Geri

   

 

 

İleri

 

١٣

وَ مَا التَّشْبِيهُ لِلرَّحْمَنِ وَجْهًا فَصُنْ عَنْ ذَاكَ اَصْنَافَ الْاَهِالِي

في هذا البيت تأكيد التنزيه له تعالى المفهوم من سابقه أو أعم يريد أن الواجب عند أهل السنة والجماعة اعتقاد أنه تعالى لا يشبه أحدا ولا يشبهه أحد من المخلوقات لا ذاتا ولا صفاتا ولا أفعالا وأن تشبيهه تعالى بشئ من الحوادث ليس طريقا مرضيا يجوز اعتقاده لا شرعا ولا عقلا وكل ما خطر ببالك فاللّه وراء ذلك

وأما ما أطلقه الشرع مما يوهم المشابهة بينه وبين المخلوق في الذات فقد تقدم الكلام فيه مستوفى وكذا في الصفات كعلم الخالق والمخلوق يوصف كل منهما بأنا موجود فقد تماثلا في الوجود مثلا فهو من جهة اللفظ لا من جهة المعنى لأن صفات القديم غير صفات الحادث وإذا تأملت

قوله تعالى ليس كمثله شئ انجلت عنك غياهب الآلام وصفت عقيدتك من الشكوك والأوهام

(٢٩)

وقد قال جماعة التحقيق التوحيد إثبات ذات غير مشبهة للذوات ولا معطلة عن الصفات

وقوله فصن عن ذاك أي عن نسبة التشبيه إليهم أو إلى أحد منهم بالمعنى المذكور بوجه ما قال العلامة رحمه اللّه في شرح العقائد عند قوله ولا يشبهه شئ أي لا يماثله أما إذا أريد بالمماثلة الاتحاد في الحقيقة فظاهر

وأما إذا أريد بها كون الشيئين بحيث يسد أحدهما مسد الآخر أي يصلح كل منها لما يصلح له الآخر فلأن شيئا من الموجودات لا يسد مسده في شئ من الأوصاف فإن أوصافه من القدرة والعلم وغير ذلك أجل وأعلى مما في المخلوقات حيث لا مناسبة بينهما قال في البداية إن العلم منا موجود وعرض ومحدث وجائز الوجود ومتحدد في كل زمان فلو أثبتنا العلم صفة للّه تعالى لكان موجود أو صفة قديمة وواجب الوجود ودائما من الأزل إلى الأبد فلا يماثل علمه علم الخلق بوجه من الوجوه هذا كلامه وقد صرح بأن المماثلة عندنا إنما تثبت بالاشتراك في جميع الأوصاف حتى لو اختلفا في وصف انتفت المماثلة عندنا وقال الشيخ أبو المعين في التبصرة إنا نجد أهل اللغة لا يمتنعون من القول بأن زيدا مثل عمرو وفي الفقه إذا كان يساويه فيه يسد مسده في ذلك الباب وإن كان بينهما مخالفة بوجوه كثيرة وما يقوله الأشعري من أنه لا مماثلة إلا بالمساواة فاسد لأنه قال عليه السلام الحنطة بالحنطة مثلا بمثل وأراد الاستواء في الكيل لا غير وإن تفاوت الوزن وعدد الحبات والصلابة والرخاوة والظاهر أنه لا مخالفة لأن مراد الأشعري المساواة من كل الوجود فيما فيه المماثلة كالكيل مثلا وعلى هذا ينبغي أن يحمل كلام البداية أيضا وإلا فاشتراك الشيئين في جميع الأوصاف ومساواتها من جميع الوجود يرفع التعدد فكيف يتصور المماثلة

وقوله أصناف الأهالي أي جماعات أهل السنة والجماعة أي اعتقد براءتهم عن القول بمثل ذلك لتيقنهم بانتفاء وجود المثل له تعالى بالدلائل القطعية فإن قلت الآية دلت على نفي مثل المثل له تعالى وهو لا يقتضي نفي المثل فيجوز أن يثبت المثل قلنا نفي مثل مثله يستلزم نفي مثله بسبب انتفاء المماثلة لكونها من الجانبين فإذا انتفى أحد المثلين انتفى الآخر ضرورة فبقي تبارك وتعالى بلا مثل بالضرورة وهو المطلوب وإذا قيل بزيادة الكاف فلا إشكال

الإعراب ما بمعنى ليس والتشبيه اسمها وللرحمن متعلق به وجها خبر ليس فصن أمر والفاء واقعة في جواب مقدر أي إذا لم يكن للتشبيه وجه فصن أيها المكلف وعن ذلك متعلق بصن ووضع ذاك موضع هذا تحقيرا للتشبيه بالعبد عن ساحة القبول و كما يقال ذاك للعين فعل كذا تنزيلا لعبده عن ساحة الحضور

(وحاصل معنى البيت) إنه يجب عليك أيها المكلف أن تعتقد أن اللّه تعالى لا يشبه شيئا ولا يشبهه شئ من مخلوقاته لا في ذاته ولا في صفاته

(٣٠)

ولا في أفعاله لأنه تعالى بجميع صفاته قديم والقديم لا يشبهه شئ من الحوادث وأن تعتقد براءة أهل السنة عن القول بمثل ذلك وإن تنسب إليهم التكلم بما لا يليق به تعالى فإنه اعتقاد الضالين عنه تعالى رب العالمين * قال الناظم رحمه اللّه