٤٧وَلَفْظُ الْكُفْرِ مِنْ غَيْرِ اعْتِقَادٍ بِطَوْعٍ رَدُّ دِينٍ بِاغْتِفَالِ هذا البيت يشبه أن يكون تفريعا على البيت السابق إذ لا اعتقاد ولا طواعية مع حقيقة السكر ويهذي بالذال المعجمة مضارع هذى إذا تكلم بكلام لا معنى له من غير رؤية يقال هذى في منطقة يهذي هذيا وهذا إيانا إذا تكلم بغير معقول لمرض أو غيره ويلغو مضارع لفا في كلامه إذا تكلم بكلام لا فائدة فيه أو باطلا من غير قصد فهو أخص من الهذيان ويقال كلام ملغى أي مطروح من ألغيته إذا طرحته ومنه يمين اللغو التي لا ينعقد عليها القلب ولا يترتب عليها حكم قال تعالى لا يؤاخذكم اللّه باللغو في أيمانكم وهو المراد هنا والارتجال مصدر ارتجل إذا تكلم بكلام بسرعة من غير تفكر وتأمل الإعراب لا ناهية ونحكم بالنون أو التاء على البناء للفاعل أو بالياء بالبناء للمفعول مضارع حكم مجزوم بلاء الناهية بكفر متعلق به وحال منصوب على الظرفية مضاف إلى سكر بما الباء للسببية متعلقة بكفر أو بسكر وما مصدرية أو نكرة موصوفة ويلغو عطف على يهذي وفاعلهما مستتر يعود إلى السكران المفهوم من السكر والعائد محذوف أي به أو فاعل يلغو محذوف على أنه مستأنف أي ويلغو كفره دل عليه قوله بكفر وقوله بارتجال تنازع فيه الفعلان أو متعلق بيلغو فقط (وحاصل معنى البيت) إنا لا نحكم بكفر السكران بسبب تكلمه حال سكره بما يهذي ويلغو به من الألفاظ المكفرة من غير قصد وتفكر فيما يقول أو لا نحكم بكفره بما تكلم به من كلمات الكفر بما يهذي به من المسكرات أو ويلغو كفره في الحال ولا يعتبر ثم اعلم أن كلام المصنف مجمل يحتاج تفصيله إلى مقدمتين الأولى في سبب السكر أو قد قالوا إنه على نوعين الأول ما يكون بطريق مباح كشرب الدواء والسكر والبنج وما يتخذ من الحبوب والعسل ونحوه فهذا لا يقع طلاقه ولا عتاقه ولا تنعقد لأنه ليس من جنس اللّهو فصار كالمريض النوع الثاني السكر بطريق محظور كشرب الخمر ونحوه ومنه العرق لأنه من أجزاء الخمر ونجاسته مغلظة فهذا لا ينافي الخطاب ببطلان أهليته وتلزمه الأحكام وتنفذ تصرفاته كلها تغليظا عليه لا الردة فلا يحكم بها عليه استحسانا أنها تتوقف على أقصد وغيرها (١٠٥) من التصرفات كالطلاق والعتاق يتعلق بالألفاظ وإذا لم يحكم عليه بالردة في هذا ففي النوع الأول بالأولى ولذا أطلقه المص رحمه اللّه والأصل فيه ما روي أن صحابيا أم قوما في صلاة المغرب وهو سكران قبل أن تحرم الخمر فقرأ قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون إلى آخرها وترك كلمة لا وبتركها يكفر المؤمن العاقل الصاحي مع أن اللّه تعالى خاطبه بلفظ المؤمن في قوله يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة ونتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون الآية فصار ذلك سببا في تحريم السكر ثم حرمت مطلقا والثانية في حد السكر وحده عند أبي حنيفة رحمه اللّه أن يصير بحال لا يعرف الرجل من المرأة ولا الأرض من السماء وقيل إن تختل مشيته وقيل إن يختلط كلامه وقيل غير ذلك وحاصله إن المراد أن يصير بحال لا يعني ما يقول ولا يفرق بين الخير والشر فإن فرق يحكم بكفره اتفاقا واللّه أعلم وأحكم قال الناظم رحمه اللّه |