Geri

   

 

 

İleri

 

١٤- تأويل القرآن

قال أبو جعفر:

قد قلنا فيما مضى من كتابنا هذا في وجوه تأويل القرآن، وأن تأويل جميع القرآن على أوجه ثلاثة:

أحدها: لا سبيل إلى الوصول إليه، وهو الذي استأثر اللّه بعلمه، وحجب علمه عن جميع خلقه، وهو أوقات ما كان من آجال الأمور الحادثة، التي أخبر اللّه في كتابه أنها كائنة، مثل وقت قيام الساعة، ووقت نزول عيسى ابن مريم، ووقت طلوع الشمس من مغربها، والنفخ في الصور، وما أشبه ذلك.

والوجه الثاني: ما خصّ اللّه بعلم تأويله نبيه صلى اللّه عليه وسلم، دون سائر أمته، وهو ما فيه مما بعباده إلى علم تأويله الحاجة، فلا سبيل لهم إلى علم ذلك، إلا ببيان الرسول صلى اللّه عليه وسلم لهم تأويله.

والثالث منها: ما كان علمه عند أهل اللسان الذي نزل به القرآن، وذلك علم تأويل عربيته وإعرابه، لا توصل إلى علم ذلك إلا من قبلهم، فإذا كان ذلك كذلك، فأحق المفسرين بإصابة الحق في تأويل القرآن الذي علم تأويله للعباد سبيل، أوضحهم حجة فيما تأوّل وفسر، مما كان تأويله إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، دون سائر أمته، من أخبار رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، الثابتة عنه، إما من وجه النقل المستفيض، فيما وجد فيه من ذلك عنه النقل المستفيض، وإما من وجه نقل العدول الأثات، فيما لم يكن فيه عنه النقل المستفيض، أو من وجه الدلالة المنصوبة على صحته، وأوضحهم برهاناً فيما ترجم وبَيَّن من ذلك، مما كان مدركاً علمه من جهة اللسان، إما بالشواهد من أشعارهم السائرة، وإما من منطقهم ولغاتهم المستفيضة المعروفة، كائناً من كان ذلك المتأول والمفسر، بعد أن لا يكون خارجاً تأويله وتفسيره ما تأول وفسر من ذلك، عن أقوال السلف من الصحابة والأئمة والخلف من التابعين وعلماء الأمة.‏