Geri

   

 

 

İleri

 

٩

ومَا اِنْ جَوْهَرٌ رَبِّي وَجِسْمٌ وَ لَا كُلٌّ وَ بَعْضٌ ذُواشْتِماَلِ

ما هنا بمعنى ليس ولم تعمل هنا لعدم ترتب الخبر على الاسم وهو شرط في عملها كما علم في محله ولا يقال أبطل عملها إن الزائدة لأنها اقترنت بخبرها وهو لا يبطل عملها بخلاف ما لو اقترنت باسمها

وقيل إن إن هنا لتأكيد المنفي كما قاله الكوفيون ورد بأنا جمع بين متفقي المعنى فالأظهر أنها هنا زائدة أي وما ربنا جوهر والجوهر هو ما يقابل العرض أو هو المحتاج إلى فراغ يشغله أو هو المتحيز أو هو كل ما له حجم أو غير المستغني عن المحل أو القابل للأعراض أو ما له خط في المساحة والجوهر الفرد هو الجزء الذي لا يتجزى أي لا يقبل الانقسام لا فعلا ولا وهما ولا فرضا وعلى كل فهو الواقع بجهة وقابل

(٢١)

للكيفيات المتضادة كالحركة والسكون وما كان كذلك فهو من قبيل الممكنات وربنا محال عن ذلك علوا كبيرا ولا جسم لأنه لو كان جسما لكان مركبا وكل مركب مفتقر إلى جزئه والمفتقر إلى غيره ممكن واللّه تعالى منزه عن الإمكان فلا يكون جسما إذ الجسم مركب من جزئين فصاعدا وعند الحساب والمعتزلة الجسم ما له طول وعرض وعمق وأدناه عندهم ما تركب من ستة أجزاء إن كان مثلثا وإن كان مربعا أدناه من ثمانية أجزاء بيانه إن الجزء الواحد يسمى نقطة عندهم وإذا ضم إليه جزء يسمى خطا لأنه صار ذا طول يقبل القسمة بجهة واحدة والخط ما له طول فقط فإن ضم إليه خط آخر من جانبه يسمى سطحا فيكون هذا مع الأول ذا طول يقبل القسمة بجهتيه وإذا وضع عليه سطح آخر مثله أي أربعة أجزاء كذلك صار جسما لأنه حصل له طول وعرض وعمق فصار يقبل القسمة بجهاته الثلث وقس عليه المثلث فهو ثلاثة أجزاء فوق ثلاثة فالجسم اسم للمركب المطلق بالإجماع إلا أن أصحابنا أبطلوا الحد الذي قاله المعتزلة والحساب والصحيح ما قلنا إن أدناه جزآن فصاعدا كذا ذكره الرازي والرب في الأصل من التربية وهي تبليغ الشئ إلى كماله وصف به تعالى للمبالغة في تربية الإنسان مثلا من النطفة إلى انتهاء عمره والشجرة من حبه إلى أن تبلغ كذا إلى غير ذلك مما يدل على قدرته الباهرة فهو رب كل شئ ويختص المعرف باللام به تعالى ولا يطلق على غيره إلا مضافا كرب الدار

وقوله ولا كل لأن الكل اسم لجملة تركبت من جوهرين فصاعدا وكل جزء تركب منه لا يخلوا إما أن يكون موصوفا بصفات الكمال أو لا فإن كان الأول كان كل جزء منه حيا عالما سميعا بصيرا إلى غير ذلك فيلزم تعدد الآلهة وهو باطل وإن كان الثاني كان متصفا بأضدادها وهو نقص ومولانا منزه عن ذلك ولأن كل ما له أجزاء يسمى باعتبار تأليفه منها مركبا وباعتبار انحلاله إليها متبعضا متجزيا وكل ذلك مناف للوجوب ولا بعض لأنه اسم لما تركب الكل منه ومن غيره

وقوله ذو اشتمال صفة لكل وبعض أي لا يشتمل مولانا على غيره لأنه لو كان كلا لاشتمل على الغير ولو كان بعضا لاشتمل عليه الغير وكل ذلك من الاحتياج المنافي للوجوب وتبين بهذا أنه تعالى لا يحويه مكان ولا زمان ولا جهة من الجهاد ولا يدانيه شئ من المكونات ولا يماثله شئ من المخلوقات إذ كل ذلك محال على واجب الوجود المنزه عن الافتقار ومماثلة الحوادث

الإعراب ما نافية كما قدمنا وإن زائدة أو مؤكدة للنفي على ما قيل وجوهر خبر مقدم وربي مبتدأ مؤخر على الأظهر وجسم عطف على الجوهر وكذا كل وبعض وذو بمعنى صاحب قيل

(٢٢)

و صفة لكل لا لبعض والأظهر أن يتنازع فيه كل وبعض أي لا كل يشتمل على الغير ولا بعض يشتمل عليه الغير كما قدمنا واشتمال مجرور بإضافة ذو إليه وهو مصدر اشتمل بالثوب إذ التف به

(وحاصل معنى البيت) إنه ذكر من صفاته تعالى السلبية أربع صفات أنه تعالى ليس جوهرا ولا جسما ولا كلا ولا بعضا لأنه تعالى ليس بعين الممكنة وهي ما له قيام بذاته سواء تركب من جوهرين فصاعدا وهو الجسم على ما مر أو غير مركب وهو الجزء الذي لا يتجزى المعبر عنه تارة بالجوهر الفرد وتارة بالنقطة وهو الذي يمتنع بالذات انقسامه وسيأتي تمامه وإذا انتفى أن يكون شيئا من الأعيان الممكنة انتفى بالضرورة أن يكون عرضا وهو ما لا يقوم بذاته إذ العرض أقسام العالم وهو بجميع أقسامه ممكن وربنا متعال عن ذلك علوا كبيرا (تنبيه) ذكر الرازي ههنا كلاما مخالفا لكلام المحققين وقد ضربت عليه بعد نقله وحاصل الصواب فيه ما نقله السعد رحمه اللّه من أنه تعالى ليس بجوهر قال أما عندنا فلأنه اسم للجزء الذي لا يتجزى وهو متحيز وجزء من الجسم واللّه تعالى متعال عن ذلك

وأما عند الفلاسفة فلأنهم وإن جعلوه من أقسام الممكن وأرادوا به الماهية الممكنة التي إذا وجدت كانت لا في الموضع فإنما يمتنع إطلاقه على الصانع من جهة عدم ورود الشرع بذلك مع تبادر الفهم إلى المركب والمتحيز وذهب المجسمة والنصارى إلى إطلاق الجسم والجوهر عليه بالمعنى الذي يجب تنزيهه تعالى عنه انتهى وهذا هو الصواب الموافق لنقل المحققين في محل الخلاف وإذا تأملت ما هنا لك يظهر لك حقيقة ذلك واللّه الموفق والمرشد قال الناظم رحمه اللّه