٣هُوَ الْحَيُّ الْمُدَبِّرُ كُلَّ اَمْرٍ هُوَ الْحَقُّ الْمُقَدِّرُ ذُوالْجَلَالِ الحي من ثبت له الحياة وهو ضد الموت قال اللّه تعالى هو الحي لا إله إلا هو * اللّه لا إله إلا هو الحي القيوم والحياة صفة من شأنها حصول العلم ونحوه لم قامت به وهي في حقه تعالى صفة أزلية قديمة من صفات الذات ولا تعلق لها كما سيأتي والمدبر اسم فاعل من التدبير وهو لغة التأمل والتفكر في إيقاع الفعل وفي حقه تعالى تنزيل الأمور في مراتبها على أحكام عواقبها حسب ما سبق به علمه الأزلي فهو شؤون يبديها ولا يبتديها قال اللّه تعالى يدبر الأمر من السماء إلى الأرض وكل هنا كلية لا كل ولا كلي والأمر يطلق حقيقة على القول ومجازا على الفعل قال تعالى وشاورهم في الأمر، أي الفعل الذي تعزم عليه فهو في كلام الناظم مجاز شايع لإطلاقه على كل ما يفعل والأظهر أن يراد بالأمر ههنا الأعم من القول والفعل فيكون الشئ إذ كلها تدبيره تعالى فمعنى المدبر كل أمر أي الموقع كل شئ على قدر مخصوص في وقت مخصوص بقضائه وقدره حسب ما سبق في علمه والحق لغة الثابت من حق الشئ إذا ثبت والمراد في حقه تعالى الثابت الوجود على وجه الوجوب وهو من أسمائه تعالى وله إطلاقات فيطلق على الدين الثابت في الذمة والمطالبات والأمر العظيم الشأن والأقوال والعقائد والأديان والحكم المطابق للواقع وغير ذلك بخلاف الصدق فإنه شاع في الأقوال خاصة ويقابله الكذب والحق يقابله الباطل والمقدر بكسر الدال موجد الأشياء على قدر مخصوص وتقدير معين في ذواتها وأحوالها فهو اسم فاعل من قدر يقدر فهو مقدر وهو من له القدرة على ذلك وهي صفة تخالف العجز وتؤثر في الشئ عند تعلقها به لكن تعلقها به مرتب على تعلق الإرادة وتعلق الإرادة مرتب على تعلق العلم ولا قصور في عدم تعلق الإرادة والقدرة بالواجب والمستحيل إذ لو تعلقا بهما لزم القصور لأنه يلزم على هذا أن يجوز تعلقهما بانعدام أنفسهما بل وإعدام الذات العلية وإثبات الألوهية لمن لا يقبلها من الحوادث وسلبها عمن تجب له وهو المولى جل وعلا وآي نقص وفساد أعظم من هذا وذو ههنا بمعنى الصاحب والجلال العظمة والاستغناء المطلق لوسع مجده وعلاه وسلطان ملكوتيته على ما سواه ويشمل ذلك الصفات الثبوتية والسلبية وإنكار المعتزلة ثبوت العلم والقدرة والحياة ونحوها من سائر أوصاف الكمال وقولهم إنه لا يوصف بها لأنه لا يخلوا إما أن تكون قديمة فيتعدد القدماء أو حادثة فيكون محلا للحوادث فهو قول باطل مردود بالأدلة القطعية لأنه وصف ذاته المقدسة متمدحا بها قال تعالى إن اللّه هو الرزاق * أنزله بعلمه * ولا يحيطون بشئ من علمه * هو الحي (١١) ما قدمنا فقد أثبت لنفسه العلم والقدرة والحياة ونحوها فإنكار هذه الصفات الثابتة بنص الكتاب كفر بالنزاع (الإعراب) هو الحي متبدأ وخبر والمدبر خبر بعد خبر وكذا هو الحق المقدر وكل بالنصب مضاف إلى أمر مفعول المدبر دال على مفعول المقدر المحذوف أي المقدر كل أمر (وحاصل معنى البيت) إنه تعالى حي لا يزال وهو الموجد لجميع الأشياء من خير وشر ونفع وضر وحلو ومر بقضائه وقدره على أقدار مخصوصة في أوقات مخصوصة قال تعالى وكل شئ خلقناه بقدر فيجب اعتقاد أنه تعالى حي باق أزلا وأبدا واجب الوجود وكل ما في الوجود بتدبيره وتقديره لا يعزب عن علمه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء وفيه إشارة إلى دخول أفعال العباد في كل مخلوق ردا على المعتزلة في قولهم إن أفعال العباد مخلوقة لهم وقول بعضهم بعضها مخلوق لهم كما سيأتي وتمسكوا في ذلك بما هو مذكور مع رده في المطولات من هذا الفن قال الناظم رحمه اللّه |