١٧كَذَا عَنْ كُلِّ ذِي عَوْنٍ وَنَصْرٍ تَفَرَّدَ ذُو الْجَلَالِ وَذُ والْمَعَالِي أي يجب اعتقاد أن اللّه تعالى يميت الخلائق كلها على سبيل القهر الإنس والجن والملائكة والطير والوحوش وغير ذلك ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام وهو حي لا يموت قال تعالى كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ا ه روي أنه لما نزل قوله تعالى كل نفس ذائقة الموت ظن الملائكة عدم الموت لكونهم ليسوا بنفوس فلما نزل قوله تعالى كل من عليها فان قوي ذلك عندهم لأنهم ليسوا عليها فلما نزل قوله تعالى ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام تيقنوا بالموت ومن قدر على الإبداء من العدم قادر على الإماتة ثم الإحياء فيحيي الأموات كلها للجزاء يوم القيامة ويعيدها بأعيانها عند النفخة الأخيرة وبين (٣٤) ختين أربعون سنة كما قال تعالى فإذا نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون وقال تعالى ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون وقال تعالى ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه ثم توفي كل نفس ما كسبت فيجزيهم على حسب أعمالهم من الحسنات والسيئات قال تعالى فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره قال العلامة في شرح العقائد والبعث حق وهو أن يبعث اللّه الموتى من القبور بأن يجمع أجزاءهم الأصلية ويعيد الأرواح إليها للنصوص القاطعة بحشر الأجساد وأنكره الفلاسفة بناء على امتناع إعادة المعدوم لعينه وهو مع أنه لا دليل لهم عليه يعتد به غير مضر بالمقصود لأن مرادنا أن اللّه تعالى يجمع الأجزاء الأصلية للانسان ويعيد روحه إليه سواء سمي ذلك إعادة المعدوم لعينه وهو مع أنه لا دليل لهم عليه يعتد به غير مضر بالمقصود لأن مرادنا أن اللّه تعالى يجمع الأجزاء الأصلية للانسان ويعيد روحه إليه سواء سمى ذلك إعادة المعدوم بعينه أو لم يسم وبهذا سقط ما قالوا إنه لو أكل إنسان إنسانا بحيث صار الآخر جزء منه فتلك الأجزاء إما أن تعاد فيهما وهو محال أو في أحدهما فلا يكون الآخر معادا بجميع أجزائه وذلك إن المعاد إنما هو الأجزاء الأصلية الباقية من أول العمر إلى آخره والأجزاء المأكولة فضلة في الأكل لا أصلية فإن قيل هذا قول بالتناسخ لأن البدن الثاني ليس هو الأول كما ورد في الحديث أن أهل الجنة جرد مرد وأن الجهنمي ضرسه مثلا أحد ومن هنا قال ما من مذهب إلا وللتناسخ فيه قدم راسخ قلنا إنما يلزم التناسخ لو لم يكن البدن مخلوقا من الأجزاء الأصلية للبدن الأول وإن سمي مثل ذلك تناسخا كان نزاعا في مجرد الاسم ولا دليل على استحالة إعادة الروح بقوله فيجزيهم على قدر الخصال عن ذكر سؤال الملكين وعذاب القبر والحشر والحساب وأخذ الكتب ووزن الأعمال والمرور على الصراط وسيذكرها فيما بعد وكلها حق عند أهل السنة والجماعة يجب الإيمان بوقوعها لثبوتها بالأدلة القطعية أولها سؤال الملكين منكر ونكير وهما ملكان يدخلان القبر فيسألان العبد عن توحيد ربه وعن دينه وعن نبيه كما ورد إذا أقبر الميت أتاه ملكان أسودان أزرقا العينين يقال لأحدهما المنكر وللآخر النكير فيقولان ما كنت تقول في هذا الرجل فيقول هو عبد اللّه ورسوله أشهد أن لا إله إلا اللّه وأشهد أن محمد عبده ورسوله فيقولان قد كنا نعلم أنك تقول ذلك ثم يفسح له فيقبره سبعون ذراعا في سبعين وينور له فيه ثم يقال له نم فيقول أرجع إلى أهلي فأخبرهم فيقولان نم كنوم العروس الذي لا يوقظه إلا أحب أهله إليه فينام حتى يبعثه اللّه من مضجعه ذلك وإن كان منافقا يقول (٣٥) معت الناس يقولون شيئا فقلت مثله لا أدري فيقولان قد كنا نعلم أنك كنت تقول ذلك ثم يقولان للأرض التئمي عليه فتلتئم عليه فتختلف أضلاعه فلا يزال معذبا حتى يبعثه اللّه من مضجعه ذلك وقوله فيجزيهم على قدر الخصال أي المسطرة في الصحف فيعطى كل إنسان كتابه المثبت فيه طاعته ومعاصيه يعطى للمؤمن بيمينه وللكافر بشماله من وراء ظهره قال تعالى ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا * اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا وقال تعالى وأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا إلى غير ذلك من الأدلة ثم عليه يقع الحساب لأنه الجامع لما قدمت يداه لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا * فيجازي بما في كتابة إن خيرا فخير وإن شرا فشر وسيأتي تفصيل ذلك إن شاء اللّه تعالى الإعراب يميت مضارع أمات وفاعله مستتر يرجع إلى اللّه تعالى والخلق مفعوله وقهرا منصوب أما على الحال من الفاعل أو من المفعول أي حال كونه قاهرا أو حال كونهم مقهورين وعلى كل فهي حال لازمة أو على المصدرية مؤكدا للفعل المقدر أي يقهرهم قهرا ويحتمل التمييز وثم للتراخي عطف على يميت وفاعل يحيي فاعل يميت ومفعوله محذوف أي الخلق فيجزيهم عطف على يحيي والفاء للتعقيب على وفق متعلق بيجزي (ومعنى البيت) ظاهر تتمة يجب الإيمان بأن ملك الموت يقبض أرواح العالمين بأمر ربهم عند حلول الأجل والإماتة فعل اللّه تعالى وإسناد التوفي إلى ملك الموت في قوله تعالى قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم بطريق المجاز لأنه المباشر بنفسه أو بأعوانه والمقتول ميت بأجله عند أهل السنة والجماعة وليس له أجل آخر قطعه القاتل قال تعالى لكل أمة أجل إذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون وقال الشاعر: ومن لم يمت بالسيف مات بغيره تنوعت الأسباب والعمر واحد وزعم بعض المعتزلة أن القاتل قطع على المقتول أجله وهو مردود بما قدمنا فإن قيل إذا كان المقتول ميتا بأجله فمؤاخذة القاتل لماذا أجيب بأن مؤاخذته بسبب أنه ارتكب المنهي ومباشرته خراب بنيان اللّه تعالى قال تعالى ولا تقتلوا النفس التي حرم اللّه إلا بالحق وقال عليه السلام إلا دمي بنيان الرب ملعون من هدمه ولأنه لو لم يقتل القاتل لظهر الفساد بين العباد بانتقام كل خصم من خصمه قال تعالى ولكم في القصاص حياة يا أولو الألباب أي إذا علم قاتل أنه إذا قتل قتل به انكف عن القتل فيسلم القاتل والمقتول فالأجل واحد عند أهل السنة لا يزيد ولا ينقص وأما ما ورد من نحو صلة الرحم تزيد في العمر والصدقة تزيد (٣٦) في العمر ونحو ذلك فمعناه أنه تعالى يعطي السعادة والتوفيق لمن يصل رحمه بإحياء الليالي والاشتغال في الطاعات وفعل الخيرات فيرى بركة في عمره لأن النوم كالموت قال عليه السلام النوم أخو الموت فمعنى زيادته حصول البركة فيه وأجيب أيضا بأنا تعالى كان يعمل أنه لو لم يفعل هذه الطاعة لكان عمره أربعين لكنه يعلم أنه يفعلها ويكون عمره سبعين سنة فنسبة تلك الزيادة إلى تلك الطاعة بناء على علم اللّه تعالى أنه لولاها لما كانت الزيادة وأصل هذا إنه تعالى كما يعلم المعلوم الذي سيوجد كيف يوجد يعلم المعدوم الذي لا يوجد أنه لو وجد كيف كان يوجد كما أخبر تعالى عن أهل النار أنهم لو ردوا إلى الدنيا لعادوا لما نهوا عنه من الكفر مع علمه تعالى بأنهم لا يردون لقوله تعالى ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه ولو حرف امتناع لامتناع واختلف في الموت هل هو أمر وجودي أو عدمي قال الشيخ النسفي رحمه اللّه في عقائده والموت قائم بالميت مخلوق للّه تعالى لا صنع للعبد فيه تخلقا ولا اكتسابا قال السعد رحمه اللّه وهذا مبني على أن الموت وجودي بدليل قوله تعالى خلق الموت والحياة والأكثرون على أنه عدمي ومعنى خلق الموت قدره خاتمة أنكر أكثر المعتزلة حشر من لا خطاب عليهم وهو مردود بما ورد من أن اللّه تعالى يحيي الحيوانات كلها للقصاص إظهارا لكمال العدل والقدرة فيقتص للشاة الجماء من الشاة القرناء ثم يقول لها كوني ترابا فتصير ترابا و ح يقول الكافر يا ليتني كنت ترابا واللّه إعلم وأحكم قال الناظم رحمه اللّه: |