Geri

   

 

 

İleri

 

٢٩

وَمَاكَانَتْ نَبِيًّا  قَطُّ اُنْثَي وَ لَا عَبْدٌ وَشَخْصٌ ذُوافُتِعَالِ

يعني أن الأنبياء عليهم السلام كلهم كانوا من آدم ذكورا أحرارا لأنهم أكرم الخلق على اللّه فلا بد أن يكونوا من أفضل أنواع المخلوقات وهم بنو آدم كما

قال تعالى ولقد كرمنا بني آدم وأفضلهم الذكور الأحرار وأفضلهم المتقون والمعصومون عن الكبائر والصغائر وهم الأنبياء عليهم السلام فلا رسول من الجن عند جماهير العلماء

وأما

قوله تعالى ألم يأتكم رسل منكم فالمراد من أحدكم وهو الأكرم على حد

قوله تعالى يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان وإنما يخرج من أحدهما

وقوله وجعل القمر فيهن نورا ولا من الملائكة بالنسبة إلى نبينا عليه السلام لأنه مرسل إليهم على الأصح عند جمع من المحققين كما يدل عليه خبر مسلم وأرسلت إلى الخلق كافة ولا من النساء لأنهن ناقصات العقل وقاصرات عن التبليغ وأمور النبوة من الخروج إلى المحافل والمجامع والتكلم مع كل أحد

وأما مريم وآسية وسارة وهاجر وحواء وأم موسى

(٦٤)

واسمها يحابذ بياء مضمومة فواو ساكنة فخاء معجمة فألف مقصورة فباء موحدة مفتوحة فذال معجمة آخر الحروف بنت لاوي بن يعقوب فلن أنبياء وما صححه القرطبي من نبوة مريم لأن اللّه تعالى أوحى إليها بواسطة جبرائيل كما أوحى إلى النبيين وأنه ظهر لها ونفخ في درعها وصدقت بكلمات ربها وأنها سبقت السابقين مع الرسل إلى الجنة لقوله عليه السلام لو أقسمت لبررت ولا يدخل الجنة قبل سابق أمتي إلا بضعة عشر رجلا منهم إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وموسى وعيسى ومريم ابنة عمران إلى غير ذلك فقد أجيب عنه بأن ذلك كله كان كرامة لها لا معجزة ورؤيتها لجبرائيل كان كما رآه الصحابة رضي اللّه عنهم أجمعين حين سئل النبي صلى اللّه عليه وسلم عن الإيمان والإسلام في صفة سائل كما أخبر تعالى

بقوله فتمثل لها بشرا سويا وكما رأته عائشة رضي اللّه عنها في صفة دحية الكلبي ولم يكونوا أنبياء فكان كرامة لها ومن أنكر كرامات الأولياء زعم أن ما وقعت لها كانت معجزة كزكريا عليه السلام وإرهاصا لنبوة ولدها عيسى عليه السلام قال البيضاوي رحمه اللّه الإجماع على أنه لم تتنبأ امرأة

لقوله تعالى وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم وكذلك لم يكن مملوك نبيا لأن المملوك ناقص الحال والتصرف فلا يصلح أن يكون مقتدى للخلائق ورسولا من رب العزة قيل ولأن المملوك لا بد أن يجرى عليه الكفر غالبا ولو حكما والأنبياء مبرؤون عن ذلك وبيع يوسف عليه السلام وإطلاقه عليه في

قوله تعالى وشروه بثمن بخش دراهم معدودة إنما هو حكاية حالهم باعتبار زعمهم وإلا فهو حر وبيع الحر باطل ولا ذو افتعال أي فعل قبيح كالسحر والكذب لأن ذلك من الكبائر والأنبياء عليهم السلام مبرؤون عنها كما مر ولأنه يلزم منه الكذب في خبر اللّه تعالى لتصديقه لهم بالمعجزات

وقال تعالى صدق عبدي في كل ما يبلغ عني والكذب على اللّه تعالى محال

الإعراب ما نافية وكان ناقصة والتاء للتأنيث ونبيا خبر كان قدم على اسمها وهو أنثى وقط ظرف زمان مبني على الضم ومعناه الزمان الماضي المنفي على سبيل الاستغراق ولا تستعمل في غير الماضي إلا شذوذا والعامل فيه كان ولا عبد عطف على اسم كان أي وما كان عبد نبيا وكذا شخص عطف على اسم كان أو على عبد وذو بمعنى صاحب مضاف إلى افتعال صفة لشخص

(وحاصل معنى البيت) إنه يجب اعتقاد أن الأنبياء عليهم السلام لم يكن أحد منهم أنثى ولا عبدا ولا كذابا ولا ساحرا ولا من ارتكب ذنبا لأن

(٦٥)

وذلك كله نقص وهم مبرؤون عن النقائص وأفضل خلق اللّه أجمعين عليهم أفضل الصلاة وأتم التسليم قال الناظم رح