Geri

   

 

 

İleri

 

٥٥

وَلِلْكُفَّارِ وَ الْفُسَّاقِ يُقْضَى عَذَابُ الْقَبْرِ مِنْ شَرٍّ الْفِعَالِ

الواو عاطفة قصة على قصة وللكفار متعلق بيقضى وللفساق عطف على الكفار ويقضى على صيفة المبني للمفعول ونائب فاعله عذاب القبر وحذف الفاعل لعينه لأن هذا القضاء لا يكون إلا من اللّه تعالى كما دل عليه القرآن الكريم ومن شر متعلق بيقضى أو بعذاب ومن ههنا تعليلية كما في

قوله تعالى مما خطيئاتهم أغرقوا

وقول الشاعر: يقضى حياء ويقضى من مهابته * كما في المغني والفعال بكسر الفاء جمع فعل وبالفتح مصدر كما في الصحاح وكلا المعنيين محتمل ههنا

(وحاصل معنى البيت) إن عذاب القبر حق ثابت بالأدلة واقع للكفار ولمن يستحق ذلك من عصاة المؤمنين وكذلك نعيمه للمؤمنين فوقوعه أيضا واجب وتركه المص رحمه اللّه وقد ذكر في سائر كتب هذا الفن اكتفاء بذكر المقابل ولأن النصوص الواردة في عذاب القبر أكثر ولأن غالب أهل القبور كفار وعصاة لكن ما ذكره أولى كما فعل غيره كالنسفي رحمه اللّه وقال صاحب الجوهرة: سؤالنا ثم عذاب القبر نعيمه واجب كبعث الحشر وهو أمر ممكن أخبر به الصادق ونطقت به النصوص

قال تعالى النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة ادخلوا آل فرعون أشد العذاب

وقال تعالى ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا أريد به عذاب القبر

وقال تعالى سنعذبهم مرتين أي مرة في القبر ومرة يوم القيامة

وقوله تعالى فلنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر جاء في التفسير الأدنى عذاب القبر وقال عليه السلام يثبت اللّه الذين آمنوا بالقول الثابت نزلت في عذاب القبر إذا قيل له من ربك وما دينك ومن نبيك الحديث وقال عليه السلام القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النيران وبقية الأحاديث في هذا المعنى قد بلغ جملتها حد التواتر وإن لم يبلغ آحادها حد التواتر وأنكر عذاب القبر بعض المعتزلة والروافض زعما بأن الميت جماد لا حياة له ولا إدراك له فتعذبه محال. الجواب إنه مردود بما قدمنا ولأنه يجوز أن يخلق اللّه تعالى في جميع أجزائه أو في بعضها نوعا من الحياة قدر ما يدرك ألم العذاب

(١١٨)

ولذة النعيم وهذا لا يستلزم إعادة الروح إلى بدنه ولا أن يتحرك ويضطرب أو يرى أثر العذاب عليه حتى أن الغريق في الماء والمأكول في بطون الحيوانات والمصلوب في الهواء يعذب وإن لم تطلع عليه ومن تأمل في عجائب ملكه وغرائب قدرته وجبروته لم يستبعد أمثال ذلك فضلا عن الاستحالة. فائدة قال ابن القيم عذاب القبر قسمان دائم وهو عذاب الكفار وبعض العصاة ومنقطع وهو عذاب من خفت جرايمهم من العصاة فإنهم يعذبون بحسبها ثم يرفع عنهم بدعاء أو صدقة أو غير ذلك قال اليافعي بلغنا أن الموتى لا يعذبون ليلة الجمعة تشريفا لها ويحتمل اختصاص ذلك بعصاة المسلمين دون الكفار وعممه بعض العلماء للكفار أيضا فقال إن الكافر يرفع عنه العذاب يوم الجمعة وجميع شهر رمضان.

وأما المسلم العاصي فإن مات في غير الجمعة عذب إليها ثم ينقطع فلا يعود إلى يوم القيامة وممن صرح بأن عذاب القبر نوعان دائم ومنقطع الدميري من السادة الشافعية نقله شيخنا في شرحه وفيه بشارة عظيمة واللّه أعلم. قال الناظم رحمه اللّه