٦صِفَاتُ الذَّاتِ وَ الْاَ فْعَالِ طُرًّا قَدِيمَاتٌ مَصُونَاتُ الزَّوُالِ صفات الذات ما دل عليه فعله تعالى لتوقف الفعل عليها وهي العلم والقدرة والإرادة والحياة وما دل عليه التنزيه له تعالى عن النقص وهي السمع والبصر والكلام والبقاء وصفات الأفعال قد اختلف فيها فمذهب أئمتنا الحنفية هي قديمة أيضا كالأولى ومذهب الأشاعرة أنها حادثة باعتبار تعلقها التنجيزي كالتكوين والإبداء والانشاء والترزيق والإماتة والإحياء وفسر بعضهم صفات الذات بأنها كل ما يلزم من نفيه نقيضه والفرق بين الذات والصفات إن الذات كل ما يمكن تصوره بالاستقلال بخلاف الصفات فإنها كل ما لا يمكن تصوره إلا تبعا وكل منهما يدل على معنى زائد على معنى الواجب لا كما تزعمه المعتزلة أنه تعالى عالم لا علم له قادر لا قدرة له إلى غير ذلك فإنه محال بمنزلة قولنا أسود لا سواد له وقد نطقت النصوص بثبوت علمه وقدرته وغيرهما ودل صدور الأفعال المتقنة على وجود الأفعال المتقنة على وجود عمله وقدرته لا على مجرد تسميته عالما وقادرا وليس النزاع في العلم والقدرة التي من جملة الكيفيات والملكات لما صرح مشايخنا من أنه تعالى حي وله حياة أزلية ليست بعرض ولا مستحيل البقاء واللّه تعالى عالم وله علم أزلي شامل ليس بعرض ولا مستحيل البقاء ولا ضروري وما مكتسب وكذا سائر الصفات بل النزاع في أنها كما أن للعالم منا علما هو عرض قائم به زائد عليه حادث فهي للصانع العالم علم هو صفة أزلية قديمة قائمة زائدة عليه وكذا جميع الصفات فأنكره الفلاسفة والمعتزلة وزعموا أن صفاته عين ذاته بمعنى أن ذاته تسمى باعتبار التعلق بالمعلومات عالما وبالمقدورات قادرا إلى غير ذلك فلا يلزم تكثير في الذات ولا تعدد في القدماء والواجبات والجواب أن المستحيل تعدد الذات القديمة وهو غير لازم ويلزمهم كون العلم مثلا قدرة وحيا وعالما وحيا إلى غير ذلك من المحالات وقوله طرا بضم الطاء أي جميعا وبفتحها أي قطعا من طر الثوب إذ قطعه فهو طرار والأول أنسب ههنا وقوله قديمات جمع قديمة وتقدم معنى القديم أي (١٥) زلية لا كما تزعمه الكرامية من أن له صفات إلا أنها حادثة الاستحالة قيام الحوادث بذاته تعالى مصونات أي محفوظات عن الزوال عن ذاته تعالى لأن صفاته تعالى أزلية أبدية لا يزال عنها أبدا فلا تزايله ولا تفارقه إذ المزايلة والمفارقة من صفات الحدوث ومولانا بجميع صفاته قديم الإعراب صفات الذات مبتدأ والأفعال عطف على الذات وطرا نصب على الحال وقديمات خبر المبتدأ ومصونات الزوال خبر بعد خبر (وحاصل معنى البيت) إن صفاته تعالى مطلقا ذاتية كانت أو فعلية كلها قديمة مصونة عن الزوال عن الذات المقدسة وعن الزوال بمعنى الفناء والعدم قال شارح ويجوز أن يراد كلا المعنيين وهو الأصح وصفات الأفعال عند الأشاعرة حادثة باعتبار تعلقها التنجيزي وهو حادث وأما باعتبار تعلقها الأزلي ويسمونها المعنوية فهي قديمة لأن التكوين باعتبار رجوعه إلى صفة القدرة يكون أزليا فالتخليق مثلا هو القدرة باعتبار تعلقها بالمخلوق فح لا خلاف في المعنى ذكره الإمام النووي وغيره انتهى وفيه نطر ولذا نقله علي القاري (٢) وقد قدمنا تحقيقه والحاصل أنه يجب على المكلف بالشرع معرفة ما قام عليه دليل عقلي أو نقلي من الصفات مع اعتقاد أنها كلها قديمة وهي عشرون صفة الوجود، والقدم، والبقاء، والمخالفة للحوادث، والقيام بالنفس، والوحدانية والحياة، والعلم، والإرادة، والقدرة، والسمع، والبصر، والكلام، وكونه حيا، وعالما ، ومريدا، وقادرا، وسميعا، وبصيرا، ومتكلما. ويستحيل في حقه تعالى كل ما ينافي الصفات الواجبة كالعدم، والحدوث، والفناء، والمماثلة للحوادث، وكونه صفة، والاحتياج إلى الفاعل، والتركيب في الذات، والمثل فيها أو في الصفات، ووجود الشريك في الأفعال ، والعجز، والجهل وما في معنى ذلك وأفراد الجائز في حقه تعالى لا تنحصر في عدد بل هي الفعل والترك لكل ما يقضي العقل بجوازه وإمكانه ونظم بعضهم صفات الذات بقوله حياة كلام ثم علم وقدرة * إرادته سمع صفات مع البصر لذات الإله عند كل محقق * وزيد بقاء عند حبر مع النظر (٢) حاصل ما قدمه أن الإمام الرازي أثبت الكفر لمن نفى خالقية اللّه تعالى قبل أن يخلق المخلوقات من المخالفين أي أهل العقائد الباطلة ورده علي القاري بأن الأشاعرة أيضا من المخالفين فإنهم لا يوصفون اللّه تعالى بأنا خالق قبل أن يخلق الخلق مع أنهم الفرقة الناجية كما في المواقف والعضدية ولم يعترض عليهما الشروح والحواشي هذا والحق ما قاله الإمام النووي رحمه اللّه من أن الخلاف لفظي ولا معنى للنظر فيه اعتناء بنقل علي القاري فإنه يوهم التعصب وإن فتشت كتب الكلام كحواشي شرح المواقف وجدت كلام الماتريدية مضطربا في أجوبتهم لدفع الاعتراضات الأشاعرة على إثبات التكوين صفة زائدة لا سيما كلام صاحب نظم الفرائد حيث أتى بتكلفات باردة لدفع تلك الاعتراضات بنقول مختلفة لا تخلو عن العصبية. لمحرره أحمد حلمي القوغى (١٦) |