١٢- خاتمةفيها فوائد متفرقة يجب علمها وفيها فصول ثلاثة: الفصل الأول: في [بيان] التوابعوعلم أن التابع: هو كل لفظ ثان يعرب بإعراب سابقه من جهة واحدة، ويسمى السابق متبوعا. وحكمه: أن يوافق المتبوع في الإعراب دائما. التوابع خمسة أقسام: الأول: الصفة؛تابع يدل على معنى في متبوعة، مثل: «جَاءَنِيْ رَجُلٌ عَالِمٌ». أو في متعلق متبوعه، مثل: «جَاءَنِيْ رَجُلٌ حَسَنٌ غُلَامُهُ، أو أَبُوْهُ». والصفة التي تدل على معنى في متبوعة فتتبع متبوعها في عشرة أشياء: التعريف، والتنكير، والتذكير، والتأنيث، والإفراد، والتثنية، والجمع، والرفع، والنصب، والجر، مثل: «عِنْدِيْ رَجُلٌ عَالِمٌ، ورَجُلَانِ عَالِمَانِ، ورِجَالٌ عَالِمُوْنَ، واِمْرَأَةٌ عَالِمَةٌ، واِمْرَأَتَانِ عَالِمَتَانِ، ونِسْوَةٌ عَالِمَاتٌ». وأما الصفة التي تدل على معنى في متعلق متبوعها [ويُسمى النعت السببي]، فتتبع متبوعها في خمسة أشياء: التعريف، والتنكير، والرفع، والنصب، والجر، مثل: «جَاءَنِيْ رَجُلٌ عَالِمٌ أَبُوْهُ». اعلم أن النكرة توصف بالجمة الخبرية، نحو: «جَاءَنِيْ رَجُلٌ أَبُوْهُ عَالِمٌ» (١)، ولابد في الجملة من ضمير عائد إلى النكرة. __________ (١) قد تكون الجملة اسمية وقد تكون فعلية، نحو: «جَاءَ رَجُلٌ يَحْمِلُ كِتَابًا». والثاني: التأكيد؛تابع يدل على تقرير حال المتبوع في النسبة، أو في شمول الحكم له، لِئَلَّا يبقي شكَّ للسامع. والتأكيد على قسمين: ١ - لفظي، ٢ - ومعنوي. فالتأكيد اللفظي يكون بتكرار اللفظ، مثل: «زَيْدٌ زَيْدٌ قَائِمٌ»، و «ضَرَبَ ضَرَبَ زَيْدٌ»، و «إِنَّ إِنَّ زَيْدًا قَائِمٌ»، [و «زَيْدٌ قَائِمٌ زَيْدٌ قَائِمٌ»]. والتأكيد المعنوي بثمانية ألفاظ: نَفْسٌ، وعَيْنٌ، وكِلَا وكِلْتَا، وكُلٌّ [وعَامَّةٌ]، [وجَمِيْعٌ] وأَجْمَعُ، وأَكْتَعُ، وأَبْتَعُ، وأَبْصَعُ، مثل: «جَاءَنِيْ زَيْدٌ نَفْسُهُ»، و «جَاءَنِي الزَّيْدَانِ أَنْفُسُهُمَا»، و «جَاءَنِي الزَّيْدُوْنَ أَنْفُسُهُمْ»، وكذلك عَيْنٌ، و «جَاءَنِي الزَّيْدَانِ كِلَاهُمَا، والْهِنْدَانِ كِلْتَاهُمَا». وكِلَا وكِلْتَا خاصتان بالمثنى، [و «جَاءَنِي الطُّلَابُ عَامَّتُهُمْ، وجَمِيْعُهُمْ»] و «جَاءَنِي الْقَوْمُ كُلُّهُمْ [وجَمِيْعُهُمْ] أَجْمَعُوْنَ وأَكْتَعُوْنَ، وأَبْتَعُوْنَ، وأَبْصَعُوْنَ». اعلم أن أَكْتَعُ، وأَبْتَعُ وأَبْصَعُ اتباع لأَجْمَع [وأَجْمَعُ تأتي بعد كل، وجَمِيْعٌ إذا أريد تقويتها وجُمْعَاءُ بعد كلها، وأَجْمَوُنَ بعد كلهم]، فلا تستعمل بدونه، ولا تتقدمه. والثالث: البدل؛تابع مقصود بالنسبة، وهو على أربعة أقسام: ١ - بدل الكل، ٢ - وبدل الاشتمال، ٣ - وبدل الغلط، ٤ - وبدل البعض. فأما بدل الكل: فما يكون مدلوله مدلول المبدل منه، مثل: «جَاءَنِيْ زَيْدٌ أَخُوْكَ». وبدل البعض: ما يكون مدلوله جزء المبدل منه، مثل: «ضُرِبَ زَيْدٌ رَأْسَهُ». وبدل الاشتمال: ما يكون مدلوله جزء المبدل منه، مثل: «سُلِبَ زَيْدٌ ثَوْبَهُ». وبدل الغلط: لفظ يذكر بعد الغلط، مثل: «مَرَرْتُ بِرَجُلٍ حِمَارٍ». والرابع: العطف بالحروف؛تابع مقصود بالنسبة مع متبوعه، بعد حروف العطف، مثل: «جَاءَنِيْ زَيْدٌ وَّعَمْرٌو». وحروف العطف عشرة، نذكرها في الفصل الثالث إن شاء اللّه تعالى يسمى عطف النسق أيضًا. والخامس: عطف البيان؛تابع غير صفة يوضح متبوعه، مثل: «أَقْسَمُ بِاللّه أَبُوْ حَفْصٍ عُمَرُ»، إذا كان مشهورا بالعلم، و «جَاءَنِيْ زَيْدٌ أَبُوْ عَمْروٍ»، إذا كان مشهورا بالكنية. الفصل الثاني: في بيان المنصرف وغير المنصرففالمنصرف: ما ليس فيه سبب من أسباب منع الصرف. وغير المنصرف: ما فيه سببان من أسباب منع الصرف. وأسباب منع الصرف تسعة: ١ - عدل، ٢ - ووصف، ٣ - وتأنيث، ٤ - ومعرفة، ٥ - وعجمة، ٦ - وجمع، ٧ - وتركيب، ٨ - ووزن الفعل، ٩ - وألف ونون زائدتان. فالعدل والعلم في «عُمَرَ»، والعدل والصفة في «ثُلَاثَ» و «مُثْلَثَ» (١)، والتأنيث والعلم في [«فَاطِمَةَ» و] «طَلْحَةَ» (٢)، والتأنيث المعنوي والعلم في «زَيْنَبَ»، والتأنيث بالألف المقصورة في «حُبْلَى»، والتأنيث بالألف الممدودة في «حَمْرَاءَ»، وهذا التأنيث قائم مقام السببين، والعجمة والعلم في «إِبْرَاهِيْمَ»، وجمع منتهي الجموع (٣) في «مَسَاجِدَ» و «مَصَابِيْحَ»؛ وهو قائم مقام السببين، والتركيب والعلم في «بَعَلَبَكَّ»، ووزن الفعل والعلم في «أَحْمَدَ»، والألف والنون الزائدتان والعلم في «عُثْمَانَ»، وتعلم تحقيق غير المنصرف من كتب أخرى. __________ (١) الصفة المعدولة على نوعين: ١ - الأعداد على وزن «فُعَالَ» و «مَفْعَلَ» من الأعداد ١ - ١٠، مثل: قوله تعالى: «جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُوْلِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ» [القرآن الكريم، سورة فاطر (٣٥): ١] ٢ - لفظه أخر معدولة عن وزن آخر، كقوله تعالى: «فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ» [القرآن الكريم، سورة البقرة (٢): ١٨٤، و١٨٥]. (٢) لا فرق في ذلك بين العلم المذكر والعلم المؤنث، نحو: حمزة فهو علم لمذكر ولكنه مؤنث لفظي. (٣) جمع منتهي الجموع أو صيغة منتهي الجموع، وهي كل جمع تكسير بعد ألف تكسيره حرفان أو ثلاثة حروف وسطها ساكن. الفصل الثالث: في بيان الحروف غير العاملةوهي سبعة عشر قسما: الأول: حروف التنبيه، وهي ثلاثة: أَلَا، وأَمَّا، وهَا (١). والثاني: حروف الإيجاب، وهي ستة: نَعَمْ، وبَلَى، واَجَلْ، وإِيْ، وجَيْرِ، وإنَّ. (٢). والثالث: حروف التفسير، وهي حربفين: أَيْ وأَنْ، كقوله: «نَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيْمُ» (٢). والرابع: الحروف المصدرية، وهي ثلاثة: مَا، وأَنْ، وأَنَّ (٤) وإذا دخلت مَا، وأَنْ على الفعل يكون الفعل بمعنى المصدر. __________ (١) ومن حروف التنبيه «يَا» إذا لم تدخل على منادي كدخولها على ليت ورب، نحو: «يَا رُبَّ كَاسِيَةٍ فِي الدُّنْيَا عَارِيَةٍ فِي الآخِرَةِ». [أخرجه البخاري في «الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وسننه وأيامه = صحيح البخاري» (٢/ ٤٩ - ٥٠) (رقم: ١١٢٦). (٢) ومنها أيضًا كلا ولا، وتستخدمان لنفي الجواب. وتفيد «كلا» منع النفي ردع المخاطب وزجره، تقول لمن يزين لك السوء ويغريك بإتيانه: «كلا» أي لا أجيبك إلى ذلك، فارتدع عن طلبك، وتقول لمن قال لك: أتأكل: لا أريد. وإن حرف جواب بمعنى نعم، قال الشاعر: ويقلن شيبُ قد عَلاَك ... وقد كبرتَ فَقلتُ إنَّه [قاله ابن قيس الرُّقيات، كما نقله شمس الدين النواجي في «الشفاء في بديع الاكتفاء» (٣٤)] (٣) القرآن الكريم، سورة الصافات (٣٧): ١٠٤ (٤) والمعروف أن «أَنَّ» تدخل على الجملة الاسمية، فتنصب المبتدأ وترفع الخبر، والمصدر يؤول منها ومما دخلت عليه، نحو: «عَلِمْتُ مُحَمَّدًا نَاجِحٌ» أي عَلِمْتُ نَجَا مُحَمَّدٍ. ومن الحروف المصدرية أيضًا: «لَوْ» وأكثر ما تقع بعد «وَدَّ ويَوَدُّ» كقوله تعالى: «وَدُّوْا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُوْنَ» [القرآن الكريم، سورة القلم (٦٨): ٩]، و «يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ» [القرآن الكريم، سورة البقرة (٢): ٩٦]، وقد تقع بعد غيرهما كقول قتيلة: مَا كَانَ ضرك لَو مننت فَرُبمَا ... من الْفَتى وَهُوَ المغيظ المحنق [قالته قتيلة بنت النَّضر بن الْحَارِث، كما نقله الجرّاوي في «الحماسة المغربية = مختصر كتاب صفوة الأدب ونخبة ديوان العرب» (١/ ٩٩) (رقم ٤٠)] وكَيْ: مثل: إِرْحَمِ النَّاسَ لَكَيْ تُرْحَمَ. وهمزة التسوية: تحو قوله تعالى: «سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ» [القرآن الكريم، سورة البقرة (٢): ٦] , والتقدير سواء عليهم إنذارك وعدمه، والذي في قوله تعالى: «وَخُضْتُمْ كَالَّذِيْ خَاضُوْا» [القرآن الكريم، سورة التوبة (٩): ٦٩] أي كخوضهم. والخامس: حروف التحضيض، وهي أربعة: أَلَّا، وهَلَّا، ولَوْلَا، ولَوْمَا (١). والسادس: حروف التوقع، هو قَدْ، ويجيء لتحقيق الماضي أو لتقريبه إلى الحال، إذا دخل على الماضي، وللتقليل إذا دخل على المضارع. والسابع: حروف الاستفهام، وهي ثلاثة: مَا والهمزة، وهَلْ (٢). والثامن: حرف الردع، وهو كَلَّا، معناه المنع والزجر، وتأتي في معنى حقًّا أيضًا، كقوله تعالى: «كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ» (٣). والتاسع: التنوين، وهو خمسة أقسام: ١ - التمكن، مثل: «زَيْدٌ». ٢ - والتنكير، مثل «صَهٍ» أي أُسْكُتْ سُكُوْتًا مَّا فِيْ وَقْتٍ مَّا، وأما «صَهْ» بغير تنوين، فمعناه: اُسْكُتِ السُّكُوْتَ الْآنَ. ٣ - والعوض، مثل: «يَوْمَئِذٍ»، ٤ - والمقابلة، مثل: «مُسْلِمَاتٌ» (٤). ٥ - والترنُّم: وهو الذي يكون في آخر الأبيات، نحو: قول جرير: «أَقِلِّي اللَّوْمَ عَاذِلُ وَالْعِتَابْ ... وَقُوْلِيْ إنْ أَصَبْتُ لَقَدْ أصَابَنْ» (٥) وتنوين الترنُّم متصل بالاسم والفعل والحروف. والباقية خاصة بالاسم. والعاشر: نون التأكيد في آخر المضارع؛ ثقيلة كانت أو خفيفة، مثل: «اِضْرَبَنَّ»، و «اِضْرِبَنْ». والحادي عشر: حروف الزيادة، وهي ثمانية: إِنْ، وأَنْ، ومَا، ولَا، ومِنْ، والْكَافُ، والْبَاءُ، واللَّامُ؛ والأربعة الأخيرة قد ذكرت في الحروف الجارة. __________ (١) من حروف التحضيض «أَلَا»، نحو: «أَلَا تُحِبُّوْنَ أَنْ يَغْفِرَ اللّه لَكُمْ» [القرآن الكريم، سورة النور (٢٤): ٢٢]. (٢) «مَا» الاستفهامية ليست حرفًا، وإنما هي اسم مبني له محل من الإعراب حسب موقعها من الجملة، نحو: «مَا اِسْمُكَ»، فما اسم مضمن معنى الحرف في محل رفع مبتدأ. (٣) القرآن الكريم، سورة التكاثر (١٠٢): ٣؛ وتعرب في هذا المعنى مفعولًا مطلقًا. (٤) تنوين المقابلة: وهو التنوين اللاحق لنحو «مُسْلِمَاتٍ» جعل في مقابلة النون في «مُسْلِميْنَ». والثاني عشر: حروف الشرط، وهي حرفين: أَمَّا، ولَوْ (١). وأمَّا للتفصيل يجب الفاء في جوابه، كقوله تعالى: «فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَّسَعِيْدٌ. فَأَمَّا الَّذِيْنَ شَقُوْا فَفِي النَّارِ ... وَأَمَّا الَّذِيْنَ سُعِدُوْا فَفِي الْجَنَّةِ» (٢). ولَوْ موضوعة لانتفاء الثاني لانتفاء الأول، مثل: «لَوْ كَانَ فِيْهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللّه لَفَسَدَتَا» (٣). والثالث عشر: لَوْلَا، وهي موضوعة لانتفاء الثاني لوجود الأول، مثل: «لَوْلَا عَلِيٌ لَهَلَكَ عُمَرُ» (٤). والرابع عشر: اللام المفتوحة، وهي للتأكيد، مثل: «لَزَيْدٌ أَفْضَلٌ مِّنْ عَمْرٍو». والخامس عشر: مَا بمعني مَا دَامَ [أي المصدرية الظرفية]، مثل: «أَقُوْمُ مَا جَلَسَ الْأَمِيْرُ». والسادس عشر: حروف العطف، وهي عشرة: الْوَاوُ، والْفَاءُ، وثُمَّ، وحَتَّى، وإِمَّا، وَاوٌ، وأَمَّ، ولَا، وبَلْ، ولَكِنْ، فقط. تَمَّتْ. __________ (١) ومن حروف الشرط: إِنْ، وإِذْ مَا؛ وهما عاملتان. ولَوْ، ولَوْلَا، ولَوْمَا وهي غير عاملة، نحو: إن تجهد تنجح، إذ ما تدرس تنجح، لو جئت لأكمتك، لولا رحمة اللّه لهلك الناس، لوما الكتابة لضاع أكثر العلم، ولما جاء أكرمته. إن تجزم الفعل المضارع وإذما تجزم الفعل المضارع. (٢) القرآن الكريم، سورة هود (١١): ١٠٥ - ١٠٨ (٣) القرآن الكريم، سورة الأنبياء (٢١): ٢٢ (٤) أخرجه ابن عبد البر في «الاستيعاب في معرفة الأصحاب» (٣/ ١١٠٣) جاءت امرأة حاملة من الزنا حضرة الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه، فأمر الخليفة برميها الجمار، فمنع علي رضي اللّه عنه، وقال: ترجم الزنا بعد وضع الحمل، فقال عمر رضي اللّه عنه هذه المقولة، ومثله: لولا رحمة اللّه لهلك الناس. |