٨وَ لَيْسَ الْاِسْمُ غَيْراً لِلْمُسَمَّي لَدَي اَهْلِ الْبَصِيرَةِ خَيْرِ آلِ اعلم أن الاسم ما دل على مسمى في نفسه غير متعرض ببنيته لزمان والتسمية جعل اللفظ دليلا على المعنى وذلك المعنى الذي جعل اللفظ بإزائه هو المسمى ثم اختلف هل الاسم عين المسمى أو غيره وهي مسألة طويلة لا يحتملها هذا المختصر وحاصلها أن ههنا ألفاظ ثلاثة التسمية والاسم والمسمى ثم التسمية غير الاسم والمسمى بلا خلاف بين الأدمة وأما الاسم والمسمى فقال أصحابنا أهل السنة هما واحد وقال أصحاب السنة والمتأخرون الاسم والصفة واحد ثم الصفة تنقسم إلى ثلاثة أقسام صفة هي غير الموصوف كصفة الوجود للموجود وصفة لا هو ولا غيره كصفات اللّه تعالى كما تقدم وصفة هي غير الذات كصفاتنا وكذلك الاسم ينقسم إلى ثلاثة أقسام اسم هو المسمى كقولنا موجود ومعبود وهو اللّه وهو الذي أراده المص رح واسم للصفة لا هو ولا غيره كالعالم والقادر وللتسمية وهو ذكر الاسم ولفظ فهو غير المسمى بالخلاف بين الأمة هذا حاصل ما في شر أبي بكر الرازي وحاصل ما في حاشية السعد على الكشاف عند قوله تعالى وعلم آدم الأسماء كلها إن الخلاف في الجواب لفظي لأنه أريد بالاسم لفظ زيد مثلا والمسمى مدلوله الذي هو الذات المشخصة فهو غيره قطعا أو بالاسم المدلول وبالمسمى الذات من حيث هي أي الماصدق فهو في الجامد عين المسمى إذ لا يفهم من اسم اللّه تعالى سواه وفي المشتق على قول الأشعري غيره إن كان صفة فعل كالخالق ولا عينه ولا غيره إن كان صفة ذات كالعالم وعلى قول غيره عينه كما في الجامد ثم قيل إن الخلاف في (١٩) الاسم بمعنى الكلمة المركبة من الهمزة والسين والميم لأن تمسكات الفريقين يشعر بذلك إذ القائلون بأن الاسم عين المسمى تمسكوا بمثل قوله تعالى سبح اسم ربك وقوله تعالى ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم فههنا الاسم والمسمى واحد إذ الحكم لا يناسب إلا المسمى وهذا هو المراد بقولهم الاسم عين المسمى والقائلون بأنا غيره تمسكوا بمثل قوله تعالى فله الأسماء الحسنى فههنا الاسم غير المسمى إذ المفهوم أنه غيره وهذا هو المراد بقولهم الاسم غير المسمى لكن ما ذكروه من التفصيل من أنه قد يكون عينه نحو لفظ الجلالة في الجوامد وأنه قد يكون غيره كالخالق من صفات الأفعال وقد يكون لا عين ولا غير كالعالم من صفات الذات يشعر بأن الخلاف ليس في لفظ الاسم المركب من الهمزة والسين والميم بل ما تصدق عليه تلك الكلمة مثل زيد بالنسبة إلى مدلوله ومسماه وفيه إنه حيث أريد ذلك كيف ساغ الاختلاف بين الأئمة وأجيب بأنا لما كان الاسم كزيد مثلا قد يراد به نفس لفظه كزيد ثلاثي وقد يراد به مدلوله ومسماه كزيد كاتب ورأيت زيدا وقع الاختلاف و ح الخلاف لفظي فمن أطلق أن الاسم عين المسمى ليس في محله وكذا من أطلق أنه غيره بل تارة يكون المراد غيره وتارة عينه فهو راجع إلى قرينة المقال عند الإطلاق فافهم واللّه أعلم وقوله لدى بالدال المهملة بمعنى عند والبصيرة: نور في القلب يدرك به الأشياء خيرها وشرها ويجمع على بصائر وأما الأبصار فجمع بصر وهو قوة مرتبة في العصبتين المجوفتين اللتين يلتقيان فيفترقان إلى العينين وعمى الأول أشد كما قال تعالى فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور وأراد بأهل البصيرة محققي أهل السنة الإعراب الاسم اسم ليس وغير خبرها وللمسمي متعلق بغير أي ليس الاسم مغاير للمسمى ولدى ظرف مكان وأهل مجرور به والبصيرة مجرور بإضافة أهل إليه وخير افعل تفضيل صفة لأهل وآل مجرور به (وحاصل معنى البيت) إن الاسم ليس مغايرا للمسمى عندنا أي بل هو عينه كما قال شارحوه قال علي القاري ولو قال وإن الاسم عين للمسمى لكان نظامه أسنى وأسمى وفيه نظر وقد علمت ما فيه تنبيه قال بعضهم هل حقيقة ذاته تعالى معلومة للناس الآن قال جماعة من أهل السنة والمعتزلة نعم لأنهم مكلفون بالعلم بوحدانيته وهو متوقف على العلم بحقيقته حتى زعم طائفة منهم أنه كصورة آدم مستدلين بقوله عليه السلام لا تقولوا إن فلانا قبيح فإن اللّه خلق آدم على صورته وفي رواية رأى رجلا يضرب آخر فقال ذلك ورده المحققون من الفرق الإسلامية وطائفة من غيرهم ونمنع توقف العلم بالوحدانية على العلم به بالحقيقة الذاتية وإنما يتوقف (٢٠) علم بوحدانيته على العلم به بوجه ما وهو عز وجل معلوم بصفاته ومصنوعاته كما أجاب به موسى عليه السلام فرعون لما سئله عن حقيقة ذاته بقوله وما رب العالمين قال رب السماوات والأرض إلى آخر ما قصه تعالى علينا ولفظة ما يسئل بها عن الماهية غالبا ومولانا لا يتصف بها ولذا قال بعض العلماء إن سئلنا سائل عن اللّه تعالى ما هو قلنا أن أردت ما اسمه فاللّه الرحمن الرحيم وإن أردت ما صفته فالسميع البصير وإن أردت ما فعله فخلق المخلوقات ووضع كل شئ في موضعه وإن أردت ما ماهيته فهو متعال عن المثال والجنس وهو الذي يجب اعتقاده والجواب عن الحديث أنا لا نسلم أن الضمير راجع إلى اللّه تعالى بل إلى فلان وروي أنه عليه السالم رأى رجلا يضرب آخر على وجهه فنهاه عن ذلك وقال إن اللّه تعالى خلق آدم على صورته أي صورة المضروب ويحتمل أن يكون راجعا إلى آدم وفائدته أنه تعالى خلق آدم على صورته التي شوهد عليها في الدنيا ولم تتغير عند إهباطه من الجنة كما كانت عليها فيها كما غيرت صورة إبليس حين أخرج منها ولئن سلم أنه راجع إلى اللّه تعالى كما جاء في الخبر أن اللّه خلق آدم على صورة الرحمن إلا أن الصورة كما تطلق على الصورة المحسوسة كذلك تطلق على مفهوم الشئ وما يختص به في ذاته ولذا قالت الحكماء: العلم حصول صورة الشئ في ذاته وأرادوا بها مفهومه ومعناه فمعنى خلق آدم على صورته أنه خلقه على صفاته من العلم والحكمة والرحمة والكرم والغضب ونحو ذلك فلا يكون حجة على إثبات الصورة المحسوسة على أنه ينبغي إرادة ذلك ويعين أحد ما ذكرنا من الاحتمالات قوله عليه السلام من قال إن للّه صورة كصورة آدم فهو كافر نقله ملا رمضان على شرح العقائد قال الناظم رحمه اللّه |