٤٦وَلَفْظُ الْكُفْرِ مِنْ غَيْرِ اعْتِقَادٍ بِطَوْعٍ رَدُّ دِينٍ بِاغْتِفَالِ أراد باللفظ التلفظ بما يوجب الكفر عن طوع واختيار كنفي الصانع أو الرسل أو أحدهم أو تكذيب رسول أو شتمه أو تحليل محرم إجماعا أو عكسه أو نحو ذلك معلوم بما هو معلوم من الدين بالضرورة والطوع الاختيار ضد الإكراه واحترز به عنه كما سيأتي والاغتفال افتعال من الغفل بالضم وهو انعدام الشئ وانطماس أثره يقال أرض غفل أي لا علم بها ولا أثر عمارة أو من الغفل بفتح الغين بمعنى الترك يقال أغفلت الشئ وتغافلت عنه إذا تركته على ذكر وغفلت عنه إذا تركته عن ذهول الإعراب ولفظ مبتدأ مضاف إلى الكفر من غير اعتقاد في محل نصب حال من الكفر أي حال كونه غير معتقد للتكلم لأن المضاف عامل فيه أو من لفظ الكفر أو في محل جر صفة للكفر لأنه في معنى النكرة أو حال من الفاعل المفهوم من المقام أي حال كون اللافظ غير معتقد والباء في قوله بطوع بمعنى مع متعلق بلفظ في محل نصب حال من الفاعل وقوله رد بالرفع خبر مع متعلق بلفظ في محل نصب حال من الفاعل وقوله رد بالرفع خبر المبتدأ مضاف إلى دين من إضافة المصدر إلى مفعوله وقوله باغتفال متعلق برد والباء للملابسة. (وحاصل معني البيت) إن من أجرى كلمة كفر على لسانه حال كون الكفر غير معتقد له أو حال كونه غير معتقد للكفر وحال كونه طائعا مختارا يصير مرتدا بذلك عن الإسلام تاركا للدين عن أصله أو مع غفلته عن كونه صار مرتدا خارجا عن دين الإسلام ودائرة الأحكام لزعمه عدم كفره بعد اعتقاده الكفر وهذا ما عليه أئمة بخارى وسمرقند وعليه الفتوى كما قال الشارح الحنفي فعلم أن القيود ثلاثة أن لا يعتقد الكفر وأن لا يكون مكرها عليه وأن يكون غافلا عن كون ذلك اللفظ مكفرا وقيل إن الفتوى على أنه لا يكفر والجهل عذر واستظهره (١٠٣) بعض المشايخ لأن الجهل غالب في أكثر العوام بحيث لا يميزون بين الألفاظ المكفرة وغيرها فيلزم عليه تكفير كثير من المسلمين ولو اعتقد مع ذلك الكفر يكفر اتفاقا ولو كان يعلم أن ذلك اللفظ مكفر فتلفظ به عمدا عن طوع من غير اعتقاد غير حاك له عن غيره يكفر أيضا فتحصل المسألة بأربعة أوجه يكفر في صورتين ولا يكفر في صورة والخلاف في صورة المتن وقد علمت ما فيها وبقي وجه خامس وهو ما إذا سبق لسانه غلطا إلى كلمة كفر فإنه لا يكفر بخلاف الطلاق والعتاق وسادس وهو ما إذا نقله على لسان غيره ك قوله: النصارى يقولون المسيح ابن اللّه فلا يكفر اتفاقا ثم الإكراه المبيح للتلفظ به لا بد أن يكون بما يزيل الرضاء بأن لا يكون بنحو قتل أو قطع عضو أو ضرب يخاف منه تلف النفس مع اطمئنان قلبه بالإيمان كما وقع لعمار بن ياسر رضي اللّه عنه حين أسره المشركون ولم يخلوا سبيله حتى تكلم بالنبي صلى اللّه عليه وسلم فحين جائه قال له صلى اللّه عليه وسلم ما تركت وراءك قال شرا يا رسول اللّه ثم أخبره بذلك فقال عليه السلام كيف وجدت قلبك قال مطمئنا بالإيمان فقال عليه السلام إن عادوا فعد قيل أي فعد إلى التكلم مع الاطمئنان وقيل إلى الاطمئنان وفيه نزل قوله تعالى إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان الآية وإن صبر على القتل كان مأجورا كما روي أن خبيبا رضي اللّه عنه صبر على القتل حتى صلب فسماه النبي صلى اللّه عليه وسلم سيد الشهداء ولو أكره بقيد أو حبس أو أخذ مال أو ضرب قيل لا يخاف منه تلف نفس أو عضو لا يباح له ذلك قال علي قاري رحمه اللّه ثم من فروع الارتداد أنه تبطل أعماله الصالحة وتقع الفرقة بينه وبين امرأته ولو جدد الإيمان خلافا للشافعي لأنه لا يبطلها إلا بالموت على الكفر وعندنا تعود أعماله السابقة لكن قالوا تعود بلا ثواب ويجب عليه حجة الإسلام لأن وقت الحج ممتد إلى آخر العمر وكذا لو أسلم في آخر وقت صلاة ارتد في أوله بعد أدائها يجب إعادتها لبقاء الوقت وإمكان التدارك وأما الصلوات ونحوها الواقعة في أيام الارتداد فلا يجب قضائها قال شيخنا أقول وكذا يبطل وقفه وروايته للحديث فيجب إعادة وقفه بعد الإسلام كما صرح بذلك في كتب الفروع انتهى والألفاظ المكفرة وغير المكفرة والمختلف فيها مذكورة في المطولات وقد بالغ في ذلك صاحب البزازية وقال إن الرجل ليتكلم بالكلمة فيهوي بها في النار فهو لا يدري فينبغي للمسلم أن يتحرز في كلامه عن سقطات اللسان وإذا طغى لسانه من غير قصد ينبغي أن يحمل على وجه حسن ولو رواية ضعيفة لئلا يلزم عليه تكفير (١٠٤) كثير من المسلمين قال ابن نجيم وقد آليت على نفسي أن لا أفتي بتكفير مسلم في كفره خلاف ولو رواية ضعيفة واللّه الموفق والمرشد قال الناظم رحمه اللّه |