الرحمن، عن علي رضي اللّه عنه،

قال: كنا في جنازة في بقيع الغرقد فأتى النبي صلى اللّه عليه وسلم فقعد ونحن (٢/ ٢٣١) حوله، ومعه حصير فنكت بها ورفع رأسه، ف

قال: (ما منكم من نفس منفوسة إلا قد كتب مكانها من الجنة والنار، وإلا قد كتبت شقية أو سعيدة) ، فقال رجل من القوم: يا رسول اللّه أفلا نمكث على كتابنا وندع العمل، فمن كان منا من أهل السعادة فسيصير إلى السعادة، ومن كان من أهل الشقاوة فسيصير إلى الشقاوة ؟ ف

قال: (اعملوا فكل ميسر لما خلق له أما أهل الشقوة فميسرون لعمل الشقوة، وأما أهل السعادة فميسرون لعمل السعادة) ، ثم

قال: (فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى (٢/ ٢٣٢) وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى) (٥ - ١٠ /٩٢) .

وروى موسى بن إسماعيل

قال: ثنا حماد،

قال: ثنا هشام بن عروة، عن عروة، عن عائشة رضي اللّه عنها، وعن أبويها أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم

قال: (إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة، وإنه مكتوب في الكتاب من أهل النار، فإذا كان قبل موته تحول فعمل بعمل أهل النار، فمات فدخل النار، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار، وأنه مكتوب في الكتاب أنه من أهل الجنة، فإذا كان قبل موته تحول فعمل بعمل أهل الجنة، فمات فدخل الجنة) . (٢/ ٢٣٣)

وهذه الأحاديث تدل على أن اللّه تعالى علم ما يكون أنه يكون وكتبه، وأنه قد كتب أهل الجنة وأهل النار، وخلقهم فريقين فريقا في الجنة وفريقا في السعير، وبذلك نطق كتابه العزيز؛ إذ يقول: (فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة) من الآية (٣٠ /٧) ،

وقال تعالى: (فريق في الجنة وفريق في السعير) من الآية (٧ /٤٢) ،

وقال تعالى: (فمنهم شقي وسعيد) من الآية (١٠٥ /١١) فخلق اللّه الأشقياء للشقاء، والسعداء للسعادة،

وقال تعالى: (ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس) من الآية (١٧٩ /٧) . (٢/ ٢٣٤)

وروي عن النبي صلى اللّه عليه وسلم: (أن اللّه عز وجل جعل للجنة أهلا وللنار أهلا) أعاذنا اللّه منها .

دليل آخر في القدر:

ومما يدل على بطلان قول القدرية قول اللّه تعالى: (وإذا أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم) الآية من الآية (١٧٢ /٧) .

وجاءت الرواية عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (أن اللّه عز وجل مسح ظهر آدم فأخرج ذريته من ظهره كأمثال الذر، ثم قررهم بوحدانيته وأقام الحجة عليهم) ؛ لأنه قال تعالى: (وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا) من آية (١٧٢ /٧) ، (٢/ ٢٣٥)

قال اللّه تعالى: (أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين) من الآية (١٧٢ /٧) فجعل تقريرهم بوحدانيته لما أخرجهم من ظهر آدم صلى اللّه عليه وسلم حجة عليهم إذا أنكروا في الدنيا ما كانوا عرفوه في الذر الأول، ثم من بعد الإقرار جحدوه .

وروي عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه

قال: (أنه سبحانه وتعالى قبض قبضة للجنة، وقبض قبضة للنار، ميز بعضها من بعض، فقلبت الشقوة على أهل الشقوة، والسعادة على أهل السعادة) . (٢/ ٢٣٦)

قال اللّه تعالى مخبرا عن أهل النار - أعاذنا اللّه منها - أنهم قالوا: (ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين) ، فكل ذلك أمر قد سبق في علم اللّه تعالى، ونفذت فيه إرادته، وتقدمت فيه مشيئته .

وروى معاوية بن عمرو

قال: ثنا زائدة،

قال: حدثنا طلحة بن يحيى القرشي،

قال: حدثتني عائشة بنت طلحة، عن عائشة أم المؤمنين رضي اللّه عنها وعن أبويها أن النبي صلى اللّه عليه وسلم دعي إلى جنازة غلام من الأنصار ليصلي عليه، فقالت عائشة رضي اللّه عنها: طوبى لهذا يا رسول اللّه، عصفور من عصافير الجنة لم يعمل سوءا ولم يدركه،

قال: (أو غير ذلك يا عائشة، إن اللّه تعالى قد جعل للجنة أهلا وهم في أصلاب آبائهم، وللنار أهلا جعلهم لها وهم في أصلاب آبائهم) ، (٢/ ٢٣٧) وهذا يبين أن السعادة قد سبقت لأهلها، والشقاء قد سبق لأهله .

وقال النبي صلى اللّه عليه وسلم: (اعملوا فكل ميسر لما خلق له) .

دليل آخر:

وقد قال اللّه تعالى: (من يهد اللّه فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا) من الآية (١٧ /١٨) ،

وقال تعالى: (يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا) من الآية (٢٦ /١٢) ، فأخبر تعالى أنه يضل ويهدي،

وقال تعالى: (ويضل اللّه الظالمين ويفعل اللّه ما يشاء) من الآية (٢٧ /١٤) ، فأخبرنا أنه (فعال لما يريد) من الآية (١٠٧ /١١) (٢/ ٢٣٨) وإذا كان الكفر مما أراده فقد فعله، وقدره، وأحدثه، وأنشأه، واخترعه، وقد تبين ذلك ب

قوله تعالى: (أتعبدون ما تنحتون واللّه خلقكم وما تعملون) من الآية (٩٥ - ٩٦ /٣٧) فلو كانت عبادتهم للأصنام من أعمالهم كان ذلك مخلوقا للّه تعالى، وقد

قال اللّه تعالى: (جزاء بما كانوا يعملون) من الآية (١٧ /٣٢) يريد أنه تعالى يجازيهم على أعمالهم، فكذلك إذا ذكر عبادتهم للأصنام وكفرهم بالرحمن، ولو كان مما قدروه وفعلوه لأنفسهم لكانوا قد فعلوا وقدروا ما خرج عن تقدير ربهم وفعله، وكيف يجوز أن يكون لهم من التقدير والفعل والقدرة ما ليس لربهم ؟ فمن زعم ذلك فقد عجَّز اللّه . تعالى اللّه عن قول المعجزين له علوا كبيرا .

ألا ترى أن من زعم أن العباد يعلمون مالا يعلمه اللّه عز وجل (٢/ ٢٤٠) لكان قد أعطاهم من العلم ما لم يدخله في علم اللّه، وجعلهم للّه نظراء، فكذلك من زعم أن العباد يفعلون ويقدِّرون ما لم يقدِّره، ويقدرون على ما لم يقدر عليه، فقد جعل لهم من السلطان والقدرة والتمكن ما لم يجعله للرحمن . تعالى عن قول أهل الزور والبهتان، والإفك والطغيان علوا كبيرا .

مسألة:

ويقال لهم: هل فعل الكافر الكفر فاسدا باطلا متناقضا ؟

فإن قالوا: نعم .

قيل لهم: وكيف يفعله فاسدا متناقضا قبيحا، وهو يعتقده حسنا صحيحا أفضل الأديان ؟

وإذا لم يجز ذلك؛ لأن الفعل لا يكون فعلا على حقيقته إلا ممن علمه على ما هو عليه من حقيقته، كما لا يجوز أن يكون فعلا ممن لم يعلمه فعلا، فقد وجب أن اللّه تعالى هو الذي قدر الكفر وخلقه كفرا فاسدا باطلا متناقضا، خلافا للحق والسداد (٢/ ٢٤١) .