الباب الحادي عشر الكلام في الشفاعة والخروج من النار:مسألة:ويقال لهم: قد أجمع المسلمون أن لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم شفاعة، فلمن الشفاعة أهي للمذنبين المرتكبين للكبائر، أم للمؤمنين المخلصين ؟ فإن قالوا: للمذنبين المرتكبين للكبائر وافقوا . وإن قالوا: للمؤمنين المبشرين بالجنة الموعودين بها . قيل لهم: فإذا كانوا موعودين بالجنة وبها مبشرين، واللّه تعالى لا يخلف وعده فما معنى الشفاعة لقوم لا يجوز عندكم أن لا يدخلهم اللّه جناته ؟ ومن قولكم أنهم قد استحقوها على اللّه عز وجل (٢/ ٢٤٢) واستوجبوها عليه سبحانه، وإذا كان اللّه تعالى لا يظلم مثقال ذرة وكان تأخيرهم عن الجنة ظلما، فإنما يشفع الشفعاء إلى اللّه تعالى في أن لا يظلم على مذاهبكم . تعالى اللّه عن افتراءكم عليه علوا كبيرا . فإن قالوا: يشفع النبي صلى اللّه عليه وسلم إلى اللّه تعالى في أن يزيدهم من فضله، لا في أن يدخلهم جناته . قيل لهم: أو ليس قد وعدهم اللّه عز وجل ذلك فقال تعالى: (يوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله) من الآية (١٧٣ /٤) واللّه تعالى لا يخلف وعده، فإنما يشفع إلى اللّه تعالى عندكم من أن يخلف وعده، وهذا جهل منكم، وإنما الشفاعة المعقولة فيمن استحقه عقابا أن يوضع عنه عقابه، أو في من لم يعده شيئا أن يتفضل (٢/ ٢٤٤) عليه به، فأما إذا كان الوعد بالتفضل سابقا فلا وجه لهذا . مسألة:فإن سألوا عن قول اللّه تعالى: (ولا يشفعون إلا لمن ارتضى) من الآية (٢٨ /٢١) . فالجواب عن ذلك: إلا لمن ارتضى لمن يشفعون له، وقد روي أن شفاعة النبي صلى اللّه عليه وسلم لأهل الكبائر، وروي عن النبي صلى اللّه عليه وسلم: (أن المذنبين يخرجون من النار) . (٢/ ٢٤٥) |