٦ الرواة والروايةفإِنْ تَشارَكَ الرَّاوِي ومَنْ روى عَنْهُ في أَمرٍ مِن الأمورِ المتعلِّقَةِ بالرِّوايةِ؛ مثلِ السِّنِّ واللُّقِيِّ، و [ هو ] الأخذُ عن المشايخِ؛ فهُو النُّوعُ الَّذي يُقالُ لهُ: روايةُ الأقْرانِ؛ لأنَّهُ حينئذٍ يكونُ راوياً عن قَرينِهِ. ٦-١وإِنْ رَوى كُلِّ مِنْهُما؛ أَي: القَرينَيْنِ عَنِ الآخَرِ؛ فـهو المُدَبَّجُ، وهو أَخصُّ مِن الأوَّلِ، فكلُّ مُدَبَّجٍ أَقرانٌ، وليسَ كلُّ أَقرانٍ مدبَّجاً. وقد صنَّفَ الدَّارقطنيُّ في ذلك، وصنَّف أَبو الشيخِ الأصبهانيُّ في الَّذي قبلَه. وإِذا روى [ الشَّيخُ ] عن تلميذِهِ صَدَق أَنَّ كلاًّ منهُما يروي عنِ الآخَرِ؛ فهل يُسمَّى مُدبَّجاً ؟ فيهِ بحثٌ، والظَّاهرُ: لا؛ لأنَّهُ مِن [ روايةِ ] الأكابِرِ عَنِ الأصاغِرِ، والتَّدبيجُ مأْخوذٌ مِن دِيباجَتَيِ الوجهِ، فَيَقْتَضِي أَن يكونَ [ ذلك ] مُستوِياً مِن الجانبَيْنِ، فلا يجيءُ فيهِ هذا. ٦-٢وإِنْ رَوى الرَّاوي عَمَّنْ [ هُو ] دُونَهُ في السنِّ أو في اللُّقيِّ أو في المِقدارِ؛ فـهذا النَّوعُ هو روايةُ الأكابِرُ عَنِ الأصاغِرِ. ٦-٣ومِنهُ؛ أَي: و مِن جُملةِ هذا النَّوعِ – وهو أَخصُّ مِن مُطلَقِهِ – روايةُ الآباءُ عَنِ الأبْناءِ، والصَّحابةِ عنِ التَّابعينَ، والشَّيخِ عن تلميذِهِ، ونحوِ ذلك. وفي عَكْسِهِ كَثْرَةٌ؛ لأنَّهُ هُو الجادَّةُ المسلوكةُ الغالبةُ. [ ومِنْهُ: مَنْ رَوى عَنْ أَبيهِ عَنْ جَدِّهِ ]. وفائدةُ معرِفَةِ ذلك: التَّمييزُ بينَ مراتِبِهِم، وتَنْزيلُ النَّاسِ منازِلَهُم. وقد صنَّفَ الخَطيبُ في راويةِ الآباءِ عنِ الأبناءِ تصنيفاً، وأَفردَ جُزءاً لطيفاً في روايةِ الصَّحابةِ عن التَّابِعينَ. وجَمَعَ الحافظُ صلاحُ الدِّينِ العَلائيُّ – مِن المتأَخِّرينَ – مُجلَّداً [ كبيراً ] في معرفةِ مَن روى عن أَبيهِ عن جدِّهِ عن النبيِّ صلّى اللّهُ عليهِ [ وآلهِ ] وسلَّمَ، وقسَّمهُ أَقساماً، فمنهُ ما يعودُ الضَّميرُ في قولِه: عن جدِّهِ على الرَّاوي، ومنهُ ما يعودُ الضَّميرُ فيهِ على أَبيهِ، وبيَّن ذلك، وحقَّقَهُ، وخرَّج في كلِّ ترجمةٍ حديثاً مِن مرويِّهِ. وقد لخَّصتُ كتابَه المذكورَ، وزِدْتُ عليهِ تراجِمَ كثيرةً جدّاً، وأَكثرُ ما وقعَ فيهِ ما تسلْسَلَتْ فيهِ الرِّاويةُ عن الآباءِ بأَربعةَ عشر أَباً. ٦-٤وإِنْ اشْتَرَكَ اثْنَانِ عَنْ شَيْخٍ، وتَقَدَّمَ مَوْتُ أَحَدِهِما على الآخَرِ؛ فهُوَ: السَّابِقُ واللاَّحِقُ. وأَكثرُ ما وَقَفْنا عليهِ مِن ذلك ما بينَ الرَّاوْيَيْنِ فيهِ في الوفاةِ مئةٌ وخَمْسونَ سنةً، وذلك أَنَّ الحافظَ السِّلفيَّ سمِعَ منهُ أَبو عليٍّ البَرْدانيُّ – أَحدُ مشايخِهِ – حَديثاً، ورواهُ عنهُ، وماتَ على رأَسِ الخَمْسِ مئةٍ. [ ثمَّ ] كانَ آخِرُ أَصحابِ السِّلفيِّ بالسَّماعِ سِبْطَهُ أَبا القاسمِ عبدَ الرحمنِ بن مَكِّيٍّ، وكانتْ وفاتُه سنةَ خمسينَ وستِّ مئةٍ. ومِن قديمِ ذلك أَنَّ البُخاريَّ حدَّثَ عن تِلميذِهِ أَبي العبَّاسِ السَّرَّاجِ شيئاً في التَّاريخِ وغيرِه، وماتَ سنةَ ستٍّ وخمسينَ ومئتينِ، وآخِرُ مَن حدَّثَ عن السَّرَّاجِ بالسَّماعِ أَبو الحُسينِ الخَفَّافُ، وماتَ سنةَ ثلاثٍ وتسعينَ وثلاثِ مئةٍ. وغالِبُ ما يقعُ مِن ذلك أَنَّ المسموعَ منهُ قد يتأَخَّرُ بعدَ [ [ موتِ ] [ أَحدِ ] ] أخذ الرَّاويينِ عنهُ زماناً، حتَّى يسمَعَ منهُ بعضُ الأحداثِ، ويعيشَ بعدَ السَّماعِ منهُ دَهْراً طويلاً، فيحْصُلُ مِن مجموعِ ذلك نَحْوُ هذهِ المدَّةِ، واللّهُ الموفِّقُ. ٦-٥وإِنْ رَوى الرَّاوي عَنِ اثْنَيْنِ مُتَّفِقَيِ الاسْمِ، أو معَ اسمِ الأبِ، أو معَ اسمِ الجدِّ، أو معَ النِّسبةِ، ولَمْ يَتَمَيَّزا بما يخُصُّ كُلاًّ منهُما، فإِنْ كانا ثقَتَيْنِ لم يَضُرَّ. ومِن ذلكَ ما وقَعَ في البُخاريِّ مِن روايتِه عن أَحمدَ – غيرَ مَنسوبٍ – عن [ ابنِ ] وَهْبٍ؛ فإِنَّهُ إِمَّا أَحمدُ بنُ صالحٍ، أو أَحمدُ بنُ عيسى، أو: عن محمَّدٍ – غيرَ منسوبٍ – عن أَهلِ العراقِ؛ فإِنَّهُ إِمَّا محمَّدُ بنُ سَلاَمٍ أو محمَّدُ بنُ يَحْيى الذُّهليُّ. وقدِ استَوْعَبْتُ ذلك في مقدِّمةِ شرحِ البُخاريِّ ومَن أَرادَ لذلك ضابِطاً كُلِّيّاً يمتازُ بهِ أَحدُهما عنِ الآخَرِ؛ فباخْتِصاصِهِ؛ [ أَي [ الشيخِ المرويِّ عنهُ ] ] الراوي بأَحَدِهِما يَتَبَيَّنُ المُهْمَلُ. ومتى لم يتَبَيَّنْ ذلك، أو كانَ مختَصّاً بهما معاً؛ فإشكالُه شديدٌ، فيُرْجَعُ فيهِ إِلى القرائنِ، والظَّنِّ الغالِبِ. وإِنْ روى عن شيخٍ حَديثاً؛ فـجَحَدَ الشيخُ مَرْوِيَّهُ. فإِنْ كانَ جَزْماً – كأَنْ يقولَ: كذِبٌ عليَّ، أو: ما روَيْتُ هذا، أو نحوَ ذلك –، فإِنْ وقعَ منهُ ذلك؛ رُدَّ ذلك الخبرُ لِكَذِبِ واحِدٍ منهُما، لا بِعَيْنِه. ولا يكونُ ذلك قادِحاً في واحدٍ منهُما للتَّعارُضِ. [ أو ] كانَ جَحَدَهُ احْتِمالاً، كأَنْ يَقولَ: ما أَذْكُرُ هذا، أو: لا أَعْرِفُهُ؛ قُبِلَ ذلك الحَديثُ في الأصَحِّ؛ لأَنَّ ذلك يُحْمَلُ على نِسيانِ الشَّيخِ، وقيلَ: لا يُقْبَلُ؛ لأنَّ الفرعَ تَبَعٌ للأصلِ في إِثباتِ الحَديثِ، [ بحيثُ ] إِذا ثَبَتَ أَصلُ الحَديثِ؛ ثَبَتَتْ روايةُ الفرعِ، فكذلكَ ينْبَغي أَنْ يكونَ فرعاً عليهِ وتَبَعاً لهُ في التَّحقيقِ. وهذا مُتَعَقَّبٌ بأَنَّ عدالَةَ الفرعِ تقتَضي صِدْقَهُ، وعدمُ عِلْمِ الأصلِ لا يُنافيهِ، فالمُثْبِتُ مقدَّمٌ على النَّافي. وأَمَّا قياسُ ذلك بالشَّهادةِ؛ ففاسِدٌ؛ لأنَّ شهادةَ الفرعِ لا تُسْمَعُ معَ القُدرةِ على شَهادةِ الأَصلِ؛ بخلافِ الرِّوايةِ، فافْتَرَقَا. وفيهِ؛ أَي: و في هذا النَّوعِ صنَّفَ الدَّارقطنيُّ [ كِتابَ ] مَنْ حَدَّثَ ونَسِيَ، وفيه ما يدلُّ على تَقْوِيَةِ المذهب الصَّحيحِ لكونِ كثيرٍ مِنهُم حدَّثوا بأَحاديثَ [ أَوَّلاً ]، فلمَّا عُرِضَتْ عليهِم، لم يتذكَّروها، لكنَّهُم – لاعْتِمادِهم على الرُّواةِ عنهُم – صارُوا يروونَها عنِ الَّذينَ رَوَوْها عنهُم عن أَنْفُسِهِم. كحَديثِ سُهَيْلِ بنِ [ أَبي ] صالحٍ عن أَبيهِ عن أَبي هُريرةَ – مرفوعاً – في قِصَّةِ الشَّاهِدِ واليَمينِ. قالَ عبدُ العزيزِ بنُ محمَّدٍ الدَّراوَردِيُّ: حدَّثني بهِ ربيعةُ بنُ أَبي عبدِ الرحمنِ عن سُهيلٍ؛ قالَ: فلقيتُ سُهيلاً، فسأَلتُه عنهُ ؟ فلم يَعْرِفْهُ، فقلتُ له: إِنَّ ربيعةَ حدَّثني عنكَ بكذا، فكانَ سُهَيْلٌ بعدَ ذلك يقولُ: حدَّثني ربيعةُ عنِّي أَنِّي حدَّثتُه عن أَبي بهِ. ونظائِرُهُ كثيرةٌ. ٦-٦وإِنْ اتَّفَقَ الرَّواةُ في إِسنادٍ مِن الأسانيدِ في صِيَغِ الأَداءِ؛ [ كـ: سمعتُ فلاناً، قالَ: سمعتُ فُلاناً... أو: حدَّثنا فُلانٌ؛ [ قالَ: حدَّثنا فُلانٌ ]... و غيرِ ذلك من الصِّيَغِ، أو غَيْرِها مِن الحالاتِ القوليَّةِ ]؛ كـ: سمعتُ فلاناً يقولُ: أُشْهِدُ اللّهَ لقد حدَّثَني فلانٌ... إِلخ، أو الفِعليَّةِ؛ كقولِه: دَخَلْنا على فُلانٍ، فأَطْعَمَنا تَمراً... إِلخ، أو القوليَّةِ والفِعليَّةِ معاً؛ كقولِه: حدَّثَني فلانٌ و [ هُو ] آخِذٌ بلحْيَتِه؛ قالَ: [ آمنْتُ ] بالقَدَرِ... إلخ؛ فهُو: المُسَلْسَلُ، وهو مِن صفاتِ الإِسنادِ. وقد يقعُ التَّسلسُلُ في معظمِ الإِسنادِ؛ كحديثِ المُسَلْسَلِ بالأوَّليَّةِ، فإِنَّ السِّلْسِلَةِ تنْتَهي فيهِ إِلى سُفيانَ بنِ عُيينَةَ فقط، ومَن رواهُ مُسلْسَلاً إِلى منتهاهُ، فقد وَهِمَ. ٦-٧وصِيَغُ الأدَاءِ المشارُ إِليها على ثمانِ مراتِبَ: الأولى: سَمِعْتُ وحَدَّثَني. ثمَّ: أخْبَرَني وقرَأْتُ عليهِ؛ وهي المرتبةُ الثَّانيةُ. ثمَّ: قُرِئَ عَلَيْهِ وأَنا أَسْمَعُ، وهي الثالثةُ. ثمَّ: أَنْبَأَني، وهي الرَّابعةُ. ثمَّ: ناوَلَني، وهي الخامسةُ. ثمَّ: شافَهَني؛ أَي: بالإِجازةِ، وهي السَّادسةُ. ثمَّ: كَتَبَ إِليَّ؛ [ أَي ]: بالإِجازةِ، وهي السَّابعةُ. ثمَّ: عَنْ ونَحْوُها مِن الصِّيغِ المُحْتَمِلةِ للسَّماعِ والإِجازةِ ولِعدمِ السَّماعِ أَيضاً، وهذا مثلُ: قالَ، وذكرَ، وروى. فـاللَّفظانِ الأوَّلانِ مِن صيغِ الأداءِ، وهُما: سمعتُ، وحدَّثني صالِحانِ لمَن سَمِعَ وَحْدَهُ مِن لَفْظِ الشَّيْخِ. وتَخْصيصُ التَّحديثِ بما سُمِعَ مِن لفظِ الشَّيخِ هو الشَّائعُ بينَ أَهلِ الحَديثِ اصطِلاحاً. ولا فرقَ بينَ التَّحديثِ والإِخبارِ مِن حيثُ اللُّغةُ، وفي ادِّعاءِ الفرقِ بينَهما تكلُّفٌ شديدٌ، لكنْ لمَّا صار تقرَّر الاصطلاحُ صارَ ذلك حقيقةً عُرفيَّةً، فتُقَدَّمُ على الحقيقةِ اللُّغويةِ، معَ أَنَّ هذا الاصطلاحَ [ إِنَّما ] شاعَ عندَ المَشارِقَةِ ومَن تَبِعَهُم، وأَمَّا غالِبُ المَغارِبَةِ؛ فلمْ يستَعْمِلوا هذا الاصطِلاحَ، بل الإِخبارُ والتَّحديثُ عندَهُم بمعنىً واحدٍ. فإِنْ جَمَعَ الرَّاوي؛ أي: أَتى بصيغةِ الجَمْعِ [ في الصِّيغةِ ] الأولى؛ كأَنْ يقولَ: حدَّثَنا فلانٌ، أو: سَمِعْنا فلاناً يقولُ:؛ فـهُو دليلٌ على أَنَّه سَمِعَ منهُ مَعَ غَيْرِهِ، وقد تكونُ النُّونُ للعظمةِ لكنْ بقلَّةٍ. وأوَّلُها أَي: [ صيغُ ] المراتِبِ أَصْرَحُها؛ أَي: أَصرحُ صِيغِ الأَداءِ في سماعِ قائلِها؛ لأنَّها لا تحتَمِلُ الواسِطةَ، ولأنَّ حدَّثني قد يُطْلَقُ في الإِجازةِ تدليساً. وأَرْفَعُها مِقداراً ما يقعُ في الإِمْلاءِ لما فيهِ مِن التثبُّتِ والتحفُّظِ. والثَّالِثُ، وهو أَخبَرَني. والرَّابِعُ، وهو قرأْتُ عليه لِمَنْ قَرَأَ بِنَفْسِهِ على الشَّيخِ. فإِنْ جَمَعَ كأَنْ يقولَ: أَخْبَرَنا، أو: قَرَأْنا عليهِ؛ فـهو كالخامِسِ، وهو: قُرىءَ عليهِ وأَنا أَسمعُ. وعُرِفَ مِن هذا أَنَّ التَّعبيرَ بـ قرأتُ لمَن قرأَ خيرٌ مِن التَّعبيرِ بالإِخبارِ؛ لأنَّهُ أَفصحُ بصورةِ الحالِ. تنبيهٌ: القراءةُ على الشَّيخِ أَحدُ وجوهِ التحمُّلِ عندَ الجُمهورِ. وأَبعدَ مَن أَبى ذلك مِن أَهلِ العِراقِ، وقد اشتدَّ إِنكارُ الإِمامِ مالكٍ وغيرِهِ مِن المدنيِّينَ عليهِم في ذلك، حتَّى بالغَ بعضُهُم فرجَّحَها على السَّماعِ مِن لفظِ الشَّيخِ ! وذهَبَ جمعٌ [ جمٌّ ] – منهُم البُخاريُّ، وحكاهُ في أَوائلِ صحيحِهِ عن جماعةٍ مِن الأئمَّةِ – إِلى أَنَّ السَّماعَ مِن لفظِ الشَّيخِ والقراءَةَ عليهِ يعني في الصِّحَّةِ والقُوَّةِ [ سواءً ]، واللّهُ أَعلمُ. والإِنْباءُ من حيثُ اللُّغةُ واصطلاحُ المتقدِّمينَ بمعْنَى الإِخْبارِ؛ إِلاَّ في عُرْفِ المُتَأَخِّرينَ؛ فهُو للإِجازَةِ؛ كـعن لأنَّها في عُرفِ المتأَخِّرينَ للإِجازةِ. وعَنْعَنَةُ المُعاصِرِ مَحْمولَةٌ عَلى السَّماعِ؛ بخلافِ غيرِ المُعاصِرِ؛ فإِنَّها تكونُ مُرسَلةً، أو مُنقطِعَةً، فشرْطُ حمْلِها [ على السَّماعِ ] ثُبوتُ المُعاصرةِ؛ إِلاَّ مِنْ مُدَلِّسٍ؛ فإِنَّها ليستْ محمولةً على السَّماعِ. وقيلَ: يُشْتَرَطُ في حملِ عنعَنَةِ المُعاصرِ على السَّماعِ ثُبوتُ لِقائِهِمَا أَيْ: الشيخِ والرَّاوي عنهُ، ولَوْ مَرَّةً واحدةً ليَحْصُلَ الأمنُ [ في ] باقي العنعَنَةِ عن كونِهِ مِن المُرسلِ الخفيِّ، وهُو المُخْتارُ؛ تبعاً لعليِّ بنِ المَدينيِّ والبُخاريِّ وغيرِهما مِن النُّقَّادِ. وأَطْلَقُوا المُشافَهَةَ في الإِجازَةِ المُتَلَفَّظِ بِها تجوُّزاً. [ وَكذا المُكاتَبَةَ ] في الإِجازَةِ المَكْتُوبِ بِها، وهُو موجودٌ في عِبارةِ كثيرٍ مِن المُتأَخِّرينَ؛ بخلافِ المُتقدِّمينَ، فإِنَّهُم إِنَّما يُطلِقونَها فيما كتَبَ بهِ الشَّيخُ مِن الحديثِ إِلى الطَّالبِ، سواءٌ أَذِنَ لهُ في رِوايتِه أَم لا، لا فيما إذا كتَبَ إِليهِ بالإِجازةِ فقطْ. واشْتَرَطُوا في صِحَّةِ الرِّوايةِ بـالمُناوَلَةِ اقْتِرانَها بالإِذْنِ بالرِّوايةِ، وهِيَ إذا حَصَلَ هذا الشَّرطُ أَرْفَعُ أَنْواعِ الإِجازَةِ؛ لما فيها مِن التَّعيينِ والتَّشخيصِ. وصورَتُها: أَنْ يَدْفَعَ الشَّيخُ أَصلَهُ أو ما قامَ مَقامَهُ للطَّالِبِ، أو يُحْضِرَ الطَّالِبُ الأَصْلَ للشَّيخِ، ويقولَ لهُ في الصُّورتينِ: هذا رِوايَتي عنْ فلانٍ فارْوِهِ عنِّي. وشَرْطُهُ أَيضاً: أَنْ يُمَكِّنَهُ منهُ؛ إِمَّا بالتَّمليكِ، وإِمَّا بالعاريَّةِ، لِيَنْقُلَ منهُ، ويُقابِلَ عليهِ، وإِلاَّ؛ و إِنْ ناوَلَهُ واستردَّ منه في الحالِ فلا تُتَبَيَّنُ [ أَرفعيَّتُهُ، لكنَّ ] لها زيادةَ مَزيَّةٍ على الإِجازةِ المعيَّنَةِ، وهيَ أَنْ يُجيزَهُ الشَّيخُ بروايةِ كتابٍ معيَّنٍ، ويُعَيِّنَ لهُ كيفيَّةَ روايتِهِ لهُ. وإِذا خَلَتِ المُناولَةُ عن الإِذنِ، لم يُعْتَبَرْ بها عندَ الجُمهورِ. وجَنَحَ مَنِ اعْتَبَرَها إِلى أَنَّ مُناولَتَهُ إِيَّاهُ [ تقومُ مقامَ إرسالِهِ إليهِ ] بالكتابِ مِن بلدٍ إِلى بلدٍ. وقد ذهَبَ إِلى صحَّةِ الرِّوايةِ بالمُكاتبةِ المُجرَّدةِ جماعةٌ مِن الأئمَّةِ، و [ لو ] لم يقتَرِنْ ذلك بالإِذنِ بالرِّوايةِ؛ كأَنَّهُم اكْتَفَوْا في ذلك بالقرينةِ. ولمْ يَظْهَرْ لي فرقٌ قويٌّ بينَ مُناولةِ الشَّيخِ الكِتابَ [ مِن يدهِ ] للطَّالبِ، وبينَ إِرسالِهِ [ إِليهِ ] بالكتابِ مِن موضعٍ إِلى آخَرَ، إِذا خَلا كلٌّ منهُما عن الإِذنِ. وكَذا اشْتَرَطُوا الإِذْنَ في الوِجَادَةِ، وهي: أَنْ يَجِدَ بخطٍّ يعرِفُ كاتِبَهُ، فيقولُ: وجَدْتُ بخطِّ فلانٍ، ولا يسوغُ فيهِ إِطلاقُ: أَخْبَرَني؛ بمجرَّدِ ذلك، إِلاَّ إِنْ كانَ لهُ منهُ إِذنٌ بالرِّوايةِ عنهُ. وأَطلقَ قومٌ ذلك فغَلِطوا. وَكذا الوَصِيَّةُ بالكِتَابِ، وهي أَنْ يُوصِيَ عندَ موتِه أو سفرِهِ لشخْصٍ معيَّنٍ بأَصلِه أو بأُصولِهِ؛ فقد قالَ قومٌ مِن الأئمَّةِ المتقدِّمينَ: يجوزُ لهُ أَنْ يروِيَ تلكَ الأصولَ عنهُ بمجرَّدِ هذه الوصيَّةِ ! وأَبى ذلك الجُمهورُ؛ إِلاَّ إِنْ كانَ لهُ منهُ إِجازةٌ. وَكذا شَرَطوا الإِذْنَ بالرِّوايةِ في الإِعْلامِ، وهُو أَنْ يُعْلِمَ الشَّيخُ أَحدَ الطَّلبةِ بأَنَّني أَروي الكِتابَ الفُلانيَّ عن فُلانٍ، فإِنْ كانَ لهُ منهُ إِجازةٌ [ اعْتبرَ ]، وإِلاَّ؛ فلا عِبْرَةَ بذلك؛ كالإِجَازَةِ العَامَّةِ في المُجازِ لهُ، لا [ في ] المُجازِ بهِ، كأَنْ يقولَ: أَجَزْتُ به لجَميعِ المُسلمينَ، أو: لمَنْ أَدْرَكَ حَياتِي، أو: لأَهْلِ الإِقليمِ الفُلانيِّ، أو: لأهْلِ البَلدةِ الفُلانيَّةِ. وهُو أَقربُ إِلى الصِّحَّةِ؛ لقُرْبِ الانحصارِ. وَكذلك [ الإِجازةُ ] للمَجْهُولِ؛ كأَنْ يَكونَ مُبْهَماً أو مُهْملاً. وَكذلك الإِجازةُ للمَعْدومِ؛ كأَنْ يَقولَ: أَجَزْتُ لِمَنْ سَيولَدُ لِفُلانٍ. [ و[ قد ] قيل: إن عطفَهُ علَى مَوجودٍ؛ صحَّ؛ كأَنْ يقولَ: أَجَزْتُ لكَ، ولِمَنْ سيُولَدُ لكَ ]، والأقرَبُ عدَمُ الصحَّةِ أَيضاً. وكذلك الإِجازةُ لموجودٍ أو معدومٍ عُلِّقَتْ بشَرْطِ [ مشيئةِ ] [ الغيرِ ]؛ كأَنْ يقولَ: أَجَزْتُ لكَ إِنْ شاءَ فلانٌ، [ أو: أَجزتُ لمَن شاءَ فُلانٌ ]، لا أَنْ يقولَ: أَجزْتُ لك إِنْ شئْتَ فإن هذا تجوز. وهذا على الأصَحِّ في جَميعِ ذلكَ. وقد جَوَّزَ الرِّوايةَ بجَميعِ ذلك سِوى المَجْهولِ – ما لم يَتَبَيَّنِ المُرادُ منهُ – الخَطيبُ، وحَكاهُ عن جَماعةٍ مِن مشايخِهِ. واستَعْمَلَ الإِجازةَ للمَعدومِ مِن القُدماءِ أَبو بكرِ بنُ أَبي دَاودَ، و [ أَبو ] عبدِ اللّهِ بنُ مَنْدَه. واستَعْمَلَ المُعَلَّقةَ منهُم أَيضاً أَبو بكرِ بنُ أَبي خَيْثَمَة. وروى بالإِجازةِ العامَّةِ جَمعٌ كَثيرٌ، جَمَعَهُم بعضُ الحُفَّاظِ في كِتابٍ، ورتَّبَهُم على حُروف المعجَمِ لكَثْرَتِهم. وكلُّ ذلك – كما قالَ ابنُ الصَّلاحِ – توسُّعٌ غيرُ مَرْضِيٍّ؛ لأنَّ الإِجازةَ الخاصَّةَ المعيَّنَةَ مُخْتَلَفٌ في صحَّتِها اختِلافاً قويّاً عندَ القُدماءِ، وإِنْ كانَ العملُ قد استقرَّ على اعْتبارِها عندَ المتأَخِّرينَ، فهِيَ دونَ السَّماعِ بالاتِّفاقِ، فكيفَ إِذا حصَلَ فيها الاسترسالُ المَذكورُ ؟! فإِنَّها تَزدادُ ضَعفاً، لكنَّها في الجُملةِ خيرٌ مِن إِيرادِ الحَديثِ مُعْضلاً، واللّهُ تعالى أَعلمُ. [ و ] إِلى هُنا انْتَهى الكلامُ في [ أَقسامِ ] صِيَغِ الأداءِ. ٦-٨ثمَّ الرُّواةُ؛ إِنِ اتَّفَقَتْ أَسماؤهُمْ وأَسْماءُ آبائِهِمْ فَصاعِداً، واخْتَلَفَتْ أَشْخَاصُهُمْ، سواءٌ اتَّفَقَ في ذلك اثْنانِ مِنهُم أَمْ أَكثرُ، وكذلك إِذا اتَّفَقَ اثْنانِ فصاعِداً في الكُنيةِ والنِّسبةِ؛ فهُو النَّوعُ الذي يُقالُ لهُ: المُتَّفِقُ والمُفْتَرِقُ. وفائدةُ معرفَتِه: خَشْيَةُ أَنْ يُظَنَّ الشَّخصانِ شَخْصاً واحِداً. وقد صنَّفَ فيهِ الخَطيبُ كتاباً حافِلاً. وقد لخَّصْتُهُ وزِدْتُ عليهِ أَشياءَ كثيرةً. وهذا عَكسُ ما تقدَّمَ مِن النَّوعِ المسمَّى بالمُهْمَلِ؛ لأنَّهُ يُخْشى منهُ أَن يُظَنَّ الواحِدُ اثنَيْنِ، وهذا يُخْشى منهُ أَنْ يُظَنَّ الاثنانِ واحِداً. ٦-٩وإِنِ اتَّفَقَتِ الأَسْماءُ خَطّاً واخْتَلَفَتْ نُطْقاً سواءٌ كانَ مرجِعُ الاختلافِ النَّقْطَ أَم الشَّكْلَ؛ فهُو: المُؤتَلِفُ والمُخْتَلِفُ. ومعرِفَتُه مِن مهمَّاتِ هذا الفنِّ، [ حتَّى ] قالَ عليُّ بنُ المَدينيِّ: أَشدُّ التَّصحيفِ ما يقعُ في الأسماءِ، ووجَّهَهُ بعضُهم بأَنَّهُ شيءٌ لا يَدْخُلُهُ القياسُ، ولا قَبْلَهُ شيءٌ يدلُّ عليهِ ولا بعدَه. وقد صنَّفَ فيهِ أَبو أَحمدَ العسكريُّ، لكنَّه أَضافَهُ إِلى كتابِ التَّصحيفِ [ له ]. ثمَّ أَفرَدَهُ بالتَّأْليفِ عبدُ الغنيِّ بنُ سعيدٍ، فجمَعَ فيهِ كِتابينِ، كتاباً في مُشتَبِهِ الأسماءِ، وكتاباً في مُشْتَبِهِ النِّسبةِ. وجَمَعَ شيخُهُ الدَّارقطنيُّ [ في ذلك ] كتاباً حافِلاً. ثمَّ جَمَعَ الخَطيبُ ذَيلاً. ثمَّ جَمَعَ الجَميعَ أَبو نَصْرِ [ بنُ ] ماكُولا في كتابِه الإِكمالِ. واسْتَدْرَكَ عليهِم في كتابٍ آخَرَ جَمَعَ فيهِ أَوهامَهُمْ وبيَّنَها. وكتابُه مِن أَجمعِ ما [ جُمِعَ ] في ذلك، وهُو عُمدةُ كلِّ محدِّثٍ بعدَه. وقد استَدْرَكَ عليهِ أَبو بكرِ بنُ نُقطَةَ ما فاتَه، أو تجدَّدَ بعدَه في مجلَّدٍ ضَخْمٍ. ثمَّ ذَيَّلَ عليهِ منصورُ بنُ سَليمٍ – بفتحِ السَّينِ – في مجلَّدٍ لطيفٍ. وكذلك أَبو حامدِ ابنُ الصَّابونيِّ. وجَمَعَ الذهبيُّ في ذلكَ [ كِتاباً ] مُخْتَصراً جِدّاً، اعتَمَدَ فيهِ على الضَّبْطِ بالقَلَمِ، فكَثُرَ فيهِ الغَلَطُ والتَّصحيفُ المُبايِنُ لموضوعِ الكِتابِ. وقد يسَّرَ اللّهُ سبحانه [ تَعالى ] بتوضيحِهِ في كتابٍ سمَّيْتُهُ بـ تَبْصير المُنْتَبِه بتَحرير المُشْتَبِه، وهو مجلَّدٌ واحدٌ، فَضَبَطتُهُ بالحُروفِ على الطَّريقةِ المَرْضِيَّةِ، وزدتُ عليهِ شيئاً كثيراً ممَّا أَهْمَلَهُ، أو لَمْ يَقِفْ عليهِ، وللّهِ الحمدُ على ذلك. ٦-١٠وإِنِ اتَّفَقَتِ الأسْماءُ خطّاً ونُطْقاً، واخْتَلَفَتِ الآباءُ نُطْقاً مع ائْتِلافِها خطّاً؛ كمحمَّدِ بنِ عَقيلٍ – بفتحِ العينِ –، ومحمَّدِ بنِ عُقَيْلٍ – بضمِّها –: الأوَّلُ نيسابوريٌّ، والثاني فِرْيابيٌّ، وهُما مشهورانِ، وطبقتُهما مُتقارِبةٌ، أو بالعَكْسِ؛ كأَنْ تَختَلِفَ الأسماءُ [ نُطْقاً ] وتأْتِلِفَ خطّاً، وتتَّفقَ الآباءُ خطّاً ونُطقاً، كشُريحِ بنِ النُّعمانِ، وسُرَيْجِ بنِ النُّعمانِ، الأوَّلُ بالشِّينِ المُعجمةِ والحاءِ المُهملةِ، وهو تابعيٌّ يروي عن عليٍّ [ رضيَ اللّهُ تعالى عنهُ ]، والثَّاني: بالسِّينِ المُهمَلَةِ والجيمِ، وهُو مِن شُيوخِ البُخاريِّ؛ فهُو النَّوعُ الَّذي يُقالُ لهُ: المُتشابِهُ. [ وكَذا إِنْ وَقَعَ ذلك [ الاتِّفَاقُ ] في الاسمِ واسمِ الأبِ، والاختلافُ في النِّسبَةِ. وقد صنَّفَ فيهِ الخَطيبُ كتاباً جَليلاً سمَّاهُ تَلخيصَ المُتشابِهِ. ثمَّ ذَيَّلَ [ هُو ] عليهِ أَيضاً بما فاته أَوَّلاً، وهُو كثيرُ الفائدةِ. ويَتَرَكَّبُ مِنْهُ ومِمَّا قَبْلَهُ أَنْواعٌ: مِنها: أَنْ يَحْصُلَ الاتِّفاقُ أو الاشتِباهُ في الاسمِ واسمِ الأبِ مثلاً؛ إلاَّ: في حَرْفٍ أو حَرْفَيْنِ فأَكثرَ، مِن أَحدِهِما أو مِنهُما. وهُو على قسمينِ: إِمَّا أَنْ يكونَ الاخْتِلافُ بالتَّغييرِ، معَ أَنَّ عدَدَ الحُروفِ ثابِتٌ في الجِهَتَيْنِ. أو يكونَ الاختِلافُ بالتَّغييرِ معَ نُقصانِ بعضِ الأسماءِ عن بعضٍ. فمِن أَمثِلَةِ الأوَّلِ: محمَّدُ بنُ سِنان – بكسرِ [ السِّينِ ] المُهمَلَةِ ونونينِ بينَهُما أَلفٌ –، وهُم جماعةٌ؛ منهُم: العَوَقيُّ – بفتحِ [ العينِ ] والواوِ ثمَّ القافِ – شيخُ البُخاريِّ. ومحمَّدُ بنُ سيَّارٍ – بفتحِ [ السِّينِ ] المُهملَةِ وتشديدِ الياءِ التَّحتانيَّةِ وبعد الألف راءٌ –، وهُم أيضاً جماعةٌ؛ منهُم اليَمامِيُّ شيخُ عُمرَ بنِ يونُسَ. ومنها: محمَّدُ بنُ حُنَيْنٍ – بضمِّ [ الحاءِ ] المُهمَلَةِ ونونينِ، الأولى مفتوحةٌ، بينَهما ياءٌ تحتانيَّةٌ – تابعيٌّ و يروي عن ابنِ عبَّاسٍ وغيرِه. ومحمَّدُ بنُ جُبيرٍ – بالجيمِ، بعدها [ باءٌ ] موحَّدةٌ، وآخِرُه راءٌ –، وهُو محمَّدُ بنُ جُبيرِ بنِ مُطْعِمٍ، تابعيٌّ مشهورٌ أَيضاً. ومِن ذلك: معرِّفُ بنُ واصِلٍ: كوفِيٌّ مشهورٌ. ومُطَرِّف بنُ واصِلٍ – بالطَّاءِ بدلَ العينِ – شيخٌ آخرُ يروي عنهُ أَبو حُذيفَةَ النَّهْدِيُّ. ومنهُ أَيضاً: أَحمدُ بنُ الحُسينِ – صاحِبُ إِبراهيمَ بنِ سعيدٍ – وآخرونَ. وأَحيَدُ بنُ الحُسينِ مثلُهُ، لكِنْ بدلَ الميمِ ياءٌ تحتانيَّةٌ، وهو شيخٌ بخاريٌّ يروي عنهُ عبدُ اللّهِ بنُ محمَّدِ [ بنِ ] البِيكَنْدِيِّ. ومِن ذلك أَيضاً: حفْصُ بنُ مَيْسَرَةَ شيخٌ مشهورٌ مِن طبَقَةِ مالكٍ. وجَعْفَرُ بنُ مَيْسَرَةَ؛ شيخٌ لعُبَيْدِ اللّهِ بنِ مُوسى الكُوفيِّ، الأوَّلُ: بالحاءِ المُهْمَلَةِ والفاءِ، بعدَها صادٌ مهْمَلَةٌ، والثَّاني: بالجيمِ و العينِ المُهْمَلَةِ بعدَها فاءٌ ثمَّ راءٌ. ومِن أَمثلَةِ الثَّاني: عبدُ اللّهِ بنُ زيدٍ: جماعةٌ: منهُم في الصَّحابةِ صاحِبُ الأذانِ، واسمُ جدِّهِ عبدُ ربِّهِ. وراوِي حديثِ الوُضوءِ، واسمُ جدِّهِ عاصِمٌ، وهُما أيضاً أَنصاريَّانِ. وعبدُ اللّهِ بنُ يَزيدَ – بزيادةِ ياءٍ في أَوَّلِ اسمِ الأبِ والزَّايُ مكسورةٌ – وهُم أَيضاً جَماعةٌ: [ منهُم ] في الصَّحابةِ: الخَطْمِيُّ يُكْنى أبا موسى، وحديثُهُ في الصَّحيحينِ. و [ منهُم ]: القارئُ، له ذِكْرٌ في حديثِ عائشةَ رضي اللّه عنها، وقد زعَمَ بعضُهم أَنَّه الخطْمِيُّ، وفيهِ نظرٌ ! [ ومنها: عبد اللّه بن يحيى، وهم جماعةٌ. ] [ و ] منها عبدُ اللّهِ بنُ نُجَيٍّ – بضمِّ النُّونِ وفتحِ الجيمِ وتشديدِ الياءِ – تابعيٌّ معروفٌ، يروي عن عليٍّ [ رضيَ اللّهُ تعالى عنهُ ]. أو يَحْصُلُ الاتِّفاقُ في الخَطِّ والنُّطْقِ، لكنْ يَحْصُلُ الاخْتِلافُ أو الاشتِباهُ بالتَّقْديمِ والتَّأْخيرِ، إِمَّا في الاسمينَ جُملةً أو نَحْوَ ذلكَ، كأَنْ يقَعَ التَّقديمُ والتَّأْخيرُ في الاسمِ الواحِدِ في بعضِ حُروفِهِ بالنِّسبةِ إِلى ما يشتَبِهُ بهِ. مثالُ [ الأوَّلِ ]: الأسودُ بنُ يزيدَ، ويزيدُ بنُ الأسوَدِ، وهُو ظاهِرٌ. ومنهُ: عبدُ اللّهِ بنُ يَزيدَ، ويزيدُ بنُ عبدِ اللّهِ. ومثالُ الثَّانِي: أَيُّوبُ بنُ سَيَّارٍ، وأَيُّوبُ بنُ يَسارٍ. الأوَّلُ: مدَنيُّ مشهورٌ ليسَ بالقويِّ، والآخَرُ: مجهولٌ. |